بحث هذه المدونة الإلكترونية

الجمعة، 29 أبريل 2022

ج1 وج2. و3. كتاب : مفردات غريب القرآن أبو القاسم الحسين بن محمد المعروف بالراغب الاصفهانى


ج 1. كتاب : مفردات غريب القرآن أبو القاسم الحسين بن محمد المعروف بالراغب الاصفهانى
مفردات غريب القرآن
الراغب الاصفهاني
المفردات في غريب القران
تأليف أبى القاسم الحسين بن محمد المعروف بالراغب الاصفهانى
المتوفى سنة 502 هـ
بسم الله الرحمن الرحيم الحمدلله رب العالمين، وصلواته على نبيه محمد وآله أجمعين.
قال الشيخ أبو القاسم الحسين ابن محمد بن الفضل الراغب رحمه الله: أسأل الله أن يجعل لنا من أنواره نورا يرينا الخير والشر بصورتيهما. ويعرفنا الحق والباطل بحقيقتيهما، حتى نكون ممن يسعى نورهم بين أيديهم وبأيمانهم، ومن الموصوفين بقوله تعالى (هو الذى أنزل السكينة في قلوب المؤمنين) وبقوله: (أولئك كتب في قلوبهم الايمان وأيدهم بروح منه).
كنت قد ذكرت في الرسالة المنبهة على فوائد القرآن أن الله تعالى كما جعل النبوة بنبينا مختتمة، وجعل شرائعهم بشريعته من وجه منتسخة ومن وجه مكملة متممة كما قال تعالى: (اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الاسلام دينا) جعل كتابه المنزل عليه متضمنا ثمرة كتبه التى أولاها أوائل الامم كما نبه عليه بقوله تعالى: (يتلو صحفا مطهرة فيها كتب قيمة) وجعل من معجزة هذا الكتاب أنه مع قلة الحجم متضمن للمعنى الجم، وبحيث تقصر الالباب البشرية عن إحصائه، والآلات الدنيوية عن استيفائه كما نبه عليه بقوله تعالى: (ولو أن ما في الارض من شجرة أقلام والبحر يمده من بعده سبعة أبحر ما نفدت كلمات الله إن الله عزيز حكيم) وأشرت في كتاب الذريعة إلى مكارم الشريعة أن القرآن وإن كان لا يخلو الناظر فيه من نور ما يريه، ونفع ما يوليه، فإنه: كالبدر من حيث التفت رأيته * يهدى إلى عينيك نورا ثاقبا
كالشمس في كبد السماء وضوءها * يغشى البلاد مشارقا ومغاربا لكن محاسن أنواره لايثقفها إلا البصائر الجلية وأطايب ثمره لا يقطفها إلا الايدى الزكية، ومنافع شفائه لا ينالها إلا النفوس النقية كما صرح تعالى به فقال في وصف متناوليه (إنه لقرآن كريم في كتاب مكنون لا يمسه إلا المطهرون) وقال في وصف سامعيه (قل هو للذين آمنوا هدى وشفاء والذين لا يؤمنون في آذانهم وقر وهو عليهم عمى).
وذكرت أنه كما لا تدخل الملائكة الحاملة للبركات بيتا فيه صورة أو كلب كذلك لا تدخل السكينات الجالبة للبينات قلبا فيه كبر وحرص، فالخبيثات للخبيثين، والخبيثون للخبيثات، والطيبات للطيبين، والطيبون للطيبات.
ودللت في تلك الرسالة على كيفية اكتساب الزاد الذى يرقى كاسبه في درجات المعارف حتى يبلغ من معرفته أقصى ما في قوة البشر أن يدركه من الاحكام والحكم فيطلع من كتاب الله على ملكوت السموات والارض ويتحقق أن كلامه كما وصفه بقوله: (ما فرطنا في الكتاب من شئ) جعلنا الله ممن تولى هدايته حتى يبلغه هذه المنزلة ويخوله هذه المكرمة، فلن يهديه البشر من لم يهده الله كما قال تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم: (إنك لا تهدى من أحببت ولكن الله يهدى من يشاء).
وذكرت أن أول ما يحتاج أن يشتغل به من علوم القرآن العلوم اللفظية.
 
ومن العلوم اللفظية تحقيق الالفاظ المفردة، فتحصيل معاني مفردات ألفاظ القرآن في كونه من أوائل المعاون لمن يريد أن يدرك معانيه، كتحصيل اللبن في كونه من أول المعاون في بناء ما يريد أن يبنيه.
وليس ذلك نافعا في علم القرآن فقط بل هو نافع في كل علم من علوم الشرع، فألفاظ القرآن هي لب كلام العرب وزبدته، وواسطته وكرائمه، وعليها اعتماد الفقهاء والحكماء في أحكامهم وحكمهم، وإليها مفزع حذاق الشعراء والبلغاء في نظمهم ونثرهم.
وما عداها وعدا الالفاظ المتفرعات عنها والمشتقات منها هو بالاضافة إليها كالقشور والنوى بالاضافة إلى أطايب الثمرة، وكالحثالة والتبن بالاضافة إلى لبوب الحنطة.
وقد استخرت الله تعالى في إملاء كتاب مستوفى فيه مفردات ألفاظ القرآن على حروف التهجى، فنقدم ما أوله الالف ثم الباء على ترتيب حروف المعجم
معتبرا فيه أوائل حروفه الاصلية دون الزوائد، والاشارة فيه إلى المناسبات التى بين الالفاظ المستعارات منها والمشتقات حسبما يحتمل التوسع في هذا الكتاب، وأحيل بالقوانين الدالة على تحقيق مناسبات الالفاظ على الرسالة التى عملتها مختصة بهذا الباب.
ففى اعتماد ما حررته من هذا النحو استغناء في بابه من المثبطات عن المسارعة في سبيل الخيرات، وعن المسابقة إلى ما حثنا عليه بقوله تعالى: (سابقوا إلي مغفرة من ربكم) سهل الله علينا الطريق إليها.
وأتبع هذا الكتاب إن شاء الله تعالى ونسأ في الاجل، بكتاب ينبئ عن تحقيق الالفاظ المترادفة على المعنى الواحد وما بينها من الفروق الغامضة، فبذلك يعرف اختصاص كل خبر بلفظ من الالفاظ المترادفة دون غيره من أخواته، نحو ذكره القلب مرة والفؤاد مرة والصدر مرة.
ونحو ذكره تعالى في عقب قصة: (إن في ذلك لايات لقوم يؤمنون) وفى أخرى: (لقوم يتفكرون) وفى أخرى: (لقوم يعلمون) وفى أخرى: (لقوم يفقهون) وفى أخرى: (لاولى الابصار) وفى أخرى: (لذى حجر) وفى أخرى: (لاولى النهى) ونحو ذلك مما يعده من لا يحق الحق ويبطل الباطل أنه باب واحد، فيقدر أنه إذا فسر الحمد لله بقوله الشكر لله، ولاريب فيه بلا شك فيه فقد فسر القرآن ووفاه التبيان، جعل الله لنا التوفيق رائدا والتقوى سائقا.
ونفعنا بما أولانا وجعله لنامن معاون تحصيل الزاد المأمور به في قوله تعالى: (وتزودوا فإن خير الزاد التقوى).
كتاب الالفأبا: الاب: الوالد، ويسمى كل من كان سببا في إيجاد شئ أو إصلاحه أو ظهوره أبا، ولذلك يسمى النبي صلى الله عليه وسلم أبا المؤمنين، قال الله تعالى: (النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم وأزواجه أمهاتهم) وفى بعض القراءات: وهو أب لهم، وروى أنه صلى الله عليه وسلم قال
لعلى " أنا وأنت أبوا هذه الامة " وإلى هذا أشار بقوله: " كل سبب ونسب منقطع يوم القيامة إلا سببي ونسبي ".
وقيل أبو الأضياف لتفقده إياهم، وأبو الحرب لمهيجها، وأبو عذرتها لمفتضها.
ويسمى العم مع الاب أبوين، وكذلك الام مع الاب وكذلك الجد مع الاب، قال تعالى في قصة يعقوب: (ما تعبدون من بعدى، قالوا نعبد إلهك وإله آبائك إبراهيم وإسماعيل وإسحاق إلها واحدا) وإسماعيل لم يكن من آبائهم وإنما كان عمهم.
وسمى معلم الانسان أباه لما تقدم من ذكره، وقد حمل قوله تعالى: (وجدنا آباءنا على أمة) على ذلك أي علماءنا الذين ربونا بالعلم بدلالة قوله تعالى: (ربنا إنا أطعنا سادتنا وكبراءنا فأضلونا السبيلا).
وقيل في قوله: (أن اشكر لى ولوالديك) إنه عنى الاب الذى ولده، والمعلم الذى علمه.
وقوله تعالى: (ما كان محمد أبا أحد من رجالكم) إنما هو نفى الولادة وتنبيه أن التبني لا يجرى مجرى البنوة الحقيقية.
وجمع الاب: آباء وأبوة، نحو بعولة وخؤولة.
وأصل أب فعل وقد أجرى مجرى قفا في قول الشاعر: * إن أباها وأبا أباها *
ويقال أبوت القوم كنت لهم أبا أبوهم، وفلان يأبو بهمه أي يتفقدها تفقد الاب.
وزادوا في النداء فيه تاء فقالوا يا أبت.
وقولهم: بأبأالصبى فهو حكاية صوت الصبى إذا قال بابا.
أبى: الاباء: شدة الامتناع، فكل إباء امتناع وليس كل امتناع إباء.
قوله تعالى: (ويأبى الله إلا أن يتم نوره) وقال: (وتأبى قلوبهم) وقوله: (أبى واستكبر) وقوله: (إلا إبليس أبى) وروى: (كلكم في الجنة إلا من أبى).
ومنه رجل أبى ممتنع من تحمل الضيم، وأبيت الضير تأبى، وتيس آبى، وعنز أبواء، إذا أخذه من شرب ماء فيه بول الاروى.
داء يمنعه من شرب الماء.
أب: قوله تعالى: (وفاكهة وأبا)
الاب المرعى المتهيئ للرعى والجز، من قولهم أب لكذا، أي تهيأ أبا وإبابة وإبابا.
وأب إلى وطنه إذا نزع إلى وطنه نزوعا تهيأ لقصده، وكذا أب لسيفه إذا تهيأ لسله.
وإبان ذلك فعلان منه وهو الزمان المهيأ لفعله ومجيئه.
أبد: قال تعالى: (خالدين فيها أبدا) الابد عبارة عن مدة الزمان الممتد الذى لا يتجزأ
كما يتجزأ الزمان، وذلك أنه يقال: زمان كذا، ولا يقال أبد كذا.
وكان حقه أن لا يثنى ولا يجمع إذ لا يتصور حصول أبد آخر يضم إليه فيثنى به، لكن قيل آباد، وذلك على حسب تخصيصه في بعض ما يتناوله كتخصيص اسم الجنس في بعضه ثم يثنى ويجمع.
على أنه ذكر بعض الناس أن آبادا مولد وليس من كلام العرب العرباء وقيل: أبد، أبد، وأبيد أي دائم وذلك على التأكيد.
وتأبد الشئ بقى أبدا، ويعبر به عما يبقى مدة طويلة.
والآبدة البقرة الوحشية، والاوابد الوحشيات، وتأبد البعير توحش فصار كالاوابد، وتأبد وجه فلان توحش، وأبد كذلك، وقد فسر بغضب.
أبق: قال الله تعالى: (إذ أبق إلى الفلك المشحون) يقال: أبق العبد يأبق إباقا وأبق يأبق إذا هرب.
وعبد آبق وجمعه أباق، وتأبق الرجل تشبه به في الاستتار، وقول الشاعر: * قد أحكمت حكمات القد والابقا * قيل: هو القنب.
إبل: قال الله تعالى: (ومن الابل اثنين) الابل يقع على البعران الكثيرة ولا واحد له
من لفظه.
وقوله تعالى: (أفلا ينظرون إلى الابل كيف خلقت) قيل أريد بها السحاب، فإن يكن ذلك صحيحا فعلى تشبيه السحاب، بالابل وأحواله بأحوالها.
وأبل الوحشى يأبل أبولا وأبل أبلا اجتزأ عن الماء تشبها بالابل في صبرها عن الماء.
وكذلك تأبل الرجل عن امرأته إذا ترك مقاربتها، وأبل الرجل كثرت إبله.
وفلان لا يأبل، أي لا يثبت على الابل إذا ركبها.
ورجل آبل وأبل حسن القيام على إبله.
وإبل مؤبلة مجموعة، والابالة الحزمة من الحطب تشبيها به.
وقوله تعالى: (وأرسل عليهم طيرا أبابيل) أي متفرقة كقطعات إبل، الواحد أبيل.
أتى: الاتيان مجي بسهولة ومنه قيل للسيل المار على وجهه أتى وأتاوى، وبه سمي الغريب فقيل أتاوى.
والاتيان يقال للمجي بالذات وبالامر وبالتدبير.
ويقال في الخير وفى الشر وفى الاعيان والاعراض نحو قوله تعالى (إن أتاكم عذاب الله أو أتتكم الساعة) وقوله تعالى: (أتى أمر الله) وقوله: (فأتى الله بنيانهم من القواعد) أي بالامر والتدبير، نحو: (جاء ربك) وعلى هذا النحو قول الشاعر:
* أتيت المروءة من بابها *
(فلنأتينهم بجنود لا قبل لهم بها) وقوله: (لا يأتون الصلاة إلا وهم كسالى) أي لا يتعاطون.
وقوله: (يأتين الفاحشة) وفى قراءة عبد الله: تأتى الفاحشة، فاستعمال الاتيان منها كاستعمال المجئ في قوله: (لقد جئت شيئا فريا) يقال: أتيته وأتوته، ويقال للسقاء إذا مخض وجاء زبده أتوة، وتحقيقه جاء ما من شأنه أن يأتي منه فهو مصدر في معنى الفاعل.
وهذه أرض كثيرة الاتاء أي الريع، وقوله تعالى: (مأتيا) مفعول من أتيته.
قال بعضهم معناه آتيا فجعل المفعول فاعلا وليس كذلك بل يقال أتيت الامر وأتانى الامر، ويقال أتيته بكذا وآتيته كذا، قال تعالى: (وأتوا به متشابها) وقال: (فلنأتينهم بجنود لا قبل لهم بها) وقال: (وآتيناهم ملكا عظيما) وكل موضع ذكر في وصف الكتاب آتينا فهو أبلغ من كل موضع ذكر فيه أوتوا، لان أوتوا قد يقال إذا أولى من لم يكن منه قبول، وآتيناهم يقال فيمن كان منه قبول، وقوله: (آتونى زبر الحديد)
وقرأه حمزة موصولة أي جيئوني، والايتاء الاعطاء وخص دفع الصدقة في القرآن بالايتاء نحو: (أقاموا الصلاة وآتوا الزكاة - وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة - ولا يحل لكم أن تأخذوا مما آتيتموهن شيئا - ولم يؤت سعة من المال).
أث: الاثاث متاع البيت الكثير، وأصله من أث أي كثر وتكاثف.
وقيل للمال كله إذا كثر أثاث، ولا واحد له كالمتاع، وجمعه أثاث.
ونساء أثائث كثيرات اللحم كأن عليهن أثاث، وتأثث فلان أصاب أثاثا.
أثر: أثر الشئ حصول ما يدل على وجوده، يقال أثر وأثر، والجمع الآثار، قال تعالى: (وقفينا على آثارهم برسلنا - وآثارا في الارض) وقوله: (فانظر إلى آثار رحمة الله) ومن هذا يقال للطريق المستدل به على من تقدم آثار، نحو قوله تعالى: (فهم على آثارهم يهرعون) وقوله: (هم أولاء على أثرى).
ومنه سمنت الابل أي على أثارة أثر من شحم، وأثرت البعير جعلت على خفه أثرة أي علامة تؤثر في الارض ليستدل بها على أثره، وتسمى الحديدة التى يعمل بها ذلك المئثرة.
وأثر السيف أثر
جودته وهو الفرند، وسيف مأثور، وأثرت العلم رويته، آثره أثرا وإثارة وأثرة، وأصله تتبعت أثره.
وأثارة من علم، وقرئ أثرة وهو ما يروى أو يكتب فيبقى له أثر، والماثر: ما يروى من مكارم الانسان.
ويستعار الاثر للفضل والايثار للتفضل ومنه آثرته، وقوله تعالى: (ويؤثرون على أنفسهم) وقال: (تالله لقد آثرك الله علينا - بل تؤثرون الحياة الدنيا) وفى الحديث: " سيكون بعدى أثرة " أي يستأثر بعضكم على بعض.
والاستئثار
التفرد بالشئ من دون غيره، وقولهم: استأثر الله بفلان كناية عن موته، تنبيه أنه ممن اصطفاه وتفرد تعالى به من دون الورى تشريفا له، ورجل أثر يستأثر على أصحابه، وحكى اللحيانى: خذه آثرا ما، وأثراما، وآثر ذى أثير.
أثل: قال تعالى: (ذواتي أكل خمط وأثل وشئ من سدر قليل) أثل: شجر ثابت الاصل وشجر متأثل ثابت ثبوته وتأثل كذا ثبت ثبوته.
وقوله صلى الله عليه وسلم في الوصي " غير متأثل مالا " أي غير مقتن له ومدخر،
فاستعار التأثل له وعنه استعير: نحت أثلته، إذا اغتبته.
إثم: الاثم والاثام اسم للافعال المبطئة عن الثواب، وجمعه آثام، ولتضمنه لمعنى البطء قال الشاعر: جمالية تغتلى بالروادف * إذا كذب الآثمات الهجيرا وقوله تعالى: (فيهما إثم كبير ومنافع للناس) أي في تناولهما إبطاء عن الخيرات.
وقد أثم إثما وأثاما فهو آثم وأثم وأثيم، وتأثم خرج من إثمه كقولهم تحوب خرج من حوبه وحرجه أي ضيقه.
وتسمية الكذب إثما لكون الكذب من جملة الاثم، وذلك كتسمية الانسان حيوانا لكونه من جملته.
وقوله تعالى: (أخذته العزة بالاثم) أي حملته عزته على فعل ما يؤثمه.
(ومن يفعل ذلك يلق أثاما) أي عذابا، فسماه أثاما لما كان منه، وذلك كتسمية النبات والشحم ندى لما كانا منه في قول الشاعر: * تعلى الندى في متنه وتحدرا * وقيل معنى يلق أثاما: أي يحمله ذلك على ارتكاب آثام وذلك لاستدعاء الامور الصغيرة
إلى الكبيرة.
وعلى الوجهين حمل قوله تعالى: (فسوف يلقون غيا) والآثم المتحمل الاثم، قال تعالى: (آثم قلبه) وقوبل الاثم بالبر فقال صلى الله عليه وسلم: " البر ما اطمأنت إليه النفس والاثم ما حاك في صدرك " وهذا القول منه حكم البر والاثم لا تفسيرهما.
وقوله تعالى: (معتد أثيم) أي آثم، وقوله: (يسارعون في الاثم والعدوان) قيل أشار بالاثم إلى نحو قوله: (ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون) وبالعدوان إلى قوله: (ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الظالمون) فالاثم أعم من العدوان.
أج: قال تعالى: (هذا عذب فرات وهذا ملح أجاج) شديد الملوحة والحرارة من قولهم أجيج النار وأجتها وقد أجت.
وائتج النهار ويأجوج ومأجوج منه شبهوا بالنار المضطرمة والمياه المتموجة لكثرة اضطرابهم، وأج الظليم إذا عدا أجيجا تشبيها بأجيج النار.
أجر: الاجر والاجرة ما يعود من ثواب
العمل دنيويا كان أو أخرويا نحو قوله تعالى: (إن أجرى إلا على الله - وآتيناه أجره في الدنيا
وإنه في الآخرة لمن الصالحين - ولاجر الآخرة خير للذين آمنوا) والاجرة في الثواب الدنيوي، وجمع الاجر أجور.
وقوله: (آتوهن أجورهن) كناية عن المهور، والاجر والاجرة يقال فيما كان عن عقد وما يجرى مجرى العقد ولا يقال إلا في النفع دون الضر نحو قوله: (لهم أجرهم عند ربهم) وقوله تعالى: (فأجره على الله) والجزاء يقال فيما كان عن عقد وغير عقد ويقال في النافع والضار نحو قوله: (وجزاهم بما صبروا جنة وحريرا) وقوله: (فجزاؤه جهنم) يقال أجر زيد عمرا يأجره أجرا أعطاه الشئ بأجرة، وأجر عمرو زيدا أعطاه الاجرة، قال تعالى: (على أن تأجرني ثمانى حجج) وآجر كذلك والفرق بينهما أن أجرته يقال إذا اعتبر فعل أحدهما، وآجرته يقال إذا اعتبر فعلا هما وكلاهما يرجعان إلى معنى واحد ويقال آجره الله وأجره الله، والاجير فعيل بمعنى فاعل أو مفاعل، والاستئجار طلب الشئ بالاجرة، ثم يعبر به عن تناوله بالاجرة نحو الاستيجاب في استعارته الايجاب، وعلى هذا قوله: (استأجره إن خير من استأجرت القوى الامين) أجل: الاجل: المدة المضروبة للشئ، قال تعالى: (لتبلغوا أجلا مسمى - أيما الاجلين
قضيت) ويقال دينه مؤجل وقد أجلته جعلت له أجلا، ويقال للمدة المضروبة لحياة الانسان أجل فيقال دنا أجله عبارة عن دنو الموت، وأصله استيفاء الاجل أي مدة الحياة، وقوله تعالى: (بلغنا أجلنا الذى أجلت لنا) أي حد الموت وقيل حد الهرم وهما واحد في التحقيق.
وقوله: (ثم قضى أجلا وأجل مسمى عنده) فالاول هو البقاء في الدنيا، والثانى البقاء في الآخرة، وقيل الاول هو البقاء في الدنيا، والثانى مدة ما بين الموت إلى النشور، عن الحسن.
وقيل الاول للنوم والثانى للموت، إشارة إلى قوله: (الله يتوفى الانفس حين موتها والتى لم تمت في منامها) عن ابن عباس.
وقيل الاجلان جميعا للموت، فمنهم من أجله بعارض كالسيف والحرق والغرق وكل شئ غير موافق وغير ذلك من الاسباب المؤدية إلى قطع الحياة، ومنهم من يوقى ويعافى حتى يأتيه الموت حتف أنفه، وهذان هما المشار إليهما بقوله: " من أخطأته سهم الرزية بم تخطه سهم المنية ".
وقيل للناس أجلان، منهم من يموت عبطة، ومنهم من يبلغ حدا لم يجعل الله في طبيعة الدنيا أن يبقى أحد أكثر منه فيها،
وإليها أشار بقوله تعالى: (ومنكم من يتوفى ومنكم من يرد إلى أرذل العمر) وقصدهما الشاعر بقوله: رأيت المنايا خبط عشواء من تصب * تمته...
وقول الآخر: * من لم يمت عبطة هرما * والآجل ضد العاجل، والاجل الجناية التى يخاف منها آجلا فكل أجل جناية وليس كل جناية أجلا، يقال فعلت كذا من أجله، قال تعالى: (من أجل ذلك كتبنا على بنى إسرائيل) أي من جراء، وقرئ من إجل ذلك بالكسر أي من جناية ذلك، ويقال أجل في تحقيق خبر سمعته، وبلوغ الاجل في قوله تعالى: (إذا طلقتم النساء فبلغن أجلهن فأمسكوهن) هو المدة المضروبة بين الطلاق وبين انقضاء العدة.
وقوله: (فإذا بلغن أجلهن فلا تعضلوهن) إشارة إلى حين انقضاء العدة، وحينئذ (لا جناح عليهن فيما فعلن في أنفسهن).
أحد: أحد يستعمل على ضربين، أحدهما في النفى فقط، والثانى في الاثبات.
فأما المختص بالنفى فلاستغراق جنس الناطقين، ويتناول القليل والكثير على طريق الاجتماع والافتراق
نحو: ما في الدار أحد أي واحد، ولا اثنان فصاعدا، لا مجتمعين ولا مفترقين.
ولهذا المعنى لم يصح استعماله في الاثبات لان نفى المتضادين يصح ولا يصح إثباتهما، فلو قيل في الدار واحد لكان فيه إثبات واحد منفرد مع إثبات ما فوق الواحد مجتمعين ومفترقين، وذلك ظاهر لا محالة، ولتناول ذلك ما فوق الواحد يصح أن يقال ما من أحد فاضلين كقوله تعالى: (فما منكم من أحد عنه حاجزين) وأما المستعمل في الاثبات فعلى ثلاثة أوجه: الاول في الواحد المضموم إلى العشرات نحو: أحد عشر وأحد وعشرين.
والثانى أن يستعمل مضافا أو مضافا إليه بمعنى الاول كقوله تعالى: (أما أحدكما فيسقى ربه خمرا) وقولهم يوم الاحد أي يوم الاول ويوم الاثنين.
والثالث أن يستعمل مطلقا وصفا وليس ذلك إلا في وصف الله تعالى بقوله: (قل هو الله أحد) وأصله وحد ولكن وحد يستعمل في غيره نحو قول النابغة: كأن رجلى وقد زال النهار بنا * بذى الجليل على مستأنس وحد أخذ: الاخذ حوز الشئ وتحصيله، وذلك تارة بالتناول نحو: (معاذ الله أن نأخذ إلا من
وجدنا متاعنا عنده) وتارة بالقهر نحو قوله: (لا تأخذه سنة ولا نوم له) ويقال: أخذته الحمى.
وقال تعالى: (أخذ الذين ظلموا الصيحة - فأخذه الله نكال الآخرة والاولى) وقال: (وكذلك أخذ ربك إذا أخذ القرى) ويعبر عن الاسير بالمأخوذ والأخيذ.
والاتخاذ افتعال منه ويعدى إلى مفعولين، ويجرى مجرى الجعل نحو قوله: (لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء - واتخذوا من دونه أولياء - فاتخذتموهم سخريا - أأنت قلت للناس اتخذوني وأمى إلهين من دون الله) وقوله تعالى: (ولو يؤاخذ
الله الناس بظلمهم) فتخصيص لفظ المؤاخذة تنبيه على معنى المجازاة والمقابلة لما أخذوه من النعم فلم يقابلوه بالشكر.
ويقال فلان مأخوذ، وبه أخذة من الجن.
وفلان يأخذ مأخذ فلان، أي يفعل فعله ويسلك مسلكه.
ورجل أخذ، وبه أخذ، كناية عن الرمد.
والاخاذة والاخاذ أرض يأخذها الرجل لنفسه، وذهبوا ومن أخذ أخذهم وإخذهم.
أخ: الاصل أخو وهو المشارك آخر في الولادة من الطرفين أو من أحدهما أو من الرضاع.
ويستعار في كل مشارك لغيره في القبيلة
أو في الدين أو في صنعة أو في معاملة أو في مودة وفى غير ذلك من المناسبات، قوله تعالى: (لا تكونوا كالذين كفروا وقالوا لاخوانهم) أي لمشاركيهم في الكفر، وقال: (إنما المؤمنون إخوة - أيحب أحدكم أن يأكل لحم أخيه ميتا) وقوله: (فإن كان له إخوة) أي إخوان وأخوات، وقوله تعالى: (إخوانا على سرر متقابلين) تنبيه على انتفاء المخالفة من بينهم.
والاخت تأنيث الاخ.
وجعل التاء فيه كالعوض من المحذوف منه.
وقوله: (يا أخت هارون) يعنى أخته في الصلاح لا في النسبة، وذلك كقولهم: يا أخا تميم، وقوله: (أخا عاد) سماه أخا تنبيها على إشفاقه عليهم شفقة الاخ على أخيه، وعلى هذا قوله: (وإلى ثمود أخاهم - وإلى عاد أخاهم - وإلى مدين أخاهم) وقوله: (وما نريهم من آية إلا هي أكبر من أختها) أي من الآية التى تقدمتها، وسماها أختا لها لاشتراكهما في الصحة والابانة والصدق.
وقوله تعالى: (كلما دخلت أمة لعنت أختها) فإشارة إلى أوليائهم المذكورين في نحو قوله: (أولياؤهم الطاغوت) وتأخيت أي تحريت تحرى الاخ للاخ.
واعتبر من الاخوة معنى الملازمة، فقيل
أخية الدابة.
آخر: يقابل به الاول، وآخر يقابل به الواحد.
ويعبر بالدار الآخرة عن النشأة الثانية كما يعبر بالدار الدنيا عن النشأة الاولى نحو: (وإن الدار الآخرة لهى الحيوان) وربما ترك ذكر الدار نحو قوله: (أولئك الذين ليس لهم في الآخرة إلا النار) وقد توصف الدار بالآخرة تارة وتضاف إليها تارة نحو: (وللدار الاخرة خير للذين يتقون - ولاجر الاخرة أكبر لو كانوا يعلمون) وتقدير الاضافة دار الحياة الآخرة.
وأخر معدول عن تقدير ما فيه الالف واللام وليس له نظير في كلامهم، فإن أفعل من كذا إما أن يذكر معه من لفظا أو تقديرا فلا يثنى ولا يجمع ولا يؤنث، وإما أن يحذف منه من فيدخل عليه الالف واللام فيثنى ويجمع.
وهذه اللفظة من بين أخواتها جوز فيها ذلك من غير الالف واللام، والتأخير مقابل للتقديم، قال تعالى: (بما قدم وأخر - ما تقدم من ذنبك
وما تأخر - إنما نؤخرهم ليوم تشخص فيه الابصار - ربنا أخرنا إلى أجل قريب) وبعته
بأخرة أي بتأخير أجل كقوله: (بنظرة).
وقولهم: أبعد الله الاخر أي المتأخر عن الفضيلة وعن تحدى الحق.
إد: قال تعالى: (لقد جئتم شيئا إدا) أي أمرا منكرا يقع فيه جلبة، من قولهم: أدت الناقة تئد أي رجعت حنينها ترجيعا شديدا.
والاديد الجلبة، وأد قيل من الود أو من أدت الناقة.
أداء: الاداء دفع الحق دفعة وتوفيته كأداء الخراج والجزية ورد الامانة قال تعالى: (فليؤد الذي ائتمن أمانته - إن الله يأمركم أن تؤدوا الامانات إلى أهلها) وقال: (وأداء إليه بإحسان) وأصل ذلك من الاداة، يقال أدوت تفعل كذا أي احتلت وأصله تناولت الاداة التى بها يتوصل إليه، واستأديت على فلان نحو استعديت آدم: أبو البشر، قيل سمى بذلك لكون جسده من أديم الارض، وقيل لسمرة في لونه، يقال رجل آدم نحو أسمر، وقيل سمى بذلك لكونه من عناصر مختلفة وقوى متفرقة، كما قال تعالى: (أمشاج نبتليه) ويقال جعلت فلانا أدمة أهلى أي خلطته بهم، وقيل سمى
بذلك لماطيب به من الروح المنفوخ فيه المذكور في قوله: (ونفخت فيه من روحي) وجعل له به العقل والفهم والروية التى فضل بها على غيره كما قال تعالى: (وفضلناهم على كثير ممن خلقنا تفضيلا) وذلك من قولهم الادام وهو ما يطيب به الطعام.
وفى الحديث: " لو نظرت إليها فإنه أحرى أن يؤدم بينكما " أي يؤلف ويطيب.
أذن: الاذن الجارحة وشبه به من حيث الحلقة أذن القدر وغيرها، ويستعار لمن كثر استماعه وقوله لما يسمع، قال تعالى: (ويقولون هو أذن قل أذن خير لكم) أي استماعه لما يعود بخير كم، وقوله: (وفى آذانهم وقرا) إشارة إلى جهلهم لا إلى عدم سمعهم.
وأذن استمع نحو قوله: (وأذنت لربها وحقت) ويستعمل ذلك في العلم الذى يتوصل إليه بالسماع نحو قوله: (فأذنوا بحرب من الله ورسوله) والاذن والاذان لما يسمع ويعبر بذلك عن العلم إذ هو مبدأ كثير من العلم فينا، قال تعالى: (ائذن لى ولا تفتني) وقال: (وإذ تأذن ربك) وأذنته بكذا وآذنته بمعنى.
والمؤذن كل من يعلم بشئ نداء، قال: (ثم أذن مؤذن أيتها العير - فأذن مؤذن بينهم - وأذن في الناس
بالحج) والاذين المكان الذى يأتيه الاذان، والاذن في الشئ إعلام بإجازته والرخصة فيه نحو: (وما أرسلنا من رسول إلا ليطاع بإذن الله) أي بإرادته وأمره.
وقوله: (وما أصابكم يوم التقى الجمعان فبإذن الله) وقوله: (وماهم
بضارين به من أحد إلا بإذن الله - وليس بضارهم شيئا إلا بإذن الله) قيل معناه بعلمه لكن بين العلم والاذن فرق فإن الاذن أخص ولا يكاد يستعمل إلا فيما فيه مشيئة به راضيا منه الفعل أم لم يرض به، فإن قوله: (وما كان لنفس أن تؤمن إلا بإذن الله) فمعلوم أن فيه مشيئته وأمره.
وقوله: (وما هم بضارين به من أحد إلا بإذن الله) ففيه مشيئته من وجه وهو أنه لا خلاف أن الله تعالى أوجد في الانسان قوة فيها إمكان قبول الضرب من جهة من يظلمه فيضره ولم يجعله كالحجر الذى لا يوجعه الضرب، ولا خلاف أن إيجاد هذا الامكان من فعل الله، فمن هذا الوجه يصح أن يقال إنه بإذن الله ومشيئته يلحق الضرر من جهة الظالم، ولبسط هذا الكلام كتاب غير هذا.
والاستئذان طلب الاذن، قال تعالى: (إنما يستأذنك الذين لا يؤمنون بالله - فإذا
استأذنوك) وإذن جواب وجزاء، ومعنى ذلك أنه يقتضى جوابا أو تقدير جواب ويتضمن ما يصحبه من الكلام جزاء ومتى صدر به الكلام وتعقبه فعل مضارع ينصبه لا محالة نحو: إذن أخرج، ومتى تقدمه كلام ثم تبعه فعل مضارع يجوز نصبه ورفعه نحو: أنا إذن أخرج وأخرج، ومتى تأخر عن الفعل أو لم يكن معه الفعل المضارع لم يعمل نحو: أنا أخرج إذن، قال تعالى: (إنكم إذا مثلهم).
أذى: الاذى ما يصل إلى الحيوان من الضرر إما في نفسه أو جسمه أو تبعاته دنيويا كان أو أخرويا، قال تعالى (لا تبطلوا صدقاتكم بالمن والاذى) قوله تعالى: (فآذوهما) إشارة إلى الضرب، ونحو ذلك في سورة التوبة: (ومنهم الذين يؤذون النبي ويقولون هو أذن - والذين يؤذون رسول الله لهم عذاب أليم - ولا تكونوا كالذين آذوا موسى وأوذوا حتى أتاهم نصرنا) وقال: (لم تؤذونني) وقوله: (يسئلونك عن المحيض قل هو أذى) فسمى ذلك أذى باعتبار الشرع وباعتبار الطب على حسب ما يذكره أصحاب هذه الصناعة.
يقال: آذيته أوذيه إيذاء وأذية وأذى،
ومنه الآذى وهو الموج المؤذى لركاب البحر إذا: يعبر به عن كل زمان مستقبل، وقد يضمن معنى الشرط فيجزم به، وذلك في الشعر أكثر.
وإذ يعبر به عن الزمان الماضي ولا يجازى به إلا إذا ضم إليه " ما " نحو: * إذ ما أتيت على الرسول فقل له * أرب: الارب فرط الحاجة المقتضى للاحتيال في دفعه، فكل أرب حاجة وليس كل حاجة أربا.
ثم يستعمل تارة في الحاجة المفردة وتارة في الاحتيال وإن لم يكن حاجة كقولهم: فلان ذو أرب وأريب أي ذو احتيال، وقد أرب إلى كذا أي احتاج إليه حاجة شديدة، وقد أرب إلى كذا أربا وأربة
وإربة ومأربة، قال تعالى: (ولى فيها مآرب أخرى) ولا أرب لى في كذا، أي ليس بى شدة حاجة إليه.
وقوله: (أولى الاربة من الرجال) كناية عن الحاجة إلى النكاح، وهى الاربى للداهية المقتضية للاحتيال، وتسمى الاعضاء التى تشتد الحاجة إليها آرابا، الواحد أرب، وذلك أن الاعضاء ضربان، ضرب أوجد لحاجة الحيوان إليه كاليد والرجل
والعين، وضرب للزينة كالحاجب واللحية.
ثم التى للحاجة ضربان: ضرب لا تشتد إليه الحاجة، وضرب تشتد إليه الحاجة حتى لو توهم مرتفعا لاختل البدن به اختلالا عظيما، وهى التى تسمى آرابا.
وروى أنه عليه الصلاة والسلام قال: " إذا سجد العبد سجد معه سبعة آراب: وجهه وكفاه وركبتاه وقدماه " ويقال أرب نصيبه أي عظمه، وذلك إذا جعله قدرا يكون له فيه أرب، ومنه أرب ماله أي كثر، وأربت العقدة أحكمتها.
أرض: الارض الجرم المقابل للسماء وجمعه أرضون ولا تجئ مجموعة في القرآن، ويعبر بها عن أسفل الشئ كما يعبر بالسماء عن أعلاه، قال الشاعر في صفة فرس: وأحمر كالديباج أما سماؤها * فريا وأما أرضها فمحول وقوله تعالى: (اعلموا أن الله يحيى الارض بعد موتها) عبارة عن كل تكوين بعد إفساد.
وعود بعد بدء، ولذلك قال بعض المفسرين يعنى به تليين القلوب بعد قساوتها.
ويقال أرض أريضة أي حسنة النبت وتأرض النبت تمكن على الارض فكثر، وتأرض
الجدى إذا تناول نبت الارض، والارضة الدودة التى تقع في الخشب من الارض، يقال أرضت الخشبة فهى مأروضة.
أريك: الاريكة حجلة على سرير جمعها أرائك، وتسميتها بذلك إما لكونها في الارض متخذة من أراك وهو شجرة أو لكونها مكانا للاقامة من قولهم: أرك بالمكان أروكا، وأصل الاروك الاقامة على رعى الاراك ثم تجوز به في غيره من الاقامات.
أرم: الارم علم يبنى من الحجارة وجمعه آرام، وقيل للحجارة أرم، ومنه قيل للمتغيظ يحرق الارم، وقوله تعالى.
(إرم ذات العماد) إشارة إلى أعمدة مرفوعة مزخرفة.
وما بها أرم وأريم أي أحد وأصله اللازم للازم وخص به النفى كقولهم: ما بها ديار وأصله للمقيم في الدار.
أز: قال تعالى: (تؤزهم أزا) أي ترجعهم إرجاع القدر إذا أزت أي اشتد غليانها.
وروى أنه عليه الصلاة والسلام كان يصلى ولجوفه أزيز كأزيز المرجل، وأزه أبلغ من هزه.
أزر: أصل الازر الازار الذى هو اللباس، يقال إزار وإزارة ومئزر ويكنى بالازار عن المرأة، قال الشاعر:
ألا بلغ أبا حفص رسولا * فدى لك من أخى ثقة إزارى وتسميتها بذلك لما قال تعالى: (هن لباس لكم وأنتم لباس لهن) وقوله تعالى: (اشدد به أزرى) أي أتقوى به.
والازر القوة الشديدة، وآزره أعانه وقواه وأصله من شد الازار، قال تعالى: (كزرع أخرج شطأه فآزره) يقال آزرته فتأزر أي شددت إزاره، وهو حسن الازرة، وأزرت البناء وآزرته قويت أسافله، وتأزر النبات طال وقوى، وآزرته ووازرته صرت وزيره وأصله الواو.
وفرس آزر انتهى بياض قوائمه إلى موضع شد الازار.
قال تعالى: (وإذ قال إبراهيم لابيه آزر) قيل كان اسم أبيه تارخ فعرب فجعل آزر وقيل آزر معناه الضال في كلامهم.
أزف: قال تعالى: (أزفت الآزفة) أي دنت القيامة وأزف وأفد يتقاربان لكن أزف يقال اعتبارا بضيق وقتها، ويقال أزف الشخوص والازف ضيق الوقت وسميت به لقرب كونها وعلى ذلك عبر عنها بساعة، وقيل: (أتى أمر الله) فعبر عنها بلفظ الماضي لقربها وضيق وقتها، قال تعالى: (وأنذرهم
يوم الآزفة).
أس: أسس بنيانه جعل له أسا وهو قاعدته التى يبتنى عليها، يقال أس وأساس، وجمع الاس إساس وجمع الاساس أسس، يقال كان ذلك على أس الدهر كقولهم على وجه الدهر.
أسف: الاسف الحزن والغضب معا.
وقد يقال لكل واحد منهما على الانفراد وحقيقته ثوران دم القلب شهوة الانتقام، فمتى كان ذلك على من دونه انتشر فصار غضبا، ومتى كان على من فوقه انقبض فصار حزنا ولذلك سئل ابن عباس عن الحزن والغضب فقال مخرجهما واحد واللفظ مختلف، فمن نازع من يقوى عليه أظهره غيظا وغضبا، ومن نازع من لا يقوى عليه أظهره حزنا وجزعا، وبهذا النظر قال الشاعر: * فحزن كل أخى حزن أخو الغضب * وقوله تعالى: (فلما آسفونا انتقمنا منهم) أي أغضبونا، قال أبو عبد الله الرضا: إن الله لا يأسف كأسفنا ولكن له أولياء يأسفون ويرضون فجعل رضاهم رضاه وغضبهم غضبه، قال: وعلى ذلك قال: من أهان لى وليا فقد بارزنى بالمحاربة وقال تعالى: (ومن يطع الرسول فقد أطاع الله) وقوله: (غضبان أسفا) والاسف
الغضبان، ويستعار للمستخدم المسخر ولمن لا يكاد يسمى فيقال هو أسف.
أسر: الاسر الشد بالقيد من قولهم: أسرت القتب وسمى الاسير بذلك ثم قيل لكل مأخوذ ومقيد وإن لم يكن مشدودا ذلك، وقيل في جمعه أسارى وأسارى وأسرى.
وقال: (ويتيما وأسيرا) ويتجوزبه فيقال أنا أسير
نعمتك وأسرة الرجل من يتقوى به.
قال تعالى: (وشددنا أسرهم) إشارة إلى حكمته تعالى في تراكيب الانسان المأمور بتأملها وتدبرها في قوله تعالى: (وفى أنفسكم أفلا تبصرون) والاسر احتباس البول ورجل مأسور أصابه أسر كأنه سد منفذ بوله، والاسر في البول كالحصر في الغائط.
أسن: يقال أسن الماء يأسن وأسن يأسن إذا تغير ريحه تغيرا منكرا وماء آسن قال تعالى: (من ماء غير آسن) وأسن الرجل مرض من أسن الماء إذا غشى عليه، قال الشاعر: * يميد في الرمح ميد المائح الاسن * وقيل تأسن الرجل إذا اعتل تشبيها به.
أسا: الاسوة والاسوة كالقدوة والقدوة وهى الحالة التى يكون الانسان عليها في اتباع غيره إن حسنا وإن قبيحا وإن سارا وإن ضارا، ولهذا قال تعالى: (لقد كان لكم في رسول الله اسوة حسنة) فوصفها بالحسنة، ويقال تأسيت به.
والاسى الحزن وحقيقته إتباع الفائت بالغم يقال أسيت عليه أسى وأسيت له، قال تعالى: (فلا تأس على القوم الكافرين) وقال الشاعر: * أسيت لاخوالي ربيعة * وأصله من الواو لقولهم رجل أسوان أي حزين، والاسو إصلاح الجرح وأصله إزالة الاسى نحو: كربت النخل أزلت الكرب عنه وقد أسوته أسوءه أسوا، والآسى طبيب الجرح جمعه إساء وأساة، والمجروح مأسى وأسى معا، ويقال أسيت بين القوم أي أصلحت وآسيته، قال الشاعر: * اسى أخاه بنفسه * وقال آخر: * فآسى وآذاه فكان كمن جنى * وآسى هو فاعل من قولهم يواسى، وقول الشاعر:
* يكفون أثقال ثأى المستأسى * فهو مستفعل من ذلك.
فأما الاساءة فليست من هذا الباب وإنما هي منقولة عن ساء.
أشر: الاشر شدة البطر وقد أشر يأشر أشرا، قال تعالى (سيعلمون غدا من الكذاب الاشر) فالاشر أبلغ من البطر، والبطر أبلغ من الفرح فإن الفرح وإن كان في أغلب أحواله مذموما لقوله تعالى: (إن الله لا يحب الفرحين) فقد يحمد تارة إذا كان على قدر ما يجب وفى الموضع الذى يجب كما قال تعالى: (فبذلك فليفرحوا) وذلك أن الفرح قد يكون من سرور بحسب قضية العقل والاشر لا يكون إلا فرحه بحسب قضية الهوى.
ويقال ناقة مئشير أي نشيطة على طريق التشبيه أو ضامر من قولهم أشرت الخشبة.
أصر: الاصر عقد الشئ وحبسه بقهره
يقال أصرته فهو مأصور والمأصر والمأصر محبس السفينة قال تعالى: (ويضع عنهم إصرهم) أي الامور التى تثبطهم وتقيدهم عن الخيرات وعن الوصول إلى الثوابات، وعلى ذلك (ولا تحمل علينا إصرا) وقيل ثقلا وتحقيقه ما ذكرت
والاصر العهد المؤكد الذى يثبط ناقضه عن الثواب والخيرات، قال تعالى (أأقررتم وأخذتم على ذلكم إصرى) الاصار الطنب والاوتاد التى بها يعمد البيت وما يأصرنى عنك شئ أي ما يحبسنى.
والايصر كساء يشد فيه الحشيش فيثنى على السنام ليمكن ركوبه.
أصبع: الاصبع اسم يقع على السلامى والظفر والانملة والاطرة والبرجمة معا، ويستعار للاثر الحسى فيقال لك على فلان أصبع كقولك لك عليه يد.
أصل: بالغدو والآصال أي العشايا، يقال للعشية أصيل وأصيلة فجمع الاصيل أصل وآصال وجمع الاصيلة أصائل وقال تعالى (بكرة وأصيلا) وأصل الشئ قاعدته التى لو توهمت مرتفعة لا رتفع بارتفاعه سائره لذلك قال تعالى (أصلها ثابت وفرعها في السماء) وقد تأصل كذا، ومجد أصيل، وفلان لا أصل له، ولا فصل.
أف: أصل الاف كل مستقذر من وسخ وقلامة ظفر وما يجرى مجراهما ويقال ذلك لكل مستخف استقذارا له نحو (أف لكم ولما تعبدون من دون الله) وقد أففت لكذا
إذا قلت ذلك استقذارا له ومنه قيل للضجر من استقذار شئ أفف فلان.
أفق: قال تعالى (سنريهم آياتنا في الآفاق) أي في النواحى، الواحد أفق وأفق ويقال في النسبة إليه أفقى، وقد أفق فلان إذا ذهب في الآفاق، وقيل الآفق الذى يبلغ النهاية في الكرم تشبيها بالافق الذاهب في الآفاق.
أفك: الافك كل مصروف عن وجهه الذى يحق أن يكون عليه ومنه قيل للرياح العادلة عن المهاب مؤتفكة قال تعالى (والمؤتفكات بالخاطئة) وقال تعالى (والمؤتفكة أهوى) وقوله تعالى: (قاتلهم الله أنى يؤفكون) أي يصرفون عن الحق في الاعتقاد إلى الباطل ومن الصدق في المقال إلى الكذب ومن الجميل في الفعل إلى القبيح، ومنه قوله تعالى (يؤفك عنه من أفك - أنى يؤفكون) وقوله (أجئتنا لتأفكنا عن آلهتنا) فاستعملوا الافك في ذلك لما اعتقدوا أن ذلك صرف من الحق إلى الباطل فاستعمل ذلك في الكذب لما قلنا.
وقال تعالى (إن الذين جاءوا بالافك عصبة منكم) وقال: (لكل أفاك أثيم) وقوله: (أئفكا آلهة دون الله تريدون) فيصح أن يجعل تقديره
أتريدون آلهة من الافك، ويصح أن يجعل إفكا مفعول تريدون ويجعل آلهة بدلا منه ويكون قد سماهم إفكا، ورجل مأفوك مصروف
عن الحق إلى الباطل، قال الشاعر: فإن تك عن أحسن المروءة مأفو * كا ففى آخرين قد أفكوا وأفك يؤفك صرف عقله ورجل مأفوك العقل.
أفل: الافول غيبوبة النيرات كالقمر والنجوم، قال تعالى (فلما أفل قال لا أحب الآفلين) وقال (فلما أفلت) والافال صغار الغنم، والافيل: الفصيل الضئيل.
أكل: الاكل تناول المطعم وعلى طريق التشبيه قيل أكلت النار الحطب، والاكل لما يؤكل بضم الكاف وسكونه قال تعالى (أكلها دائم) والاكلة للمرة والاكلة كاللقمة وأكيلة الاسد فريسته التى يأكلها والاكولة من الغنم ما يؤكل والاكيل المؤاكل وفلان مؤكل ومطعم استعارة للمرزوق، وثوب ذو أكل كثير الغزل كذلك والتمر مأكلة للفم، قال تعالى (ذواتي أكل خمط) ويعبر به عن النصيب فيقال فلان ذو أكل من الدنيا
وفلان استوفى أكله كناية عن انقضاء الاجل، وأكل فلان فلانا اغتابه وكذا أكل لحمه قال تعالى (أيحب أحدكم أن يأكل لحم أخيه ميتا) وقال الشاعر: * فإن كنت مأكولا فكن أنت آكلى * وما ذقت أكلا أي شيئا يؤكل وعبر بالاكل عن إنفاق المال لما كان الاكل أعظم ما يحتاج فيه إلى المال نحو: (ولا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل - وقال - إن الذين يأكلون أموال اليتامى ظلما) فأكل المال بالباطل صرفه إلى ما ينا فيه الحق وقوله تعالى: (إنما يأكلون في بطونهم نارا) تنبيها على أن تناولهم لذلك يؤدي بهم إلى النار والاكول والاكال الكثير الاكل قال تعالى (أكالون للسحت) والاكلة جمع آكل، وقولهم هم أكلة رأس عبارة عن ناس من قلتهم يشبعهم رأس.
وقد يعبر بالاكل عن الفساد نحو: كعصف مأكول وتأكل كذا فسد وأصابه إكال في رأسه وفى أسنانه أي تأكل وأكلنى رأسي وميكائيل ليس بعربي.
الال: كل حالة ظاهرة من عهد حلف وقرابة تئل تلمع فلا يمكن إنكاره قال
تعالى: (لا يرقبون في مؤمن إلا ولا ذمة) وأل الفرس أي أسرع حقيقته لمع وذلك استعارة في باب الاسراع نحو برق وطار، والالة الحربة اللامعة وأل بها ضرب وقيل إل وإيل اسم الله تعالى وليس ذلك بصحيح، وأذن مؤللة والالال صفحتا السكين.
ألف: الالف من حروف التهجى والالف اجتماع مع التئام يقال ألفت بينهم ومنه الالفة ويقال للمألوف إلف وآلف قال تعالى: (إذ كنتم أعداءا فألف بين قلوبكم) وقال: (لو أنفقت ما في الارض جميعا ما ألفت بين
قلوبهم) والمؤلف ما جمع من أجزاء مختلفة ورتب ترتيبا قدم فيه ما حقه أن يقدم وأخر فيه ما حقه أن يؤخر، و (لايلاف قريش) مصدر من ألف والمؤلفة قلوبهم هم الذين يتحرى فيهم بتفقدهم أن يصيروا من جملة من وصفهم الله.
(لو أنفقت ما في الارض جميعا ما ألفت بين قلوبهم) وأوالف الطير ما ألفت الدار والالف العدد المخصوص وسمى بذلك لكون الاعداد فيه مؤتلفة، فإن الاعداد أربعة آحاد وعشرات، ومئون، وألوف، فإذا بلغت الالف
فقد ائتلفت وما بعده يكون مكررا قال بعضهم الالف من ذلك لانه مبدأ النظام وقيل آلفت الدراهم أي بلغت بها الالف نحو ماءيت وآلفت هي نحو آمأت.
ألك: الملائكة وملك أصله مألك وقيل هو مقلوب عن ملأك والمألك والمألكة والالوك الرسالة ومنه الكنى أي أبلغه رسالتي والملائكة تقع على الواحد والجمع قال تعالى: (الله يصطفي من الملائكة رسلا) قال الخليل: المألكة الرسالة لانها تؤلك في الفم من قولهم فرس يألك اللجام ويعلك.
الالم: الوجع الشديد، يقال ألم يألم ألما فهو آلم قال تعالى: (فإنهم يألمون كما تألمون) وقد آلمت فلانا وعذاب أليم أي مؤلم وقوله: (ألم يأتكم) فهو ألف الاستفهام وقد دخل على لم.
اله: الله قيل أصله إله فحذفت همزته وأدخل عليه الالف واللام فخص بالبارى تعالى ولتخصصه به قال تعالى: (هل تعلم له سميا) وإله جعلوه اسما لكل معبود لهم وكذا الذات وسموا الشمس إلاهة لا تخاذهم إياها معبودا، وأله فلان ياله عبد وقيل تأله فالاله على هذا هو المعبود، وقيل هو من أله أي تحير وتسميته
بذلك إشارة إلى ما قال أمير المؤمنين: كل دون صفاته تحبير الصفات وضل هناك تصاريف اللغات.
وذلك أن العبد إذا تفكر في صفاته تحير فيها ولهذا روى " تفكروا في آلاء الله ولا تفكروا في الله " وقيل أصله ولاه فأبدل من الواو همزة وتسميته بذلك لكون كل مخلوق والها نحوه إما بالتسخير فقط كالجمادات والحيوانات وإما بالتسخير والارادة معا كبعض الناس ومن هذا الوجه قال بعض الحكماء: الله محبوب الاشياء كلها وعليه دل قوله تعالى: (وإن من شئ إلا يسبح بحمده ولكن لا تفقهون تسبيحهم) وقيل أصله من لاه يلوه لياها أي احتجب قالوا وذلك إشارة إلى ما قال تعالى: (لا تدركه الابصار وهو يدرك الابصار) والمشار إليه بالباطن في قوله: (والظاهر والباطن) وإله حقه أن لا يجمع إذ لا معبود سواه لكن العرب لاعتقادهم أن ههنا معبودات جمعوه فقالوا الآلهة قال تعالى: (أم لهم آلهة تمنعهم من دوننا) وقال: (ويذرك وآلهتك) وقرئ وإلاهتك
أي عبادتك.
ولاه أنت أي لله وحذف إحدى اللامين.
اللهم قيل معناه يا الله فأبدل من الياء
في أوله الميمان في آخره وخص بدعاء الله، وقيل تقديره يا ألله أمنا بخير، مركب تركيب حيهلا.
إلى: إلى حرف يحد به النهاية من الجوانب الست، وألوت في الامر قصرت فيه، هو منه كأنه رأى فيه الانتهاء وألوت فلانا أي أوليته تقصيرا نحو كسبته أي أوليته كسبا، وما ألوته جهدا أي ما أوليته تقصيرا بحسب الجهد فقولك جهدا تمييز، وكذلك ما ألوته نصحا وقوله تعالى: (لا يألونكم خبالا) منه: أي لا يقصرون في جلب الخبال وقال تعالى: (ولا يأتل أولوا الفضل منكم) قيل هو يفتعل من ألوت وقيل هو من آليت حلفت، وقيل نزل ذلك في أبى بكر وكان قد حلف على مسطح أن يزوى عنه فضله ورد هذا بعضهم بأن افتعل قلما يبنى من أفعل إنما يبنى من فعل وذلك مثل كسبت واكتسبت وصنعت واصطنعت ورأيت وارتأيت.
وروى لا دريت ولا ائتليت وذلك افتعلت من قولك ما ألوته شيئا كأنه قيل ولا استطعت وحقيقة الايلاء والالية الحلف المقتضى لتقصير في الامر الذى يحلف عليه وجعل الايلاء في الشرع للحلف
المانع من جماع المرأة وكيفيته وأحكامه مختصة بكتب الفقه (واذكروا آلاء الله) أي نعمه، الواحد ألا وإلى نحو أنا وإنى لواحد الآناء.
وقال بعضهم في قوله تعالى: (وجوه يومئذ ناضرة إلى ربها ناظرة) إن معناه إلى نعمة ربها منتظرة وفى هذا تعسف من حيث البلاغة، وألا للاستفتاح، وإلا للاستثناء، وأولاء في قوله تعالى: (ها أنتم أولاء تحبونهم) وقوله أولئك اسم مبهم موضوع للاشارة إلى جمع المذكر والمؤنث ولا واحد له من لفظه، وقد يقصر نحو قول الاعشى: هؤلاء ثم هؤلاء كلا أعطي * ت نوالا محذوة بمثال أم: الام بإزاء الاب وهى الوالدة القريبة التى ولدته والبعيدة التى ولدت من ولدته.
ولهذا قيل لحواء هي أمنا وإن كان بيننا وبينها وسائط.
ويقال لكل ما كان أصلا لوجود شئ أو تربيته أو إصلاحه أو مبدئه أم، قال الخليل: كل شئ ضم إليه سائر ما يليه يسمى أما، قال تعالى: (وإنه في أم الكتاب) أي اللوح المحفوظ وذلك لكون العلوم كلها منسوبة إليه ومتولدة منه.
وقيل لمكة أم
القرى وذلك لما روى أن الدنيا دحيت من تحتها، وقال تعالى: (لتنذر أم القرى ومن حولها) وأم النجوم المجرة قال: * حيث اهتدت أم النجوم الشوابك * وقيل أم الاضياف وأم المساكين، كقولهم أبو الأضياف ويقال للرئيس أم الجيش
كقول الشاعر: * وأم عيال قد شهدت نفوسهم * وقيل لفاتحة الكتاب أم الكتاب لكونها مبدأ الكتاب، وقوله تعالى: (فأمه هاوية) أي مثواه النار فجعلها أما له، قال وهو نحو: (مأواكم النار) وسمى الله تعالى أزواج النبي صلى الله عليه وسلم أمهات المؤمنين فقال: (وأزواجه أمهاتهم) لما تقدم في الاب وقال: (يا ابن أم) وكذا قوله ويل أمه وكذا هوت أمه.
والام قيل أصله أمهة لقولهم جمعا أمهات وأميهة وقيل أصله من المضاعف لقولهم أمات وأميمة.
قال بعضهم أكثر ما يقال أمات في البهائم ونحوها وأمهات في الانسان.
والامة كل جماعة يجمعهم أمر ما إما دين واحد أو زمان واحد أو مكان واحد، سواء كان ذلك الامر الجامع تسخيرا أو اختيارا وجمعها أمم.
وقوله
تعالى (وما من دابة في الارص ولا طائر يطير بجناحيه إلا أمم أمثالكم) أي كل نوع منها على طريقة قد سخرها الله عليها بالطبع فهى من بين ناسجة كالعنكبوت وبانية كالسرفة ومدخرة كالنمل ومعتمدة على قوت وقته، كالعصفور والحمام إلى غير ذلك من الطبائع التى تخصص بها كل نوع، وقوله تعالى: (كان الناس أمة واحدة) أي صنفا واحدا وعلى طريقة واحدة في الضلال والكفر وقوله: (ولو شاء ربك لجعل الناس أمة واحدة) أي في الايمان وقوله (ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير) أي جماعة يتخيرون العلم والعمل الصالح يكونون أسوة لغيرهم، وقوله: (إنا وجدنا آباءنا على أمة) أي على دين مجتمع قال: * وهل يأثمن ذو أمة وهو طائع * وقوله تعالى (وادكر بعد أمة) أي حين وقرئ بعد أمه أي بعد نسيان، وحقيقة ذلك بعد انقضاء أهل عصر أو أهل دين.
وقوله: (إن إبراهيم كان أمة قانتا لله) أي قائما مقام جماعة في عبادة الله نحو قولهم فلان في نفسه قبيلة.
وروى أنه يحشر زيد بن عمرو ابن نفيل أمة وحده وقوله تعالى (ليسوا سواء
من أهل الكتاب أمة قائمة) أي جماعة وجعلها الزجاج ههنا للاستقامة وقال تقديره ذو طريقة واحدة فترك الاضمار، والامى هو الذى لا يكتب ولا يقرأ من كتاب وعليه حمل (هو الذى بعث في الاميين رسولا منهم) قال قطرب الامية الغفلة والجهالة، فالامي منه وذلك هو قلة المعرفة ومنه قوله تعالى: (ومنهم أميون لا يعلمون الكتاب إلا أمانى) أي إلا أن يتلى عليهم.
قال الفراء: هم العرب الذين لم يكن لهم كتاب و (النبي الامي الذى يجدونه مكتوبا عندهم في التوراة والانجيل) قيل منسوب إلى الامة الذين لم يكتبوا لكونه على عادتهم كقولك عامى لكونه على عادة العامة، وقيل سمى بذلك لانه لم يكن يكتب ولا يقرأ من كتاب وذلك
فضيلة له لاستغنائه بحفظه واعتماده على ضمان الله منه بقوله: (سنقرئك فلا تنسى) وقيل سمى بذلك لنسبته إلى أم القرى.
والامام المؤتم به إنسانا كأن يقتدى بقوله أو فعله، أو كتابا أو غير ذلك محقا كان أو مبطلا وجمعه أئمة.
وقوله تعالى: (يوم ندعو كل أناس بإمامهم) أي بالذى يقتدون به وقيل بكتابهم
وقوله (واجعلنا للمتقين إماما) قال أبو الحسن جمع إمام وقال غيره هو من باب درع دلاص ودروع دلاص، وقوله (ونجعلهم أئمة) وقال (وجعلناهم أئمة يدعون إلى النار) جمع إمام وقوله (وكل شئ أحصيناه في إمام مبين) فقد قيل إشارة إلى اللوح المحفوظ، والام القصد المستقيم وهو التوجه نحو مقصود وعلى ذلك (آمين البيت الحرام) وقولهم أمه شجه فحقيقته إنما هو أن يصيب أم دماغه وذلك على حد ما يبنون من إصابة الجارحة لفظ فعلت منه وذلك نحو رأسته ورجلته وكبدته وبطنته إذا أصيب هذه الجوارح.
وأم إذا قوبل به ألف الاستفهام فمعناه أي نحو: أزيد في الدار أم عمرو ؟ أي أيهما ؟ وإذا جرد عن ألف الاستفهام فمعناه بل نحو (أم زاغت عنهم الابصار) أي بل زاغت.
وأما حرف تقتضي معنى أحد الشيئين ويكرر نحو: (أما أحدكما فيسقى ربه خمرا وأما الآخر فيصلب) ويبتدأ بها الكلام نحو أما بعد فإنه كذا.
أمد: قال تعالى: (تود لو أن بينها وبينه أمدا بعيدا) الامد والابد يتقاربان، لكن الابد عبارة عن مدة الزمان التى ليس
لها حد محدود ولا يتقيد لا يقال أبد كذا، والامد مدة لها حد مجهول إذا أطلق، وقد ينحصر نحو أن يقال أمد كذا كما يقال زمان كذا، والفرق بين الزمان والامد أن الامد يقال باعتبار الغاية والزمان عام في المبدإ والغاية، ولذلك قال بعضهم المدى والامد يتقاربان.
أمر: الامر الشأن وجمعه أمور ومصدر أمرته إذا كلفته أن يفعل شيئا وهو لفظ عام للافعال والاقوال كلها، وعلى ذلك قوله تعالى: (إليه يرجع الامر كله) وقال: (قل إن الامر كله لله يخفون في أنفسهم مالا يبدون لك يقولون لو كان لنا من الامر شئ - وأمره إلى الله) ويقال للابداع أمر نحو: (ألا له الخلق والامر) ويختص ذلك بالله تعالى دون الخلائق، وقد حمل على ذلك قوله: (وأوحى في كل سماء أمرها) وعلى ذلك حمل الحكماء قوله: (قل الروح من أمر ربى) أي من إبداعه وقوله: (إنما قولنا لشئ إذا أردناه أن نقول له كن فيكون) فإشارة إلى إبداعه وعبر عنه بأقصر لفظة وأبلغ ما يتقدم فيه فيما بيننا بفعل الشئ، وعلى ذلك قوله: (وما أمرنا إلا واحدة) فعبر عن سرعة إيجاده بأسرع
ما يدركه وهمنا.
والامر التقدم بالشئ سواء
كان ذلك بقولهم افعل وليفعل أو كان ذلك بلفظ خبر نحو: (والمطلقات يتربصن بأنفسهن) أو كان بإشارة أو غير ذلك: ألا ترى أنه قد سمى ما رأى إبراهيم في المنام من ذبح ابنه أمرا حيث قال: (إنى أرى في المنام أنى أذبحك فانظر ماذا ترى قال يا أبت افعل ما تؤمر) فسمى ما رآه في المنام من تعاطى الذبح أمرا.
وقوله: (وما أمر فرعون برشيد) فعام في أقواله وأفعاله، وقوله: (أتى أمر الله) إشارة إلى القيامة فذكره بأعم الالفاظ.
وقوله (بل سولت لكم أنفسكم أمرا) أي ما تأمر النفس الامارة بالسوء.
وقيل أمر القوم كثروا وذلك لان القوم إذا كثروا صاروا ذا أمير من حيث إنهم لابد لهم من سائس يسوسهم، ولذلك قال الشاعر: * لا يصلح الناس فوضى لا سراة لهم * وقوله تعالى: (أمرنا مترفيها) أي أمرناهم بالطاعة، وقيل معناه كثرناهم، وقال أبو عمرو: لا يقال أمرت بالتخفيف في معنى كثرت، وإنما يقال أمرت وآمرت.
وقال أبو عبيدة: قد
يقال أمرت بالتخفيف نحو: خير المال مهرة مأمورة وسكة مأبورة، وفعله أمرت.
وقرئ أمرنا: أي جعلناهم أمراء، وعلى هذا حمل قوله تعالى: (وكذلك جعلنا في كل قرية أكابر مجرميها) وقرئ أمرنا بمعنى أكثرنا والائتمار قبول الامر ويقال للتشاور ائتمار لقبول بعضهم أمر بعض فيما أشار به، قال تعالى: (إن الملا يأتمرون بك) قال الشاعر: * وأمرت نفسي أي أمر أفعل * وقوله تعالى: (لقد جئت شيئا إمرا) أي منكرا من قولهم أمر الامر، أي كبرو كثر كقولهم استفحل الامر، وقوله: (وأولى الامر) قيل عنى الامراء في زمن النبي عليه الصلاة والسلام، وقيل الائمة من أهل البيت، وقيل الآمرون بالمعروف.
وقال ابن عباس رضى الله عنهما: هم الفقهاء وأهل الدين المطيعون لله، وكل هذه الاقوال صحيحة.
ووجه ذلك أن أولى الامر الذين بهم يرتدع الناس أربعة: الانبياء وحكمهم على ظاهر العامة والخاصة وعلى بواطنهم، والولاة وحكمهم على ظاهر الكافة دون باطنهم، والحكماء وحكمهم على باطن الخاصة دون الظاهر، والوعظة وحكمهم على بواطن العامة دون ظواهرهم.
أمن: أصل الامن طمأنينة النفس وزوال الخوف والامن والامانة والامان في الاصل مصادر ويجعل الامان تارة اسما للحالة التى يكون عليها الانسان في الامن، وتارة اسما لما يؤمن عليه الانسان نحو قوله: (وتخونوا أماناتكم) أي ما ائتمنتم عليه، (وقوله: إنا عرضنا الامانة على السموات والارض) قيل هي كلمة التوحيد وقيل العدالة، وقيل حروف التهجى، وقيل العقل وهو صحيح فإن العقل هو الذى لحصوله يتحصل معرفة التوحيد وتجرى العدالة وتعلم حروف التهجى بل لحصوله تعلم كل ما في طوق
البشر تعلمه وفعل ما في طوقهم من الجميل فعله وبه فضل على كثير ممن خلقه.
وقوله: (ومن دخله كان آمنا) أي آمنا من النار، وقيل من بلايا الدنيا التى تصيب من قال فيهم: (إنما يريد الله ليعذبهم بها في الحياة الدنيا) ومنهم من قال لفظه خبر، ومعناه أمر، وقيل يأمن الاصطلام وقيل آمن في حكم الله، وذلك كقولك: (هذا حلال وهذا حرام) أي في حكم الله، والمعنى لا يجب أن يقتص منه ولا يقتل فيه إلا أن يخرج وعلى هذه الوجوه: (أولم
يروا أنا جعلنا حرما آمنا) وقال: (وإذ جعلنا البيت مثابة للناس وأمنا) وقوله: (أمنة نعاسا)، أي أمنا، وقيل هي جمع كالكتبة.
وفى حديث نزول المسيح: وتقع الامنة في الارض، وقوله: (ثم أبلغه مأمنه) أي منزله الذى فيه أمنه.
وآمن إنما يقال على وجهين أحدهما متعديا بنفسه يقال آمنته أي جعلت له الامن ومنه قيل لله مؤمن، والثانى غير متعد ومعناه صار ذا أمن.
والايمان يستعمل تارة اسما للشريعة التى جاء بها محمد عليه الصلاة والسلام وعلى ذلك: (الذين آمنوا والذين هادوا والصابئون) ويوصف به كل من دخل في شريعته مقرا بالله وبنبوته، قيل وعلى هذا قال تعالى: (وما يؤمن أكثرهم بالله إلا وهم مشركون) وتارة يستعمل على سبيل المدح ويراد به إذعان النفس للحق على سبيل التصديق وذلك باجتماع ثلاثة أشياء: تحقيق بالقلب، وإقرار باللسان، وعمل بحسب ذلك بالجوارح، وعلى هذا قوله: (والذين آمنوا بالله ورسله أولئك هم الصديقون) ويقال لكل واحد من الاعتقاد والقول الصدق والعمل الصالح إيمان قال تعالى: (وما كان الله ليضيع إيمانكم)
أي صلاتكم.
وجعل الحياء وإماطة الاذى من الايمان قال تعالى: (وما أنت بمؤمن لنا ولو كنا صادقين) قيل معناه بمصدق لنا، إلا أن الايمان هو التصديق الذى معه أمن وقوله تعالى: (ألم تر إلى الذين أوتوا نصيبا من الكتاب يؤمنون بالجبت والطاغوت) فذلك مذكور على سبيل الذم لهم وأنه قد حصل لهم الامن بما لا يقع به الامن إذ ليس من شأن القلب ما لم يكن مطبوعا عليه أن يطمئن إلى الباطل وانما ذلك كقوله: (من شرح بالكفر صدرا فعليهم غضب من الله ولهم عذاب عظيم) وهذا كما يقال إيمانه الكفر وتحيته الضرب ونحو ذلك.
وجعل النبي عليه الصلاة والسلام أصل الايمان ستة أشياء في خبر جبريل حيث سأله فقال ما الايمان، والخبر معروف.
ويقال رجل أمنة وأمنة يثق بكل أحد وأمين وأمان يؤمن به، والامون الناقة يؤمن فتورها وعثورها.
آمين: يقال بالمد والقصر، وهو اسم للفعل نحو صه ومه.
قال الحسن معناه استجب وأمن فلان إذا قال آمين، وقيل آمين اسم من أسماء
الله تعالى، قال أبو على الفسوى: أراد هذا القائل
أن في آمين ضميرا لله تعالى لان معناه استجب وقوله تعالى: (أمن هو قانت آناء الليل) تقديره أم من، وقرئ أمن وليسا من هذا الباب.
إن وأن: ينصبان الاسم ويرفعان الخبر والفرق بينهما أن إن يكون ما بعده جملة مستقلة وأن يكون ما بعده في حكم مفرد يقع موقع مرفوع ومنصوب ومجرور ونحو أعجبني أنك تخرج وعلمت أنك تخرج وتعجبت من أنك تخرج، وإذا أدخل عليه ما يبطل عمله ويقتضى إثبات الحكم للمذكور وصرفه عما عداه نحو: (إنما المشركون نجس) تنبيها على أن النجاسة التامة هي حاصلة للمختص بالشرك، وقوله عزوجل: (إنما حرم عليكم الميتة والدم) أي ما حرم إلا ذلك تنبيها على أن أعظم المحرمات من المطعومات في أصل الشرع هو هذه المذكورات.
وأن: على أربعة أوجه الداخلة على المعدومين من الفعل الماضي أو المستقبل ويكون ما بعده في تقدير مصدر وينصب المستقبل نحو أعجبني أن تخرج وأن خرجت.
والمخففة من الثقيلة نحو أعجبني أن زيدا منطلق.
والمؤكدة للما نحو: (ولما أن جاء البشير) والمفسرة لما يكون بمعني القول نحو (وانطلق الملا منهم أن
امشوا واصبروا) أي قالوا امشوا.
كذلك إن على أربعة أوجه: للشرط نحو: (إن تعذبهم فإنهم عبادك) والمخففة من الثقيلة ويلزمها اللام نحو: (إن كاد ليضلنا) والنافية.
وأكثر ما يجئ يتعقبه الا نحو: (إن نظن الا ظنا - إن هذا الا قول البشر - إن نقول الا اعتراك بعض آلهتنا بسوء) والمؤكدة للنافية نحو ما إن يخرج زيد.
أنث: الانثى خلاف الذكر ويقالان في الاصل اعتبارا بالفرجين، قال عزوجل: (ومن يعمل من الصالحات من ذكر أو أنثى) ولما كان الانثى في جميع الحيوان تضعف عن الذكر اعتبر فيها الضعف فقيل لما يضعف عمله أنثى ومنه قيل حديد أنيث قال الشاعر: * وعندي جراز لا أفل ولا أنث * وقيل أرض أنيث سهل اعتبارا بالسهولة التى في الانثى أو يقال ذلك اعتبارا بجودة إنباتها تشبيها بالانثى، ولذا قال أرض حرة وولودة، ولما شبه في حكم اللفظ بعض الاشياء بالذكر فذكر أحكامه وبعضها بالانثى فأنث أحكامها نحو اليد والاذن والخصية سميت الخصية لتأنيث لفظ الانثيين، وكذلك الاذن،
قال الشاعر: * وما ذكر وإن يسمن فأنثى * يعنى القراد فإنه يقال له إذا كبر حلمة فيؤنث، وقوله تعالى: (إن يدعون من دونه إلا إناثا) فمن المفسرين من اعتبر حكم اللفظ فقال: لما كانت أسماء معبوداتهم مؤنثة
نحو (اللات والعزى ومناة الثالثة) قال ذلك.
ومنهم وهو أصح من اعتبر حكم المعنى وقال المنفعل يقال له أنيث ومنه قيل للحديد اللين أنيث فقال: ولما كانت الموجودات بإضافة بعضها إلى بعض ثلاثة أضرب: فاعلا غير منفعل وذلك هو الباري عزوجل فقط، ومنفعلا غير فاعل وذلك هو الجمادات، ومنفعلا من وجه كالملائكة والانس والجن وهم بالاضافة إلى الله تعالى منفعلة وبالاضافة إلى مصنوعاتهم فاعلة.
ولما كانت معبوداتهم من جملة الجمادات التى هي منفعلة غير فاعلة سماها الله تعالى أنثى وبكتهم بها ونبههم على جهلهم في اعتقاداتهم فيها أنها آلهة مع أنها لا تعقل ولا تسمع ولا تبصر بل لا تفعل فعلا بوجه.
وعلى هذا قول إبراهيم عليه الصلاة والسلام: (يا أبت لم تعبد مالا يسمع ولا يبصر ولا يغنى عنك شيئا) وأما
قوله عزوجل (وجعلوا الملائكة الذين هم عباد الرحمن إناثا) فلزعم الذين قالوا إن الملائكة بنات الله.
إنس: الانس خلاف الجن، والانس خلاف النفور، والانسى منسوب إلى الانس، يقال ذلك لمن كثر أنسه ولكل ما يؤنس به ولهذا قيل إنسى الدابة للجانب الذى يلى الراكب: وإنسى القوس للجانب الذى يقبل على الرامى.
والانسى من كل شئ ما يلى الانسان والوحشي ما يلى الجانب الآخر له، وجمع الانس أناسى قال الله تعالى (وأناسى كثيرا) وقيل ابن إنسك للنفس، وقوله عزوجل: (فإن آنستم منهم رشدا) أي أبصرتم أنسا به، وآنست نارا.
وقوله: (حتى تستأنسوا) أي تجدوا إيناسا.
والانسان قيل سمى بذلك لانه خلق خلقة لا قوام له إلا بإنس بعضهم ببعض ولهذا قيل الانسان مدنى بالطبع من حيث لاقوام لبعضهم إلا ببعض ولا يمكنه أن يقوم بجميع أسبابه، وقيل سمى بذلك لانه يأنس بكل ما يألفه، وقيل هو إفعلان وأصله إنسيان سمى بذلك لانه عهد إليه فنسى.
أنف: أصل الانف الجارحة ثم يسمى به
طرف الشئ وأشرفه فيقال أنف الجبل وأنف اللحية ونسب الحمية والغضب والعزة والذلة إلى الانف حتى قال الشاعر: إذا غضبت تلك الانوف لم أرضها * ولم أطلب العتبى ولكن أزيدها وقيل شمخ فلان بأنفه للمتكبر، وترب أنفه للذليل، وأنف فلان من كذا بمعنى استنكف وأنفته أصبت أنفه، وحتى قيل الانفة الحمية واستأنفت الشئ أخذت أنفه أي مبدأه.
ومنه قوله عزوجل: (ماذا قال آنفا) أي مبتدأ.
أنمل: قال الله تعالى (عضوا عليكم الانامل من الغيظ) الانامل جمع الانملة وهى المفصل الاعلى من الاصابع التى فيها الظفر، وفلان
مؤنمل الاصابع أي غليظ أطرافها في قصر والهمزة فيها زائدة بدليل قولهم هو نمل الاصابع وذكر ههنا للفظه.
أنى: للبحث عن الحال والمكان ولذلك قيل هو بمعنى أين وكيف لتضمنه معناهما قال الله عزوجل: (أنى لك هذا) أي من أين وكيف.
وأنا: ضمير المخبر عن نفسه وتحذف ألفه في الوصل في لغة وتثبت في لغة، وقوله عزوجل (لكنا هو الله ربى) فقد قيل تقديره لكن أنا هو الله ربى فحذف الهمزة من أوله وأدغم النون في النون وقرئ لكن هو الله ربى، فحذف الالف أيضا من آخره.
ويقال أنية الشئ وأنيته كما يقال ذاته وذلك إشارة إلى وجود الشئ وهو لفظ محدث ليس من كلام العرب، وآناء الليل ساعاته الواحد إنى وأنى وأنا، قال عزوجل (يتلون آيات الله آناء الليل) وقال تعالى: (ومن آناء الليل فسبح) وقوله تعالى (غير ناظرين إناه) أي وقته والانا إذا كسر أوله قصر وإذا فتح مد نحو قول الحطيئة.
وآنيت العشاء إلى سهيل * أو الشعرى فطال بى الاناء أنى: وآن الشئ قرب إناه (وحميم آن) بلغ إناه في شدة الحر ومنه قوله تعالى: (من عين آنية) وقوله تعالى (ألم يأن للذين آمنوا) أي ألم يقرب إناه ويقال آنيت الشئ ايناء أي أخرته عن أوانه وتأنيت تأخرت والاناة التؤدة وتأنى فلان تأنيا وأنى يأنى فهو آن أي وقور
واستأنيته انتظرت أوانه ويجوز في معنى استبطأته واستأنيت الطعام كذلك.
والاناء ما يوضع فيه الشئ وجمعه آنية نحو كساء وأكسية، والاوانى جمع الجمع.
أهل: أهل الرجل من يجمعه وإياهم نسب أو دين أو ما يجرى مجراهما من صناعة وبيت وبلد، فأهل الرجل في الاصل من يجمعه وإياهم مسكن واحد ثم تجوز به فقيل أهل بيت الرجل لمن يجمعه وإياهم نسب، وتعورف في أسرة النبي عليه الصلاة والسلام مطلقا إذا قيل أهل البيت لقوله عزوجل: (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت) وعبر بأهل الرجل عن امرأته.
وأهل الاسلام الذين يجمعهم ولما كانت الشريعة حكمت برفع حكم النسب في كثير من الاحكام بين المسلم والكافر قال تعالى: (إنه ليس من أهلك إنه عمل غير صالح) وقال تعالى: (وأهلك إلا من سبق عليه القول) وقيل أهل الرجل يأهل أهولا، وقيل مكان مأهول فيه أهله، وأهل به إذا صار ذا ناس وأهل، وكل دابة ألف مكانا يقال أهل وأهلي.
وتأهل إذا تزوج ومنه قيل أهلك الله في الجنة أي زوجك فيها وجعل لك فيها
أهلا يجمعك وإياهم.
ويقال فلان أهل لكذا
أي خليق به.
ومرحبا وأهلا في التحية للنازل بالانسان، أي وجدت سعة مكان عندنا ومن هو أهل بيت لك في الشفقة.
وجمع الاهل أهلون وأهال وأهلات.
أوب: الاوب ضرب من الرجوع وذلك أن الاوب لا يقال إلا في الحيوان الذى له إرادة والرجوع يقال فيه وفى غيره، يقال آب أوبا وإيابا ومآبا.
قال الله تعالى (إن إلينا إيابهم) وقال (فمن شاء اتخذ إلى ربه مآبا) والمآب مصدر منه واسم الزمان والمكان قال الله تعالى: (والله عنده حسن المآب) والاواب كالتواب وهو الراجع إلى الله تعالى بترك المعاصي وفعل الطاعات قال تعالى (أواب حفيظ) وقال (إنه أواب) ومنه قيل للتوبة أوبة والتأويب يقال في سير النهار وقيل: * آبت يد الرامى إلى السهم * وذلك فعل الرامى في الحقيقة وإن كان منسوبا إلى اليد ولا ينقض ما قدمناه من أن ذلك رجوع بإرادة واختيار، وكذا ناقة أووب سريعة رجع اليدين.
أيد: قال الله عزوجل (أيدتك بروح القدس) فعلت من الايد أي القوة الشديدة، وقال تعالى: (والله يؤيد بنصره من يشاء) أي يكثر تأييده ويقال إدته أئيده أيدا نحو: بعته أبيعه بيعا وأيدته على التكثير، قال عزوجل (والسماء بنيناها بأيد) ويقال له آد ومنه قيل للامر العظيم مؤيد.
وإياد الشئ ما يقيه وقرئ أيدتك وهو أفعلت من ذلك، قال الزجاج رحمه الله: يجوز أن يكون فاعلت نحو عاونت، وقوله عزوجل (ولا يؤده حفظهما) أي لا يثقله وأصله من الاود آد يئود أودا وإيادا إذا أثقله نحو قال يقول قولا، وفى الحكاية عن نفسك أدت مثل قلت، فتحقيق آده عوجه من ثقله في ممره.
أيك: الايك شجر ملتف، وأصحاب الايكة قيل نسبوا إلى غيضة كانوا يسكنونها، وقيل هي اسم بلد.
آل: الآل مقلوب عن الاهل ويصغر على أهيل إلا أنه خص بالاضافة إلى أعلام الناطقين دون النكرات ودون الازمنة والامكنة، ويقال آل فلان ولا يقال آل رجل ولا آل زمان كذا أو موضع كذا ولا يقال آل الخياط بل
يضاف إلى الاشرف الافضل يقال آل الله، وآل السلطان.
والاهل يضاف إلى الكل، يقال أهل الله وأهل الخياط كما يقال أهل زمن كذا وبلد كذا.
وقيل هو في الاصل اسم الشخص ويصغر أويلا ويستعمل فيمن يختص بالانسان اختصاصا ذاتيا إما بقرابة قريبة أو بموالاة، قال عزوجل (وآل إبراهيم وآل عمران) وقال (أدخلوا آل فرعون أشد العذاب) قيل وآل النبي عليه الصلاة والسلام أقاربه، وقيل المختصون به من حيث العلم وذلك أن
أهل الدين ضربان.
ضرب متخصص بالعلم المتقن والعمل المحكم فيقال لهم آل النبي وأمته وضرب يختصون بالعلم على سبيل التقليد ويقال لهم أمة محمد عليه الصلاة والسلام، ولا يقال لهم آله، فكل آل للنبى أمة له وليس كل أمة له آله.
وقيل لجعفر الصادق رضى الله عنه: الناس يقولون المسلمون كلهم آل النبي عليه الصلاة والسلام، فقال: كذبوا وصدقوا، فقيل له ما معنى ذلك ؟ فقال: كذبوا في أن الامة كافتهم آله وصدقوا في أنهم إذا قاموا بشرائط شريعته آله.
وقوله تعالى (رجل مؤمن من
آل فرعون) أي من المختصين به وبشريعته وجعله منهم من حيث النسب أو المسكن، لا من حيث تقدير القوم أنه على شريعتهم وقيل في جبرائيل وميكائيل إن إيل اسم الله تعالى وهذا لا يصح بحسب كلام العرب، لانه كان يقتضى أن يضاف إليه فيجر إيل فيقال جبرإيل.
وآل الشئ شخصه المتردد قال الشاعر: * ولم يبق إلا آل خيم منضد * والآل أيضا الحال التى يئول إليها أمره، قال الشاعر: سأحمل نفسي على آلة * فإما عليها وإما لها وقيل لما يبدو من السراب آل، وذلك لشخص يبدو من حيث المنظر وإن كان كاذبا، أو لتردد هواء وتموج فيكون من آل يئول، وآل اللبن يئول إذا خثر كأنه رجوع إلى نقصان كقولهم في الشئ الناقص راجع.
أول: التأويل من الاول أي الرجوع إلى الاصل ومنه الموئل للموضع الذى يرجع إليه وذلك هو رد الشئ إلى الغاية المرادة منه علما كان أو فعلا، ففى العلم نحو: (وما يعلم تأويله إلا الله والراسخون في العلم) وفى الفعل كقول
الشاعر: * وللنوى قبل يوم البين تأويل * وقوله تعالى.
: (هل ينظرون إلا تأويله يوم يأتي تأويله) أي بيانه الذى هو غايته المقصودة منه.
وقوله تعالى: (ذلك خير وأحسن تأويلا) قيل أحسن معنى وترجمة، وقيل أحسن ثوابا في الآخرة.
والاول: السياسة التى تراعى مآلها، يقال أول لنا وأيل علينا.
وأول، قال الخليل تأسيسه من همزة وواو ولام فيكون فعل، وقد قيل من واواين ولام فيكون أفعل والاول أفصح لقلة وجود ما فاؤه وعينه حرف واحد كددن، فعلى الاول يكون من آل يئول وأصله آول فأدغمت المدة لكثرة الكلمة وهو في الاصل صفة لقولهم في مؤنثه أولى نحو أخرى.
فالاول هو الذى يترتب عليه غيره ويستعمل على أوجه: أحدها: المتقدم بالزمان كقولك عبد الملك أولا ثم منصور.
الثاني: المتقدم بالرياسة في الشئ وكون غيره محتذيا به نحو الامير أولا ثم الوزير.
الثالث: المتقدم بالوضع والنسبة كقولك للخارج من العراق.
القادسية أولا ثم فيد، وتقول للخارج من
مكة: فيد أولا ثم القادسية.
الرابع: المتقدم بالنظام الصناعي نحو أن يقال الاساس أولا ثم البناء.
وإذا قيل في صفة الله هو الاول فمعناه أنه الذى لم يسبقه في الوجود شئ وإلى هذا يرجع قول من قال: هو الذى لا يحتاج إلى غيره، ومن قال هو المستغنى بنفسه، وقوله تعالى: (وأنا أول المسلمين - وأنا أول المؤمنين) فمعناه أنا المقتدى بى في الاسلام والايمان، وقال تعالى: (ولا تكونوا أول كافر به) أي لا تكونوا ممن يقتدى بكم في الكفر.
ويستعمل أول ظرفا فيبنى على الضم نحو: جئتك أول، ويقال بمعنى قديم نحو: جئتك أولا وآخرا أي قديما وحديثا، وقوله تعالى: (أولى لك فأولى) كلمة تهديد وتخويف يخاطب به من أشرف على هلاك فيحث به على التحرز، أو يخاطب به من نجا ذليلا منه فينهى عن مثله ثانيا وأكثر ما يستعمل مكررا وكأنه حث على تأمل ما يئول إليه أمره ليتنبه للتحرز منه.
أيم: الايامى جمع الايم وهى المرأة التى لا بعل لها، وقد قيل للرجل الذى لا زوج له، وذلك على طريق التشبيه بالمرأة فيمن لاغناء عنه لا على التحقيق، والمصدر الايمة، وقد آم
الرجل وآمت المرأة وتأيم وتأيمت وامرأة أيمة ورجل أيم والحرب مأيمة أي يفرق بين الزوج والزوجة، والايم الحية.
أين: لفظ يبحث به عن المكان، كما أن متى يبحث به عن الزمان، والآن كل زمان مقدر بين زمانين ماض ومستقبل نحو: أنا الآن أفعل كذا، وخص الآن بالالف واللام المعرف بهما ولزماه، وافعل كذا آونة أي وقتا بعد وقت وهو من قولهم الآن، وقولهم هذا أوان ذلك أي زمانه المختص به وبفعله، قال سيبويه رحمه الله تعالى: يقال الآن آنك أي هذا الوقت وقتك، وآن يئون، قال أبو العباس رحمه الله: ليس من الاول وإنما هو فعل على حدته.
والاين الاعياء يقال آن يئين أينا، وكذلك أنى يأنى أنيا إذا حان.
وأما (بلغ إناه) فقد قيل هو مقلوب من أنى وقد تقدم، قال أبو العباس: قال قوم آن يئين أينا، الهمزة مقلوبة فيه عن الحاء وأصله حان يحين حينا، قال وأصل الكلمة من الحين.
أوه: الاواه الذى يكثر التأوه وهو أن يقول أوه، وكل كلام يدل على حزن يقال له التأوه، ويعبر بالاواه عمن يظهر خشية الله
تعالى، وقيل في قوله تعالى: (أواه منيب) أي المؤمن الداعي وأصله راجع إلى ما تقدم، قال أبو العباس رحمه الله: يقال إيها إذا كففته، وويها إذا أغريته، وواها إذا تعجبت منه.
أي: أي في الاستخبار موضوع للبحث عن بعض الجنس والنوع وعن تعيينه ويستعمل ذلك في الخبر والجزاء نحو: (أيا ما تدعو فله الاسماء
الحسنى وأيما الاجلين قضيت فلا عدوان على والآية هي العلامة الظاهرة وحقيقته لكل شئ ظاهر هو ملازم لشئ لا يظهر ظهوره.
فمتى أدرك مدرك الظاهر منهما علم أنه أدرك الآخر الذى لم يدركه بذاته إذ كان حكمهما سواء، وذلك ظاهر في المحسوسات والمعقولات فمن علم ملازمة العلم للطريق المنهج ثم وجد العلم علم أنه وجد الطريق وكذا إذا علم شيئا مصنوعا علم أنه لا بد له من صانع.
واشتقاق الآية إما من أي فإنها هي التى تبين أيا من أي.
والصحيح أنها مشتقة من التأيى الذى هو التثبت والاقامة على الشئ.
يقال تأى أي ارفق.
أو من قولهم أوى إليه.
وقيل للبناء العالي آية نحو أتبنون بكل ريع آية تعبثون.
ولكل جملة من القرآن دالة على حكم آية سورة كانت أو فصولا أو فصلا من سورة وقد يقال لكل كلام منه منفصل بفصل لفظي آية.
وعلى هذا اعتبار آيات السور التى تعد بها السورة.
وقوله تعالى: (إن في ذلك لآيات للمؤمنين) فهى من الآيات المعقولة التى تتفاوت بها المعرفة بحسب تفاوت منازل الناس في العلم وكذلك قوله: (بل هو آيات بينات في صدور الذين أوتوا العلم وما يجحد بآياتنا إلا الظالمون) وكذا قوله تعالى: (وكأين من آية في السموات والارض) وذكر في مواضع آية وفى مواضع آيات وذلك لمعنى مخصوص ليس هذا الكتاب موضع ذكره وأنما قال: (وجعلنا ابن مريم وأمه آية) ولم يقل آيتين لان كل واحد صار آية بالآخر.
وقوله عزوجل: (وما نرسل بالآيات إلا تخويفا) فالآيات ههنا قيل إشارة إلى الجراد والقمل والضفادع ونحو ها من الآيات التى أرسلت إلى الامم المتقدمة فنبه أن ذلك إنما يفعل ممن يفعله تخويفا وذلك أخس المنازل للمأمورين، فإن الانسان يتحرى فعل الخير لاحد ثلاثة أشياء: إما أن يتحراه لرغبة أو رهبة وهو أدنى منزلة، وإما أن يتحراه لطلب
محمدة وإما أن يتحراه للفضيلة وهو أن يكون ذلك الشئ في نفسه فاضلا وذلك أشرف المنازل.
فلما كانت هذه الامة خير أمة كما قال: (كنتم خير أمة أخرجت للناس) رفعهم عن هذه المنزلة ونبه أنه لا يعمهم بالعذاب وإن كانت الجهلة منهم كانوا يقولون: (أمطر علينا حجارة من السماء أو ائتنا بعذاب أليم) وقيل الآيات إشارة إلى الادلة ونبه أنه يقتصر معهم على الادلة ويصانون عن العذاب الذى يستعجلون به في قوله عزوجل (يستعجلونك بالعذاب) وفى بناء آية ثلاثة أقوال، قيل هي فعلة وحق مثلها أن يكون لامه معتلا دون عينه نحو حياة ونواة لكن صحح لامه لوقوع الياء قبلها نحو راية.
وقيل هي فعلة إلا أنها قلبت كراهة التضعيف كطائي في طئ.
وقيل هي فاعلة وأصلها آيية فخففت فصار آية
وذلك ضعيف لقولهم في تصغيرها أيية ولو كانت فاعلة لقيل أوية.
وأيان: عبارة عن وقت الشئ ويقارب معنى متى، قال تعالى (أيان مرساها).
(وما يشعرون أيان يبعثون).
(أيان يوم الدين)
من قولهم أي، وقيل أصله أي أوان أي أي وقت فحذف الالف ثم جعل الواو ياء فأدغم فصار أيان.
وإيا لفظ موضوع ليتوصل به إلى ضمير المنصوب إذا انقطع عما يتصل به وذلك يستعمل إذا تقدم الضمير نحو (إياك نعبد) أو فصل بينهما بمعطوف عليه أو بإلا نحو: (نرزقهم وإياكم) ونحو (وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه) وأى كلمة موضوعة لتحقيق كلام متقدم نحو: إى وربى إنه لحق وأى، وآ، وأيا من حروف النداء، تقول: أي زيد، وأيا زيد، وآزيد.
وأى كلمة ينبه بها أن ما يذكر بعدها شرح وتفسير لما قبلها.
أوى: المأوى مصدر أوى يأوى أويا ومأوى، تقول أوى إلى كذا انضم إليه يأوى أويا ومأوى، وآواه غيره يؤويه إيواء.
قال عزوجل (إذا أوى الفتية إلى الكهف) وقال تعالى (سآوى إلى جبل) وقال تعالى (آوى إليه أخاه) وقال (تؤوى إليك من تشاء).
(وفضيلته التى تؤويه) وقوله تعالى (جنة المأوى) كقوله (دار الخلود) في كون الدار مضافة إلى المصدر، وقوله تعالى (مأواهم جهنم) اسم للمكان الذى يأوى إليه.
وأويت له رحمته
أويا وإية ومأوية ومأواة، وتحقيقه رجعت إليه بقلبي (وآوى إليه أخاه) أي ضمه إلى نفسه، يقال آواه وأواه.
والماوية في قول حاتم طئ.
* أماوى إن المال غا ورائح * المرأة فقد قيل هي من هذا الباب فكأنها سميت بذلك لكونها مأوى الصورة، وقيل هي منسوبة للماء وأصلها مائية فجعلت الهمزة واوا.
والالفات التى تدخل لمعنى على ثلاثة أنواع نوع في صدر الكلام.
ونوع في وسطه.
ونوع في آخره.
فالذي في صدر الكلام أضرب: الاول: ألف الاستخبار وتفسيره بالاستخبار أولى من تفسيره بالاستفهام إذ كان ذلك يعمه وغيره.
نحو الانكار والتبكيت والنفى والتسوية.
فالاستفهام نحو قوله تعالى: (أتجعل فيها من يفسد فيها) والتبكيت إما للمخاطب أو لغيره نحو: (أذهبتم طيباتكم - أتخذتم عند الله عهدا - الآن وقد عصيت قبل - أفإن مات أو قتل - أفإن مت فهم الخالدون - أكان للناس عجبا - آلذكرين حرم أم الانثيين) والتسوية نحو (سواء
علينا أجزعنا أم صبرنا - سواء عليهم أأنذرتهم أم لم تنذرهم لا يؤمنون) وهذه الالف متى دخلت على الاثبات تجعله نفيا نحو
أخرج هذا اللفظ ؟ ينفى الخروج فلهذا سأل عن إثباته نحو ما تقدم.
وإذا دخلت على نفى تجعله إثباتا لانه يصير معها نفيا يحصل منهما إثبات نحو: (ألست بربكم - أليس الله بأحكم الحاكمين - أولم يروا أنا نأتى الارض - أولم تأتهم بينة - أولايرون - أولم نعمر كم).
الثاني: ألف المخبر عن نفسه نحو: أسمع وأبصر.
الثالث: ألف الامر قطعا كان أو وصلا نحو (أنزل علينا مائدة من السماء - ابن لى عندك بيتا في الجنة) ونحو هما الرابع: الالف مع لام التعريف نحو العالمين الخامس: ألف النداء نحو أزيد أي يا زيد.
والنوع الذى في الوسط: الالف التى للتثنية والالف في بعض الجموع في نحو مسلمات ونحو
مساكين.
والنوع الذى في آخره ألف التأنيث في حبلى وفى بيضاء.
وألف الضمير في التثنية نحو: اذهبا.
والذى في أواخر الآيات الجارية مجرى أواخر الابيات نحو (وتظنون بالله الظنونا - وأضلونا السبيلا) لكن هذه الالف لا تثبت معنى وإنما ذلك لاصلاح اللفظ.
كتاب الباءبتك: البتك يقارب البت لكن البتك يستعمل في قطع الاعضاء والشعر، يقال بتك شعره وأذنه، قال الله تعالى (فليبتكن آذان الانعام) ومنه سيف باتك: قاطع للاعضاء.
وبتكت الشعر تناولت قطعة منه، والبتكة القطعة المنجذبة جمعها بتك، قال الشاعر: * طارت وفى يدها من ريشها بتك * وأما البت فيقال في قطع الحبل والوصل، ويقال طلقت المرأة بتة وبتلة، وبتت الحكم بينهما وروى: لا صيام لمن لم يبت الصوم من الليل.
والبشك مثله يقال في قطع الثوب ويستعمل في الناقة السريعة، ناقة بشكى وذلك لتشبيه يدها في السرعة بيد الناسجة في نحو قول الشاعر:
فعل السريعة بادرت حدادها * قبل المساء تهم بالاسراع بتر: البتر يقارب ما تقدم لكن يستعمل في قطع الذنب ثم أجرى قطع العقب مجراه فقيل فلان أبتر إذا لم يكن له عقب يخلفه، ورجل أبتر وأباتر انقطع ذكره عن الخير، ورجل أباتر يقطع رحمه، وقيل على طريق التشبيه خطبة بتراء لما لم يذكر فيها اسم الله تعالى، وذلك لقوله عليه السلام: " كل أمر لا يبدأ فيه بذكر الله فهو أبتر " وقوله تعالى: (إن شانئك هو الابتر) أي المقطوع الذكر، وذلك أنهم زعموا أن محمدا صلى الله عليه وسلم ينقطع ذكره إذا انقطع عمره لفقدان نسله، فنبه تعالى أن الذى ينقطع ذكره هو الذى يشنؤه، فأما هو فكما وصفه الله تعالى بقوله: (ورفعنا لك ذكرك) وذلك لجعله أبا للمؤمنين وتقييض من يراعيه ويراعى دينه الحق، وإلى هذا المعنى أشار أمير المؤمنين رضى الله عنه بقوله: " العلماء باقون ما بقى الدهر، أعيانهم مفقودة، وآثارهم في القلوب موجودة " هذا في العلماء الذين هم تباع النبي عليه الصلاة والسلام، فكيف هو وقد رفع الله عزوجل ذكره
وجعله خاتم الانبياء عليه وعليهم أفضل الصلاة والسلام بتل: قال تعالى: (وتبتل إليه تبتيلا) أي انقطع في العبادة وإخلاص النية انقطاعا يختص به، وإلى هذا المعنى أشار بقوله عزوجل: (قل الله ثم ذرهم) وليس هذا منافيا لقوله
عليه الصلاة والسلام: " لا رهبانية ولا تبتل في الاسلام " فإن التبتل ههنا هو الانقطاع عن النكاح، ومنه قيل لمريم العذراء البتول، أي المنقطعة عن الرجال، والانقطاع عن النكاح والرغبة عنه محظور لقوله عزوجل: (وأنكحوا الايامى منكم) وقوله عليه الصلاة والسلام: " تناكحوا تكثروا فإنى أباهى بكم الامم يوم القيامة " ونخلة مبتل إذا انفرد عنها صغيرة معها.
بث: أصل البث التفريق وإثارة الشئ كبث الريح التراب، وبث النفس ما انطوت عليه من الغم والسر، يقال بثثته فانبث، ومنه قوله عزوجل: (فكانت هباء منبثا) وقوله عزوجل: (وبث فيها من كل دابة) إشارة إلى إيجاده تعالى ما لم يكن موجودا وإظهاره
إياه.
وقوله عزوجل: (كالفراش المبثوث) أي المهيج بعد سكونه وخفائه، وقوله عزوجل: (إنما أشكوا بثى وحزني) أي غمى الذى يبثه عن كتمان فهو مصدر في تقدير مفعول أو بمعنى غمى الذى بث فكرى نحو: توزعني الفكر، فيكون في معنى الفاعل.
بجس: يقال بجس الماء وانبجس انفجر، لكن الانبجاس أكثر ما يقال فيما يخرج من شئ ضيق، والانفجار يستعمل فيه وفيما يخرج من شئ واسع، ولذلك قال عزوجل: (فانبجست منه اثنتا عشرة عينا) وقال في موضع آخر: (فانفجرت منه اثنتا عشرة عينا) فاستعمل حيث ضاق المخرج اللفظان، قال تعالى: (وفجرنا خلالهما نهرا) وقال: (وفجرنا الارض عيونا) ولم يقل بجسنا.
بحث: البحث الكشف والطلب، يقال بحثت عن الامر وبحثت كذا، قال الله تعالى: (فبعث الله غرابا يبحث في الارض) وقيل: بحثت الناقة الارض برجلها في السير إذا شددت الوطء تشبيها بذلك.
بحر: أصل البحر كل مكان واسع جامع للماء الكثير، هذا هو الاصل، ثم اعتبر تارة
سعته المعاينة، فيقال بحرت كذا أوسعته سعة البحر تشبيها به، ومنه بحرت البعير شققت أذنه شقا واسعا، ومنه سميت البحيرة.
قال تعالى: (ما جعل الله من بحيرة) وذلك ما كانوا يجعلونه بالناقة إذا ولدت عشرة أبطن شقوا أذنها فيسيبوها فلا تركب ولا يحمل عليها.
وسموا كل متوسع في شئ بحرا حتى قالوا فرس بحر باعتبار سعة جريه.
وقال عليه الصلاة والسلام في فرس ركبه: وجدته بحرا، وللمتوسع في علمه بحر، وقد تبحر أي توسع في كذا، والتبحر في العلم التوسع، واعتبر من البحر تارة ملوحته، فقيل ماء بحراني أي ملح وقد أبحر الماء، قال الشاعر: وقد عاد ماء الارض بحرا فزادني * إلى مرضى أن أبحر المشرب العذب
وقال بعضهم: البحر يقال في الاصل للماء الملح دون العذب، وقوله تعالى: (بحران هذا عذب فرات وهذا ملح أجاج) إنما سمى العذب بحرا لكونه مع الملح كما يقال للشمس والقمر قمران، وقيل للسحاب الذى كثر ماؤه بنات بحر، وقوله تعالى: (ظهر الفساد في البر والبحر)
قيل أراد في البوادى والارياف لا فيما بين الماء.
وقولهم: لقيته صحرة بحرة أي ظاهرا حيث لا بناء يستره.
بخل: البخل إمساك المقتنيات عما لا يحق حبسها عنه ويقابله الجود، يقال بخل فهو باخل، وأما البخيل فالذي يكثر منه البخل كالرحيم من الراحم.
والبخل ضربان: بخل بقنيات نفسه، وبخل بقنيات غيره، وهو أكثر هما ذما، دليلنا على ذلك قوله تعالى: (الذين يبخلون ويأمرون الناس بالبخل).
بخس: البخس نقص الشئ على سبيل الظلم، قال تعالى: (وهم فيها لا يبخسون) وقال تعالى: (ولا تبخسوا الناس أشياءهم) والبخس والباخس الشئ الطفيف الناقص، وقوله تعالى: (وشروه بثمن بخس) قيل معناه باخس أي ناقص، وقيل مبخوس أي منقوص ويقال تباخسوا أي تناقصوا وتغابنوا فبخس بعضهم بعضا.
بخع: البخع قتل النفس غما، قال تعالى: (فلعلك باخع نفسك) حث على ترك التأسف نحو: (فلا تذهب نفسك عليهم حسرات) قال الشاعر:
* ألا أيهذا الباخع الوجد نفسه * وبخع فلان بالطاعة وبما عليه من الحق إذا أقر به وأذعن مع كراهة شديدة تجرى مجرى بخع نفسه في شدته.
بدر: قال تعالى: (ولا تأكلوها إسرافا وبدارا) أي مسارعة، يقال بدرت إليه وبادرت ويعبر عن الخطإ الذى يقع عن حدة بادرة، يقال كانت من فلان بوادر في هذا الامر.
والبدر قيل سمى بذلك لمبادرته الشمس بالطلوع، وقيل لا متلائه تشبيها بالبدرة فعلى ما قيل يكون مصدرا في معنى الفاعل والاقرب عندي أن يجعل البدر أصلا في الباب ثم تعتبر معانيه التى تظهر منه، فيقال تارة بدر كذا أي طلع طلوع البدر، ويعتبر امتلاؤه تارة فشبه البدرة به، والبيدر المكان المرشح لجمع الغلة فيه وملئه منه لامتلائه من الطعام قال تعالى: (ولقد نصركم الله ببدر) وهو موضع مخصوص بين مكة والمدينة.
بدع: الابداع إنشاء صنعة بلا احتذاء واقتداء ومنه قيل ركية بديع أي جديدة الحفر، وإذا استعمل في الله تعالى فهو إيجاد الشئ بغير آلة ولا مادة ولا زمان ولا مكان وليس
ذلك إلا لله، والبديع يقال للمبدع نحو قوله: (بديع السموات والارض) ويقال للمبدع
نحو ركية بديع، وكذلك البدع يقال لهما جميعا بمعنى الفاعل والمفعول وقوله تعالى: (قل ما كنت بدعا من الرسل) قيل معناه، مبدعا لم يتقدمني رسول، وقيل مبدعا فيما أقوله.
والبدعة في المذهب إيراد قول لم يستن قائلها وفاعلها فيه بصاحب الشريعة وأماثلها المتقدمة وأصولها المتقنة.
وروى " كل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار " والابداع بالرجل الانقطاع به لما ظهر من كلال راحلته وهزالها.
بدل: الابدال والتبديل والتبدل والاستبدال جعل شئ مكان آخر وهو أعم من العوض فإن العوض هو أن يصير لك الثاني بإعطاء الاول.
والتبديل قد يقال للتغيير مطلقا وإن لم يأت ببدله، قال تعالى: (فبدل الذين ظلموا قولا غير الذى قيل لهم - وليبدلنهم من بعد خوفهم أمنا) وقال تعالى: (فأولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات) قيل هو أن يعملوا أعمالا صالحة تبطل ما قدموه من الاساءة، وقيل هو أن يعفو تعالى عن سيئاتهم ويحتسب بحسناتهم.
وقال تعالى: (فمن بدله بعد ما سمعه - وإذا بدلنا آية مكان آية - وبدلناهم بجنتيهم جنتين - ثم بدلنا مكان السيئة الحسنة - يوم تبدل الارض غير الارض) أي تغير عن حالها (أن يبدل دينكم - ومن يتبدل الكفر بالايمان - وإن تتولوا يستبدل قوما غير كم).
وقوله: (ما يبدل القول لدى) أي لا يغير ما سبق في اللوح المحفوظ تنبيها على أن ما علمه أن سيكون يكون على ما قد علمه لا يتغير عن حاله.
وقيل لا يقع في قوله خلف، وعلى الوجهين قوله: (لا تبديل لكلمات الله - لا تبديل لخلق الله) قيل معناه أمر وهو نهى عن الخصاء.
والابدال قوم صالحون يجعلهم الله مكان آخرين مثلهم ماضين وحقيقته هم الذين بدلوا أحوالهم الذميمة بأحوالهم الحميدة وهم المشار إليهم بقوله تعالى: (أولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات) والبادلة ما بين العنق إلى الترقوة والجمع البادل.
قال الشاعر: * ولا رهل لباته وبآدله * بدن: البدن الجسد لكن البدن يقال اعتبارا بعظم الجثة، والجسد يقال اعتبارا باللون ومنه قيل ثوب مجسد، ومنه قيل امرأة بادن
وبدين عظيمة البدن، وسميت البدنة بذلك لسمنها، يقال بدن إذا سمن، وبدن كذلك، وقيل بل بدن إذا أسن، وأنشد: * وكنت خلت الشيب والتبدين * وعلى ذلك ما روى عن النبي عليه الصلاة والسلام " لا تبادروني بالركوع والسجود فإنى قد بدنت " أي كبرت وأسننت، وقوله: (فاليوم ننجيك ببدنك) أي بجسدك وقيل يعنى بدرعك فقد يسمى الدرع بدنة لكونها على البدن كما يسمى موضع اليد من القميص يدا، وموضع الظهر والبطن ظهرا وبطنا، وقوله تعالى: (والبدن
جعلناها لكم من شعائر الله) هو جمع البدنة التى تهدى.
بدا: بدا الشئ بدوا وبداء أي ظهر ظهورا بينا، قال الله تعالى: (وبدا لهم من الله ما لم يكونوا يحتسبون - وبدا لهم سيئات ما كسبوا - فبدت لهما سوآتهما) والبدو خلاف الحضر قال تعالى (وجاء بكم من البدو) أي البادية وهى كل مكان يبدو ما يعن فيه أي يعرض، ويقال للمقيم بالبادية باد كقوله: (سواء العاكف فيه والباد - لو أنهم بادون
في الاعراب).
بدأ: يقال بدأت بكذا وأبدأت وابتدأت أي قدمت، والبدء والابداء تقديم الشئ على غيره ضربا من التقديم قال تعالى: (وبدأ خلق الانسان من طين) وقال تعالى: (كيف بدأ الخلق - الله يبدأ الخلق - كما بدأكم تعودون) ومبدأ الشئ هو الذى منه يتركب أو منه يكون، فالحروف مبدأ الكلام والخشب مبدأ الباب والسرير، والنواة مبدأ النخل، يقال للسيد الذى يبدأ به إذا عد السادات بدء، والله هو المبدى المعيد أي هو السبب في المبدإ والنهاية، ويقال رجع عوده على بدئه وفعل ذلك عائدا وبادئا ومعيدا ومبدئا وأبدأت من أرض كذا أي ابتدأت منها بالخروج.
وقوله بادئ الرأى أي ما يبدأ من الرأى وهو الرأى الفطير، وقرئ بادى بغير همزة أي الذى يظهر من الرأى ولم يرو فيه، وشئ بدئ لم يعهد من قبل كالبديع في كونه غير معمول قبل، والبدأة النصيب المبدأ به في القسمة ومنه قيل لكل قطعة من اللحم عظيمة بدء.
بذر: التبذير التفريق وأصله إلقاء البذر وطرحه فاستعير لكل مضيع لماله، فتبذير
البذر تضييع في الظاهر لمن لم يعرف مآل ما يلقيه.
قال الله تعالى: (إن المبذرين كانوا إخوان الشياطين): وقال تعالى: (ولا تبذر تبذيرا).
بر: البر خلاف البحر وتصور منه التوسع فاشتق منه البر: أي التوسع في فعل الخير، وينسب ذلك إلى الله تعالى تارة نحو: (إنه هو البر الرحيم) وإلى العبد تارة فيقال بر العبد ربه أي توسع في طاعته فمن الله تعالى الثواب ومن العبد الطاعة وذلك ضربان: ضرب في الاعتقاد وضرب في الاعمال وقد اشتمل عليه قوله تعالى: (ليس البر أن تولوا وجوهكم) الآية وعلى هذا ما روى أنه سئل عليه الصلاة والسلام عن البر فتلا هذه الآية فإن الآية متضمنة للاعتقاد، الاعمال الفرائض والنوافل.
وبر الوالدين التوسع في الاحسان إليهما وضده العقوق قال تعالى: (لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم) ويستعمل البر في الصدق لكونه بعض الخير المتوسع فيه، يقال بر
في قوله وبر في يمينه وقول الشاعر:
* أكون مكان البر منه * قيل أراد به الفؤاد وليس كذلك بل أراد ما تقدم أي يحبنى محبة البر، ويقال بر أباه فهو بار وبر مثل صائف وصيف وطائف وطيف، وعلى ذلك قوله تعالى (وبرا بوالديه - وبرا بوالدتي) وبر في يمينه فهو بار وأبررته وبرت يمينى وحج مبرور أي مقبول، وجمع البار أبرار وبررة قال تعالى: (إن الابرار لفى نعيم) وقال: (كلا إن كتاب الابرار لفى عليين) وقال في صفة الملائكة (كرام بررة) فبررة خص بها الملائكة في القرآن من حيث إنه أبلغ من أبرار فإنه جمع بر، وأبرار جمع بار، وبر أبلغ من بار كما أن عدلا أبلغ من عادل.
والبر معروف وتسميته بذلك لكونه أو سع ما يحتاج إليه في الغذاء، والبرير خص بثمر الاراك ونحوه، وقولهم لا يعرف الهر من البر، من هذا وقيل هما حكايتا الصوت والصحيح أن معناه لا يعرف من يبره ومن يسئ إليه.
والبربرة: كثرة الكلام، وذلك حكاية صوته.
برج: البروج القصور الواحد برج وبه سمى بروج النجوم لمنازلها المختصة بها، قال تعالى:
(والسماء ذات البروج) وقال تعالى (الذى جعل في السماء بروجا) وقوله تعالى: (ولو كنتم في بروج مشيدة) يصح أن يراد بها بروج في الارض وأن يراد بها بروج النجم ويكون استعمال لفظ المشيدة فيها على سبيل الاستعارة وتكون الاشارة بالمعنى إلى نحو ما قال زهير: ومن هاب أسباب المنايا ينلنه * * ولو نال أسباب السماء بسلم وأن يكون البروج في الارض وتكون الاشارة إلى ما قال الآخر: ولو كنت في غمدان يحرس بابه * أراجيل أحبوش وأسود الف إذا لاتتنى حيث كنت منيتى * يحث بها هاد لاثرى قائف وثوب مبرج صورت عليه بروج فاعتبر حسنه فقيل تبرجت المرأة أي تشبهت به في إظهار المحاسن، وقيل ظهرت من برجها أي قصرها ويدل على ذلك قوله تعالى (وقرن في بيوتكن ولا تبرجن تبرج الجاهلية الاولى) وقوله: (غير متبرجات) والبرج سعة العين وحسنها
تشبيها بالبرج في الامرين.
برح: البراح المكان المتسع الظاهر الذى لا بناء فيه ولا شجر فيعتبر تارة ظهوره فيقال فعل كذا براحا أي صراحا لا يستره شئ، وبرح الخفاء ظهر كأنه حصل في براح يرى، ومنه براح الدار وبرح ذهب في البراح ومنه البارح للريح الشديدة، والبارح من الظباء والطير لكن خص البارح بما ينحرف
عن الرامى إلى جهة لا يمكنه فيها الرمى فيتشاءم به وجمعه بوارح، وخص السانح بالمقبل من جهة يمكن رميه ويتيمن به، والبارحة الليلة الماضية وبرح ثبت في البراح ومنه قوله عزوجل (لا أبرح) وخص بالاثبات كقولهم لا أزال لان برح وزال اقتضيا معنى النفي ولا للنفي والنفيان يحصل من اجتماعهما إثبات، وعلى ذلك قوله عزوجل (لن نبرح عليه عاكفين) وقال تعالى: (لا أبرح حتى أبلغ مجمع البحرين) ولما تصور من البارح معنى التشاؤم اشتق منه التبريح والتباريح فقيل برح بى الامر وبرح بى فلان في التقاضى، وضربه ضربا مبرحا، وجاء فلان بالبرح وأبرحت ربا أبرحت
جارا أي أكرمت، وقيل للرامي إذا أخطأ برحى: دعاء عليه وإذا أصاب مرحى دعاء له، ولقيت منه البرحين والبرحاء أي الشدائد، وبرحاء الحمى شدتها.
برد: أصل البرد خلاف الحر فتارة يعتبر ذاته فيقال برد كذا أي اكتسب بردا وبرد الماء كذا أي كسبه بردا نحو * ستبرد أكبادا وتبكي بواكيا * ويقال برده أيضا وقيل قد جاء أبرد وليس بصيحيح ومنه البرادة لما يبرد الماء، ويقال برد كذا إذا ثبت ثبوت البرد واختصاص الثبوت بالبرد كاختصاص الحركة بالحر فيقال برد كذا أي ثبت كما يقال برد عليه دين قال الشاعر: * اليوم يوم بارد سمومه * وقال آخر: * قد برد الموت على مصطلاه * أي برود أي ثبت، يقال لم يبرد بيدى شئ أي لم يثبت.
وبرد الانسان مات وبرده قتله ومنه السيوف البوارد وذلك لما يعرض للميت من عدم الحرارة بفقدان الروح أو لما يعرض له من السكون، وقولهم للنوم برد إما لما
يعرض من البرد في ظاهر جلده أو لما يعرض له من السكون وقد علم أن النوم من جنس الموت لقوله عزوجل (الله يتوفى الانفس حين موتها والتى لم تمت في منامها) وقال (لا يذوقون فيها بردا ولا شرابا) أي نوما.
وعيش بارد أي طيب اعتبارا بما يجد الانسان من اللذة في الحر من البرد أو بما يجد فيه من السكون.
والابردان الغداة والعشي لكونهما أبرد الاوقات في النهار.
والبرد ما يبرد من المطر في الهواء فيصلب وبرد السحاب اختص بالبرد وسحاب أبرد وبرد ذو برد، قال الله تعالى: (وينزل من السماء من جبال فيها من برد) والبردى نبت ينسب إلى البرد لكونه نابتا به.
وقيل أصل كل داء البردة أي التخمة، وسميت بذلك لكونها عارضة من البرودة الطبيعية التى تعجز عن الهضم.
والبرود يقال لما يبرد به ولما يبرد فتارة يكون فعولا
في معنى فاعل وتارة في معنى مفعول نحو ماء برود وثغر برود وكقولهم للكحل برود وبردت الحديد سحلته من قولهم بردته أي قتلته والبرادة ما يسقط، والمبرد الآلة التى يبرد بها.
والبرد في الطرق جمع البريد وهم الذين يلزم كل واحد منهم موضعا منه معلوما ثم اعتبر فعله في تصرفه في المكان المخصوص به فقيل لكل سريع هو يبرد وقيل لجناحي الطائر بريداه اعتبارا بأن ذلك منه يجرى مجرى البريد من الناس في كونه متصرفا في طريقه، وذلك فرع على فرع على حسب ما يبين في أصول الاشتقاق.
برز: البراز الفضاء وبرز حصل في براز، وذلك إما أن يظهر بذاته نحو: (وترى الارض بارزة) تنبيها أنه تبطل فيها الابنية وسكانها ومنه المبارزة للقتال وهى الظهور من الصف، قال تعالى: (لبرز الذين كتب عليهم القتل) وقال عزوجل: (ولما برزوا لجالوت وجنوده) وإما أن يظهر بفضله وهو أن يسبق في فعل محمود وإما أن ينكشف عنه ما كان مستورا منه، ومنه قوله تعالى: (وبرزوا لله الواحد القهار - وبرزوا لله جميعا) وقال تعالى (يوم هم بارزون) وقوله عزوجل: (وبرزت الجحيم للغاوين) تنبيها أنهم يعرضون عليها.
ويقال تبرز فلان كناية عن التغوط، وإمرأة برزة عفيفة لان رفعتها بالعفة لا أن اللفظة
اقتضت ذلك.
برزخ: البرزخ الحاجز والحد بين الشيئين وقيل أصله برزه فعرب، وقوله تعالى: (بينهما برزخ لا يبغيان) والبرزخ في القيامة الحائل بين الانسان وبين بلوغ المنازل الرفيعة في الآخرة وذلك إشارة إلى العقبة المذكورة في قوله عز وجل: (فلا اقتحم العقبة) قال تعالى: (ومن ورائهم برزخ إلى يوم يبعثون) وتلك العقبة موانع من أحوال لا يصل إليها إلا الصالحون وقيل البرزخ ما بين الموت إلى القيامة.
برص: البرص معروف وقيل للقمر أبرص للنكتة التى عليه وسام أبرص سمى بذلك تشبيها بالبرص والبريص الذى يلمع لمعان الابرص ويقارب البصيص، بص يبص إذا برق.
برق: البرق لمعان السحاب، قال تعالى: (فيه ظلمات ورعد وبرق) يقال برق وأبرق وبرق، يقال في كل ما يلمع نحو سيف بارق وبرق وبرق، يقال في العين إذا اضطربت وجالت من خوف، قال عزوجل: (فإذا برق البصر) وقرئ وبرق، وتصور منه تارة اختلاف اللون فقيل البرقة الارض ذات حجارة
مختلفة الالوان، والابرق الجبل فيه سواد وبياض وسموا العين برقاء لذلك وناقة بروق تلمع بذنبها، والبروقة شجرة تخضر إذا رأت السحاب وهى التى يقال فيها أشكر من بروقة.
وبرق طعامه بزيته إذا جعل فيه قليلا يلمع منه.
والبارقة والابيرق السيف للمعانه.
والبراق قيل هو دابة ركبها النبي صلى الله عليه وسلم لما عرج به، والله أعلم بكيفيته.
والابريق معروف وتصور من البرق ما يظهر من تجويفه فقيل برق فلان ورعد وأبرق وأرعد إذا تهدد.
برك: أصل البرك صدر البعير وإن استعمل في غيره، ويقال له بركة وبرك البعير ألقى ركبه واعتبر منه معنى الملزوم فقيل ابتركوا في الحرب أي ثبتوا ولا زموا موضع الحرب وبراكاء الحرب وبروكاؤها للمكان الذى يلزمه الابطال، وابتركت الدابة وقفت وقوفا كالبروك، وسمى محبس الماء بركة والبركة ثبوت الخير الالهى في الشئ، قال تعالى: (لفتحنا عليهم بركات من السماء والارض) وسمى بذلك لثبوت الخير فيه ثبوت الماء في البركة، والمبارك ما فيه ذلك الخير، على ذلك (هذا
ذكر مبارك أنزلناه) تنبيها على ما يفيض عليه من الخيرات الالهية.
وقال (كتاب أنزلناه إليك مبارك) وقوله تعالى: (وجعلني مباركا) أي موضع الخيرات الالهية، وقوله تعالى: (إنا أنزلناه في ليلة مباركة - رب أنزلنى منزلا مباركا) أي حيث يوجد الخير الالهى، وقوله تعالى: (ونزلنا من السماء ماء مباركا) فبركة ماء السماء هي ما نبه عليه بقوله: (ألم تر أن الله أنزل من السماء ماء فسلكه ينابيع في الارض ثم يخرج به زرعا مختلفا ألوانه).
وبقوله تعالى: (وأنزلنا من السماء ماء بقدر فأسكناه في الارض) ولما كان الخير الالهى يصدر من حيث لا يحس وعلى وجه لا يحصى ولا يحصر قيل لكل ما يشاهد منه زيادة غير محسوسة هو مبارك وفيه بركة، وإلى هذه الزيادة أشير بما روى أنه لا ينقص مال من صدقة لا إلى النقصان المحسوس حسب ما قال بعض الخاسرين حيث قيل له ذلك فقال بينى وبينك الميزان.
وقوله تعالى: (تبارك الذى جعل في السماء بروجا) فتنبيه على ما يفيضه علينا من نعمه بواسطة هذه البروج والنيرات المذكورة في هذه الآية.
وقوله تعالى: (فتبارك
الله أحسن الخالقين - تبارك الذى نزل الفرقان - تبارك الذى إن شاء جعل لك خيرا من ذلك جنات - فتبارك الله رب العالمين - تبارك الذى بيده الملك) كل ذلك تنبيه على اختصاصه تعالى بالخيرات المذكورة مع ذكر تبارك.
برم: الابرام إحكام الامر، قال تعالى: (أم أبرموا أمرا فإنا مبرمون) وأصله من إبرام الحبل وهو ترديد فتله قال الشاعر: على كل حال من سحيل ومبرم * والبريم المبرم أي المفتول فتلا محكما، يقال أبرمته فبرم ولهذا قيل للبخيل الذى لا يدخل في الميسر برم كما للبخيل مغلول اليد.
والمبرم الذى يلح ويشدد في الامر تشبيها بمبرم الحبل، والبرم كذلك، ويقال لمن يأكل تمرتين تمرتين برم لشدة ما يتناوله بعضه على بعض ولما كان البريم من الحبل قد يكون ذا لونين سمى كل ذى لونين به من جيش مختلط أسود وأبيض، ولغنم مختلط وغير ذلك.
والبرمة في الاصل هي القدر المبرمة وجمعها برام نحو حضرة وحضار،
وجعل على بناء المفعول، نحو: ضحكة وهزأة.
بره: البرهان بيان للحجة وهو فعلان مثل الرجحان والثنيان.
وقال بعضهم: هو مصدر بره يبره إذا ابيض ورجل أبره وامرأة برهاء وقوم بره وبرهرهة شابة بيضاء.
والبرهة مدة من الزمان، فالبرهان أوكد الادلة وهو الذى يقتضى الصدق أبدا، لا محالة، وذلك أن الادلة خمسة أضرب: دلالة تقتضي الصدق أبدا ودلالة تقتضي الكذب أبدا، ودلالة إلى الصدق أقرب، ودلالة إلى الكذب أقرب، ودلالة هي إليهما سواء، قال تعالى: (قل هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين - قل هاتوا برهانكم هذا ذكر من معى - قد جاءكم برهان من ربكم).
برأ: أصل البرء والبراء والتبرى التغصى مما يكره مجاورته، ولذلك قيل برأت من المرض وبرأت من فلان وتبرأت وأبرأته من كذا وبرأته ورجل برئ وقوم برآء وبريئون قال عزوجل (براءة من الله ورسوله) وقال: (إن الله برئ من المشركين ورسوله) وقال: أنتم بريئون مما أعمل وأنا برئ مما تعملون - إنا برآء منكم ومما تعبدون من دون الله - وإذ قال إبراهيم لابيه وقومه إننى
براء مما تعبدون - فبرأه الله مما قالوا) وقال: (إذ تبرأ الذين اتبعوا من الذين اتبعوا)، والبارئ خص بوصف الله تعالى نحو قوله: (البارئ المصور) وقوله تعالى: (فتوبوا إلى بارئكم) والبرية الخلق، قيل أصله الهمز فترك وقيل ذلك من قولهم بريت العود، وسميت برية لكونها مبرية عن البرى أي التراب بدلالة قوله تعالى (خلقكم من تراب) وقوله تعالى: (أولئك هم خير البرية) وقال: (شر البرية).
بزغ: قال الله تعالى: (فلما رأى الشمس بازغة - فلما رأى القمر بازغا) أي طالعا منتشر الضوء، وبزغ الناب تشبيها به وأصله من بزغ البيطار الدابة أسال دمها فبزغ هو أي سال.
بس: قال الله تعالى: (وبست الجبال بسا) أي فتتت من قولهم بسست الحنطة والسويق بالماء فتته به وهى البسيسة وقيل معناه سقت سوقا سريعا من قولهم انبست الحيات انسابت انسيابا سريعا فيكون كقوله عزوجل: (ويوم نسير الجبال) وكقوله: (وترى الجبال
تحسبها جامدة وهى تمر مر السحاب) وبسست الابل زجرتها عند السوق، وأبسست بها عند الحلب أي رققت لها كلاما تسكن إليه، وناقة بسوس لا تدر إلا على الابساس.
وفى الحديث: " جاء أهل اليمن يبسون عيالهم " أي كانوا يسوقونهم.
بسر: البسر الاستعجال بالشئ قبل أوانه نحو بسر الرجل الحاجة طلبها في غير أوانها وبسر الفحل الناقة ضربها قبل الضبعة، وماء بسر متناول من غيره قبل سكونه.
وقيل للقرح الذى ينكأ قبل النضج بسر ومنه قيل لما لم يدرك من التمر بسر وقوله عزوجل (ثم عبس وبسر) أي أظهر العبوس قبل أوانه وفى غير وقته فإن قيل فقوله (ووجوه يومئذ باسرة) ليس يفعلون ذلك قبل الوقت وقد قلت إن ذلك يقال فيما كان قبل الوقت، قيل إن ذلك إشارة إلى حالهم قبل الانتهاء بهم إلى النار فخص لفظ البسر تنبيها أن ذلك مع ما ينالهم من بعد يجرى مجرى التكلف ومجرى ما يفعل قبل وقته ويدل على ذلك قوله عزوجل (تظن أن يفعل بها فاقرة).
بسط: بسط الشئ نشره وتوسعه فتارة
يتصور منه الامران وتارة يتصور منه أحدهما ويقال بسط الثوب نشره ومنه البساط وذلك اسم لكل مبسوط، قال الله تعالى: (والله جعل لكم الارض بساطا) والبساط الارض المتسعة، وبسيط الارض مبسوطه واستعار قوم البسط لكل شئ لا يتصور فيه تركيب وتأليف ونظم، قال الله تعالى: (والله يقبض ويبسط) وقال تعالى: (ولو بسط الله الرزق لعباده) أي لو وسعه (وزاده بسطة في العلم والجسم) أي سعة، قال بعضهم: بسطته في العلم هو أن انتفع هو به ونفع غيره فصار له به بسطة أي جود.
وبسط اليد مدها، قال عزوجل: (وكلبهم باسط ذراعيه بالوصيد) وبسط الكف يستعمل تارة للطلب نحو (باسط كفيه إلى الماء ليبلغ فاه) وتارة للاخذ نحو (والملائكة باسطوا أيديهم) وتارة للصولة والضرب قال تعالى: (ويبسطوا إليكم أيديهم وألسنتهم بالسوء) وتارة للبذل والاعطاء نحو (بل يداه مبسوطتان) والبسط الناقة التى تترك مع ولدها كأنها المبسوط نحو النكث والنقض في معنى المنكوث والمنقوض وقد أبسط ناقته: أي تركها مع ولدها.
بسق: قال الله عزوجل (والنخل باسقات لها طلع نضيد) أي طويلات والباسق هو الذاهب طولا من جهة الارتفاع ومنه بسق فلان على أصحابه علاهم.
وبسق وبصق أصله بزق، وبسقت الناقة وقع في ضرعها لبن قليل كالبساق وليس من الابل.
بسل: البسل ضم الشئ ومنعه ولتضمنه لمعنى الضم استعير لتقطيب الوجه فقيل هو
باسل ومبتسل الوجه، ولتضمنه لمعنى المنع قيل للمحرم والمرتهن بسل وقوله تعالى: (وذكر به أن تبسل نفس بما كسبت) أي تحرم الثواب.
والفرق بين الحرام والبسل أن الحرام عام فيما كان ممنوعا منه بالحكم والقهر والبسل هو الممنوع منه بالقهر، قال عزوجل (أولئك الذين أبسلوا بما كسبوا) أي حرموا الثواب وفسر بالارتهان لقوله: (كل نفس بما كسبت رهينة).
قال الشاعر: * وإبسالى بنى بغير جرم * وقال آخر: * فإن تقويا منهم فإنهم بسل * أقوى المكان إذا خلا وقيل للشجاعة البسالة
إما لما يوصف به الشجاع من عبوس وجهه أو لكون نفسه محرما على أقرانه لشجاعته أو لمنعه لما تحت يده عن أعدائه وأبسلت المكان حفظته وجعلته بسلا على من يريده والبسلة أجرة الراقي، وذلك لفظ مشتق من قول الراقي أبسلت فلانا: أي جعلته بسلا أي شجاعا قويا على مدافعة الشيطان أو الحيات والهوام أو جعلته مبسلا أي محرما عليها وسمى ما يعطى الراقي بسلة، وحكى بسلت الحنظل طيبته فإن يكن ذلك صحيحا فمعناه أزلت بسالته أي شدته أو بسله أي تحريمه وهو ما فيه المرارة الجارية مجرى كونه محرما.
وبسل في معنى أجل وبس.
بشر: البشرة ظاهر الجلد والادمة باطنه، كذا قال عامة الادباء، وقال أبو زيد بعكس ذلك وغلط أبو العباس وغيره.
وجمعها بشر وأبشار وعبر عن الانسان بالبشر اعتبارا بظهور جلده من الشعر بخلاف الحيوانات التى عليها الصوف أو الشعر أو الوبر واستوى في لفظ البشر الواحد والجمع وثنى فقال تعالى: (أنؤمن لبشرين) وخص في القرآن كل موضع اعتبر من الانسان جثته وظاهره بلفظ البشر نحو:
(وهو الذى خلق من الماء بشرا) وقال عزوجل (إنى خالق بشرا من طين) ولما أراد الكفار الغض من الانبياء اعتبروا ذلك فقالوا (إن هذا إلا قول البشر) وقال تعالى: (أبشرا منا واحد نتبعه - ما أنتم إلا بشر مثلنا - أنؤمن لبشرين مثلنا - قالوا أبشر يهدوننا) وعلى هذا قال (إنما أنا بشر مثلكم) تنبيها أن الناس يتساوون في البشرية وإنما يتفاضلون بما يختصون به من المعارف الجليلة والاعمال الجميلة ولذلك قال بعده (يوحى إلى) تنبيها أنى بذلك تميزت عنكم.
وقال تعالى: (لم يمسسني بشر) فخص لفظ البشر.
وقوله (فتمثل لها بشرا سويا) فعبارة عن الملائكة ونبه أنه تشبح لها وتراءى لها بصورة بشر، وقوله تعالى: (ما هذا بشرا) فإعظام له وإجلال وأنه أشرف وأكرم من أن يكون جوهره
جوهر البشر.
وبشرت الاديم أصبت بشرته نحو أنفت ورجلت، ومنه بشر الجراد الارض إذا أكلته.
والمباشرة الافضاء بالبشرتين، وكنى بها عن الجماع في قوله: (ولا تباشروهن وأنتم عاكفون) وقال تعالى: (فالآن
باشروهن) وفلان مؤدم مبشر أصله من قولهم أبشره الله وآدمه، أي جعل له بشرة وأدمة محمودة ثم عبر بذلك عن الكامل الذى يجمع بين الفضيلتين: الظاهرة والباطنة، وقيل معناه جمع بين الادمة وخشونة البشرة، وأبشرت الرجل وبشرته وبشرته أخبرته بسار بسط بشرة وجهه، وذلك أن النفس إذا سرت انتشر الدم فيها انتشار الماء في الشجر وبين هذه الالفاط فروق فإن بشرته عام وأبشرته نحو أحمدته وبشرته على التكثير.
وأبشر يكون لازما ومتعديا، يقال بشرته فأبشر أي استبشر وأبشرته، وقرئ يبشرك ويبشرك ويبشرك، قال عزوجل: (قالوا لا توجل إنا نبشرك بغلام عليم.
قال أبشرتموني على أن مسنى الكبر فبم تبشرون.
قالوا بشرناك بالحق) واستبشر إذا وجد ما يبشره من الفرج، قال تعالى: (ويستبشرون بالذين لم يلحقوا بهم من خلفهم - يستبشرون بنعمة من الله وفضل) وقال تعالى: (وجاء أهل المدينة يستبشرون) ويقال للخبر السار البشارة والبشرى، قال تعالى: (لهم البشرى في الحياة الدنيا وفى الآخرة) وقال تعالى: (لا بشرى
يومئذ للمجرمين - ولما جاءت رسلنا إبراهيم بالبشرى - يا بشرى هذا غلام - وما جعله الله الا بشرى لكم) والبشير المبشر، قال تعالى: (فلما أن جاء البشير ألقاه على وجهه فارتد بصيرا - فبشر عبادي - وهو الذى يرسل الرياح مبشرات) أي تبشر بالمطر.
وقال صلى الله عليه وسلم: " انقطع الوحى ولم يبق إلا المبشرات وهى الرؤيا الصالحة التى يراها المؤمن أو ترى له " وقال تعالى: (فبشره بمغفرة) وقال: (فبشرهم بعذاب أليم - وبشر المنافقين بأن لهم - وبشر الذين كفروا بعذاب أليم) فاستعارة ذلك تنبيه أن أسر ما يسمعونه الخبر بما ينالهم من العذاب، وذلك نحو قول الشاعر: * تحية بينهم ضرب وجيع * ويصح أن يكون على ذلك قوله تعالى: (قل تمتعوا فإن مصيركم إلى النار) وقال عزوجل: (وإذا بشر أحدهم بما ضرب للرحمن مثلا ظل وجهه مسودا وهو كظيم) و يقال أبشر أي وجد بشارة نحو أبقل وأمحل (وأبشروا بالجنة التى كنتم توعدون) وأبشرت الارض حسن طلوع نبتها ومنه قول
ابن مسعود رضى الله عنه " من أحب القرآن فليبشر " أي فليسر.
قال الفراء: إذا ثقل فمن البشرى وإذا خفف، ممن السرور، يقال:
بشرته فبشر نحو جبرته فجبر، وقال سيبويه فأبشر، قال ابن قتيبة: هو من بشرت الاديم إذا رققت وجهه، قال ومعناه فليضمر نفسه كما روى " إن وراءنا عقبة لا يقطعها إلا الضمر من الرجال " وعلى الاول قول الشاعر: فأعنهم وابشر بما بشروا به * وإذا هم نزلوا بضنك فانزل وتباشير الوجه وبشره ما يبدو من سروره، وتباشير الصبح ما يبدو من أوائله، وتباشير النخل ما يبدو من رطبه، ويسمى ما يعطى المبشر بشرى وبشارة.
بصر: البصر يقال للجارحة الناظرة نحو قوله تعالى: (كلمح البصر - وإذ زاغت الابصار) وللقوة التى فيها ويقال لقوة القلب المدركة بصيرة وبصر نحو قوله تعالى: (فكشفنا عنك غطاءك فبصرك اليوم حديد) وقال: (ما زاغ البصر وما طغى) وجمع البصر أبصار، وجمع البصيرة بصائر قال تعالى: (فما أغنى
عنهم سمعهم ولا أبصارهم) ولا يكاد يقال للجارحة بصيرة ويقال من الاول أبصرت ومن الثاني أبصرته وبصرت به وقلما يقال بصرت في الحاسة إذا لم تضامه رؤية القلب.
وقال تعالى في الابصار: (لم تعبد ما لا يسمع ولا يبصر - ربنا أبصرنا وسمعنا - ولو كانوا لا يبصرون - وأبصر فسوف يبصرون - بصرت بما لم يبصروا به) ومنه (أدعو إلى الله على بصيرة أنا ومن اتبعنى) أي على معرفة وتحقق.
وقوله: (بل الانسان على نفسه بصيرة) أي تبصره فتشهد له، وعليه من جوارحه بصيرة تبصره فتشهد له، وعليه يوم القيامة كما قال: (تشهد عليهم ألسنتهم وأيديهم).
والضرير يقال له بصير على سبيل العكس والاولى أن ذلك يقال لما له من قوة بصيرة القلب لا لما قالوه ولهذا لا يقال له مبصر وباصر وقوله عز وجل (لا تدركه الابصار وهو يدرك الابصار) حمله كثير من المسلمين على الجارحة، وقيل ذلك إشارة إلى ذلك وإلى الاوهام والافهام كما قال أمير المؤمنين رضى الله عنه: التوحيد أن لا تتوهمه، وقال كل ما أدركته فهو غيره.
والباصرة عبارة عن الجارحة الناظرة، يقال رأيته
لمحا باصرا أي ناظرا بتحديق، قال عزوجل: (فلما جاءتهم آياتنا مبصرة - وجعلنا آية النهار مبصرة) أي مضيئة للابصار وكذلك قوله عزوجل (وآتينا ثمود الناقة مبصرة) وقيل معناه صار أهله بصراء نحو قولهم رجل مخبث ومضعف أي أهله خبثاء وضعفاء (ولقد آتينا موسى الكتاب من بعد ما أهلكنا القرون الاولى بصائر للناس) أي جعلناها عبرة لهم.
وقوله (وأبصر فسوف يبصرون) أي انتظر حتى ترى ويرون، وقوله عزوجل: (وكانوا مستبصرين) أي طالبين للبصيرة ويصح أن يستعار الاستبصار للابصار نحو
استعارة الاستجابة للاجابة وقوله عزوجل: (وأنبتنا فيها من كل زوج بهيج تبصرة) أي تبصيرا وتبيانا يقال بصرته تبصيرا وتبصرة كما يقال قدمته تقديما وتقدمة وذكرته تذكيرا وتذكرة، قال تعالى: (ولا يسأل حميم حميما يبصرونهم) أي يجعلون بصراء بآثارهم، ويقال بصر الجرو تعرض للابصار بفتحة العين، والبصرة حجارة رخوة تلمع كأنها تبصر أو سميت بذلك لان لها ضوأ
تبصر به من بعد ويقال له بصر والبصيرة قطعة من الدم تلمع والترس اللامع والبصر الناحية، والبصيرة ما بين شقتي الثوب والمزادة ونحوها التى يبصر منها ثم يقال بصرت الثوب والاديم إذا خطت ذلك الموضع منه.
بصل: البصل معروف في قوله عزوجل: (وعدسها وبصلها) وبيضة الحديد بصل تشبيها به لقول الشاعر: * وتر كالبصل * بضع: البضاعة قطعة وافرة من المال تقتنى للتجارة يقال أبضع بضاعة وابتضعها قال تعالى: (هذه بضاعتنا ردت إلينا) وقال تعالى: (ببضاعة مزجاة) والاصل في هذه الكلمة البضع وهو جملة من اللحم تبضع أي تقطع يقال بضعته وبضعته فابتضع وتبضع كقولك قطعته وقطعته فانقطع وتقطع، والمبضع ما يبضع به نحو: المقطع وكنى بالبضع عن الفرج فقيل ملكت بضعها أي تزوجتها، وباضعها بضاعا أي باشرها وفلان حسن البضع والبضيع والبضعة والبضاعة عبارة عن السمن.
وقيل للجزيرة المنقطعة عن البر بضيع وفلان بضعة منى أي جار مجرى بعض جسدي لقربه منى والباضعة الشجة التى
تبضع اللحم والبضع بالكسر المنقطع من العشرة ويقال ذلك لما بين الثلاث إلى العشرة وقيل بل هو فوق الخمس ودون العشرة قال تعالى: (بضع سنين).
بطر: البطر دهش يعترى الانسان من سوء احتمال النعمة وقلة القيام بحقها وصرفها إلى غير وجهها قال عزوجل: (بطرا ورئاء الناس) وقال: (بطرت معيشتها) أصله بطرت معيشته فصرف عنه الفعل ونصب، ويقارب البطر الطرب وهو خفة أكثر ما يعترى من الفرح وقد يقال ذلك في الترح، والبيطرة معالجة الدابة.
بطش: البطش تناول الشئ بصولة، قال تعالى: (وإذا بطشتم بطشتم جبارين - يوم نبطش البطشة الكبرى - ولقد أنذرهم بطشتنا - إن بطش ربك لشديد) يقال يد باطشة.
بطل: الباطل نقيض الحق وهو مالا ثبات له عند الفحص عنه قال تعالى: (ذلك بأن الله هو الحق وأن ما يدعون من دونه الباطل) وقد يقال ذلك في الاعتبار إلى المقال والفعال يقال
بطل بطولا وبطلا وبطلانا وأبطله غيره قال عزوجل (وبطل ما كانوا يعملون) وقال تعالى: (لم تلبسون الحق بالباطل) ويقال للمستقل عما يعود بنفع دنيوى أو أخروى بطال وهو ذو بطالة بالكسر وبطل دمه إذا قتل ولم يحصل له ثأر ولا دية وقيل للشجاع المتعرض للموت بطل تصورا لبطلان دمه كما قال الشاعر: فقلت لها لا تنكحيه فإنه * لاول بطل أن يلاقى محمعا فيكون فعلا بمعنى مفعول أو لانه ببطل دم المتعرض له بسوء والاول أقرب.
وقد بطل الرجل بطولة صار بطلا وبطالا نسب إلى البطالة ويقال ذهب دمه بطلا أي هدرا والابطال يقال في إفساد الشئ وإزالته حقا كان ذلك الشئ أو باطلا قال الله تعالى: (ليحق الحق ويبطل الباطل).
وقد يقال فيمن يقول شيئا لا حقيقة له نحو: (ولئن جئتهم بآية ليقولن الذين كفروا إن أنتم إلا مبطلون) وقوله تعالى: (وخسر هنالك المبطلون) أي الذين يبطلون الحق.
بطن: أصل البطن الجارحة وجمعه بطون
قال تعالى (وإذ أنتم أجنة في بطون أمهاتكم) وقد بطنته أصبت بطنه والبطن خلاف الظهر في كل شئ، ويقال للجهة السفلى بطن وللجهة العليا ظهر وبه شبه بطن الامر وبطن البوادى والبطن من العرب اعتبارا بأنهم كشخص واحد وأن كل قبيلة منهم كعضو بطن وفخذ وكاهل وعلى هذا الاعتبار قال الشاعر: الناس جسم وإمام الهدى * رأس وأنت العين في الراس ويقال لكل غامض بطن ولكل ظاهر ظهر ومنه بطنان القدر وظهرانها، ويقال لما تدركه الحاسة ظاهر ولما يخفى عنها باطن قال عزوجل: (وذروا ظاهر الاثم وباطنه - ما ظهر منها وما بطن) والبطين العظيم البطن، والبطن الكثير الاكل، والمبطان الذى يكثر الاكل حتى يعظم بطنه، والبطنة كثرة الاكل، وقيل البطنة تذهب الفطنة وقد بطن الرجل بطنا إذا أشر من الشبع ومن كثرة الاكل، وقد بطن الرجل عظم بطنه ومبطن خميص البطن وبطن الانسان أصيب
بطنه ومنه رجل مبطون عليل البطن.
والبطانة خلاف الظهارة وبطنت ثوبي بآخر جعلته تحته وقد بطن فلان بفلان بطونا وتستعار البطانة لمن تختصه بالاطلاع على باطن أمرك، قال عز وجل: (لا تتخذوا بطانة من دونكم) أي مختصا بكم يستبطن أموركم وذلك استعارة من بطانة الثوب بدلالة قولهم لبست فلانا إذا اختصصته وفلان شعارى ودثارى.
وروى
عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: " ما بعث الله من نبى ولا استخلف من خليفة إلا كانت له بطانتان، بطانة تأمروه بالخير وتحضه عليه، وبطانة تأمره بالشر وتحثه عليه " والبطان حزام يشد على البطن وجمعه أبطنة وبطن.
والابطنان عرقان يمران على البطن، والبطين نجم هو بطن الحمل، والتبطن دخول في باطن الامر.
والظاهر والباطن في صفات الله تعالى لا يقال إلا مزدوجين كلاول والآخر، فالظاهر قيل إشارة إلى معرفتنا البديهية، فإن الفطرة تقضى في كل ما نظر إليه الانسان أنه تعالى موجود كما قال: (وهو الذى في السماء إله وفى الارض إله) ولذلك قال بعض الحكماء:
مثل طالب معرفته مثل من طوف في الآفاق في طلب ما هو معه.
والباطن إشارة إلى معرفته الحقيقية وهى التى أشار إليها أبو بكر رضى الله عنه بقوله: يا من غاية معرفته القصور عن معرفته، وقيل ظاهر بآياته باطن بذاته، وقيل ظاهر بأنه محيط بالاشياء مدرك لها باطن من أن يحاط به كما قال عزوجل: (لا تدركه الابصار وهو يدرك الابصار) وقد روى عن أمير المؤمنين رضى الله عنه ما دل على تفسير اللفظتين حيث قال: تجلى لعباده من غير أن رأوه، وأراهم نفسه من غير أن تجلى لهم.
ومعرفة ذلك تحتاج إلى فهم ثاقب وعقل وافر، وقوله تعالى: (وأسبغ عليكم نعمه ظاهرة وباطنة) قيل الظاهرة بالنبوة والباطنة بالعقل، وقيل الظاهرة المحسوسات والباطنة المعقولات، وقيل الظاهرة النصرة على الاعداء بالناس، والباطنة النصرة بالملائكة، وكل ذلك يدخل في عموم الآية.
بطؤ: البطء تأخر الانبعاث في السير يقال بطؤ تباطأ واستبطأ وأبطأ فبطؤ إذا تخصص بالبطء وتباطأ تحرى وتكلف ذلك واستبطأ طلبه وأبطأ صار ذا بطء ويقال بطأه وأبطأه
وقوله تعالى: (وإن منكم لمن ليبطئن) أي يثبط غيره وقيل يكثر هو التثبط في نفسه، والمقصد من ذلك أن منكم من يتأخر ويؤخر غيره.
بظر: قرئ في بعض القراءات: (والله أخرجكم من بظور أمهاتكم) وذلك جمع البظارة وهى اللحمة المتدلية من ضرع الشاة والهنة الناتئة من الشفة العليا فعبر بها عن الهن كما عبر عنه بالبضع.
بعث: أصل البعث إثارة الشئ وتوجيهه يقال بعثته فانبعث، ويختلف البعث بحسب اختلاف ما علق به فبعثت البعير أثرته وسيرته، وقوله عزوجل: (والموتى يبعثهم الله) أي يخرجهم ويسيرهم إلى القيامة (يوم يبعثهم الله جميعا - زعم الذين كفروا أن لن يبعثوا قل بلى وربى لتبعثن - ما خلقكم ولابعثكم إلا كنفس واحدة) فالبعث ضربان: بشرى
كبعث البعير وبعث الانسان في حاجة، وإلهى وذلك ضربان: أحدهما إيجاد الاعيان والاجناس والانواع عن ليس وذلك يختص به الباري تعالى ولم يقدر عليه أحدا.
والثانى إحياء الموتى،
وقد خص بذلك بعض أوليائه كعيسى صلى الله عليه وسلم وأمثاله، ومنه قوله عزوجل: (فهذا يوم البعث) يعنى يوم الحشر، وقوله عزوجل: (فبعث الله غرابا يبحث في الارض) أي قيضه (ولقد بعثنا في كل أمة رسولا) نحو: (أرسلنا رسلنا) وقوله تعالى: (ثم بعثناهم لنعلم أي الحزبين أحصى لما لبثوا أمدا) وذلك إثارة بلا توجيه إلى مكان (ويوم نبعث من كل أمة شهيدا - قل هو القادر على أن يبعث عليكم عذابا من فوقكم) وقال عزوجل: (فأماته الله مائة عام ثم بعثه) وعلى هذا قوله عزوجل: (وهو الذى يتوفاكم بالليل ويعلم ما جرحتم بالنهار ثم يبعثكم فيه) والنوم من جنس الموت فجعل التوفى فيهما والبعث منهما سواء، وقوله عزوجل: (ولكن كره الله انبعاثهم) أي توجههم ومضيهم.
بعثر: قال الله تعالى: (وإذا القبور بعثرت) أي قلب ترابها وأثير ما فيها، ومن رأى تركيب الرباعي والخماسي من ثلاثيين نحو تهلل وبسمل إذا قال لا إله إلا الله وبسم الله يقول إن بعثر مركب من بعث وأثير وهذا لا يبعد في هذا الحرف فإن البعثرة تتضمن معنى
بعث وأثير.
بعد: البعد ضد القرب وليس لهما حد محدود وإنما ذلك بحسب اعتبار المكان بغيره يقال ذلك في المحسوس وهو الاكثر وفى المعقول نحو قوله تعالى: (ضلوا ضلالا بعيدا) وقوله عزوجل: (أولئك ينادون من مكان بعيد) يقال بعد إذا تباعد وهو بعيد (وما هو من الظالمين ببعيد) وبعد مات والبعد أكثر ما يقال في الهلاك نحو: (بعدت ثمود) وقد قال النابغة: * في الادنى وفى البعد * والبعد والبعد يقال فيه وفى ضد القرب قال تعالى: (فبعدا للقوم الظالمين - فبعدا لقوم لا يؤمنون) وقوله تعالى: (بل الذين لا يؤمنون بالآخرة في العذاب والضلال البعيد) أي الضلال الذى يصعب الرجوع منه إلى الهدى تشبيها بمن ضل عن محجة الطريق بعدا متناهيا فلا يكاد يرجى له العود إليها وقوله عزوجل: (وما قوم لوط منكم ببعيد) أي تقاربونهم في الضلال فلا يبعد أن يأتيكم ما أتاهم من العذاب.
بعد: يقال في مقابلة قبل ونستوفي أنواعه
في باب قبل إن شاء الله تعالى.
بعر: قال تعالى: (ولمن جاء به حمل بعير) البعير معروف ويقع على الذكر والانثى
كالانسان في وقوعه عليهما وجمعه أبعرة وأباعر وبعران والبعر لما يسقط منه والبعر موضع البعر والمبعار من البعير الكثير البعر.
بعض: بعض الشئ جزء منه ويقال ذلك بمراعاة كل ولذلك يقابل به كل فيقال بعضه وكله وجمعه أبعاض.
قال عزوجل (بعضكم لبعض عدو - وكذلك نولي بعض الظالمين بعضا - ويلعن بعضكم بعضا) وقد بعضت كذا جعلته أبعاضا نحو جزأته قال أبو عبيدة: (ولأبين لكم بعض الذى تختلفون فيه) أي كل الذى كقول الشاعر: * أو يرتبط بعض النفوس حمامها * وفى قوله هذا قصور نظر منه وذلك أن الاشياء على أربعة أضرب: ضرب في بيانه مفسدة فلا يجوز لصاحب الشريعة أن يبينه كوقت القيامة ووقت الموت، وضرب معقول يمكن للناس إدراكه من غير نبى كمعرفة الله ومعرفته في خلق السموات والارض فلا يلزم صاحب
الشرع أن يبينه، ألا ترى أنه كيف أحال معرفته على العقول في نحو قوله: (قل انظروا ماذا في السموات والارض) وبقوله: (أو لم يتفكروا) وغير ذلك من الآيات.
وضرب يجب عليه بيانه كأصول الشرعيات المختصة بشرعه.
وضرب يمكن الوقوف عليه بما بينه صاحب الشرع كفروع الاحكام، وإذا اختلف الناس في أمر غير الذى يختص بالنبي بيانه فهو مخير بين أن يبين وبين أن لا يبين حسب ما يقتضى اجتهاده وحكمته فإذا قوله تعالى: (لابين لكم بعض الذى تختلفون فيه) لم يرد به كل ذلك وهذا ظاهر لمن ألقى العصبية عن نفسه وأما قول الشاعر: * أو يرتبط بعض النفوس حمامها * فإنه يعنى به نفسه والمعنى إلا أن يتداركني الموت لكن عرض ولم يصرح حسب ما بنيت عليه جملة الانسان في الابتعاد من ذكر موته قال الخليل يقال رأيت غربانا تبتعض أي يتناول بعضها بعضا، والبعوض بنى لفظه من بعض وذلك لصغر جسمها بالاضافة إلى سائر الحيوانات.
بعل: البعل هو الذكر من الزوجين،
قال الله عزوجل: (وهذا بعلى شيخا) وجمعه بعولة نحو فحل وفحولة قال تعالى (وبعولتهن أحق بردهن) ولما تصور من الرجل الاستعلاء على المرأة فجعل سائسها والقائم عليها كما قال تعالى: (الرجال قوامون على النساء) سمى باسمه كل مستعل على غيره فسمى العرب معبودهم الذى يتقربون به إلى الله بعلا لاعتقادهم ذلك فيه في نحو قوله تعالى: (أتدعون بعلا وتذرون أحسن الخالقين) ويقال أتانا بعل هذه الدابة أي المستعلى عليها، وقيل للارض المستعلية على غيرها بعل ولفحل النحل بعل تشبيها بالبعل من الرجال.
ولما
عظم حتى يشرب بعروقه بعل لاستعلائه، قال صلى الله عليه وسلم فيما سقى بعلا العشر.
ولما كانت وطأة العالي على المستولي عليه مستثقلة في النفس قيل أصبح فلان بعلا على أهله أي ثقيلا لعلوه عليهم، وبنى من لفظ البعل المباعلة والبعال كناية عن الجماع وبعل الرجل يبعل بعولة واستبعل فهو بعل ومستبعل إذا صار بعلا، واستبعل النخل عظم وتصور من البعل الذى هو النخل قيامه في مكانه فقيل
بعل فلان بأمره إذا أدهش وثبت مكانه ثبوت النخل في مقره وذلك كقولهم ما هو إلا شجر، فيمن لا يبرح.
بغت: البغت مفاجأة الشئ من حيث لا يحتسب.
قال تعالى: (لا تأتيكم إلا بغتة) وقال: (بل تأتيهم بغتة) وقال: (أتتهم الساعة بغتة) ويقال بغت كذا فهو باغت.
قال الشاعر: إذا بعثت أشياء قد كان مثلها * قديما فلا تعتدها بغتات بغض: البغض نفار النفس عن الشئ الذى ترغب عنه وهو ضد الحب فإن الحب انجذاب النفس إلى الشئ الذى ترغب فيه.
يقال بغض الشئ بغضا وبغضته بغضاء.
قال الله عزوجل: (وألقينا بينهم العداوة والبغضاء) وقال: (إنما يريد الشيطان أن يوقع بينكم العداوة والبغضاء).
وقوله عليه السلام: " إن الله تعالى يبغض الفاحش المتفحش " فذكر بغضه له تنبيه على فيضه وتوفيق إحسانه منه.
بغل: قال الله تعالى: (والخيل والبغال والحمير) البغل المتولد من بين الحمار والفرس
وتبغل البعير تشبه به في سعة مشيه وتصور منه عرامته وخبثه فقيل في صفة النذل هو بغل.
بغى: البغى طلب تجاوز الاقتصاد فيما يتحرى، تجاوزه أو لم يتجاوزه، فتارة يعتبر في القدر الذى هو الكمية، وتارة يعتبر في الوصف الذى هو الكيفية يقال بغيت الشئ إذا طلبت أكثر ما يجب وابتغيت كذلك، قال عزوجل (لقد ابتغوا الفتنة من قبل)، وقال تعالى: (يبغونكم الفتنة) والبغى على حزبين: أحدهما محمود وهو تجاوز العدل إلى الاحسان والفرض إلى التطوع.
والثانى مذموم وهو تجاوز الحق إلى الباطل أو تجاوزه إلى الشبه كما قال عليه الصلاة والسلام: " الحق بين والباطل بين وبين ذلك أمور مشتبهات، ومن رتع حول الحمى أو شك أن يقع فيه ".
ولان البغى قد يكون محمودا ومذموما قال تعالى: (إنما السبيل على الذين يظلمون الناس ويبغون في الارض بغير الحق) فخص العقوبة ببغيه بغير الحق.
وأبغيتك أعنتك على طلبه، وبغى الجرح تجاوز الحد في فساده، وبغت المرأة
بغاء إذا فجرت وذلك لتجاوزها إلى ما ليس لها.
قال عزوجل: (ولا تكرهوا فتياتكم على البغاء إن أردن تحصنا) وبغت السماء تجاوزت في المطر حد المحتاج إليه.
وبغى تكبر وذلك لتجاوزه منزلته إلى ما ليس له ويستعمل ذلك في أي أمر كان.
قال تعالى: (يبغون في الارض بغير الحق) وقال تعالى: (إنما بغيكم على أنفسكم - وبغى عليه لينصرنه الله - إن قارون كان من قوم موسى فبغى عليهم) وقال (فإن بغت إحداهما على الاخرى فقاتلوا التى تبغى) فالبغي في أكثر المواضع مذموم وقوله (غير باغ ولا عاد) أي غير طالب ما ليس له طلبه ولا متجاوز لما رسم له.
قال الحسن غير متناول للذة ولا متجاوز سد الجوعة.
وقال مجاهد رحمه الله: غير باغ على إمام ولا عاد في المعصية طريق الحق.
وأما الابتغاء فقد خص بالاجتهاد في الطلب فمتى كان الطلب لشئ محمود فالابتغاء فيه محمود نحو (ابتغاء رحمة من ربك - وابتغاء وجه ربه الاعلى)، وقولهم ينبغى مطاوع بغى، فإذا قيل ينبغى أن يكون كذا فيقال على وجهين: أحدهما ما يكون مسخرا للفعل نحو: النار ينبغى أن تحرق
الثوب.
والثانى على معنى الاستئهال نحو فلان ينبغى أن يعطى لكرمه.
وقوله تعالى: (وما علمناه الشعر وما ينبغى له) على الاول فإن معناه لا يتسخر ولا يتسهل له، ألا ترى أن لسانه لم يكن يجرى به وقوله تعالى: (وهب لى ملكا لا ينبغى لاحد من بعدى).
بقر: البقر واحدته بقرة قال الله تعالى: (إن البقر تشابه علينا) وقال (بقرة لا فارض ولا بكر - بقرة صفراء فاقع لونها) ويقال في جمعه باقر كحامل وبقير كحكيم، وقيل بيقور، وقيل للذكر ثور وذلك نحو جمل وناقة ورجل وامرأة واشتق من لفظه لفظ لفعله فقيل بقر الارض أي شق.
ولما كان شقه واسعا استعمل في كل شق واسع يقال بقرت بطنه إذا شققته شقا واسعا، وسمى محمد بن على رضى الله عنه باقرا لتوسعه في دقائق العلوم وبقره بواطنها.
وبيقر الرجل في المال وفى غيره اتسع فيه، وبيقر في سفره إذا شق أرضا إلى أرض متوسعا في سيره قال الشاعر: ألا هل أتاها والحوادث جمة * بأن امرأ القيس يهلك بيقرا وبقر الصبيان إذا لعبوا البقيرى وذلك إذا
بقروا حولهم حفائر والبيقران نبت قيل إنه يشق الارض لخروجه ويشقه بعروقه.
بقل: قوله تعالى: (بقلها وقثائها) البقل ما لا ينبت أصله وفرعه في الشتاء وقد اشتق من لفظه لفظ الفعل فقيل بقل أي نبت وبقل وجه الصبى تشبيها به وكذا بقل ناب البعير، قاله ابن السكيت، وأبقل المكان صار ذا بقل
فهو مبقل وبقلت البقل جززته، والمبقلة موضعه.
بقى: البقاء ثبات الشئ على حاله الاولى وهو يضاد الفناء وقد بقى يبقى بقاء وقيل بقى في الماضي موضع بقى وفى الحديث: بقينا رسول الله صلى الله عليه وسلم أي انتظرناه وترصدنا له مدة كثيرة.
والباقى ضربان: باق بنفسه لا إلى مدة وهو الباري تعالى ولا يصح عليه الفناء.
وباق بغيره وهو ما عداه ويصح عليه الفناء.
والباقى بالله ضربان: باق بشخصه إلى أن شاء الله أن يفنيه كبقاء الاجرام السماوية.
وباق بنوعه وجنسه دون شخصه وجزئه كالانسان والحيوان.
وكذا في الآخرة باق بشخصه كأهل الجنة فإنهم يبقون على التأبيد
لا إلى مدة كما قال عزوجل (خالدين فيها) والآخر بنوعه وجنسه كما روى عن النبي صلى الله عليه وسلم: " أن أثمار أهل الجنة يقطفها أهلها ويأكلونها ثم تخلف مكانها مثلها "، ولكون ما في الآخرة دائما قال عزوجل (وما عند الله خير وأبقى) وقوله تعالى (والباقيات الصالحات) أي ما يبقى ثوابه للانسان من الاعمال وقد فسر بأنها الصلوات الخمس وقيل هي سبحان الله والحمد لله والصحيح أنها كل عبادة يقصد بها وجه الله تعالى وعلى هذا قوله (بقية الله خير لكم) وأضافها إلى الله تعالى، وقوله تعالى: (فهل ترى لهم من باقية) أي جماعة باقية أو فعلة لهم باقية، وقيل معناه بقية قال وقد جاء من المصادر ما هو على فاعل وما هو على بناء مفعول والاول أصح.
بكت: بكة هي مكة عن مجاهد وجعله نحو سبد رأسه وسمده، وضربه لازب ولازم في كون الباء بدلا من الميم، قال عزوجل: (إن أول بيت وضع للناس للذى ببكة مباركا) وقيل بطن مكة وقيل هي اسم المسجد وقيل هي البيت وقيل هي حيث الطواف وسمى بذلك من التباك أي الازدحام لان الناس
يزدحمون فيه للطواف، وقيل سميت مكة بكة لانها تبك أعناق الجبابرة إذا ألحدوا فيها بظلم.
بكر: أصل الكلمة هي البكرة التى هي أول النهار فاشتق من لفظه لفظ الفعل فقيل بكر فلان بكورا إذا خرج بكرة والبكور المبالغ في البكور وبكر في حاجة وابتكر وباكر مباكرة، وتصور منها معنى التعجيل لتقدمها على سائر أوقات النهار فقيل لكل متعجل في أمر بكر، قال الشاعر: بكرت تلومك بعد وهن في الندى * بسل عليك ملامتي وعتابي وسمى أول الولد بكرا وكذلك أبواه في ولادته إياه تعظيما له نحو بيت الله وقيل أشار إلى ثوابه وما أعد لصالحي عباده مما لايلحقه الفناء وهو المشار إليه بقوله تعالى: (وإن الدار الآخرة
لهى الحيوان) قال الشاعر: * يا بكر بكرين ويا خلب الكبد * فبكر في قوله تعالى: (لا فارض ولا بكر) هي التى لم تلد، وسميت التى لم تفتض بكرا اعتبارا بالثيب لتقدمها عليها فيما يراد له النساء
وجمع البكر أبكار قال تعالى: (إنا أنشأناهن إنشاء فجعلناهن أبكارا) والبكرة المحالة الصغيرة لتصور السرعة فيها.
بكم: قال عزوجل: (صم بكم) جمع أبكم وهو الذى يولد أخرس فكل أبكم أخرس وليس كل أخرس أبكم، قال تعالى: (وضرب الله مثلا رجلين أحدهما أبكم لا يقدر على شئ) ويقال بكم عن الكلام إذا ضعف عنه لضعف عقله، فصار كالابكم.
بكى: بكى يبكي بكا وبكاء فالبكاء بالمد سيلان الدمع عن حزن وعويل، يقال إذا كان الصوت أغلب كالرغاء والثغاء وسائر هذه الابنية الموضوعة للصوت، وبالقصر يقال إذا كان الحزن أغلب وجمع الباكى باكون وبكى، قال الله تعالى: (خروا سجدا وبكيا) وأصل بكى فعول كقولهم ساجد وسجود وراكع وركوع وقاعد وقعود لكن قلب الواو ياء فأدغم نحو جاث وجثى وعات وعتي.
وبكى يقال في الحزن وإسالة الدمع معا ويقال في كل واحد منهما منفردا عن الآخر وقوله عزوجل (فليضحكوا قليلا وليبكوا
كثيرا) إشارة إلى الفرح والترح وإن لم تكن مع الضحك قهقهة ولا مع البكاء إسالة دمع.
وكذلك قوله تعالى: (فما بكت عليهم السماء والارض) وقد قيل قيل إن ذلك على الحقيقة وذلك قول من يجعل لهما حياة وعلما وقيل ذلك على المجاز، وتقديره فما بكت عليهم أهل السماء.
بل: للتدارك وهو ضربان: ضرب يناقض ما بعده ما قبله لكن ربما يقصد به لتصحيح الحكم الذى بعده إبطال ما قبله وربما قصد لتصحيح الذى قبله وإبطال الثاني.
فمما قصد به تصحيح الثاني وإبطال الاول قوله تعالى: (إذا تتلى عليه آياتنا قال أساطير الاولين - كلا بل ران على قلوبهم ما كانوا يكسبون) أي ليس الامر كما قالوا بل جهلوا فنبه بقوله ران على قلوبهم على جهلهم وعلى هذا قوله في قصة إبراهيم (قالوا أأنت فعلت هذا بآلهتنا يا إبراهيم قال بل فعله كبيرهم هذا فاسئلوهم إن كانوا ينطقون) ومما قصد به تصحيح الاول وإبطال الثاني قوله تعالى: (فأما الانسان إذا ما ابتلاه ربه فأكرمه ونعمه فيقول ربى أكرمن.
وأما إذا ما ابتلاه فقدر عليه رزقه فيقول ربى
أهانن.
كلا بل لا تكرمون اليتيم) أي ليس إعطاؤهم المال من الاكرام ولا منعهم من الاهانة لكن جهلوا ذلك لوضعهم المال في غير
موضعه، وعلى ذلك قوله تعالى: (ص والقرآن ذى الذكر بل الذين كفروا في عزة وشقاق) فإنه دل بقوله: (والقرآن ذى الذكر) أن القرآن مقر للتذكر وأن ليس امتناع الكفار من الاصغاء إليه أن ليس موضعا للذكر بل لتعززهم ومشاقتهم.
وعلى هذا (ق والقرآن المجيد بل عجبوا) أي ليس امتناعهم من الايمان بالقرآن أن لا مجد للقرآن ولكن لجهلهم ونبه بقوله (بل عجبوا) على جهلهم لان التعجب من الشئ يقتضى الجهل بسببه وعلى هذا قوله عزوجل: (ما غرك بربك الكريم الذى خلقك فسواك فعدلك في أي صورة ما شاء ركبك كلا بل تكذبون بالدين) كأنه قيل ليس ههنا ما يقتضى أن يغرهم به تعالى ولكن تكذيبهم هو الذى حملهم على ما ارتكبوه.
والضرب الثاني من بل هو أن يكون مبينا للحكم الاول وزائدا عليه بما بعد بل نحو قوله تعالى: (بل قالوا
أضغاث أحلام بل افتراه بل هو شاعر) فإنه نبه أنهم يقولون أضغاث أحلام بل افتراه يزيدون على ذلك بأن الذى أتى به مفترى افتراه بل يزيدون فيدعون أنه كذاب فإن الشاعر في القرآن عبارة عن الكاذب بالطبع وعلى هذا قوله تعالى: (لو يعلم الذين كفروا حين لا يكفون عن وجوههم النار ولا عن ظهورهم ولا هم ينصرون.
بل تأتيهم بغتة فتبهتهم) أي لو يعلمون ما هو زائد عن الاول وأعظم منه وهو أن تأتيهم بغتة، وجميع ما في القرآن من لفظ بل لا يخرج من أحد هذين الوجهين وإن دق الكلام في بعضه.
بلد: البلد المكان المختط المحدود المتأنس باجتماع قطانه وإقامتهم فيه وجمعه بلاد وبلدان قال عزوجل: (لا أقسم بهذا البلد) قيل يعنى به مكة.
وقال تعالى: (رب اجعل هذا البلد آمنا) وقال: (بلدة طيبة - فأنشرنا به بلدة ميتا - سقناه إلى بلد ميت) وقال عز وجل: (رب اجعل هذا بلدا آمنا) يعنى مكة وتخصيص ذلك في أحد الموضعين وتنكيره في الموضع الآخر له موضع غير هذا الكتاب.
وسميت المفازة بلدا لكونها موطن الوحشيات
والمقبرة بلدا لكونها موطنا للاموات والبلدة منزل من منازل القمر.
والبلدة البلجة ما بين الحاجبين تشبيها بالبلد لتحدده وسميت الكركرة بلدة لذلك وربما استعير ذلك لصدر الانسان.
ولاعتبار الاثر قيل بجلده بلد أي أثر وجمعه أبلاد، قال الشاعر: * وفى النجوم كلوم ذات أبلاد * وأبلد الرجل صار ذا بلد نحو أنجد وأتهم، وبلد لزم البلد ولما كان اللازم لموطنه كثيرا ما يتحير إذا حصل في غير موطنه قيل للمتحير بلد في أمره وأبلد وتبلد، قال الشاعر: * لابد للمحزون أن يتبلدا *
ولكثرة وجود البلادة فيمن كان جلف البدن قيل رجل أبلد عبارة عن العظيم الخلق وقوله تعالى: (والبلد الطيب يخرج نباته بإذن ربه والذى خبث لا يخرج إلا نكدا) كنايتان عن النفوس الطاهرة والنجسة فيما قيل.
بلس: الابلاس الحزن المعترض من شدة البأس، يقال أبلس.
ومنه اشتق إبليس فيما قيل قال عزوجل: (ويوم تقوم الساعة يبلس المجرمون) وقال تعالى: (فأخذناهم
بغتة فإذا هم مبلسون) وقال تعالى: (وإن كانوا من قبل أن ينزل عليهم من قبله لمبلسين) ولما كان المبلس كثيرا ما يلزم السكوت وينسى ما يعنيه قيل أبلس فلان إذا سكت وإذا انقطعت حجته، وأبلست الناقة فهى مبلاس إذا لم ترع من شدة الضبعة، وأما البلاس للمسح ففارسي معرب.
بلع: قال عزوجل: (يا أرض ابلعى ماءك) من قولهم بلعت الشئ وابتلعته، ومنه البلوعة وسعد بلع نجم، وبلع الشيب في رأسه أول ما يظهر.
بلغ: البلوغ والبلاغ الانتهاء إلى أقصى المقصد والمنتهى مكانا كان أو زمانا أو أمرا من الامور المقدرة، وربما يعبر به عن المشارفة عليه وإن لم ينته إليه فمن الانتهاء بلغ أشده وبلغ أربعين سنة، وقوله عزوجل: (فإذا بلغن أجلهن فلا تعضلوهن - وماهم ببالغيه - فلما بلغ معه السعي - لعلى أبلغ الاسباب - أيمان علينا بالغة) أي منتهية في التوكيد.
والبلاغ التبليغ نحو قوله عزوجل: (هذا بلاغ للناس) وقوله عزوجل: (بلاغ فهل يهلك إلا القوم الفاسقون - وما علينا إلا البلاغ المبين - فإنما عليك البلاغ وعلينا الحساب) والبلاغ الكفاية
نحو قوله عزوجل: (إن في هذا لبلاغا لقوم عابدين) وقوله عزوجل: (فإن لم تفعل فما بلغت رسالته) أي إن لم تبلغ هذا أو شيئا مما حملت تكن في حكم من لم يبلغ شيئا من رسالته وذلك أن حكم الانبياء وتكليفاتهم أشد وليس حكمهم كحكم سائر الناس الذين يتجافى عنهم إذا خلطوا عملا صالحا وآخر سيئا وأما قوله عزوجل: (فإذا بلغن أجلهن فأمسكوهن بمعروف) فللمشارفة فإنها إذا انتهت إلى أقصى الاجل لا يصح للزوج مراجعتها وإمساكها.
ويقال بلغته الخبر وأبلغته مثله وبلغته أكثر، قال تعالى: (أبلغكم رسالات ربى) وقال: (يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك) وقال عز وجل: (فإن تولوا فقد أبلغتكم ما أرسلت به إليكم) وقال تعالى: (بلغني الكبر وامرأتى عاقر) وفى موضع: (وقد بلغت من الكبر عتيا) وذلك نحو: أدركني الجهد وأدركت الجهد ولا يصح بلغني المكان وأدركني، والبلاغة تقال على وجهين: أحدهما أن يكون بذاته
بليغا وذلك بأن يجمع ثلاثة أوصاف صوابا
في موضوع لغته وطبقا للمعنى المقصود به وصدقا في نفسه ومتى اخترم وصف من ذلك كان ناقصا في البلاغة.
والثانى: أن يكون بليغا باعتبار القائل والمقول له وهو أن يقصد القائل أمرا فيرده على وجه حقيق أن يقبله المقول له، وقوله تعالى: (وقل لهم في أنفسهم قولا بليغا) يصح حمله على المعنيين وقول من قال معناه قل لهم إن أظهرتم ما في أنفسكم قتلتم، وقول من قال خوفهم بمكاره تنزل بهم، فإشارة إلى بعض ما يقتضيه عموم اللفظ والبلغة ما يتبلغ به من العيش.
بلى: يقال بلى الثوب بلى وبلاء أي خلق ومنه لمن قيل سافر بلاه سفر أي أبلاه السفر وبلوته اختبرته كأنى أخلقته من كثرة اختباري له، وقرئ: (هنا لك نبلو كل نفس ما أسلفت) أي نعرف حقيقة ما عملت، ولذلك قيل أبليت فلانا إذا اختبرته، وسمى الغم بلاء من حيث إنه يبلى الجسم، قال تعالى: (وفى ذلكم بلاء من ربكم عظيم - ولنبلونكم بشئ من الخوف) الآية، وقال عزوجل: (إن هذا لهو البلاء المبين) وسمى التكليف بلاء من
أوجه: أحدها أن التكاليف كلها مشاق على الابدان فصارت من هذا الوجه بلاء والثانى أنها اختبارات ولهذا قال الله عزوجل: (ولنبلونكم حتى نعلم المجاهدين منكم والصابرين) والثالث أن اختبار الله تعالى للعباد تارة بالمسار ليشكروا وتارة بالمضار ليصبروا فصارت المحنة والمنحة جميعا بلاء، فالمحنة مقتضية للصبر والمنحة مقتضية للشكر، والقيام بحقوق الصبر أيسر من القيام بحقوق الشكر، فصارت المنحة أعظم البلاءين وبهذا النظر قال عمر: بلينا بالضراء فصبرنا وبلينا بالسراء فلم نصبر، ولهذا قال أمير المؤمنين: من وسع عليه دنياه فلم يعلم أنه قد مكر به فهو مخدوع عن عقله، وقال تعالى: (ونبلوكم بالشر والخير فتنة - وليبلى المؤمنين منه بلاء حسنا) وقوله عزوجل (وفى ذلكم بلاء من ربكم عظيم) راجع إلى الامرين، إلى المحنة التى في قوله عزوجل (يذبحون أبناء كم ويستحيون نساءكم) وإلى المنحة التى أنجاهم وكذلك قوله تعالى: (وآتيناهم من الآيات ما فيه بلاء مبين) راجع إلى الامرين كما وصف كتابه بقوله: (قل هو للذين آمنوا
هدى وشفاء) وإذا قيل ابتلى فلان كذا وأبلاه فذلك يتضمن أمرين: أحدهما تعرف حاله والوقوف على ما يجهل من أمره.
والثانى ظهور جودته ورداءته.
وربما قصد به الامران وربما يقصد به أحدهما، فإذا قيل في الله تعالى بلا كذا أو أبلاه فليس المراد منه إلا ظهور جودته ورداءته دون التعرف لحاله والوقوف على ما يجهل من
أمره إذ كان الله علام الغيوب وعلى هذا قوله عزوجل (وإذ ابتلى إبراهيم ربه بكلمات فأتمهن) ويقال أبليت فلانا يمينا إذا عرضت عليه اليمين لتبلوه بها.
بلى: بلى رد للنفي نحو قوله تعالى: (وقالوا لن تمسنا النار) الآية (بلى من كسب سيئة) أو جواب لاستفهام مقترن بنفى نحو (ألست بربكم قالوا بلى) ونعم يقال في الاستفهام المجرد نحو (هل وجدتم ما وعد ربكم حقا قالوا نعم) ولا يقال ههنا بلى.
فإذا قيل ما عندي شئ فقلت بلى فهو رد لكلامه وإذا قلت نعم فإقرار منك، قال تعالى: (فألقوا السلم ما كنا نعمل من سوء بلى إن الله عليم بما كنتم تعملون - وقال الذين كفروا لا تأتينا الساعة
قل بلى وربى لتأتينكم - و قال لهم خزنتها ألم يأتكم رسل منكم يتلون عليكم آيات ربكم وينذرونكم لقاء يومكم هذا قالوا بلى - قالوا أولم تك تأتيكم رسلكم بالبينات قالوا بلى).
بن: البنان الاصابع، قيل سميت بذلك لان بها صلاح الاحوال التى يمكن للانسان أن يبن بها يريد أن يقيم به ويقال أبن بالمكان يبن ولذلك خص في قوله تعالى (بلى قادرين على أن نسوي بنانه)، وقوله تعالى: (واضربوا منهم كل بنان)، خصه لاجل أنهم بها تقاتل وتدافع، والبنة الرائحة التى تبن بما تعلق به.
بنى: يقال بنيت أبنى بناء وبنية وبنيا، قال عزوجل: (وبنينا فوقكم سبعا شدادا) والبناء اسم لما يبنى بناء، قال تعالى: (لهم غرف من فوقها غرف مبنية) والبنية يعبر بها عن بيت الله قال تعالى: (والسماء بنيناها بأيد - والسماء وما بناها) والبنيان واحد لا جمع لقوله: (لا يزال بنيانهم الذى بنو ريبة في قلوبهم) وقال: (كأنهم بنيان مرصوص - قالوا ابنوا له بنيانا) وقال بعضهم: بنيان
جمع بنيانة فهو مثل شعير وشعيرة وتمر وتمرة ونخل ونخلة، وهذا النحو من الجمع يصح تذكيره وتأنيثه.
وابن أصله بنو لقولهم الجمع أبناء وفى التصغير بنى، قال تعالى: (يا بنى لا تقصص رؤياك على إخوتك - يا بنى إنى أرى في المنام أنى أذبحك - يا بني لا تشرك بالله - يا بنى لا تعبد الشيطان) وسمى بذلك لكونه بناء للاب فإن الاب هو الذى بناه وجعله الله بناء في إيجاده ويقال لكل ما يحصل من جهة شئ أو من تربيته أو بتفقده أو كثرة خدمته له أو قيامه بأمره هو ابنه نحو فلان ابن حرب وابن السبيل للمسافر وابن الليل وابن العلم.
قال الشاعر: * أولاك بنو خير وشر كليهما * وفلان ابن بطنه وابن فرجه إذا كان
همه مصروفا إليهما وابن يومه إذا لم يتفكر في غده، قال تعالى: (وقالت اليهود عزير ابن الله وقالت النصارى المسيح ابن الله) وقال تعالى: (إن ابني من أهلى - إن ابنك سرق) وجمع ابن أبناء وبنون قال عزوجل: (وجعل لكم من أزواجكم بنين وحفدة)، وقال عز
وجل (يا بنى لا تدخلوا من باب واحد - يا بنى آدم خذوا زينتكم عند كل مسجد - يا بنى آدم لا يفتننكم الشيطان) ويقال في مونث ابن ابنة وبنت والجمع بنات، وقوله تعالى: (هؤلاء بناتى هن أطهر لكم) وقوله: (لقد علمت مالنا في بناتك من حق) فقد قيل خاطب بذلك أكابر القوم وعرض عليهم بناته لا أهل قريته كلهم فإنه محال أن يعرض بنات له قليلة على الجم الغفير، وقيل بل أشار بالبنات إلى نساء أمته وسماهن بنات له لكون كل نبى بمنزلة الاب لامته بل لكونه أكبر وأجل الابوين لهم كما تقدم في ذكر الاب، وقوله تعالى: (ويجعلون لله البنات) هو قولهم عن الله إن الملائكة بنات الله تعالى.
بهت: قال الله عزوجل: (فبهت الذى كفر) أي دهش وتحير، وقد بهته.
قال عزوجل: (هذا بهتان عظيم) أي كذب يبهت سامعه لفظاعته.
قال الله تعالى: (يأتين بهتان يفترينه بين أيديهن وأرجلهن) كناية عن الزنا وقيل بل ذلك لكل فعل شنيع يتعاطينه باليد والرجل من تناول ما لا يجوز
والمشى إلى ما يقبح ويقال جاء بالبهيتة أي الكذب.
بهج: البهجة حسن اللون وظهور السرور وفيه قال عزوجل: (حدائق ذات بهجة) وقد بهج فهو بهيج، قال: (وأنبتنا فيها من كل زوج بهيج).
ويقال بهج كقول الشاعر: * ذات خلق بهج * ولا يجئ منه بهوج وقد ابتهج بكذا أي سر به سرورا بان أثره على وجهه وأبهجه كذا.
بهل: أصل البهل كون الشئ غير مراعى والباهل البعير المخلى عن قيده أو عن سمة أو المخلى ضرعها عن صرار.
قالت امرأة أتيتك باهلا غير ذات صرار أي أبحت لك جميع ما كنت أملكه لم استأثر بشئ دونه وأبهلت فلانا خليته وإرادته تشبيها بالبعير الباهل.
والبهل والابتهال في الدعاء الاسترسال فيه والتضرع نحو قوله عزوجل: (ثم نبتهل فنجعل لعنة الله على الكاذبين) ومن فسر الابتهال باللعن فلاجل أن الاسترسال في هذا المكان لاجل اللعن قال الشاعر: * نظر الدهر إليهم فابتهل *
أي استرسل فيهم فأفناهم.
بهم: البهمة الحجر الصلب وقيل للشجاع
بهمة تشبيها به وقيل لكل ما يصعب على الحاسة إدراكه إن كان محسوسا وعلى الفهم إن كان معقولا مبهم، ويقال أبهمت كذا فاستبهم وأبهمت الباب أغلقته إغلاقا لا يهتدى لفتحه والبهيمة ما لا نطق له وذلك لما في صوته من الابهام لكن خص في التعارف بما عدا السباع والطير فقال تعالى: (أحلت لكم بهيمة الانعام) وليل بهيم فعيل بمعنى مفعل قد أبهم أمره للظلمة أو في معنى مفعل لانه يبهم ما يعن فيه فلا يدرك، وفرس بهيم إذا كان على لون واحد لا يكاد تميزه العين غاية التمييز ومنه ماروى " أنه يحشر الناس يوم القيامة بهما " أي عراة وقيل معرون مما يتوسمون به في الدنيا ويتزينون به والله أعلم، والبهم صغار الغنم والبهمى نبات يستبهم منبته لشركه وقد أبهمت الارض كثر بهمها نحو أعشبت وأبقلت أي كثر عشبها وبقلها.
باب: الباب يقال لمدخل الشئ وأصل ذلك مداخل الامكنة كباب المدينة والدار
والبيت وجمعه أبواب قال تعالى: (واستبقا الباب وقدت قميصه من دبر وألفيا سيدها لدى الباب) وقال تعالى: (لا تدخلوا من باب واحد وادخلوا من أبواب متفرقة) ومنه يقال في العلم باب كذا وهذا العلم باب إلى علم كذا أي به يتوصل إليه وقال صلى الله عليه وسلم: " أنا مدينة العلم وعلى بابها " أي به يتوصل قال الشاعر: * أتيت المروءة من بابها * قال تعالى: (ففتحنا عليهم أبواب كل شئ) وقال عزوجل (باب باطنه فيه الرحمة) وقد يقال أبواب الجنة وأبواب جهنم للاشياء التى بها يتوصل إليهما، قال تعالى: (ادخلوا أبواب جهنم) وقال تعالى: (حتى إذا جاءوها وفتحت أبوابها وقال لهم خزنتها سلام عليكم) وربما قيل هذا من باب كذا أي مما يصلح له وجمعه بابات وقال الخليل بابة في الحدود وبوبت بابا، أي عملت وأبواب مبوبة، والبواب حافظ البيت وتبوبت بابا اتخذته، وأصل باب بوب.
بيت: أصل البيت مأوى الانسان بالليل لانه يقال بات أقام بالليل كما يقال ظل بالنهار ثم قد يقال للمسكن بيت من غير اعتبار الليل
فيه وجمعه أبيات وبيوت لكن البيوت بالمسكن أخص والابيات بالشعر قال عزوجل (فتلك بيوتهم خاوية بما ظلموا) وقال تعالى: (واجعلوا بيوتكم قبلة - لا تدخلوا بيوتا غير بيوتكم) ويقع ذلك على المتخذ من حجر ومدر وصوف ووبر وبه شبه بيت الشعر، وعبر عن مكان الشئ بأنه بيته وصار أهل البيت متعارفا في آل النبي عليه الصلاة السلام ونبه النبي بقوله " سلمان منا أهل البيت " أن مولى القوم يصح نسبته إليهم، كما قال " مولى القوم منهم وابنه
من أنفسهم.
وبيت الله والبيت العتيق مكة قال الله عزوجل: (وليطوفوا بالبيت العتيق - إن أول بيت وضع للناس للذى ببكة - وإذ يرفع إبراهيم القواعد من البيت) يعنى بيت الله وقوله عزوجل: (وليس البربأن تأتوا البيوت من ظهورها ولكن البر من اتقى) إنما نزل في قوم كانوا يتحاشون أن يستقبلوا بيوتهم بعد إحرامهم فنبه تعالى أن ذلك مناف للبر.
وقوله عزوجل: (والملائكة يدخلون عليهم من كل باب سلام) معناه بكل نوع من المسار، وقوله تعالى: (في بيوت أذن الله أن
ترفع) قيل بيوت النبي نحو: (لا تدخلوا بيوت النبي إلا أن يؤذن لكم) وقيل أشير بقوله في بيوت إلى أهل بيته وقومه، وقيل أشير به إلى القلب.
وقال بعض الحكماء في قول النبي صلى الله عليه وسلم: " لا تدخل الملائكة بيتا فيه كلب ولا صورة) إنه أريد به القلب وعنى بالكلب الحرص بدلالة أنه يقال كلب فلان إذا أفرط في الحرص وقولهم هو أحرص من كلب.
وقوله تعالى: (وإذ بوأنا لابراهيم مكان البيت) يعنى مكة، و (قالت رب ابن لى عندك بيتا في الجنة) أي سهل لى فيها مقرا (وأوحينا إلى موسى وأخيه أن تبوآ لقومكما بمصر بيوتا - واجعلوا بيوتكم قبلة) يعنى المسجد الاقصى، وقوله عزوجل: (فما وجدنا فيها غير بيت من المسلمين) فقد قيل إشارة إلى جماعة البيت فسماهم بيتا كتسمية نازل القرية قرية.
والبيات والتبييت قصد العدو ليلا، قال تعالى: (أفأمن أهل القرى أن يأتيهم بأسنا بياتا وهم نائمون - وبياتا أو هم قائلون) والبيوت ما يفعل بالليل، قال تعالى: (بيت طائفة منهم) يقال لكل فعل دبر فيه بالليل بيت قال عزوجل: (إذ يبيتون
ما لا يرضى من القول) وعلى ذلك قوله عليه السلام: " لا صيام لمن لم يبيت الصيام من الليل " وبات فلان يفعل كذا عبارة موضوعة لما يفعل بالليل كظل لما يفعل بالنهار وهما من باب العبادات.
بيد: قال عزوجل: (ما أظن أن تبيد هذه أبدا) يقال باد الشئ يبيد بيادا إذا تفرق وتوزع في البيداء أي المفازة وجمع البيداء بيد، وأتان بيدانة تسكن البيداء.
بور: البوار فرط الكساد ولما كان فرط الكساد يؤدى إلى الفساد كما قيل كسد حتى فسد عبر بالبوار عن الهلاك، يقال بار الشئ يبور بورا وبؤرا، قال عزوجل: (تجارة لن تبور - ومكر أولئك هو يبور) وروى نعوذ بالله من بوار الايم، وقال عزوجل: (وأحلوا قومهم دار البوار) ويقال رجل حائر بائر وقوم حور بور، وقوله تعالى: (حتى نسوا الذكر وكانوا قوما بورا) أي هلكى جمع بائر، وقيل بل هو مصدر يوصف به الواحد
والجمع فيقال رجل بور وقوم بور، وقال الشاعر:
يا رسول المليك إن لساني * راتق ما فتقت إذ أنا بور في بار الفحل الناقة إذا تشممها ألاقح هي أم لا، ثم يستعار ذلك للاختبار فيقال برت كذا اختبرته.
بئر: قال عزوجل: (وبئر معطلة وقصر مشيد) وأصله الهمز يقال بأرت بئرا وبأرت بؤرة أي حفيرة، ومنه اشتق المئبر وهو في الاصل حفيرة يستر رأسها ليقع فيها من مر عليها ويقال لها المغواة وعبر بها عن النميمة الموقعة في البلية والجمع المآبر.
بؤس: البؤس والبأس والبأساء الشدة والمكروه إلا أن البؤس في الفقر والحرب أكثر والبأس والبأساء في النكاية نحو: (والله أشد بأسا وأشد تنكيلا - فأخذناهم بالبأساء والضراء - والصابرين في البأساء والضراء وحين البأس) وقال تعالى: (بأسهم بينهم شديد) وقد بؤس يبؤس، وعذاب بئيس فعيل من البأس أو من البؤس، فلا تبتئس أي لا تلتزم البؤس ولا تحزن، وفى الخبر أنه عليه السلام كان يكره البؤس والتباؤس والتبؤس: أي الضراعة للفقراء أو أن يجعل نفسه ذليلا ويتكلف ذلك جميعا.
وبئس كلمة تستعمل
في جميع المذام، كما أن نعم تستعمل في جميع الممادح ويرفعان ما فيه الالف واللام أو مضافا إلى ما فيه الالف واللام نحو بئس الرجل زيد وبئس غلام الرجل زيد، وينصبان النكرة نحو بئس رجلا وبئس ما كانوا يفعلون أي شيئا يفعلونه، قال تعالى: (وبئس القرار - وبئس مثوى المتكبرين - بئس للظالمين بدلا - لبئس ما كانوا يصنعون) وأصل بئيس بئس وهو من البؤس.
بيض: البياض في الالوان ضد السواد، يقال ابيض ابيضاضا وبياضا فهو مبيض وأبيض قال عزوجل: (يوم تبيض وجوده وتسود وجوه، فأما الذين ابيضت وجوههم) والابيض عرق سمى به لكونه أبيض، ولما كان البياض أفضل لون عندهم كما قيل البياض أفضل والسواد أهول والحمرة أجمل والصفرة أشكل عبر عن الفضل والكرم بالبياض حتى قيل لمن لم يتدنس بمعاب هو أبيض الوجه، وقوله تعالى: (يوم تبيض وجوه) فابيضاض الوجوه عبارة عن المسرة واسودادها عن الغم وعلى ذلك: (وإذا بشر أحدهم بالانثى ظل وجهه مسودا) وعلى نحو
الابيضاض قوله تعالى: (وجوه يومئذ ناضرة) وقوله: (وجوه يومئذ مسفرة، ضاحكة مستبشرة) وقيل أمك بيضاء من قضاعة، وعلى ذلك قوله تعالى: (بيضاء لذة للشاربين) وسمى البيض لبياضه الواحدة بيضة، وكنى
عن المرأة بالبيضة تشبيها بها في اللون وكونها مصونة تحت الجناح، وبيضة البلد لما يقال في المدح والذم، أما المدح فلمن كان مصونا من بين أهل البلد ورئيسا فيهم، وعلى ذلك قول الشاعر: كانت قريش بيضة فتفلقت * فالمخ خالصه لعبد مناف وأما الذم فلمن كان ذليلا معرضا لمن يتناوله كبيضة متروكة بالبلد أي العراء والمفازة.
وبيضتا الرجل سميتا بذلك تشبيها بها في الهيئة والبياض، يقال باضت الدجاجة وباض كذا أي تمكن، قال الشاعر: بدا من ذوات الضغن يأوى * صدورهم فعشش ثم باض وباض الحر تمكن وباضت يد المرأة إذا ورمت ورما على هيئة البيض، ويقال دجاجة
بيوض ودجاج بيض.
بيع: البيع إعطاء المثمن وأخذ الثمن، والشراء إعطاء الثمن وأخذ المثمن، ويقال للبيع الشراء وللشراء البيع وذلك بحسب ما يتصور من الثمن والمثمن وعلى ذلك قوله عزوجل: (وشروه بثمن بخس) وقال عليه السلام: " لا يبيعن أحدكم على بيع أخيه " أي لا يشترى على شراه، وأبعت الشئ عرضته للبيع نحو قول الشاعر: * فرسا فليس جواده بمباع * والمبايعة والمشاراة تقالان فيهما، قال الله تعالى: (وأحل الله البيع وحرم الربا) وقال (وذروا البيع) وقال عزوجل: (لا بيع فيه ولا خلال - لابيع فيه ولا خلة) وبايع السلطان إذا تضمن بذل الطاعة له بما رضخ له ويقال لذلك بيعة ومبايعة وقوله عزوجل (فاستبشروا ببيعكم الذى بايعتم به) إشارة إلى بيعة الرضوان المذكورة في قوله تعالى: (لقد رضى الله عن المؤمنين إذ يبايعونك تحت الشجرة) وإلى ما ذكر في قوله تعالى: (إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم) الآية.
وأما الباع فمن الواو بدلالة قولهم: باع في السر يبوع إذا مد
باعه.
بال: البال الحال التى يكترث بها ولذلك يقال ما باليت بكذا بالة أي ما اكترثت به، قال: (كفر عنهم سيئاتهم وأصلح بالهم) وقال: (فما بال القرون الاولى) أي حالهم وخبرهم، ويعبر بالبال عن الحال الذى ينطوى عليه الانسان فيقال خطر كذا ببالى.
بين: موضوع للخلالة بين الشيئين ووسطهما قال تعالى: (وجعلنا بينهما زرعا) يقال بان كذا أي انفصل وظهر ما كان مستترا منه، ولما اعتبر فيه معنى الانفصال والظهور استعمل في كل واحد منفردا فقيل للبئر البعيدة القعر بيون لبعد ما بين الشفير والقعر لانفصال
حبلها من يد صاحبها.
وبان الصبح ظهر، وقوله تعالى: (لقد تقطع بينكم) أي الوصل، وتحقيقه أنه ضاع عنكم الاموال والعشيرة والاعمال التى كنتم تعتمدونها إشارة إلى قوله سبحانه (يوم لا ينفع مال ولا بنون) وعلى ذلك قوله (لقد جئتمونا فرادى) الآية.
وبين يستعمل تارة اسما وتارة ظرفا، فمن قرأ بينكم جعله اسما ومن قرأ بينكم جعله ظرفا غير
متمكن وتركه مفتوحا، فمن الظرف قوله: (لا تقدموا بين يدى الله ورسوله) وقوله (فقدموا بين يدى نجواكم صدقة - فاحكم بيننا بالحق) وقوله تعالى (فلما بلغا مجمع بينهما) فيجوز أن يكون مصدرا أي موضع المفترق (وإن كان من قوم بينكم وبينهم ميثاق) ولا يستعمل بين إلا فيما كان له مسافة نحو (بين البلدين) أوله عدد ما اثنان فصاعدا نحو (الرجلين وبين القوم) ولا يضاف إلى ما يقتضى معنى الوحدة إلا إذا كرر نحو: (ومن بيننا وبينك حجاب - فاجعل بيننا وبينك موعد) ويقال هذا الشئ بين يديك أي قريبا منك وعلى هذا قوله (ثم لآتينهم من بين أيديهم - له مابين أيدينا وما خلفنا - وجعلنا من بين أيديهم سدا ومن خلفهم سدا - ومصدقا لما بين يدى من التوراة - أأنزل عليه الذكر من بيننا) أي من جملتنا وقوله (قال الذين كفروا لن نؤمن بهذا القرآن ولا بالذى بين يديه) أي متقدما له من الانجيل ونحوه وقوله (فاتقوا الله وأصلحوا ذات بينكم) أي راعوا الاحوال التى تجمعكم من القرابة والوصلة والمودة، ويزاد فيه ما أو الالف فيجعل بمنزله حين
نحو بينما زيد يفعل كذا وبينا يفعل كذا، قال الشاعر: بينا يعنفه الكماة وروعة * يوما أتيح له جرئ سلفع بان: يقال بان واستبان وتبين وقد بينته قال الله سبحانه (وقد تبين لكم من مساكنهم - وتبين لكم كيف فعلنا بهم - وليستبين سبيل المجرمين - قد تبين الرشد من الغى - قد بينا لكم الآيات - ولا بين لكم بعض الذى تحتلفون فيه.
وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم - ليبين لهم الذى يختلفون فيه - فيه آيات بينات) وقال: (شهر رمضان الذى أنزل فيه القرآن هدى للناس وبينات) ويقال آية مبينة اعتبارا بمن بينها وآية مبينة وآيات مبينات ومبينات، والبينة الدلالة الواضحة عقلية كانت أو محسوسة وسمى الشاهدان بينة لقوله عليه السلام: " البينة على المدعى واليمين على من أنكر " وقال سبحانه (أفمن كان على بينة من ربه) وقال: (ليهلك من هلك عن بينة ويحيا من حى عن بينة
جاءتهم رسلهم بالبينات) والبيان الكشف عن
الشئ وهو أعم من النطق مختص بالانسان ويسمى ما بين به بيانا.
قال بعضهم: البيان يكون على ضربين: أحدهما بالتنجيز وهو الاشياء التى تدل على حال من الاحوال من آثار صنعه.
والثانى بالاختبار وذلك إما أن يكون نطقا أو كتابة أو إشارة، فمما هو بيان بالحال قوله: (ولا يصدنكم الشيطان إنه لكم عدو مبين) أي كونه عدوا بين في الحال (يريدون أن يصدونا عما كان يعبد آباؤنا فأتونا بسلطان مبين).
وما هو بيان بالاختبار (فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون بالبينات والزبر - وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم) وسمى الكلام بيانا لكشفه عن المعنى المقصود إظهاره نحو (هذا بيان للناس) وسمى ما يشرح به المجمل والمبهم من الكلام بيانا نحو قوله (ثم إن علينا بيانه) ويقال بينته وأبنته إذا جعلت له بيانا تكشفه نحو: (لتبين للناس ما نزل إليهم) وقال: (نذير مبين - وإن هذا لهو البلاء المبين - ولا يكاد يبين) أي يبين (وهو في الخصام غير مبين).
بواء: أصل البواء مساواة الاجزاء في المكان خلاف النبوة الذى هو منافاة الاجزاء، يقال مكان بواء إذا لم يكن نابيا بنازله، وبوأت له مكانا سويته فتبوأ، وباء فلان بدم فلان يبوء به أي ساواه، قال: (وأوحينا إلى موسى وأخيه أن تبوآ لقومكما بمصر بيوتا - ولقد بوأنا بنى إسرائيل مبوأ صدق - تبوئ المؤمنين مقاعد للقتال - يتبوأ منها حيث يشاء) وروى أنه كان عليه السلام يتبوأ لبوله كما يتبوأ لمنزله.
وبوأت الرمح هيأت له مكانا ثم قصدت الطعن به.
وقال عليه السلام: " من كذب على متعمدا فليتبوأ مقعده من النار "، قال الراعى في صفة إبل: لها أمرها حتى إذا ما تبوأت * بأخفافها مأوى تبوأ مضجعا أي يتركها الراعى حتى إذا وجدت مكانا موافقا للرعى طلب الراعى لنفسه متبوا لمضجعه، ويقال تبوأ فلان كناية عن التزوج كما يعبر عنه بالبناء فيقال بنى بأهله.
ويستعمل البواء في مكافأة المصاهرة والقصاص فيقال فلان بواء لفلان إذا ساواه، وباء بغضب من الله أي حل مبوأ ومعه غضب الله
أي عقوبته، وبغضب في موضع حال كخرج بسيفه أي رجع وجاء له أنه مغضوب وليس مفعولا نحو مر بزيد واستعمال باء تنبيها على أن مكانه الموافق يلزمه فيه غضب الله فكيف غيره من الامكنة وذلك على حد ما ذكر في
قوله: (فبشرهم بعذاب) وقوله: (إنى أريد أن تبوء بإثمى وإثمك) أي تقيم بهذه الحالة، قال * أنكرت باطلها وبؤت بحقها * وقول من قال أقررت بحقها فليس تفسيره بحسب مقتضى اللفظ.
والباءة كناية عن الجماع وحكى عن خلف الاحمر أنه قال في قولهم حياك الله وبياك أن أصله بوأك منزلا فغير لازدواج الكلمة كما غير في قولهم أتيته الغدايا والعشايا.
الباء: يجئ إما متعلقا بفعل ظاهر معه أو متعلقا بمضمر، فالمتعلق بفعل معه ضربان: أحدهما لتعدية الفعل وهو جار مجرى الالف الداخل للتعدية نحو ذهبت به وأذهبته قال: (وإذا مروا باللغو مروا كراما) والثانى للآلة نحو قطعه بالسكين.
والمتعلق بمضمر يكون في موضع الحال نحو خرج بسلاحه أي وعليه السلاح أي ومعه سلاحه وربما قالوا تكون
زائدة نحو: (وما أنت بمؤمن لنا) فبينه وبين قولك ما أنت مؤمنا لنا فرق، فالمتصور من الكلام إذا نصب ذات واحد كقولك زيد خارج، والمتصور منه إذا قيل ما أنت بمؤمن لنا ذاتان كقولك لقيت بزيد رجلا فاضلا فإن قوله رجلا فاضلا وإن أريد به زيد فقد أخرج في معرض يتصور منه إنسان آخر فكأنه قال رأيت برؤيتي لك آخر هو رجل فاضل، وعلى هذا رأيت بك حاتما في السخاء، وعلى هذا (وما أنا بطارد المؤمنين) وقوله: (أليس الله بكاف عبده) قال الشيخ وهذا فيه نظر، وقوله: (تنبت بالدهن) قيل معناه تنبت الدهن وليس ذلك بالمقصود بل المقصود أنها تنبت النبات ومعه الدهن أي والدهن فيه موجود بالقوة ونبه بلفظة بالدهن على ما أنعم به على عباده وهداهم على استنباطه.
وقيل الباء هاهنا للحال أي حاله أن فيه الدهن والسبب فيه أن الهمزة والباء اللتين للتعدية لا يجتمعان وقوله: (وكفى بالله) فقيل كفى الله شهيدا نحو: (وكفى الله المؤمنين القتال) الباء زائدة ولو كان ذلك كما قيل لصح أن يقال كفى بالله المؤمنين القتال وذلك غير سائغ وإنما يجئ
ذلك حيث يذكر بعده منصوب في موضع الحال كما تقدم ذكره، والصحيح أن كفي ههنا موضوع موضع اكتف، كما أن قولهم: أحسن بزيد موضوع موضع ما أحسن، ومعناه اكتف بالله شهيدا وعلى هذا (وكفي بربك هاديا ونصيرا - وكفي بالله وليا) وقوله: (أو لم يكف بربك أنه على كل شئ شهيد) وعلى هذا قوله حب إلى بفلان أي أحبب إلى به.
ومما ادعى فيه الزيادة الباء في قوله: (ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة) قيل تقديره لا تلقوا أيديكم والصحيح أن معناه لا تلقوا أنفسكم بأيديكم إلى التهلكة إلا أنه حذف المفعول استغناء عنه وقصدا إلى
العموم فإنه لا يجوز إلقاء أنفسهم ولا إلقاء غيرهم بأيديهم إلى التهلكة.
وقال بعضهم الباء بمعنى من في قوله تعالى: (عينا يشرب بها المقربون - عينا يشرب بها عباد الله) أي منها وقيل عينا يشربها والوجه أن لا يصرف ذلك عما عليه وأن العين ههنا إشارة إلى المكان الذى ينبع منه الماء لا إلى الماء بعينه نحو نزلت بعين فصار كقولك مكانا يشرب به وعلى هذا قوله: (فلا تحسبنهم بمفازة من العذاب) أي
بموضع الفوز.
كتاب التاءالتب، والتباب: الاستمرار في الخسران، يقال تبا له وتب له وتببته إذا قلت له ذلك ولتضمن الاستمرار قيل استتب لفلان كذا أي استمر، وتبت يدا أبى لهب أي استمرت في خسرانه نحو: (ذلك هو الخسران المبين - وما زادهم غير تتبيب) أي تخسير (وما كيد فرعون إلا في تباب) تابوت: التابوت فيما بيننا معروف.
(أن يأتيكم التابوت) قيل كان شيئا منحوتا من الخشب فيه حكمة وقيل عبارة عن القلب والسكينة وعما فيه من العلم، وسمى القلب سفط العلم وبيت الحكمة وتابوته ووعاءه وصندوقه وعلى هذا قيل اجعل سرك في وعاء غير سرب، وعلى تسميته بالتابوت قال عمر لابن مسعود رضى الله عنهما: كنيف ملئ علما.
تبع: يقال تبعه واتبعه قفا أثره وذلك تارة بالارتسام والائتمار وعلى ذلك قوله (فمن تبع هداى فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون -
قال يا قوم اتبعوا المرسلين اتبعوا من لا يسألكم أجرا - فمن اتبع هداى - اتبعوا ما أنزل إليكم من ربكم - وابتعك الارذلون - واتبعت ملة آبائى - ثم جعلناك على شريعة من الامر فاتبعها ولا تتبع أهواء الذين لا يعلمون - واتبعوا ما تتلوا الشياطين - ولا تتبعوا خطوات الشيطان - ولا تتبع الهوى فيضلك عن سبيل الله - هل أتبعك على أن تعلمني - واتبع سبيل من أناب) ويقال أتبعه إذا لحقه قال (فأتبعوهم مشرقين - ثم أتبع سببا - وأتبعناهم في هذه الدنيا لعنة - فأتبعه الشيطان - فأتبعنا بعضهم بعضا) يقال أتبعت عليه أي أحلت عليه ويقال أتبع فلان بمال أي أحيل عليه، والتبيع خص بولد البقر إذا تبع أمه والتبع رجل الدابة وتسميته بذلك كما قال: كأنما الرجلان واليدان * طالبتا وتروهما ربتان والمتبع من البهائم التى يتبعها ولدها، وتبع كانوا رؤساء، سموا بذلك لاتباع بعضهم بعضا في الرياسة والسياسة وقيل تبع ملك يتبعه قومه والجمع التبابعة قال: (أهم خير أم قوم تبع) والتبع الظل.
تبر: التبر الكبير والاهلاك يقال تبره وتبره قال تعالى: (إن هؤلاء متبر ماهم فيه)
وقال: (وكلا تبرنا تتبيرا - وليتبروا ماعلوا تتبيرا) وقوله تعالى: (ولا تزد الظالمين إلا تبارا).
تترى: تترى على فعلى من المواترة أي المتابعة وترا وترا وأصلها واو فأبدلت نحو تراث وتجاه فمن صرفه جعل الالف زائدة لا للتأنيث ومن لم يصرفه جعل ألفه للتأنيث قال (ثم أرسلنا رسلنا تترى) أي متواترين.
قال الفراء يقال تتري في الرفع وتترى في الجر وتترى في النصب والالف فيه بدل من التنوين.
وقال ثعلب هي تفعل، قال أبو على الغبور: ذلك غلط لانه ليس في الصفات تفعل.
تجارة: التجارة التصرف في رأس المال طلبا للربح يقال تجر يتجر وتاجر وتجر كصاحب وصحب.
قال وليس في كلامهم تاء بعدها جيم غير هذا اللفظ فأما تجاه فأصله وجاه وتجوب التاء للمضارعة وقوله (هل أدلكم على تجارة تنجيكم من عذاب أليم) فقد فسر هذه التجارة بقوله (تؤمنون بالله) إلى آخر الآية
وقال: (اشتروا الضلالة بالهدى فما ربحت تجارتهم - إلا أن تكون تجارة عن تراض منكم - تجارة حاضرة تديرونها بينكم) قال ابن الاعرابي فلان تاجر بكذا أي حاذق به عارف الوجه المكتسب منه.
تحت: تحت مقابل لفوق قال (لاكلوا من فوقهم ومن تحت أرجلهم) وقوله (جنات تجرى من تحتها الانهار - فناداها من تحتها) وتحت يستعمل في المنفصل وأسفل في المتصل يقال المال تحته، وأسفله أغلظ من أعلاه، وفى الحديث: " لا تقوم الساعة حتى يظهر التحوت " أي الارذال من الناس وقيل بل ذلك إشارة إلى ما قال سبحانه (وإذا الارض مدت وألقت ما فيها وتخلت).
تخذ: تخذ بمعنى أخذ قال: وقد تخذت رجلى إلى جنب غرزها * فحوص القطاة المطوق واتخذ افتعل منه (أفتتخذونه وذريته أولياء من دوني - قل أتخذتم عند الله عهدا - واتخذوا من مقام ابراهيم مصلى - لا تتخذوا عدوى وعدوكم أولياء - لو شئت لاتخذت عليه أجرا)
تراث: (ويأكلون التراث) أصله وراث وهو من باب الواو.
تفث: (ثم ليقضوا تفثهم) أي أزالوا وسخهم يقال قضى الشئ يقضى إذا قطعه وأزاله، وأصل التفث وسخ الظفر وغير ذلك مما شأنه أن يزال عن البدن، قال أعرابي ما أتفثك وأدرنك.
تراب: قال (خلقكم من تراب - يا ليتني كنت ترابا) وترب افتقر كأنه لصق بالتراب قال (أو مسكينا ذا متربة) أي ذا لصوق بالتراب لفقره، وأترب استغنى
كأنه صار له المال بقدر التراب والتراب الارض نفسها، والتيرب واحد التيارب، والتورب والتوراب، وريح تربة تأتى بالتراب ومنه قوله عليه السلام " عليك بذات الدين تربت يداك " تنبيها على أنه لا يفوتنك ذات الدين فلا يحصل لك ما ترومه فتفتقر من حيث لا تشعر.
وبارح ترب ريح فيها تراب، والترائب ضلوع الصدر الواحدة تريبة، قال (يخرج من بين الصلب والترائب) وقوله (أبكارا عربا أترابا - وكواعب أترابا - وعندهم قاصرات الطرف
أتراب) أي لدات تنشأن معا تشبيها في التساوى والتماثل بالترائب التى هي ضلوع الصدر أو لوقوعهن معا على الارض، وقيل لانهن في حال الصبا يلعبن بالتراب معا.
ترفه: الترفه التوسع في النعمة، يقال أترف فلان فهو مترف (أترفناهم في الحياة الدنيا - واتبع الذين ظلموا ما أترفوا فيه).
وقال.
(ارجعوا إلى ما أترفتم فيه - وأخذنا مترفيهم بالعذاب - أمرنا مترفيها) وهم الموصوفون بقوله سبحانه: (فأما الانسان إذا ما ابتلاه ربه فأكرمه ونعمه).
ترقوة: (كلا إذا بلغت التراقي) جمع ترقوة وهى عظم وصل مابين ثغرة النحر والعاتق.
ترك: ترك الشئ رفضه قصدا واختيارا أو قهرا واضطرارا، فمن الاول: (وتركنا بعضهم يومئذ يموج في بعض) وقوله: (واترك البحر رهوا) ومن الثاني: (كم تركوا من جنات) ومنه تركة فلان لما يخلفه بعد موته وقد يقال في كل فعل ينتهى به إلى حاله ما تركته كذا أو يجرى مجرى كذا جعلته كذا نحو تركت فلانا وحيدا، والتريكة أصله
البيض المتروك في مفازته ويسمى بيضة الحديد بها كتسميتهم إياها بالبيض.
تسعة: التسعة في العدد معروفة وكذا التسعون قال: (تسعة رهط - تسع وتسعون نعجة - عليها تسعة عشر - ثلثمائة سنين وازدادوا تسعا) والتسع من أظماء الابل، والتسع جزء من تسع والتسع ثلاث ليال من الشهر آخرها التاسعة، وتسعت القوم أخذت تسع أموالهم، أو كنت لهم تاسعا.
تعس: التعس أن لا ينتعش من العثرة وأن ينكسر في سفال، وتعس تعسا وتعسة.
قال الله تعالى: (فتعسالهم).
تقوى: تاء التقوى مقلوب من الواو وذلك مذكور في بابه.
متكأ: المتكأ المكان الذى يتكأ عليه والمخدة المتكأ عليها، وقوله: (وأعتدت لهن متكأ) أي أترجا، وقيل طعاما متناولا من قولك اتكأ على كذا فأكله (قال هي عصاي أتوكأ عليها - متكئين على سرر مصفوفة -
على الارائك متكئون - متكئين عليها
متقابلين) تل: أصل التل المكان المرتفع والتليل العتيق (وتله للجبين) أسقطه على التل كقولك تربه أسقطه على التراب، وقيل أسقطه على تليله، والمتل الرمح الذى يتل به.
تلى: تبعه متابعة ليس بينهم ما ليس منها وذلك يكون تارة بالجسم وتارة بالاقتداء في الحكم ومصدره تلو وتلو، وتارة بالقراءة أو تدبر المعنى ومصدره تلاوة (والقمر إذا تلاها) أراد به هاهنا الاتباع على سبيل الاقتداء والمرتبة وذلك أنه يقال إن القمر هو يقتبس النور من الشمس وهو لها بمنزلة الخليفة وقيل وعلى هذا نبه قوله: (جعل الشمس ضياء والقمر نورا) والضياء أعلى مرتبة من النور، إذ كان كل ضياء نورا وليس كل نور ضياء (ويتلوه شاهد منه) أي يقتدى به ويعمل بموجب قوله (يتلون آيات الله) والتلاوة تختص باتباع كتب الله المنزلة تارة بالقراءة وتارة بالارتسام لما فيها من أمر ونهى وترغيب وترهيب، أو ما يتوهم فيه ذلك وهو أخص من القراءة، فكل تلاوة قراءة وليس كل قراءة تلاوة، لا يقال تلوت رقعتك وإنما يقال في القرآن في
شئ إذا قرأته وجب عليك اتباعه (هنالك تتلو كل نفس ما أسلفت - وإذا تتلى عليهم آياتنا - أولم يكفهم أنا أنزلنا عليك الكتاب يتلى عليهم - قل لو شاء الله ما تلوته عليكم وإذا تليت عليهم آياته زادتهم إيمانا) فهذا بالقراءة وكذلك (واتل ما أوحى إليك من كتاب ربك - واتل عليهم نبأ ابني آدم بالحق - والتاليات ذكرا) وأما قوله (يتلونه حق تلاوته) فاتباع له بالعلم والعمل (ذلك نتلوه عليك من الآيات والذكر الحكيم) أي ننزله (واتبعوا ما تتلوا الشياطين)، واستعمل فيه لفظ التلاوة لما كان يزعم الشيطان أن ما يتلونه من كتب الله، والتلاوة والتلية بقية مما يتلى أي يتتبع، وأتليته أي أبقيت منه تلاوة أي تركته قادرا على أن يتلوه وأتليت فلانا على فلان بحق أي أحلته عليه، ويقال فلان يتلو على فلان، ويقول عليه أي يكذب عليه قال: (أتقولون على الله الكذب) ويقال لا أدرى ولا أتلى ولا دريت ولا تليت وأصله ولا تلوت فقيل للمزاوجة كما قيل: " مأزورات غير مأجورات " وإنما هو موزورات.
تمام: تمام الشئ انتهاؤه إلى حد لا يحتاج إلى شئ خارج عنه والناقص ما يحتاج إلى شئ خارج عنه ويقال ذلك للمعدود والممسوح،
تقول عدد تام وليل تام قال (وتمت كلمة ربك - والله متم نوره - وأتممناها بعشر - فتم ميقات ربه).
توراة: التوراة التاء فيه مقلوب وأصله من الورى وبناؤها عند الكوفيين ووراة تفعلة، وقال بعضهم: هي تفعل نحو: تتفل وليس في كلامهم تفعل اسما وعند البصريين وورى هي فوعل نحو حوقل قال تعالى: (إنا أنزلنا التوراة فيها هدي ونور - ذلك مثلهم في التوراة ومثلهم في الانجيل).
تارة: نخرجكم تارة أي مرة وكرة أخرى هو فيما قيل تار الجرح التأم.
تين: (والتين والزيتون) قيل هما جبلان وقيل هما المأكولان وتحقيق موردهما واختصاصهما يتعلق بما بعد هذا الكتاب توب: التوب ترك الذنب على أجمل الوجوه وهو أبلغ وجوه الاعتذار، فإن
الاعتذار على ثلاثة أوجه: إما أن يقول المعتذر لم أفعل أو يقول فعلت لاجل كذا أو فعلت وأسأت وقد أقلعت ولا رابع لذلك، وهذا الاخير هو التوبة، والتوبة في الشرع ترك الذنب لقبحه والندم على ما فرط منه والعزيمة على ترك المعاودة وتدارك ما أمكنه أن يتدارك من الاعمال بالاعادة فمتى اجتمعت هذه الاربع فقد كمل شرائط التوبة.
وتاب إلى الله تذكر ما يقتضى الانابة نحو: (فتوبوا إلى الله جميعا - أفلا يتوبون إلى الله - وتاب الله عليه) أي قبل توبته منه (لقد تاب الله على النبي والمهاجرين - ثم تاب عليهم ليتوبوا - فتاب عليكم وعفا عنكم) والتائب يقال لباذل التوبة ولقابل التوبة فالعبد تائب إلى الله والله تائب على عبده والتواب العبد الكثير التوبة وذلك بتركه كل وقت بعض الذنوب على الترتيب حتى يصير تاركا لجميعه، وقد يقال لله ذلك لكثرة قبوله توبة العباد حالا بعد حال وقوله: (ومن تاب وعمل صالحا فإنه يتوب إلى الله متابا) أي التوبة التامة وهو الجمع بين ترك القبيح وتحرى الجميل: (عليه توكلت وإليه متاب - إنه هو التواب الرحيم)
التيه: يقال تاه يتيه إذا تحير وتاه يتوه لغة في تاه يتيه، وفى قصة بنى إسرائيل أربعين سنة يتيهون في الارض، وتوهه وتيهه إذا حيره وطرحه، ووقع في التيه والتوه أي في مواضع الحيرة، ومفازة تيهاء تحير سالكوها.
التاءات: التاء في أول الكلمة للقسم نحو: (تالله لاكيدن أصنامكم) وللمخاطب في الفعل المستقبل نحو: (تكره الناس)
وللتأنيث نحو: (تتنزل عليهم الملائكة) وفى آخر الكلمة تكون إما زائدة للتأنيث فتصير في الوقف هاء نحو قائمة، أو تكون ثابتة في الوقف والوصل وذلك في أخت وبنت، أو تكون في الجمع مع الالف نحو مسلمات ومؤمنات وفى آخر الفعل الماضي لضمير المتكلم مضموما نحو قوله تعالى: (وجعلت له مالا ممدودا) وللمخاطب مفتوحا نحو: (أنعمت عليهم) ولضمير المخاطبة مكسورا نحو: (لقد جئت شيئا فريا) والله أعلم.
كتاب الثاءثبت: الثبات ضد الزوال يقال ثبت
يثبت ثباتا قال الله تعالى (يا أيها الذين آمنوا إذا لقيتم فئة فاثبتوا) ورجل ثبت وثبيت في الحرب وأثبت السهم، ويقال ذلك للموجود بالبصر أو البصيرة، فيقال فلان ثابت عندي، ونبوة النبي صلى الله عليه وسلم ثابتة والاثبات والتثبيت تارة يقال بالفعل فيقال لما يخرج من العدم إلى الوجود نحو أثبت الله كذا وتارة لما يثبت بالحكم فيقال أثبت الحاكم على فلان كذا وثبته، وتارة لما يكون بالقول سواء كان ذلك صدقا أو كذبا فيقال أثبت التوحيد وصدق النبوة وفلان أثبت مع الله إلها آخر، وقوله تعالى: (ليثبتوك أو يقتلوك) أي يثبطوك ويحيروك، وقوله تعالى: (يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا) أي يقويهم بالحجج القوية، وقوله تعالى: (ولو أنهم فعلوا ما يوعظون به لكان خيرا لهم وأشد تثبيتا) أي أشد لتحصيل علمهم وقيل أثبت لاعمالهم واجتناء ثمرة أفعالهم وأن يكونوا بخلاف من قال فيهم: (وقدمنا إلى ما عملوا من عمل فجعلناه هباء منثورا) يقال ثبته أي قويته، قال الله تعالى: (ولو لا أن ثبتناك) وقال: (فثبتوا
الذين آمنوا) وقال: (وتثبيتا من أنفسهم) وقال: (وثبت أقدامنا).
ثبر: الثبور الهلاك والفساد المثابر على الاتيان أي المواظب من قولهم ثابرت.
قال تعالى (دعوا هنالك ثبورا، لا تدعوا اليوم ثبورا واحدا وادعوا ثبورا كثيرا) وقوله تعالى: (وإنى لاظنك يا فرعون مثبورا) قال ابن عباس رضى الله تعالى عنه: يعنى ناقص العقل.
ونقصان العقل أعظم هلك، وثبير جبل بمكة.
ثبط: قال الله تعالى: (فثبطهم) حبسهم وشغلهم، يقال ثبطه المرض وأثبطه إذا حبسه ومتعه ولم يكد يفارقه ثبات: قال تعالى: (فانفروا ثبات أو انفروا جميعا) هي جمع ثبة أي جماعة منفردة، قال الشاعر: * وقد أغدو على ثبة كرام * ومنه ثبت على فلان أي ذكرت متفرق محاسنه.
ويصغر ثبية ويجمع على ثبات وثبين، والمحذوف منه الياء.
وأما ثبة الحوض فوسطه الذى يثوب
إليه الماء والمحذوف منه عينه لا لامه.
ثج: يقال ثج الماء وأتى الوادي بثجيجه،
قال الله تعالى: (وأنزلنا من المعصرات ماء ثجاجا) وفى الحديث: " أفضل الحج العج والثج) أي رفع الصوت بالتلبية وإسالة دم الحج.
ثخن: يقال ثخن الشئ فهو ثخين إذا غلظ فلم يسل ولم يستمر في ذهابه، ومنه استعير قولهم أثخنته ضربا واستخفافا قال الله تعالى: (ما كان لنبى أن يكون له أسرى حتى يثخن في الارض - حتى إذا أثخنتموهم فشدوا الوثاق).
ثرب: التثريب التقريع والتقهير بالذنب قال تعالى (لا تثريب عليكم اليوم) وروى " إذا زنت أمة أحدكم فليجلدها ولا يثربها " ولا يعرف من لفظه إلا قولهم الثرب وهو شحمة رقيقة وقوله تعالى: (يا أهل يثرب) أي أهل المدينة يصح أن يكون أصله من هذا الباب والياء تكون فيه زائدة.
ثعب: قال عزوجل (فإذا هي ثعبان مبين) يجوز أن يكون سمى بذلك من قولهم ثعبت الماء فانثعب أي فجرته وأسلته فسال، ومنه ثعب المطر.
والثعبة ضرب من الوزغ وجمعها ثعب كأنه شبه بالثعبان في هيئته
فاختصر لفظه من لفظه لكونه مختصرا منه في الهيئة.
ثقب: الثاقب المعنى الذى يثقب بنوره وإصابته ما يقع عليه قال الله تعالى: (فأتبعه شهاب ثاقب) وقال تعالى (والسماء والطارق وما أدراك ما الطارق النجم الثاقب) وأصله من الثقبة.
والمثقب الطريق في الجبل الذى كأنه قد ثقب، وقال أبو عمرو: والصحيح المثقب.
وقالوا ثقبت النار أي ذكيتها.
ثقف: الثقف الحذق في إدراك الشئ وفعله ومنه استعير المثاقفة، ورمح مثقف أي مقوم وما يثقف به الثقاف، ويقال ثقفت كذا إذا أدركته ببصرك لحذق في النظر ثم يتجوز به فيستعمل في الادراك وإن لم تكن معه ثقافة قال الله تعالى: (واقتلوهم حيث ثقفتموهم) وقال عزوجل: (فإما تثقفنهم في الحرب)، وقال عزوجل: (ملعونين أينما ثقفوا، أخذوا وقتلوا تقتيلا).
ثقل: الثقل والخفة متقابلان فكل ما يترجح على ما يوزن به أو يقدر به يقال هو ثقيل وأصله في الاجسام ثم يقال في المعاني نحو:
أثقله الغرم والوزر قال الله تعالى: (أم تسألهم أجرا فهم من مغرم مثقلون) والثقيل في الانسان يستعمل تارة في الذم وهو أكثر في التعارف وتارة في المدح نحو قول الشاعر: تخف الارض إذ مازلت عنها * وتبقى ما بقيت بها ثقيلا
حللت بمستقر العز منها * فتمنع جانبيها أن تميلا ويقال في أذنه ثقل إذا لم يجد سمعه كما يقال في أذنه خفة إذا جاد سمعه كأنه يثقل عن قبول ما يلقى إليه، وقد يقال ثقل القول إذا لم يطب سماعه ولذلك قال في صفة يوم القيامة (ثقلت في السموات والارض) وقوله تعالى: (وأخرجت الارض أثقالها) قيل كنوزها وقيل ما تضمنته من أجساد البشر عند الحشر والبعث وقال تعالى: (وتحمل أثقالكم إلى بلد) أي أحمالكم الثقيلة وقال عزوجل: (وليحملن أثقالهم وأثقالا مع أثقالهم) أي آثامهم التى تثقلهم وتثبطهم عن الثواب كقوله (ليحملوا أوزارهم كاملة يوم القيامة ومن أوزار الذين يضلونهم بغير علم ألا ساء
ما يزرون) وقوله عزوجل (انفروا خفافا وثقالا) قيل شبانا وشيوخا وقيل فقراء وأغنياء، وقيل غرباء ومستوطنين، وقيل نشاطا وكسالى وكل ذلك يدخل في عمومها، فإن القصد بالآية الحث على النفر على كل حال تصعب أو تسهل.
والمثقال ما يوزن به وهو من الثقل وذلك اسم لكل سنج قال تعالى: (وإن كان مثقال حبة من خردل أتينا بها وكفى بنا حاسبين)، وقال تعالى (فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره) وقوله تعالى (فأما من ثقلت موازينه فهو في عيشة راضية) فإشارة إلى كثرة الخيرات وقوله تعالى (وأما من خفت موازينه) فإشارة إلى قلة الخيرات.
والثقيل والخفيف يستعملان على وجهين: أحدهما على سبيل المضايفة، وهو أن لا يقال لشئ ثقيل أو خفيف إلا باعتباره بغيره ولهذا يصح للشئ الواحد أن يقال خفيف إذا اعتبرته بما هو أثقل منه وثقيل إذا اعتبرته بما هو أخف منه وعلى هذه الآية المتقدمة آنفا.
والثانى أن يستعمل الثقيل في الاجسام المرجحة إلى أسفل كالحجر والمدر والخفيف يقال في الاجسام المائلة إلى الصعود كالنار والدخان ومن هذا
الثقل قوله تعالى (اثاقلتم إلى الارض).
ثلث: الثلاثة والثلاثون والثلاث والثلثمائة وثلاثة آلاف والثلث والثلثان، وقال عزوجل: (فلامه الثلث) أي أحد أجزائه الثلاثة والجمع أثلاث، قال تعالى: (وواعدنا موسى ثلاثين ليلة) وقال عزوجل: (ما يكون من نجوى ثلاثة إلا هو رابعهم) وقال تعالى: (ثلاث عورات لكم) أي ثلاثة أوقات العورة، وقال عزوجل: (ولبثوا في كهفهم ثلثمائة سنين) وقال تعالى: (ثلاثة آلاف من الملائكة منزلين) وقال تعالى: (إن ربك يعلم أنك تقوم أدنى من ثلثى الليل ونصفه) وقال عزوجل: (مثنى وثلاث ورباع) أي اثنين اثنين وثلاثة ثلاثة.
وثلثت الشئ جزأته أثلاثا، وثلثت القوم أخذت ثلث أموالهم، وأثلثتهم صرت ثالثهم
أو ثلثهم، وأثلثت الدراهم فأثلثت هي وأثلث القوم صاروا ثلاثة، وحبل مثلوث مفتول على ثلاثة قوى، ورجل مثلوث أخذ ثلث ماله، وثلث الفرس وربع جاء ثالثا ورابعا في السباق.
ويقال أثلاثة وثلاثون عندك أو ثلاث وثلاثون ؟ كناية عن الرجال والنساء.
وجاءوا ثلاث ومثلث
أي ثلاثة ثلاثة، وناقة ثلوث تحلب من ثلاثة أخلاف، والثلاثاء والاربعاء في الايام جعل الالف فيهما بدلا من الهاء نحو حسنة وحسناء فخص اللفظ باليوم وحكى ثلثت الشئ تثليثا جعلته على ثلاثة أجزاء وثلث البسر إذا بلغ الرطب ثلثيه أو ثلث العنب أدرك ثلثاه وثوب ثلاثى طوله ثلاثة أذرع.
ثل: الثلة قطعة مجتمعة من الصوف ولذلك قيل للمقيم ثلة ولاعتبار الاجتماع قيل: (ثلة من الاولين وثلة من الآخرين) أي جماعة، وثللت كذا تناولت ثلة منه، وثل عرشه أسقط ثلة منه، والثلل قصر الاسنان لسقوط لثته ومنه أثل فمه سقطت أسنانه وتثللت الركية أي تهدمت.
ثمد: ثمود قيل هو عجمى وقيل هو عربي وترك صرفه لكونه اسم قبيلة وهو فعول من الثمد وهو الماء القليل الذى لا مادة له، ومنه قيل فلان مثمود ثمدته النساء أي قطعت مادة مائه لكثرة غشيانه لهن، ومثمود إذا كثر عليه السؤال حتى فقد مادة ماله.
ثمر: الثمر اسم لكل ما يتطعم من أعمال الشجر، الواحدة ثمرة والجمع ثمار وثمرات كقوله
تعالى: (وأنزل من السماء ماء فأخرج به من الثمرات رزقا لكم) وقوله تعالى: (ومن ثمرات النخيل والاعناب) وقوله تعالى: (أنظروا إلى ثمره إذا أثمر وينعه) وقوله تعالى: (ومن كل الثمرات) والثمر قيل هو الثمار، وقيل هو جمعه ويكنى به عن المال المستفاد، وعلى ذلك حمل ابن عباس (وكان له ثمر) ويقال ثمر الله ماله، ويقال لكل نفع يصدر عن شئ ثمرته كقولك ثمرة العلم العمل الصالح، وثمرة العمل الصالح الجنة، وثمرة السوط عقدة أطرافها تشبيها بالثمر في الهيئة والتدلى عنه كتدلى الثمر عن الشجر، والثميرة من اللبن ما تحبب من الزبد تشبيها بالثمر في الهيئة وفى التحصيل عن اللبن.
ثم: حرف عطف يقتضى تأخر ما بعده عما قبله إما تأخيرا بالذات أو بالمرتبة أو بالوضع حسبما ذكر في قبل وفى أول، قال الله تعالى: (أثم إذا ما وقع آمنتم به الآن وقد كنتم به تستعجلون) (ثم قيل للذين ظلموا) وقال عزوجل: (ثم عفونا عنكم من بعد ذلك) وأشباهه.
وثمامة شجر وثمت الشاة إذا رعتها نحو شجرت إذا رعت الشجرة ثم يقال
في غيرها من النبات.
وثممت الشئ جمعته ومنه قيل كنا أهل ثمة ورمة، والثمة جمعة
من حشيش، وثم إشارة إلى المتبعد عن المكان وهنالك للتقرب وهما ظرفان في الاصل، وقوله تعالى: (وإذا رأيت ثم رأيت نعيما) فهو في موضع المفعول.
ثمن: قوله تعالى (وشروه بثمن بخس دراهم) الثمن اسم لما يأخذه البائع في مقابلة المبيع عينا كان أو سلعة وكل ما يحصل عوضا عن شئ فهو ثمنه قال تعالى (إن الذين يشترون بعهد الله وأيمانهم ثمنا قليلا)، وقال تعالى (ولا تشتروا بعهد الله ثمنا قليلا) وقال: (ولا تشتروا بآياتى ثمنا قليلا) وأثمنت الرجل بمتاعه وأثمنت له أكثرت له الثمن، وشئ ثمين كثير الثمن، الثمانية والثمانون والثمن في العدد معروف ويقال ثمنته كنت له ثامنا أو أخذت ثمن ماله وقال عزوجل (ثمانية أزواج).
وقال تعالى (سبعة وثامنهم كلبهم) وقال تعالى (على أن تأجرني ثمانى حجج) والثمين الثمن قال الشاعر: * فما صار لى في القسم إلا ثمينها *
وقوله تعالى (فلهن الثمن مما تركتم).
ثنى: الثنى والاثنان أصل لمتصرفات هذه الكلمة ويقال ذلك باعتبار العدد أو باعتبار التكرير الموجود فيه أو باعتبارهما معا، قال الله تعالى: (ثانى اثنين - واثنتا عشرة عينا) وقال (مثنى وثلاث ورباع) فيقال ثنيته تثنية كنت له ثانيا أو أخذت نصف ماله أو ضممت إليه ما صار به اثنين.
الثنى ما يعاد مرتين، قال عليه السلام " لا ثنى في الصدقة "، أي لا تؤخذ في السنة مرتين، قال الشاعر: * لقد كانت ملامتها ثنى * وامرأة ثنى ولدت اثنين والولد يقال له ثنى وحلف يمينا فيها ثنى وثنوي وثنية ومثنوية ويقال للاوى الشئ قد ثناه نحو قوله تعالى (ألا إنهم يثنون صدورهم).
وقراءة ابن عباس يثنوني صدورهم من اثنونيت، وقوله عزوجل (ثانى عطفه) وذلك عبارة عن التنكر والاعراض نحو لوى شدقه ونأى بجانبه.
والثنى من الشاة ما دخل في السنة الثانية وما سقطت ثنيته من البعير، وقد أثنى وثنيت الشئ أثنيه عقدته بثنايين غير مهموز، قيل وإنما لم يهمز لانه بنى الكلمة على التثنية ولم
يبن عليه لفظ الواحد.
والمثناة ما ثنى من طرف الزمان، والثنيان الذى يثنى به إذا عد السادات، وفلان ثنية كذا كناية عن قصور منزلته فيهم، والثنية من الجبل ما يحتاج في قطعه وسلوكه إلى صعود وصدود فكأنه يثنى السير، والثنية من السن تشبيها بالثنية من الجبل في الهيئة والصلابة، والثنيا من الجزور ما يثنيه جازره إلى ثنيه من الرأس والصلب وقيل الثنوى.
والثناء ما يذكر في محامد الناس فيثنى حالا فحالا ذكره، يقال أثنى عليه، وتثنى في مشيته نحو
تبختر، وسميت سور القرآن مثانى في قوله عزوجل: (ولقد آتيناك سبعا من المثانى) لانها تثنى على مرور الاوقات وتكرر فلا تدرس ولا تنقطع دروس سائر الاشياء التى تضمحل وتبطل على مرور الايام.
وعلى ذلك قوله تعالى: (الله نزل أحسن الحديث كتابا متشابها مثانى) ويصح أنه قيل للقرآن مثانى لما يثنى ويتجدد حالا فحالا من فوائده كما روى في الخبر في صفته: لا يعوج فيقوم ولا يزيغ فيستعتب ولا تنقضي عجائبه.
ويصح
أن يكون ذلك من الثناء تنبيها على أنه أبدا يظهر منه ما يدعو إلى الثناء عليه وعلى من يتلوه ويعلمه ويعمل به وعلى هذا الوجه وصفه بالكرم في قوله تعالى: (إنه لقرآن كريم) وبالمجد في قوله: (بل هو قرآن مجيد).
والاستثناء إيراد لفظ يقتضى رفع بعض ما يوجبه عموم لفظ متقدم أو يقتضى رفع حكم اللفظ فمما يقتضى رفع بعض ما يوجبه عموم اللفظ، قوله عزوجل: (قل لا أجد فيما أوحى إلى محرما على طاعم يطعمه إلا أن يكون ميته) الآية وما يقتضى رفع ما يوجبه اللفظ فنحو قوله: والله لافعلن كذا إن شاء الله، وامرأته طالق إن شاء الله، وعبده عتيق إن شاء الله، وعلى هذا قوله تعالى: (إذ أقسموا ليصر منها مصبحين ولا يستثنون).
ثوب: أصل الثوب رجوع الشئ إلى حالته الاولى التى كان عليها، أو إلى الحالة المقدرة المقصودة بالفكرة وهى الحالة المشار إليها بقولهم أول الفكرة آخر العمل، فمن الرجوع إلى الحالة الاولى قولهم ثاب فلان إلى داره وثابت إلى نفسي، وسمى مكان المستسقى على فم البئر مثابة ومن الرجوع إلى الحالة ا لمقدرة المقصودة
بالفكرة، الثوب سمى بذلك لرجوع الغزل إلى الحالة التى قدرت له، وكذا ثواب العمل، وجمع الثوب أثواب وثياب وقوله تعالى: (وثيابك فطهر) يحمل على تطهير الثوب وقيل الثياب كناية عن النفس لقول الشاعر: * ثياب بنى عوف طهارى نقية * وذلك أمر بما ذكره الله تعالى في قوله: (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا) والثواب ما يرجع إلى الانسان من جزاء أعماله فيسمى الجزاء ثوابا تصورا أنه هو هو ألا ترى كيف جعل الله تعالى الجزاء نفس الفعل في قوله: (فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره) ولم يقل جزاءه، والثواب يقال في الخير والشر لكن الاكثر المتعارف في الخير وعلى هذا قوله عزوجل: (ثوابا من عند الله والله عنده حسن الثواب، فآتاهم الله ثواب الدنيا وحسن ثواب الآخرة) وكذلك المثوبة في قوله تعالى: (هل أنبئكم بشر من ذلك مثوبة عند الله) فإن ذلك استعارة في الشر كاستعارة البشارة فيه.
قال تعالى: (ولو أنهم
آمنوا واتقوا لمثوبة من عند الله) والاثابة
تستعمل في المحبوب قال تعالى: (فأثابهم الله بما قالوا جنات تجرى من تحتها الانهار) وقد قيل ذلك في المكروه نحو (فأثابكم غما بغم) على الاستعارة كما تقدم، والتثويب في القرآن لم يجئ إلا في المكروه نحو (هل ثوب الكفار) وقوله عزوجل (وإذ جعلنا البيت مثابة) قيل معناه مكانا يكتب فيه الثواب.
والثيب التى تثوب عن الزوج قال تعالى: (ثيبات وأبكارا) وقال عليه السلام " الثيب أحق بنفسها " والتثويب تكرار النداء ومنه التثويب في الاذان، والثوباء التى تعترى الانسان سميت بذلك لتكررها، والثبة الجماعة الثائب بعضهم إلى بعض في الظاهر قال عزوجل (فانفروا ثبات أو انفروا جميعا) قال الشاعر: * وقد أغدو على ثبة كرام * وثبة الحوض ما يثوب إليه الماء وقد تقدم.
ثور: ثار الغبار والسحاب ونحوهما يثور ثورا وثورانا انتشر ساطعا وقد أثرته، قال تعالى (فتثير سحابا) يقال أثرت ومنه قوله تعالى (وأثاروا الارض وعمروها) وثارت الحصبة ثورا تشبيها بانتشار الغبار، وثور شرا كذلك، وثار ثائره كناية عن انتشار
غضبه، وثاوره واثبه، والثور البقر الذى يثار به الارض فكأنه في الاصل مصدر جعل في موضع الفاعل نحو ضيف وطيف في معنى ضائف وطائف.
وقولهم سقط ثور الثقف أي الثائر المنتثر، والثار هو طلب الدم أصله الهمز وليس من هذا الباب.
ثوى: الثواء الاقامة مع الاستقرار يقال ثوى يثوى ثواء قال عزوجل: (وما كنت ثاويا في أهل مدين) وقال: (أليس في جهنم مثوى للمتكبرين) قال الله تعالى: (والنار مثوى لهم - ادخلوا أبواب جهنم خالدين فيها فبئس مثوى المتكبرين) وقال (النار مثواكم) وقيل من أم مثواك ؟ كناية عمن نزل به ضيف، والثوية مأوى الغنم، والله أعلم بالصواب.
كتاب الجيمجب: قال الله تعالى: (فألقوه في غيابة الجب) أي بئر لم تطو وتسميته بذلك إما لكونه محفورا في جبوب أي في أرض غليظة وإما لانه قد جب والجب قطع الشئ من أصله كجب النخل، وقيل زمن الجباب نحو زمن الصرام، وبعير أجب مقطوع السنام، وناقة
جباء وذلك نحو أقطع وقطعاء للمقطوع اليد، ومعنى مجبوب مقطوع الذكر من أصله، والجبة التى هي اللباس منه وبه شبه ما دخل فيه الرمح من السنان.
والجباب شئ يعلو ألبان الابل وجبت المرأة النساء حسنا إذا غلبتهن، استعارة من الجب الذى هو القطع، وذلك كقولهم قطعته في المناظرة والمنازعة.
وأما الجبجبة فليست من ذلك بل سميت به لصوتها المسموع منها.
جبت: قال الله تعالى: (يؤمنون بالجبت والطاغوت) الجبت والجبس الغسل الذى لا خير فيه، وقيل التاء بدل من السين تنبيها على مبالغته في الغسولة كقول الشاعر: * عمرو بن يربوع شرار الناس * أي خسار الناس، ويقال لكل ما عبد من دون الله جبت وسمى الساحر والكاهن جبتا.
جبر: اصل الجبر إصلاح الشئ بضرب من القهر يقال جبرته فانجبر واجتبر وقد قيل جبرته فجبر كقول الشاعر: * قد جبر الدين الاله فجبر * هذا قول أكثر أهل اللغة وقال بعضهم ليس قوله فجبر مذكورا على سبيل الانفعال بل ذلك
على سبيل الفعل وكرره ونبه بالاول على الابتداء بإصلاحه وبالثانى على تتميمه فكأنه قال قصد جبر الدين وابتدأه فتمم جبره، وذلك أن فعل تارة يقال لمن بتدأ بفعل وتارة لمن فرغ منه.
وتجبر يقال إما لتصور معنى الاجتهاد والمبالغة أو لمعنى التكلف كقول الشاعر: * تجبر بعد الاكل فهو غيص * وقد يقال الجبر تارة في الاصلاح المجرد نحو قول على رضى الله عنه: يا جابر كل كسير، ويا مسهل كل عسير.
ومنه قولهم للخبز جابر ابن حبة.
وتارة في القهر المجرد نحو قوله عليه السلام: " لا جبر ولا تفويض ".
والجبر في الحساب إلحاق شئ به إصلاحا لما يريد إصلاحه وسمى السلطان جبرا كقول الشاعر:
* وأنعم صباحا أيها الجبر * لقهره الناس على ما يريده أو لاصلاح أمورهم، والاجبار في الاصل حمل الغير على أن يجبر الآخر لكن تعورف في الاكراه المجرد فقيل أجبرته على كذا كقولك أكرهته، وسمى الذين يدعون أن الله تعالى يكره العباد على المعاصي في تعارف المتكلمين مجبرة وفى قول
المتقدمين جبرية وجبرية.
والجبار في صفة الانسان يقال لمن يجبر نقيصته بادعاء منزلة من التعالى لا يستحقها وهذا لا يقال إلا على طريق الذم كقوله عزوجل: (وخاب كل جبار عنيد) وقوله تعالى: (ولم يجعلني جبارا شقيا) وقوله عزوجل: (إن فيها قوما جبارين) وقوله عزوجل: (كذلك يطبع الله على كل قلب متكبر جبار) أي متعال عن قبول الحق والايمان له.
ويقال للقاهر غيره جبار نحو: (وما أنت عليهم بجبار) ولتصور القهر بالعلو على الاقران قيل نخلة جبارة وناقة جبارة.
وما روى في الخبر: ضرس الكافر في النار مثل أحد وكثافة جلده أربعون ذراعا بذراع الجبار، فقد قال ابن قتيبة هو الذراع المنسوب إلى الملك الذى يقال له ذراع الشاة.
فأما في وصفه تعالى نحو: (العزيز الجبار المتكبر) فقد قيل سمى بذلك من قولهم جبرت العقير لانه هو الذى يجبر الناس بفائض نعمه وقيل لانه يجبر الناس أي يقهرهم على ما يريده ودفع بعض أهل اللغة ذلك من حيث اللفظ فقال لا يقال من أفعلت فعال فجبار لا يبنى من أجبرت، فأجيب عنه بأن ذلك من لفظ جبر
المروى في قوله لاجبر ولا تفويض، لامن لفظ الاجبار.
وأنكر جماعة من المعتزلة ذلك من حيث المعنى فقالوا يتعالى الله عن ذلك، وليس ذلك بمنكر فإن الله تعالى قد أجبر الناس على أشياء لا انفكاك لهم منها حسبما تقتضيه الحكمة الالهية لا على ما تتوهمه الغواة الجهلة وذلك كإكراههم على المرض والموت والبعث، وسخر كلا منهم لصناعة يتعاطاها وطريقة من الاخلاق والاعمال يتحراها وجعله مجبرا في صورة مخير فإما راض بصنعته لا يريد عنها حولا، وإما كاره لها يكابدها مع كراهيته لها كأنه لا يجد عنها بدلا ولذلك قال تعالى: (فتقطعوا أمرهم بينهم زبرا كل حزب بما لديهم فرحون) وقال عزوجل: (نحن قسمنا بينهم معيشتهم في الحياة الدنيا) وعلى هذا الحد وصف بالقاهر وهو لا يقهر إلا على ما تقتضي الحكمة أن يقهر عليه.
وقد روى عن أمير المؤمنين رضى الله عنه: يا بارئ المسموكات وجبار القلوب على فطرتها شقيها وسعيدها.
فإنه جبر القلوب على فطرتها من المعرفة فذكر لبعض ما دخل في عموم ما تقدم.
وجبروت فعلوت من التجبر، واستجبرت حاله تعاهدت أن أجبرها، وأصابته
مصيبة لا يجتبرها أي لا يتحرى لجبرها من
عظمها، واشتق من لفظ جبر العظم الجبيرة الخرقة التى تشد على المجبور، والجبارة للخشبة التى تشد عليه وجمعها جبائر.
وسمى الدملوج جبارة تشبيها بها في الهيئة.
والجبار لما يسقط من الارض.
جبل: الجبل جمعه أجبال وجبال قال عز وجل (ألم نجعل الارض مهادا والجبال أوتادا) وقال تعالى: (والجبال أرساها) وقال تعالى: (وينزل من السماء من جبال فيها من برد) وقال تعالى: (ومن الجبال جدد بيض وحمر مختلف ألوانها - ويسئلونك عن الجبال فقل ينسفها ربى نسفا - والجبال أرساها - وتنحتون من الجبال بيوتا فارهين) واعتبر معانيه فاستعير واشتق منه بحسبه فقيل فلان جبل لا يتزحزح تصورا لمعنى الثبات فيه، وجبله الله على كذا إشارة إلى ما ركب فيه من الطبع الذى يأبى على الناقل نقله، وفلان ذو جبلة أي غليظ الجسم، وثوب جيد الجبلة، وتصور منه معنى العظم فقيل للجماعة العظيمة جبل قال الله تعالى (ولقد أضل منكم جبلا كثيرا)
أي جماعة تشبيها بالجبل في العظم وقرئ جبلا مثقلا، قال التوذى: جبلا وجبلا وجبلا وجبلا.
وقال غيره جبلا جمع جبلة ومنه قوله عزوجل: (واتقوا الذى خلقكم والجبلة الاولين) أي المجبولين على أحوالهم التى بنوا عليها وسبلهم التى قيضوا لسلوكها المشار إليها بقوله تعالى (قل كل يعمل على شاكلته) وجبل صار كالجبل في الغلظ.
جبن: قال تعالى (وتله للجبين) فالجبينان جانبا الجبهة.
والجبن ضعف القلب عما يحق أن يقوى عليه ورجل جبان وامرأة جبان وأجبنته وجدته جبانا وحكمت بجبنه، والجبن ما يؤكل وتجبن اللبن صار كالجبن.
جبه: الجبهة موضع السجود من الرأس قال الله تعالى (فتكوى بها جباههم وجنوبهم) والنجم يقال له جبهة تصورا أنه كالجبهة للمسمى بالاسد، ويقال لاعيان الناس جبهة وتسميتهم بذلك كتسميتهم بالوجوه، وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال " ليس في الجبهة صدقة " أي الخيل.
جبى: يقال جبيت الماء في الحوض جمعته والحوض الجامع له جابية وجمعها جواب، قال
الله تعالى: (وجفان كالجواب) ومنه استعير جبيت الخراج جباية ومنه قوله تعالى: (يجبى إليه ثمرات كل شئ) والاجتباء الجمع على طريق الاصطفاء قال عزوجل (فاجتباه ربه) وقال تعالى (وإذا لم تأتهم بآية قالوا لولا اجتبيتها) أي يقولون هلا جمعتها تعريضا منهم بأنك تخترع هذه الآيات وليست من الله.
واجتباء الله العبد تخصيصه إياه بفيض إلهى يتحصل له منه أنواع من النعم بلا سعى من العبد وذلك للانبياء وبعض من يقاربهم من
الصديقين والشهداء كما قال تعالى: (وكذلك يجتبيك ربك - فاجتباه ربه فجعله من الصالحين - واجتبيناهم وهديناهم إلى صراط مستقيم) وقوله تعالى: (ثم اجتباه ربه فتاب عليه وهدى) وقال عزوجل (يجتبى إليه من يشاء ويهدى إليه من ينيب) وذلك نحو قوله تعالى: (إنا اخلصناهم بخالصة ذكرى الدار).
جث: يقال جثثته فانجث وجسسته فاجتس قال الله عزوجل: (اجتثت من فوق الارض) أي اقتلعت جثته والمجثة ما يجث به
وجثة الشئ شخصه الناتى والجث ما ارتفع من الارض كالاكمة والجثيثة سميت به لما يأتي جثته بعد طحنه، والجثجاث نبت.
جثم: (فأصبحوا في ديارهم جاثمين) استعارة للمقيمين من قولهم جثم الطائر إذا قعد ولطئ بالارض، والجثمان شخص الانسان قاعدا، ورجل جثمة وجثامة كناية عن النئوم والكسلان.
جثا: جثى على ركبتيه جثوا وجثيا فهو جاث نحو عتا يعتو عتوا وعتيا وجمعه جثى نحو باك وبكى وقوله عزوجل (ونذر الظالمين فيها جثيا) يصح أن يكون جمعا نحو بكى وأن يكون مصدرا موصوفا به.
والجاثية في قوله عزوجل: (وترى كل أمة جاثية) فموضوع موضع الجمع، كقولك جماعة قائمة وقاعدة.
جحد: الجحود نفى ما في القلب إثباته وإثبات ما في القلب نفيه، يقال جحد جحودا وجحدا قال عزوجل (وجحدوا بها واستيقنتها أنفسهم) وقال عزوجل (بآياتنا يجحدون) ويجحد يختص بفعل ذلك يقال رجل جحد شحيح قليل الخير يظهر الفقر، وأرض
جحدة قليلة النبت، يقال جحدا له ونكدا وأجحد صار ذا جحد.
جحم: الجحمة شدة تأجج النار ومنه الجحيم، وجحم وجهه من شدة الغضب استعارة من جحمة النار وذلك من ثوران حرارة القلب، وجحمت الاسد عيناه لتوقدهما.
جد: الجد قطع الارض المستوية ومنه جد في سيره يجد جدا وكذلك جد في أمره وأجد صار ذا جد، وتصور من جددت الارض القطع المجرد فقيل جددت الارض إذا قطعته على وجه الاصلاح، وثوب جديد أصله المقطوع ثم جعل لكل ما أحدث إنشاؤه، قال (بل هم في لبس من خلق جديد) إشارة إلى النشأة الثانية وذلك قولهم: (أئذا متنا وكنا ترابا ذلك رجع بعيد) وقوبل الجديد بالخلق لما كان المقصود بالجديد القريب العهد بالقطع من الثوب، ومنه قيل الليل والنهار الجديدان
والاجدان، قال تعالى (ومن الجبال جدد بيض) جمع جدة أي طريقة ظاهرة من قولهم طريق مجدود أي مسلوك مقطوع.
ومنه جادة الطريق،
والجدود والجداء من الضأن التى انقطع لبنها، وجد ثدى أمه على طريق الشتم، وسمى الفيض الالهى جدا قال تعالى: (وأنه تعالى جد ربنا) أي فيضه وقيل عظمته وهو يرجع إلى الاول، وإضافته إليه على سبيل اختصاصه بملكه، وسمى ما جعل الله تعالى للانسان من الحظوظ الدنيوية جدا وهو البخت فقيل جددت وحظظت، وقوله عليه السلام " لا ينفع ذا الجد منك الجد " أي لا يتوصل إلى ثواب الله تعالى في الآخرة وإنما ذلك بالجد في الطاعة وهذا هو الذى أنبأ عنه قوله تعالى: (من كان يريد العاملة عجلنا له فيها ما نشاء لمن نريد) الآية (ومن أراد الآخرة وسعى لها سعيها وهو مؤمن فأولئك كان سعيهم مشكورا) وإلى ذلك أشار بقوله (يوم لا ينفع مال ولا بنون) والجد أبو الاب وأبو الام.
وقيل معنى لا ينفع ذا الجد لا ينفع أحدا نسبه وأبوته فكما نفى نفع البنين في قوله: (يوم لا ينفع مال ولا بنون)، كذلك نفى نفع الابوة في هذه الآية والحديث.
جدث: قال الله تعالى: (يوم يخرجون من الاجداث سراعا) جمع الجدث يقال
جدث وجدف وفى سورة يس: (فإذاهم من الاجداث إلى ربهم ينسلون).
جدر: الجدار الحائط إلا أن الحائط يقال اعتبارا بالاحاطة بالمكان والجدار يقال اعتبارا بالنتو والارتفاع وجمعه جدر قال تعالى: (وأما الجدار فكان لغلامين) وقال: (جدارا يريد أن ينقض فأقامه) وقال تعالى: (أو من وراء جدر) وفى الحديث: " حتى يبلغ الماء الجدر " وجدرت الجدار رفعته واعتبر منه معنى النتو فقيل جدر الشجر إذا خرج ورقه كأنه جمص وسمى النبات الناتئ من الارض جدرا الواحد جدرة، وأجدرت الارض أخرجت ذلك، وجدر الصبى وجدر إذا خرج جدريه تشبيها بجدر الشجر، وقيل الجدرى والجدرة سلعة تظهر في الجسد وجمعها أجدار، وشاة جدراء.
والجيدر القصير اشتق ذلك من الجدار وزيد فيه حرف على سبيل التهكم حسبما بيناه في أصول الاشتقاق، والجدير المنتهى لانتهاء الامر إليه انتهاء الشئ إلى الجدار وقد جدر بكذا فهو جدير وما أجدره بكذا وأجدر به.
جدل: الجدال المفاوضة على سبيل المنازعة والمغالبة وأصله من جدلت الحبل أي
أحكمت فتله ومنه الجديل، وجدلت البناء أحكمته ودرع مجدولة.
والاجدل الصقر المحكم البنية، والمجدل القصر المحكم البناء، ومنه الجدال فكأن المتجادلين يفتل
كل واحد الآخر عن رأيه، وقيل الاصل في الجدال الصراع وإسقاط الانسان صاحبه على الجدالة وهى الارض الصلبة، قال الله تعالى: (وجادلهم بالتى هي أحسن - الذين يجادلون في آيات الله - وإن جادلوك فقل الله أعلم - قد جادلتنا فأكثرت جدالنا - وقرئ - جدلنا - ما ضربوه لك إلا جدلا - وكان الانسان أكثر شئ جدلا) وقال تعالى: (وهم يجادلون في الله - يجادلنا في قوم لوط - وجادلوا بالباطل - ومن الناس من يجادل في الله - ولا جدال في الحج - يا نوح قد جادلتنا).
جذ: الجذ: كسر الشئ وتفتيته ويقال لحجارة الذهب المكسورة ولفتات الذهب جذاذ ومنه قوله تعالى: (فجعلهم جذاذا - عطاء غير مجذوذ) أي غير مقطوع عنهم ولا مخترع، وقيل ما عليه جذة أي متقطع من الثياب.
جذع: الجذع جمعه جذوع (في جذوع النخل)
جذعته قطعته قطع الجذع، والجذع من الابل ما أتت لها خمس سنين ومن الشاة ما تمت له سنة ويقال للدهر الجذع تشبيها بالجذع من الحيوانات.
جذو: الجذوة والجذوة الذى يبقى من الحطب بعد الالتهاب والجمع جذى وجذى قال عزوجل: (أو جذوة من النار) قال الخليل: يقال جذا يجذو نحو جثا يجثو إلا أن جذا أدل على اللزوم، يقال جذا القراد في جنب البعير إذا شد التزاقه به، وأجذت الشجرة صارت ذات جذوة وفى الحديث: " كمثل الارزة المجذية " ورجل جاذ: مجموع الباع كأن يديه جذوة وامرأة جاذية.
جرح: الجرح أثر داء في الجلد يقال جرحه جرحا فهو جريح ومجروح، قال تعالى: (والجروح قصاص) وسمى القدح في الشاهد جرحا تشبيها به، وتسمى الصائدة من الكلاب والفهود والطيور جارحة وجمعها جوارح إما لانها تجرح وإما لانها تكسب، قال عزوجل: (وما علمتم من الجوارح مكلبين) وسميت الاعضاء الكاسبة جوارح تشبيها بها لاحد هذين، والاجتراح اكتساب الاثم وأصله من الجراحة كما أن الاقتراف من قرف القرحة،
قال تعالى: (أم حسب الذين اجترحوا السيئات).
جرد: الجراد معروف قال تعالى: (فأرسلنا عليهم الطوفان والجراد والقمل) وقال: (كأنهم جراد منتشر) فيجوز أن يجعل أصلا فيشتق من فعله جرد الارض ويصح أن يقال سمى ذلك لجرده الارض من النبات، يقال أرض مجرودة أي أكل ما عليها حتى تجردت، وفرس أجرد منحسر الشعر، وثوب جرد خلق وذلك لزوال وبره وقوته.
وتجرد عن الثوب وجردته عنه وامرأة حسنة المتجرد، وروى جردوا القرآن أي لا تلبسوه شيئا آخر ينافيه، وانجرد بنا السير وجرد الانسان شرى جلده من أكل الجراد.
جرز: قال عزوجل (صعيدا جرزا) أي منقطع النبات من أصله، وأرض مجروزة أكل ما عليها والجروز الذى يأكل على الخوان وفى مثل: لا ترضى شانية إلا بجرزه أي باستئصال، والجارز الشديد من السعال تصور منه معنى الجرز، والجراز قطع بالسيف وسيف جراز.
جرع: جرع الماء يجرع وقيل جرع
وتجرعه إذا تكلف جرعه قال عزوجل: (يتجرعه ولا يكاد يسيغه) والجرعة قدر ما يتجرع وأفلت بجريعة الذقن بقدر جرعة من النفس، ونوق مجاريع لم يبق في ضروعها من اللبن إلا جرع، والجرع والجرعاء رمل لا ينبت شيئا كأنه يتجرع البذر.
جرف: قال عزوجل (على شفا جرف هار) يقال للمكان الذى يأكله السيل فيجرفه أي يذهب به جرف، وقد جرف الدهر ماله أي اجتاحه تشبيها به، ورجل جراف نكحة كأنه يجرف في ذلك العمل.
جرم: أصل الجرم قطع الثمرة عن الشجر ورجل جارم وقوم جرام وثمر جريم والجرامة ردئ التمر المجروم وجعل بناؤه بناء النفاية، وأجرم صار ذا جرم نحو أثمر وأتمر وألبن، واستعير ذلك لكل اكتساب مكروه ولا يكاد يقال في عامة كلامهم للكيس المحمود ومصدره جرم، وقول الشاعر في صفة عقاب.
* جريمة نامض في رأس نيق * فإنه سمى اكتسابها لاولادها جرما من حيث إنها تقتل الطيور أو لانه تصورها بصورة مرتكب الجرائم لاجل أولادها كما قال
بعضهم ما ذو ولد وإن كان بهيمة إلا ويذنب لاجل أولاده، فمن الاجرام قوله عزوجل: (إن الذين أجرموا كانوا من الذين آمنوا يضحكون) وقال تعالى (فعلى إجرامي) وقال تعالى (كلوا وتمتعوا قليلا إنكم مجرمون) وقال تعالى (إن المجرمين في ضلال وسعر) وقال عزوجل: (إن المجرمين في عذاب جهنم خالدون) ومن جرم قال تعالى (لا يجرمنكم شقاقي أن يصيبكم) فمن قرأ بالفتح فنحو بغيته مالا ومن ضم فنحو أبغيته مالا أي أغثته قال عزوجل (لا يجرمنكم شنآن قوم على أن لاتعدلوا) وقوله عزوجل: (فعلى إجرامي) فمن كسر فمصدر ومن فتح فجمع جرم، واستيعر من الجرم أي القطع حرمت صوف الشاة وتجرم الليل.
والجرم في الاصل المجروم نحو نقض ونفض للمنقوض والمنفوض وجعل اسما للجسم المجروم وقولهم فلان حسن الجرم أي اللون فحقيقته كقولك حسن السخاء.
وأما قولهم حسن الجرم أي الصوت فالجرم في الحقيقة إشارة إلى موضع الصوت لا إلى ذات الصوت ولكن لما كان المقصود بوصفه بالحسن هو الصوت فسر به كقولك
فلان طيب الحلق وإنما ذلك إشارة إلى الصوت لا إلى الحلق نفسه، وقوله عزوجل (لاجرم) قيل إن " لا " يتناول محذوفا نحو " لا " في قوله: (لا أقسم) وفى قول الشاعر: * لا وأبيك ابنة العامري * ومعنى جرم كسب أو جنى (وأن لهم النار) في موضع المفعول كأنه قال كسب لنفسه النار، وقيل جرم وجرم بمعنى لكن خص بهذا الموضع جرم كما خص عمر بالقسم وإن كان عمر وعمر بمعنى ومعناه ليس بجرم أن لهم النار تنبيها أنهم اكتسبوها بما ارتكبوه إشارة إلى نحو قوله (ومن أساء فعليها) وقد قيل في ذلك أقوال أكثرها ليس بمرتضى عند التحقيق وعلى ذلك قوله عزوجل (فالذين لا يؤمنون بالآخرة قلوبهم منكرة وهم مستكبرون.
لاجرم أن الله يعلم ما يسرون وما يعلنون) وقال تعالى: (لا جرم أنهم في الآخرة هم الخاسرون).
جرى: الجرى المر السريع وأصله كمر الماء ولما يجرى بجريه، يقال جرى يجرى جرية وجريا وجريانا قال عزوجل: (وهذه
الانهار تجرى من تحتي) وقال تعالى: (جنات عدن تجرى من تحتها الانهار) قال (ولتجرى الفلك) وقال تعالى: (فيها عين جارية) وقال: (إنا لما طغى الماء حملناكم في الجارية) أي في السفينة التى تجرى في البحر وجمعها جوار قال عزوجل (الجوار المنشآت) وقال تعالى (ومن آياته الجوار في البحر كالاعلام) ويقال للحوصلة جرية إما لانتهاء الطعام إليها في جريه أو لانها مجرى للطعام.
والاجريا العادة التى يجرى عليها الانسان والجرى الوكيل والرسول الجارى في الامر وهو أخص من لفظ الرسول والوكيل وقد جريت جريا وقوله عليه السلام " لا يستجرينكم الشيطان " يصح أن يدعى فيه معنى الاصل أي لا يحملنكم أن تجروا في ائتماره وطاعته ويصح أن تجعله من الجرى أي الرسول والوكيل ومعناه لا تتولوا وكالة الشيطان ورسالته وذلك إشارة إلى نحو قوله عز وجل (فقاتلوا أولياء الشيطان) وقال عزوجل (إنما ذلكم الشيطان يخوف أولياءه).
جزع: قال تعالى (سواء علينا أجزعنا أم صبرنا) الجزع أبلغ من الحزن فإن الحزن عام والجزع هو حزن يصرف الانسان عما هو
بصدده ويقطعه عنه، وأصل الجزع قطع الحبل من نصفه يقال جزعته فانجزع ولتصور الانقطاع منه قيل جزع الوادي لمنقطعه، ولانقطاع اللون بتغيره قيل للخرز المتلون جزع وعنه استعير قولهم لحم مجزع إذا كان ذا لونين، وقيل للبسرة إذا بلغ الارطاب نصفها مجزعة، والجازع خشبة تجعل في وسط البيت فتلقى عليها رؤوس الخشب من الجانبين وكأنما سمى
بذلك إما لتصور الجزعة لما حمل من العبء وإما لقطعه بطوله وسط البيت.
جزء: جزء الشئ ما يتقوم به جملته كأجزاء السفينة وأجزاء البيت وأجزاء الجملة من الحساب.
قال الله تعالى: (ثم اجعل على كل جبل منهن جزءا) وقال عزوجل: (لكل باب منهم جزء مقسوم) أي نصيب وذلك جزء من الشئ وقال تعالى: (وجعلوا له من عباده جزءا) وقيل ذلك عبارة عن الاناث من قولهم أجزأت المرأة أتت بأنثى، وجزأ الابل مجزأ وجزءا اكتفى بالبقل عن شرب الماء.
وقيل اللحم السمين أجزأ من المهزول، وجزأة السكين العود الذى فيه السيلان تصورا أنه جزء منه.
جزاء: الجزاء الغناء والكفاية قال الله تعالى: (تجزى نفس عن نفس شيئا) وقال تعالى: (لا يجزى والد عن ولده ولا مولود هو جاز عن والده شيئا) والجزاء ما فيه الكفاية من المقابلة إن خيرا فخير وإن شرا فشر، يقال جزيته كذا وبكذا قال الله تعالى.
(وذلك جزاء من تزكى) وقال: (فله جزاء الحسنى - وجزاء سيئة سيئة مثلها) وقال تعالى: (وجزاهم بما صبروا جنة وحريرا) وقال عزوجل: (جزاؤكم جزاء موفورا - أولئك يجزون الغرفة بما صبروا - وما تجزون إلا ما كنتم تعملون) والجزية ما يؤخذ من أهل الذمة وتسميتها بذلك للاجتزاء بها في حقن دمهم قال الله تعالى: (حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون) ويقال جازيك فلان أي كافيك ويقال جزيته بكذا وجازيته ولم يجئ في القرآن إلا جزى دون جازى وذاك أن المجازاة هي المكافأة وهى المقابلة من كل واحد من الرجلين والمكافأة هي مقابلة نعمة بنعمة هي كفؤها ونعمة الله تعالى ليست من ذلك ولهذا لا يستعمل لفظ المكافأة في الله عز وجل وهذا ظاهر.
جس: قال الله تعالى: (ولا تجسسوا) أصل
الجس مس العرق وتعرف نبضه للحكم به على الصحة والسقم وهو أخص من الحس فإن الحس تعرف ما يدركه الحس، والجس تعرف حال ما من ذلك ومن لفظ الجس اشتق الجاسوس.
جسد: الجسد كالجسم لكنه أخص.
قال الخليل رحمه الله: لا يقال الجسد لغير الانسان من خلق الارض ونحوه وأيضا فإن الجسد ماله لون والجسم يقال لما لا يبين له لون كالماء والهواء وقوله عزوجل: (وما جعلناهم جسدا لا يأكلون الطعام) يشهد لما قال الخليل وقال: (عجلا جسدا له خوار) وقال تعالى: (وألقينا على كرسيه جسدا ثم أناب) وباعتبار اللون قيل للزعفران جساد وثوب مجسد مصبوغ بالجساد، والمجسد الثوب الذى بلى الجسد والجسد والجاسد، والجسد من الدم ما قد يبس.
جسم: الجسم ماله طول وعرض وعمق ولا تخرج أجزاء الجسم عن كونها أجساما وإن قطع ما قطع وجزئ ما قد جزئ، قال الله تعالى: (وزاده بسطة في العلم والجسم -
وإذا رأيتهم تعجبك أجسامهم) تنبيها أن لا وراء الاشباح معنى معتد به، والجسمان قيل هو الشخص والشخص قد يخرج من كونه شخصا بتقطيعه وتجزئته بخلاف الجسم.
جعل: جعل لفظ عام في الافعال كلها وهو أعم من فعل وصنع وسائر أخواتها ويتصرف على خمسة أوجه، الاول: يجرى مجرى صار وطفق فلا يتعدى نحو جعل زبد يقول كذا، قال الشاعر: فقد جعلت قلوص بنى سهيل * من الاكوار مرتعها قريب والثانى: يجرى مجرى أو جد فيتعدى إلى مفعول واحد نحو قوله عزوجل: (وجعل الظلمات والنور - وجعل لكم السمع والابصار والافئدة) والثالث: في إيجاد شئ من شئ وتكوينه منه نحو: (وجعل لكم من أنفسكم أزواجا - وجعل لكم من الجبال أكنانا - وجعل لكم فيها سبلا) والرابع: في تصيير الشئ على حالة دون حالة نحو: (الذى جعل لكم الارض فراشا) وقوله: (جعل لكم مما خلق ظلالا - وجعل القمر فيهن نورا) وقوله تعالى: (إنا جعلناه قرآنا عربيا) والخامس: الحكم بالشئ على الشئ
حقا كان أو باطلا فأما الحق فنحو قوله تعالى (إنا رادوه إليك وجاعلوه من المرسلين) وأما الباطل فنحو قوله عزوجل: (وجعلوا لله مما ذرأ من الحرث والانعام نصيبا - ويجعلون لله البنات - الذين جعلوا القرآن عضين) والجعالة خرقة ينزل بها القدر، والجعل والجعالة والجعيلة ما يجعل للانسان بفعله فهو أعم من الاجرة والثواب، وكلب يجعل كناية عن طلب السفاد والجعل دويبة.
جفن: الجفنة خصت بوعاء الاطعمة وجمعها جفان قال عزوجل: (وجفان كالجواب) وفى حديث: " وائت الجفنة الغراء " أي الطعام، وقيل للبئر الصغيرة جفنة تشبيها بها، والجفن خص بوعاء السيف والعين وجمعه أجفان وسمى الكرم جفنا تصورا أنه وعاء العنب.
جفا: قال الله تعالى: (فأما الزبد فيذهب جفاء) وهو ما يرمى به الوادي أو القدر من الغثاء إلى جوانبه يقال أجفأت القدر زبدها ألقته إجفاء، وأجفأت الارض صارت كالجفاء في ذهاب خيرها وقيل أصل ذلك الواو لا الهمز، ويقال جفت القدر وأجفت ومنه الجفاء وقد جفوته أجفوه جفوة وجفاء، ومن أصله أخذ
جفا السرج عن ظهر الدابة رفعه عنه.
جل: الجلالة عظم القدر والجلال بغير الهاء التناهى في ذلك وخص بوصف الله تعالى فقيل (ذو الجلال والاكرام) ولم يستعمل
في غيره، والجليل العظيم القدر ووصفه تعالى بذلك إما لخلقه الاشياء العظيمة المستدل بها عليه أو لانه يجل عن الاحاطة به أو لانه يجل أن يدرك بالحواس وموضوعه للجسم العظيم الغليظ ولمراعاة معنى الغلظ فيه قوبل بالدقيق، وقوبل العظيم بالصغير فقيل جليل ودقيق وعظيم وصغير.
وقيل للبعير جليل وللشاة دقيق اعتبارا لاحدهما بالآخر فقيل ما له جليل ولا دقيق وما أجلني ولا أدقنى أي ما أعطاني بعيرا ولا شاة، ثم صار مثلا في كل كبير وصغير، وخص الجلالة بالناقة الجسيمة والجلة بالمسان منها، والجلل كل شئ عظيم، وجللت كذا تناولت وتجللت البقر تناولت جلاله والجلل المتناول من البقر وعبر به عن الشئ الحقير وعلى ذلك قوله كل مصيبة بعده جلل، والجلل ما يغطى به الصحف ثم سميت الصحف مجلة.
وأما الجلجلة فحكاية الصوت وليس من ذلك
الاصل في شئ، ومنه سحاب مجلجل أي مصوت، فأما سحاب مجلل فمن الاول كأنه يجلل الارض بالماء والنبات.
جلب: أصل الجلب سوق الشئ يقال جلبت جلبا، قال الشاعر: * وقد يجلب الشئ البعيد الجواب * وأجلبت عليه صحت عليه بقهر قال الله عزوجل: (وأجلب عليهم بخيلك ورجلك) والجلب المنهى عنه في قوله: " لا جلب " قيل هو أن يجلب المصدق أغنام القوم عن مرعاها فيعدها، وقيل هو أن يأتي أحد المتسابقين بمن يجلب على فرسه وهو أن يزجره ويصيح به ليكون هو السابق.
والجلبة قشرة تعلو الجرح وأجلب فيه والجلب سحابة رقيقة تشبه الجلبة، والجلابيب القمص والخمر الواحد جلباب.
جلت: قال تعالى: (ولما برزوا لجالوت وجنوده) وذلك أعجمى لا أصل له في العربية.
جلد: الجلد قشر البدن وجمعه جلود، قال الله تعالى: (كلما نضجت جلودهم بدلناهم جلودا غيرها) وقوله تعالى: (الله نزل أحسن الحديث كتابا متشابها مثانى تقشعر منه جلود الذين يخشون ربهم ثم تلين جلودهم
وقلوبهم إلى ذكر الله) والجلود عبارة عن الابدان، والقلوب عن النفوس.
وقوله عز وجل: (حتى إذا جاءوها شهد عليهم سمعهم وأبصارهم وجلودهم بما كانوا يعملون - وقالوا لجلودهم لم شهدتم علينا) فقد قيل الجلود ههنا كناية عن الفروج.
وجلده ضرب جلده نحو بطنه وظهره وضربه بالجلد نحو عصاه إذا ضربه بالعصا، وقال تعالى: (فاجلدوهم ثمانين جلدة) والجلد الجلد المنزوع عن الحوار وقد جلد جلدا فهو جلد وجليد أي قوى وأصله لاكتساب الجلد قوة، ويقال ماله معقول ولا مجلود أي عقل وجلد، وأرض جلدة تشبيها بذلك وكذا ناقة جلدة وجلدت كذا
أي جعلت له جلدا وفرس مجلد لا يفزع من الضرب وإنما هو تشبيه بالمجلد الذى لا يلحقه من الضرب ألم والجليد الصقيع تشبيها بالجلد في الصلابة.
جلس: أصل الجلس الغليظ من الارض وسمى النجد جلسا لذلك، وروى أنه عليه السلام أعطاهم المعادن القبلية غوريها وجلسها، وجلس أصله أن يقصد بمقعده جلسا من الارض ثم
جعل الجلوس لكل قعود والمجلس لكل موضع يقعد فيه الانسان.
قال الله تعالى: (وإذا قيل لكم تفسحوا في المجالس فافسحوا يفسح الله لكم).
جلو: أصل الجلو الكشف الظاهر يقال أجليت القوم عن منازلهم فجلوا عنها أي أبرزتهم عنها ويقال جلاه نحو قول الشاعر: فلما جلاها بالايام تحيرت * ثبات عليها ذلها واكتئابها وقال الله عزوجل: (ولو لا أن كتب الله عليهم الجلاء لعذبهم في الدنيا) ومنه جلالى خبر وخبر جلى وقياس جلى ولم يسمع فيه جال، وجلوت العروس جلوة وجلوت السيف جلاء والسماء جلواء أي مصحية ورجل أجلى انكشف بعض رأسه عن الشعر.
والتجلى قد يكون بالذات نحو: (والنهار إذا تجلى) وقد يكون بالامر والفعل نحو: (فلما تجلى ربه للجبل) وقيل فلان ابن جلا أي مشهور وأجلوا عن قتيل إجلاء.
جم: قال الله تعالى: (وتحبون المال حبا جما) أي كثيرا من جمة الماء أي معظمه ومجتمعه الذى جم فيه الماء عن السيلان، وأصل الكلمة من الجمام أي الراحة للاقامة وترك
تحمل التعب، وجمام المكوك دقيقا إذا امتلا حتى عجز عن تحمل الزيادة ولاعتبار معنى الكثرة قيل الجمة لقوم يجتمعون في تحمل مكروه ولما اجتمع من شعر الناصية، وجمة البئر مكان يجتمع فيه الماء كأنه أجم أياما، وقيل للفرس جموم الشد تشبيها به، والجماء الغفير والجم الغفير الجماعة من الناس وشاة جماء لا قرن لها اعتبارا بجمة الناصية.
جمح: قال تعالى: (وهم يجمحون) أصله في الفرس إذا غلب فارسه بنشاطه في مروره وجريانه وذلك أبلغ من النشاط والمرح، والجماح سهم يجعل على رأسه كالبندقة يرمى به الصبيان.
جمع: الجمع ضم الشئ بتقريب بعضه من بعض، يقال جمعته فاجتمع، وقال عزوجل: (وجمع الشمس والقمر - وجمع فأوعى - جمع مالا وعدده) وقال تعالى: (يجمع بيننا ربنا ثم يفتح بيننا بالحق) وقال تعالى: (لمغفرة من الله ورحمة خير مما يجمعون - قل لئن اجتمعت الانس والجن) وقال تعالى: (فجمعناهم جمعا) وقال تعالى: (إن الله جامع
المنافقين - وإذا كانوا معه على أمر جامع) أي أمر له خطر يجتمع لاجله الناس فكأن الامر نفسه جمعهم وقوله تعالى: (ذلك يوم مجموع له الناس) أي جمعوا فيه نحو (ذلك يوم الجمع) وقال تعالى: (يوم يجمعكم ليوم الجمع) ويقال للمجموع جمع وجميع وجماعة وقال تعالى: (وما أصابكم يوم التقى الجمعان) وقال عزوجل (وإن كل لما جميع لدينا محضرون) والجماع يقال في أقوام متفاوتة اجتمعوا قال الشاعر: بجمع غير جماع * وأجمعت كذا أكثر ما يقال فيما يكون جمعا يتوصل إليه بالفكرة نحو (فأجمعوا أمركم وشركاءكم) قال الشاعر: * هل أغزون يوما وأمري مجمع * وقال تعالى: (فأجمعوا كيدكم) ويقال أجمع المسلمون على كذا اجتمعت آراؤهم عليه ونهب مجمع ما توصل إليه بالتدبير والفكرة وقوله عزوجل: (إن الناس قد جمعوا لكم) قيل جمعوا آراءهم في التدبير عليكم وقيل جمعوا جنودهم.
وجميع وأجمع وأجمعون يستعمل لتأكيد الاجتماع على الامر، فأما أجمعون
فتوصف به المعرفة ولا يصح نصبه على الحال نحو قوله تعالى: (فسجد الملائكة كلهم أجمعون - وأتوني بأهلكم أجمعين) فأما جميع فإنه قد ينصب على الحال فيؤكد به من حيث المعنى نحو: (اهبطوا منها جميعا) وقال (فكيدوني جميعا) وقولهم يوم الجمعة لاجتماع الناس للصلاة، قال تعالى (إذا نودى للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله) ومسجد الجامع أي الامر الجامع أو الوقت الجامع وليس الجامع وصفا للمسجد، وجمعوا شهدوا الجمعة أو الجامع أو الجماعة.
وأتان جامع إذا حملت وقدر جماع جامع عظيمة واستجمع الفرس جريا بالغ فمعنى الجمع ظاهر، وقولهم ماتت المرأة بجمع إذا كان ولدها في بطنها فلتصور اجتماعهما، وقولهم هي منه بجمع إذا لم تفتض فلاجتماع ذلك العضو منها وعدم التشقق فيه.
وضربه بجمع كفه إذا جمع أصابعه فضربه بها وأعطاه من الدراهم جمع الكف أي ما جمعته كفه، والجوامع الاغلال لجمعها الاطراف.
جمل: الجمال الحسن الكثير وذلك ضربان أحدهما جمال يختص الانسان به في نفسه أو بدنه أو فعله، والثانى ما يوصل منه إلى غيره.
وعلى هذا الوجه ما روى عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال " إن الله جميل يحب الجمال " تنبيها أنه منه تفيض الخيرات الكثيرة فيحب من يختص بذلك.
وقال تعالى: (ولكم فيها جمال حين تريحون) ويقال جميل وجمال وجمال على التكثير قال الله: (فصبر جميل - فاصبر صبرا جميلا) وقد جاملت فلانا وأجملت في كذا، وجمالك أي أجمل واعتبر منه معنى الكثرة فقيل لكل
جماعة غير منفصلة جملة ومنه قيل للحساب الذى لم يفصل والكلام الذى لم يبين تفصيله مجمل وقد أجملت الحساب وأجملت في الكلام قال تعالى: (وقال الذين كفروا لولا نزل عليه القرآن جملة واحدة) أي مجتمعا لا كما أنزل نجوما مفترقة، وقول الفقهاء المجمل ما يحتاج إلى بيان فليس بحد له ولا تفسير وإنما هو ذكر أحد أحوال بعض الناس معه، والشئ يجب أن تبين صفته في نفسه التى بها يتميز، وحقيقة المجمل هو المشتمل على جملة أشياء كثيرة غير ملخصة.
والجمل يقال للبعير إذا بزل وجمعه جمال وأجمال وجمالة، قال الله تعالى: (حتى يلج الجمل في سم الخياط) وقوله (جمالات صفر)
جمع جمالة، والجمالة جمع جمل وقرئ جمالات بالضم وقيل هي القلوص، والجامل قطعة من الابل معها راعيها كالباقر، وقولهم اتخذ الليل جملا فاستعارة كقولهم ركب الليل وتسمية الجمل بذلك يكون لما قد أشار إليه بقوله (ولكم فيها جمال) لانهم كانوا يعدون ذلك جمالا لهم.
وجملت الشحم أذبته والجميل الشحم المذاب والاجتمال الادهان به.
وقالت امرأة لبنتها تجملي وتعففى أي كلى الجميل واشربي العفافة.
جن: أصل الجن ستر الشئ عن الحاسة، يقال جنه الليل وأجنه وجن عليه فجنه ستره وأجنه جعل له ما يجنه كقولك قبرته وأقبرته وسقيته وأسقيته.
وجن عليه كذا ستر عليه قال عزوجل (فلما جن عليه الليل رأى كوكبا) والجنان القلب لكونه مستورا عن الحاسة والمجن والمجنة الترس الذى يجن صاحبه قال عز وجل: (اتخذوا أيمانهم جنة) وفى الحديث: " الصوم جنة " والجنة كل بستان ذى شجر يستر بأشجاره الارض، قال عزوجل: (لقد كان لسبا في مسكنهم آية جنتان عن يمين وشمال - وبدلناهم بجنتيهم جنتين - ولولا
إذ دخلت جنتك) قيل وقد تسمى الاشجار الساترة جنة، وعلى ذلك حمل قول الشاعر: * من النواضح تسقى جنة سحقا * وسميت الجنة إما تشبيها بالجنة في الارض وإن كان بينهما بون، وإما لستره نعمها عنا المشار إليها بقوله تعالى (فلا تعلم نفس ما أخفى لهم من قرة أعين) قال ابن عباس رضى الله عنه: إنما قال جنات بلفظ الجمع لكون الجنان سبعا جنة الفردوس وعدن وجنة النعيم ودار الخلد وجنة المأوى ودار السلام وعليين.
والجنين الولد مادام في بطن أمه وجمعه أجنة قال تعالى (وإذا أنتم أجنة في بطون أمهاتكم) وذلك فعيل في معنى مفعول، والجنين القبر، وذلك فعيل في معنى فاعل، والجن يقال على وجهين: أحدهما للروحانيين المستترة عن الحواس كلها بإزاء الانس فعلى هذا تدخل فيه
الملائكة والشياطين فكل ملائكة جن وليس كل جن ملائكة، وعلى هذا قال أبو صالح: الملائكة كلها جن، وقيل بل الجن بعض الروحانيين، وذلك أن الروحانيين ثلاثة:
أخيار وهم الملائكة، وأشرار وهم الشياطين، وأوساط فيهم أخيار وأشرار، وهم الجن ويدل على ذلك قوله تعالى (قل أوحى إلى) إلى قوله عزوجل (وأنا منا المسلمون ومنا القاسطون) والجنة جماعة الجن قال تعالى: (من الجنة والناس) وقال تعالى: (وجعلوا بينه وبين الجنة نسبا) والجنة الجنون.
وقال تعالى: (ما بصاحبكم من جنة) أي جنون والجنون حائل بين النفس والعقل وجن فلان قيل أصابه الجن وبنى فعله على فعل كبناء الادواء نحو: زكم ولقى وحم، وقيل اصيب جنانه وقيل حين بين نفسه وعقله فجن عقله بذلك وقوله تعالى (معلم مجنون) أي ضامه من يعلمه من الجن وكذلك قوله تعالى: (أئنا لتاركوا آلهتنا لشاعر مجنون) وقيل جن التلاع والآفاق أي كثر عشبها حتى صارت كأنها مجنونة وقوله تعالى (والجان خلقناه من قبل من نار السموم) فنوع من الجن وقوله تعالى (كأنها جان) قيل ضرب من الحيات.
جنب: أصل الجنب الجارحة وجمعه جنوب، قال الله عز وجل (فتكوى بها جباههم وجنوبهم) وقال تعالى: (تتجافى جنوبهم عن
المضاجع) وقال عزوجل (قياما وقعودا وعلى جنوبهم) ثم يستعار في الناحية التى تليها كعادتهم في استعارة سائر الجوارح لذلك نحو اليمين والشمال كقول الشاعر: * من عن يمينى مرة وأمامي * وقيل جنب الحائط وجانبه (والصاحب بالجنب) أي القريب، وقال تعالى (يا حسرتى على ما فرطت في جنب الله) أي في أمره وحده الذى حده لنا، وسار جنيبه وجنيبته وجنابيه وجنابيته، وجنبته أصبت جنبه نحو: كبدته وفأدته، وجنب شكا جنبه نحو كبد وفئد، وبنى من الجنب الفعل على وجهين أحدهما الذهاب على ناحيته والثانى الذهاب إليه فالاول نحو جنبته وأجنبته ومنه (والجار الجنب) أي البعيد، قال الشاعر: * فلا تحرمنى نائلا عن جنابة * أي عن بعد، ورجل جنب وجانب قال عزوجل (إن تجتنبوا كبائر ما تنهون عنه - الذين يجتنبون كبائر الاثم) وقال عزوجل: (واجتنبوا قول الزور - واجتنبوا الطاغوت) عبارة عن تركهم إياها (فاجتنبوه لعلكم تفلحون) وذلك أبلغ من قولهم اتركوه،
وجنب بنو فلان إذا لم يكن في إبلهم اللبن، وجنب فلان خيرا وجنب شرا قال تعالى في النار: (وسيجنبها الاتقى الذى يؤتى ماله يتزكى) وإذا أطلق فقيل جنب فلان فمعناه أبعد عن
الخير وكذلك يقال في الدعاء في الخير وقوله عز وجل (واجنبني وبنى أن نعبد الاصنام) من جنبته عن كذا أي أبعدته وقيل هو من جنبت الفرس كأنما سأله أن يقوده عن جانب الشرك بألطاف منه وأسباب خفية.
والجنب الروح في الرجلين وذلك إبعاد إحدى الرجلين عن الاخرى خلقة وقوله تعالى: (وإن كنتم جنبا فاطهروا) أي إن أصابتكم الجنابة وذلك بإنزال الماء أو بالتقاء الختانين.
وقد جنب وأجنب واجتنب وتجنب وسميت الجنابة بذلك لكونها سببا لتجنب الصلاة في حكم الشرع، والجنوب يصح أن يعتبر فيها معنى المجئ من جانب الكعبة وأن يعتبر فيها معنى الذهاب عنه لان المعنيين فيها موجودان، واشتق من الجنوب جنبت الريح هبت جنوبا فأجنبنا دخلنا فيها وجنبنا أصابتنا وسحابة مجنوبة هبت عليها.
جنح: الجناح جناح الطائر يقال جنح الطائر أي كسر جناحه قال تعالي: (ولا طائر يطير بجناحيه) وسمى جانبا الشئ جناحيه فقيل جناحا السفينة وجناحا العسكر وجناحا الوادي وجناحا الانسان لجانبيه، قال عزوجل: (واضمم يدك إلى جناحك) أي جانبك، واضمم إليك جناحك عبارة عن اليد لكون الجناح كاليد، ولذلك قيل لجناحي الطائر يداه وقوله عزوجل: (واخفض لهما جناح الذل من الرحمة) فاستعارة، وذلك أنه لما كان الذل ضربين: ضرب يضع الانسان، وضرب يرفعه، وقصد في هذا المكان إلى ما يرفعه لا إلى ما يضعه استعار لفظ الجناح فكأنه قيل استعمل الذل الذى يرفعك عند الله تعالى من أجل اكتسابك الرحمة أو من أجل رحمتك لهما (واضممم إليك جناحك من الرهب) وجنحت العير في سيرها أسرعت كأنها استعانت بجناح، وجنح الليل أظل بظلامه والجنح قطعة من الليل مظلمة، قال تعالى: (وإن جنحوا للسلم فاجنح لها) أي مالوا من قولهم جنحت السفينة أي مالت إلى أحد جانبيها وسمى الاثم المائل بالانسان عن الحق جناحا، ثم سمى كل إثم
جناحا نحو قوله تعالى: (لا جناح عليكم) في غير موضع، وجوانح الصدر الاضلاع المتصلة رؤوسها في وسط الزور، الواحدة جانحة وذلك لما فيها من الميل.
جند: يقال للعسكر الجند اعتبارا بالغلظة من الجند أي الارض الغليظة التى فيها حجارة ثم يقال لكل مجتمع جند نحو الارواح جنود مجندة قال تعالى: (وإن جندنا لهم الغالبون - إنهم جند مغرقون) وجمع الجند أجناد وجنود قال تعالى (وجنود إبليس أجمعون - وما يعلم جنود ربك إلا هو - اذكروا نعمة الله عليكم إذ جاءتكم جنود فأرسلنا عليهم ريحا وجنودا
لم تروها) فالجنود الاولى من الكفار والجنود الثانية التى لم تروها الملائكة.
جنف: أصل الجنف ميل في الحكم فقوله (فمن خاف من موص جنفا) أي ميلا ظاهرا وعلى هذا غير متجانف لاثم: أي مائل إليه.
جنى: جنيت الثمرة واجتنيتها والجنى والجنى المجتنى من الثمر والعسل وأكثر ما يستعمل الجنى فيما كان غضا، قال تعالى:
(تساقط عليك رطبا جنيا) وقال تعالى (وجنا الجنتين دان) وأجنى الشجر أدرك ثمره والارض كثر جناها واستعير من ذلك جنى فلان جناية كما استعير اجترم.
جهد: الجهد والجهد الطاقة والمشقة وقيل الجهد بالفتح المشقة والجهد الواسع وقيل الجهد للانسان، وقال تعالى (والذين لا يجدون إلا جهدهم) وقال تعالى: (وأقسموا بالله جهد أيمانهم) أي حلفوا واجتهدوا في الحلف أن يأتوا به على أبلغ ما في وسعهم.
والاجتهاد أخذ النفس ببذل الطاقة وتحمل المشقة، يقال جهدت رأيى وأجهدته أتعبته بالفكر، والجهاد والمجاهدة استفراغ الوسع في مدافعة العدو، والجهاد ثلاثة أضرب: مجاهدة العدو الظاهر، ومجاهدة الشيطان، ومجاهدة النفس، وتدخل ثلاثتها في قوله تعالى: (وجاهدوا في الله حق جهاده - وجاهدوا بأموالكم وأنفسكم في سبيل الله - إن الذين آمنوا وهاجروا وجاهدوا بأموالهم وأنفسهم في سبيل الله) وقال صلى الله عليه وسلم: " جاهدوا أهواءكم كما تجاهدون أعداءكم " والمجاهدة تكون باليد واللسان، قال صلى الله عليه وسلم: " جاهدوا الكفار
بأيديكم وألسنتكم ".
جهر: يقال لظهور الشئ بإفراط حاسة البصر أو حاسة السمع، أما البصر فنحو: رأيته جهارا، قال الله تعالى: (لن نؤمن لك حتى نرى الله جهرة - أرنا الله جهرة) ومنه جهر البئر واجتهرها إذا أظهر ماءها، وقيل ما في القوم أحد يجهر عينى، والجوهر فوعل منه وهو ما إذا بطل بطل محموله، وسمى بذلك لظهوره للحاسة.
وأما السمع فمنه قوله تعالى: (سواء منكم من أسر القول ومن جهر به) وقال عزوجل: (وإن تجهر بالقول فإنه يعلم السر وأخفى - إنه يعلم الجهر من القول ويعلم ما تكتمون - وأسروا قولكم أو اجهروا به - ولا تجهر بصلاتك ولا تخافت بها) وقال: (ولا تجهروا له بالقول كجهر بعضكم لبعض) وقيل كلام جوهرى وجهير يقال لرفيع الصوت ولمن يجهر بحسنه.
جهز: قال تعالى: (فلما جهزهم بجهازهم) الجهاز ما يعد من متاع وغيره والتجهيز حمل ذلك أو بعثه، وضرب البعير بجهازه إذا ألقى متاعه في رجله فنفر، وجهيزة امرأة محمقة
وقيل للذئبة التى ترضع ولد غيرها جهيزة جهل: الجهل على ثلاثة أضرب، الاول: وهو خلو النفس من العلم، هذا هو الاصل، وقد جعل ذلك بعض المتكلمين معنى مقتضيا للافعال الجارية على غير النظام.
والثانى: اعتقاد الشئ بخلاف ما هو عليه.
والثالث: فعل الشئ بخلاف ما حقه أن يفعل سواء اعتقد فيه اعتقادا صحيحا أو فاسدا كمن يترك الصلاة متعمدا، وعلى ذلك قوله تعالى: (قالوا أتتخذنا هزوا قال أعوذ بالله أن أكون من الجاهلين) فجعل فعل الهزو جهلا، وقال عزوجل (فتبينوا أن تصيبوا قوما بجهالة) والجاهل تارة يذكر على سبيل الذم وهو الاكثر وتارة لا على سبيل الذم نحو: (يحسبهم الجاهل أغنياء من التعفف) أي من لا يعرف حالهم وليس يعنى المتخصص بالجهل المذموم.
والمجهل الامر والارض والخصلة التى تحمل الانسان على الاعتقاد بالشئ خلاف ما هو عليه.
واستجهلت الريح الغصن حركته كأنها حملته على تعاطى الجهل وذلك استعارة حسنة.
جهنم: اسم لنار الله الموقدة، قيل وأصلها فارسي معرب، وهو جهنام،
والله أعلم.
جيب: قال الله تعالى: (وليضربن بخمرهن على جيوبهن) جمع جيب.
جوب: الجوب قطع الجوبة وهى كالغائط من الارض ثم يستعمل في قطع كل أرض، قال تعالى: (وثمود الذين جابوا الصخر بالواد) ويقال هل عندك جائبة خبر ؟ وجواب الكلام هو ما يقطع الجوب فيصل من فم القائل إلى سمع المستمع، لكن خص بما يعود من الكلام دون المبتدإ من الخطاب، قال تعالى: (فما كان جواب قومه إلا أن قالوا) والجواب يقال في مقابلة السؤال، والسؤال على ضربين: طلب المقال وجوابه المقال، وطلب النوال وجوابه النوال، فعلى الاول: (أجيبوا داعى الله) وقال: (ومن لا يجب داعى الله) وعلى الثاني قوله: (قد أجيبت دعوتكما فاستقيما) أي أعطيتما ما سألتما، والاستجابة قيل هي الاجابة وحقيقتها هي التحرى للجواب والتهيؤ له، لكن عبر به عن الاجابة لقلة انفكاكها منها قال تعالى: (استجيبوا لله وللرسول) وقال: (ادعوني أستجب لكم - فليستجيبوا لى - فاستجاب لهم ربهم -
ويستجيب الذين آمنوا وعملوا الصالحات - والذين استجابوا لربهم) وقال تعالى: (وإذا سألك عبادي عنى فإنى قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان - فليستجيبوا لى - الذين استجابوا لله والرسول من بعد ما أصابهم القرح).
جود: قال تعالى: (واستوت على الجودى) قيل هو اسم جبل بين الموصل والجزيرة وهو في الاصل منسوب إلى الجود، والجود بذل
المقتنيات مالا كان أو علما، ويقال رجل جواد وفرس جواد يجود بمدخر عدوه، والجمع الجياد، قال الله تعالى: (بالعشى الصافنات الجياد) ويقال في المطر الكثير جود وفى الفرس جودة، وفى المال جود، وجاد الشئ جودة فهو جيد لما نبه عليه قوله تعالى: (أعطى كل شئ خلقه ثم هدى).
جأر: قال الله تعالى: (فإليه تجأرون) وقال تعالى: (إذا هم يجأرون - لاتجأروا اليوم) جأر إذا أفرط في الدعاء والتضرع تشبيها بجؤار الوحشيات كالظباء ونحوها.
جار: الجار من يقرب مسكنه منك وهو من الاسماء المتضايفة فإن الجار لا يكون
جارا لغيره إلا وذلك الغير جار له كالاخ والصديق، ولما استعظم حق الجار عقلا وشرعا عبر عن كل من يعظم حقه أو يستعظم حق غيره بالجار، قال تعالى: (والجار ذى القربى والجار الجنب) ويقال استجرته فأجارني، وعلى هذا قوله تعالى: (وإنى جار لكم) وقال عزوجل: (وهو يجير ولا يجار عليه) وقد تصور من الجار معنى القرب فقيل لمن يقرب من غيره جاره وجاوره وتجاور، قال تعالى: (لا يجاورونك فيها إلا قليلا) وقال تعالى: (وفى الارض قطع متجاورات) وباعتبار القرب قيل جار عن الطريق ثم جعل ذلك أصلا في العدول عن كل حق فبنى منه الجور، قال تعالى: (ومنها جائر) أي عادل عن المحجة، وقال بعضهم الجائر من الناس هو الذى يمنع من التزام ما يأمر به الشرع.
جوز: قال تعالى: (فلما جاوزه هو) أي تجاوز جوزه، وقال: (وجاوزنا ببنى إسرائيل البحر) وجوز الطريق وسطه وجاز الشئ كأنه لزم جوز الطريق وذلك عبارة عما يسوغ، وجوز السماء وسطها، والجوزاء قيل سميت بذلك لاعتراضها في جوز السماء، وشاة جوزاء أي
ابيض وسطها، وجزت المكان ذهبت فيه وأجزته أنفذته وخلفته.
وقيل استجزت فلانا فأجازنى إذا استسقيته فسقاك، وذلك استعارة.
والحقيقة ما لم يتجاوز ذلك.
جاس: قال الله تعالى: (فجاسوا خلال الديار) أي توسطوها وترددوا بينها ويقارب ذلك جاسوا وداسوا، وقيل الجوس طلب ذلك الشئ باستقصاء والمجوس معروف.
جوع: الجوع الالم الذى ينال الحيوان من خلو المعدة من الطعام، والمجاعة عبارة عن زمان الجدب، ويقال رجل جائع وجوعان إذا كثر جوعه.
جاء: جاء يجئ جيئة ومجيئا والمجئ كالاتيان لكن المجئ أعم لان الاتيان مجئ بسهولة والاتيان قد يقال باعتبار القصد وإن لم يكن منه الحصول، والمجئ يقال اعتبارا بالحصول، ويقال جاء في الاعيان والمعاني ولما
يكون مجيئه بذاته وبأمره ولمن قصد مكانا أو عملا أوزمانا، قال الله عزوجل: (وجاء من أقصى المدينة رجل يسعى - ولقد جاءكم يوسف من قبل بالبينات - ولما جاءت رسلنا
لوطا سئ بهم - فإذا جاء الخوف - إذا جاء أجلهم - بلى قد جاءتك آياتى - فقد جاءوا ظلما وزورا) أي قصدوا الكلام وتعدوه فاستعمل فيه المجئ كما استعمل فيه القصد، قال تعالى: (إذ جاءوكم من فوقكم ومن أسفل منكم - وجاء ربك والملك صفا صفا) فهذا بالامر لا بالذات وهو قول ابن عباس رضى الله عنه، وكذا قوله: (فلما جاءهم الحق) يقال جاءه بكذا وأجاءه، قال الله تعالى: (فأجاءها المخاض إلى جذع النخلة) قيل ألجأها وإنما هو معدى عن جاء وعلى هذا قولهم: شر ما أجاءك إلى مخة عرقوب، وقول الشاعر: * أجاءته المخافة والرجاء * وجاء بكذا استحضره نحو: (لولا جاءوا عليه بأربعة شهداء - وجئتك من سبإ بنبإ يقين) وجاء بكذا يختلف معناه بحسب اختلاف المجئ به.
جال: جالوت اسم ملك طاغ رماه داود عليه السلام فقتله، وهو المذكور في قوله تعالى: (وقتل داود جالوت).
جو: الجو الهواء، قال الله تعالى: (في جو السماء ما يمسكهن إلا الله) واسم اليمامة جو،
والله أعلم.
كتاب الحاءحب: الحب والحبة يقال في الحنطة والشعير ونحوهما من المطعومات، والحب والحبة في بزور الرياحين، قال الله تعالى: (كمثل حبة أنبتت سبع سنابل في كل سنبلة مائة حبة) وقال: (ولا حبة في ظلمات الارض) وقال تعالى: (إن الله فالق الحب والنوى) وقوله تعالى: (فأنبتنا به جنات وحب الحصيد) أي الحنطة وما يجرى مجراها مما يحصد، وفى الحديث: " كما تنبت الحبة في حميل السيل " والحب من فرط حبه، والحبب تنضد الاسنان تشبيها بالحب.
والحباب من الماء النفاخات تشبيها به، وحبة القلب تشبيها بالحبة في الهيئة، وحببت فلانا يقال في الاصل بمعنى أصبت حبة قلبه نحو شغفته وكبدته وفأدته.
وأحببت فلانا جعلت قلبى معرضا لحبه لكن في التعارف وضع محبوب موضع محب: واستعمل حببت أيضا في موضع أحببت، والمحبة إرادة ما تراه أو تظنه خيرا وهى على ثلاثة أوجه: محبة للذة كمحبة الرجل المرأة
ومنه: (ويطعمون الطعام على حبه مسكينا) ومحبة للنفع كمحبة شئ ينتفع به، ومنه: (وأخرى تحبونها، نصر من الله وفتح قريب) ومحبة للفضل كمحبة أهل العلم بعضهم لبعض لاجل العلم.
وربما فسرت المحبة بالارادة في نحو قوله تعالى: (فيه رجال يحبون أن يتطهروا) وليس كذلك فإن المحبة أبلغ من الارادة كما تقدم آنفا فكل محبة إرادة، وليس كل إرادة محبة، وقوله عزوجل: (إن استحبوا الكفر على الايمان) أي إن آثروه عليه، وحقيقة الاستحباب أن يتحرى الانسان في الشئ أن يحبه واقتضى تعديته بعلى معنى الايثار، وعلى هذا قوله تعالى: (وأما ثمود فهديناهم فاستحبوا) الآية، وقوله تعالى: (فسوف يأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه) فمحبة الله تعالى للعبد إنعامه عليه، ومحبة العبد له طلب الزلفى لديه.
وقوله تعالى: (إنى أحببت حب الخير عن ذكر ربى) فمعناه أحببت الخيل حبى للخير، وقوله تعالى: (إن الله يحب التوابين ويحب المتطهرين) أي يثيبهم وينعم عليهم وقال: (لا يحب كل كفار أثيم) وقوله تعالى: (إن الله لا يحب كل مختال فخور) تنبيها أنه بارتكاب الآثام يصير بحيث
لا يتوب لتماديه في ذلك وإذا لم يتبب لم يحبه
الله المحبة التى وعد بها التوابين والمتطهرين، وحبب الله إلى كذا، قال الله تعالى: (ولكن الله حبب إليكم الايمان) وأحب البعير إذا حرن ولزم مكانه كأنه أحب المكان الذى وقف فيه، وحبابك أن تفعل كذا أي غاية محبتك ذلك.
حبر: الحبر الاثر المستحسن ومنه ما روى " يخرج من النار رجل قد ذهب حبره وسبره " أي جماله وبهاؤه ومنه سمى الحبر، وشاعر محبر وشعر محبر وثوب حبير محسن، ومنه أرض محبار، والحبير من السحاب، وحبر فلان بقى بجلده أثر من قرح.
والحبر العالم وجمعه أحبار لما يبقى من أثر علومهم في قلوب الناس ومن آثار أفعالهم الحسنة المقتدى بها، قال تعالى: (اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون الله) وإلى هذا المعنى أشار أمير المؤمنين رضى الله عنه بقوله: العلماء باقون ما بقى الدهر، أعيانهم مفقودة وآثارهم في القلوب موجودة.
وقوله عزوجل: (في روضة يحبرون) أي يفرحون حتى يظهر عليهم حبار نعيمهم.
حبس: الحبس المنع من الانبعاث، قال عزوجل: (تحبسونهما من بعد الصلاة) والحبس مصنع الماء الذى يحبسه والاحباس جمع والتحبيس جعل الشئ موقوفا على التأبيد، يقال هذا حبيس في سبيل الله.
حبط: قال الله تعالى: (حبطت أعمالهم - ولو أشركوا لحبط عنهم ما كانوا يعملون - وسيحبط أعمالهم - ليحبطن عملك) وقال تعالى: (فأحبط الله أعمالهم) وحبط العمل على أضرب: أحدها أن تكون الاعمال دنيوية فلا تغنى في القيامة غناءا كما أشار إليه بقوله: (وقدمنا إلى ما عملوا من عمل فجعلناه هباءا منثورا) والثانى أن تكون أعمالا أخروية لكن لم يقصد بها صاحبها وجه الله تعالى كما روى " أنه يؤتى يوم القيامة برجل فيقال له بم كان اشتغالك ؟ قال: بقراءة القرآن، فيقال له قد كنت تقرأ ليقال هو قارئ وقد قيل ذلك، فيؤمر به إلى النار ".
والثالث أن تكون أعمالا صالحة ولكن بإزائها سيئات توفى عليها وذلك هو المشار إليه بخفة الميزان، وأصل الحبط من الحبط وهو أن تكثر الدابة أكلا حتى ينتفخ بطنها.
وقال عليه السلام: " إن مما ينبت
الربيع ما يقتل حبطا أو يلم "، وسمى الحارث الحبط لانه أصابه ذلك ثم سمى أولاده حبطات.
حبك: قال تعالى: (والسماء ذات الحبك) هي ذات الطرائق فمن الناس من تصور منها الطرائق المحسوسة بالنجوم والمجرة، ومنهم من اعتبر ذلك بما فيه من الطرائق المعقولة المدركة بالبصيرة، وإلى ذلك أشار بقوله تعالى: (الذين يذكرون الله قياما) الآية، وأصله من قولهم: بعير محبوك القرى، أي محكمه، والاحتباك شد الازار.
حبل: الحبل معروف، قال عزوجل: (في جيدها حبل من مسد) وشبه به من حيث الهيئة حبل الوريد وحبل العاتق والحبل المستطيل من الرمل، واستعير للوصل ولكل ما يتوصل به إلى شئ، قال عزوجل: (واعتصموا بحبل الله جميعا) فحبله هو الذى معه التوصل به إليه من القرآن والعقل وغير ذلك مما إذا اعتصمت به أداك إلى جواره.
ويقال للعهد حبل، وقوله تعالى: (ضربت عليهم الذلة أينما ثقفوا إلا بحبل من الله وحبل من الناس) ففيه تنبيه أن الكافر يحتاج إلى
عهدين: عهد من الله وهو أن يكون من أهل كتاب أنزله الله تعالى وإلا لم يقر على دينه ولم يجعل في ذمة.
وإلى عهد من الناس يبذلونه له.
والحبالة خصت بحبل الصائد جمعها حبائل، وروى: " النساء حبائل الشيطان " والمحتبل والحابل صاحب الحبالة.
وقيل وقع حابلهم على نابلهم، والحبلة اسم لما يجعل في القلادة.
حتم: الحتم القضاء المقدر، والحاتم الغراب الذى يحتم بالفراق فيما زعموا.
حتى: حتى حرف يجر به تارة كإلى، لكن يدخل الحد المذكور بعده في حكم ما قبله ويعطف به تارة ويستأنف به تارة نحو: أكلت السمكة حتى رأسها ورأسها ورأسها، قال تعالى: (ليسجننه حتى حين - وحتى مطلع الفجر) ويدخل على الفعل المضارع فينصب ويرفع، وفى كل واحد وجهان: فأحد وجهى النصب إلى أن، والثانى كى.
وأحد وجهى الرفع أن يكون الفعل قبله ماضيا نحو: مشيت حتى أدخل البصرة، أي مشيت فدخلت البصرة.
والثانى يكون ما بعده حالا نحو: مرض حتى لا يرجون، وقد قرئ: (حتى يقول الرسول) بالنصب والرفع وحمل في كل
واحدة من القراءتين على الوجهين.
وقيل إن ما بعد حتى يقتضى أن يكون بخلاف ما قبله نحو قوله تعالى: (ولاجنبا إلا عابرى سبيل حتى تغتسلوا) وقد يجئ ولا يكون كذلك نحو ما روى: " إن الله تعالى لا يمل حتى تملوا " لم يقصد أن يثبت ملالا لله تعالى بعد ملالهم.
حج: أصل الحج القصد للزيارة، قال الشاعر: * يحجون بيت الزبرقان المعصفرا * خص في تعارف الشرع بقصد بيت الله تعالى إقامة للنسك فقيل الحج والحج، فالحج مصدر والحج اسم، ويوم الحج الاكبر يوم النحر، ويوم عرفة، وروى العمرة الحج الاصغر.
والحجة الدلالة المبينة للمحجة أي المقصد المستقيم والذى يقتضى صحة أحد النقيضين، قال تعالى (قل فلله الحجة البالغة) وقال (لئلا يكون للناس عليكم حجة إلا الذين ظلموا) فجعل ما يحتج بها الذين ظلموا مستثنى من
الحجة وإن لم يكن حجة، وذلك كقول الشاعر:
ولاعيب فيهم غير أن سيوفهم * بهن فلول من قراع الكتائب ويجوز أنه سمى ما يحتجون به حجة كقوله: (والذين يحاجون في الله من بعد ما استجيب له حجتهم داحضة عند ربهم) فسمى الداحضة حجة، وقوله تعالى: (لاحجة بيننا وبينكم) أي لا احتجاج لظهور البيان، والمحاجة أن يطلب كل واحد أن يرد الآخر عن حجته ومحجته، قال تعالى: (وحاجه قومه قال أتحاجوني في الله - فمن حاجك فيه من بعد ما جاءك) وقال تعالى: (لم تحاجون في إبراهيم) وقال تعالى: (ها أنتم هؤلاء حاججتم فيما لكم به علم - فلم تحاجون فيما ليس لكم به علم) وقال تعالى: (وإذ يتحاجون في النار) وسمى سبر الجراحة حجا، قال الشاعر: * يحج مأمومة في قعرها لجف * حجب: الحجب والحجاب المنع من الوصول، يقال حجبه حجبا وحجابا، وحجاب الجوف ما يحجب عن الفؤاد، وقوله تعالى: (وبينهما حجاب) ليس يعنى به ما يحجب البصر، وإنما يعنى ما يمنع من وصول لذة أهل الجنة إلى أهل النار وأذية أهل النار إلى
أهل الجنة كقوله عزوجل: (فضرب بينهم بسور له باب باطنه فيه الرحمة وظاهره من قبله العذاب) وقال عزوجل: (وما كان لبشر أن يكلمه الله إلا وحيا أو من وراء حجاب) أي من حيث مالا يراه مكلمه ومبلغه وقوله تعالى: (حتى توارت بالحجاب) يعنى الشمس إذا استترت بالمغيب.
والحاجب المانع عن السلطان والحاجبان في الرأس لكونهما كالحاجبين للعين في الذب عنهما، وحاجب الشمس سمى لتقدمه عليها تقدم الحاجب للسلطان.
وقوله عزوجل: (كلا إنهم عن ربهم يومئذ لمحجوبون) إشارة إلى منع النور عنهم المشار إليه بقوله: (فضرب بينهم بسور).
حجر: الحجر الجوهر الصلب المعروف وجمعه أحجار وحجارة وقوله تعالى: (وقودها الناس والحجارة) قيل هي حجارة الكبريت وقيل بل الحجارة بعينها ونبه بذلك على عظم حال تلك النار وأنها مما توقد بالناس والحجارة خلاف نار الدنيا إذ هي لا يمكن أن توقد بالحجارة وإن كانت بعد الايقاد قد تؤثر فيها.
وقيل أراد بالحجارة الذين هم في صلابتهم عن قبول الحق كالحجارة كمن وصفهم بقوله:
(فهى كالحجارة أو أشد قسوة) والحجر والتحجير أن يجعل حول المكان حجارة يقال حجرته حجرا فهو محجور، وحجرته تحجيرا فهو محجر، وسمى ما أحيط به الحجارة حجرا وبه سمى حجر الكعبة وديار ثمود قال تعالى: (كذب أصحاب الحجر المرسلين) وتصور
من الحجر معنى المنع لما يحصل فيه فقيل للعقل حجر لكون الانسان في منع منه مما تدعو إليه نفسه.
وقال تعالى: (هل في ذلك قسم لذى حجر) قال المبرد: يقال للانثى من الفرس حجر لكونها مشتملة على ما في بطنها من الولد، والحجر الممنوع منه بتحريمه قال تعالى: (وقالوا هذه أنعام وحرث حجر - ويقولون حجرا محجورا) كان الرجل إذا لقى من يخاف يقول ذلك فذكر تعالى أن الكفار إذا رأوا الملائكة قالوا ذلك ظنا أن ذلك ينفعهم، قال تعالى: (وجعل بينهما برزخا وحجرا محجورا) أي منعا لا سبيل إلى رفعه ودفعه وفلان في حجر فلان أي في منع منه عن التصرف في ماله وكثير من أحواله وجمعه حجور، قال تعالى: (وربائبكم اللاتى في حجوركم) وحجر القميص أيضا اسم لما
يجعل فيه الشئ فيمنع، وتصور من الحجر دورانه فقيل حجرت عين الفرس إذا وسمت حولها بميسم وحجر القمر صار حوله دائرة والحجورة لعبة للصبيان يخطون خطا مستديرا، ومحجر العين منه.
وتحجر كذا تصلب وصار كالاحجار.
والاحجار بطون من بنى تميم سمو بذلك لقوم منهم أسماؤهم جندل وحجر وصخر.
حجز: الحجز المنع بين الشيئين بفاصل بينهما، يقال حجز بينهما قال عزوجل: (وجعل بين البحرين حاجزا) والحجاز سمى بذلك لكونه حاجزا بين الشام والبادية، قال تعالى: (فما منكم من أحد عنه حاجزين) فقوله: حاجزين صفة لاحد في موضع الجمع، والحجاز حبل يشد من حقو البعير إلى رسغه وتصور منه معنى الجمع فقيل احتجز فلان عن كذا واحتجز بإزاره ومنه حجزة السراويل، وقيل إن أردتم المحاجزة فقبل المناجزة أي الممانعة قبل المحاربة، وقيل حجازيك أي احجز بينهم.
حد: الحد الحاجز بين الشيئين الذى يمنع اختلاط أحدهما بالآخر، يقال حددت كذا
جعلت له حدا يميز وحد الدار ما تتميز به عن غيرها وحد الشئ الوصف المحيط بمعناه المميز له عن غيره، وحد الزنا والخمر سمى به لكونه مانعا لمتعاطيه عن معاودة مثله ومانعا لغيره أن يسلك مسلكه، قال الله تعالى: (وتلك حدود الله ومن يتعد حدود الله)، وقال تعالى: (تلك حدود الله فلا تعتدوها)، وقال: (الاعراب أشد كفرا ونفاقا وأجدر ألا يعلموا حدود ما أنزل الله) أي أحكامه وقيل حقائق معانيه وجميع حدود الله على أربعة أوجه: إما شئ لا يجوز أن يتعدى بالزيادة عليه ولا القصور عنه كأعداد ركعات صلاة الفرض، وإما شئ تجوز الزيادة عليه ولا يجوز النقصان عنه، وإما شئ يجوز النقصان عنه ولا تجوز الزيادة عليه، وقوله تعالى: (إن الذين يحادون الله ورسوله)
أي يمانعون فذلك إما اعتبارا بالممانعة وإما باستعمال الحديد والحديد معروف قال عزوجل (وأنزلنا الحديد فيه بأس شديد) وحددت السكين رققت حده وأحددته جعلت له حدا ثم يقال لكل ما دق في نفسه من حيث الخلقة أو من حيث المعنى كالبصر والبصيرة حديد،
فيقال هو حديد النظر وحديد الفهم، قال عزوجل: (فبصرك اليوم حديد) ويقال لسان حديد نحو لسان صارم وماض وذلك إذا كان يؤثر تأثير الحديد.
قال تعالى: (سلقوكم بألسنة حداد) ولتصور المنع سمى البواب حدادا وقيل رجل محدود ممنوع الرزق والحظ.
حدب: يجوز أن يكون الاصل في الحدب حدب الظهر، يقال حدب الرجل حدبا فهو أحدب واحدودب وناقة حدباء تشبيها به ثم شبه به ما ارتفع من ظهر الارض فسمى حدبا، قال تعالى: (وهم من كل حدب ينسلون).
حدث: الحدوث كون الشئ بعد أن لم يكن عرضا كان ذلك أو جوهرا وإحداثه إيجاده، وإحداث الجواهر ليس إلا لله تعالى والمحدث ما أوجد بعد أن لم يكن وذلك إما في ذاته أو إحداثه عند من حصل عنده نحو: أحدثت ملكا، قال تعالى: (ما يأتيهم من ذكر من ربهم محدث)، ويقال لكل ما قرب عهده محدث فعلا كان أو مقالا، قال تعالى: (حتى أحدث لك منه
ذكرا) وقال: (لعل الله يحدث بعد ذلك أمرا)، وكل كلام يبلغ الانسان من جهة السمع أو الوحى في يقظته أو منامه، يقال له حديث، قال عزوجل: (وإذ أسر النبي إلى بعض أزواجه حديثا) قال تعالى: (هل أتاك حديث الغاشية) وقال عزوجل: (وعلمتني من تأويل الاحاديث) أي ما يحدث به الانسان في نومه، وسمى تعالى كتابه حديثا فقال: (فليأتوا بحديث مثله) وقال تعالى: (أفمن هذا الحديث تعجبون) وقال: (فما لهؤلاء القوم لا يكادون يفقهون حديثا) وقال تعالى: (حتى يخوضوا في حديث غيره - فبأى حديث بعد الله وآياته يؤمنون) وقال تعالى: (ومن أصدق من الله حديثا) وقال عليه السلام " إن يكن في هذه الامة محدث فهو عمر " وإنما يعنى من يلقى في روعه من جهة الملا الاعلى شئ، وقوله عزوجل: (فجعلناهم أحاديث) أي أخبارا يتمثل بهم.
والحديث: الطرى من الثمار، ورجل حدوث حسن الحديث وهو حدث النساء أي محادثهن، وحادثته وحدثته وتحادثوا وصار أحدوثة، ورجل حدث وحديث السن بمعنى، والحادثة النازلة العارضة
وجمعها حوادث.
حدق: حدائق ذات بهجة جمع حديقة
وهى قطعة من الارض ذات ماء سميت تشبيها بحدقة العين في الهيئة وحصول الماء فيها وجمع الحدقة حداق وأحداق، وحدق تحديقا شدد النظر، وحدقوا به وأحدقوا أحاطوا به تشبيها بإدارة الحدقة.
حذر: الحذر احتراز عن مخيف، يقال حذر حذرا وحذرته، قال عزوجل: (يحذر الآخرة - وقرئ - وإنا لجميع حذرون - وحاذرون) وقال تعالى: (ويحذركم الله نفسه) وقال عزوجل: (خذوا حذركم) أي ما فيه الحذر من السلاح وغيره وقوله تعالى: (هم العدو فاحذرهم) وقال تعالى: (إن من أزواجكم وأولادكم عدوا لكم فاحذروهم) وحذار أي احذر نحو مناع أي امنع.
حر: الحرارة ضد البرودة وذلك ضربان: حرارة عارضة في الهواء من الاجسام المحمية كحرارة الشمس والنار، وحرارة عارضة في البدن من الطبيعة كحرارة المحموم، يقال حر يومنا والريح يحر حرا وحرارة وحر يومنا
فهو محرور وكذا حر الرجل قال تعالى: (لا تنفروا في الحر قل نار جهنم أشد حرا) والحرور الريح الحارة: قال تعالى: (ولا الظل ولا الحرور) واستحر القيظ اشتد حره، والحرر يبس عارض في الكبد من العطش، والحرة الواحدة من الحر، يقال حرة تحت قرة، والحرة أيضا حجارة تسود من حرارة تعرض فيها وعن ذلك استعير استحر القتل اشتد، وحر العمل شدته.
وقيل إنما يتولى حارها من تولى قارها، والحر خلاف العبد يقال حر بين الحرورية والحرورة.
والحرية ضربان: الاول من لم يجر عليه حكم الشئ نحو (الحر بالحر) والثانى من لم تتملكه الصفات الذميمة من الحرص والشره على المقتنيات الدنيوية، وإلى العبودية التى تضاد ذلك أشار النبي صلى الله عليه وسلم بقوله: " تعس عبد الدرهم، تعس عبد الدينار " وقول الشاعر: * ورق ذوى الاطماع رق مخلد * وقيل عبد الشهوة أذل من عبد الرق.
والتحرير جعل الانسان حرا، فمن الاول: (فتحرير رقبة مؤمنة) ومن الثاني: (نذرت لك ما في بطني محررا) قيل هو أنه جعل ولده
بحيث لا ينتفع به الانتفاع الدنيوي المذكور في قوله عزوجل: (بنين وحفدة) بل جعله مخلصا للعبادة، ولهذا قال الشعبى معناه مخلصا.
وقال مجاهد: خادما للبيعة، وقال جعفر: معتقا من أمر الدنيا، وكل ذلك إشارة إلى معنى واحد وحررت القوم أطلقتهم وأعتقتهم عن أسر الحبس، وحر الوجه ما لم تسترقه الحاجة، وحر الدار وسطها، وأحرار البقل معروف، وقول الشاعر: * جادت عليه كل بكر حرة * وباتت المرأة بليلة حرة كل ذلك استعارة
=========
ج 2.
كتاب : مفردات غريب القرآن
المؤلف : أبو القاسم الحسين بن محمد المعروف بالراغب الاصفهانى
والحرير من الثياب ما رق: قال الله تعالى: (ولباسهم فيها حرير).
حرب: الحرب معروف والحرب السلب في الحرب ثم قد يسمى كل سلب حربا، قال: والحرب مشتقة المعنى من الحرب وقد حرب فهو حريب أي سليب والتحريب إثارة الحرب ورجل محرب كأنه آلة في الحرب، والحربة آلة للحرب معروفة وأصله الفعلة من الحرب أو من الحراب، ومحراب المسجد قيل سمى بذلك لانه موضع محاربة الشيطان والهوى
وقيل سمى بذلك لكون حق الانسان فيه أن يكون حريبا من أشغال الدنيا ومن توزع الخواطر، وقيل الاصل فيه أن محراب البيت صدر المجلس ثم اتخذت المساجد فسمى صدره به، وقيل بل المحراب أصله في المسجد وهو اسم خص به صدر المجلس، فسمى صدر البيت محرابا تشبيها بمحراب المسجد وكأن هذا أصح قال عزوجل (يعملون له ما يشاء من محاريب وتماثيل) والحرباء دويبة تتلقى الشمس كأنها تحاربها، والحرباء مسمار تشبيها بالحرباء التى هي دويبة في الهيئة كقولهم في مثلها ضبة وكلب تشبيها بالضب والكلب.
حرث: الحرث إلقاء البذر في الارض وتهيؤها للزرع ويسمى المحروث حرثا، قال الله تعالى: (أن اغدوا على حرثكم إن كنتم صارمين) وتصور منه العمارة التى تحصل عنه في قوله تعالى: (من كان يريد حرث الآخرة نزد له في حرثه ومن كان يريد حرث الدنيا نؤته منها وما له في الآخرة من نصيب)، وقد ذكرت في مكارم الشريعة كون الدنيا محرثا للناس وكونهم حراثا فيها وكيفية حرثهم وروى " أصدق الاسماء الحارث "
وذلك لتصور معنى الكسب منه، وروى " احرث في دنياك لآخرتك "، وتصور معنى التهيج من حرث الارض فقيل حرثت النار ولما تهيج به النار محرث، ويقال احرث القرآن أي أكثر تلاوته وحرث ناقته إذا استعملها.
وقال معاوية للانصار: ما فعلت نواضحكم ؟ قالوا حرثناها يوم بدر.
وقال عزوجل: (نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم) وذلك على سبيل التشبيه فبالنساء زرع ما فيه بقاء نوع الانسان كما أن بالارض زرع ما به بقاء أشخاصهم، وقوله عزوجل: (ويهلك الحرث والنسل) يتناول الحرثين.
حرج: اصل الحرج والحراج مجتمع الشئ وتصور منه ضيق ما بينهما فقيل للضيق حرج وللاثم حرج، قال تعالى: (ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا)، وقال عزوجل: (وما جعل عليكم في الدين من حرج) وقد حرج صدره، قال تعالى: (يجعل صدره ضيقا حرجا) وقرئ حرجا أي ضيقا بكفره لان
الكفر لا يكاد تسكن إليه النفس لكونه
اعتقادا عن ظن، وقيل ضيق بالاسلام كما قال تعالى: (ختم الله على قلوبهم) وقوله تعالى: (فلا يكن في صدرك حرج منه) قيل هو نهى، وقيل هو دعاء، وقيل هو حكم منه، نحو: (ألم نشرح لك صدرك) والمنحرج والمنحوب المتجنب من الحرج والحوب.
حرد: الحرد المنع عن حدة وغضب قال عزوجل (وغدوا على حرد قادرين) أي على امتناع من أن يتناولوه قادرين على ذلك، ونزل فلان حريدا أي متمنعا عن مخالطة القوم، وهو حريد المحل.
وحاردت السنة منعت قطرها والناقة منعت درها وحرد غضب وحرده كذا وبعير أحرد في إحدى يديه حرد والحردية حظيرة من قصب.
حرس: قال الله تعالى: (فوجدناها ملئت حرسا شديدا) الحرس والحراس جمع حارس وهو حافظ المكان والحرز والحرس يتقاربان معنى تقاربهما لفظا لكن الحرز يستعمل في الناض والامتعة أكثر، والحرس يستعمل في الامكنة أكثر وقول الشاعر: فبقيت حرسا قبل مجرى داحس * لو كان للنفس اللجوج خلود
قيل معناه دهرا، فإن كان الحرس دلالته على الدهر من هذا البيت فقط فلا يدل فإن هذا يحتمل أن يكون مصدرا موضوعا موضع الحال أي بقيت حارسا ويدل على معنى الدهر والمدة لامن لفظ الحرس بل من مقتضى الكلام.
وأحرس معناه صار ذا حراسة كسائر هذا البناء المقتضى لهذا المعنى، وحريسة الجبل ما يحرس في الجبل بالليل.
قال أبو عبيدة: الحريسة هي المحروسة، وقال الحريسة المسروقة يقال حرس يحرس حرسا وقدر أن ذلك لفظ قد تصور من لفظ الحريسة لانه جاء عن العرب في معنى السرقة.
حرص: الحرص فرط الشره وفرط الارادة قال عزوجل (إن تحرص على هداهم) أي إن تفرط إرادتك في هدايتهم وقال تعالى: (ولتجدنهم أحرص الناس على حياة) وقال تعالى (وما أكثر الناس ولو حرصت بمؤمنين) وأصل ذلك من حرص القصار الثوب أي قشره بدقه والحارصة شجة تقشر الجلد، والحارصة والحريصة سحابة تقشر الارض بمطرها.
حرض: الحرض ما لا يعتد به ولا خير فيه ولذلك يقال لما أشرف على الهلاك حرض، قال
عزوجل (حتى تكون حرضا) وقد أحرضه كذا قال الشاعر: * إنى أمرؤ نابنى هم فأحرضنى * والحرضة من لا يأكل إلا لحم الميسر لنذالته، والتحريض الحث على الشئ بكثرة التزيين وتسهيل الخطب فيه كأنه في الاصل إزالة الحرض نحو مرضته وقذيته أي أزلت
عنه المرض والقذى وأحرضته أفسدته نحو: أقذيته إذا جعلت فيه القذى.
حرف: حرف الشئ طرفه وجمعه أحرف وحروف، يقال حرف السيف وحرف السفينة وحرف الجبل، وحروف الهجاء أطراف الكلمة والحروف العوامل في النحو أطراف الكلمات الرابطة بعضها ببعض، وناقة حرف تشبيها بحرف الجبل أو تشبيها في الدقة بحرف من حروف الكلمة، قال عزوجل: (ومن الناس من يعبد الله على حرف) قد فسر ذلك بقوله بعده (فإن أصابه خير) الآية، وفى معناه: (مذبذبين بين ذلك) وانحرف عن كذا وتحرف واحترف، والاحتراف طلب حرفة للمكسب، والحرفة حالته التى يلزمها في ذلك
نحو القعدة والجلسة، والمحارف المحروم الذى خلا به الخير، وتحريف الشئ إمالته كتحريف القلم، وتحريف الكلام أن تجعله على حرف من الاحتمال يمكن حمله على الوجهين، قال عز وجل: (يحرفون الكلم عن مواضعه - ومن بعد مواضعه - وقد كان فريق منهم يسمعون كلام الله ثم يحرفونه من بعد ما عقلوه)، والحرف ما فيه حرارة ولذع كأنه محرف عن الحلاوة والحرارة، وطعام حريف.
وروى عنه صلى الله عليه وسلم: " نزل القرآن على سبعة أحرف " وذلك مذكور على التحقيق في الرسالة المنبهة على فوائد القرآن.
حرق: يقال أحرق كذا فاحترق والحريق النار قال تعالى: (وذوقوا عذاب الحريق) وقال تعالى (فأصابها إعصار فيه نار فاحترقت - قالوا حرقوه وانصروا آلهتكم - لنحر قنه) ولنحرقنه قرئا معا، فحرق الشئ إيقاع حرارة في الشئ من غير لهيب كحرق الثوب بالدق، وحرق الشئ إذا برده بالمبرد وعنه استعير حرق الناب، وقولهم يحرق على الارم، وحرق الشعر إذا انتشر وماء حراق يحرق بملوحته، والاحراق إيقاع نار ذات لهيب في الشئ،
ومنه استعير أحرقني بلومه إذا بالغ في أذيته بلوم.
حرك: قال تعالى: (لا تحرك به لسانك) الحركة ضد السكون ولا تكون إلا للجسم وهو انتقال الجسم من مكان إلى مكان وربما قيل تحرك كذا إذا استحال وإذا زاد في أجزائه وإذا نقص من أجزائه.
حرم: الحرام الممنوع منه إما بتسخير إلهى وإما بمنع قهرى وإما بمنع من جهة العقل أو من جهة الشرع أو من جهة من يرتسم أمره.
فقوله تعالى: (وحرمنا عليه المراضع) فذلك تحريم بتسخير وقد حمل على ذلك (وحرام على قرية أهلكناها) وقوله تعالى (فإنها محرمة عليهم أربعين سنة) وقيل بل كان حراما عليهم من جهة القهر لا بالتسخير الالهى، وقوله تعالى: (إنه من يشرك بالله فقد
حرم الله عليه الجنة) فهذا من جهة القهر بالمنع وكذلك قوله تعالى (إن الله حرمهما على الكافرين) والمحرم بالشرع كتحريم بيع الطعام بالطعام متفاضلا، وقوله عزوجل (وإن يأتوكم أسارى تفادوهم وهو محرم
عليكم إخراجهم) فهذا كان محرما عليهم بحكم شرعهم ونحو قوله تعالى: (قل لا أجد فيما أوحى إلى محرما على طاعم يطعمه) الآية (وعلى الذين هادوا حرمنا كل ذى ظفر) وسوط محرم لم يدبغ جلده كأنه لم يحل بالدباغ الذى اقتضاه قول النبي صلى الله عليه وسلم: " أيما إهاب دبغ فقد طهر " وقيل بل المحرم الذى لم يلين.
والحرم سمى بذلك لتحريم الله تعالى فيه كثيرا مما ليس بمحرم في غيره من المواضع، وكذلك الشهر الحرام وقيل رجل حرام وحلال ومحل ومحرم، قال الله تعالى: (يا أيها النبي لم تحرم ما أحل الله لك تبتغى) أي لم تحكم بتحريم ذلك ؟ وكل تحريم ليس من قبل الله تعالى فليس بشئ نحو (وأنعام حرمت ظهورها) وقوله تعالى: (بل نحن محرومون) أي ممنوعون من جهة الجد، وقوله تعالى (للسائل والمحروم) أي الذى لم يوسع عليه الرزق كما وسع على غيره ومن قال أراد به الكلب فلم يعن أن ذلك اسم الكلب كما ظنه بعض من رد عليه وإنما ذلك منه ضرب مثال بشئ لان الكلب كثيرا ما يحرمه الناس أي يمنعونه، والمحرمة والمحرمة الحرمة،
واستحرمت الماعز أرادت الفحل.
حرى: حرى الشئ يحرى أي قصد حراه أي جانبه وتحراه كذلك قال تعالى: (فأولئك تحروا رشدا) وحرى الشئ يحرى نقص كأنه لزم الحرى ولم يمتد، قال الشاعر: * والمرء بعد تمامه يحرى * ورماه الله بأفعى حارية.
حزب: الحزب جماعة فيها غلظ، قال عز وجل: (أي الحزبين أحصى لما لبثوا أمدا) وحزب الشيطان وقوله تعالى (ولما رأى المؤمنون الاحزاب) عبارة عن المجتمعين لمحاربة النبي صلى الله عليه وسلم (فإن حزب الله هم الغالبون) يعنى أنصار الله وقال تعالى (يحسبون الاحزاب لم يذهبوا وإن يأت الاحزاب يودوا لو أنهم بادون في الاعراب) وبعيده (ولما رأى المؤمنون الاحزاب).
حزن: الحزن والحزن خشونة في الارض وخشونة في النفس لما يحصل فيه من الغم ويضاده الفرح ولاعتبار الخشونة بالغم قيل خشنت بصدره إذا حزنته يقال حزن يحزن وحزنته وأحزنته، قال عزوجل: (لكيلا تحزنوا على ما فاتكم - الحمد لله الذى أذهب
عنا الحزن - تولوا وأعينهم تفيض من الدمع حزنا - إما أشكو بثى وحزني إلى الله) وقوله تعالى (ولا تحزنوا - ولا تحزن) فليس ذلك
بنهي عن تحصيل الحزن فالحزن ليس يحصل بالاختيار ولكن النهى في الحقيقة إنما هو عن تعاطى ما يورث الحزن واكتسابه وإلى معنى ذلك أشار الشاعر بقوله: من سره أن لا يرى ما يسوءه * فلا يتخذ شيئا يبالى له فقدا وأيضا يجب للانسان أن يتصور ما عليه جبلت الدنيا حتى إذا ما بغتته نائبة لم يكترث بها لمعرفته إياها، ويجب عليه أن يروض نفسه على تحمل صغار النوب حتى يتوصل بها إلى تحمل كبارها.
حس: الحاسة القوة التى بها تدرك الاعراض الحسية، والحواس المشاعر الخمس يقال حسست وحسيت وأحسست فأحسست يقال على وجهين: أحدهما: يقال أصبته بحسى نحو عنته ورعته.
والثانى أصبت حاسته نحو كبدته وفأدته، ولما كان ذلك قد يتولد منه القتل عبر به عن القتل فقيل حسسته أي قتلته
قال تعالى: (إذ تحسونهم بإذنه) والحسيس القتيل ومنه جراد محسوس إذا طبخ، وقولهم البرد للنبت وانحست أسنانه انفعال منه، فأما حسست فنحو علمت وفهمت، لكن لا يقال ذلك إلا فيما كان من جهة الحاسة.
فأما حسيت فبقلب إحدى السينين ياء.
وأما أحسسته فحقيقته أدركته بحاستى وأحست مثله لكن حذفت إحدى السينين تخفيفا نحو ظلت وقوله تعالى (فلما أحس عيسى منهم الكفر) فتنبيه أنه قد ظهر منهم الكفر ظهورا بان للحس فضلا عن الفهم، وكذا قوله تعالى (فلما أحسوا بأسنا إذا هم منها يركضون) وقوله تعالى (هل تحس منهم من أحد) أي هل تجد بحاستك أحدا منهم ؟ وعبر عن الحركة بالحسيس والحس، قال تعالى: (لا يسمعون حسيسها) والحساس عبارة عن سوء الخلق وجعل على بناء زكام وسعال.
حسب: الحساب استعمال العدد، يقال حسبت أحسب حسابا وحسبانا قال تعالى: (لتعلموا عدد السنين والحساب) وقال تعالى: (وجاعل الليل سكنا والشمس والقمر حسبانا) وقيل لا يعلم حسبانه إلا الله.
وقال عز
وجل: (ويرسل عليها حسبانا من السماء) قيل نارا وعذابا وإنما هو في الحقيقة ما يحاسب عليه فيجازى بحسبه وفى الحديث أنه قال صلى الله عليه وسلم في الريح " اللهم لا تجعلها عذابا ولاحسبانا " وقال: (فحاسبناها حسبا شديدا) إشارة إلى نحو ما روى: من نوقش في الحساب معذب، وقال: (اقترب للناس حسابهم) نحو (وكفى بنا حاسبين) وقوله عزوجل: (ولم أدر ما حسابيه - إنى ظننت أنى ملاق حسابيه) فالهاء منها للوقف نحو: ماليه وسلطانيه وقوله تعالى: (إن الله سريع الحساب) وقوله عز وجل: (جزاء من ربك عطاء حسابا) فقد
قيل كافيا وقيل ذلك إشارة إلى ما قال: (وأن ليس للانسان إلا ما سعى) وقوله: (ويرزق من يشاء بغير حساب) ففيه أوجه.
الاول: يعطيه أكثر مما يستحقه.
والثانى: يعطيه ولا يأخذه منه.
والثالث يعطيه عطاء لا يمكن للبشر إحصاؤه كقول الشاعر: * عطاياه يحصى قبل إحصائها القطر * والرابع: يعطيه بلا مضايقة من قولهم حاسسته إذا ضايقته.
والخامس: يعطيه أكثر
مما يحسبه.
والسادس: أن يعطيه بحسب ما يعرفه من مصلحته لا على حسب حسابهم وذلك نحو ما نبه عليه بقوله تعالى: (ولو لا أن يكون الناس أمة واحدة لجعلنا لمن يكفر بالرحمن) الآية.
والسابع: يعطى المؤمن ولا يحاسبه عليه، ووجه ذلك أن المؤمن لا يأخذ من الدنيا إلا قدر ما يجب وكما يجب وفى وقت ما يجب ولا ينفق إلا كذلك ويحاسب نفسه فلا يحاسبه الله حسابا يضره كما روى " من حاسب نفسه في الدنيا لم يحاسبه الله يوم القيامة " والثامن: يقابل الله المؤمنين في القيامة لا بقدر استحقاقهم بل بأكثر منه كما قال عزوجل: (من ذا الذى يقرض الله قرضا حسنا فيضاعفه له أضعافا كثيرة) وعلى نحو هذه الاوجه قوله تعالى: (فأولئك يدخلون الجنة يرزقون فيها بغير حساب) وقوله تعالى: (هذا عطاونا فامنن أو أمسك بغير حساب) وقد قيل: تصرف فيه تصرف من لا يحاسب أي تناول كما يجب وفى وقت ما يجب وعلى ما يجب وأنفقه كذلك.
والحسيب والمحاسب من يحاسبك، ثم يعبر به عن المكافى بالحساب، وحسب يستعمل في معنى الكفاية (حسبنا
الله) أي كافينا هو و (حسبهم جهنم - وكفى بالله حسيبا) أي رقيبا يحاسبهم عليه.
وقوله: (ما عليك من حسابهم من شئ وما من حسابك عليهم من شئ) فنحو قوله (عليكم أنفسكم لا يضركم من ضل إذا اهتديتم) ونحوه (وما علمي بما كانوا يعملون إن حسابهم إلا على ربى) وقيل معناه ما من كفايتهم عليك بل الله يكفيهم وإياك من قوله (عطاء حسابا) أي كافيا من قولهم حسبى كذا، وقيل أراد منه عملهم فسماه بالحساب الذى هو منتهى الاعمال.
وقيل احتسب ابنا له: أي اعتد به عند الله والحسبة فعل ما يحتسب به عند الله تعالى (الم أحسب الناس - أم حسب الذين يعملون السيئات - ولا تحسبن الله غافلا عما يعمل الظالمون - فلا تحسبن الله مخلف وعده رسله - أم حسبتم أن تدخلوا الجنة) فكل ذلك مصدره الحسبان والحسبان، أن يحكم لاحد النقيضين من غير أن يخطر الآخر بباله فيحسبه ويعقد عليه الاصبع، ويكون بعرض أن يعتريه فيه شك، ويقارب
ذلك الظن لكن الظن أن يخطر النقيضين بباله
فيغلب أحدهما على الآخر.
حسد: الحسد تمنى زوال نعمة من مستحق لها وربما كان مع ذلك سعى في إزالتها.
وروى " المؤمن يغبط والمنافق يحسد " قال تعالى: (حسدا من عند أنفسهم - ومن شر حاسد إذا حسد).
حسر: الحسر كشف الملبس عما عليه، يقال حسرت عن الذراع والحاسر من لا درع عليه ولا مغفر، والمحسرة المكنسة وفلان كريم المحسر كناية عن المختبر، وناقة حسير انحسر عنها اللحم والقوة، ونوق حسرى والحاسر المعيا لانكشاف قواه، ويقال للمعيا حاسر ومحسور، أما الحاسر فتصور أنه قد حسر بنفسه قواه، وأما المحسور فتصور أن التعب قد حسره وقوله عزوجل: (ينقلب إليك البصر خاسئا وهو حسير) يصح أن يكون بمعنى حاسر وأن يكون بمعنى محسور.
قال تعالى: (فتقعد ملوما محسورا) والحسرة الغم على ما فاته والندم عليه كأنه انحسر عنه الجهل الذى حمله على ما ارتكبه أو انحسر قواه من فرط غم أو أدركه إعياء عن تدارك ما فرط منه، قال تعالى: (ليجعل الله ذلك
حسرة في قلوبهم - وإنه لحسرة على الكافرين) وقال تعالى: (يا حسرتى على ما فرطت في جنب الله) وقال تعالى: (كذلك يريهم الله أعمالهم حسرات عليهم) وقوله تعالى (يا حسرة على العباد) وقوله تعالى في وصف الملائكة (لا يستكبرون عن عبادته ولا يستحسرون) وذلك أبلغ من قولك لا يحسرون.
حسم: الحسم إزالة أثر الشئ، يقال قطعه فحسمه أي أزال مادته وبه سمى السيف حساما وحسم الداء إزالة أثره بالكى وقيل للشؤم المزيل الاثر منه ناله حسوم، قال تعالى: (ثمانية أيام حسوما) قيل حاسما أثرهم وقيل حاسما خبرهم وقيل قاطعا لعمرهم وكل ذلك داخل في عمومه.
حسن: الحسن عبارة عن كل مبهج مرغوب فيه وذلك ثلاثة أضرب: مستحسن من جهة العقل، ومستحسن من جهة الهوى، ومستحسن من جهة الحس.
والحسنة يعبر بها عن كل ما يسر من نعمة تنال الانسان في نفسه وبدنه وأحواله، السيئة تضادها، وهما من الالفاظ المشتركة كالحيوان الواقع على أنواع
مختلفة كالفرس والانسان وغيرهما فقوله تعالى: (وإن تصبهم حسنة يقولوا هذه من عند الله) أي خصب وسعة وظفر (وإن تصهم سيئة) أي جدب وضيق وخيبة وقال تعالى: (فإذا جاءتهم الحسنة قالوا لنا هذه) وقوله تعالى: (ما أصابك من حسنة فمن الله) أي من ثواب (وما أصابك من سيئة) أي من عقاب، والفرق
بين الحسن والحسنة والحسنى أن الحسن يقال في الاعيان والاحداث، وكذلك الحسنة إذا كانت وصفا وإذا كانت اسما فمتعارف في الاحداث، والحسنى لا يقال إلا في الاحداث دون الاعيان، والحسن أكثر ما يقال في تعارف العامة في المستحسن بالبصر، يقال رجل حسن وحسان وامرأة حسناء وحسانة وأكثر ما جاء في القرآن من الحسن فللمستحسن من جهة البصيرة، وقوله تعالى: (الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه) أي الابعد عن الشبهة كما قال صلى الله عليه وسلم: " إذا شككت في شئ فدع " وقولوا للناس حسنا أي كلمة حسنة وقال تعالى: (ووصينا الانسان بوالديه حسنا) وقوله عزوجل (قل هل تربصون بنا إلا إحدى
الحسنيين) وقوله تعالى: (ومن أحسن من الله حكما لقوم يوقنون) إن قيل حكمه حسن لمن يوقن ولمن لا يوقن فلم خص ؟ قيل القصد إلى ظهور حسنه والاطلاع عليه وذلك يظهر لمن تزكى واطلع على حكمة الله تعالى دون الجهلة.
والاحسان يقال على وجهين أحدهما الانعام على الغير يقال أحسن إلى فلان، والثانى إحسان في فعله وذلك إذا علم علما حسنا أو عمل عملا حسنا، وعلى هذا قول أمير المؤمنين رضى الله عنه: " الناس أبناء ما يحسنون " أي منسوبون إلى ما يعلمون وما يعملونه من الافعال الحسنة.
قوله تعالى: (الذى أحسن كل شئ خلقه) والاحسان أعم من الانعام، قال تعالى: (إن أحسنتم أحسنتم لانفسكم)، وقوله تعالى (إن الله يأمر بالعدل والاحسان) فالاحسان فوق العدل وذاك أن العدل هو أن يعطى ما عليه ويأخذ ماله والاحسان أن يعطى أكثر مما عليه ويأخذ أقل مما له، فالاحسان زائد على العدل فتحرى العدل واجب وتحرى الاحسان ندب وتطوع، وعلى هذا قوله تعالى: (ومن أحسن دينا ممن أسلم وجهه لله وهو محسن) وقوله عزوجل:
(وأداء إليه بإحسان) ولذلك عظم الله تعالى ثواب المحسنين فقال تعالى: (إن الله مع المحسنين) وقال (إن الله يحب المحسنين) وقال تعالى: (ما على المحسنين من سبيل - للذين أحسنوا في هذه الدنيا حسنة).
حشر: الحشر إخراج الجماعة عن مقرهم وإزعاجهم عنه إلى الحرب ونحوها وروى " النساء لا يحشرن " أي لا يخرجن إلى الغزو، ويقال ذلك في الانسان وفى غيره، يقال حشرت السنة مال بنى فلان أي أزالته عنهم ولا يقال الحشر إلا في الجماعة قال الله تعالى: (وابعث في المدائن حاشرين) وقال تعالى: (والطير محشورة) وقال عزوجل: (وإذا الوحوش حشرت) وقال (لاول الحشر ما ظنتم أن يخرجوا - وحشر لسليمان جنوده من الجن والانس والطيرفهم يوزعون) وقال في صفة
القيامة: (وإذا حشر الناس كانوا لهم أعداء - فيحشرهم إليه جميعا - وحشرناهم فلم نغادر منهم أحدا) وسمى يوم القيامة يوم الحشر كما سمى يوم البعث ويوم النشر، ورجل حشر الاذنين أي في أذنه انتشار وحدة.
حص: حصحص الحق أي وضح وذلك بانكشاف ما يقهره وحص وحصحص نحو: كف وكفكف وكب وكبكب، وحصه قطع منه إما بالمباشرة وإما بالحكم فمن الاول قول الشاعر: * قد حصت البيضة رأسي * ومنه قيل رجل أحص انقطع بعض شعره، وامرأة حصاء، وقالوا رجل أحص يقطع بشؤمه الخيرات عن الخلق، والحصة القطعة من الجملة، وتستعمل استعمال النصيب.
حصد: أصل الحصد قطع الزرع، وزمن الحصاد والحصاد كقولك زمن الجداد والجداد وقال تعالى: (وآتوا حقه يوم حصاده) فهو الحصاد المحمود في إبانه وقوله عزوجل (حتى إذا أخذت الارض زخرفها وازينت وظن أهلها أنهم قادرون عليها أتاها أمرنا ليلا أو نهارا فجعلناها حصيدا كأن لم تغن بالامس) فهو الحصاد في غير إبانه على سبيل الافساد.
ومنه استعير حصدهم السيف.
وقوله عزوجل (منها قائم وحصيد) فحصيد إشارة إلى نحو ما قال: (فقطع دابر القوم الذين
ظلموا - وحب الحصيد) أي ما يحصد مما منه القوت.
وقال صلى الله عليه وسلم " وهل يكب الناس على مناخرهم في النار إلا حصائد ألسنتهم " فاستعارة، وحبل محصد، ودرع حصداء، وشجرة حصداء، كل ذلك منه، وتحصد القوم تقوى بعضهم ببعض.
حصر: الحصر التضييق، قال عزوجل: (واحصروهم) أي ضيقوا عليهم وقال عزوجل (وجعلنا جهنم للكافرين حصيرا) أي حابسا، قال الحسن معناه مهادا كأنه جعله الحصير المرمول، فإن الحصير سمى بذلك لحصر بعض طاقاته على بعض، وقال لبيد: ومعالم غلب الرقاب كأنهم * جن لدى باب الحصير قيام أي لدى سلطان وتسميته بذلك إما لكونه محصورا نحو محجب وإما لكونه حاصرا أي مانعا لمن أراد أن يمنعه من الوصول إليه، وقوله عزوجل: (وسيدا وحصورا) فالحصور الذى لا يأتي النساء إما من العنة وإما من العفة والاجتهاد في إزالة الشهوة.
والثانى أظهر في الآية، لان بذلك يستحق المحمدة، والحصر والاحصار المنع من طريق البيت، فالاحصار
يقال في المنع الظاهر كالعدو والمنع الباطن كالمرض، والحصر لا يقال إلا في المنع الباطن فقوله تعالى: (فإن أحصرتم) فمحمول على
الامرين وكذلك قوله (للفقراء الذين أحصروا في سبيل الله) وقوله عزوجل: (أو جاءوكم حصرت صدورهم) أي ضاقت بالبخل والجبن وعبر عنه بذلك كما عبر عنه بضيق الصدر، وعن ضده بالبر والسعة.
حصن: الحصن جمعه حصون قال الله تعالى: (مانعتهم حصونهم من الله) وقوله عز وجل: (لا يقاتلونكم جميعا إلا في قرى محصنة) أي مجعولة بالاحكام كالحصون، وتحصن إذا اتخذ الحصن مسكنا ثم يتجوز به في كل تحرز ومنه درع حصينة لكونها حصنا للبدن، وفرس حصان لكونه حصنا لراكبه وبهذا النظر قال الشاعر: * إن الحصون الخيل لا مدن القرى * وقوله تعالى: (إلا قليلا مما تحصنون) أي تحرزون في المواضع الحصينة الجارية مجرى الحصن.
وامرأة حصان وحاصن وجمع الحصان حصن وجمع الحاصن حواصن، ويقال حصان
للعفيفة ولذات حرمة وقال تعالى: (ومريم ابنة عمران التى أحصنت فرجها) وأحصنت وحصنت قال الله تعالى (فإذا أحصن) أي تزوجن وأحصن زوجن والحصان في الجملة المحصنة إما بعفتها أو تزوجها أو بمانع من شرفها وحريتها.
ويقال امرأة محصن ومحصن فالمحصن يقال إذا تصور حصنها من نفسها والمحصن يقال إذا تصور حصنها من غيرها.
وقوله عزوجل: (وآتوهن أجورهن محصنات غير مسافحات) وبعده (فإذا أحصن فإن أتين بفاحشة فعليهن نصف ما على المحصنات من العذاب) ولهذا قيل المحصنات المزوجات تصورا أن زوجها هو الذى أحصنها والمحصنات بعد قوله حرمت بالفتح لا غير وفى سائر المواضع بالفتح والكسر لان اللواتى حرم التزوج بهن المزوجات دون العفيفات، وفى سائر المواضع يحتمل الوجهين.
حصل: التحصيل إخراج اللب من القشور كإخراج الذهب من حجر المعدن والبر من التبن، قال الله تعالى (وحصل ما في الصدور) أي أظهر ما فيها وجمع كإظهار اللب من القشر وجمعه، أو كإظهار الحاصل من الحساب.
وقيل للحثالة الحصيل.
وحصل الفرس إذا اشتكى بطنه عن أكله، وحوصلة الطير ما يحصل فيه من الغذاء.
حصا: الاحصاء التحصيل بالعدد، يقال أحصيت كذا وذلك من لفظ الحصا واستعمال ذلك فيه من حيث إنهم كانوا يعتمدونه بالعد كاعتمادنا فيه على الاصابع، قال الله تعالى: (وأحصى كل شئ عددا) أي حصله وأحاط به، وقال صلى الله عليه وسلم: " من أحصاها دخل الجنة " وقال " نفس تنجيها خير لك من إمارة لا تحصيها " وقال تعالى (علم أن لن تحصوه) وروى " استقيموا ولن تحصوا " أي لن تحصلوا
ذلك، ووجه تعذر إحصائه وتحصيله هو أن الحق واحد والباطل كثير بل الحق بالاضافة إلى الباطل كالنقطة بالاضافة إلى سائر أجزاء الدائرة وكالمرمى من الهدف، فإصابة ذلك شديدة، وإلى هذا أشار ما روى أن النبي صلى الله عليه وسلم قال " شيبتني هود وأخواتها "، فسئل ما الذى شيبك منها ؟ فقال قوله تعالى: (فاستقم كما أمرت) وقال أهل اللغة: ان تحصوا أي لا تحصوا ثوابه.
حض: الحض التحريض كالحث إلا أن الحث يكون بسوق وسير والحض لا يكون بذلك، وأصله من الحث على الحضيض وهو قرار الارض، قال الله تعالى: (ولا يحض على طعام المسكين).
حضب: الحضب الوقود ويقال لما تسعر به النار محضب وقرئ (حضب جهنم).
حضر: الحضر خلاف البدو والحضارة والحضارة السكون بالحضر كالبداوة والبداوة ثم جعل ذلك اسما لشهادة مكان أو إنسان أو غيره فقال تعالى: (كتب عليكم إذا حضر أحدكم الموت - وإذا حضر القسمة) وقال تعالى: (وأحضرت الانفس الشح - علمت نفس ما أحضرت) وقال: (وأعوذ بك رب أن يحضرون) وذلك من باب الكناية أي أن يحضرني الجن، وكنى عن المجنون بالمحتضر وعمن حضره الموت بذلك، وذلك لما نبه عليه قوله عزوجل: (ونحن أقرب إليه من حبل الوريد)، وقوله تعالى: (يوم يأتي بعض آيات ربك)، وقال تعالى: (ما عملت من خيرا محضرا) أي مشاهدا معاينا في حكم الحاضر عنده وقوله عزوجل (واسئلهم عن
القرية التى كانت حاضرة البحر) أي قربه وقوله: (تجارة حاضرة) أي نقدا، وقوله تعالى: (وإن كل لما جميع لدنيا محضرون - وفى العذاب محضرون - شرب محتضر) أي يحضره أصحابه.
والحضر خص بما يحضر به الفرس إذا طلب جريه يقال أحضر الفرس، واستحضرته طلبت ما عنده من الحضر، وحاضرته محاضرة وحضارا إذا حاججته من الحضور كأنه يحضر كل واحد حجته، أو من الحضر كقولك جاريته.
والحضيرة جماعة من الناس يحضر بهم الغزو وعبر به عن حضور الماء، والمحضر يكون مصدر حضرت وموضع الحضور.
حط: الحط إنزال الشئ من علو وقد حططت الرحل، وجارية محطوطة المتنين، وقوله تعالى: (وقولوا حطة) كلمة أمر بها بنى إسرائيل ومعناه حط عناد ذنوبنا وقيل معناه قولوا صوابا.
حطب: (فكانوا لجهنم حطبا) أي ما يعد للايقاد وقد حطب حطبا واحتطبت وقيل للمخلط في كلامه حاطب ليل لانه ما يبصر
ما يجعله في حبله، وحطبت لفلان حطبا عملته له ومكان حطيب كثير الحطب، وناقة محاطبة تأكل الحطب، وقوله تعالى: (حمالة الحطب) كناية عنها بالنميمة وحطب فلان بفلان سعى به وفلان يوقد بالحطب الجزل كناية عن ذلك.
حطم: الحطم كسر الشئ مثل الهشم ونحوه، ثم استعمل لكل كسر متناه، قال الله تعالى: (لا يحطمنكم سليمان وجنوده) وحطمته فانحطم حطما وسائق حطم يحطم الابل لفرط سوقه وسميت الجحيم حطمة، قال الله تعالى في الحطمة (وما أدراك ما الحطمة) وقيل للاكول حطمة تشبيها بالجحيم تصورا لقول شاعر: * كأنما في جوفه تنور * ودرع حطمية منسوبة إلى ناسجها أو مستعملها، وحطيم وزمزم مكانان، والحطام ما يتكسر من اليبس، قال عزوجل: (ثم يهيج فتراه مصفرا ثم يجعله حطاما).
حظ: الحظ النصيب المقدر وقد حظظ وأحظ فهو محظوظ وقيل في جمعه أحاظ وأحظ قال الله تعالى: (فنسوا حظا مما ذكروا
به)، وقال تعالى: (للذكر مثل حظ الانثيين).
حظر: الحظر جمع الشئ في حظيرة، والمحظور الممنوع والمحتظر الذى يعمل الحظيرة، قال تعالى: (فكانوا كهشيم المحتظر)، وقد جاء فلان بالحظر الرطب أي الكذب المستبشع.
حف: قال عزوجل: (وترى الملائكة حافين من حول العرش) أي مطيفين بحافتيه أي جانبيه، ومنه قول النبي عليه الصلاة والسلام: " تحفه الملائكة بأجنحتها " قال الشاعر: * له لخطات في حفافى سريره * وجمعه أحفة وقال عزوجل: (وحففناهما بنخل) وفلان في حفف من العيش أي في ضيق كأنه حصل في حفف منه أي جانب بخلاف من قيل فيه هو في واسطة من العيش.
ومنه قيل من حفنا أو رفنا فليقتصد، أي من تفقد حفف عيشنا.
وحفيف الشجر والجناح صوته فذلك حكاية صوته، والحف آلة النساج سمى بذلك لما يسمع من حفه وهو صوت حركته.
حفد: قال الله تعالى: (وجعل لكم من أزواجكم بنين وحفدة) جمع حافد وهو المتحرك المتبرع بالخدمة أقارب كانوا أو أجانب، قال المفسرون: هم الاسباط ونحوهم، وذلك أن خدمتهم أصدق، قال الشاعر: * حفد الولائد بينهن * وفلان محفود أي مخدوم وهم الاختان
والاصهار، وفى الدعاء إليك نسعى ونحفد، وسيف محتفد سريع القطع، قال الاصمعي: أصل الحفد مداركة الخطو.
حفر: قال الله تعالى: (وكنتم على شفا حفرة من النار) أي مكان محفور ويقال لها حفيرة، والحفر التراب الذى يخرج من الحفرة نحو نقض لما ينقض والمحفار والمحفر، والمحفرة ما يحفر به، وسمى حافر الفرس تشبيها لحفره في عدوه وقوله عزوجل: (أئنا لمردودون في الحافرة) مثل لمن يرد من حيث جاء أي أنحيا بعد أن نموت ؟ وقيل الحافرة الارض التى جعلت قبورهم ومعناه أئنا لمردودون ونحن في الحافرة ؟ أي
في القبور، وقوله في الحافرة على هذا في موضع الحال.
وقيل رجع على حافرته ورجع الشيخ إلى حافرته أي هرم نحو قوله: (ومنكم من يرد إلى أرذل العمر) وقولهم النقد عند الحافرة لما يباع نقدا وأصله في الفرس إذا بيع فيقال لا يزول حافره أو ينقد ثمنه.
والحفر تأكل الاسنان وقد حفر فوه حفرا وأحفر المهر للاثناء والارباع.
حفظ: الحفظ يقال تارة لهيئة النفس التى بها يثبت ما يؤدى إليه الفهم وتاره لضبط في النفس ويضاده النسيان وتارة لاستعمال تلك القوة فيقال حفظت كذا حفظا ثم يستعمل في كل تفقد وتعهد ورعاية، قال الله تعالى (وإنا له لحافظون - حافظوا على الصلوات - والذين هم لفروجهم حافظون - والحافظين فروجهم والحافظات) كناية عن العفة حافظات للغيب بما حفظ الله أي يحفظن عهد الازواج عند غيبتهم بسبب أن الله تعالى يحفظهن أن يطلع عليهن وقرئ (بما حفظ الله) بالنصب أي بسبب رعايتهن حق الله تعالى لا لرياء وتصنع منهن، (وما أرسلناك عليهم حفيظا) أي حافظا كقوله: (وما أنت عليهم بجبار - وما أنت
عليهم بوكيل - فالله خير حافظا) وقرئ حفظا أي حفظه خير من حفظ غيره.
وعندنا كتاب حفيظ أي حافظ لاعمالهم فيكون حفيظ بمعنى حافظ نحو الله حفيظ عليهم أو معناه محفوظ لا يضيع كقوله تعالى: (علمها عند ربى في كتاب لا يضل ربى ولا ينسى) والحفاظ المحافظة وهي أن يحفظ كل واحد الآخر، وقوله عزوجل (والذين هم على صلاتهم يحافظون) فيه تنبيه أنهم يحفظون الصلاة بمراعاة أوقاتها ومراعاة أركانها والقيام بها في غاية ما يكون من الطوق وأن الصلاة تحفظهم الحفظ الذى نبه عليه في قوله (إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر)، والتحفظ قيل هو قلة العقل، وحقيقته إنما هو تكلف الحفظ لضعف القوة الحافظة ولما كانت تلك القوة من أسباب العقل توسعوا في تفسيرها كما ترى.
والحفيظة الغضب الذى تحمل عليه المحافظة ثم استعمل في الغضب المجرد فقيل أحفظنى فلان أي أغضبني.
حفى: الاحفاء في السؤال التنزع في الالحاح في المطالبة أو في البحث عن تعرف الحال وعلى الوجه الاول يقال أخفيت السؤال وأحفيت
فلانا في السؤال قال الله تعالى (إن يسألكموها فيحفكم تبخلوا) وأصل ذلك من أحفيت الدابة جعلتها حافيا أي منسجح الحافر، والبعير جعلته منسجح الخف من المشى حتى يرق وقد حفى حفا وحفوة ومنه أحفيت الشارب أخذته أخذا متناهيا، والحفى البر اللطيف، قوله عزوجل: (إنه كان بى حفيا) ويقال أحفيت بفلان وتحفيت به إذا عنيت بإكرامه، والحفى العالم بالشئ.
حق: أصل الحق المطابقة والموافقة كمطابقة رجل الباب في حقه لدورانه على استقامة والحق يقال على أوجه: الاول: يقال لموجد الشئ بسبب ما تقتضيه الحكمة ولهذا قيل في الله تعالى هو الحق، قال الله تعالى: (ثم ردوا إلى الله مولاهم الحق) وقيل بعيد ذلك: (فذلكم الله ربكم الحق - فماذا بعد الحق إلا الضلال فأنى تصرفون).
والثانى: يقال للموجد بحسب مقتضى الحكمة ولهذا يقال فعل الله تعالى كله حق، وقال تعالى: (هو الذى جعل الشمس ضياء والقمر نورا) إلى قوله تعالى: (ما خلق الله
ذلك إلا بالحق) وقال في القيامة (ويستنبئونك أحق هو قل إى وربى إنه لحق) (ويكتمون الحق) وقوله عزوجل (الحق من ربك - وإنه للحق من ربك).
والثالث: في الاعتقاد للشئ المطابق لما عليه ذلك الشئ في نفسه كقولنا اعتقاد فلان في البعث والثواب والعقاب والجنة والنار حق، قال الله تعالى: (فهدى الله الذين آمنوا لما اختلفوا فيه من الحق).
والرابع: للفعل والقول الواقع بحسب ما يجب وبقدر ما يجب وفى الوقت الذى يجب كقولنا فعلك حق وقولك حق، قال الله تعالى (كذلك حقت كلمة ربك - حق القول منى لاملان جهنم) وقوله عزوجل: (ولو اتبع الحق أهواءهم) يصح أن يكون المراد به الله تعالى ويصح أن يراد به الحكم الذى هو بحسب مقتضى الحكمة.
ويقال أحققت كذا أي أثبته حقا أو حكمت بكونه حقا، وقوله تعالى: (ليحق الحق) فإحقاق الحق على ضربين: أحدهما بإظهار الادلة والآيات كما قال تعالى: (وأولئكم جعلنا لكم عليهم سلطانا مبينا) أي حجة قوية.
والثانى بإكمال الشريعة وبثها في الكافة
كقوله تعالى: (والله متم نوره ولو كره الكافرون - هو الذى أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله) وقوله: (الحاقة ما الحاقة) إشارة إلى القيامة كما فسره بقوله (يوم يقوم الناس) لانه يحق فيه الجزاء، ويقال
حاققته فحققته أي خاصمته في الحق فغلبته.
وقال عمر رضى الله عنه: " إذا النساء بلغن نص الحقاق فالعصبة أولى في ذلك " وفلان نزق الحقاق إذا خاصم في صغار الامور، ويستعمل استعمال الواجب واللازم والجائز، نحو (وكان حقا علينا نصر المؤمنين - كذلك حقا علينا ننجي المؤمنين) وقوله تعالى (حقيق على أن لا أقول على الله إلا الحق) قيل معناه جدير، وقرئ حقيق على قيل واجب، وقوله تعالى (وبعولتهن أحق بردهن) والحقيقة تستعمل تارة في الشئ الذى له ثبات ووجود كقوله صلى الله عليه وسلم لحارثة: " لكل حق حقيقة فما حقيقة إيمانك ؟ " أي ما الذى ينبئ عن كون ما تدعيه حقا، وفلان يحمى حقيقته أي ما يحق عليه أن يحمى.
وتارة تستعمل في الاعتقاد كما تقدم وتارة في العمل وفى القول
فيقال فلان لفعله حقيقة إذا لم يكن مرائيا فيه، ولقوله حقيقة إذا لم يكن فيه مترخصا ومستزيدا ويستعمل في ضده المتجوز والمتوسع والمتفسح، وقيل الدنيا باطل والآخرة حقيقة تنبيها على زوال هذه وبقاء تلك.
وأما في تعارف الفقهاء والمتكلمين فهى اللفظ المستعمل فيما وضع له في أصل اللغة، والحق من الابل ما استحق أن يحمل عليه والانثى حقة والجمع حقاق وأتت الناقة على حقها أي على الوقت الذى ضربت فيه من العام الماضي.
حقب: قوله تعالى: (لابثين فيها أحقابا) قيل جمع الحقب أي الدهر قيل والحقبة ثمانون عاما وجمعها حقب، والصحيح أن الحقبة مدة من الزمان مبهمة.
والاحتقاب شد الحقيبة من خلف الراكب وقيل احتقبه واستحقبه وحقب البعير تعسر عليه البول لوقوع حقبه في ثيله والاحقب من حمر الوحش وقيل هو الدقيق الحقوين وقيل هو الابيض الحقوين والانثى حقباء.
حقف: قوله تعالى: (إذ أنذر قومه بالاحقاف) جمع الحقف أي الرمل المائل وظبى حاقف ساكن للحقف واحقوقف مال حتى
صار كحقف قال: * سماوة الهلال حتى احقوقفا * حكم: حكم أصله منع منعا لاصلاح ومنه سميت اللجام حكمة الدابة فقيل حكمته وحكمت الدابة منعتها بالحكمة وأحكمتها جعلت لها حكمة وكذلك حكمت السفينة وأحكمتها، قال الشاعر: * أبنى حنيفة أحكموا سفهاءكم * وقوله: (أحسن كل شئ خلقه - فينسخ الله ما يلقى الشيطان ثم يحكم الله آياته والله عليم حكيم)، والحكم بالشئ أن تقضى بأنه كذا أو ليس بكذا سواء ألزمت ذلك غيرك أو لم تلزمه، قال تعالى: (وإذا
حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل - يحكم به ذوا عدل منكم) وقال: فاحكم كحكم فتاة الحى إذ نظرت * إلى حمام سراع وارد الثمد الثمد الماء القليل.
وقيل معناه كن حكيما، وقال عزوجل: (أفحكم الجاهلية يبغون) وقال تعالى: (ومن أحسن من الله حكما لقوم يوقنون) ويقال حاكم وحكام لمن
يحكم بين الناس، قال الله تعالى: (وتدلوا بها إلى الحكام) والحكم المتخصص بذلك فهو أبلغ قال الله تعالى: (أفغير الله أبتغى حكما) وقال عزوجل: (فابعثوا حكما من أهله وحكما من أهلها) وإنما قال حكما ولم يقل حاكما تنبيها أن من شرط الحكمين أن يتوليا الحكم عليهم ولهم حسب ما يستصوبانه من غير مراجعة إليهم في تفصيل ذلك، ويقال الحكم للواحد والجمع وتحاكمنا إلى الحاكم، قال تعالى: (يريدون أن يتحاكموا إلى الطاغوت) وحكمت فلانا، قال تعالى: (حتى يحكموك فيما شجر بينهم) فإذا قيل حكم بالباطل فمعناه أجرى الباطل مجرى الحكم والحكمة إصابة الحق بالعلم والعقل، فالحكمة من الله تعالى معرفة الاشياء وإيجادها على غاية الاحكام، ومن الانسان معرفة الموجودات وفعل الخيرات وهذا هو الذى وصف به لقمان في قوله عزوجل (ولقد آتينا لقمان الحكمة) ونبه على جملتها بما وصفه بها.
فإذا قيل في الله تعالى هو حكيم فمعناه بخلاف معناه إذا وصف به غيره، ومن هذا الوجه قال الله تعالى: (أليس الله بأحكم الحاكمين) وإذا وصف به القرآن فلتضمنه
الحكمة نحو: (الر تلك آيات الكتاب الحكيم) وعلى ذلك قال (ولقد جاءهم من الانباء ما فيه مزدجر حكمة بالغة) وقيل معنى الحكيم المحكم نحو: (أحكمت آياته) وكلاهما صحيح فإنه محكم ومفيد للحكم ففيه المعنيان جميعا.
والحكم أعم من الحكمة فكل حكمة حكم وليس كل حكم حكمة، فإن الحكم أن يقضى بشئ على شئ فيقول هو كذا أو ليس بكذا، قال صلى الله عليه وسلم: " إن من الشعر لحكمة " أي قضية صادقة وذلك نحو قول لبيد: * إن تقوى ربنا خير نفل * قال الله تعالى: (وآتيناه الحكم صبيا)، وقال صلى الله عليه وسلم: " الصمت حكم، وقليل فاعله ": أي حكمة، (ويعلمهم الكتاب والحكمة)، وقال تعالى: (واذكرن ما يتلى في بيوتكن من آيات الله والحكمة)، قيل تفسير القرآن ويعنى ما نبه عليه القرآن من ذلك (إن الله يحكم ما يريد) أي ما يريده يجعله حكمة وذلك حث للعباد على الرضى بما يقضيه.
قال ابن عباس رضى الله عنه في قوله (من آيات الله
والحكمة) هي علم القرآن ناسخه ومنسوخه، محكمه ومتشابهه وقال ابن زيد: هي علم آياته وحكمه.
وقال السدى هي النبوة، وقيل فهم حقائق القرآن وذلك إشارة إلى أبعاضها التى تختص بأولى العزم من الرسل ويكون سائر الانبياء تبعا لهم في ذلك.
وقوله عزوجل: (يحكم بها النبيون الذين أسلموا للذين هادوا) فمن الحكمة المختصة بالانبياء أو من الحكم قوله عزوجل (آيات محكمات هن أم الكتاب وأخر متشابهات) فالمحكم مالا يعرض فيه شبهة من حيث اللفظ ولا من حيث المعنى.
والمتشابه على أضرب تذكر في بابه إن شاء الله، وفى الحديث: " إن الجنة للمحكمين " قيل هم قوم خيروا بين أن يقتلوا مسلمين وبين أن يرتدوا فاختاروا القتل، وقيل عن المخصصين بالحكمة.
حل: أصل الحل حل العقدة ومنه قوله عزوجل: (واحلل عقدة من لساني) وحللت نزلت، أصله من حل الاحمال عند النزول ثم جرد استعماله للنزول فقيل حل حلولا، وأحله غيره، قال عزوجل (أو تحل قريبا من
دارهم - وأحلوا قومهم دار البوار) ويقال حل الدين وجب أداؤه، والحلة القوم النازلون وحى حلال مثله والمحلة مكان النزول وعن حل العقدة استعير قولهم حل الشئ حلا.
قال الله تعالى: (وكلوا مما رزقكم الله حلالا طيبا) وقال تعالى: (هذا حلال وهذا حرام) ومن الحلول أحلت الشاة نزل اللبن في ضرعها وقال تعالى: (حتى يبلغ الهدى محله) وأحل الله كذا، قال تعالى: (أحلت لكم الانعام) وقال تعالى: (يا أيها النبي إنا أحللنا لك أزواجك اللاتى آتيت أجورهن وما ملكت يمينك مما أفاء الله عليك وبنات عمك وبنات عماتك) الآية.
فإحلال الازواج هو في الوقت لكونهن تحته، وإحلال بنات العم وما بعدهن إحلال التزوج بهن، وبلغ الاجل محله، ورجل حلال ومحل إذا خرج من الاحرام أو خرج من الحرم، قال عزوجل: (وإذا حللتم فاصطادوا) وقال تعالى: (وأنت حل بهذا البلد) أي حلال، وقوله عزوجل: (قد فرض الله لكم تحلة أيمانكم) أي بين ما تنحل به عقدة أيمانكم من الكفارة.
وروى " لا يموت للرجل ثلاثة من الاولاد
فتمسه النار إلا قدر تحلة القسم " أي قدر ما يقول إن شاء الله تعالى.
وعلى هذا قول الشاعر: * وقعهن الارض تحليل * والحليل الزوج إما لحل كل واحد منهما إزاره للآخر، وإما لنزوله معه، وإما لكونه حلالا له ولهذا يقال لمن يحالك حليل والحليلة الزوجة وجمعها حلائل، قال الله تعالى: (وحلائل أبنائكم الذين من أصلابكم)
والحلة إزار ورداء، والاحليل مخرج البول لكونه محلول العقدة.
حلف: الحلف العهد بين القوم والمحالفة المعاهدة، وجعلت للملازمة التى تكون بمعاهدة، وفلان حلف كرم وحلف كرم.
والاحلاف جمع حليف، قال الشاعر: * تداركتما الاحلاف قد ثل عرشها * والحلف أصله اليمين الذى يأخذ بعضهم من بعض بها العهد ثم عبر به عن كل يمين، قال الله تعالى: (ولا تطع كل حلاف مهين) أي مكثار للحلف وقال تعالى: (يحلفون بالله ما قالوا - يحلفون بالله إنهم لمنكم وماهم
منكم - يحلفون بالله لكم ليرضوكم) وشئ محلف يحمل الانسان على الحلف، وكميت محلف إذا كان يشك في كميتته وشقرته فيحلف واحد أنه كميت وآخر أنه أشقر.
والمحالفة أن يحلف كل للآخر ثم جعلت عبارة عن الملازمة مجردا فقيل حلف فلان وحليفه، وقال صلى الله عليه وسلم: " لا حلف في الاسلام " وفلان حليف اللسان أي حديده كأنه يحالف الكلام فلا يتباطأ عنه وحليف الفصاحة.
حلق: الحلق العضو المعروف، وحلقه قطع حلقه ثم جعل الحلق لقطع الشعر وجزه فقيل حلق شعره، قال الله تعالى: (ولا تحلقوا رؤسكم) وقال تعالى: (محلقين رؤسكم ومقصرين) ورأس حليق ولحية حليق.
وعقرى حلقى في الدعاء على الانسان أي أصابته مصيبة تحلق النساء شعورهن، وقيل معناه قطع الله حلقها.
وقيل للاكسية الخشنة التى تحلق الشعر بخشونتها محالق، والحلقة سميت تشبيها بالحلق في الهيئة وقيل حلقة وقال بعضهم: لا أعرف الحلقة إلا في الذين يحلقون الشعر.
وإبل محلقة سمتها حلق واعتبر في الحلقة معنى
الدوران فقيل حلقة القوم وقيل حلق الطائر إذا ارتفع ودار في طيرانه.
حلم: الحلم ضبط النفس والطبع عن هيجان الغضب وجمعه أحلام، قال الله تعالى: (أم تأمرهم أحلامهم) قيل معناه عقولهم وليس الحلم في الحقيقة هو العقل لكن فسروه بذلك لكونه من مسببات العقل، وقد حلم وحلمه العقل وتحلم وأحلمت المرأة ولدت أولادا حلماء، قال الله تعالى: (إن إبراهيم لحليم أواه منيب) وقوله تعالى: (فبشرناه بغلام حليم) أي وجدت فيه قوة الحلم، وقوله عزوجل: (وإذا بلغ الاطفال منكم الحلم) أي زمان البلوغ وسمى الحلم لكون صاحبه جديرا بالحلم، ويقال حلم في نومه يحلم حلما وحلما وقيل حلما نحو ربع وتحلم واحتلم وحلمت به في نومى أي رأيته في المنام، قال تعالى: (قالوا أضغاث أحلام) والحلمة القراد الكبير، قيل سميت بذلك لتصورها بصورة ذى الحلم لكثرة
هدوها، فأما حلمة الثدى فتشبيها بالحلمة من القراد في الهيئة بدلالة تسميتها بالقراد في قول الشاعر:
كأن قرادى زوره طبعتهما * بطين من الحولان كتاب أعجمى وحلم الجلد وقعت فيه الحلمة، وحلمت البعير نزعت عنه الحلمة، ثم يقال حلمت فلانا إذا داريته ليسكن وتتمكن منه تمكنك من البعير إذا سكنته بنزع القراد عنه.
حلى: الحلى جمع الحلى نحو ثدى وثدى، قال الله تعالى: (من حليهم عجلا جسدا له خوار) يقال حلى يحلى، قال الله تعالى: (يحلون فيها من أساور من ذهب) وقال تعالى: (وحلوا أساور من فضة) وقيل الحلية قال تعالى: (أو من ينشأ في الحلية).
حم: الحميم الماء الشديد الحرارة، قال تعالى: (وسقوا ماء حميما - إلا حميما وغساقا) وقال تعالى: (والذين كفروا لهم شراب من حميم) وقال عزوجل: (يصب من فوق رؤوسهم الحميم - ثم إن لهم عليها لشوبا من حميم - هذا فليذوقوه حميم وغساق) وقيل للماء الحار في خروجه من منبعه حمة، وروى العالم كالحمة يأتيها البعداء ويزهد فيها القرباء، وسمى العرق حميما على التشبيه واستحم الفرس عرق.
وسمى الحمام حماما إما لانه يعرق،
وإما لما فيه من الماء الحار، واستحم فلان دخل الحمام، وقوله عزوجل: (فما لنا من شافعين.
ولا صديق حميم) وقوله تعالى: (ولا يسأل حميم حميما) فهو القريب المشفق فكأنه الذى يحتد حماية لذويه، وقيل لخاصة الرجل حامته فقيل الحامة والعامة، وذلك لما قلنا، ويدل على ذلك أنه قيل للمشفقين من أقارب الانسان حزانته أي الذين يحزنون له، واحتم فلان لفلان احتد وذلك أبلغ من اهتم لما فيه من معنى الاحتمام.
وأحم الشحم أذابه وصار كالحميم وقوله عزوجل: (وظل من يحموم) للحميم فهو يفعول من ذلك وقيل أصله الدخان الشديد السواد وتسميته إما لما فيه من فرط الحرارة كما فسره في قوله: (لا بارد ولا كريم) أو لما تصور فيه من الحممة فقد قيل للاسود يحموم وهو من لفظ الحممة وإليه أشير بقوله: (لهم من فوقهم ظلل من النار ومن تحتهم ظلل) وعبر عن الموت بالحمام كقولهم: حم كذا أي قدر، والحمى سميت بذلك إما لما فيها من الحرارة المفرطة، وعلى ذلك قوله صلى الله عليه وسلم: " الحمى من فيح جهنم " وإما لما يعرض فيها من الحميم أي العرق،
وإما لكونها من أمارات الحمام لقولهم: الحمى بريد الموت، وقيل باب الموت، وسمى حمى البعير حماما فجعل لفظه من لفظ الحمام لما قيل إنه قلما يبرأ البعير من الحمى، وقيل حمم الفرخ إذا اسود جلده من الريش وحمم وجهه
اسود بالشعر فهما من لفظ الحممة.
وأما حمحمت الفرس فحكاية لصوته وليس من الاول في شئ.
حمد: الحمد لله تعالى الثناء عليه بالفضيلة وهو أخص من المدح وأعم من الشكر، فإن المدح يقال فيما يكون من الانسان باختياره، ومما يقال منه وفيه بالتسخير فقد يمدح الانسان بطول قامته وصباحة وجهه كما يمدح ببذل ماله وسخائه وعلمه، والحمد يكون في الثاني دون الاول.
والشكر لا يقال إلا في مقابلة نعمة فكل شكر حمد وليس كل حمد شكرا، وكل حمد مدح وليس كل مدح حمدا.
ويقال فلان محمود إذا حمد، ومحمد إذا كثرت خصاله المحمودة، ومحمد إذا وجد محمودا، وقوله عزوجل: (إنه حميد مجيد) يصح أن يكون في معنى المحمود وأن يكون في معنى
الحامد.
وحماداك أن تفعل كذا أي غايتك المحمودة، وقوله عزوجل: (ومبشرا برسول يأتي من بعدى اسمه أحمد) فأحمد إشارة إلى النبي صلى الله عليه وسلم باسمه وفعله تنبيها أنه كما وجد اسمه أحمد يوجد وهو محمود في أخلاقه وأحواله، وخص لفظة أحمد فيما بشر به عيسى صلى الله عليه وسلم تنبيها أنه أحمد منه ومن الذين قبله، وقوله تعالى: (محمد رسول الله) فمحمد ههنا وإن كان من وجه اسما له علما، ففيه إشارة إلى وصفه بذلك وتخصيصه بمعناه كما مضى ذلك في قوله تعالى: (إنا نبشرك بغلام اسمه يحيى) أنه على معنى الحياة كما بين في بابه.
حمر: الحمار الحيوان المعروف وجمعه حمير وأحمرة وحمر، قال تعالى: (والخيل والبغال والحمير) ويعبر عن الجاهل بذلك كقوله تعالى: (كمثل الحمار يحمل أسفارا) وقال: (كأنهم حمر مستنفرة) وحمار قبان: دويبة.
والحماران حجران يجفف عليهما الاقط شبه بالحمار في الهيئة.
والمحمر الفرس الهجين المشبه بلادته ببلادة الحمار، والحمرة في الالوان.
وقيل الاحمر والاسود للعجم والعرب اعتبارا بغالب
ألوانهم، وربما قيل حمراء العجان.
والاحمران اللحم والخمر اعتبارا بلونيهما، والموت الاحمر أصله فيما يراق فيه الدم، وسنة حمراء جدبة للحمرة العارضة في الجو منها.
وكذلك حمرة القيظ لشدة حرها.
وقيل وطاءة حمراء إذا كانت جديدة ووطاءة دهماء دارسة.
حمل: الحمل معنى واحد اعتبر في أشياء كثيرة فسوى بين لفظه في فعل وفرق بين كثير منها في مصادرها فقيل في الاثقال المحمولة في الظاهر كالشئ المحمول على الظهر حمل، وفى الاثقال المحمولة في الباطن حمل كالولد في البطن والماء في السحاب والثمرة في الشجرة تشبيها بحمل المرأة قال تعالى: (وإن تدع مثقلة إلى حملها لا يحمل منه شئ) يقال حملت الثقل والرسالة
والوزر حملا قال الله تعالى: (وليحملن أثقالهم وأثقالا مع أثقالهم)، وقال تعالى: (وماهم بحاملين من خطاياهم من شئ) وقال تعالى: (ولا على الذين إذا ما أتوك لتحملهم قلت لا أجد ما أحملكم عليه) وقال عزوجل: (ليحملوا أوزارهم كاملة يوم القيامة) وقوله عزوجل: (مثل الذين حملوا التوراة
ثم لم يحملوها كمثل الحمار) أي كلفوا أن يتحملوها أي يقوموا بحقها فلم يحملوها ويقال حملته كذا فتحمله وحملت عليه كذا فتحمله واحتمله وحمله، وقال تعالى: (فاحتمل السيل زبدا رابيا - حملناكم في الجارية)، وقوله (فإن تولوا فإنما عليه ما حمل وعليكم ما حملتم) وقال تعالى: (ولا تحمل علينا إصرا كما حملته على الذين من قبلنا - ربنا ولا تحملنا مالا طاقة لنا به) وقال عزوجل: (وحملناه على ذات ألواح ودسر - ذرية من حملنا مع نوح إنه كان عبدا شكورا - وحملت الارض والجبال) وحملت المرأة حبلت وكذا حملت الشجرة، يقال حمل وأحمال، قال عزوجل (وأولات الاحمال أجلهن أن يضعن حملهن - وما تحمل من أنثى ولا تضع إلا بعلمه - حملت حملا خفيفا فمرت به - حملته أمه كرها ووضعته كرها - وحمله وفصاله ثلاثون شهرا) والاصل في ذلك الحمل على الظهر.
فاستعير للحبل بدلالة قولهم وسقت الناقة إذا حملت وأصل الوسق الحمل المحمول على ظهر البعير، وقيل المحمولة لما يحمل عليه كالقتوبة والركوبة، والحمولة لما يحمل والحمل للمحمول
وخص الضأن الصغير بذلك لكونه محمولا لعجزه أو لقربه من حمل أمه إياه، وجمعه أحمال وحملان وبها شبه السحاب فقال عزوجل (فالحاملات وقرا) والحميل السحاب الكثير الماء لكونه حاملا للماء، والحميل ما يحمله السيل والغريب تشبيها بالسيل والولد في البطن، والحميل الكفيل لكونه حاملا للحق مع من عليه الحق، وميراث الحميل لمن لا يتحقق نسبه وحمالة الحطب كناية عن النمام، وقيل فلان يحمل الحطب الرطب أي ينم.
حمى: الحمى الحرارة المتولدة من الجواهر المحمية كالنار والشمس ومن القوة الحارة في البدن قال تعالى: (في عين حامية) أي حارة وقرئ حمئة وقال عزوجل (يوم يحمى عليها في نار جهنم) وحمى النهار وأحميت الحديدة إحماء.
وحميا الكأس سورتها وحرارتها وعبر عن القوة الغضبية إذا ثارت وكثرت بالحمية فقيل حميت على فلان أي غضبت عليه، قال تعالى: (حمية الجاهلية) وعن ذلك استعير قولهم حميت المكان حمى وروى " لا حمى إلا لله ورسوله " وحميت أنفى محمية وحميت
المريض حميا، وقوله عزوجل: (ولاحام)
قيل هو الفحل إذا ضرب عشرة أبطن كان يقال حمى ظهره فلا يركب، وأحماء المرأة كل من كان من قبل زوجها وذلك لكونهم حماة لها، وقيل حماها وحموها وحميها وقد همز في بعض اللغات فقيل حمء نحو كمء، والحمأة والحمأ: طين أسود منتن قال تعالى: (من حما مسنون) ويقال حمأت البئر أخرجت حمأتها وأحمأتها جعلت فيها حمأ وقد قرئ (في عين حمئة) ذات حمإ.
حن: الحنين النزاع المتضمن للاشفاق، يقال حنت المرأة والناقة لولدها وقد يكون مع ذلك صوت ولذلك يعبر بالحنين عن الصوت الدال على النزاع والشفقة، أو متصور بصورته وعلى ذلك حنين الجذع، وريح حنون وقوس حنانة إذا رنت عند الانباض وقيل ماله حانة ولا آنة أي لا ناقة ولا شاة سمينة ووصفتا بذلك اعتبارا بصوتهما.
ولما كان الحنين متضمنا للاشفاق والاشفاق لا ينفك من الرحمة عبر عن الرحمة به في نحو قوله تعالى: (وحنانا من لدنا) ومنه قيل الحنان المنان، وحنانيك
إشفاقا بعد إشفاق، وتثنيته كتثنية لبيك وسعديك، (ويوم حنين) منسوب إلى مكان معروف.
حنث: قال الله تعالى: (وكانوا يصرون على الحنث العظيم) أي الذنب المؤثم، وسمى اليمين الغموس حنثا لذلك، وقيل حنث في يمينه إذا لم يف بها وعبر بالحنث عن البلوغ لما كان الانسان عنده يؤخذ بما يرتكبه خلافا لما كان قبله فقيل بلغ فلان الحنث.
والمتحنث النافض عن نفسه الحنث نحو المتحرج والمتأثم.
حنجر: قال تعالى: (لدى الحناجر كاظمين) وقال عزوجل: (وبلغت القلوب الحناجر) جمع حنجرة وهى رأس الغلصمة من خارج.
حنذ: قال تعالى (فجاء بعجل حنيذ) أي مشوى بين حجرين وإنما يفعل ذلك لتتصبب عنه اللزوجة التى فيه وهو من قولهم حنذت الفرس استحضرته شوطا أو شوطين ثم ظاهرت عليه الجلال ليعرق وهو محنوذ وحنيذ وقد حنذتنا الشمس ولما كان ذلك خروج ماء قليل قيل إذا سقيت الخمر أحنذ أي قلل
الماء فيها، كالماء الذى يخرج من العرق والحنيذ.
حنف: الحنف هو ميل عن الضلال إلى الاستقامة، والجنف ميل عن الاستقامة إلى الضلال، والحنيف هو المائل إلى ذلك قال عز وجل (قانتا لله حنيفا) وقال (حنيفا مسلما) وجمعه حنفاء، قال عزوجل: (واجتنبوا قول الزور حنفاء لله) وتحنف فلان أي تحرى طريق الاستقامة، وسمت العرب كل من حج أو اختتن حنيفا تنبيها أنه على دين إبراهيم
صلى الله عليه وسلم، والاحنف من في رجله ميل قيل سمى بذلك على التفاؤل وقيل بل استعير للميل المجرد.
حنك: الحنك حنك الانسان والدابة، وقيل لمنقار الغراب، حنك لكونه كالحنك من الانسان وقيل أسود مثل حنك الغراب وحلك الغراب فحنكه منقاره وحلكه سواد ريشه، وقوله تعالى: (لاحتنكن ذريته إلا قليلا) يجوز أن يكون من قولهم حنكت الدابة أصبت حنكها باللجام والرسن فيكون نحو قولك لالجمن فلانا ولارسننه، ويجوز
أن يكون من قولهم احتنك الجراد الارض أي استولى بحنكه عليها فأكلها واستأصلها فيكون معناه لاستولين عليهم استيلاءه على ذلك، وفلان حنكه الدهر كقولهم نجره وفرع سنه وافتره ونحو ذلك من الاستعارات في التجربة.
حوب: الحوب الاثم قال عزوجل (إنه كان حوبا كبيرا) والحوب المصدر منه وروى طلاق أم أيوب حوب.
وتسميته بذلك لكونه مزجورا عنه من قولهم حاب حوبا وحوبا وحيابة والاصل فيه حوب لزجر الابل، وفلان يتحوب من كذا أي يتأثم، وقولهم ألحق الله به الحوبة أي المسكنة والحاجة وحقيقتها هي الحاجة التى تحمل صاحبها على ارتكاب الاثم، وقيل بات فلان بحيبة سوء.
والحوباء قيل هي النفس وحقيقتها هي النفس المرتكبة للحوب وهى الموصوفة بقوله تعالى (إن النفس لامارة بالسوء).
حوت: قال الله تعالى: (نسيا حوتهما) وقال تعالى: (فالتقمه الحوت) وهو السمك العظيم (إذ تأتيهم حيتانهم يوم سبتهم شرعا) وقيل حاوتنى فلان، أي راوغني مراوغة
الحوت.
حيد: قال عزوجل: (ذلك ما كنت منه تحيد) أي تعدل عنه وتنفر منه.
حيث: عبارة عن مكان مبهم يشرح بالجملة التى بعده نحو قوله تعالى (وحيث ما كنتم - ومن حيث خرجت).
حوذ: الحوذ أن يتبع السائق حاذيى البعير أي أدبار فخذيه فيعنف في سوقه، يقال حاذ الابل يحوذها أي ساقها سوقا عنيفا، وقوله (استحوذ عليهم الشيطان) استاقهم مستوليا عليهم أو من قولهم استحوذ العير على الاتان أي استولى على حاذيها أي جانبى ظهرها، ويقال استحاذ وهو القياس واستعارة ذلك كقولهم: اقتعده الشيطان وارتكبه، والاحوذي الخفيف الحاذق بالشئ من الحوذ، أي السوق.
حور: الحور التردد إما بالذات وإما بالفكر، وقوله عزوجل: (إنه ظن أن لن يحور) أي لن يبعث وذلك نحو قوله: (زعم
الذين كفروا أن لن يبعثوا قل بلى وربى
لتبعثن) وحار الماء في الغدير تردد فيه، وحار في أمره تحير ومنه المحور للعود الذى تجرى عليه البكرة لتردده وبهذا النظر قيل سير السوانى أبدا لا ينقطع.
ومحارة الاذن لظاهره المنقعر تشبيها بمحارة الماء لتردد الهواء بالصوت فيه كتردد الماء في المحارة، والقوم في حوار في تردد إلى نقصان وقوله نعوذ بالله من الحور بعد الكور أي من التردد في الامر بعد المضى فيه أو من نقصان وتردد في الحال بعد الزيادة فيها، وقيل حار بعد ماكان، والمحاورة والحوار المرادة في الكلام، ومنه التحاور قال الله تعالى (والله يسمع تحاوركما) وكلمته فما رجع إلى حوار أو حوير أو محورة وما يعيش بأحور أي بعقل يحور إليه، وقوله تعالى (حور مقصورات في الخيام - وحور عين) جمع أحور وحوراء، والحور قيل ظهور قليل من البياض في العين من بين السواد وأحورت عينه وذلك نهاية الحسن من العين، وقيل حورت الشئ بيضته ودورته ومنه الخبز الحوار.
والحواريون أنصار عيسى صلى الله عليه وسلم، قيل كانوا قصارين وقيل كانوا صيادين وقال بعض العلماء إنما سموا حواريين لانهم
كانوا يطهرون نفوس الناس بإفادتهم الدين والعلم المشار إليه بقوله تعالى: (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا) قال: وإنما قيل كانوا قصارين على التمثيل والتشبيه وتصور منه من لم يتخصص بمعرفته الحقائق المهنة المتداولة بين العامة، قال: وإنما كانوا صيادين لاصطيادهم نفوس الناس من الحيرة وقودهم إلى الحق، قال صلى الله عليه وسلم: " الزبير ابن عمتى وحواري " وقوله صلى الله عليه وسلم " لكل نبى حوارى وحواري الزبير " فتشبيه بهم في النصرة حيث قال: (من أنصارى إلى الله قال الحواريون نحن أنصار الله).
حاج: الحاجة إلى الشئ الفقر إليه مع محبته وجمعها حاجات وحوائج، وحاج يحوج احتاج قال تعالى: (إلا حاجة في نفس يعقوب قضاها) وقال: (حاجة مما أوتوا) والحوجاء الحاجة، وقيل الحاج ضرب من الشوك.
حير: يقال حار يحار حيرة فهو حائر وحيران وتحير واستحار إذا تبلد في الامر وتردد فيه، قال تعالى: (كالذى استهوته الشياطين في الارض حيران) والحائر الموضع الذى يتحير
به الماء قال الشاعر: * واستحار شبابها * وهو أن يمتلئ حتى يرى في ذاته حيرة، والحيرة موضع قيل سمى بذلك لاجتماع ماء كان فيه: حيز: قال الله تعالى: (أو متحيزا إلى فئة) أي صائرا إلى حيز وأصله من الواو وذلك
كل جمع منضم بعضه إلى بعض، وحزت الشئ أحوزه حوزا، وحمى حوزته أي جمعه وتحوزت الحية وتحيزت أي تلوت، والاحوزي الذى جمع حوزه متشمرا وعبر به عن الخفيف السريع.
حاشى: قال الله تعالى: (وقلن حاش لله) أي بعدا منه.
قال أبو عبيدة: هي تنزيه واستثناء، وقال أبو على الفسوى رحمه الله: حاش ليس باسم لان حرف الجر لا يدخل على مثله، وليس بحرف لان الحرف لا يحذف منه ما لم يكن مضعفا، تقول حاش وحاشى، فمنهم من جعل حاش أصلا في بابه وجعله من لفظة الحوش أي الوحش ومنه حوشى الكلام.
وقيل الحوش فحول جن نسبت إليها وحشة الصيد.
وأحشته إذا جئته من حواليه لتصرفه إلى الحبالة، واحتوشوه وتحوشوه: أتوه من جوانبه والحوش أن يأكل الانسان من جانب الطعام ومنهم من حمل ذلك مقلوبا من حشى ومنه الحاشية وقال: * وما أحاشى من الاقوام من أحد * كأنه قال لا أجعل أحدا في حشا واحد فأستثنيه من تفضيلك عليه، قال الشاعر: ولا يتحشى الفحل إن أعرضت به * ولا يمنع المرباع منه فصيلها حاص: قال تعالى: (هل من محيص) وقوله تعالى: (ما لنا من محيص) أصله من حيص بيص أي شدة، وحاص عن الحق يحيص أي حاد عنه إلى شدة ومكروه.
وأما الحوص فخياطة الجلد ومنه حصيت عين الصقر.
حيض: الحيض الدم الخارج من الرحم على وصف مخصوص في وقت مخصوص، والمحيض الحيض ووقت الحيض وموضعه على أن المصدر في هذا النحو من الفعل يجئ على مفعل نحو معاش ومعاد وقول الشاعر: * لايستطيع بها القراد مقيلا * أي مكانا للقيلولة وإن كان قد قيل هو مصدر ويقال ما في برك مكيل ومكال.
حائط: الحائط الجدار الذى يحوط بالمكان والاحاطة تقال على وجهين أحدهما في الاجسام نحو أحطت بمكان كذا أو تستعمل في الحفظ نحو: (إن الله بكل شئ محيط) أي حافظ له من جميع جهاته وتستعمل في المنع نحو: (إلا أن يحاط بكم) أي إلا أن تمنعوا وقوله: (أحاطت به خطيئته) فذلك أبلغ استعارة وذاك أن الانسان إذا ارتكب ذنبا واستمر عليه استجره إلى معاودة ما هو أعظم منه فلا يزال يرتقى حتى يطبع على قلبه فلا يمكنه أن يخرج عن تعاطيه، والاحتياط استعمال ما فيه الحياطة أي الحفظ.
والثانى في العلم نحو قوله: (أحاط بكل شئ علما) وقوله عزوجل: (إن الله بما تعملون محيط) وقوله: (إن ربى بما تعملون محيط) والاحاطة بالشئ علما هي أن
تعلم وجوده وجنسه وكيفيته وغرضه المقصود به وبإيجاده وما يكون به ومنه، وذلك ليس إلا لله تعالى، وقال عزوجل: (بل كذبوا بما لم يحيطوا بعلمه) فنفى ذلك عنهم.
وقال صاحب موسى: (وكيف تصبر على ما لم تحط به خبرا) تنبيها أن الصبر التام إنما يقع بعد إحاطة العلم
بالشئ وذلك صعب إلا بفيض إلهى.
وقوله عزوجل: (وظنوا أنهم أحيط بهم) فذلك إحاطة بالقدرة، وكذلك قوله عزوجل (وأخرى لم تقدروا عليها قد أحاط الله بها) وعلى ذلك قوله: (إنى أخاف عليكم عذاب يوم محيط).
حيف: الحيف الميل في الحكم والجنوح إلى أحد الجانبين، قال الله تعالى: (أم يخافون أن يحيف الله عليهم ورسوله بل أولئك هم الظالمون) أي يخافون أن يجور في حكمه.
ويقال تحيفت الشئ أخذته من جوانبه.
حاق: قوله تعالى: (وحاق بهم ما كانوا به يستهزؤن) قال عزوجل: (ولا يحيق المكر السيئ إلا بأهله) أي لا ينزل ولا يصيب، قيل وأصله حق فقلب نحو زل وزال وقد قرئ: (فأزلهما الشيطان) وأزالهما، وعلى هذا: ذمه وذامه.
حول: أصل الحول تغير الشئ وانفصاله عن غيره وباعتبار التغير قيل حال الشئ يحول حوولا واستحال تهيأ لان يحول، وباعتبار الانفصال قيل حال بينى وبينك كذا، وقوله تعالى (واعلموا أن الله يحول بين المرء وقلبه) فإشارة إلى ما قيل في وصفه يقلب القلوب وهو أن يلقى في قلب الانسان ما يصرفه عن
مراده لحكمة تقتضي ذلك، وقيل على ذلك (وحيل بينهم وبين ما يشتهون) وقال بعضهم في قوله (يحول بين المرء وقلبه) هو أن يهمله ويرده إلى أرذل العمر لكيلا يعلم من بعد علم شيئا، وحولت الشئ فتحول: غيرته إما بالذات وإما بالحكم والقول، ومنه أحلت على فلان بالدين.
وقولك حولت الكتاب هو أن تنقل صورة ما فيه إلى غيره من غير إزالة الصورة الاولى وفى مثل لو كان ذا حيلة لتحول، وقوله عزوجل: (لا يبغون عنها حولا) أي تحولا والحول السنة اعتبارا بانقلابها ودوران الشمس في مطالعها ومغاربها، قال الله تعالى: (والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين) وقوله عزوجل: (متاعا إلى الحول غير إخراج) ومنه حالت السنة تحول وحالت الدار تغيرت، وأحالت وأحولت أتى عليها الحول نحو أعامت وأشهرت، وأحال فلان بمكان كذا أقام به حولا، وحالت الناقة تحول حيالا إذا لم تحمل وذلك لتغير ما جرت به عادتها.
والحال لما يختص به الانسان وغيره من أموره المتغيرة في نفسه وجسمه وقنيته، والحول ماله من القوة في أحد هذه الاصول
الثلاثة ومنه قيل لاحول ولا قوة إلا بالله، وحول الشئ جانبه الذى يمكنه أن يحول
إليه، قال عزوجل: (الذين يحملون العرش ومن حوله) والحيلة والحويلة ما يتوصل به إلى حالة ما في خفية وأكثر استعمالها فيما في تعاطيه خبث، وقد تستعمل فيما فيه حكمة ولهذا قيل في وصف الله عزوجل (وهو شديد المحال) أي الوصول في خفية من الناس إلى ما فيه حكمة، وعلى هذا النحو وصف بالمكر والكيد لا على الوجه المذموم، تعالى الله عن القبيح.
والحيلة من الحول ولكن قلبت واوها ياء لانكسار ما قبلها، ومنه قيل رجل حول، وأما المحال فهو ما جمع فيه بين المتناقضين وذلك يوجد في المقال نحو أن يقال جسم واحد في مكانين في حالة واحدة، واستحال الشئ صار محالا فهو مستحيل أي أخذ في أن يصير محالا، والحولاء لما يخرج مع الولد.
ولا أفعل كذا ما أرزمت أم حائل وهى الانثى من أولاد الناقة إذا تحولت عن حال الاشتباه فبان أنها أنثى، ويقال للذكر بإزائها سقب.
والحال تستعمل في اللغة للصفة
التى عليها الموصوف وفى تعارف أهل المنطق لكيفية سريعة الزوال نحو حرارة وبرودة ويبوسة ورطوبة عارضة.
حين: الحين وقت بلوغ الشئ، وحصوله وهو مبهم المعنى ويتخصص بالمضاف إليه نحو قوله تعالى: (ولات حين مناص) ومن قال حين فيأتى على أوجه للاجل نحو: (ومتعناهم إلى حين)، وللسنة نحو قوله تعالى: (تؤتى أكلها كل حين بإذن ربها) وللساعة نحو: (حين تمسون وحين تصبحون) وللزمان المطلق نحو: (هل أتى على الانسان حين من الدهر - ولتعلمن نبأه بعد حين) وإنما فسر ذلك بحسب ما وجد قد علق به، ويقال عاملته: محاينة حينا وحينا، وأحينت بالمكان أقمت به حينا، وحان حين كذا أي قرب أوانه، وحينت الشئ جعلت له حينا، والحين عبر به عن حين الموت.
حيى: الحياة تستعمل على أوجه: الاول: للقوة النامية الموجودة في النبات والحيوان ومنه قيل نبات حى، قال عز وجل: (اعلموا أن الله يحيى الارض بعد موتها) وقال تعالى: (فأحيينا به بلدة ميتا - وجعلنا
من الماء كل شئ حى).
الثانية: للقوة الحساسة وبه سمى الحيوان حيوانا، قال عز وجل.
(وما يستوى الاحياء ولا الاموات)، وقوله تعالى: (ألم نجعل الارض كفاتا أحياء وأمواتا) وقوله تعالى: (إن الذى أحياها لمحيى الموتى إنه على كل شئ قدير) فقوله إن الذى أحياها إشارة إلى القوة النامية، وقوله لمحيى الموتى إشارة إلى القوة الحساسة.
الثالثة: للقوة العاملة العاقلة كقوله تعالى:
(أو من كان ميتا فأحييناه)، وقول الشاعر: وقد ناديت لو أسمعت حيا * ولكن لا حياة لمن تنادى والرابعة: عبارة عن ارتفاع الغم وبهذا النظر قال الشاعر: ليس من مات فاستراح بميت * إنما الميت ميت الاحياء وعلى هذا قوله عزوجل: (ولا تحسبن الذين قلتوا في سبيل الله أمواتا بل أحياء عند ربهم) أي هم متلذذون لما روى
في الاخبار الكثيرة في أرواح الشهداء.
والخامسة: الحياة الاخروية الابدية وذلك يتوصل إليه بالحياة التى هي العقل والعلم قال الله تعالى: (استجيبوا لله وللرسول إذا دعاكم لما يحييكم)، وقوله: (يا ليتني قدمت لحياتي) يعنى بها الحياة الاخروية الدائمة.
والسادسة: الحياة التى يوصف بها الباري فإنه إذا قيل فيه تعالى " هو حى " فمعناه لا يصح عليه الموت وليس ذلك إلا لله عزوجل.
والحياة باعتبار الدنيا والآخرة ضربان الحياة الدنيا والحياة الآخرة، قال عزوجل (فأما من طغى وآثر الحياة الدنيا) وقال عز وجل: (اشتروا الحياة الدنيا بالآخرة) وقال تعالى: (وما الحياة الدنيا في الآخرة إلا متاع) أي الاعراض الدنيوية وقال: (ورضوا بالحياة الدنيا واطمأنوا بها) وقوله تعالى: (ولتجدنهم أحرص الناس على حياة) أي حياة الدنيا، وقوله عزوجل: (وإذ قال إبراهيم رب أرنى كيف تحيى الموتى) كان يطلب أن يريه الحياة الاخروية المعراة عن شوائب الآفات الدنيوية.
وقوله عزوجل: (ولكم في القصاص حياة)
أي يرتدع بالقصاص من يريد الاقدام على القتل فيكون في ذلك حياة الناس.
وقال عز وجل: (ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعا) أي من نجاها من الهلاك وعلى هذا قوله مخبرا عن إبراهيم: (ربى الذى يحيى ويميت - قال أنا أحيى وأميت) أي أعفو فيكون إحياء.
والحيوان مقر الحياة ويقال على ضربين، أحدهما: ماله الحاسة، والثانى: ماله البقاء الابدي وهو المذكور في قوله عزوجل: (وإن الدار الآخرة لهى الحيوان لو كانوا يعلمون) وقد نبه بقوله: (لهى الحيوان) أن الحيوان الحقيقي السرمدي الذى لا يفنى لا ما يبقى مدة ثم يفنى، وقال بعض أهل اللغة: الحيوان والحياة واحد، وقيل الحيوان ما فيه الحياة والموتان ما ليس فيه الحياة.
والحيا المطر لانه يحيى الارض بعد موتها، وإلى هذا أشار بقوله تعالى: (وجعلنا من الماء كل شئ حى) وقوله تعالى: (إنا نبشرك بغلام اسمه يحيى) فقد نبه أنه سماه بذلك من حيث إنه لم تمته الذنوب كما أماتت
كثيرا من ولد آدم صلى الله عليه وسلم، لا أنه كان يعرف بذلك فقط فإن هذا قليل الفائدة.
وقوله عزوجل: (يخرج الحى من الميت ويخرج الميت من الحى) أي يخرج الانسان من النطفة، والدجاجة من البيضة، ويخرج النبات من الارض ويخرج النطفة من الانسان.
وقوله عزوجل: (وإذا حييتم بتحية فحيوا بأحسن منها أو ردوها) وقوله تعالى: (فإذا دخلتم بيوتا فسلموا على أنفسكم تحية من عند الله) فالتحية أن يقال حياك الله أي جعل لك حياة وذلك إخبار، ثم يجعل دعاء.
ويقال حيا فلان فلانا تحية إذا قال له ذلك، وأصل التحية من الحياة ثم جعل ذلك دعاء تحية لكون جميعه غير خارج عن حصول الحياة، أو سبب حياة إما في الدنيا وإما في الآخرة، ومنه التحيات لله.
وقوله عزوجل: (ويستحيون نساءكم) أي يستبقونهن، والحياء انقباض النفس عن القبائح وتركه لذلك يقال حيى فهو حى، واستحيا فهو مستحى، وقيل استحى فهو مستح، قال الله تعالى: (إن الله لا يستحيى أن يضرب مثلا ما بعوضة فما فوقها) وقال عز وجل: (والله لا يستحيى من الحق) وروى: " إن الله تعالى يستحى من ذى الشيبة المسلم أن يعذبه " فليس يراد به انقباض النفس
إذ هو تعالى منزه عن الوصف بذلك وإنما المراد به ترك تعذيبه، وعلى هذا ما روى: " إن الله حيى " أي تارك للقبائح فاعل للمحاسن.
حوايا: الحوايا جمع حوية وهى الامعاء، ويقال للكساء الذى يلف به السنام حوية وأصله من حويت كذا حيا وحواية، قال الله تعالى: (أو الحوايا أو ما اختلط بعظم).
حوا: قوله عزوجل: (فجعله غثاء أحوى) أي شديد السواد وذلك إشارة إلى الدرين نحو: * وطال حبس بالدرين الاسود * وقيل تقديره (والذي أخرج المرعى) أحوى فجعله غثاء والحوة شدة الخضرة وقد احووى يحووى احوواء نحو ارعوى، وقيل ليس لهما نظير، وحوى حوة ومنه أحوى وحوى.
كتاب الخاءخبت: الخبت المطمئن من الارض وأخبت الرجل قصد الخبت أو نزله نحو أسهل وأنجد، ثم استعمل الاخبات استعمال اللين والتواضع، قال الله تعالى: (وأخبتوا إلى ربهم) وقال تعالى
(وبشر المخبتين) أي المتواضعين، نحو: (لا يستكبرون عن عبادته) وقوله تعالى: (فتخبت له قلوبهم) أي تلين وتخشع والاخبات ههنا قريب من الهبوط في قوله تعالى: (وإن منها لما يهبط من خشية الله).
خبث: المخبث والخبيث ما يكره رداءة وخساسة محسوسا كان أو معقولا، وأصله الردئ الدخلة الجارى مجرى خبث الحديد كما قال الشاعر: سبكناه ونحسبه لجينا * فأبدى الكير عن خبث الحديد وذلك يتناول الباطل في الاعتقاد والكذب في المقال والقبيح في الفعال، قال عزوجل: (ويحرم عليهم الخبائث) أي مالا يوافق النفس من المحظورات وقوله تعالى: (ونجيناه من القرية التى كانت تعمل الخبائث) فكناية عن إتيان الرجال.
وقال تعالى: (ما كان الله ليذر المؤمنين على ما أنتم عليه حتى يميز الخبيث من الطيب) أي الاعمال الخبيثة من الاعمال الصالحة، والنفوس الخبيثة من النفوس الزكية.
وقال تعالى: (ولا تبدلوا الخبيث بالطيب) أي الحرام بالحلال، وقال تعالى:
(الخبيثات للخبيثين والخبيثون للخبثات) أي الافعال الردية والاختيارات المبهرجة لامثالها وكذا (الخبيثون للخبيثات) وقال تعالى: (قل هل يستوى الخبيث والطيب) أي الكافر والمؤمن والاعمال الفاسدة والاعمال الصالحة، وقوله تعالى: (ومثل كلمة خبيثة كشجرة خبيثة) فإشارة إلى كل كلمة قبيحة من كفر وكذب ونميمة وغير ذلك، وقال صلى الله عليه وسلم: " المؤمن أطيب من عمله، والكافر أخبث من عمله " ويقال خبيث مخبث أي فاعل الخبث.
خبر: الخبر العلم بالاشياء المعلومة من جهة الخبر، وخبرته خبرا وخبرة وأخبرت أعلمت بما حصل لى من الخبر، وقيل الخبرة المعرفة ببواطن الامر والخبار والخبراء الارض اللينة، وقد يقال ذلك لما فيها من الشجر،
والمخابرة مزارعة الخبار بشئ معلوم، والخبير الاكار فيه، والخبر المزادة الصغيرة وشبهت بها الناقة فسميت خبرا وقوله تعالى (والله خبير بما تعملون) أي عالم بأخبار أعمالكم وقيل أي عالم ببواطن أموركم، وقيل خبير بمعنى
مخبر كقوله (فينبئكم بما كنتم تعملون) وقال تعالى: (ونبلو أخباركم - قد نبأنا الله من أخباركم) أي من أحوالكم التى نخبر عنها.
خبز: الخبز معروف قال الله تعالى (أحمل فوق رأسي خبزا) والخبزة ما يجعل في الملة والخبز اتخاذه واختبزت إذا أمرت بخبزه والخبازة صنعته واستعير الخبز للسوق الشديد لتشبيه هيئة السائق بالخابز.
خبط: الخبط الضرب على غير استواء كخبط البعير الارض بيده والرجل الشجر بعصاه، ويقال للمخبوط خبط كما يقال للمضروب ضرب، واستعير لعسف السلطان فقيل سلطان خبوط، واختباط المعروف طلبه بعسف تشبيها بخبط الورق وقوله تعالى (يتخبطه الشيطان من المس) فيصح أن يكون من خبط الشجر وأن يكون من الاختباط الذى هو طلب المعروف، يروى عنه صلى الله عليه وسلم " اللهم إنى أعوذ بك أن يتخبطني الشيطان من المس ".
خبل: الخبال الفساد الذى يلحق الحيوان فيورثه اضطرابا كالجنون والمرض المؤثر
في العقل والفكر، ويقال خبل وخبل وخبال ويقال خبله وخبله فهو خابل والجمع الخبل، ورجل مخبل، قال الله تعالى: (يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا بطانة من دونكم لا يألونكم خبالا) وقال عزوجل: (ما زادوكم إلا خبالا) وفى الحديث: " من شرب الخمر ثلاثا كان حقا على الله تعالى أن يسقيه من طينة الخبال " قال زهير: * هنالك إن يستخبلوا المال يخبلوا * أي إن طلب منهم إفساد شئ من إبلهم أفسدوه.
خبو: خبت النار تخبو سكن لهبها وصار عليها خباء من رماد أي غشاء، وأصل الخباء الغطاء الذى يتغطى به وقيل لغشاء السنبلة خباء، قال عزوجل (كلما خبت زدناهم سعيرا).
خبء: يخرج الخبء يقال ذلك لكل مدخر ومستور ومنه قيل جارية خبأة وهى الجارية التى تظهر مرة وتخبأ أخرى، والخباء سمة في موضع خفى.
ختر: الختر غدر يختر فيه الانسان أي يضعف ويكسر لاجتهاده فيه، قال الله تعالى: (كل ختار كفور).
ختم: الختم والطبع يقال على وجهين مصدر ختمت وطبعت وهو تأثير الشئ كنقش الخاتم والطابع.
والثانى الاثر الحاصل عن
النقش ويتجوز بذلك تارة في الاستيثاق من الشئ والمنع منه اعتبارا بما يحصل من المنع بالختم على الكتب والابواب نحو: (ختم الله على قلوبهم - وختم على سمعه وقلبه) وتارة في تحصيل أثر عن شئ اعتبارا بالنقش الحاصل، وتارة يعتبر منه بلوغ الآخر ومنه قيل ختمت القرآن أي انتهيت إلى آخره فقوله: (ختم الله على قلوبهم) وقوله تعالى: (قل أرأيتم إن أخذ الله سمعكم وأبصاركم وختم على قلوبكم) إشارة إلى ما أجرى الله به العادة أن الانسان إذا تناهى في اعتقاد باطل أو ارتكاب محظور ولا يكون منه تلفت بوجه إلى الحق يورثه ذلك هيئة تمرنه على استحسان المعاصي وكأنما يختم بذلك على قلبه وعلى ذلك: (أولئك الذين طبع الله على قلوبهم وسمعهم وأبصارهم) وعلى هذا النحو استعارة الاغفال في قوله عز وجل (ولا تطع من أغفلنا قلبه عن ذكرنا) واستعارة الكن في قوله تعالى: (وجعلنا على
قلوبهم أكنة أن يفقهوه) واستعارة القساوة في قوله تعالى: (وجعلنا قلوبهم قاسية) قال الجبائى: يجعل الله ختما على قلوب الكفار ليكون دلالة للملائكة على كفرهم فلا يدعون لهم، وليس ذلك بشئ فإن هذه الكتابة إن كانت محسوسة فمن حقها أن يدركها أصحاب التشريح، وإن كانت معقولة غير محسوسة فالملائكة باطلاعهم على اعتقاداتهم مستغنية عن الاستدلال.
وقال بعضهم: ختمه شهادته تعالى عليه أنه لا يؤمن، وقوله تعالى: (اليوم نختم على أفواههم) أي نمنعهم من الكلام (وخاتم النبيين) لانه ختم النبوة أي تممها بمجيئه.
وقوله عزوجل: (ختامه مسك) قيل ما يختم به أي يطبع، وإنما معناه منقطعه، وخاتمة شربه: أي سؤره في الطيب مسك، وقول من قال يختم بالمسك أي يطبع فليس بشئ لان الشراب يجب أن يطيب في نفسه فأما ختمه بالطيب فليس مما يفيده ولا ينفعه طيب خاتمه ما لم يطب في نفسه.
خد: قال الله تعالى: (قتل أصحاب الاخدود) الخد والاخدود شق في الارض مستطيل غائص، وجمع الاخدود أخاديد وأصل
ذلك من خدى الانسان وهما ما اكتنفا الانف عن اليمين والشمال.
والخد يستعار للارض ولغيرها كاستعارة الوجه، وتخدد اللحم زواله عن وجه الجسم، يقال خددته فتخدد.
خدع: الخداع إنزال الغير عما هو بصدده بأمر يبديه على خلاف ما يخفيه، قال تعالى: (يخادعون الله) أي يخادعون رسوله وأولياءه ونسب ذلك إلى الله تعالى من حيث إن معاملة الرسول كمعاملته ولذلك قال تعالى (إن الذين يبايعونك إنما يبايعون الله) وجعل ذلك خداعا تفظيعا لفعلهم وتنبيها على عظم الرسول وعظم أوليائه، وقول أهل اللغة إن هذا على حذف المضاف وإقامة المضاف إليه مقامه فيجب أن يعلم أن المقصود بمثله في الحذف لا يحصل لو
أتى بالمضاف المحذوف لما ذكرنا من التنبيه على أمرين، أحدهما: فظاعة فعلهم فيما تحروه من الخديعة وأنهم بمخادعتهم إياه يخادعون الله، والثانى التنبيه على عظم المقصود بالخداع وأن معاملته كمعاملة الله كما نبه عليه بقوله تعالى (إن الذين يبايعونك) الآية وقوله تعالى: (وهو خادعهم) قيل معناه مجازيهم
بالخداع وقيل على وجه آخر مذكور في قوله تعالى (ومكروا ومكر الله) وقيل خدع الضب أي استتر في جحره واستعمال ذلك في الضب أنه يعد عقربا تلدغ من يدخل يديه في جحره حتى قيل العقرب بواب الضب وحاجبه.
ولاعتقاد الخديعة فيه قيل أخدع من ضب، وطريق خادع وخيدع مضل كأنه يخدع سالكه.
والمخدع بيت في بيت كأن بانيه جعله خادعا لمن رام تناول ما فيه، وخدع الريق إذا قل متصورا منه هذا المعنى، والاخدعان تصور منهما الخداع لاستتارهما تارة وظهورهما تارة، يقال خدعته: قطعت أخدعه، وفى الحديث: " بين يدى الساعة سنون خداعة " أي محتالة لتلونها بالجدب مرة وبالخصب مرة.
خدن: قال الله تعالى: (ولا متخذات أخدان) جمع خدن أي المصاحب وأكثر ذلك يستعمل فيمن يصاحب شهوة، يقال خدن المرأة وخدينها، وقول الشاعر: * خدين العلى * فاستعارة كقولهم يعشق العلى ويشبب بالندى وينسب بالمكارم.
خذل: قال تعالى: (وكان الشيطان
للانسان خذولا) أي كثير الخذلان، والخذلان ترك من يظن به أن ينصر نصرته، ولذلك قيل خذلت الوحشية ولدها وتخاذلت رجلا فلان ومنه قول الاعشى: بين مغلوب تليل خده * وخذول الرجل من غير كسح ورجل خذلة كثيرا ما يخذل.
خذ: قال الله تعالى: (فخذ ما آتيتك وكن من الشاكرين) وخذوه أصله من أخذ وقد تقدم.
خر: (كأنما خر من السماء) وقال تعالى: (فلما خر تبينت الجن) وقال تعالى: (فخر عليهم السقف من فوقهم) فمعنى خر سقط سقوطا يسمع منه خرير، والخرير يقال لصوت الماء والريح وغير ذلك مما يسقط من علو.
وقوله تعالى: (خروا له سجدا) فاستعمال الخر تنبيه على اجتماع أمرين: السقوط وحصول الصوت منهم بالتسبيح، وقوله من بعده (وسبحوا بحمد ربهم)، فتنبيه أن ذلك الخرير كان تسبيحا بحمدالله لا بشئ آخر.
خرب: يقال خرب المكان خرابا وهو ضد العمارة، قال الله تعالى: (وسعى في خرابها)
وقد أخربه، وخربه قال الله تعالى (يخربون
بيوتهم بأيديهم وأيدي المؤمنين) فتخريبهم بأيديهم إنما كان لئلا تبقى للنبى صلى الله عليه وسلم وأصحابه، وقيل كان بإجلائهم عنها.
والخربة شق واسع في الاذن تصورا أنه قد خرب أذنه، ويقال رجل أخرب وامرأة خرباء نحو أقطع وقطعاء ثم شبه به الخرق في أذن المزادة فقيل خربة المزادة، واستعارة ذلك كاستعارة الاذن له، وجعل الخارب مختصا بسارق الابل، والخرب ذكر الحبارى وجمعه خربان قال الشاعر: * أبصر خربان فضاء فانكدر * خرج: خرج خروجا: برز من مقره أو حاله سواء كان مقره دارا أو بلدا أو ثوبا، وسواء كان حاله حالة في نفسه أو في أسبابه الخارجة، قال تعالى: (فخرج منها خائفا يترقب) وقال تعالى: (اخرج منها فما يكون لك أن تتكبر فيها) وقال: (وما تخرج من ثمرة من أكمامها - فهل إلى خروج من سبيل - يريدون أن يخرجوا من النار وما هم بخارجين منها) والاخراج أكثر ما يقال في الاعيان نحو
(أنكم مخرجون) وقال عزوجل: (كما أخرجك ربك من بيتك بالحق - ونخرج له يوم القيامة كتابا) وقال تعالى: (أخرجوا أنفسكم) وقال: (أخرجوا آل لوط من قريتكم) ويقال في التكوين الذى هو من فعل الله تعالى (والله أخرجكم من بطون أمهاتكم - فأخرجنا به أزواجا من نبات شتى) وقال تعالى: (نخرج به زرعا مختلفا ألوانه) والتخريج أكثر ما يقال في العلوم والصناعات، وقيل لما يخرج من الارض ومن وكر الحيوان ونحو ذلك خرج وخراج، قال الله تعالى: (أم تسألهم خرجا فخراج ربك خير) فإضافته إلى الله تعالى تنبيه أنه هو الذى ألزمه وأوجبه، والخرج أعم من الخراج، وجعل الخرج بإزاء الدخل، وقال تعالى: (فهل نجعل لك خرجا) والخراج مختص في الغالب بالضريبة على الارض، وقيل العبد يؤدى خرجه أي غلته والرعية تؤدى إلى الامير الخراج، والخرج أيضا من السحاب وجمعه خروج وقيل الخراج بالضمان أي ما يخرج من مال البائع فهو بإزاء ما سقط عنه من ضمان المبيع، والخارجى الذى يخرج بذاته عن أحوال أقرانه ويقال ذلك تارة على سبيل
المدح إذا خرج إلى منزلة من هو أعلى منه، وتارة يقال على سبيل الذم إذا خرج إلى منزلة من هو أدنى منه، وعلى هذا يقال فلان ليس بإنسان تارة على المدح كما قال الشاعر: فلست بإنسى ولكن كملاك * تنزل من جو السماء يصوب وتارة على الذم نحو (إن هم إلا كالانعام)، والخرج لونان من بياض وسواد، ويقال ظليم أخرج ونعامة خرجاء وأرض مخترجة ذات لونين لكون النبات منها في مكان دون
مكان، والخوارج لكونهم خارجين عن طاعة الامام.
خرص: الخرص حرز الثمرة، والخرص المحروز كالنقض للمنقوض، وقيل الخرص الكذب في قوله تعالى (إن هم إلا يخرصون) قيل معناه يكذبون.
وقوله تعالى: (قتل الخراصون) قيل لعن الكذابون وحقيقة ذلك أن كل قول مقول عن ظن وتخمين يقال خرص سواء كان مطابقا للشئ أو مخالفا له من حيث إن صاحبه لم يقله عن علم ولا غلبة ظن ولاسماع بل اعتمد فيه على الظن والتخمين
كفعل الخارص في خرصه، وكل من قال قولا على هذا النحو قد يسمى كاذبا وإن كان قوله مطابقا للمقول المخبر عنه كما حكى عن المنافقين في قوله عزوجل: (إذا جاءك المنافقون قالوا نشهد إنك لرسول الله والله يعلم إنك لرسوله والله يشهد إن المنافقين لكاذبون): خرط: قال تعالى: (سنسمه على الخرطوم) أي لزمه عار لا ينمحى عنه كقولهم جدعت أنفه، والخرطوم أنف الفيل فسمى أنفه خرطوما استقباحا له.
خرق: الخرق قطع الشئ على سبيل الفساد من غير تدبر ولا تفكر، قال تعالى: (أخرقتها لتغرق أهلها) وهو ضد الخلق وإن الخلق هو فعل الشئ بتقدير ورفق، والخرق بغير تقدير، قال تعالى: (وخرقوا له بنين وبنات بغير علم) أي حكموا بذلك على سبيل الخرق، وباعتبار القطع قيل خرق الثوب وخرقه وخرق المفاوز واخترق الريح.
وخص الخرق والخريق بالمفاوز الواسعة إما لاختراق الريح فيها وإما لتخرقها في الفلاة، وخص الخرق بمن ينخرق في السحاب.
وقيل لثقب الاذن إذا توسع خرق،
وصبى أخرق وامرأة خرقاء مثقوبة الاذن ثقبا واسعا، وقوله تعالى: (إنك لن تخرق الارض) فيه قولان: أحدهما لن تقطع والآخر لن تثقب الارض إلى الجانب الآخر اعتبارا بالخرق في الاذن، وباعتبار ترك التقدير قيل رجل أخرق وخرق وامرأة خرقاء، وشبه بها الريح في تعسف مرورها فقيل ريح خرقاء.
وروى " ما دخل الخرق في شئ إلا شانه " ومن الخرق استعيرت المخرقة وهو إظهار الخرق توصلا إلى حيلة، والمخراق شئ يلعب به كأنه يخرق لاظهار الشئ بخلافه، وخرق الغزال إذا لم يحسن أن يعدو لخرقه.
خزن: الخزن حفظ الشئ في الخزانة ثم يعبر به عن كل حفظ كحفظ السر ونحوه وقوله تعالى: (وإن من شئ إلا عندنا خزائنه - ولله خزائن السموات والارض) فإشارة منه إلى قدرته تعالى على ما يريد إيجاده أو إلى الحالة التى أشار إليها بقوله عليه السلام: " فرغ
ربكم من خلق الخلق والرزق والاجل " وقوله تعالى: (فأسقيناكموه وما أنتم له
بخازنين) قيل معناه حافظين له بالشكر، وقيل هو إشارة إلى ما أنبأ عنه قوله (أفرأيتم الماء الذى تشربون أأنتم أنزلتموه) الآية والخزنة جمع الخازن (وقال لهم خزنتها) في صفة النار وصفة الجنة وقوله: (ولا أقول لكم عندي خزائن الله) أي مقدوراته التى منعها الناس لان الخزن ضرب من المنع، وقيل جوده الواسع وقدرته، وقيل هو قوله كن.
والخزن في اللحم أصله الادخار فكنى به عن نتنه، يقال خزن اللحم إذا أنتن وخنز بتقدم النون.
خزى: خزى الرجل لحقه انكسار إما من نفسه وإما من غيره.
فالذي يلحقه من نفسه هو الحياء المفرط ومصدره الخزاية ورجل خزيان وامرأة خزيى وجمعه خزايا.
وفى الحديث " اللهم احشرنا غير خزايا ولا نادمين " والذى يلحقه من غيره يقال هو ضرب من الاستخفاف، ومصدره الخزى ورجل خزى.
قال تعالى: (ذلك لهم خزى في الدنيا) وقال تعالى: (إن الخزى اليوم والسوء على الكافرين - فأذاقهم الله الخزى في الحياة الدنيا - لنذيقهم عذاب الخزى
في الحياة الدنيا) وقال (من قبل أن نذل ونخزى) وأخزى من الخزاية والخزى جميعا وقوله (يوم لا يخزى الله النبي والذين آمنوا) فهو من الخزى أقرب وإن جاز أن يكون منهما جميعا وقوله تعالى: (ربنا إنك من تدخل النار فقد أخزيته) فمن الخزاية ويجوز أن يكون من الخزى وكذا قوله (من يأتيه عذاب يخزيه) وقوله: (ولا تخزنا يوم القيامة - وليخزى الفاسقين) وقال: (ولا تخزون في ضيفي) وعلى نحو ما قلنا في خزى قولهم ذل وهان فإن ذلك متى كان من الانسان نفسه يقال له الهون والذل ويكون محمودا، ومتى كان من غيره يقال له: الهون، والهوان، والذل، ويكون مذموما.
خسر: الخسر والخسران انتقاص رأس المال وينسب ذلك إلى الانسان فيقال خسر فلان، وإلى الفعل فيقال خسرت تجارته، قال تعالى: (تلك إذا كرة خاسرة) ويستعمل ذلك في المقتنيات الخارجة كالمال والجاه في الدنيا وهو الاكثر، وفى المقتنيات النفسية كالصحة والسلامة والعقل والايمان والثواب،
وهو الذى جعله الله تعالى الخسران المبين، وقال: (الذين خسروا أنفسهم وأهليهم يوم القيامة، ألا ذلك هو الخسران المبين) وقوله: (ومن يكفر به فأولئك هم الخاسرون) وقوله: (الذين ينقضون عهد الله من بعد ميثاقه - إلى أولئك هم الخاسرون) وقوله:
(فطوعت له نفسه قتل أخيه فقتله فأصبح من الخاسرين) وقوله: (وأقيموا الوزن بالقسط ولا تخسروا الميزان) يجوز أن يكون إشارة إلى تحرى العدالة في الوزن وترك الحيف فيما يتعاطاه في الوزن، ويجوز أن يكون ذلك إشارة إلى تعاطى مالا يكون به ميزانه في القيامة خاسرا فيكون ممن قال فيه: (فمن خفت موازينه) وكلا المعنيين يتلازمان، وكل خسران ذكره الله تعالى في القرآن فهو على هذا المعنى الاخير دون الخسران المتعلق بالمقتنيات الدنيوية والتجارات البشرية.
خسف: الخسوف للقمر والكسوف للشمس، وقيل الكسوف فيهما إذا زال بعض ضوئهما، والخسوف إذا ذهب كله.
ويقال خسفه الله وخسف هو، قال تعالى: (فخسفنا به
وبداره الارض) وقال: (لو لا أن من الله علينا لخسف بنا) وفى الحديث: " إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله لا يخسفان لموت أحد ولا لحياته " وعين خاسفة إذا غابت حدقتها فمنقول من خسف القمر، وبئر مخسوفة إذا غاب ماؤها ونزف، منقول من خسف الله القمر.
وتصور من خسف القمر مهانة تلحقه فاستعير الخسف للذل فقيل تحمل فلان خسفا.
خسأ: خسأت الكلب فخسأ أي زجرته مستهينا به فانزجر وذلك إذا قلت له اخسأ، قال تعالى في صفة الكفار: (اخسؤا فيها ولا تكلمون) وقال تعالى: (قلنا لهم كونوا قردة خاسئين) ومنه (خسأ البصر) أي انقبض عن مهانة قال (خاسئا وهو حسير).
خشب: قال تعالى: (كأنهم خشب مسندة) شبهوا بذلك لقلة غنائهم وهو جمع الخشب ومن لفظ الخشب قيل خشبت السيف إذا صقلته بالخشب الذى هو المصقل، وسيف خشيب قريب العهد بالصقل، وجمل خشيب أي جديد لم يرض، تشبيها بالسيف الخشيب، وتخشبت الابل أكلت الخشب، وجبهة خشباء يابسة كالخشب، ويعبر بها عمن لا يستحى،
وذلك كما يشبه بالصخر في نحو قول الشاعر: * والصخر هش عند وجهك في الصلابة * والمخشوب المخلوط به الخشب وذلك عبارة عن الشئ الردئ.
خشع: الخشوع الضراعة وأكثر ما يستعمل الخشوع فيما يوجد على الجوارح.
والضراعة أكثر ما تستعمل فيما يوجد في القلب ولذلك قيل فيما روى: إذا ضرع القلب خشعت الجوارح، قال تعالى: (ويزيدهم خشوعا) وقال: (الذين هم في صلاتهم خاشعون - وكانوا لنا خاشعين - وخشعت الاصوات - خاشعة أبصارهم - أبصارها خاشعة) كناية عنها وتنبيها على تزعزعها كقوله (إذا رجت الارض رجا - و - إذا زلزلت الارض زلزالها - يوم تمور السماء مورا وتسير الجبال سيرا).
خشى: الخشية خوف يشوبه تعظيم وأكثر ما يكون ذلك عن علم بما يخشى منه، ولذلك خص العلماء بها في قوله: (إنما يخشى الله من عباده العلماء) وقال: (وأما من جاءك يسعى وهو يخشى - من خشى الرحمن - فخشينا أن يرهقهما - فلا تخشوهم واخشوني - يخشون
الناس كخشية الله أو أشد خشية) وقال: (الذين يبلغون رسالات الله ويخشونه ولا يخشون أحدا إلا الله - وليخش الذين) الآية، أي ليستشعروا خوفا من معرته، وقال تعالى: (خشية إملاق) أي لا تقتلوهم معتدين لمخافة أن يلحقهم إملاق (لمن خشى الرحمن بالغيب) أي لمن خاف خوفا اقتضاه معرفته بذلك من نفسه.
خص: التخصيص والاختصاص والخصوصية والتخصص تفرد بعض الشئ بما لا يشاركه فيه الجملة، وذلك خلاف العموم والتعمم والتعميم، وخصان الرجل من يختصه بضرب من الكرامة، والخاصة ضد العامة، قال تعالى: (واتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة) أي بل تعمكم وقد خصه بكذا يخصه واختصه يختصه، قال (يختص برحمته من يشاء) وخصاص البيت فرجة وعبر عن الفقر الذى لم يسد بالخصاصة كما عبر عنه بالخلة، قال: (ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة) وإن شئت قلت من الخصاص، والخص بيت من قصب أو شجر وذلك لما يرى فيه من الخصاصة.
خصف: قال تعالى (وطفقا يخصفان عليهما) أي يجعلان عليهما خصفة وهى أوراق ومنه قيل لجلة التمر خصفة وللثياب الغليظة، جمعه خصف، ولما يطرق به الخف خصفة وخصفت النعل بالمخصف.
وروى " كان النبي صلى الله عليه وسلم يخصف نعله " وخصفت الخصفة نسجتها والاخصف والخصيف قيل الابرق من الطعام وهو لونان من الطعام وحقيقته ما جعل من اللبن ونحوه في خصفة فيتلون بلونها.
خصم: الخصم مصدر خصمته أي نازعته خصما، يقال خاصمته وخصمته مخاصمة وخصاما، قال تعالى (وهو ألد الخصام - وهو في الخصام غير مبين) ثم سمى المخاصم خصما، واستعمل للواحد والجمع وربما ثنى، وأصل المخاصمة أن يتعلق كل واحد بخصم الآخر أي جانبه وأن يجذب كل واحد خصم الجوالق من جانب، وروى نسيته في خصم فراشي، والجمع خصوم وأخصام وقوله (خصمان اختصموا) أي فريقان ولذلك قال اختصموا وقال (لا تختصموا) وقال (وهم فيها يختصمون) والخصيم الكثير المخاصمة، قال (وهو خصيم مبين) والخصم المختص بالخصومة، قال (قوم خصمون).
خضد: قال الله (في سدر مخضود) أي مكسور الشوك، يقال خضدته فانخضد فهو
مخضود وخضيد والخضد المخضود كالنقض في المنقوض ومنه استعير خضد عنق البعير أي كسر.
خضر: قال تعالى: (فتصبح الارض مخضرة - ثيابا خضرا) خضرة جمع أخضر والخضرة أحد الالوان بين البياض والسواد وهى إلى السواد أقرب ولهذا سمى الاسود أخضر والاخضر أسود قال الشاعر: قد أعسف النازح المجهود معسفة * في ظل أخضر يدعو هامه البوم وقيل سواد العراق للموضع الذى يكثر فيه الخضرة، وسميت الخضرة بالدهمة في قوله سبحانه (مدهامتان) أي خضراوان وقوله عليه السلام " إياكم وخضراء الدمن " فقد فسره عليه السلام حيث قال " المرأة الحسناء في منبت السوء " والمخاضرة المبايعة على الخضر والثمار قبل بلوغها، والخضيرة نخلة ينتثر بشرها أخضر.
خضع: قال الله (فلا تخضعن بالقول)
الخضوع الخشوع وقد تقدم، ورجل خضعة كثير الخضوع ويقال خضعت اللحم أي قطعته، وظليم أخضع في عنقه تطامن.
خط: الخط كالمد، ويقال لما له طول، والخطوط أضرب فيما يذكره أهل الهندسة من مسطوح ومستدير ومقوس وممال، ويعبر عن كل أرض فيها طول بالخط كخط اليمن وإليه ينسب الرمح الخطى، وكل مكان يخطه الانسان لنفسه ويحفره يقال له خط وخطة.
والخطيطة أرض لم يصبها مطر بين أرضين ممطورتين كالخط المنحرف عنه، ويعبر عن الكتابة بالخط قال تعالى: (وما كنت تتلو من قبله من كتاب ولا تخطه بيمينك).
خطب: الخطب والمخاطبة والتخاطب المراجعة في الكلام، ومنه الخطبة والخطبة لكن الخطبة تختص بالموعظة والخطبة بطلب المرأة، قال تعالى: (ولاجناح عليكم فيما عرضتم به من خطبة النساء) وأصل الخطبة الحالة التى عليها الانسان إذا خطب نحو الجلسة والقعدة، ويقال من الخطبة خاطب وخطيب، ومن الخطبة خاطب لاغير والفعل منهما خطب.
والخطب الامر العظيم الذى يكثر فيه التخاطب قال تعالى (فما خطبك يا سامرى - فما خطبكم أيها المرسلون) وفصل الخطاب: ما ينفصل به الامر من الخطاب.
خطف: الخطف والاختطاف الاختلاس بالسرعة، يقال خطف يخطف وخطف يخطف وقرئ بهما جميعا قال (إلا من خطف الخطفة) وذلك وصف للشياطين المسترقة قال تعالى (فتخطفه الطير أو تهوى به الريح - يكاد البرق يخطف أبصارهم) وقال: (ويتخطف الناس من حولهم) أي يقتلون ويسلبون،
والخطاف للطائر الذى كأنه يخطف شيئا في طيرانه، ولما يخرج به الدلو كأنه يختطفه وجمعه خطاطيف وللحديدة التى تدور عليها البكرة، وباز مخطف يختطف ما يصيده، والخطيف سرعة انجذاب السير وأخطف الحشا، ومختطفه كأنه اختطف حشاه لضموره.
خطأ: الخطأ العدول عن الجهة وذلك أضرب، أحدها: أن يريد غير ما تحسن إرادته فيفعله وهذا هو الخطأ التام المأخوذ به
الانسان، يقال خطئ يخطأ خطأ وخطأة قال تعالى (إن قتلهم كان خطئا كبيرا) وقال: (وإن كنا لخاطئين) والثانى أن يريد ما يحسن فعله ولكن يقع منه خلاف ما يريد فيقال أخطأ إخطاء فهو مخطئ، وهذا قد أصاب في الارادة وأخطأ في الفعل وهذا المعنى بقوله عليه السلام: " رفع عن أمتى الخطأ والنسيان " وبقوله " من اجتهد فأخطأ فله أجر " (ومن قتل مؤمنا خطأ فتحرير رقبة) والثالث أن يريد مالا يحسن فعله ويتفق منه خلافه، فهذا مخطئ في الارادة ومصيب في الفعل فهو مذموم بقصده وغير محمود على فعله، وهذا المعنى هو الذى أراده في قوله: أردت مساءتى فأجرت مسرتي * وقد يحسن الانسان من حيث لا يدرى وجملة الامر أن من أراد شيئا فاتفق منه غيره يقال أخطأ، وإن وقع منه كما أراده يقال أصاب، وقد يقال لمن فعل فعلا لا يحسن أو أراد إرادة لا تجمل إنه أخطأ ولهذا يقال أصاب الخطأ وأخطأ الصواب، وأصاب الصواب وأخطأ الخطأ، وهذه اللفظة مشتركة كما ترى مترددة بين معان يجب لمن يتحرى الحقائق أن
يتأملها.
وقوله تعالى (وأحاطت به خطيئته) والخطيئة والسيئة يتقاربان لكن الخطيئة أكثر ما تقال فيما لا يكون مقصودا إليه في نفسه بل يكون القصد سببا لتولد ذلك الفعل منه كمن يرمى صيدا فأصاب إنسانا أو شرب مسكرا فجنى جناية في سكره.
والسبب سببان: سبب محظور فعله كشرب المسكر وما يتولد عنه من الخطإ غير متجاف عنه، وسبب غير محظور كرمى الصيد، قال تعالى: (وليس عليكم جناح فيما أخطأتم به ولكن ما تعمدت قلوبكم)، وقال تعالى: (ومن يكسب خطيئة أو إثما) فالخطيئة ههنا هي التى لا تكون عن قصد إلى فعله، قال تعالى (ولا تزد الظالمين إلا ضلالا - مما خطيئاتهم - إنا نطمع أن يغفر لناربنا خطايانا - ولنحمل خطاياكم - وما هم بحاملين من خطاياهم من شئ) وقال تعالى: (والذى أطمع أن يغفر لى خطيئتي يوم الدين) والجمع الخطيئات والخطايا.
وقوله تعالى: (نغفر لكم خطاياكم) فهى المقصود إليها والخاطئ هو القاصد للذنب، وعلى
ذلك قوله (ولا طعام إلا من غسلين لا يأكله
إلا الخاطئون) وقد يسمى الذنب خاطئة في قوله تعالى: (والمؤتفكات بالخاطئة) أي الذنب العظيم وذلك نحو قولهم شعر شاعر.
فأما ما لم يكن مقصودا فقد ذكر عليه السلام أنه متجاف عنه، وقوله تعالى: (نغفر لكم خطاياكم)، فالمعنى ما تقدم.
خطو: خطوت أخطو خطوة أي مرة والخطوة ما بين القدمين، قال تعالى: (ولا تتبعوا خطوات الشيطان) أي لا تتبعوه وذلك نحو قوله (ولا تتبع الهوى).
خف: الخفيف بإزاء الثقيل ويقال ذلك تارة باعتبار المضايفة بالوزن وقياس شيئين أحدهما بالآخر نحو درهم خفيف، ودرهم ثقيل.
والثانى يقال باعتبار مضايفة الزمان نحو فرس خفيف وفرس ثقيل إذا عدا أحدهما أكثر من الآخر في زمان واحد.
الثالث يقال خفيف فيما يستحليه الناس وثقيل فيما يستوخمه فيكون الخفيف مدحا والثقيل ذما ومنه قوله تعالى: (الآن خفف الله عنكم - فلا يخفف عنهم) وأرى أن من هذا قوله (حملت حملا خفيفا) الرابع يقال خفيف فيمن يطيش وثقيل
فيما فيه وقار فيكون الخفيف ذما والثقيل مدحا الخامس: يقال خفيف في الاجسام التى من شأنها أن ترجحن إلى أسفل كالارض والماء، يقال خف يخف خفا وخفة وخففه تخفيفا وتخفف تخففا واستخففته وخف المتاع الخفيف ومنه كلام خفيف على اللسان، قال تعالى: (فاستخف قومه فأطاعوه) أي حملهم أن يخفوا معه أو وجدهم خفافا في أبدانهم وعزائمهم، وقيل معناه وجدهم طائشين، وقوله تعالى: (ومن خفت موازينه) فإشارة إلى كثرة الاعمال الصالحة وقلتها (ولا يستخفنك) أي لا يزعجنك ويزيلنك عن اعتقادك بما يوقعون من الشبه، وخفوا عن منازلهم ارتحلوا منها في خفة، والخف الملبوس، وخف النعامة، والبعير تشبيها بخف الانسان.
خفت: قال تعالى: (يتخافتون بينهم - ولا تخافت بها) المخافتة والخفت إسرار المنطق قال: * وشتان بين الجهر والمنطق الخفت * خفض: الخفض ضد الرفع، والخفض الدعة والسير اللين (واخفض لهما جناح الذل)
فهو حث على تليين الجانب والانقياد كأنه ضد قوله (ألا تعلوا على) وفى صفة القيامة (خافضة رافعة) أي تضع قوما وترفع آخرين فخافضة إشارة إلى قوله: (ثم رددناه أسفل سافلين).
خفى: خفى الشئ خفية استتر، قال تعالى (ادعوا ربكم تضرعا وخفية) والخفاء
ما يستر به كالغطاء، وخفيته أزلت خفاه وذلك إذا أظهرته، وأخفيته أوليته خفاء وذلك إذا سترته ويقابل به الابداء والاعلان، قال تعالى: (إن تبدوا الصدقات فنعما هي وإن تخفوها وتؤتوها الفقراء فهو حير لكم) وقال تعالى (وأنا أعلم بما أخفيتم وما أعلنتم - بل بدا لهم ما كانوا يخفون) والاستخفاء طلب الاخفاء، ومنه قوله تعالى (ألا إنهم يثنون صدورهم ليستخفوا منه) والخوافى جمع خافية، وهى ما دون القوادم من الريش.
خل: الخلل فرجة بين الشيئين وجمعه خلال كخلل الدار والسحاب والرماد وغيرها، قال تعالى في صفة السحاب: (فترى الودق
يخرج من خلاله - فجلسوا خلال الديار) قال الشاعر: * أرى خلل الرماد وميض جمر * (ولاوضعوا خلالكم) أي سعوا وسطكم بالنميمة والفساد.
والخلال لما تخلل به الاسنان وغيرها، يقال خل سنه وخل ثوبه بالخلال يخله، ولسان الفصيل بالخلال ليمنعه من الرضاع والرمية بالسهم، وفى الحديث: " خللوا أصابعكم " والخلل في الامر كالوهن فيه تشبيها بالفرجة الواقعة بين الشيئين، وخل لحمه يخل خلا وخلالا صار فيه خلل وذلك بالهزال، قال: * إن جسمي بعد خالي لخل * والخلة الطريق في الرمل لتخلل الوعورة أي الصعوبة إياه أو لكون الطريق متخللا وسطه، والخلة أيضا الخمر الحامضة لتخلل الحموضة إياها.
والخلة ما يغطى به جفن السيف لكونه في خلالها، والخلة الاختلال العارض للنفس إما لشهوتها لشئ أو لحاجتها إليه، ولهذا فسر الخلة بالحاجة والخصلة، والخلة المودة إما لانها تتخلل النفس أي تتوسطها، وإما لانها تخل النفس فتؤثر فيه تأثير السهم في الرمية،
وإما لفرط الحاجة إليها، يقال منه خاللته محالة وخلالا فهو خليل، وقوله تعالى: (واتخذ الله إبراهيم خليلا) قيل سماه بذلك لافتقاره إليه سبحانه في كل حال، الافتقار المعنى بقوله: (إنى لما أنزلت إلى من خير فقير) وعلى هذا الوجه قيل: اللهم أغننى بالافتقار إليك ولا تفقرني بالاستغناء عنك.
وقيل بل من الخلة واستعمالها فيه كاستعمال المحبة فيه، قال أبو القاسم البلخى: هو من الخلة لا من الخلة، قال: ومن قاسه بالحبيب فقد أخطأ لان الله يجوز أن يحب عبده فإن المحبة منه الثناء ولا يجوز أن يخاله، وهذا منه اشتباه فإن الخلة من تخلل الود نفسه ومخالطته كقوله: قد تخللت مسلك الروح منى * وبه سمى الخليل خليلا ولهذا يقال تمازج روحانا.
والمحبة البلوغ بالود
إلى حبة القلب من قولهم حببته إذا أصبت حبة قلبه، لكن إذا استعملت المحبة في الله فالمراد بها مجرد الاحسان وكذا الخلة، فإن جاز في أحد اللفظين جاز في الآخر، فأما أن يراد بالحب حبة القلب، والخلة التخلل فحاشا له سبحانه أن
يراد فيه ذلك.
وقوله تعالى: (لا بيع فيه ولا خلة) أي لا يمكن في القيامة ابتياع حسنة ولا استجلابها بمودة وذلك إشارة إلى قوله سبحانه: (وأن ليس للانسان إلا ما سعى) وقوله (لابيع فيه ولا خلال) فقد قيل هو مصدر من خاللت وقيل هو جمع، يقال خليل وأخلة وخلال والمعنى كالاول.
خلد: الخلود هو تبرى الشئ من اعتراض الفساد وبقاؤه على الحالة التى هو عليها، وكل ما يتباطأ عنه التغيير والفساد تصفه العرب بالخلود كقولهم للاثافى خوالد، وذلك لطول مكثها لا لدوام بقائها.
يقال خلد يخلد خلودا، قال تعالى: (لعلكم تخلدون) والخلد اسم للجزء الذى يبقى من الانسان على حالته فلا يستحيل مادام الانسان حيا استحالة سائر اجزائه، وأصل المخلد الذى يبقى مدة طويلة ومنه قيل رجل مخلد لمن أبطأ عنه الشيب، ودابة مخلدة هي التى تبقى ثناياها حتى تخرج رباعيتها، ثم استعير للمبقى دائما.
والخلود في الجنة بقاء الاشياء على الحالة التى عليها من غير اعتراض الفساد عليها، قال تعالى: (أولئك أصحاب الجنة هم فيها خالدون - أولئك أصحاب النار هم فيها
خالدون - ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم خالدا فيها) وقوله تعالى: (يطوف عليهم ولدان مخلدون) قيل مبقون بحالتهم لا يعتريهم استحالة، وقيل مقرطون بخلدة، والخلدة ضرب من القرطة، وإخلاد الشئ جعله مبقى والحكم عليه بكونه مبقى، وعلى هذا قوله سبحانه: (ولكنه أخلد إلى الارض) أي ركن إليها ظانا أنه يخلد فيها.
خلص: الخالص كالصافي إلا أن الخالص هو ما زال عنه شوبه بعد أن كان فيه، والصافى قد يقال لما لا شوب فيه، ويقال خلصته فخلص، ولذلك قال الشاعر: * خلاص الخمر من نسج الفدام * قال تعالى: (وقالوا ما في بطون هذه الانعام خالصة لذكورنا) ويقال هذا خالص وخالصة نحو داهية وراوية، وقوله تعالى: (فلما استيأسوا منه خلصوا نجيا) أي انفردوا خالصين عن غيرهم.
وقوله: (ونحن له مخلصون - إنه من عبادنا المخلصين) فإخلاص المسلمين أنهم قد تبرءوا مما يدعيه اليهود من التشبيه والنصارى من التثليث، قال تعالى: (مخلصين له الدين) وقال: (لقد كفر الذين قالوا إن الله ثالث
ثلاثة) وقال (وأخلصوا دينهم لله) وهو كالاول وقال (إنه كان مخلصا وكان رسولا
نبيا) فحقيقة الاخلاص التبرى عن كل ما دون الله تعالى خلط: الخلط هو الجمع بين أجزاء الشيئين فصاعدا سواء كانا مائعين أو جامدين أو أحدهما مائعا والآخر جامدا وهو أعم من المزج، ويقال اختلط الشئ، قال تعالى: (فاختلط به نبات الارض) ويقال للصديق والمجاور والشريك خليط، والخليطان في الفقه من ذلك قال تعالى: (وإن كثيرا من الخلطاء ليبغي بعضهم على بعض) ويقال الخليط للواحد والجمع، قال الشاعر: * بان الخليط ولم يأووا لمن تركوا * وقال (خلطوا عملا صالحا وآخر سيئا) أي يتعاطون هذا مرة وذاك مرة، ويقال أخلط فلان في كلامه إذا صار ذا تخليط، وأخلط الفرس في جريه كذلك وهو كناية عن تقصيره فيه.
خلع: الخلع خلع الانسان ثوبه والفرس جله وعذاره، قال تعالى: (فاخلع نعليك) قيل هو على الظاهر وأمره بخلع ذلك عن رجله
لكونه من جلد حمار ميت، وقال بعض الصوفية: هذا مثل وهو أمر بالاقامة والتمكن كقولك لمن رمت أن يتمكن انزع ثوبك وخفك ونحو ذلك، وإذا قيل خلع فلان على فلان فمعناه أعطاه ثوبا، واستفيد معنى العطاء من هذه اللفظة بأن وصل به على فلان بمجرد الخلع.
خلف: خلف ضد القدام، قال تعالى (يعلم ما بين أيديهم وما خلفهم) وقال تعالى: (له معقبات من بين يديه ومن خلفه) وقال تعالى (فاليوم ننجيك ببدنك لتكون لمن خلفك آية) وخلف ضد تقدم وسلف، والمتأخر لقصور منزلته يقال له خلف ولهذا قيل الخلف الردئ والمتأخر لا لقصور منزلته يقال له خلف، قال تعالى (فخلف من بعدهم خلف) وقيل: سكت ألفا ونطق خلفا.
أي رديئا من الكلام، وقيل للاست إذا ظهر منه حبقة خلفة، ولمن فسد كلامه أو كان فاسدا في نفسه يقال تخلف فلان فلانا إذا تأخر عنه وإذا جاء خلف آخر وإذا قام مقامه ومصدره الخلافة، وخلف خلافة بفتح الخاء فسد فهو خالف أي ردئ أحمق، ويعبر عن الردئ بخلف نحو: (فخلف من
بعدهم خلف أضاعوا الصلاة)، ويقال لمن خلف آخر فسد مسده خلف والخلفة يقال في أن يخلف كل واحد الآخر، قال تعالى (وهو الذى جعل الليل والنهار خلفة) وقيل أمرهم خلفة: أي يأتي بعضه خلف بعض.
قال الشاعر: * بها العين والآرام يمشين خلفة * وأصابته خلفة كناية عن البطنة وكثرة المشى وخلف فلان فلانا قام بالامر عنه إما معه وإما
بعده، قال تعالى (ولو نشاء لجعلنا منكم ملائكة في الارض يخلفون) والخلافة النيابة عن الغير إما لغيبة المنوب عنه وإما لموته وإما لعجزه وإما لتشريف المستخلف وعلى هذا الوجه الاخير استخلف الله أولياءه في الارض، قال تعالى: (هو الذى جعلكم خلائف في الارض - وهو الذى جعلكم خلائف الارض) وقال: (ويستخلف ربى قوما غيركم) والخلائف جمع خليفة، وخلفاء جمع خليف، قال تعالى (يا داود إنا جعلناك خليفة في الارض - وجعلناهم خلائف - وجعلكم خلفاء من بعد قوم نوح) والاختلاف
والمخالفة أن يأخذ كل واحد طريقا غير طريق الآخر في حاله أو قوله، والخلاف أعم من الضد لان كل ضدين مختلفان وليس كل مختلفين ضدين، ولما كان الاختلاف بين الناس في القول قد يقتضى التنازع استعير ذلك للمنازعة والمجادلة، قال (فاختلف الاحزاب - ولا يزالون مختلفين - واختلاف ألسنتكم وألوانكم - عم يتساءلون عن النبإ العظيم الذى هم فيه مختلفون - إنكم لفى قول مختلف) وقال: (مختلفا ألوانه) وقال (ولا تكونوا كالذين تفرقوا واختلفوا من بعد ما جاءهم البينات) وقال (فهدى الله الذين آمنوا لما اختلفوا فيه من الحق بإذنه - وما كان الناس إلا أمة واحدة فاختلفوا - ولقد بوأنا بنى إسرائيل مبوأ صدق ورزقناهم من الطيبات فما اختلفوا حتى جاءهم العلم إن ربك يقضى بينهم يوم القيامة فيما كانوا فيه يختلفون) وقال في القيامة (وليبينن لكم يوم القيامة ما كنتم فيه تختلفون) وقال (ليبين لهم الذى يختلفون فيه) وقوله تعالى: (وإن الذين اختلفوا في الكتاب) قبل معناه خلفوا نحو: كسب واكتسب، وقيل أتوا فيه بشئ خلاف
ما أنزل الله، وقوله تعالى (لاختلفتم في الميعاد) فمن الخلاف أو من الخلف وقوله تعالى: (وما اختلفتم فيه من شئ فحكمه إلى الله) وقوله تعالى (ليحكم بينكم فيما كنتم فيه تختلفون) وقوله تعالى (إن في اختلاف الليل والنهار) أي في مجئ كل واحد منهما خلف الآخر وتعاقبهما، والخلف المخالفة في الوعد، يقال وعدني فأخلفني أي خالف في الميعاد (بما أخلفوا الله ما وعدوه) وقال (إن الله لا يخلف الميعاد) وقال (فأخلفتم موعدى - قالوا ما أخلفنا موعدك بملكنا) وأخلفت فلانا وجدته مخلفا، والاخلاف أن يسقى واحد بعد آخر، وأخلف الشجر إذا اخضر بعد سقوط ورقه، وأخلف الله عليك يقال لمن ذهب ماله أي أعطاك خلفا وخلف الله عليك أي كان لك منه خليفة، وقوله (لا يلبثون خلفك) بعدك، وقرئ خلافك أي مخالفة لك، وقوله: (أو تقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف) أي إحداهما
من جانب والاخرى من جانب آخر.
وخلفته تركته خلفي، قال (فرح المخلفون بمقعدهم خلاف رسول الله) أي مخالفين (وعلى
الثلاثة الذين خلفوا - قل للمخلفين) والخالف المتأخر لنقصان أو قصور كالمتخلف قال (فاقعدوا مع الخالفين) والخالفة عمود الخيمة المتأخر، ويكنى بها عن المرأة لتخلفها عن المرتحلين وجمعها خوالف، قال (رضوا بأن يكونوا مع الخوالف) ووجدت الحى خلوفا أي تخلفت نساؤهم عن رجالهم، والخلف حد الفأس الذى يكون إلى جهة الخلف وما تخلف من الاضلاع إلى ما يلى البطن، والخلاف شجر كأنه سمى بذلك لانه يخلف فيما يظن به أو لانه يخلف مخبره منظره، ويقال للجمل بعد بزوله مخلف عام ومخلف عامين.
وقال عمر رضى الله عنه: لولا الخليفى لاذنت أي الخلافة وهو مصدر خلف.
خلق: الخلق أصله التقدير المستقيم ويستعمل في إبداع الشئ من غير أصل ولا احتذاء قال: (خلق السموات والارض) أي أبدعهما بدلالة قوله: (بديع السموات والارض) ويستعمل في إيجاد الشئ من الشئ نحو: (خلقكم من نفس واحدة - خلق الانسان من نطفة - خلق الانسان من سلالة - ولقد خلقناكم - خلق الجان من مارج)
وليس الخلق الذى هو الابداع إلا لله تعالى ولهذا قال في الفصل بينه تعالى وبين غيره (أفمن يخلق كمن لا يخلق أفلا تذكرون) وأما الذى يكون بالاستحالة فقد جعله الله تعالى لغيره في بعض الاحوال كعيسى حيث قال: (وإذ تخلق من الطين كهيئة الطير بإذنى) والخلق لا يستعمل في كافة الناس إلا على وجهين: أحدهما في معنى التقدير كقول الشاعر: فلانت تفري ما خلقت وبع * ض القوم يخلق ثم لا يفرى والثانى في الكذب نحو قوله: (وتخلقون إفكا) إن قيل قوله تعالى: (فتبارك الله أحسن الخالقين) يدل على أنه يصح أن يوصف غيره بالخلق، قيل إن ذلك معناه أحسن المقدرين، أو يكون على تقدير ما كانوا يعتقدون ويزعمون أن غير الله يبدع، فكأنه قيل فاحسب أن ههنا مبدعين وموجدين فالله أحسنهم إيجادا على ما يعتقدون كما قال: (خلقوا كخلقه فتشابه الخلق عليهم - ولآمرنهم فليغيرن خلق الله) فقد قيل إشارة إلى ما يشوهونه من الخلقة بالخصاء ونتف
اللحية وما يجرى مجراه، وقيل معناه يغيرون حكمه وقوله: (لا تبديل لخلق الله) فإشارة إلى ما قدره وقضاه وقيل معنى (لا تبديل لخلق الله) نهى أي لا تغيروا خلقة الله وقوله: (وتذرون ما خلق لكم ربكم)
فكناية عن فروج النساء.
وكل موضع استعمل الخلق في وصف الكلام فالمراد به الكذب ومن هذا الوجه امتنع كثير من الناس من إطلاق لفظ الخلق على القرآن وعلى هذا قوله تعالى (إن هذا إلا خلق الاولين) وقوله (ما سمعنا بهذا في الملة الآخرة إن هذا إلا اختلاق) والخلق يقال في معنى المخلوق والخلق والخلق في الاصل واحد كالشرب والشرب والصرم والصرم لكن خص الخلق بالهيئات والاشكال والصور المدركة بالبصر، وخص الخلق بالقوى والسجايا المدركة بالبصيرة.
قال تعالى: (وإنك لعلى خلق عظيم) وقرئ (إن هذا إلا خلق الاولين) والخلاق ما اكتسبه الانسان من الفضيلة بخلقه قال تعالى: (وماله في الآخرة من خلاق) وفلان خليق بكذا: أي كأنه
مخلوق فيه ذلك كقولك مجبول على كذا أو مدعو إليه من جهة الخلق.
وخلق الثوب وأخلق وثوب خلق ومخلق وأخلاق نحو حبل أرمام وأرمات، وتصور من خلوقة الثوب الملامسة فقيل جبل أخلق وصخرة خلقاء وخلقت الثوب ملسته، واخلولق السحاب منه أو من قولهم هو خليق بكذا، والخلوق ضرب من الطيب.
خلا: الخلاء المكان الذى لا ساتر فيه من بناء ومساكن وغيرهما، والخلو يستعمل في الزمان والمكان لكن لما تصور في الزمان المضى فسر أهل اللغة خلا الزمان بقولهم مضى الزمان وذهب، قال تعالى: (وما محمد إلا رسول الله قد خلت من قبله الرسل - وقد خلت من قبلهم المثلاث - تلك أمة قد خلت - قد خلت من قبلكم سنن - إلا خلا فيها نذير - مثل الذين خلوا من قبلكم - وإذا خلوا عضوا عليكم الانامل من الغيظ) وقوله: (يخل لكم وجه أبيكم) أي تحصل لكم مودة أبيكم وإقباله عليكم.
وخلا الانسان صار خاليا، وخلا فلان بفلان صار معه في خلاء، وخلا إليه انتهى إليه في خلوة،
قال تعالى: (وإذا خلوا إلى شياطينهم)، وخليت فلانا تركته في خلاء ثم يقال لكل ترك تخلية نحو (فخلوا سبيلهم) وناقة خلية مخلاة عن الحلب وامرأة خلية مخلاة عن الزوج وقيل للسفينة المتروكة بلا ربان خلية والخلى من خلاه الهم نحو المطلقة في قول الشاعر: * مطلقة طورا وطورا تراجع * والخلاء الحشيش المتروك حتى ييبس ويقال خليت الخلاء جززته وخليت الدابة جززت لها ومنه استعير سيف يختلى أي يقطع ما يضرب به قطعه للخلا.
خمد: قوله تعالى: (جعلناهم حصيدا خامدين) كناية عن موتهم من قولهم خمدت
النار خمودا طفئ لهبها وعنه استعير خمدت الحمى، سكنت، وقوله تعالى: (فإذا هم خامدون).
خمر: أصل الخمر ستر الشئ ويقال لما يستر به خمار لكن الخمار صار في التعارف اسما لما تغطى به المرأة رأسها، وجمعه خمر، قال تعالى: (وليضربن بخمرهن
على جيوبهن)، واختمرت المرأة وتخمرت وخمرت الاناء غطيته، وروى " خمروا آنيتكم "، وأخمرت العجين جعلت فيه الخمير، والخميرة سميت لكونها مخمورة من قبل.
ودخل في خمار الناس أي في جماعتهم الساترة لهم، والخمر سميت لكونها خامرة لمقر العقل، وهو عند بعض الناس اسم لكل مسكر.
وعند بعضهم اسم للمتخذ من العنب والتمر لما روى عنه صلى الله عليه وسلم: " الخمر من هاتين الشجرتين النخلة والعنبة " ومنهم من جعلها اسما لغير المطبوخ، ثم كمية الطبخ التى تسقط عنه اسم الخمر مختلف فيها، والخمار الداء العارض من الخمر وجعل بناؤه بناء الادواء كالزكام والسعال، وخمرة الطيب ريحه وخامره وخمره خالطه ولزمه، وعنه استعير: * خامرى أم عامر * خمس أصل الخمس في العدد، قال تعالى: (ويقولون خمسة سادسهم كلبهم) وقال (فلبث فيهم ألف سنة إلا خمسين عاما) والخميس ثوب طوله خمس أذرع، ورمح مخموس كذلك، والخمس من أظماء الابل، وخمست القوم أخمسهم
أخذت خمس أموالهم، وخمستهم أخمسهم كنت لهم خامسا، والخميس في الايام معلوم.
خمص: قوله تعالى: (في مخمصة) أي مجاعة تورث خمص البطن أي ضموره، يقال رجل خامص أي ضامر، وأخمص القدم باطنها وذلك لضمورها.
خمط: الخمط شجر لا شوك له، قيل هو شجر الاراك، والخمطة الخمر إذا حمضت، وتخمط إذا غضب يقال تخمط الفحل هدر.
خنزير: قوله تعالى: (وجعل منهم القردة والخنازير) قيل عنى الحيوان المخصوص، وقيل عنى من أخلاقه وأفعاله مشابهة لاخلاقها لامن خلقته خلقتها والامران مرادان بالآية، فقد روى أن قوما مسخوا خلقة وكذا أيضا في الناس قوم إذا اعتبرت أخلاقهم وجدوا كالقردة والخنازير وإن كانت صورهم صور الناس.
خنس: قوله تعالى: (من شر الوسواس الخناس) أي الشيطان الذى يخنس أي ينقبض إذا ذكر الله تعالى، وقوله تعالى: (فلا أقسم بالخنس) أي بالكواكب التى تخنس بالنهار وقيل الخنس هي زحل والمشترى والمريخ لانها تخنس في مجراها أي ترجع، وأخنست عنه
حقه أخرته.
خنق: قوله تعالى: (والمنخنقة) أي التى خنقت حتى ماتت، والمخنقة القلادة.
خاب: الخيبة فوت الطلب قال: (وخاب كل جبار عنيد - وقد خاب من افترى - وقد خاب من دساها) خير: الخير ما يرغب فيه الكل كالعقل مثلا والعدل والفضل والشئ النافع، وضده الشر.
قيل والخير ضربان: خير مطلق وهو أن يكون مرغوبا فيه بكل حال وعند كل أحد كما وصف عليه السلام به الجنة فقال: " لا خير بخير بعده النار، ولا شر بشر بعده الجنة " وخير وشر مقيدان وهو أن يكون خيرا لواحد شرا لآخر كالمال الذى ربما يكون خيرا لزيد وشرا لعمرو، ولذلك وصفه الله تعالى بالامرين فقال في موضع (إن ترك خيرا) وقال في موضع آخر (أيحسبون أنما نمدهم به من مال وبنين نسارع لهم في الخيرات) وقوله تعالى: (إن ترك خيرا) أي مالا.
وقال بعض العلماء لا يقال للمال خير حتى يكون كثيرا ومن مكان طيب كما روى أن عليا رضى الله عنه دخل على مولى
له فقال: ألا أوصى يا أمير المؤمنين ؟ قال: لا، لان الله تعالى قال: (إن ترك خيرا) وليس لك مال كثير وعلى هذا قوله: (وإنه لحب الخير لشديد) أي المال الكثير.
وقال بعض العلماء: إنما سمى المال ها هنا خيرا تنبيها على معنى لطيف وهو أن الذى يحسن الوصية به ما كان مجموعا من المال من وجه محمود وعلى هذا قوله: (قل ما أنفقتم من خير فللوالدين) وقال: (وما تنفقوا من خير يعلمه الله) وقوله: (فكاتبوهم إن علمتم فيهم خيرا) قيل عنى به مالا من جهتهم، وقيل إن علمتم أن عتقهم يعود عليكم وعليهم بنفع أي ثواب.
والخير والشر يقالان على وجهين، أحدهما: أن يكونا اسمين كما تقدم وهو قوله: (ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير) والثانى: أن يكونا وصفين وتقديرهما تقدير أفعل منه نحو هذا خير من ذاك وأفضل وقوله: (نأت بخير منها) وقوله: (وأن تصوموا خير لكم) فخير ها هنا يصح أن يكون اسما وأن يكون بمعنى أفعل ومنه قوله: (وتزودوا فإن خير الزاد التقوى) تقديره تقدير أفعل منه.
فالخير يقابل به الشر مرة والضر مرة نحو قوله تعالى: (وإن يمسسك الله
بضر فلا كاشف له إلا هو، وإن يمسسك بخير فهو على كل شئ قدير) وقوله: (فيهن خيرات حسان) قيل أصله خيرات فخفف، فالخيرات من النساء الخيرات، يقال رجل خير وامرأة خيرة وهذا خير الرجال وهذه خيرة النساء والمراد بذلك المختارات أي فيهن مختارات لا رذل فيهن.
والخير الفاضل المختص بالخير، يقال ناقة خيار وجمل خيار، واستخار الله العبد فخار له أي طلب منه الخير فأولاه، وخايرت فلانا كذا فخرته، والخيرة الحالة التى تحصل
للمستخير والمختار نحو القعدة والجلسة لحال القاعد والجالس.
والاختيار طلب ما هو خير وفعله، وقد يقال لما يراه الانسان خيرا وإن لم يكن خيرا، وقوله: (ولقد اخترناهم على علم على العالمين) يصح أن يكون إشارة إلى إيجاده تعالى إياهم خيرا، وأن يكون إشارة إلى تقديمهم على غيرهم.
والمختار في عرف المتكلمين يقال لكل فعل يفعله الانسان لا على سبيل الاكراه، فقولهم هو مختار في كذا، فليس يريدون به ما يراد بقولهم فلان له اختيار فإن الاختيار أخذ
ما يراه خيرا، والمختار قد يقال للفاعل والمفعول.
خوار: قوله تعالى: (عجلا جسدا له خوار) الخوار مختص بالبقر وقد يستعار للبعير، ويقال أرض خوارة ورمح خوار أي فيه خور.
والخوران يقال لمجرى الروث وصوت البهائم.
خوض: الخوض هو الشروع في الماء والمرور فيه، ويستعار في الامور وأكثر ما ورد في القرآن ورد فيما يذم الشروع فيه نحو قوله تعالى: (ولئن سألتهم ليقولن إنما كنا نخوض ونلعب) وقوله: (وخضتم كالذى خاضوا - فذرهم في خوضهم يلعبون - وإذا رأيت الذين يخوضون في آياتنا فأعرض عنهم حتى يخوضوا في حديث) وتقول أخضت دابتي في الماء، وتخاوضوا في الحديث: تفاوضوا.
خيط: الخيط معروف وجمعه خيوط وقد خطت الثوب أخيطه خياطة، وخيطته تخييطا.
والخياط الابرة التى يخاط بها، قال تعالى: (حتى يلج الجمل في سم الخياط - حتى يتبين لكم الخيط الابيض من الخيط الاسود
من الفجر) أي بياض النهار من سواد الليل، والخيطة في قول الشاعر: * تدلى عليها بين سب وخيطة * فهى مستعارة للحبل أو الوتد.
وروى " أن عدى بن حاتم عمد إلى عقالين أبيض وأسود فجعل ينظر إليهما ويأكل إلى أن يتبين أحدهما من الآخر، فأخبر النبي عليه الصلاة والسلام بذلك فقال: إنك لعريض القفا، إنما ذلك بياض النهار وسواد الليل " وخيط الشيب في رأسه: بدا كالخيط، والخيط النعام، وجمعه خيطان، ونعامة خيطاء: طويلة العنق، كأنما عنقها خيط.
خوف: الخوف توقع مكروه عن أمارة مظنونة أو معلومة، كما أن الرجاء والطمع توقع محبوب عن أمارة مظنونة أو معلومة، ويضاد الخوف: الامن ويستعمل ذلك في الامور الدنيوية والاخروية.
قال تعالى: (ويرجون رحمته ويخافون عذابه) وقال: (وكيف
أخاف ما أشركتم ولا تخافون أنكم أشركتم بالله) وقال تعالى: (تتجافى جنوبهم
عن المضاجع يدعون ربهم خوفا وطمعا) وقال: (وإن خفتم ألا تقسطوا)، وقوله (وإن خفتم شقاق بينهما) فقد فسر ذلك بعرفتم، وحقيقته وإن وقع لكم خوف من ذلك لمعرفتكم.
والخوف من الله لا يراد به ما يخطر بالبال من الرعب كاستشعار الخوف من الاسد، بل إنما يراد به الكف عن المعاصي واختيار الطاعات، ولذلك قيل لا يعد خائفا من لم يكن للذنوب تاركا.
والتخويف من الله تعالى هو الحث على التحرز وعلى ذلك قوله تعالى: (ذلك يخوف الله به عباده) ونهى الله تعالى عن مخافة الشيطان والمبالاة بتخويفه فقال: (إنما ذلكم الشيطان يخوف أولياءه فلا تخافوهم وخافون وإن كنتم مؤمنين) أي فلا تأتمروا لشيطان وإئتمروا لله ويقال تخوفناهم أي تنقصناهم تنقصا اقتضاه الخوف منه.
وقوله تعالى (وإنى خفت الموالى من ورائي) فخوفه منهم أن لا يراعوا الشريعة ولا يحفظوا نظام الدين، لا أن يرثوا ماله كما ظنه بعض الجهلة قالقنيات الدنيوية أخس عند الانبياء عليهم السلام من أن يشفقوا عليها.
والخيفة الحالة التى عليها الانسان من الخوف، قال تعالى:
(فأوجس في نفسه خيفة موسى قلنا لا تخف) واستعمل استعمال الخوف في قوله: (والملائكة من خيفته) وقوله: (تخافونهم كخيفتكم أنفسكم) أي كخوفكم وتخصيص لفظ الخيفة تنبيها أن الخوف منهم حالة لازمة لا تفارقهم، والتخوف ظهور الخوف من الانسان، قال: (أو يأخذهم على تخوف).
خيل: الخيال أصله الصورة المجردة كالصورة المتصورة في المنام وفى المرآة وفى القلب بعيد غيبو بة المرئى، ثم تستعمل في صورة كل أمر متصور وفى كل شخص دقيق يجرى مجرى الخبال، والتخييل تصوير خيال الشئ في النفس والتخيل تصور ذلك، وخلت بمعنى ظننت يقال اعتبارا بتصور خيال المظنون.
ويقال خيلت السماء: أبدت خيالا للمطر، وفلان مخيل بكذا أي خليق وحقيقته أنه مظهر خيال ذلك.
والخيلاء التكبر عن تخيل فضيلة تراءت للانسان من نفسه ومنها يتأول لفظ الخيل لما قيل إنه لا يركب أحد فرسا إلا وجد في نفسه نخوة، والخيل في الاصل اسم للافراس والفرسان جميعا وعلى ذلك قوله تعالى: (ومن رباط الخيل) ويستعمل في كل واحد منهما
منفردا نحو ما روى: يا خيل الله اركبي، فهذا للفرسان، وقوله عليه السلام: " عفوت لكم عن صدقة الخيل " يعنى الافراس.
والاخيل: الشقراق لكونه متلونا فيختال في كل وقت أن له لونا غير اللون الاول ولذلك قيل: * كادت براقش كل لون لونه يتخيل *
خول: قوله تعالى: (وتركتم ما خولنا كم وراء ظهوركم) أي ما أعطيناكم، والتخويل في الاصل إعطاء الخول، وقيل إعطاء ما يصير له خولا، وقيل إعطاء ما يحتاج أن يتعهده، من قولهم فلان خال مال وخايل مال أي حسن القيام به.
والخال ثوب يعلق فيخيل للوحوش، والخال في الجسد شامة فيه.
خون: الخيانة والنفاق واحد إلا أن الخيانة تقال اعتبارا بالعهد والامانة، والنفاق يقال اعتبارا بالدين، ثم يتداخلان، فالخيانة مخالفة الحق بنقض العهد في السر.
ونقيض الخيانة: الامانة، يقال خنت فلانا وخنت أمانة فلان وعلى ذلك قوله: (لا تخونوا الله والرسول وتخونوا أماناتكم) وقوله تعالى: (ضرب الله مثلا للذين كفروا امرأة نوح
وامرأة لوط كانتا تحت عبدين من عبادنا صالحين فخانتاهما) وقوله: (ولا تزال تطلع على خائنة منهم) أي على جماعة خائنة منهم.
وقيل على رجل خائن، يقال رجل خائن وخائنة نحو راوية وداهية وقيل خائنة موضوعة موضع المصدر نحو قم قائما وقوله: (يعلم خائنة الاعين) على ما تقدم وقال تعالى: (وإن يريدوا خيانتك فقد خانوا الله من قبل فأمكن منهم) وقوله: (علم الله أنكم كنتم تختانون أنفسكم) والاختيان مراودة الخيانة ولم يقل تخونون أنفسكم لانه لم تكن منهم الخيانة بل كان منهم الاختيان، فإن الاختيان تحرك شهوة الانسان لتحرى الخيانة وذلك هو المشار إليه بقوله تعالى: (إن النفس لامارة بالسوء).
خوى: أصل الخواء الخلا، يقال خوى بطنه من الطعام يخوى خوى، وخوى الجوز خوى تشبيها به، وخوت الدار تخوى خواء، وخوى النجم وأخوى إذا لم يكن منه عند سقوطه مطر، تشبيها بذلك، وأخوى أبلغ من خوى، كما أن أسقى أبلغ من سقى.
والتخوية: ترك ما بين الشيئين خاليا.
كتاب الدالدب: الدب والدبيب مشى خفيف ويستعمل ذلك في الحيوان وفى الحشرات أكثر، ويستعمل في الشراب والبلى ونحو ذلك مما لا تدرك حركته الحاسة، ويستعمل في كل حيوان وإن اختصت في التعارف بالفرس، قال تعالى: (والله خلق كل دابة من ماء) الآية وقال: (وبث فيها من كل دابة - وما من دابة في الارض إلا على الله رزقها) وقال تعالى: (وما من دابة في الارض ولا طائر يطير بجناحيه) وقوله تعالى (ولو يؤاخذ الله الناس بما كسبوا ما ترك على ظهرها من دابة) قال أبو عبيدة: عنى الانسان خاصة، والاولى إجراؤها على العموم.
وقوله (وإذا وقع القول عليهم أخرجنا لهم دابة من الارض تكلمهم) فقد قيل إنها حيوان بخلاف ما نعرفه يختص خروجها بحين القيامة، وقيل عنى بها الاشرار الذين هم في الجهل بمنزلة الدواب فتكون الدابة جمعا اسما لكل شئ يدب، نحو خائنة جمع خائن، وقوله (إن شر الدواب عند الله) فإنها عام في جميع الحيوانات، ويقال ناقة دبوب: تدب في مشيها لبطئها، وما بالدار دبى أي من يدب، وأرض مدبوبة:
كثيرة ذوات الدبيب فيها.
دبر: دبر الشئ خلاف القبل، وكنى بهما عن العضوين المخصوصين، ويقال، دبر ودبر وجمعه أدبار، قال تعالى: (ومن يولهم يومئذ دبره) وقال: (يضربون وجوههم وأدبارهم) أي قدامهم وخلفهم، وقال: (فلا تولوهم الادبار) وذلك نهى عن الانهزام وقوله: (وأدبار السجود) أواخر الصلوات، وقرئ وأدبار النجوم وإدبار النجوم، فإدبار مصدر مجعول ظرفا نحو مقدم الحاج وخفوق النجم، ومن قرأ أدبار فجمع.
ويشتق منه تارة باعتبار دبر: الفاعل وتارة باعتبار دبر: المفعول، فمن الاول قولهم دبر فلان وأمس الدابر (والليل إذا أدبر) وباعتبار المفعول قولهم دبر السهم الهدف: سقط خلفه ودبر فلان القوم: صار خلفهم، قول تعالى: (أن دابر هؤلاء مقطوع مصبحين) وقال تعالى: (فقطع دابر القوم الذين ظلموا) والدابر يقال للمتأخر وللتابع، إما باعتبار المكان أو باعتبار الزمان، أو باعتبار المرتبة.
وأدبر: أعرض وولى دبره قال: (ثم أدبر واستكبر) وقال
(تدعو من أدبر وتولى) وقال عليه السلام:
" لا تقاطعوا ولا تدابروا وكونوا عباد الله إخوانا " وقيل لا يذكر أحدكم صاحبه من خلفه.
والاستدبار طلب دبر الشئ، وتدابر القوم إذا ولى بعضهم عن بعض، والدبار مصدر دابرته أي عاديته من خلفه، والتدبير التفكير في دبر الامور، قال تعالى: (فالمدبرات أمرا) يعنى ملائكة موكلة بتدبير أمور، والتدبير عتق العبد عن دبر أو بعد موته.
والدبار الهلاك الذى يقطع دابرتهم وسمى يوم الاربعاء في الجاهلية دبارا، قيل وذلك لتشاؤمهم به، والدبير من الفتل المدبور أي المفتول إلى خلف، والقبيل بخلافه.
ورجل مقابل مدابر أي شريف من جانبيه.
وشاة مقابلة مدابرة: مقطوعة الاذن من قبلها ودبرها.
ودابرة الطائر أصبعه المتأخرة، ودابرة الحافر ما حول الرسغ، والدبور من الرياح معروف، والدبرة من المزرعة جمعها دبار، قال الشاعر: * على جرية تعلو الدبار غروبها * والدبر النحل والزنابير ونحوهما مما سلاحها في أدبارها، الواحدة دبرة.
والدبر المال الكثير الذى يبقى بعد صاحبه ولا يثنى ولا يجمع.
ودبر البعير دبرا، فهو أدبر ودبر: صار بقرحه دبرا، أي متأخرا، والدبرة: الادبار.
دثر: قال الله تعالى: (يا أيها المدثر) أصله المتدثر فأدغم وهو المتدرع دثاره، يقال دثرته فتدثر، والدثار ما يتدثر به، وقد تدثر الفحل الناقة تسنمها والرجل الفرس وثب عليه فركبه، ورجل دثور خامل مستتر، وسيف داثر بعيد العهد بالصقال، ومنه قيل للمنزل الدارس داثر لزوال أعلامه، وفلان دثر مال أي حسن القيام به.
دحر: الدحر الطرد والابعاد، يقال دحره دحورا قال تعالى (اخرج منها مذموما مدحورا) وقال: (فتلقى في جهنم ملوما مدحورا) وقال: (ويقذفون من كل جانب دحورا).
دحض: قال تعالى: (حجتهم داحضة عند ربهم) أي باطلة زائلة، يقال أدحضت فلانا في حجته فدحض قال تعالى: (ويجادل الذين كفروا بالباطل ليدحضوا به الحق) وأدحضت حجته فدحضت وأصله من دحض الرجل وعلى نحوه في وصف المناظرة: * نظرا يزيل مواقع الاقدام *
ودحضت الشمس مستعار من ذلك.
دحا: قال تعالى: (والارض بعد ذلك دحاها) أي أزالها عن مقرها كقوله: (يوم ترجف الارض والجبال) وهو من قولهم دحا المطر الحصى من وجه الارض أي جرفها، ومر الفرس يدحو دحوا إذا جر يده على وجه الارض فيدحو ترابها، ومنه أدحى النعام وهو
أفعول من دحوت، ودحية اسم رجل.
دخر: قال تعالى: (وهم داخرون) أي أذلاء، يقال أدخرته فدخر أي أذللته فذل وعلى ذلك قوله: (إن الذين يستكبرون عن عبادتي سيدخلون جهنم داخرين) وقوله يدخر أصله يدتخر وليس من هذا الباب.
دخل: الدخول نقيض الخروج ويستعمل ذلك في المكان والزمان والاعمال، يقال دخل مكان كذا، قال تعالى: (ادخلوا هذه القرية - ادخلوا الجنة بما كنتم تعملون - ادخلوا أبواب جهنم خالدين فيها - ويدخلهم جنات تجرى من تحتها الانهار) وقال: (يدخل من يشاء في رحمته - وقل رب أدخلني مدخل صدق) فمدخل من دخل، يدخل، ومدخل
من أدخل (لندخلنهم مدخلا يرضونه) وقوله (مدخلا كريما) قرئ بالوجهين وقال أبو على الفسوى: من قرأ مدخلا بالفتح فكأنه إشارة إلى أنهم يقصدونه ولم يكونوا كمن ذكرهم في قوله: (الذين يحشرون على وجوههم إلى جهنم) وقوله: (إذ الاغلال في أعناقهم والسلاسل) ومن قرأ مدخلا فكقوله: (ليدخلنهم مدخلا يرضونه) وادخل اجتهد في دخوله قال تعالى: (لو يجدون ملجأ أو مغارات أو مدخلا) والدخل كناية عن الفساد والعداوة المستبطنة كالدغل وعن الدعوة في النسب، يقال دخل دخلا، قال تعالى (تتخذون أيمانكم دخلا بينكم) فيقال دخل فلان فهو مدخول كناية عن بله في عقله وفساد في أصله، ومنه قيل شجرة مدخولة.
والدخال في الابل أن يدخل إبل في أثناء ما لم تشرب لتشرب معها ثانيا.
والدخل طائر سمى بذلك لدخوله فيما بين الاشجار الملتفة، والدوخلة معروفة، ودخل بامرأته كناية عن الافضاء إليها، قال تعالى: (من نسائكم اللاتى دخلتم بهن فإن لم تكونوا دخلتم بهن فلا جناح عليكم).
دخن: الدخان كالعثان المستصحب للهيب، قال: (ثم استوى إلى السماء وهى دخان)، أي هي مثل الدخان إشارة إلى أنه لا تماسك لها، ودخنت النار تدخن كثر دخانها، والدخنة منه لكن تعورف فيما يتبخر به من الطيب.
ودخن الطبيخ أفسده الدخان.
وتصور من الدخان اللون فقيل شاة دخناء وذات دخنة، وليلة دخنانة، وتصور منه التأذى به فقيل هو دخن الخلق، وروى هدنة على دخن، أي على فساد دخلة.
در: قال تعالى: (وأرسلنا السماء عليهم مدرارا - يرسل السماء عليكم مدرارا) وأصله من الدر والدرة أي اللبن، ويستعار ذلك للمطر استعارة أسماء البعير وأوصافه، فقيل لله دره، ودر درك.
ومنه استعير قولهم للسوق درة أي نفاق، وفى المثل سبقت درته
غراره نحو سبق سيله مطره.
ومنه اشتق استدرت المعزى أي طلبت الفحل وذلك أنها إذا طلبت الفحل حملت وإذا حملت ولدت فإذا ولدت درت فكنى عن طلبها الفحل بالاستدرار.
درج: الدرجة نحو المنزلة لكن يقال للمنزلة درجة إذا اعتبرت بالصعود دون الامتداد على البسيط كدرجة السطح والسلم ويعبر بها عن المنزلة الرفيعة قال تعالى: (وللرجال عليهن درجة) تنبيها لرفعة منزلة الرجال عليهن في العقل والسياسة ونحو ذلك من المشار إليه بقوله: (الرجال قوامون على النساء) الآية، وقال (لهم درجات عند ربهم) وقال: (هم درجات عند الله) أي هم ذوو درجات عند الله ودرجات النجوم تشبيها بما تقدم.
ويقال لقارعة الطريق مدرجة ويقال فلان يتدرج في كذا أي يتصعد فيه درجة درجة.
ودرج الشيخ والصبى درجانا مشى مشية الصاعد في درجه.
والدرج طى الكتاب والثوب، ويقال للمطوى درج.
واستعير الدرج للموت كما استعير الطى له في قولهم طوته المنية، وقولهم من دب ودرج أي من كان حيا فمشى ومن مات فطوى أحواله، وقوله: (سنستدرجهم من حيث لا يعلمون) قيل معناه سنطويهم طى الكتاب عبارة عن إغفالهم نحو: (ولا تطع من أغفلنا قلبه عن ذكرنا) والدرج سفط يجعل فيه الشئ، والدرجة خرقة تلف فتدخل في حياء
الناقة، وقيل سنستدرجهم معناه نأخذهم درجة فدرجة، وذلك إدناؤهم من الشئ شيئا فشيئا كالمراقي والمنازل في ارتقائها ونزولها والدراج طائر يدرج في مشيته.
درس: درس الدار معناه بقى أثرها وبقاء الاثر يقتضى انمحاءه في نفسه فلذلك فسر الدروس بالانمحاء، وكذا درس الكتاب ودرست العلم تناولت أثره بالحفظ.
ولما كان تناول ذلك بمداومة القراءة عبر عن إدامة القراءة بالدرس، قال تعالى: (ودرسوا ما فيه) وقال (بما كنتم تعلمون الكتاب وبما كنتم تدرسون - وما آتيناهم من كتب يدرسونها) وقوله تعالى (وليقولوا درست) وقرئ دارست أي جاريت أهل الكتاب، وقيل ودرسوا ما فيه تركوا العمل به من قولهم درس القوم المكان أي أبلوا أثره، ودرست المرأة كناية عن حاضت، ودرس البعير صار فيه أثر جرب.
درك: الدرك كالدرج لكن الدرج يقال اعتبارا بالصعود والدرك اعتبارا بالحدور، ولهذا قيل درجات الجنة ودركات النار، ولتصور الحدور في النار سميت هاوية،
وقال تعالى: (إن المنافقين في الدرك الاسفل من النار) والدرك أقصى قعر البحر.
ويقال للحبل الذى يوصل به حبل آخر ليدرك الماء
درك ولما يلحق الانسان من تبعة درك كالدرك في البيع قال تعالى: (لا تخاف دركا ولا تخشى) أي تبعة.
وأدرك بلغ أقصى الشئ، وأدرك الصبى بلغ غاية الصبا وذلك حين البلوغ، قال (حتى إذا أدركه الغرق) وقوله: (لا تدركه الابصار وهو يدرك الابصار) فمنهم من حمل ذلك على البصر الذى هو الجارحة ومنهم من حمله على البصيرة وذكر أنه قد نبه به على ما روي عن أبى بكر رضى الله عنه في قوله: يامن غاية معرفته القصور عن معرفته إذ كان غاية معرفته تعالى أن تعرف الاشياء فتعلم أنه ليس بشئ منها ولا بمثلها بل هو موجد كل ما أدركته.
والتدارك في الاغاثة والنعمة أكثر نحو قوله تعالى (لو لا أن تداركه نعمة من ربه) وقوله (حتى إذا اداركوا فيها جيمعا) أي لحق كل بالآخر.
وقال: (بل ادارك علمهم في الآخرة) أي تدارك فأدغمت التاء في الدال وتوصل إلى السكون
بألف الوصل وعلى ذلك قوله تعالى: (حتى إذا اداركوا فيها) ونحوه (اثاقلتم إلى الارض) (واطيرنا بك) وقرئ (بل أدرك علمهم في الآخرة) وقال الحسن: معناه جهلوا أمر الآخرة وحقيقته انتهى علمهم في لحوق الآخرة فجهلوها.
وقيل معناه بل يدرك علمهم ذلك في الآخرة أي إذا حصلوا في الآخرة لان ما يكون ظنونا في الدنيا، فهو في الآخرة، يقين.
درهم: قال تعالى: (وشروه بثمن بخس دراهم معدودة) الدرهم: الفضة المطبوعة المتعامل بها.
درى: الدراية المعرفة المدركة بضرب من الختل، يقال دريته ودريت به درية نحو: فطنت، وشعرت، وادريت قال الشاعر: وماذا يدرى الشعراء منى * وقد جاوزت رأس الاربعين والدرية لما يتعلم عليه الطعن وللناقة التى ينصبها الصائد ليأنس بها الصيد فيستتر من ورائها فيرميه، والمدرى لقرن الشاة لكونها دافعة به عن نفسها، وعنه استعير المدرى لما يصلح به
الشعر، قال تعالى: (لا تدري لعل الله يحدث بعد ذلك أمرا) وقال: (وإن أدرى لعله فتنة لكم) وقال (ما كنت تدرى ما الكتاب) وكل موضع ذكر في القرآن.
وما أدراك، فقد عقب ببيانه نحو (وما أدراك ماهيه، نار حامية - وما أدراك ما ليلة القدر ليلة القدر - وما أدراك ما الحاقة - ثم ما أدراك ما يوم الدين) وقوله (قل لو شاء الله ما تلوته عليكم ولا أدراكم به) من قولهم دريت ولو كان من درأت لقيل: ولا أدرأتكموه.
وكل موضع ذكر فيه " وما يدريك " لم يعقبه
بذلك نحو: (وما يدريك لعله يزكى - وما يدريك لعل الساعة قريب)، والدراية لا تستعمل في الله تعالى، وقول الشاعر: * لاهم لا أدرى وأنت الدارى * فمن تعجرف أجلاف العرب.
درأ: الدرء الميل إلى أحد الجانبين، يقال قومت درأه ودرأت عنه دفعت عن جانبه، وفلان ذو تدرئ أي قوى على دفع أعدائه، ودارأته دافعته.
قال تعالى: (ويدرءون
بالحسنة السيئة) وقال: (ويدرأ عنها العذاب) وفى الحديث: " ادرءوا الحدود بالشبهات " تنبيها على تطلب حيلة يدفع بها الحد، قال تعالى (قل فادرءوا عن أنفسكم الموت)، وقوله: (فادرأتم فيها) هو تفاعلتم أصله تدارأتم فأريد منه الادغام تخفيفا وأبدل من التاء دال فسكن للادغام فاجتلب له ألف الوصل فحصل على افاعلتم.
قال بعض الادباء: ادارأتم افتعلتم، وغلط من أوجه، أولا: أن ادارأتم على ثمانية أحرف وافتعلتم على سبعة أحرف.
والثانى: أن الذى يلى ألف الوصل تاء فجعلها دالا.
والثالث: أن الذي يلى الثاني دال فجعلها تاء.
والرابع: أن الفعل الصحيح العين لا يكون ما بعد تاء الافتعال منه إلا متحركا وقد جعله هاهنا ساكنا.
الخامس: أن هاهنا قد دخل بين التاء والدال زائد.
وفى افتعلت لا يدخل ذلك.
السادس: أنه أنزل الالف منزل العين، وليست بعين.
السابع: أن افتعل قبله حرفان، وبعده حرفان، وادارأتم بعده ثلاثة أحرف.
دس: الدس إدخال الشئ في الشئ بضرب
من الاكراه يقال دسسته فدس وقد دس البعير بالهناء، وقيل ليس الهناء بالدس، قال الله تعالى: (أم يدسه في التراب).
دسر: قال تعالى: (وحملناه على ذات ألواح ودسر) أي مسامير، الواحد دسار، وأصل الدسر الدفع الشديد بقهر، يقال دسره بالرمح ورجل مدسر كقولك مطعن، وروى " ليس في العنبر زكاة، إنما هو شئ دسره البحر ".
دسى: قال تعالى: (وقد خاب من دساها)، أي دسسها في المعاصي فأبدل من إحدى السينات ياء نحو: تطنيت، وأصله تظننت.
دع: الدع الدفع الشديد وأصله أن يقال للعاثر دع دع كما يقال له لعا، قال تعالى: (يوم يدعون إلى نار جهنم دعا).
وقوله: (فذلك الذى يدع اليتيم) قال الشاعر: * دع الوصي على قفاء يتيمه * دعا: الدعاء كالنداء إلا أن النداء قد يقال
بيا أو أيا ونحو ذلك من غير أن يضم إليه الاسم، والدعاء لا يكاد يقال إلا إذا كان معه الاسم نحو يا فلان، وقد يستعمل كل واحد منهما موضع الآخر قال تعالى: (كمثل الذى ينعق بما لا يسمع إلا دعاء ونداء) ويستعمل استعمال التسمية نحو دعوت ابني زيدا أي سميته، قال تعالى: (لا تجعلوا دعاء الرسول بينكم كدعاء بعضكم بعضا) حثا على تعظيمه وذلك مخاطبة من كان يقول يا محمد.
ودعوته إذا سألته وإذا استغثته، قال تعالى: (قالوا ادع لنا ربك) أي سله وقال: (قل أرأيتم إن أتاكم عذاب الله أو أتتكم الساعة أغير الله تدعون إن كنتم صادقين بل إياه تدعون) تنبيها أنكم إذا أصابتكم شدة لم تفزعوا إلا إليه ((وادعوه خوفا وطمعا - وادعوا شهداءكم من دون الله إن كنتم صادقين - وإذا مس الانسان ضر دعا ربه منيبا إليه - وإذا مس الانسان الضر دعانا لجنبه - ولا تدع من دون الله ما لا ينفعك ولا يضرك) وقوله: (لا تدعو ا اليوم ثبورا واحدا وادعوا ثبورا كثيرا) هو أن يقول يا لهفاه ويا حسرتاه ونحو ذلك من ألفاظ التأسف، والمعنى يحصل لكم غموم كثيرة.
وقوله: (ادع لنا ربك) أي سله والدعاء إلى
الشئ الحث على قصده (قال رب السجن أحب إلى مما يدعو ننى إليه) وقال: (والله يدعو إلى دار السلام) وقال (يا قوم مالى أدعوكم إلى النجاة وتدعونني إلى النار، تدعونني لأكفر بالله وأشرك به) وقوله (لا جرم أن ما تدعونني إليه ليس له دعوة) أي رفعة وتنويه.
والدعوة مختصة بادعاء النسبة وأصلها للحالة التى عليها الانسان نحو القعدة والجلسة.
وقولهم دع داعى اللبن أي غيرة تجلب منها اللبن.
والادعاء أن يدعى شيئا أنه له، وفى الحرب الاعتزاء، قال تعالى: (ولكم فيها ما تدعون نزلا)، أي ما تطلبون، والدعوى الادعاء، قال: (فما كان دعواهم إذ جاءهم بأسنا)، والدعوى الدعاء، قال: (وآخر دعواهم أن الحمد لله رب العالمين).
دفع: الدفع إذا عدى بإلى اقتضى معنى الانالة نحو قوله تعالى: (فادفعوا إليهم أموالهم) وإذا عدى بعن اقتضى معنى الحماية نحو (إن الله يدافع عن الذين آمنوا) وقال: (ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض) وقوله: (ليس له دافع من الله ذي المعارج) أي حام، والمدفع الذى يدفعه كل أحد والدفعة من المطر
والدفاع من السيل.
دفق: قال تعالى: (ماء دافق) سائل بسرعة.
ومنه استعير جاءوا دفقة، وبعير أدفق: سريع، ومشى الدفقى أي يتصبب في عدوه كتصبب الماء المتدفق، ومشوا دفقا.
دفئ: الدفء خلاف البرد، قال تعالى: (لكم فيها دفء ومنافع) وهو لما يدفئ
ورجل دفآن، وامرأة دفأى، وبيت، دفئ.
دك: الدك الارض اللينة السهلة وقد دكه دكا، قال تعالى: (وحملت الارض والجبال فد كتا دكة واحدة) وقال (ودكت الجبال دكا) أي جعلت بمنزلة الارض اللينة.
وقال تعالى الله: (فلما تجلى ربه للجبل جعله دكا) ومنه الدكان.
والدكداك رمل لينة وأرض دكاء مسواة والجمع الدك، وناقة دكاء لاسنام لها تشبيها بالارض الدكاء.
دل: الدلالة ما يتوصل به إلى معرفة الشئ كدلالة الالفاظ على المعنى ودلالة
الاشارات والرموز والكتابة والعقود في الحساب، وسواء كان ذلك بقصد ممن يجعله دلالة أو لم يكن بقصد كمن يرى حركة إنسان فيعلم أنه حى، قال تعالى: (ما دلهم على موته إلا دابة الارض) أصل الدلالة مصدر كالكناية والامارة، والدال من حصل منه ذلك، والدليل في المبالغة كعالم، وعليم، وقادر، وقدير، ثم يسمى الدال والدليل دلالة كتسمية الشئ بمصدره.
دلو: دلوت الدلو إذا أرسلتها، وأدليتها أي أخرجتها، وقيل يكون بمعنى أرسلتها، قاله أبو منصور في الشامل قال تعالى: (فأدلى دلوه)، واستعير للتوصل إلى الشئ، قال الشاعر: وليس الرزق عن طلب حثيث * ولكن ألق دلوك في الدلاء وبهذا النحو: سمى الوسيلة المائح قال الشاعر: ولى مائح لم يورد الناس قبله * معل وأشطان الطوى كثير قال تعالى: (وتدلوا بها إلى الحكام)، والتدلى الدنو والاسترسال، قال تعالى: (ثم دنا
فتدلى).
دلك: دلوك الشمس ميلها للغروب.
قال تعالى: (أقم الصلاة لدلوك الشمس) هو من قولهم دلكت الشمس دفعتها بالراح ومنه دلكت الشئ في الراحة.
ودالكت الرجل إذا ماطلته.
والدلوك ما دلكته من طيب، والدليك طعام يتخذ من الزبد والتمر.
دمدم: (فدمدم عليهم ربهم)، أي: أهلكهم وأزعجهم، وقيل الدمدمة حكاية صوت الهرة ومنه دمدم فلان في كلامه، ودممت الثوب طليته بصبغ ما، والدمام يطلى به، وبعير مدموم بالشحم، والداماء، والدممة جحر اليربوع.
والداماء بالتخفيف، والديمومة المفازة.
دم: أصل الدم دمى وهو بمعروف، قال الله تعالى: (حرمت عليكم الميتة والدم)
وجمعه دماء.
وقال (لا تسفكون دماءكم) وقد دميت الجراحة، وفرس مدمى شديد الشقرة كالدم في اللون، والدمية صورة حسنة، وشجة دامية.
دمر: قال (فدمرناهم تدميرا) وقال:
(ثم دمرنا الآخرين - ودمرنا ما كان يصنع فرعون وقومه وما كانوا يعرشون)، والتدمير إدخال الهلاك على الشئ، ويقال ما بالدار تدمرى، وقوله تعالى: (دمر الله عليهم) فإن مفعول دمر محذوف.
دمع: قال تعالى: (تولوا وأعينهم تفيض من الدمع حزنا).
فالدمع يكون اسما للسائل من العين ومصدر دمعت العين دمعا ودمعانا.
دمغ: قال تعالى: (بل نقذف بالحق على الباطل فيدمغه) أي يكسر دماغه، وحجة دامغة كذلك.
ويقال للطلعة تخرج من أصل النخلة فتفسده إذا لم تقطع: دامغة، وللحديدة التى تشد على آخر الرحل دامغة وكل ذلك استعارة من الدمغ الذى هو كسر الدماغ.
دنر: قال تعالى: (من إن تأمنه بدينار) أصله دنار فأبدل من إحدى النونين ياء، وقيل أصله بالفارسية دين آر، أي الشريعة جاءت به.
دنا: الدنو القرب بالذات أو بالحكم، ويستعمل في المكان والزمان والمنزلة.
قال تعالى: (ومن النخل من طلعها قنوان دانية) وقال تعالى: (ثم دنا فتدلى) هذا بالحكم.
ويعبر بالادنى تارة عن الاصغر فيقابل بالاكبر نحو: (ولا أدنى من ذلك ولا أكثر) وتارة عن الارذل فيقابل بالخير نحو (أتستبدلون الذى هو أدنى بالذى هو خير) وعن الاول فيقابل بالآخر نحو (خسر الدنيا والآخرة) وقوله (وآتيناه في الدنيا حسنة وإنه في الآخرة لمن الصالحين) وتارة عن الاقرب فيقابل بالاقصى نحو: (إذ أنتم بالعدوة الدنيا وهم بالعدوة القصوى) وجمع الدنيا الدنى نحو الكبرى والكبر، والصغرى والصغر.
وقوله تعالى: (ذلك أدنى أن يأتوا بالشهادة) أي أقرب لنفوسهم أن تتحرى العدالة في إقامة الشهادة وعلى ذلك قوله تعالى: (ذلك أدنى أن تقر أعينهن) وقوله تعالى: (لعلكم تتفكرون في الدنيا والآخرة) متناول للاحوال التى في النشأة الاولى وما يكون في النشأة الآخرة، ويقال دانيت بين الامرين وأدنيت أحدهما من الآخر.
قال تعالى: (يدنين عليهن من جلا بيبهن)، وأدنت الفرس دنا نتاجها.
وخص الدنئ بالحقير القدر ويقابل به السيئ،
يقال دنئ بين الدناءة.
وما روى " إذا أكلتم فدنوا " من الدون أي كلوا مما يليكم.
دهر: الدهر في الاصل اسم لمدة العالم من مبدإ وجوده إلى انقضائه، وعلى ذلك قوله تعالى: (هل أتى على الانسان حين من الدهر) ثم يعبر به عن كل مدة كثيرة وهو خلاف الزمان فإن الزمان يقع على المدة القليلة والكثيرة، ودهر فلان مدة حياته واستعير للعادة الباقية مدة الحياة فقيل ما دهري بكذا، ويقال دهر فلانا نائبة دهرا أي نزلت به، حكاه الخليل، فالدهر هاهنا مصدر، وقيل دهدره دهدرة، ودهر داهر ودهير.
وقوله عليه الصلاة والسلام: " لا تسبوا الدهر فإن الله هو الدهر " قد قيل معناه إن الله فاعل ما يضاف إلى الدهر من الخير والشر والمسرة والمساءة، فإذا سببتم الذى تعتقدون أنه فاعل ذلك فقد سببتموه تعالى عن ذلك.
وقال بعضهم: الدهر الثاني في الخبر غير الدهر الاول وإنما هو مصدر بمعنى الفاعل، ومعناه أن الله هو الداهر أي المصرف المدبر المفيض
لما يحدث، والاول أظهر.
وقوله تعالى إخبارا عن مشركي العرب: (ما هي إلا حياتنا الدنيا نموت ونحيا وما يهلكنا إلا الدهر) قيل عنى به الزمان.
دهق: قال تعالى: (وكأسا دهاقا) أي مفعمة، ويقال أدهقت الكأس فدهق ودهق لى من المال دهقة كقولك قبض قبضة دهم: الدهمة سواد الليل، ويعبر بها عن سواد الفرس، وقد يعبر بها عن الخضرة الكاملة اللون كما يعبر عن الدهمة بالخضرة إذا لم تكن كاملة اللون وذلك لتقاربهما باللون.
قال الله تعالى: (مدهامتان) وبناؤهما من الفعل مفعال، يقال ادهام ادهيماما، قال الشاعر في وصف الليل: * في ظل أخضر يدعو هامه البوم * دهن: قال تعالى: (تنبت بالدهن)، وجمع الدهن أدهان.
وقوله تعالى: (فكانت وردة كالدهان) قيل هو دردى الزيت، والمدهن ما يجعل فيه الدهن وهو أحد ما جاء على مفعل من الآلة، وقيل للمكان الذى يستقر فيه ماء قليل مدهن تشبيها بذلك، ومن لفظ الدهن
استعير الدهين للناقة القليلة اللبن وهى فعيل في معنى فاعل أي تعطى بقدر ما تدهن به.
وقيل بمعنى مفعول كأنه مدهون باللبن أي كأنها دهنت باللبن لقلته والثانى أقرب من حيث لم يدخل فيه الهاء، ودهن المطر الارض بلها بللا يسيرا كالدهن الذى يدهن به الرأس، ودهنه بالعصا كناية عن الضرب على سبيل التهكم كقولهم مسحته بالسيف وحييته بالرمح.
والادهان في الاصل مثل التدهين لكن جعل عبارة عن المداراة والملاينة، وترك الجد، كما جعل التقريد وهو نزع القراد
عن البعير عبارة عن ذلك قال (أفبهذا الحديث أنتم مدهنون) قال الشاعر: الحزم والقوة خير من ال * إدهان والقلة والهاع وداهنت فلانا مداهنة قال: (ودوا لو تدهن فيدهنون).
دأب: الدأب إدامة السير، دأب في السير دأبا.
قال تعالى: (وسخر لكم الشمس والقمر دائبين)، والدأب العادة المستمرة دائما على حالة، قال تعالى: (كدأب
آل فرعون)، أي كعادتهم التى يستمرون عليها.
داود: داود اسم أعجمى.
دار: الدار المنزل اعتبارا بدورانها الذى لها بالحائط، وقيل دارة وجمعها ديار، ثم تسمى البلدة دارا والصقع دارا والدنيا كما هي دارا، والدار الدنيا، والدار الآخرة، إشارة إلى المقرين في النشأة الاولى والنشأة الاخرى.
وقيل دار الدنيا ودار الآخرة، قال تعالى: (لهم دار السلام عند ربهم) أي الجنة، ودار البوار.
أي الجحيم.
قال تعالى: (قل إن كانت الدار الآخرة) وقال (ألم تر إلى الذين خرجوا من ديارهم - وقد أخرجنا من ديارنا) وقال (سأريكم دار الفاسقين) أي الجحيم، وقولهم ما بها ديار أي ساكن وهو فيعال، ولو كان فعالا لقيل دوار كقولهم قوال وجواز.
والدائرة عبارة عن الخط المحيط، يقال دار يدور دورانا، ثم عبر بها عن المحادثة.
والدوارى الدهر الدائر بالانسان من حيث إنه يدور بالانسان ولذلك قال الشاعر: * والدهر بالانسان دوارى *
والدورة والدائرة في المكروه كما يقال دولة في المحبوب، وقوله تعالى: (نخشى أن تصيبنا دائرة) والدوار صنم كانوا يطوفون حوله.
والدارى المنسوب إلى الدار وخصص بالعطار تخصيص الهالكى بالقين، قال صلى الله عليه وسلم " مثل الجليس الصالح كمثل الدارى " ويقال للازم الدار دارى.
وقوله تعالى: (ويتربص بكم الدوائر - عليهم دائرة السوء) أي يحيط بهم السوء إحاطة الدائرة بمن فيها فلا سبيل لهم إلى الانفكاك منه بوجه.
وقوله تعالى: (إلا أن تكون تجارة حاضرة تديرونها بينكم) أي تتداولونها وتتعاطونها من غير تأجيل.
دول: الدولة والدولة واحدة، وقيل الدولة في المال والدولة في الحرب والجاه.
وقيل الدولة اسم الشئ الذى يتداول بعينه، والدولة المصدر.
قال تعالى: (كيلا يكون دولة بين الاغنياء منكم) وتداول القوم كذا أي تناولوه من حيث الدولة، وداول الله كذا بينهم.
قال تعالى: (وتلك الايام
نداولها بين الناس)، والدؤلول الداهية
والجمع الدآليل والدؤلات.
دوم: أصل الدوام السكون، يقال دام الماء أي سكن، ونهى أن يبول الانسان في الماء الدائم.
وأدمت القدر ودومتها سكنت غليانها بالماء، ومنه دام الشئ إذا امتد عليه الزمان، قال تعالى: (وكنت عليهم شهيدا مادمت فيهم - إلا مادمت عليه قائما - لن ندخلها أبدا ما داموا فيها) ويقال دمت تدام، وقيل دمت تدوم، نحو: مت تموت ودومت الشمس في كبد السماء، قال الشاعر: * والشمس حيرى لها في الجو تدويم * ودوم الطير في الهواء حلق، واستدمت الامر تأنيت فيه، وللظل الدوم الدائم، والديمة مطر تدوم أياما.
دين: يقال دنت الرجل أخذت منه دينا وأدنته جعلته دائنا وذلك بأن تعطيه دينا.
قال أبو عبيدة: دنته أقرضته، ورجل مدين، ومديون، ودنته استقرضت منه قال الشاعر: ندين ويقضى الله عنا وقد نرى * مصارع قوم لا يدينون ضيعا
وأدنت مثل دنت، وأدنت أي أقرضت، والتداين والمداينة دفع الدين، قال تعالى: (إذا تداينتم بدين إلى أجل مسمى) وقال: (من بعد وصية يوصى بها أو دين) والدين يقال للطاعة والجزاء واستعير للشريعة، والدين كالملة لكنه يقال اعتبارا بالطاعة والانقياد للشريعة، قال: (إن الدين عند الله الاسلام) وقال: (ومن أحسن دينا ممن أسلم وجهه لله وهو محسن) أي طاعة (وأخلصوا دينهم لله) وقوله تعالى: (يا أهل الكتاب لا تغلوا في دينكم) وذلك حث على اتباع دين النبي صلى الله عليه وسلم الذى هو أوسط الاديان كما قال: (وكذلك جعلناكم أمة وسطا) وقوله: (لا إكراه في الدين) قيل يعنى الطاعة فإن ذلك لا يكون في الحقيقة إلا بالاخلاص والاخلاص لا يتأتى فيه الاكراه، وقيل إن ذلك مختص بأهل الكتاب الباذلين للجزية.
وقوله: (أفغير دين الله يبغون) يعنى الاسلام لقوله: (ومن يبتغ غير الاسلام دينا فلن يقبل منه) وعلى هذا قوله تعالى: (هو الذى أرسل رسوله بالهدى ودين الحق) وقوله: (ولا يدينون دين الحق) وقوله: (ومن أحسن دينا ممن أسلم وجهه لله وهو محسن - فلولا إن كنتم غير مدينين) أي غير مجزيين.
والمدين والمدينة العبد والامة، قال أبو زيد: هو من قولهم دين فلان يدان إذا حمل على مكروه، وقيل هو من دنته إذا جازيته بطاعته، وجعل بعضهم المدينة من هذا الباب.
دون: يقال للقاصر عن الشئ دون، قال بعضهم: هو مقلوب من الدنو، والادون الدنئ
وقوله تعالى: (لا تتخذوا بطانة من دونكم) أي ممن لم يبلغ منزلته منزلتكم في الديانة، وقيل في القرابة.
وقوله: (ويغفر ما دون ذلك) أي ما كان أقل من ذلك وقيل ما سوى ذلك والمعنيان يتلازمان.
وقوله تعالى: (أأنت قلت للناس اتخذوني وأمى إلهين من دون الله أي غير الله، وقيل معناه إلهين متوصلا بهما إلى الله.
وقوله: (ليس لهم من دونه ولى ولا شفيع - ومالهم من دون الله من ولى ولا نصير) أي ليس لهم من يواليهم من دون أمر الله.
وقوله: (قل أندعوا من دون الله ما لا ينفعنا ولا يضرنا) مثله.
وقد يقرأ بلفظ دون فيقال دونك كذا أي تناوله، قال القتيبى يقال: دان يدون دونا: ضعف.
كتاب الذالذب: الذباب يقع على المعروف من الحشرات الطائرة وعلى النحل والزنابير ونحوهما.
قال الشاعر: فهذا أوان العرض حى ذبابه * زنابيره والازرق المتلمس وقوله تعالى: (وإن يسلبهم الذباب شيئا) فهو المعروف، وذباب العين إنسانها سمى به لتصوره بهيئته أو لطيران شعاعه طيران الذباب.
وذباب السيف تشبيها به في إيذائه، وفلان ذباب إذا كثر التأذى به.
وذببت عن فلان طردت عنه الذباب، والمذبة ما يطرد به ثم استعير الذب لمجرد الدفع فقيل ذببت عن فلان، وذب البعير إذا دخل ذباب في أنفه.
وجعل بناؤه بناء الادواء نحو ذكم.
وبعير مذبوب وذب جسمه هزل فصار كذباب، أو كذباب السيف، والذبذبة حكاية صوت الحركة للشئ المعلق، ثم استعير لكل اضطراب وحركة قال تعالى: (مذبذبين بين ذلك) أي مضطربين مائلين تارة إلى المؤمنين وتارة إلى الكافرين، قال الشاعر:
* ترى كل ملك دونها يتذبذب * وذببنا إبلنا سقناها سوقا شديدا بتذبذب، قال الشاعر: * يذبب ورد على إثره * ذبح: أصل الذبح شق حلق الحيوانات والذبح المذبوح، قال تعالى: (وفديناه بذبح عظيم) وقال (إن الله يأمركم أن تذبحوا بقرة) وذبحت الفارة شققتها تشبيها بذبح الحيوان، وكذلك ذبح الدن، وقوله: (يذبحون أبناءكم) على التكثير أي يذبح بعضهم أثر بعض.
وسعد الذابح اسم نجم، وتسمى الاخاديد من السيل مذابح.
ذخر: أصل الادخار اذ تخار، يقال ذخرته، وادخرته إذا أعددته للعقبى.
وروى أن النبي صلى الله عليه وسلم كان لا يدخر شيئا لغد.
والمذاخر: الجوف والعروق المدخرة للطعام، قال الشاعر: فلما سقيناها العكيس تملات * مذاخرها وامتد رشحا وريدها والاذخر حشيشة طيبة الريح.
ذر: الذرية، قال تعالى: (ومن ذريتي)
وقال: (ومن ذريتنا أمة مسلمة لك) وقال: (إن الله لا يظلم مثقال ذرة) وقد قيل: أصله الهمز، وقد تذكر بعد في بابه.
ذرع: الذراع العضو المعروف ويعبر به عن المذروع: أي الممسوج بالذراع.
قال تعالى: (في سلسلة ذرعها سبعون ذراعا فاسلكوه) يقال ذراع من الثوب والارض وذراع الاسد نجم تشبيها بذراع الحيوان، وذراع العامل صدر القناة، ويقال هذا على حبل ذراعك كقولك هو في كفك، وضاق بكذا ذرعي نحو ضاقت به يدى، وذرعته ضربت ذراعه، وذرعت مددت الذراع، ومنه ذرع البعير في سيره أي مد ذراعه وفرس ذريع وذروع واسع الخطو، ومذرع: أبيض الذراع، وزق ذراع قيل هو العظيم وقيل هو الصغير، فعلى الاول هو الذى بقى ذراعه وعلى الثاني هو الذى فصل ذراعه عنه.
وذرعه القئ: سبقه.
وقولهم ذرع الفرس وتذرعت المرأة الخوص وتذرع في كلامه تشبيها بذلك، كقولهم سفسف في كلامه وأصله من سفيف
الخوص.
ذرأ: الذرء إظهار الله تعالى ما أبداه، يقال ذرأ الله الخلق أي أوجد أشخاصهم.
قال تعالى: (ولقد ذرأنا لجهنم كثيرا من الجن والانس) وقال (وجعلوا لله مما ذرأ من الحرث والانعام نصيبا) وقال (ومن الانعام أزواجا يذرؤكم فيه) وقرئ (تذرؤه الرياح) والذرأة بياض الشيب والملح.
فيقال ملح ذرآنى، ورجل أذرأ، وامرأة ذرآء، وقد ذرئ شعره.
ذرو: ذروة السنام وذراه أعلاه، ومنه قيل أنا في ذراك أي في أعلى مكان من جنابك.
والمذروان طرفا الاليتين، وذرته الريح تذروه وتذريه.
قال تعالى: (والذاريات ذروا) وقال (تذروه الرياح) والذرية أصلها الصغار من الاولاد وإن كان قد يقع على الصغار والكبار معا في التعارف ويستعمل للواحد والجمع وأصله الجمع، قال تعالى: (ذرية بعضها من بعض) وقال (ذرية من حملنا مع نوح) وقال (وآية لهم أنا حملنا ذريتهم في الفلك المشحون) وقال (إنى جاعلك للناس إماما قال
ومن ذريتي) وفى الذرية ثلاثة أقوال: قيل هو من ذرأ الله الخلق فترك همزه نحو روية وبرية.
وقيل أصله ذروية.
وقيل هو فعلية من الذر نحو قمرية.
وقال أبو القاسم البلخى: قوله تعالى: (ولقد ذرأنا لجهنم) من قولهم: ذريت الحنطة ولم يعتبر أن الاول مهموز.
ذعن: مذعنين أي منقادين، يقال ناقة مذعان أي منقادة.
ذقن: قوله تعالى: (ويخرون للاذقان يبكون) الواحد ذقن وقد ذقنته ضربت ذقنه، وناقة ذقون تستعين بذقنها في سيرها، ودلو ذقون ضخمة مائلة تشبيها بذلك.
ذكر: الذكر تارة يقال ويراد به هيئة للنفس بها يمكن للانسان أن يحفظ ما يقتنيه من المعرفة وهو كالحفظ إلا أن الحفظ يقال اعتبارا بإحرازه، والذكر يقال اعتبارا باستحضاره، وتارة يقال لحضور الشئ القلب أو القول، ولذلك قيل الذكر ذكران: ذكر بالقلب وذكر باللسان، وكل واحد منهما
ضربان، ذكر عن نسيان وذكر لا عن نسيان بل عن إدامة الحفظ.
وكل قول يقال له ذكر، فمن الذكر باللسان قوله تعالى: (لقد أنزلنا إليكم كتابا فيه ذكركم) وقوله تعالى: (وهذا ذكر مبارك أنزلناه) وقوله (هذا ذكر من معى وذكر من قبلى) وقوله (أأنزل عليه الذكر من بيننا) أي القرآن، وقوله تعالى (ص والقرآن ذى الذكر) وقوله (وإنه لذكر لك ولقومك) أي شرف لك ولقومك، وقوله (فاسألوا أهل الذكر) أي الكتب المتقدمة.
وقوله (قد أنزل الله إليكم ذكرا رسولا) فقد قيل الذكر هاهنا وصف للنبى صلى الله عليه وسلم كما أن الكلمة وصف لعيسى عليه السلام من حيث إنه بشر به في الكتب المتقدمة، فيكون قوله رسولا بدلا منه.
وقيل رسولا منتصب بقوله ذكرا كأنه قال قد أنزلنا إليكم كتابا ذكرا رسولا يتلو نحو قوله: (أو إطعام في يوم ذى مسغبة يتيما) فيتيما نصب بقوله إطعام.
ومن الذكر عن النسيان قوله (فإنى نسيت الحوت وما أنسانيه إلا الشيطان أن أذكره) ومن الذكر بالقلب واللسان معا
قوله تعالى: (فاذكروا الله كذكركم آباءكم أو أشد ذكرا) وقوله (فاذكروا الله عند المشعر الحرام واذكروه كما هداكم) وقوله (ولقد كتبنا في الزبور من بعد الذكر) أي من بعد الكتاب المتقدم.
وقوله (هل أتى على الانسان حين من الدهر لم يكن شيئا مذكورا) أي لم يكن شيئا موجودا بذاته وإن كان موجودا في علم الله تعالى.
وقوله: (أو لا يذكر الانسان أنا خلقناه من قبل) أي أو لا يذكر الجاحد للبعث أول خلقه فيستدل بذلك على إعادته، وكذلك قوله تعالى: (قل يحييها الذى أنشأها أول مرة) وقوله: (وهو الذى يبدأ الخلق ثم يعيده) وقوله (ولذكر الله أكبر) أي ذكر الله لعبده أكبر من ذكر العبد له، وذلك حث على الاكثار من ذكره.
والذكرى كثرة الذكر وهو أبلغ من الذكر، قال تعالى: (رحمة منا وذكرى لاولى الالباب - وذكر
فإن الذكرى تنفع المؤمنين) في آى كثيرة والتذكرة ما يتذكر به الشئ وهو أعم من الدلالة والامارة، قال تعالى: (فما لهم عن
التذكرة معرضين - كلا إنها تذكرة) أي القرآن.
وذكرته كذا قال تعالى (وذكرهم بأيام الله) وقوله (فتذكر إحداهما الاخرى) قيل معناه تعيد ذكره، وقد قيل تجعلها ذكرا في الحكم.
قال بعض العلماء في الفرق بين قوله (فاذكروني أذكركم) وبين قوله (اذكروا نعمتي) أن قوله اذكروني مخاطبة لاصحاب النبي صلى الله عليه وسلم الذين حصل لهم فضل قوة بمعرفته تعالى فأمرهم بأن يذكروه بغير واسطة، وقوله تعالى (اذكروا نعمتي) مخاطبة لبنى إسرائيل الذين لم يعرفوا الله إلا بآلائه فأمرهم أن يتبصروا نعمته فيتوصلوا بها إلى معرفته.
والذكر ضد الانثى، قال تعالى: (وليس الذكر كالانثى) وقال: (آلذكرين حرم أم الانثيين) وجمعه ذكور وذكران، قال تعالى: (ذكرانا وإناثا) وجعل الذكر كناية عن العضو المخصوص.
والمذكر المرأة التى ولدت ذكرا، والمذكار التى عادتها أن تذكر، وناقة مذكرة تشبه الذكر في عظم خلقها، وسيف ذو ذكر، ومذكر صارم تشبيها بالذكر، وذكور البقل، ما غلظ منه.
ذكا: ذكت النار تذكو اتقدت وأضاءت، وذكيتها تذكية.
وذكاء اسم للشمس وابن ذكاء للصبح، وذلك أنه تارة يتصور الصبح ابنا للشمس وتارة حاجبا لها فقيل حاجب الشمس.
وعبر عن سرعة الادراك وحدة الفهم بالذكاء كقولهم فلان هو شعلة نار.
وذكيت الشاة ذبحتها.
وحقيقة التذكية إخراج الحرارة الغريزية لكن خص في الشرع بإبطال الحياة على وجه دون وجه، ويدل على هذا الاشتقاق قولهم في الميت خامد وهامد وفي النار الهامدة ميتة.
وذكى الرجل إذا أسن وحظي بالذكاء لكثرة رياضته وتجاربه، وبحسب هذا الاشتقاق لا يسمى الشيخ مذكيا إلا إذا كان ذا تجارب ورياضات.
ولما كانت التجارب والرياضات قلما توجد إلا في الشيوخ لطول عمرهم استعمل الذكاء فيهم، واستعمل في العتاق، من الخيل المسان وعلى هذا قولهم: جرى المذكيات غلاب.
ذل: الذل ما كان عن قهر، يقال ذل يذل ذلا، والذل ما كان بعد تصعب، وشماس من غير قهر، يقال ذل يذل ذلا.
وقوله تعالى: (واخفض لهما جناح الذل من
الرحمة) أي كن كالمقهور لهما، وقرئ (جناح الذل) أي لن وانقد لهما، يقال الذل والقل، والذلة والقلة، قال تعالى: (ترهقهم ذلة)
وقال (ضربت عليهم الذلة والمسكنة) وقال (سينالهم غضب من ربهم وذلة) وذلت الدابة بعد شماس ذلا وهى ذلول أي ليست بصعبة، قال تعالى: (لا ذلول تثير الارض) والذل متى كان من جهة الانسان نفسه لنفسه فمحمود نحو قوله تعالى: (أذلة على المؤمنين) وقال (ولقد نصركم الله ببدر وأنتم أذلة) وقال (فاسلكي سبل ربك ذللا) أي منقادة غير متصعبة، قال تعالى: (وذللت قطوفها تذليلا) أي: سهلت، وقيل الامور تجري على إذلالها، أي: مسالكها وطرقها.
ذم: يقال ذممته أذمه ذما فهو مذموم وذميم، قال تعالى: (مذموما مدحورا) وقيل ذمته أذمه على قلب إحدى الميمين تاء.
والذمام ما يذم الرجل على إضاعته من عهد، وكذلك الذمة والمذمة.
وقيل: لى مذمة فلا تهتكها، وأذهب مذمتهم بشئ.
أي: أعطهم شيئا
لما لهم من الذمام.
وأذم بكذا أضاع ذمامه ورجل مذم لا حراك به وبئر ذمة قليلة الماء، قال الشاعر: وترى الذميم على مراسنهم * يوم الهياج كمازن النمل الذميم: شبه بثور صغار.
ذنب: ذنب الدابة وغيرها معروف ويعبر به عن المتأخر والرذل، يقال هم أذناب القوم وعنه استعير مذانب التلاع لمسايل مياهها.
والمذنب ما أرطب من قبل ذنبه والذنوب الفرس الطويل الذنب والدلو التى لها ذنب، واستعير للنصيب كما استعير له السجل.
قال تعالى: (فإن للذين ظلموا ذنوبا مثل ذنوب أصحابهم) والذنب في الاصل الاخذ بذنب الشئ، يقال ذنبته أصبت ذنبه، ويستعمل في كل فعل يستوخم عقباه اعتبارا بذنب الشئ ولهذا يسمى الذنب تبعة اعتبارا لما يحصل من عاقبته، وجمع الذنب ذنوب، قال تعالى: (فأخذهم الله بذنوبهم) وقال (فكلا أخذنا بذنبه) وقال (ومن يغفر الذنوب إلا الله) إلى غير ذلك من الآى.
ذهب: الذهب معروف وربما قيل ذهبة
ورجل ذهب: رأى معدن الذهب فدهش، وشئ مذهب جعل عليه الذهب، وكميت مذهب علت حمرته صفرة كأن عليها ذهبا، والذهاب المضى يقال ذهب بالشئ وأذهبه ويستعمل ذلك في الاعيان والمعاني، قال الله تعالى: (وقال إنى ذاهب إلى ربى - فلما ذهب عن إبراهيم الروع - فلا تذهب نفسك عليهم حسرات) كناية عن الموت وقال (إن يشأ يذهبكم ويأت بخلق جديد) وقال (وقالوا الحمد لله الذى أذهب عنا الحزن) وقال (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت) وقوله تعالى (فلا تعضلوهن لتذهبوا ببعض ما آتيتموهن)
أي لتفوزوا بشئ من المهر أو غير ذلك مما أعطيتموهن وقوله (ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم) وقال (ذهب الله بنورهم - ولو شاء الله لذهب بسمعهم - ليقولن ذهب السيئات عنى).
ذهل: قال تعالى: (يوم ترونها تذهل كل مرضعة عما أرضعت) الذهول شغل يورث حزنا ونسيانا، يقال ذهل عن كذا وأذهله كذا.
ذوق: الذرق وجود الطعم بالفم وأصله فيما يقل تناوله دون ما يكثر، فإن ما يكثر منه يقال له الاكل واختير في القرآن لفظ الذوق في العذاب لان ذلك وإن كان في التعارف للقليل فهو مستصلح للكثير.
فخصه بالذكر ليعم الامرين وكثر استعماله في العذاب نحو (ليذوقوا العذاب - وقيل لهم ذوقوا عذاب النار - فذوقوا العذاب بما كنتم تكفرون - ذق إنك أنت العزيز الكريم - إنكم لذائقوا العذاب الاليم - ذلكم فذوقوه - ولنذيقنهم من العذاب الادنى دون العذاب الاكبر) وقد جاء في الرحمة نحو (ولئن أذقنا الانسان منا رحمة - ولئن أذقناه نعماء بعد ضراء مسته) ويعبر به عن الاختبار فيقال أذقته كذا فذاق، ويقال فلان ذاق كذا وأنا أكلته أي خبرته فوق ما خبر، وقوله: (فأذاقها الله لباس الجوع والخوف) فاستعمال الذوق مع اللباس من أجل أنه أريد به التجربة والاختبار، أي فجعلها بحيث تمارس الجوع والخوف، وقيل إن ذلك على تقدير كلامين كأنه قيل أذاقها طعم الجوع والخوف وألبسها لباسهما.
وقوله (وإذا أذقنا
الانسان منا رحمة) فإنه استعمل في الرحمة الاذاقة وفى مقابلتها الاصابة فقال (وإن تصبهم سيئة) تنبيها على أن الانسان بأدنى ما يعطى من النعمة يأشر ويبطر إشارة إلى قوله (كلا إن الانسان ليطغى أن رآه استغنى).
ذو: ذو على وجهين أحدهما يتوصل به إلى الوصف بأسماء الاجناس والانواع ويضاف إلى الظاهر دون المضمر ويثنى ويجمع، ويقال في المؤنث ذات وفى التثنية ذواتا وفى الجمع ذوات، ولا يستعمل شئ منها إلا مضافا، قال (ولكن الله ذو فضل) وقال (ذو مرة فاستوى - وذى القربى - ويؤت كل ذى فضل فضله - ذوى القربى واليتامى - إنه عليم بذات الصدور - ونقلبهم ذات اليمين وذات الشمال - وتودون أن غير ذات الشوكة تكون لكم) وقال (ذواتا أفنان) وقد استعار أصحاب المعاني الذات فجعلوها عبارة عن عين الشئ جوهرا كان أو عرضا واستعملوها مفردة ومضافة إلى المضمر بالالف واللام وأجروها مجرى النفس والخاصة فقالوا ذاته ونفسه وخاصته، وليس ذلك من كلام العرب.
والثانى: في لفظ ذو لغة لطئ يستعملونه استعمال الذى، ويجعل في الرفع، والنصب والجر، والجمع، والتأنيث على لفظ واحد نحو: * وبئري ذو حفرت وذو طويت * أي التى حفرت والتى طويت، وأما ذا في هذا فإشارة إلى شئ محسوس أو معقول، ويقال في المؤنث ذه وذى وتا فيقال هذه وهذى، وهاتا ولا تثنى منهن إلا هاتا فيقال هاتان.
قال تعالى: (أرأيتك هذا الذى كرمت على - هذا ما توعدون - هذا الذى كنتم به تستعجلون - إن هذان لساحران) إلى غير ذلك (هذه النار التى كنتم بها تكذبون - هذه جهنم التى يكذب بها المجرمون) ويقال بإزاء هذا في المستبعد بالشخص أو بالمنزلة ذاك وذلك، قال تعالى: (الم ذلك الكتاب - ذلك من آيات الله - ذلك أن لم يكن ربك مهلك القرى) إلى غير ذلك.
وقولهم ماذا يستعمل على وجهين: أحدهما: أن يكون ما مع ذا بمنزلة اسم واحد، والآخر أن يكون ذا بمنزلة الذى، فالاول نحو قولهم: عما ذا تسأل ؟ فلم تحذف الالف منه لما لم يكن ما بنفسه للاستفهام
بل كان مع ذا اسما واحدا وعلى هذا قول الشاعر: * دعى ماذا علمت سأتقيه * أي دعى شيئا علمته.
وقوله تعالى.
(ويسئلونك ماذا ينفقون) فإن من قرأ (قل العفو) بالنصب فإنه جعل الاسمين بمنزلة اسم واحد كأنه قال أي شئ ينفقون ؟ ومن قرأ (قل العفو) بالرفع فإن ذا بمنزلة الذى وما للاستفهام أي ما الذى ينفقون ؟ وعلى هذا قوله تعالى: (ماذا أنزل ربكم قالوا أساطير الاولين) وأساطير بالرفع والنصب.
ذيب: الذيب الحيوان المعروف وأصله الهمز، قال تعالى: (فأكله الذئب) وأرض مذأبة كثيرة الذئاب وذئب فلان وقع في غنمه الذئب وذئب صار كذئب في خبثه، وتذاءبت الريح أتت من كل جانب مجئ الذئب وتذاءبت للناقة على تفاعلت إذا تشبهت لها بالذئب في الهيئة لتظأر على ولدها، والذئبة من القتب ما تحت ملتقى الحنوين تشبيها بالذئب في الهيئة.
ذود: ذدته عن كذا أذوده.
قال تعالى: (ووجد من دونهم امرأتين تذودان)
أي تطردان، ذودا، والذود من الابل العشرة.
ذأم: قال تعالى: (اخرج منها مذءوما) أي مذموما يقال: ذمته أذيمه ذيما، وذممته أذمه ذما، وذأمته ذأما.
كتاب الراءرب: الرب في الاصل التربية وهو إنشاء الشئ حالا فحالا إلى حد التمام، يقال ربه ورباه ورببه.
وقيل لان يربنى رجل من قريش أحب إلى من أن يربنى رجل من هوازن فالرب مصدر مستعار للفاعل ولا يقال الرب مطلقا إلا لله تعالى المتكفل بمصلحة الموجودات نحو قوله: (بلدة طيبة ورب غفور).
وعلى هذا قوله تعالى: (ولا يأمركم أن تتخذوا الملائكة والنبيين أربابا) أي آلهة وتزعمون أنهم الباري مسبب الاسباب، والمتولي لمصالح العباد وبالاضافة يقال له ولغيره نحو قوله (رب العالمين - و - ربكم ورب آبائكم الاولين) ويقال رب الدار ورب الفرس لصاحبهما وعلى ذلك قول الله تعالى: (اذكرني عند ربك فأنساه الشيطان ذكر ربه)
وقوله تعالى: (ارجع إلى ربك) وقوله: (قال معاذ الله إنه ربى أحسن مثواى) قيل عنى به الله تعالى: وقيل عنى به الملك الذى رباه والاول أليق بقوله.
والربانى قيل منسوب إلى الربان، ولفظ فعلان من فعل يبنى نحو عطشان وسكران وقلما يبنى من فعل وقد جاء نعسان.
وقيل هو منسوب إلى الرب الذى هو المصدر وهو الذى يرب العلم كالحكيم، وقيل منسوب إليه ومعناه يرب نفسه بالعلم وكلاهما في التحقيق متلازمان لان من رب نفسه بالعلم فقد رب العلم، ومن رب العلم فقد رب نفسه به.
وقيل هو منسوب إلى الرب أي الله تعالى فالرباني كقولهم إلهى وزيادة النون فيه كزيادته في قولهم: لحيانى وجسماني.
قال على رضى الله عنه: " أنا ربانى هذه الامة " والجمع ربانيون.
قال تعالى: (لو لا ينهاهم الربانيون والاحبار - كونوا ربانيين)، وقيل ربانى لفظ في الاصل سرياني وأخلق بذلك فقلما يوجد في كلامهم، وقوله تعالى: (ربيون كثير) فالربى كالرباني.
والربوبية مصدر يقال في الله عزوجل والرباية تقال في غيره وجمع الرب أرباب قال تعالى: (أأرباب
متفرقون خير أم الله الواحد القهار) ولم يكن من حق الرب أن يجمع إذ كان إطلاقه لا يتناول إلا الله تعالى لكن أتى بلفظ الجمع
فيه على حسب اعتقاداتهم لا على ما عليه ذات الشئ في نفسه، والرب لا يقال في التعارف إلا في الله، وجمعه أربة، وربوب، قال الشاعر: كانت أربتهم حفرا وغرهم * عقد الجوار وكانوا معشرا غدرا وقال آخر: وكنت امرا أفضت إليك ربابتي * وقبلك ربنى فضعت ربوب ويقال للعقد في موالاة الغير الربابة ولما يجمع فيه القدح ربابة واختص الراب والرابة بأحد الزوجين إذا تولى تربية الولد من زوج كان قبله، والربيب والربيبة بذلك الولد، قال تعالى: (وربائبكم اللاتى في حجوركم) وربيت الاديم بالسمن والدواء بالعسل، وسقاء مربوب، قال الشاعر: فكوني له كالسمن ربت له الادم والرباب السحاب سمى بذلك لانه يرب النبات
وبهذا النظر سمى المطر درا، وشبه السحاب باللقوح.
وأربت السحابة دامت وحقيقته أنها صارت ذات تربية، وتصور فيه معنى الاقامة فقيل أرب فلان بمكان كذا تشبيها بإقامة الرباب، ورب لاستقلال الشئ ولما يكون وقتا بعد وقت، نحو: (ربما يود الذين كفروا).
ربح: الربح الزيادة الحاصلة في المبايعة، ثم يتجوز به في كل ما يعود من ثمرة عمل، وينسب الربح تارة إلى صاحب السلعة وتارة إلى السلعة نفسها نحو قوله تعالى: (فما ربحت تجارتهم) وقول الشاعر: قروا أضيافهم ربحا ببح فقد قيل الربح الطائر، وقيل هو الشجر وعندي أن الربح ههنا اسم لما يحصل من الربح نحو النقص، وبح اسم للقداح التى كانوا يستقسمون بها، والمعنى قروا أضيافهم ما حصلوا منه الحمد الذى هو أعظم الربح وذلك كقول الآخر: فأوسعني حمدا وأوسعته قرى * وأرخص بحمد كان كاسبه الاكل ربص: التربص الانتظار بالشئ سلعة
كانت يقصد بها غلاء أو رخصا.
أو أمرا ينتظر زواله أو حصوله، يقال تربصت لكذا ولى ربصة بكذا وتربص، قال تعالى: (والمطلقات يتربصن - قل تربصوا فإنى معكم من المتربصين - قل هل تربصون بنا إلا إحدى الحسنيين ونحن نتربص بكم).
ربط: ربط الفرس شده بالمكان للحفظ ومنه رباط الجيش، وسمى المكان الذى يخص بإقامة حفظة فيه رباطا، والرباط مصدر ربطت ورابطت، والمرابطة كالمحافظة، قال الله تعالى: (ومن رباط الخيل ترهبون به عدو الله
وعدوكم) وقال (يا أيها الذين آمنوا اصبروا وصابروا ورابطوا) فالمرابطة ضربان: مرابطة في ثغور المسلمين وهى كمرابطة النفس البدن فإنها كمن أقيم في ثغر وفوض إليه مراعاته فيحتاج أن يراعيه غير مخل به وذلك كالمجاهدة وقد قال عليه السلام " من الرباط انتظار الصلاة بعد الصلاة " وفلان رابط الجأش إذا قوى قلبه وقوله تعالى: (وربطنا على قلوبهم) وقوله (لولا أن ربطنا على قلبها - وليربط على قلوبكم) فذلك إشارة إلى نحو قوله (هو الذى
أنزل السكينة في قلوب المؤمنين وأيدهم بروح منه) فإنه لم تكن أفئدتهم كما قال: (وأفئدتهم هواء) وبنحو هذا النظر قيل فلان رابط الجأش.
ربع: أربعة وأربعون، وربع ورباع كلها من أصل واحد، قال الله تعالى: (ثلاثة رابعهم كلبهم - و - أربعين سنة يتيهون في الارض) وقال: (أربعين ليلة) وقال: (ولهن الربع مما تركتم) وقال: (مثنى وثلاث ورباع) وربعت القوم أربعهم: كنت لهم رابعا، وأخذت ربع أموالهم، وربعت الحبل جعلته على أربع قوى، والربع من أظماء الابل والحمى، وأربع إبله أوردها ربعا، ورجل مربوع، ومربع أخذته حمى الربع.
والاربعاء في الايام رابع الايام من الاحد، والربيع رابع الفصول الاربعة ومنه قولهم ربع فلان وارتبع أقام في الربيع، ثم يتجوز به في كل إقامة وكل وقت حتى سمى كل منزل ربعا وإن كان ذلك في الاصل مختصا بالربيع.
والربع والربعى ما نتج في الربيع ولما كان الربيع أولى وقت الولادة وأحمده استعير لكل ولد يولد في الشباب فقيل أفلح من
كان له ربعيون، والمرباع ما نتج في الربيع، وغيث مربع يأتي في الربيع.
وربع الحجر والحمل تناول جوانبه الاربع، والمربع خشب يربع به أي يؤخذ الشئ به، وسمى الحجر المتناول ربيعة.
وقولهم اربع على ظلعك يجوزأن يكون من الاقامة أي أقم على ظلعك، ويجوز أن يكون من ربع الحجر أي تناوله على ظلعك.
والمرباع الربع الذى يأخذه الرئيس من الغنم، من قولهم ربعت القوم، واستعيرت الرباعة للرئاسة اعتبارا بأخذ المرباع فقيل لا يقيم رباعة القوم غير فلان.
والربيعة الجونة لكونها في الاصل ذات أربع طبقات أو لكونها ذات أربع أرجل.
والرباعيتان قيل سميتا لكون أربع أسنان بينهما، واليربوع فأرة لجحرها أربعة أبواب.
وأرض مربعة فيها يرابيع كما تقول مضبة في موضع الضب.
ربو: ربوة وربوة وربوة ورباوة ورباوة، قال تعالى: (إلى ربوة ذات قرار ومعين) قال أبو الحسن: الربوة أجود لقولهم ربى
وربا فلان حصل في ربوة، وسميت الربوة
رابية كأنها ربت بنفسها في مكان ومنه ربا إذا زاد وعلا، قال تعالى: (فإذا أنزلنا عليها الماء اهتزت وربت) أي زادت زيادة المتربى (فاحتمل السيل زبدا رابيا - فأخذهم أخذة رابية) وأربى عليه أشرف عليه، وربيت الولد فربا من هذا وقيل أصله من المضاعف فقلب تخفيفا نحو تظنيت في تظننت.
والربا الزيادة على رأس المال لكن خص في الشرع بالزيادة على وجه دون وجه، وباعتبار الزيادة قال تعالى: (وما آتيتم من ربا ليربو في أموال الناس فلا يربو عند الله) ونبه بقوله (يمحق الله الربا ويربى الصدقات) أن الزيادة المعقولة المعبر عنها بالبركة مرتفعة عن الربا ولذلك قال في مقابلته (وما آتيتم من زكاة تريدون وجه الله فأولئك لهم المضعفون) والاربيتان لحمتان ناتئتان في أصول الفخذين من باطن، والربو الانبهار سمى بذلك تصورا لتصعده ولذلك قيل هو يتنفس الصعداء، وأما الربيئة للطليعة فبالهمز وليس من هذا الباب رتع: الرتع أصله أكل البهائم، يقال رتع يرتع رتوعا ورتاعا ورتعا، قال تعالى:
(نرتع ونلعب) ويستعار للانسان إذا أريد به الاكل الكثير، وعلى طريق التشبيه قال الشاعر: * وإذا يخلو له لحمى رتع * ويقال راتع ورتاع في البهائم وراتعون في الانسان.
رتق: الرتق الضم والالتحام خلقة كان أم صنعة قال تعالى: (كانتا رتقا ففتقناهما) أي منضمتين، والرتقاء: الجارية المنضمة الشفرتين، وفلان راتق وفاتق في كذا أي هو عاقد وحال.
رتل: الرتل اتساق الشئ وانتظامه على استقامة، يقال رجل رتل الاسنان.
والترتيل إرسال الكلمة من الفم بسهولة واستقامة.
قال تعالى: (ورتل القرآن ترتيلا - ورتلناه ترتيلا).
رج: الرج تحريك الشئ وإزعاجه، يقال رجه فارتج قال تعالى: (إذا رجت الارض رجا) نحو: (إذا زلزلت الارض زلزالها) والرجرجة الاضطراب، وكتيبة رجراجة، وجارية رجراجة، وارتج كلامه اضطرب والرجرجة ماء قليل في مقره يضطرب
فيتكدر.
رجز: أصل الرجز الاضطراب ومنه قيل رجز البعير رجزا فهو أرجز وناقة رجزاء إذا تقارب خطوها واضطرب لضعف فيها وشبه الرجز به لتقارب أجزائه وتصور رجز في اللسان عند إنشاده، ويقال لنحوه من الشعر أرجوزة وأراجيز، ورجز فلان وارتجز
إذا عمل ذلك أو أنشد وهو راجز ورجاز ورجازة وقوله: (عذاب من رجز أليم) فالرجز ههنا كالزلزلة، وقال تعالى: (إنا منزلون على أهل هذه القرية رجزا من السماء) وقوله: (والرجز فاهجر) قيل هو صنم، وقيل هو كناية عن الذنب فسماه بالمآل كتسمية الندى شحما.
وقوله: (وينزل عليكم من السماء ماء ليطهركم به ويذهب عنكم رجز الشيطان) والشيطان عبارة عن الشهوة على ما بين في بابه.
وقيل بل أراد برجز الشيطان ما يدعو إليه من الكفر والبهتان والفساد والرجازة كساء يجعل فيه أحجار فيعلق على أحد جانبى الهودج إذا مال، وذلك لما يتصور فيه من حركته،
واضطرابه.
رجس: الرجس الشئ القذر، يقال رجل رجس ورجال أرجاس.
قال تعالى: (رجس من عمل الشيطان) والرجس يكون على أربعة أوجه: إما من حيث الطبع، وإما من جهة العقل، وإما من جهة الشرع، وإما من كل ذلك كالميتة، فإن الميتة تعاف طبعا وعقلا وشرعا، والرجس من جهة الشرع الخمر والميسر، وقيل إن ذلك رجس من جهة العقل وعلى ذلك نبه بقوله تعالى: (وإثمهما أكبر من نفعهما) لان كل ما يوفى إثمه على نفعه فالعقل يقتضى تجنبه، وجعل الكافرين رجسا من حيث إن الشرك بالعقل أقبح الاشياء، قال تعالى: (وأما الذين في قلوبهم مرض فزادتهم رجسا إلى رجسهم) وقوله تعالى: (ويجعل الرجس على الذين لا يعقلون) قيل الرجس النتن، وقيل العذاب وذلك كقوله (إنما المشركون نجس) وقال (أو لحم خنزير فإنه رجس) وذلك من حيث الشرع وقيل رجس ورجز للصوت الشديد وبعير رجاس شديد الهدير وغمام راجس ورجاس شديد الرعد.
رجع: الرجوع العود إلى ما كان منه
البدء أو تقدير البدء مكانا كان أو فعلا، أو قولا وبذاته كان رجوعه أو بجزء من أجزائه أو بفعل من أفعاله.
فالرجوع العود، والرجع الاعادة، والرجعة في الطلاق، وفى العود إلى الدنيا بعد الممات، ويقال فلان يؤمن بالرجعة.
والرجاع مختص برجوع الطير بعد قطاعها.
فمن الرجوع قوله تعالى: (لئن رجعنا إلى المدينة - فلما رجعوا إلى أبيهم - ولما رجع موسى إلى قومه - وإن قيل لكم ارجعوا فارجعوا) ويقال رجعت عن كذا رجعا ورجعت الجواب نحو قوله (فإن رجعك الله إلى طائفة منهم) وقوله (إلى الله مرجعكم) وقوله: (إن إلى ربك الرجعى) وقوله تعالى: (ثم إليه مرجعكم) يصح أن يكون من الرجوع كقوله (ثم إليه ترجعون) ويصح أن يكون من الرجع كقوله (ثم إليه ترجعون) وقد قرئ (واتقوا يوما ترجعون فيه إلى الله) بفتح التاء وضمها، وقوله:
(لعلهم يرجعون) أي يرجعون عن الذنب وقوله: (وحرام على قرية أهلكناها أنهم لا يرجعون) أي حرمنا عليهم أن يتوبوا
ويرجعوا عن الذنب تنبيها أنه لا توبة بعد الموت كما قال (قيل ارجعوا وراءكم فالتمسوا نورا) وقوله (بم يرجع المرسلون) فمن الرجوع أو من رجع الجواب كقوله: (يرجع بعضهم إلى بعض القول) وقوله: (ثم تول عنهم فانظر ماذا يرجعون) فمن رجع الجواب لاغير، وكذا قوله (فناظرة بم يرجع المرسلون) وقوله: (والسماء ذات الرجع) أي المطر، وسمى رجعا لرد الهواء ما تناوله من الماء، وسمى الغدير رجعا إما لتسميته بالمطر الذى فيه وإما لتراجع أمواجه وتردده في مكانه.
ويقال ليس لكلامه مرجوع أي جواب.
ودابة لها مرجوع يمكن بيعها بعد الاستعمال، وناقة راجع ترد ماء الفحل فلا تقبله، وأرجع يده إلى سيفه ليستله والارتجاع الاسترداد، وارتجع إبلا إذا باع الذكور واشترى إناثا فاعتبر فيه معنى الرجع تقديرا وإن لم يحصل فيه ذلك عينا، واسترجع فلان إذا قال: إن لله وإنا إليه راجعون.
والترجيع ترديد الصوت باللحن في القراءة وفى الغناء وتكرير قول مرتين فصاعدا ومنه الترجيع في الاذان.
والرجيع كناية عن أذى
البطن للانسان والدابة وهو من الرجوع، ويكون بمعنى الفاعل أو من الرجع ويكون بمعنى المفعول، وجبة رجيع أعيدت بعد نقضها ومن الدابة ما رجعته من سفر إلى سفر، والانثى رجيعة.
وقد يقال دابة رجيع.
ورجع سفر كناية عن النضو، والرجيع من الكلام المردود إلى صاحبه، أو المكرر.
رجف: الرجف الاضطراب الشديد، يقال رجفت الارض والبحر، وبحر رجاف.
قال تعالى: (يوم ترجف الراجفة - يوم ترجف الارض والجبال - فأخذتهم الرجفة) والارجاف إيقاع الرجفة إما بالفعل وإما بالقول، قال تعالى: (والمرجفون في المدينة) ويقال الاراجيف ملا قيح الفتن.
رجل: الرجل مختص بالذكر من الناس ولذلك قال تعالى: (ولو جعلناه ملكا لجعلناه رجلا)، ويقال رجلة للمرأة إذا كانت متشبهة بالرجل في بعض أ حوالها، قال الشاعر: * لم ينالوا حرمة الرجلة * ورجل بين الرجولة والرجولية، وقوله:
(وجاء من أقصى المدينة رجل يسعى) وقوله (وقال رجل مؤمن من آل فرعون)، فالاولى به الرجولية والجلادة، وقوله: (أتقتلون رجلا أن يقول ربى الله) وفلان أرجل الرجلين.
والرجل العضو المخصوص
بأكثر الحيوان، قال تعالى: (فامسحوا برؤوسكم وأرجلكم) واشتق من الرجل رجل وراجل للماشي بالرجل، ورجل بين الرجلة، فجمع الراجل رجالة ورجل نحو ركب ورجال نحو ركاب لجمع الراكب.
ويقال رجل راجل أي قوى على المشى، جمعه رجال نحو قوله تعالى: (فرجالا أو ركبانا) وكذا رجيل ورجلة وحرة رجلاء ضابطة للارجل بصعوبتها والارجل الابيض الرجل من الفرس، والعظيم الرجل ورجلت الشاة علقتها بالرجل واستعير الرجل للقطعة من الجراد ولزمان الانسان، يقال كان ذلك على رجل فلان كقولك على رأس فلان، ولمسيل الماء، الواحدة رجلة وتسميته بذلك كتسميته بالمذانب.
والرجلة البقلة الحمقاء لكونها نابتة في موضع القدم.
وارتجل الكلام أورده قائما من غير تدبر
وارتجل الفرس في عدوه، وترجل الرجل نزل عن دابته وترجل في البئر تشبيها بذلك، وترجل النهار انحطت الشمس عن الحيطان كأنها ترجلت، ورجل شعره كأنه أنزله إلى حيث الرجل والمرجل القدر المنصوبة، وأرجلت الفصيل أرسلته مع أمه، كأنما جعلت له بذلك رجلا.
رجم: الرجام الحجارة، والرجم الرمى بالرجام، يقال رجم فهو مرجوم، قال تعالى: (لئن لم تنته يا نوح لتكونن من المرجومين) أي المقتولين أقبح قتلة وقال: (ولولا رهطك لرجمناك - إنهم إن يظهروا عليكم يرجموكم) ويستعار الرجم للرمي بالظن والتوهم وللشتم والطرد نحو قوله تعالى: (رجما بالغيب)، قال الشاعر: * وما هو عنها بالحديث المرجم * وقوله تعالى: (لارجمنك واهجرني مليا)، أي لاقولن فيك ما تكره.
والشيطان الرجيم المطرود عن الخيرات وعن منازل الملا الاعلى.
قال تعالى: (فاستعذ بالله من الشيطان الرجيم) وقال تعالى: (اخرج منها فإنك رجيم) وقال في الشهب: (رجوما للشياطين)
والرجمة والرجمة أحجار القبر ثم يعبر بها عن القبر وجمعها رجام ورجم وقد رجمت القبر وضعت عليه رجاما.
وفى الحديث " لا ترجموا قبري "، والمراجمة المسابة الشديدة، استعارة كالمقاذفة.
والترجمان تفعلان من ذلك.
رجا: رجا البئر والسماء وغير هما: جانبها والجمع أرجاء، قال تعالى: (والملك على أرجائها) والرجاء ظن يقتضى حصول ما فيه مسرة، وقوله تعالى: (مالكم لا ترجون لله وقارا) قيل مالكم لا تخافون وأنشد: إذا لسعته النحل لم يرج لسعها * وحالفها في بيت نوب عوامل ووجه ذلك أن الرجاء والخوف يتلازمان،
قال تعالى: (وترجون من الله ما لا يرجون - وآخرون مرجون لامر الله) وأرجت الناقة دنا نتاجها، وحقيقته جعلت لصاحبها رجاء في نفسها بقرب نتاجها.
والارجوان لون أحمر يفرح تفريح الرجاء.
رحب: الرحب سعة المكان ومنه رحبة المسجد، ورحبت الدار اتسعت واستعير
للواسع الجوف فقيل رحب البطن، ولواسع الصدر، كما استعير الضيق لضده قال تعالى: (وضاقت عليكم الارض بما رحبت) وفلان رحيب الفناء لمن كثرت غاشيته.
وقولهم مرحبا وأهلا أي وجدت مكانا رحبا.
قال تعالى: (لا مرحبا بهم إنهم صالوا النار.
قالوا بل أنتم لا مرحبا بكم).
رحق: قال الله تعالى: (يسقون من رحيق مختوم) أي خمر.
رحل: الرحل ما يوضع على البعير للركوب ثم يعبر به تارة عن البعير وتارة عما يجلس عليه في المنزل وجمعه رحال.
(وقال لفتيانه اجعلوا بضاعتهم في رحالهم) والرحلة الارتحال قال تعالى: (رحلة الشتاء والصيف) وأرحلت البعير وضعت عليه الرحل، وأرحل البعير سمن كأنه صار على ظهره رحل لسمنه وسنامه، ورحلته أظعنته أي أزلته عن مكانه.
والراحلة: البعير الذى يصلح للارتحال.
وراحله: عاونه على رحلته، والمرحل برد عليه صورة الرحال.
رحم: الرحم رحم المرأة، وامرأة رحوم تشتكى رحمها.
ومنه استعير الرحم للقرابة
لكونهم خارجين من رحم واحدة، يقال رحم ورحم.
قال تعالى: (وأقرب رحما)، والرحمة رقة تقتضي الاحسان إلى المرحوم، وقد تستعمل تارة في الرقة المجردة وتارة في الاحسان المجرد عن الرقة نحو: رحم الله فلانا.
وإذا وصف به الباري فليس يراد به إلا الاحسان المجرد دون الرقة، وعلى هذا روى أن الرحمة من الله إنعام وإفضال، ومن الآدميين رقة وتعطف.
وعلى هذا قول النبي صلى الله عليه وسلم ذاكرا عن ربه " أنه لما خلق الرحم قال له أنا الرحمن وأنت الرحم، شققت اسمك من اسمى فمن وصلك وصلته ومن قطعك بتته " فذلك إشارة إلى ما تقدم وهو أن الرحمة منطوية على معنيين: الرقة والاحسان فركز تعالى في طبائع الناس الرقة وتفرد بالاحسان فصار كما أن لفظ الرحم من الرحمة، فمعناه الموجود في الناس من المعنى الموجود لله تعالى فتناسب معناهما تناسب لفظيهما.
والرحمن والرحيم نحو ندمان ونديم ولا يطلق الرحمن إلا على الله تعالى من حيث إن معناه لا يصح إلا له إذ هو الذى وسع كل شئ رحمة، والرحيم يستعمل في غيره
وهو الذى كثرت رحمته.
قال تعالى: (إن الله غفور رحيم) وقال في صفة النبي صلى الله عليه وسلم: (لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم بالمؤمنين رءوف رحيم) وقيل إن الله تعالى: هو رحمن الدنيا ورحيم الآخرة، وذلك أن إحسانه في الدنيا يعم المؤمنين والكافرين وفى الآخرة يختص با لمؤمنين وعلى هذا قال: (ورحمتي وسعت كل شئ فسأكتبها للذين يتقون)، تنبيها أنها في الدنيا عامة للمؤمنين والكافرين، وفى الآخرة مختصة بالمؤمنين.
رخا: الرخاء اللينة من قولهم شئ رخو وقد رخى يرخى، قال تعالى: (فسخرنا له الريح تجرى بأمره رخاء حيث أصاب)، ومنه أرخيت الستر وعن إرخاء الستر استعير إرخاء سرحان.
وقول أبى ذؤيب: * وهى رخو تمزع * أي رخو السير كريح الرخاء، وقيل فرس مرخاء أي واسع الجرى من خيل مراخ، وقد أرخيته خليته رخوا.
رد: الرد صرف الشئ بذاته أو بحالة من أحواله، يقال رددته فارتد، قال تعالى: (ولا يرد بأسه عن القوم المجرمين) فمن الرد بالذات قوله: (ولو ردوا لعادوا لما نهوا عنه - ثم رددنا لكم الكرة)، وقال: (ردوها على)، وقال: (فرددناه إلى أمه - يا ليتنا نرد ولا نكذب) ومن الرد إلى حالة كان عليها قوله (يردوكم على أدباركم) وقوله (وإن يردك بخير فلا راد لفضله) أي لا دافع ولا مانع له وعلى ذلك (عذاب غير مردود) ومن هذا الرد إلى الله تعالى نحو قوله (ولئن رددت إلى ربى لاجدن خيرا منها منقلبا - ثم تردون إلى عالم الغيب والشهادة - ثم ردوا إلى الله مولاهم الحق) فالرد كالرجع (ثم إليه ترجعون) ومنهم من قال في الرد قولان: أحدهما ردهم إلى ما أشار إليه بقوله (منها خلقناكم وفيها نعيدكم) والثانى: ردهم إلى الحياة المشار إليها بقوله: (ومنها نخرجكم تارة أخرى) فذلك نظر إلى حالتين كلتاهما داخلة في عموم اللفظ.
وقوله تعالى: (فردوا أيديهم في أفواههم) قيل عضوا الانامل غيظا وقيل أومئوا إلى السكوت
وأشاروا باليد إلى الفم، وقيل ردوا أيديهم في أفواه الانبياء فأسكتوهم، واستعمال الرد في ذلك تنبيها أنهم فعلوا ذلك مرة بعد أخرى.
وقوله تعالى: (لو يردونكم من بعد إيمانكم كفارا) أي يرجعونكم إلى حال الكفر بعد أن فارقتموه، وعلى ذلك قوله تعالى (يا أيها الذين آمنوا إن تطيعوا فريقا من الذين أوتوا الكتاب يردوكم بعد إيمانكم كافرين)، والارتداد والردة الرجوع
في الطريق الذى جاء منه لكن الردة تختص بالكفر والارتداد يستعمل فيه وفى غيره، قال: (إن الذين ارتدوا على أدبارهم)، وقال (يا أيها الذين آمنوا من يرتد منكم عن دينه) وهو الرجوع من الاسلام إلى الكفر، وكذلك (ومن يرتدد منكم عن دينه فيمت وهو كافر) وقال عزوجل (فارتدا على آثارهما قصصا - إن الذين ارتدوا على أدبارهم من بعد ما تبين لهم الهدى)، وقال تعالى: (ونرد على أعقابنا) وقوله تعالى: (ولا ترتدوا على أدباركم) أي إذا تحققتم أمرا وعرفتم خيرا فلا ترجعوا عنه.
وقوله عز جل:
(فلما أن جاء البشير ألقاه على وجهه فارتد بصيرا) أي عاد إليه البصر، ويقال رددت الحكم في كذا إلى فلان: فوضته إليه، قال تعالى: (ولو ردوه إلى الرسول وإلى أولى الامر) وقال (فإن تنازعتم في شئ فردوه إلى الله والرسول) ويقال راده في كلامه.
وقيل في الخبر: البيعان يترادان.
أي يرد كل واحد منهما ما أخذ، وردة الابل أن تتردد إلى الماء، وقد أردت الناقة واسترد المتاع استرجعه.
ردف: الردف التابع، وردف المرأة عجيزتها، والترادف التتابع، والرادف المتأخر، والمردف المتقدم الذى أردف غيره قال تعالى: (فاستجاب لكم أنى ممدكم بألف من الملائكة مردفين)، قال أبو عبيدة: مردفين: جائين بعد، فجعل ردف وأردف بمعنى واحد، وأنشد: * إذا الجوزاء أردفت الثريا * وقال غيره معناه مردفين ملائكة أخرى، فعلى هذا يكونون ممدين بألفين من الملائكة.
وقيل عنى بالمردفين المتقدمين للعسكر يلقون في قلوب العدى الرعب.
وقرئ مردفين أي
أردف كل إنسان ملكا، ومردفين يعنى مرتدفين فأدغم التاء في الدال وطرح حركة التاء على الدال.
وقد قال في سورة آل عمران (ألن يكفيكم أن يمدكم ربكم بثلاثة آلاف من الملائكة منزلين.
بلى إن تصبروا وتتقوا ويأتوكم من فورهم هذا يمددكم ربكم بخمسة آلاف من الملائكة مسومين) وأردفته حملته على ردف الفرس، والرداف مركب الردف، ودابة لا ترادف ولا تردف، وجاء واحد فأردفه آخر.
وأرداف الملوك: الذين يخلفونهم.
ردم: الردم سد الثلمة بالحجر، قال تعالى: (أجعل بينكم وبينهم ردما) والردم المردوم، وقيل المردم، قال الشاعر: * هل غادر الشعراء من متردم * وأردمت عليه الحمى، وسحاب مردم.
ردأ: الردء الذى يتبع غيره معينا له.
قال تعالى: (فأرسله معى ردءا يصدقني) وقد
أردأه، والردئ في الاصل مثله لكن تعورف في المتأخر المذموم يقال ردأ الشئ رداءة فهو ردئ، والردى الهلاك والتردى التعرض
للهلاك، قال تعالى: (وما يغنى عنه ماله إذا تردى) وقال: (واتبع هواه فتردى) وقال: (تالله إن كدت لتردين) والمرادة حجر تكسر بها الحجارة فترديها.
رذل: الرذل والرذال المرغوب عنه لرداءته قال تعالى: (ومنكم من يرد إلى أرذل العمر) وقال: (إلا الذين هم أراذلنا بادى الرأى) وقال تعالى (قالوا أنؤمن لك واتبعك الارذلون) جمع الارذل.
رزق: الرزق يقال للعطاء الجارى تارة دنيويا كان أم أخرويا، وللنصيب تارة، ولما يصل إلى الجوف ويتغذى به تارة يقال أعطى السلطان رزق الجند، ورزقت علما، قال: (وأنفقوا مما رزقناكم من قبل أن يأتي أحدكم الموت) أي من المال والجاه والعلم وكذلك قوله: (ومما رزقناهم ينفقون - كلوا من طيبات ما رزقناكم) وقوله: (وتجعلون رزقكم أنكم تكذبون) أي وتجعلون نصيبكم من النعمة تحرى الكذب.
وقوله: (وفى السماء رزقكم) قيل عنى به المطر الذى به حياة الحيوان.
وقيل هو كقوله: (وأنزلنا من السماء ماء) وقيل تنبيه أن الحظوظ بالمقادير
وقوله تعالى (فليأتكم برزق منه) أي بطعام يتغذى به وقوله تعالى: (والنخل باسقات لها طلع نضيد رزقا للعباد) قيل عنى به الاغذية ويمكن أن يحمل على العموم فيما يؤكل ويلبس ويستعمل وكل ذلك مما يخرج من الارضين وقد قيضه الله بما ينزله من السماء من الماء، وقال في العطاء الاخروي (ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا بل أحياء عند ربهم يرزقون) أي يفيض الله عليهم النعم الاخروية.
وكذلك قوله: (ولهم رزقهم فيها بكرة وعشيا) وقوله: (إن الله هو الرزاق ذو القوة) فهذا محمول على العموم.
والرازق يقال لخالق الرزق ومعطيه والمسبب له وهو الله تعالى.
ويقال ذلك للانسان الذى يصير سببا في وصول الرزق.
والرزاق لا يقال إلا لله تعالى، وقوله: (وجعلنا لكم فيها معايش ومن لستم له برازقين) أي بسبب في رزقه ولا مدخل لكم فيه، وقوله: (ويعبدون من دون الله ما لا يملك لهم رزقا من السموات والارض شيئا ولا يستطيعون) أي ليسوا بسبب في رزق بوجه من الوجوه وسبب من الاسباب.
ويقال ارتزق الجند: أخذوا أرزاقهم،
والرزقة ما يعطونه دفعة واحدة.
رس: أصحاب الرس، قيل هو واد، قال الشاعر: * وهن لوادى الرس كاليد للفم * وأصل الرس الاثر القليل الموجود في الشئ،
يقال سمعت رسا من خبر، ورس الحديث في نفسي، ووجد رسا من حمى، ورس الميت دفن وجعل أثرا بعد عين.
رسخ: رسوخ الشئ ثباته ثباتا متمكنا ورسخ الغدير نضب ماؤه ورسخ تحت الارض والراسخ في العلم المتحقق به الذى لا يعرضه شبهة.
فالراسخون في العلم هم الموصوفون بقوله تعالى: (الذين آمنوا بالله ورسوله ثم لم يرتابوا) وكذا قوله تعالى: (لكن الراسخون في العلم منهم).
رسل: أصل الرسل الانبعاث على التؤدة ويقال ناقة رسلة سهلة السير وإبل مراسيل منبعثة انبعاثا سهلا، ومنه الرسول المنبعث.
وتصور منه تارة الرفق فقيل على رسلك إذا أمرته بالرفق، وتارة الانبعاث فاشتق منه الرسول، والرسول يقال تارة للقول المتحمل
كقول الشاعر: * ألا أبلغ أبا حفص رسولا * وتارة لمتحمل القول والرسالة.
والرسول يقال للواحد والجمع قال تعالى: (لقد جاءكم رسول من أنفسكم - قال إنا رسول رب العالمين) وقال الشاعر: الكنى وخير الرسو * ل أعلمهم بنواحي الخبر وجمع الرسول رسل، ورسل الله تارة يراد بها الملائكة وتارة يراد بها الانبياء.
فمن الملائكة قوله تعالى: (إنه لقول رسول كريم)، وقوله (إنا رسل ربك لن يصلوا إليك)، وقوله (ولما جاءت رسلنا لوطا سئ بهم) وقال (ولما جاءت رسلنا إبراهيم بالبشرى) وقال (والمرسلات عرفا - بلى ورسلنا لديهم يكتبون) ومن الانبياء قوله (وما محمد إلا رسول - يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك) وقوله (وما نرسل المرسلين إلا مبشرين ومنذرين) فمحمول على رسله من الملائكة والانس.
وقوله (يا أيها الرسل كلوا من الطيبات واعملوا صالحا) قيل عنى به الرسول وصفوة أصحابه فسماهم رسلا لضمهم
إليه كتسميتهم المهلب وأولاده المهالبة.
والارسال يقال في الانسان وفى الاشياء المحبوبة والمكروهة وقد يكون ذلك بالتسخير كإرسال الريح والمطر نحو: (وأرسلنا السماء عليهم مدرارا) وقد يكون ببعث من له اختيار نحو إرسال الرسل، قال تعالى: (ويرسل عليكم حفظة - فأرسل فرعون في المدائن حاشرين) وقد يكون ذلك بالتخلية وترك المنع نحو قوله: (ألم تر أنا أرسلنا الشياطين على الكافرين تؤزهم أزا)، والارسال يقابل الامساك.
قال تعالى: (ما يفتح الله للناس من رحمة فلا ممسك لها وما يمسك فلا مرسل له من بعده) والرسل من الابل والغنم ما يسترسل في السير، يقال جاءوا أرسالا أي متتابعين،
والرسل اللبن الكثير المتتابع الدر.
رسا: يقال رسا الشئ يرسو ثبت وأرساه غيره، قال تعالى: (وقدور راسيات) وقال: (رواسي شامخات) أي جبالا ثابتات (والجبال أرساها) وذلك إشارة إلى نحو قوله تعالى: (والجبال أوتادا)، قال الشاعر: * ولا جبال إذا لم ترس أوتاد *
وألقت السحابة مراسيها نحو: ألقت طنبها وقال تعالى: (اركبوا فيها بسم الله مجراها ومرساها) من أجريت وأرسيت، فالمرسى يقال للمصدر والمكان والزمان والمفعول وقرئ (مجريها ومرسيها) وقوله (يسألونك عن الساعة أيان مرساها) أي زمان ثبوتها، ورسوت بين القوم، أي: أثبت بينهم إيقاع الصلح.
رشد: الرشد والرشد خلاف الغى، يستعمل استعمال الهداية، يقال رشد يرشد، ورشد يرشد قال: (لعلهم يرشدون) وقال (قد تبين الرشد من الغى) وقال تعالى: (فإن آنستم منهم رشدا - ولقد آتينا إبراهيم رشده من قبل) وبين الرشدين أعنى الرشد المؤنس من اليتيم والرشد الذى أوتى إبراهيم عليه السلام بون بعيد.
وقال (هل أتبعك على أن تعلمن مما علمت رشدا) وقال (لاقرب من هذا رشدا) وقال بعضهم: الرشد أخص من الرشد، فإن الرشد يقال في الامور الدنيوية والاخروية، والرشد يقال في الامور الاخروية لا غير.
والراشد والرشيد يقال فيهما جميعا، قال تعالى: (أولئك هم الراشدون - وما أمر فرعون
برشيد).
رص: قال تعالى: (كأنهم بنيان مرصوص) أي محكم كأنما بنى بالرصاص، ويقال رصصته ورصصته وتراصوا في الصلاة أي تضايقوا فيها.
وترصيص المرأة: أن تشدد التنقب، وذلك أبلغ من الترصص.
رصد: الرصد الاستعداد للترقب، يقال رصد له وترصد وأرصدته له.
قال عزوجل: (وإرصادا لمن حارب الله ورسوله من قبل) وقوله عزوجل (إن ربك لبالمرصاد) تنبيها أنه لا ملجأ ولا مهرب.
والرصد يقال للراصد الواحد وللجماعة الراصدين وللمرصود واحدا كان أو جمعا.
وقوله تعالى: (يسلك من بين يديه ومن خلفه رصدا) يحتمل كل ذلك.
والمرصد موضع الرصد، قال تعالى: (واقعدوا لهم كل مرصد) والمرصاد نحوه لكن يقال للمكان الذى اختص بالترصد، قال تعالى: (إن جهنم كانت مرصادا) تنبيها أن عليها مجاز الناس وعلى هذا قوله تعالى: (وإن منكم إلا واردها).
رضع: يقال رضع المولود يرضع، ورضع
يرضع رضاعا ورضاعة، وعنه استعير لئيم راضع
لمن تناهي لؤمه وإن كان في الاصل لمن يرضع غنمه ليلا لئلا يسمع صوت شخبه فلما تعورف في ذلك قيل رضع فلان نحو: لؤم، وسمى الثنيتان من الاسنان الراضعتين لاستعانة الصبى بهما في الرضع، قال تعالى: (والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين لمن أراد أن يتم الرضاعة - فإن أرضعن لكم فآتوهن أجورهن)، ويقال فلان أخو فلان من الرضاعة وقال صلى الله عليه وسلم: " يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب "، وقال تعالى: (وإن أردتم أن تسترضعوا أولادكم) أي تسومونهن إرضاع أولادكم.
رضى: يقال رضى يرضى رضا فهو مرضى ومرضو.
ورضا العبد عن الله أن لا يكره ما يجرى به قضاؤه، ورضا الله عن العبد هو أن يراه مؤتمرا لامره ومنتهيا عن نهيه، قال الله تعالى: (رضى الله عنهم ورضوا عنه) وقال تعالى: (لقد رضى الله عن المؤمنين) وقال تعالى: (ورضيت لكم الاسلام دينا)
وقال تعالى: (أرضيتم بالحياة الدنيا من الآخرة) وقال تعالى: (يرضونكم بأفواههم وتأبى قلوبهم) وقال عزوجل: (ولا يحزن ويرضين بما آتيتهن كلهن) والرضوان الرضا الكثير، ولما كان أعظم الرضا رضا الله تعالى خص لفظ الرضوان في القرآن بما كان من الله تعالى قال عزوجل (ورهبانية ابتدعوها ما كتبناها عليهم إلا ابتغاء رضوان الله) وقال تعالى (يبتغون فضلا من الله ورضوانا) وقال (يبشرهم ربهم برحمة منه ورضوان) وقوله تعالى (إذا تراضوا بينهم بالمعروف) أي أظهر كل واحد منهم الرضا بصاحبه ورضيه.
رطب: الرطب خلاف اليابس، قال تعالى: (ولا رطب ولا يابس إلا في كتاب مبين) وخص الرطب بالرطب من التمر، قال تعالى: (وهزى إليك بجذع النخلة تساقط عليك رطبا جنيا) وأرطب النخل نحو أتمر وأجنى.
ورطبت الفرس ورطبته أطعمته الرطب، فرطب الفرس أكله.
ورطب الرجل رطبا إذا تكلم بما عن له من خطإ وصواب تشبيها برطب الفرس، والرطيب عبارة عن الناعم.
رعب: الرعب الانقطاع من امتلاء الخوف،
يقال رعبته فرعب رعبا وهو رعب والترعابة الفروق.
قال تعالى: (وقذف في قلوبهم الرعب) وقال: (سنلقي في قلوب الذين كفروا الرعب) - (ولملئت منهم رعبا) ولتصور الامتلاء منه، قيل رعبت الحوض ملاته، وسيل راعب يملا الوادي، وباعتبار القطع قيل رعبت السنام قطعته.
وجارية رعبوبة شابة شطبة تارة، والجمع الرعابيب.
رعد: الرعد صوت السحاب، وروى أنه ملك يسوق السحاب.
وقيل رعدت السماء وبرقت
وأرعدت وأبرقت ويكنى بهما عن التهدد.
ويقال صلف تحت راعدة لمن يقول ولا يحقق.
والرعديد المضطرب جبنا وقيل أرعدت فرائصه خوفا.
رعى: الرعى في الاصل حفظ الحيوان إما بغذائه الحافظ لحياته، وإما بذب العدو عنه.
يقال رعيته أي حفظته وأرعيته جعلت له ما يرعى.
والرعى ما يرعاه والمرعى موضع الرعى، قال تعالى: (كلوا وارعوا أنعامكم - أخرج منها ماءها ومرعاها - والذى أخرج المرعى) وجعل الرعى والرعاء للحفظ والسياسة.
قال تعالى: (فما رعوها حق رعايتها) أي ما حافظوا عليها حق المحافظة.
ويسمى كل سائس لنفسه أو لغيره راعيا، وروى: " كلكم راع، وكلكم مسئول عن رعيته " قال الشاعر: * ولا المرعى في الاقوام كالراعي * وجمع الراعى رعاء ورعاة.
ومراعاة الانسان للامر مراقبته إلى ماذا يصير وماذا منه يكون، ومنه راعيت النجوم، قال تعالى: (لا تقولوا راعنا وقولوا انظرنا) وأرعيته سمعي جعلته راعيا لكلامه، وقيل أرعني سمعك ويقال أرع على كذا فيعدى بعلى أي أبق عليه، وحقيقته أرعه مطلعا عليه.
رعن: قال تعالى: (لا تقولوا راعنا - وراعنا ليا بألسنتهم وطعنا في الدين) كان ذلك قولا يقولونه للنبى صلى الله عليه وسلم على سبيل التهكم يقصدون به رميه بالرعونة ويوهمون أنهم يقولون راعنا أي احفظنا، من قولهم رعن الرجل يرعن رعنا فهو رعن وأرعن وامرأة رعناء، وتسميته بذلك لميل فيه تشبيها بالرعن أي أنف الجبل لما فيه من الميل، قال الشاعر: لولا ابن عتبة عمرو والرجاء له *
ما كانت البصرة الرعناء لى وطنا فوصفها بذلك إما لما فيها من الخفض بالاضافة إلى البدو وتشبيها بالمرأة الرعناء، وإما لما فيها من تكسر وتغير في هوائها.
رغب: أصل الرغبة السعة في الشئ، يقال رغب الشئ اتسع وحوض رغيب، وفلان رغيب الجوف وفرس رغيب العدو.
والرغبة والرغب والرغبى السعة في الارادة قال تعالى: (ويدعوننا رغبا ورهبا) فإذا قيل رغب فيه وإليه يقتضى الحرص عليه، قال تعالى: (إنا إلى الله راغبون) وإذا قيل رغب عنه اقتضى صرف الرغبة عنه والزهد فيه نحو قوله تعالى: (ومن يرغب عن ملة إبراهيم - أراغب أنت عن آلهتي) والرغيبة العطاء الكثير إما لكونه مرغوبا فيه فتكون مشتقة من الرغبة، وإما لسعته فتكون مشتقة من الرغبة بالاصل، قال الشاعر: * يعطى الرغائب من يشاء ويمنع * رغد: عيش رغد ورغيد: طيب واسع، قال تعالى: (وكلا منها رغدا - يأتيها رزقها
رغدا من كل مكان) وأرغد القوم حصلوا في رغد من العيش، وأرغد ماشيته.
فالاول
من باب جدب وأجدب، والثانى من باب دخل وأدخل غيره، والمرغاد من اللبن المختلط الدال بكثرته على رغد العيش.
رغم: الرغام التراب الرقيق، ورغم أنف فلان رغما وقع في الرغام وأرغمه غيره، ويعبر بذلك عن السخط كقول الشاعر: إذا رغمت تلك الانوف لم ارضها * ولم أطلب العتبى ولكن أزيدها فمقابلته بالارضاء مما ينبه دلالته على الاسخاط.
وعلى هذا قيل أرغم الله أنفه وأرغمه أسخطه وراغمه ساخطه وتجاهدا على أن يرغم أحدهما الآخر، ثم تستعار المراغمة للمنازعة.
قال الله تعالى: (يجد في الارض مراغما كثيرا) أي مذهبا يذهب إليه إذا رأى منكرا يلزمه أن يغضب منه كقولك غضبت إلى فلان من كذا ورغمت إليه.
رف: رفيف الشجر انتشار أغصانه، ورف الطير نشر جناحيه، يقال رف الطائر يرف ورف فرخه يرفه إذا نشر جناحيه متفقدا له.
واستعير الرف للمتفقد فقيل ما لفلان حاف ولا راف أي من يحفه أو يرفه، وقيل: * من حفنا أو رفنا فليقتصد *
والرفرف المنتشر من الاوراق، وقوله تعالى: (على رفرف خضر) فضرب من الثياب مشبه بالرياض، وقيل الرفرف طرف الفسطاط والخباء الواقع على الارض دون الاطناب والاوتاد، وذكر عن الحسن أنها المخاد.
رفت: رفت الشئ أرفته رفتا فتته، والرفات والفتات ما تكسر وتفرق من التبن ونحوه، قال تعالى: (وقالوا أئذا كنا عظاما ورفاتا) واستعير الرفات للحبل المنقطع قطعة قطعة.
رفث: الرفث كلام متضمن لما يستقبح ذكره من ذكر الجماع ودواعيه وجعل كناية عن الجماع في قوله تعالى: (أحل لكم ليلة الصيام الرفث إلى نسائكم) تنبيها على جواز دعائهن إلى ذلك ومكالمتهن فيه، وعدى بإلى لتضمنه معنى الافضاء وقوله: (فلا رفث ولافسوق) يحتمل أن يكون نهيا عن تعاطى الجماع وأن يكون نهيا عن الحديث في ذلك إذ هو من دواعيه والاول أصح لما روى عن ابن عباس رضى الله عنه أنه أنشد في الطواف: فهن يمشين بنا هميسا * إن تصدق الطير ننك لميسا
يقال رفث وأرفث فرفث فعل وأرفث صار ذا رفث وهما كالمتلازمين ولهذا يستعمل أحدهما موضع الآخر.
رفد: الرفد المعونة والعطية، والرفد مصدر والمرفد ما يجعل فيه الرفد من الطعام ولهذا فسر بالقدح.
وقد رفدته أنلته بالرفد،
قال تعالى: (بئس الرفد المرفود) وأرفدته جعلت له رفدا يتناوله شيئا فشيئا فرفده وأرفده نحو سقاه وأسقاه، ورفد فلان فهو مرفد استعير لمن أعطى الرئاسة، والرفود الناقة التى تملا المرفد لبنا من كثرة لبنها فهى رفود في معنى فاعل.
وقيل المرافيد من النوق والشاء مالا ينقطع لبنه صيفا وشتاء، وقول الشاعر: فأطعمت العراق ورافديه * فزاريا أحذ يد القميص أي دجلة والفرات.
وترافدوا تعاونوا ومنه الرفادة وهى معاونة للحاج كانت من قريش بشئ، كانوا يخرجونه لفقراء الحاج.
رفع: الرفع يقال تارة في الاجسام الموضوعة إذا أعليتها عن مقرها نحو (ورفعنا
فوقكم الطور) قال تعالى: (الله الذى رفع السموات بغير عمد ترونها) وتارة في البناء إذا طولته نحو قوله (وإذ يرفع إبراهيم القواعد من البيت) وتارة في الذكر إذا نوهته نحو قوله (ورفعنا لك ذكرك) وتارة في المنزلة إذا شرفتها نحو قوله (ورفعنا بعضهم فوق بعض درجات - نرفع درجات من نشاء - رفيع الدرجات ذو العرش) وقوله تعالى: (بل رفعه الله إليه) يحتمل رفعه إلى السماء ورفعه من حيث التشريف.
وقال تعالى: (خافضة رافعة) وقوله (وإلى السماء كيف رفعت) فإشارة إلى المعنيين: إلى إعلاء مكانه، وإلى ما خص به من الفضيلة وشرف المنزلة.
وقوله عزوجل (وفرش مرفوعة) أي شريفة وكذا قوله (في صحف مكرمة، مرفوعة مطهرة) وقوله (في بيوت أذن الله أن ترفع) أي تشرف وذلك نحو قوله (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت) ويقال رفع البعير في سيره ورفعته أنا ومرفوع السير شديده، ورفع فلان على فلان كذا أذاع خبر ما احتجبه، والرفاعة ما ترفع به المرأة عجيزتها، نحو المرفد.
رق: الرقة كالدقة، لكن الدقة تقال اعتبارا بمراعاة جوانبه، والرقة اعتبارا بعمقه.
فمتى كانت الرقة في جسم تضادها الصفاقة نحو ثوب رقيق وصفيق، ومتى كانت في نفس تضادها الجفوة والقسوة، يقال فلان رقيق القلب وقاسى القلب.
والرق ما يكتب فيه شبه الكاغد، قال تعالى.
(في رق منشور) وقيل لذكر السلاحف رق والرق: ملك العبيد والرقيق المملوك منهم وجمعه أرقاء، واسترق فلان فلانا جعله رقيقا.
والرقراق ترقرق الشراب، والرقراقة الصافية اللون.
والرقة كل أرض إلى جانبها ماء لما فيها من الرقة بالرطوبة الواصلة إليها.
وقولهم: أعن صبوح ترقق ؟ أي تلين القول.
رقب: الرقبة اسم للعضو المعروف ثم يعبر بها عن الجملة وجعل في التعارف اسما للمماليك كما عبر بالرأس وبالظهر عن المركوب فقيل فلان يربط كذا رأسا وكذا ظهرا قال تعالى: (ومن قتل مؤمنا خطأ فتحرير رقبة مؤمنة) وقال (وفى الرقاب) أي المكاتبين منهم فهم الذين تصرف إليهم الزكاة.
ورقبته
أصبت رقبته، ورقبته حفظته.
والرقيب الحافظ وذلك إما لمراعاته رقبة المحفوظ، وإما لرفعه رقبته قال تعالى: (وارتقبوا إنى معكم رقيب) وقال تعالى: (إلا لديه رقيب عتيد) وقال (لا يرقبون في مؤمن إلا ولا ذمة) والمرقب المكان العالي الذى يشرف عليه الرقيب وقيل لحافظ أصحاب الميسر الذين يشربون بالقداح رقيب وللقدح الثالث رقيب وترقب احترز راقبا نحو قوله: (فخرج منها خائفا يترقب) والرقوب المرأة التى ترقب موت ولدها لكثرة من لها من الاولاد، والناقة التى ترقب أن يشرب صواحبها ثم تشرب، وأرقبت فلانا هذه الدار هو أن تعطيه إياها لينتفع بها مدة حياته فكأنه يرقب موته، وقيل لتلك الهبة الرقبى والعمرى.
رقد: الرقاد المستطاب من النوم القليل.
يقال رقد رقودا فهو راقد والجمع الرقود، قال تعالى: (وهم رقود) وإنما وصفهم بالرقود مع كثرة منامهم اعتبارا بحال الموت وذاك أنه اعتقد فيهم أنهم أموات فكان ذلك النوم قيللا في جنب الموت.
وقال تعالى: (يا ويلنا من بعثنا من مرقدنا) وأرقد الظليم أسرع كأنه
رفض رقاده.
رقم: الرقم الخط الغليظ وقيل هو تعجيم الكتاب.
وقوله تعالى.
(كتاب مرقوم) حمل على الوجهين وفلان يرقم في الماء يضرب مثلا للحذق في الامور، وأصحاب الرقيم، قيل اسم مكان وقيل نسبوا إلى حجر رقم فيه أسماؤهم ورقمتا الحمار للاثر الذى على عضديه وأرض مرقومة بها أثر نبات تشبيها بما عليه أثر الكتاب والرقميات سهام منسوبة إلى موضع بالمدينة.
رقى: رقيت في الدرج والسلم أرقي رقيا ارتقيت أيضا.
قال تعالى.
(فليرتقوا في الاسباب) وقيل ارق على ظلعك أي اصعد وإن كنت ظالعا.
ورقيت من الرقية.
وقيل كيف رقيك ورقيتك فالاول المصدر والثانى الاسم قال تعالى (لن نؤمن لرقيك) أي لرقيتك وقوله تعالى (وقيل من راق) أي من يرقيه تنبيها أنه لا راقى يرقيه فيحميه وذلك إشارة إلى نحو ما قال الشاعر: وإذا المنية أنشبت أظفارها * ألفيت كل تميمة لا تنفع وقال ابن عباس: معناه من يرقى بروحه:
أملائكة الرحمة أم ملائكة العذاب ؟
والترقوة مقدم الحلق في أعلى الصدر حيث ما يترقى فيه النفس (كلا إذا بلغت التراقي).
ركب: الركوب في الاصل كون الانسان على ظهر حيوان وقد يستعمل في السفينة والراكب اختص في التعارف بممتطي البعير وجمعه ركب وركبان وركوب، واختص الركاب بالمركوب قال تعالى: (والخيل والبغال والحمير لتركبوها وزينة - فإذا ركبوا في الفلك - والركب أسفل منكم - فرجالا أو ركبانا) وأركب المهر: حان أن يركب، والمركب اختص بمن يركب فرس غيره وبمن يضعف عن الركوب أو لا يحسن أن يركب والمتراكب ما ركب بعضه بعضا.
قال تعالى: (فأخرجنا منه خضرا نخرح منه حبا متراكبا) والركبة معروفة وركبته أصبت ركبته نحو فأدته ورأسته، وركبته أيضا أصبته بركبتى نحو يديته وعنته أي أصبته بيدى وعينى والركب كناية عن فرج المرأة كما يكنى عنها بالمطية والقعيدة لكونها مقتعدة.
ركد: ركد الماء والريح أي سكن وكذلك
السفينة، قال تعالى: (ومن آياته الجوار في البحر كالاعلام - إن يشأ يسكن الريح فيظللن رواكد على ظهره) وجفنة ركود عبارة عن الامتلاء.
ركز: الركز الصوت الخفى، قال تعالى: (هل تحس منهم من أحد أو تسمع لهم ركزا) وركزت كذا أي دفنته دفنا خفيا ومنه الركاز للمال المدفون إما بفعل آدمى كالكنز وإما بفعل إلهى كالمعدن ويتناول الركاز الامرين، وفسر قوله صلى الله عليه وسلم: " وفى الركاز الخمس " بالامرين جميعا ويقال ركز رمحه ومركز الجند محطهم الذى فيه ركزوا الرماح.
ركس: الركس قلب الشئ على رأسه ورد أوله إلى آخره، يقال أركسته فركس وارتكس في أمره، قال تعالى: (والله أركسهم بما كسبوا) أي ردهم إلى كفرهم.
ركض: الركض الضرب بالرجل، فمتى نسب إلى الراكب فهو إعداء مركوب نحو ركضت الفرس، ومتى نسب إلى الماشي فوطء الارض نحو قوله تعالى: (اركض برجلك) وقوله (لا تركضوا وارجعوا إلى ما أترفتم فيه) فنهى
عن الانهزام.
ركع: الركوع الانحناء فتارة يستعمل في الهيئة المخصوصة في الصلاة كما هي وتارة في التواضع والتذلل إما في العبادة وإما في غيرها نحو (يا أيها الذين آمنوا اركعوا واسجدوا - واركعوا مع الراكعين - والعاكفين والركع السجود - الراكعون الساجدون) قال الشاعر: أخبر أخبار القرون التى مضت * أدب كأنى كلما قمت راكع
ركم: يقال سحاب مركوم أي متراكم، والركام ما يلقى بعضه على بعض، قال تعالى: (ثم يجعله ركاما) والركام يوصف به الرمل والجيش، ومرتكم الطريق جادته التى فيها ركمة أي أثر متراكم.
ركن: ركن الشئ جانبه الذى يسكن إليه ويستعار للقوة، قال تعالى: (لو أن لى بكم قوة أو آوى إلى ركن شديد) وركنت إلى فلان أركن بالفتح، والصحيح أن يقال ركن يركن وركن يركن، قال تعالى: (ولا تركنوا إلى الذين ظلموا) وناقة مركنة
الضرع له أركان تعظمه، والمركن الاجانة، وأركان العبادات جوانبها التى عليها مبناها وبتركها بطلانها.
رم: الرم إصلاح الشئ البالى والرمة تختص بالعظم البالى، قال تعالى: (من يحيى العظام وهى رميم) وقال: (ما تذر من شئ أتت عليه إلا جعلته كالرميم) والرمة تختص بالحبل البالى، والرم الفتات من الخشب والتبن.
ورممت المنزل رعيت رمه كقولك تفقدت وقولهم: ادفعه إليه برمته معروف، والارمام السكوت، وأرمت عظامه إذا سحقت حتى إذا نفخ فيها لم يسمع لها دوى، وترمرم القوم إذا حركوا أفواههم بالكلام ولم يصرحوا، والرمان فعلان وهو معروف.
رمح: قال تعالى: (تناله أيديكم ورماحكم) وقد رمحه أصابه به ورمحته الدابة تشبيها بذلك والسماك الرامح سمى به لتصور كوكب يقدمه بصورة رمح له.
وقيل أخذت الابل رماحها إذا امتنعت عن نحرها بحسنها وأخذت البهمى رمحها إذا امتنعت بشوكتها عن راعيها.
رمد: يقال رماد ورمدد وأرمد وأرمداء
قال تعالى: (كرماد اشتدت به الريح) ورمدت النار صارت رمادا وعبر بالرمد عن الهلاك كما عبر عنه بالهمود، ورمد الماء صار كأنه فيه رماد لاجونه، والارمد ما كان على لون الرماد.
وقيل للبعوض رمد، والرمادة سنة المحل.
رمز: الرمز إشارة بالشفة، والصوت الخفى والغمز بالحاجب وعبر عن كل كلام كإشارة بالرمز كما عبر عن الشكاية بالغمز، قال تعالى: (قال آيتك أن لاتكلم الناس ثلاثة أيام إلا رمزا) وما ارماز أي لم يتكلم رمزا وكتيبة رمازة لا يسمع منها رمز من كثرتها.
رمض: شهر رمضان هو من الرمض أي شدة وقع الشمس يقال أرمضته فرمض أي أحرقته الرمضاء وهى شدة حر الشمس، وأرض رمضة، ورمضت الغنم رعت في الرمضاء فقرحت أكبادها وفلان يترمض الظباء أي يتبعها في الرمضاء.
رمى: الرمى يقال في الاعيان كالسهم والحجر نحو: (وما رميت إذ رميت ولكن
الله رمى) ويقال في المقال كناية عن الشتم كالقذف، نحو: (والذين يرمون أزواجهم -
يرمون المحصنات) وأرمى فلان على مائة استعارة للزيادة، وخرج يترمى إذا رمى في الغرض.
رهب: الرهبة والرهب مخافة مع تحرز واضطراب، قال: (لانتم أشد رهبة) وقال: (جناحك من الرهب) وقرئ من الرهب، أي الفزع.
قال مقاتل: خرجت ألتمس تفسير الرهب فلقيت أعرابية وأنا آكل فقالت: يا عبد الله، تصدق على، فملات كفى لادفع إليها فقالت ههنا في رهبى أي كمى.
والاول أصح.
قال: (رغبا ورهبا) وقال: (ترهبون به عدو الله) وقوله (واسترهبوهم) أي حملوهم على أن يرهبوا (وإياى فارهبون) أي فخافون.
والترهب التعبد وهو استعمال الرهبة، والرهبانية غلو في تحمل التعبد من فرط الرهبة.
قال: (ورهبانية ابتدعوها) والرهبان يكون واحدا وجمعا، فمن جعله واحدا جمعه على رهابين ورهابنة بالجمع أليق.
والارهاب فزع الابل وإنما هو من أرهبت.
ومنه الرهب من الابل، وقالت العرب رهبوت خير من رحموت.
رهط: الرهط العصابة دون العشرة وقيل يقال إلى الاربعين، قال: (تسعة رهط يفسدون) وقال: (ولولا رهطك لرجمناك - ويا قوم أرهطى) والرهطاء جحر من جحر اليربوع
ويقال لها رهطة، وقول الشاعر: * أجعلك رهطا على حيض * فقد قيل أديم تلبسه الحيض من النساء، وقيل الرهط خرقة تحشو بها الحائض متاعها عند الحيض، ويقال هو أذل من الرهط.
رهق: رهقه الامر غشيه بقهر، يقال رهقته وأرهقته نحو ردفته وأردفته وبعثته وابتعثته قال: (وترهقهم ذلة) وقال: (سأرهقه صعودا) ومنه أرهقت الصلاة إذا أخرتها حتى غشى وقت الاخرى.
رهن: الرهن ما يوضع وثيقة للدين، والرهان مثله لكن يختص بما يوضع في الخطار وأصلهما مصدر، يقال رهنت الرهن وراهنته رهانا فهو رهين ومرهون.
ويقال في جمع الرهن رهان ورهن ورهون، وقرئ: (فرهن مقبوضة) فرهان وقيل في قوله: (كل نفس بما كسبت رهينة) أنه فعيل بمعنى فاعل أي ثابتة مقيمة.
وقيل بمعنى مفعول أي كل نفس مقامة في جزاء ما قدم من عمله.
ولما كان الرهن يتصور منه حبسه استعير ذلك لحبس أي شئ كان، قال: (بما كسبت رهينة) ورهنت فلانا ورهنت عنده وارتهنت أخذت الرهن وأرهنت
في السلعة قيل غاليت بها وحقيقة ذلك أن يدفع سلعة تقدمة في ثمنه فتجعلها رهينة لاتمام ثمنها.
رهو: (واترك البحر رهوا) أي ساكنا
وقيل سعة من الطريق وهو الصحيح، ومنه الرهاء للمفازة المستوية، ويقال لكل حومة مستوية يجتمع فيها الماء رهو، ومنه قيل لا شفعة في رهو، ونظر أعرابي إلى بعير فالج فقال رهو بين سنامين.
ريب: يقال رابنى كذا وأرابني، فالريب أن تتوهم بالشئ أمرا ما فينكشف عما تتوهمه، قال الله تعالى: (يا أيها الناس إن كنتم في ريب من البعث - في ريب مما نزلنا على عبدنا) تنبيها أن لا ريب فيه، وقوله: (ريب المنون) سماه ريبا لا أنه مشكك في كونه بل من حيث تشكك في وقت حصوله، فالانسان أبدا في ريب المنون من جهة وقته لا من جهة كونه، وعلى هذا قال الشاعر: الناس قد علموا أن لا بقاء لهم * لو أنهم علموا مقدار ما علموا ومثله:
* أمن المنون وريبها تتوجع ؟ * وقال تعالى: (لفى شك منه مريب - معتد مريب) والارتياب يجرى مجرى الارابة، قال: (أم ارتابوا أم يخافون - وتربصتم وارتبتم) ونفى من المؤمنين الارتياب فقال: (ولا يرتاب الذين أوتوا الكتاب والمؤمنون) وقال: (ثم لم يرتابوا) وقيل: " دع ما يريبك إلى ما لا يريبك " وريب الدهر صروفه، وإنما قيل ريب لما يتوهم فيه من المكر، والريبة اسم من الريب قال: (بنوا ريبة في قلوبهم) أي تدل على دغل وقلة يقين.
روح: الروح والروح في الاصل واحد، وجعل الروح اسما للنفس، قال الشاعر في صفة النار: فقلت له أرفعها إليك وأحيها * بروحك واجعلها لها فيئة قدرا وذلك لكون النفس بعض الروح كتسمية النوع باسم الجنس نحو تسمية الانسان بالحيوان، وجعل اسما للجزء الذى به تحصل الحياة والتحرك واستجلاب المنافع واستدفاع المضار وهو المذكور في قوله: (ويسئلونك عن الروح قل الروح من أمر ربى - ونفخت فيه من روحي) وإضافته
إلى نفسه إضافة ملك وتخصيصه بالاضافة تشريفا له وتعظيما كقوله: (وطهر بيتى - ويا عبادي) وسمى أشراف الملائكة أرواحا نحو: (يوم يقوم الروح والملائكة صفا - تعرج الملائكة والروح - نزل به الروح الامين) سمى به جبريل وسماه بروح القدس في قوله: (قل نزله روح القدس - وأيدناه بروح القدس) وسمى عيسى عليه السلام روحا في قوله: (وروح منه) وذلك لما كان له من إحياء الاموات، وسمى القرآن روحا في قوله: (وكذلك أوحينا إليك روحا من أمرنا) وذلك لكون القرآن سببا للحياة الاخروية الموصوفة في قوله: (وإن الدار الآخرة لهى الحيوان) والروح التنفس
وقد أراح الانسان إذا تنفس.
وقوله: (فروح وريحان) فالريحان ماله رائحة وقيل رزق، ثم يقال للحب المأكول ريحان في قوله: (والحب ذوالعصف والريحان) وقيل لاعرابي: إلى أين ؟ فقال: أطلب من ريحان الله، أي من رزقه والاصل ما ذكرنا.
وروى: الولد من ريحان الله، وذلك كنحو ما قال الشاعر: يا حبذا ريح الولد *
ريح الخزامى في البلد أو لان الولد من رزق الله تعالى.
والريح معروف وهى فيما قيل الهواء المتحرك.
وعامة المواضع التى ذكر الله تعالى فيها إرسال الريح بلفظ الواحد فعبارة عن العذاب وكل موضع ذكر فيه بلفظ الجمع فعبارة عن الرحمة، فمن الريح: (إنا أرسلنا عليهم ريحا صرصرا - فأرسلنا عليهم ريحا - كمثل ريح فيها صر - اشتدت به الريح) وقال في الجمع: (وأرسلنا الرياح لواقح - أن يرسل الرياح مبشرات - يرسل الرياح بشرا) وأما قوله: (يرسل الرياح فتثير سحابا) فالاظهر فيه الرحمة وقرئ بلفظ الجمع وهو أصح.
وقد يستعار الريح للغلبة في قوله: (وتذهب ريحكم) وقيل أروح الماء تغيرت ريحه، واختص ذلك بالنتن.
وريح الغدير يراح أصابته الريح، وأراحوا دخلوا في الرواح، ودهن مروح مطيب الريح.
وروى: " لم يرح رائحة الجنة " أي لم يجد ريحها، والمروحة مهب الريح والمروحة الآلة التى بها تستجلب الريح، والرائحة تروح هواء.
وراح فلان إلى أهله، أي أنه أتاهم في السرعة كالريح أو أنه استفاد
برجوعه إليهم روحا من المسرة.
والراحة من الروح، ويقال افعل ذلك في سراح ورواح أي سهولة.
والمراوحة في العمل أن يعمل هذا مرة وذلك مرة، واستعير الرواح للوقت الذى يراح الانسان فيه من نصف النهار، ومنه قيل أرحنا إبلنا، وأرحت إليه حقه مستعار من أرحت الابل، والمراح حيث تراح الابل، وتروح الشجر وراح يراح تفطر.
وتصور من الروح السعة فقيل قصعة روحاء، وقوله: (لا تيأسوا من روح الله) أي من فرجه ورحمته وذلك بعض الروح.
رود: الرود التردد في طلب الشئ برفق، يقال راد وارتاد ومنه الرائد لطالب الكلا وراد الابل في طلب الكلا وباعتبار الرفق قيل رادت الابل في مشيها ترود رودانا، ومنه بنى المرود.
وأرود يرود إذا رفق ومنه بنى رويد نحو رويدك الشعر بغب.
والارادة منقولة من راد يرود إذا سعى في طلب شئ والارادة في الاصل قوة مركبة من شهوة وحاجة وأمل وجعل اسما لنزوع النفس إلى الشئ مع الحكم فيه بأنه ينبغى أن يفعل أو لا يفعل ثم يستعمل مرة في المبدإ وهو نزوع
النفس إلى الشئ وتارة في المنتهى وهو الحكم فيه بأنه ينبغى أن يفعل أو لا يفعل، فإذا استعمل في الله فإنه يراد به المنتهى دون المبدإ فإنه يتعالى عن معنى النزوع، فمتى قيل أراد الله كذا فمعناه حكم فيه أنه كذا وليس بكذا نحو (إن أراد بكم سوءا أو أراد بكم رحمة) وقد تذكر الارادة ويراد بها معنى الامر كقولك أريد منك كذا أي آمرك بكذا نحو (يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر) وقد يذكر ويراد به القصد نحو (لا يريدون علوا في الارض) أي يقصدونه ويطلبونه: والارادة قد تكون بحسب القوة التسخيرية والحسية كما تكون بحسب القوة الاختيارية.
ولذلك تستعمل في الجماد، وفى الحيوانات نحو: (جدارا يريد أن ينقض) ويقال فرسى تريد التبن.
والمراودة أن تنازع غيرك في الارادة فتريد غير ما يريد أو ترود غير ما يرود، وراودت فلانا عن كذا.
قال: (هي راودتني عن نفسي) وقال (تراود فتاها عن نفسه) أي تصرفه عن رأيه وعلى ذلك قوله: (ولقد راودته عن نفسه - سنراود
عنه أباه).
رأس: الرأس معروف وجمعه رءوس قال: (واشتعل الرأس شيبا - ولا تحلقوا رءوسكم) ويعبر بالرأس عن الرئيس والارأس العظيم الرأس، وشاة رأساء اسود رأسها.
ورياس السيف مقبضه.
ريش: ريش الطائر معروف وقد يخص الجناح من بين سائره ولكون الريش للطائر كالثياب للانسان استعير للثياب.
قال تعالى: (وريشا ولباس التقوى) وقيل أعطاه إبلا بريشها أي ما عليها من الثياب والآلات، ورشت السهم أريشه ريشا فهو مريش: جعلت عليه الريش، واستعير لاصلاح الامر فقيل رشت فلانا فارتاش أي حسن حاله، قال الشاعر: فرشني بحال طالما قد بريتنى * فخير الموالى من يريش ولا يبرى ورمح راش خوار، تصور منه خور الريش.
روض: الروض مستنقع الماء، والخضرة قال (في روضة يحبرون) باعتبار الماء قيل أراض الوادي واستراض أي كثر ماؤه
وأراضهم أرواهم.
والرياضة كثرة استعمال النفس ليسلس ويمهر، ومنه رضت الدابة.
وقولهم افعل كذا ما دامت النفس مستراضة أي قابلة للرياضة أو معناه متسعة، ويكون من الروض والاراضة.
وقوله: (في روضة يحبرون) فعبارة عن رياض الجنة وهى محاسنها وملاذها.
وقوله: (في روضات الجنات) فإشارة إلى ما أعد لهم في العقبى من حيث
الظاهر، وقيل إشارة إلى ما أهلهم له من العلوم والاخلاق التى من تخصص بها، طاب قلبه.
ريع: الريع المكان المرتفع الذى يبدو من بعيد، الواحدة ريعة.
قال (أتبنون بكل ريع آية) أي بكل مكان مرتفع، وللارتفاع قيل ريع البئر للجثوة المرتفعة حواليها.
وريعان كل شئ أوائله التى تبدو منه، ومنه استعير الريع للزيادة والارتفاع الحاصل ومنه تريع السحاب.
روع: الروع الخلد وفى الحديث: " إن روح القدس نفث في روعى " والروع إصابة الروع واستعمل فيما ألقى فيه من الفزع،
قال: (فلما ذهب عن إبراهيم الروع)، يقال رعته وروعته وريع فلان وناقة روعاء فزعة.
والاروع الذى يروع بحسنه كأنه يفزع كما قال الشاعر: * يهولك أن تلقاه في الصدر محفلا * روغ: الروغ الميل على سبيل الاحتيال ومنه راغ الثعلب يروغ روغانا، وطريق رائغ إذا لم يكن مستقيما كأنه يراوغ، وراوغ فلان فلانا وراغ فلان إلى فلان مال نحوه لامر يريده منه بالاحتيال، قال: (فراغ إلى أهله - فراغ عليهم ضربا باليمين) أي مال، وحقيقته طلب بضرب من الروغان، ونبه بقوله: على، على معنى الاستيلاء.
رأف: الرأفة الرحمة وقد رؤف فهو رؤف، ورؤوف، نحو يقظ، وحذر، قال تعالى: (لا تأخذكم بهما رأفة في دين الله).
روم: (الم غلبت الروم)، يقال مرة للجيل المعروف، وتارة لجمع رومى كالعجم.
رين: الرين صدأ يعلو الشئ الجليل،
قال: (بل ران على قلوبهم) أي صار ذلك كصدإ على جلاء قلوبهم فعمى عليهم معرفة الخير من الشر، قال الشاعر: * إذا ران النعاس بهم * وقد رين على قلبه.
رأى: رأى: عينه همزة ولامه ياء لقولهم رؤية وقد قلبه الشاعر فقال: وكل خليل راءنى فهو قائل * من اجلك هذا هامة اليوم أو غد وتحذف الهمزة من مستقبله فيقال ترى ويرى ونرى، قال: (فإما ترين من البشر أحدا) وقال (أرنا اللذين أضلانا من الجن والانس) وقرئ أرنا والرؤية إدراك المرئى، وذلك أضرب بحسب قوى النفس، والاول: بالحاسة وما يجرى مجراها نحو: (لترون الجحيم ثم لترونها عين اليقين - ويوم القيامة ترى
الذين كذبوا على الله) وقوله (فسيرى الله عملكم) فإنه مما أجرى مجرى الرؤية الحاسة فإن الحاسة لا تصح على الله تعالى عن ذلك، وقوله: (إنه يراكم هو وقبيله من حيث لا ترونهم).
والثانى: بالوهم والتخيل نحو أرى أن زيدا منطلق ونحو قوله: (ولو ترى إذ يتوفى الذين كفروا).
والثالث: بالتفكر نحو (إنى أرى ما لا ترون).
والرابع: بالعقل وعلى ذلك قوله (ما كذب الفؤاد ما رأى) وعلى ذلك حمل قوله: (ولقد رآه نزلة أخرى).
ورأى إذا عدى إلى مفعولين اقتضى معنى العلم نحو (ويرى الذين أوتوا العلم) وقال: (إن ترن أنا أقل منك) ويجرى أرأيت مجرى أخبرني فيدخل عليه الكاف ويترك التاء على حالته في التثنية والجمع والتأنيث ويسلط التغيير على الكاف دون التاء، قال (أرأيتك هذا الذى - قل أرأيتكم) وقوله: (أرأيت الذى ينهى - قل أرأيتم ما تدعون - قل أرأيتم إن جعل الله - قل أرأيتم إن كان - أرأيت إذ أوينا) كل ذلك فيه معنى التنبيه.
والرأى اعتقاد النفس أحد النقيضين عن غلبة الظن وعلى هذا قوله: (يرونهم مثليهم رأي العين) أي يظنونهم بحسب مقتضى مشاهدة العين مثليهم، تقول فعل ذلك رأى
عينى وقيل راءة عينى.
والروية والتروية التفكر في الشئ والامالة بين خواطر النفس في تحصيل الرأى والمرتئى والمروى المتفكر، وإذا عدى رأيت بإلى اقتضى معنى النظر المؤدى إلى الاعتبار نحو: (ألم تر إلى ربك) وقوله (بما أراك الله) أي بما علمك.
والراية العلامة المنصوبة للرؤية.
ومع فلان رئى من الجن، وأرأت الناقة فهى مرء إذا أظهرت الحمل حتى يرى صدق حملها.
والرؤيا ما يرى في المنام وهو فعلى وقد يخفف فيه الهمزة فيقال بالواو وروى " لم يبق من مبشرات النبوة إلا الرؤيا " قال: (لقد صدق الله رسوله الرؤيا بالحق - وما جعلنا الرؤيا التى أريناك) وقوله: (فلما تراءى الجمعان) أي تقاربا وتقابلا حتى صار كل واحد منهما بحيث يتمكن من رؤية الآخر ويتمكن الآخر من رؤيته.
ومنه قوله لا يتراءى نارهما، ومنازلهم رئاء أي متقابلة.
وفعل ذلك رئاء الناس أي مراءاة وتشيعا، والمرآة ما يرى فيه صورة الاشياء وهى مفعلة من رأيت نحو المصحف من صحفت وجمعها مرائى والرئة العضو المنتشر عن القلب وجمعه من لفظه رؤون وأنشد أبو زيد:
حفظنا همو حتى أتى الغيظ منهمو * قلوبا وأكبادا لهم ورئينا ورئته إذا ضربت رئته.
روى: تقول ماء رواء وروى أي كثير مرو.
فروى على بناء عدى ومكانا سوى، قال الشاعر: من شك في فلج فهذا فلج * ماء رواء وطريق نهج وقوله: (هم أحسن أثاثا ورئيا) فمن لم يهمز جعله من روى كأنه ريان من الحسن، ومن همز فللذى يرمق من الحسن به، وقيل هو منه على ترك الهمز، والرى اسم لما يظهر منه والرواء منه وقيل هو مقلوب من رأيت.
قال أبو على الفسوى: المروءة هو من قولهم حسن في مرآة العين كذا قال وهذا غلط لان الميم في مرآة زائدة ومروءة فعولة.
وتقول أنت بمرأى ومسمع أي قريب، وقيل أنت منى مرأى ومسمع، بطرح الباء، ومرأى مفعل من رأيت.
كتاب الزاىزبد: الزبد زبد الماء وقد أزبد أي صار ذا زبد، قال (فأما الزبد فيذهب جفاءا) والزبد اشتق منه لمشابهته إياه في اللون، وزبدته زبدا أعطيته مالا كالزبد كثرة وأطعمته الزبد، والزباد نور يشبهه بياضا.
زبر: الزبرة قطعة عظيمة من الحديد جمعه زبر، قال: (آتونى زبر الحديد) وقد يقال الزبرة من الشعر جمعه زبر واستعير للمجزإ، قال: (فتقطعوا أمرهم بينهم زبرا) أي صاروا فيه أحزابا.
وزبرت الكتاب كتبته كتابة عظيمة وكل كتاب غليظ الكتابة يقال له زبور وخص الزبور بالكتاب المنزل على داود عليه السلام قال: (وآتينا داود زبورا - ولقد كتبنا في الزبور من بعد الذكر) وقرئ زبورا بضم الزاى وذلك جمع زبور كقولهم في جمع ظريف ظروف، أو يكون جمع زبر، وزبر مصدر سمى به كالكتاب ثم جمع على زبر كما جمع كتاب على كتب، وقيل بل الزبور كل كتاب صعب الوقوف عليه من الكتب الالهية، قال (وإنه لفى زبر الاولين) قال: (والزبر والكتاب المنير - أم لكم براءة في الزبر) وقال بعضهم: الزبور
اسم للكتاب المقصور على الحكم العقلية دون الاحكام الشرعية، والكتاب لما يتضمن الاحكام والحكم ويدل على ذلك أن زبور داود عليه السلام لا يتضمن شيئا من الاحكام.
وزئبر الثوب معروف، والازبر ما ضخم زبرة كاهله، ومنه قيل هاج زبرؤه لمن يغضب.
زج: الزجاج حجر شفاف، الواحدة زجاجة، قال: (في زجاجة الزجاجة كأنها كوكب درى) والزج حديدة أسفل الرمح جمعه زجاج، وزججت الرجل طعنته بالزج، وأزججت الرمح جعلت له زجا، وأزججته نزعت زجه.
والزجج دقة في الحاجبين مشبه بالزج، وظليم أزج ونعامة زجاء للطويلة الرجل.
زجر: الزجر طرد بصوت، يقال زجرته فانزجر، قال: (فإنما هي زجرة واحدة) ثم يستعمل في الطرد تارة وفى الصوت أخرى.
وقوله: (فالزاجرات زجرا) أي الملائكة التى
تزجر السحاب، وقوله: (ما فيه مزدجر) أي طرد ومنع عن ارتكاب المآثم.
وقال: (وازدجر) أي طرد، واستعمال الزجر فيه
لصياحهم بالمطرود نحو أن يقال اعزب وتنح ووراءك.
زجا: التزجية دفع الشئ لينساق كتزجية رديف البعير وتزجية الريح السحاب قال: (يزجى سحابا) وقال: (يزجى لكم الفلك) ومنه رجل مزجا، وأزجيت ردئ التمر فزجا، ومنه استعير زجا الخراج يزجو وخراج زاج، وقول الشاعر: * وحاجة غير مزجاة عن الحاج * أي غير يسيرة يمكن دفعها وسوقها لقلة الاعتداد بها.
زحح: (فمن زحزح عن النار) أي أزيل عن مقره فيها.
زحف: أصل الزحف انبعاث مع جر الرجل كانبعاث الصبى قبل أن يمشى وكالبعير إذا أعيا فجر فرسنه، وكالعسكر إذا كثر فيعثر انبعاثه.
قال: (إذا لقيتم الذين كفروا زحفا) والزاحف السهم يقع دون الغرض.
زخرف: الزخرف الزينة المزوقة، ومنه قيل للذهب زخرف، وقال: (أخذت الارض زخرفها) وقال: (بيت من زخرف) أي ذهب مزوق، وقال: (وزخرفا) وقال: (زخرف
القول غرورا) أي المزوقات من الكلام.
زرب: الزرابى جمع زرب وهو ضرب من الثياب محبر منسوب إلى موضع وعلى طريق التشبيه والاستعارة.
قال: (وزرابى مبثوثة) والزرب والزريبة موضع الغنم وفترة الرامى.
زرع: الزرع الانبات وحقيقة ذلك تكون بالامور الالهية دون البشرية.
قال (أأنتم تزرعونه أم نحن الزارعون).
فنسب الحرث إليهم ونفى عنهم الزرع ونسبه إلى نفسه وإذا نسب إلى العبد فلكونه فاعلا للاسباب التى هي سبب الزرع كما تقول أنبت كذا إذا كنت من أسباب نباته، والزرع في الاصل مصدر وعبر به عن المزروع نحو قوله: (فيخرج به زرعا) وقال (وزروع ومقام كريم) ويقال زرع الله ولدك تشبيها كما تقول أنبته الله، والمزرع الزراع، وازدرع النبات صار ذا زرع.
زرق: الزرقة بعض الالوان بين البياض والسواد، يقال زرقت عينه زرقة وزر قانا، وقوله تعالى: (زرقا يتخافتون) أي عميا عيونهم لا نور لها.
والزرق طائر، وقيل
زرق الطائر يزرق، وزرقه بالمزراق رماه به.
زرى: زريت عليه عبته وأزريت به قصدت به وكذلك ازدريت وأصله افتعلت قال (تزدرى أعينكم) أي تستقلهم، تقديره
تزدريهم أعينكم: أي تستقلهم وتستهين بهم.
زعق: الزعاق الماء الملح الشديد الملوحة، وطعام مزعوق كثر ملحه حتى صار زعاقا وزعق به أفزعه بصياحه فانزعق أي فزع والزعق الكثير الزعق: أي الصوت، والزعاق النعار.
زعم: الزعم حكاية قول يكون مظنة للكذب ولهذا جاء في القرآن في كل موضع ذم القائلون به نحو: (زعم الذين كفروا - بل زعمتم - كنتم تزعمون - زعمتم من دونه) وقيل للضمان بالقول والرئاسة زعامة فقيل للمتكفل والرئيس زعيم للاعتقاد في قوليهما إنهما مظنة للكذب.
قال (وأنا به زعيم - أيهم بذلك زعيم) إما من الزعامة أي الكفالة أو من الزعم بالقول.
زف: زف الابل يزف زفا وزفيفا وأزفها سائقها وقرئ (إليه يزفون) أي يسرعون.
ويزفون أي يحملون أصحابهم على الزفيف، وأصل الزفيف في هبوب الريح وسرعة النعام التى تخلط الطيران بالمشى.
وزفزف النعام أسرع ومنه استعير زف العروس واستعارة ما يقتضى السرعة لا لاجل مشيتها ولكن للذهاب بها على خفة من السرور.
زفر: قال: (لهم فيها زفير) فالزفير تردد النفس حتى تنتفخ الضلوع منه، وازدفر فلان كذا إذا تحمله بمشقة فتردد فيه نفسه، وقيل للاماء الحاملات للماء زوافر.
زقم: (إن شجرة الزقوم) عبارة عن أطعمة كريهة في النار ومنه استعير زقم فلان وتزقم إذا ابتلع شيئا كريها.
زكا: أصل الزكاة النمو الحاصل عن بركة الله تعالى ويعتبر ذلك بالامور الدنيوية والاخروية، يقال زكا الزرع يزكو إذا حصل منه نمو وبركة.
وقوله: (أيها أزكى طعاما) إشارة إلى ما يكون حلالا لا يستوخم
عقباه ومنه الزكاة لما يخرج الانسان من حق الله تعالى إلى الفقراء وتسميته بذلك لما يكون فيها من رجاء البركة أو لتزكية النفس أي تنميتها بالخيرات والبركات أولهما جميعا فإن الخيرين موجودان فيها.
وقرن الله تعالى الزكاة بالصلاة في القرآن بقوله: (وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة) وبزكاء النفس وطهارتها يصير الانسان بحيث يستحق في الدنيا الاوصاف المحمودة، وفى الآخرة الاجر والمثوبة.
وهو أن يتحرى الانسان ما فيه تطهيره وذلك ينسب تارة إلى العبد لكونه مكتسبا لذلك نحو (قد أفلح من زكاها) وتارة ينسب إلى الله تعالى لكونه فاعلا لذلك في الحقيقة نحو (بل
الله يزكى من يشاء) وتارة إلى النبي لكونه واسطة في وصول ذلك إليهم نحو (تطهرهم وتزكيهم بها - يتلو عليكم آياتنا ويزكيكم) وتارة إلى العبادة التى هي آلة في ذلك نحو (وحنانا من لدنا وزكاة - لاهب لك غلاما زكيا) أي مزكى بالخلقة وذلك على طريق ما ذكرنا من الاجتباء وهو أن
يجعل بعض عباده عالما وطاهر الخلق لا بالتعلم والممارسة بل بتوفيق إلهى كما يكون جل الانبياء والرسل.
ويجوز أن يكون تسميته بالمزكى لما يكون عليه في الاستقبال لا في الحال والمعنى سيتزكى (والذين هم للزكاة فاعلون) أي يفعلون ما يفعلون من العبادة ليزكيهم الله أو ليزكوا أنفسهم، والمعنيان واحد.
وليس قوله للزكاة مفعولا لقوله فاعلون بل اللام فيه للعلة والقصد.
وتزكية الانسان نفسه ضربان: أحدهما بالفعل وهو محمود وإليه قصد بقوله (قد أفلح من زكاها) وقوله (قد أفلح من تزكى) والثانى: بالقول كتزكية العدل غيره وذلك مذموم أن يفعل الانسان بنفسه وقد نهى الله تعالى عنه فقال: (لا تزكوا أنفسكم) ونهيه عن ذلك تأديب لقبح مدح الانسان نفسه عقلا وشرعا ولهذا قيل لحكيم: ما الذى لا يحسن وإن كان حقا ؟ فقال: مدح الرجل نفسه.
زل: الزلة في الاصل استرسال الرجل من غير قصد، يقال زلت رجل تزل، والزلة المكان الزلق، وقيل للذنب من غير قصد زلة تشبيها بزلة الرجل.
قال تعالى: (فإن زللتم - فأزلهما
الشيطان - واستزله) إذا تحرى زلته وقوله: (إنما استزلهم الشيطان) أي استجرهم الشيطان حتى زلوا فإن الخطيئة الصغيرة إذا ترخص الانسان فيها تصير مسهلة لسبيل الشيطان على نفسه.
وقوله عليه السلام " من أزلت إليه نعمة فليشكرها " أي من أوصل إليه نعمة بلا قصد من مسديها تنبيها أنه إذا كان الشكر في ذلك لازما فكيف فيما يكون عن قصده.
والتزلزل الاضطراب، وتكرير حروف لفظه تنبيه على تكرير معنى الزلل فيه، قال: (إذا زلزلت الارض زلزالها) وقال (إن زلزلة الساعة شئ عظيم - وزلزلوا زلزالا شديدا) أي زعزعوا من الرعب.
زلف: الزلفة المنزلة والحظوة، وقوله: (فلما رأوه زلفة) قيل معناه لما رأوا زلفة المؤمنين وقد حرموها.
وقيل استعمال الزلفة في منزلة العذاب كاستعمال البشارة ونحوها من الالفاظ.
وقيل لمنازل الليل زلف قال: (وزلفا من الليل) قال الشاعر: * طى الليالى زلفا فزلفا * والزلفى الحظوة، قال الله تعالى: (إلا ليقربونا إلى الله زلفى) والمزالف المراقى وأزلفته جعلت
له زلفى، قال: (وأزلفنا ثم الآخرين - وأزلفت
الجنة للمتقين) وليلة المزدلفة خصت بذلك لقربهم من منى بعد الافاضة.
وفى الحديث " ازدلفوا إلى الله بركعتين ".
زلق: الزلق والزلل متقاربان قال (صعيدا زلقا) أي دحضا لا نبات فيه نحو قوله: (فتركه صلدا) والمزلق المكان الدحض قال: (ليزلقونك بأبصارهم) وذلك كقول الشاعر: * نظرا يزيل مواضع الاقدام * ويقال زلقه وأزلقه فزلق، قال يونس: لم يسمع الزلق والازلاق إلا في القرآن، وروى أن أبى بن كعب قرأ (وأزلقنا ثم الآخرين) أي أهلكنا.
زمر: قال: (وسيق الذين اتقوا ربهم إلى الجنة زمرا) جمع زمرة وهى الجماعة القليلة، ومنه قيل شاة زمرة قليلة الشعر ورجل زمر قليل المروءة، وزمرت النعامة تزمر زمارا وعنه اشتق الزمر، والزمارة كناية عن الفاجرة.
زمل: (يا أيها المزمل) أي المتزمل في ثوبه وذلك على سبيل الاستعارة كناية عن
المقصر والمتهاون بالامر وتعريضا به، والزميل الضعيف، قالت أم تأبط شرا: ليس بزميل شروب للغيل.
زنم: الزنيم والمزنم الزائد في القوم وليس منهم تشبيها بالزنمتين من الشاة وهما المتدليتان من أذنها ومن الحلق، قال تعالى: (عتل بعد ذلك زنيم) وهو العبد زلمة وزنمة أي المنتسب إلى قوم هو معلق بهم لا منهم وقال الشاعر: فأنت زنيم نيط في آل هاشم * كما نيط خلف الراكب القدح الفرد زنا الزنا وطء المرأة من غير عقد شرعى، وقد يقصر وإذا مد يصح أن يكون مصدر المفاعلة والنسبة إليه زنوى، وفلان لزنية وزنية، قال الله تعالى (الزانى لا ينكح إلا زانية أو مشركة والزانية لا ينكحها إلا زان - الزانية والزانى) وزنأ في الجبل بالهمز زنأ وزنوءا والزناء الحاقن بوله، ونهى الرجل أن يصلى وهو زناء.
زهد: الزهيد الشئ القليل والزاهد في الشئ الراغب عنه والراضي منه بالزهيد أي القليل (وكانوا فيه من الزاهدين).
زهق: زهقت نفسه خرجت من الاسف على الشئ قال (فتزهق أنفسهم).
زيت: زيتون وزيتونة نحو: شجر وشجرة، قال تعالى: (زيتونة لا شرقية ولا غربية) والزيت عصارة الزيتون، قال: (يكاد زيتها يضئ) وقد زات طعامه نحو سمنه وزات رأسه نحو دهنه به، وازدات ادهن.
زوج: يقال لكل واحد من القرينين من الذكر والانثى في الحيوانات المتزاوجة
زوج ولكل قرينين فيها وفى غيرها زوج، كالخف والنعل، ولكل ما يقترن بآخر مماثلا له أو مضاد زوج.
قال تعالى: (وجعل منه الزوجين الذكر والانثى) قال: (وزوجك الجنة) وزوجة لغة رديئة وجمعها زوجات قال الشاعر: * فبكا بناتى شجوهن وزوجتي * وجمع الزوج أزواج وقوله (هم وأزواجهم - احشروا الذين ظلموا وأزواجهم) أي أقرانهم المقتدين بهم في أفعالهم (إلى ما متعنا به أزواجا منهم) أي أشباها وأقرنا.
وقوله:
(سبحان الذى خلق الازواج - ومن كل شئ خلقنا زوجين) فتنبيه أن الاشياء كلها مركبة من جوهر وعرض ومادة وصورة، وأن لا شئ يتعرى من تركيب يقتضى كونه مصنوعا وأنه لا بد له من صانع تنبيها أنه تعالى هو الفرد، وقوله (خلقنا زوجين) فبين أن كل ما في العالم زوج من حيث أن له ضدا أو مثلا ما أو تركيبا ما بل لا ينفك بوجه من تركيب، وإنما ذكرههنا زوجين تنبيها أن الشئ وإن لم يكن له ضد ولا مثل فإنه لا ينفك من تركيب جوهر وعرض وذلك زوجان.
وقوله: (أزواجا من نبات شتى) أي أنواعا متشابهة.
وكذلك قوله: (من كل زوج كريم - ثمانية أزواج) أي أصناف.
وقوله (وكنتم أزواجا ثلاثة) أي قرناء ثلاثا وهم الذين فسرهم بما بعد.
وقوله: (وإذا النفوس زوجت) فقد قيل معناه قرن كل شيعة بمن شايعهم في الجنة والنار نحو: (احشروا الذين ظلموا وأزواجهم) وقيل قرنت الارواح بأجسادها حسبما نبه عليه قوله في أحد التفسيرين: (يا أيتها النفس المطمئنة ارجعي إلى ربك راضية مرضية) أي صاحبك.
وقيل قرنت النفوس بأعمالها
حسبما نبه قوله (يوم تجد كل نفس ما عملت من خير محضرا وما عملت من سوء) وقوله: (وزوجناهم بحور عين) أي قرناهم بهن، ولم يجئ في القرآن زوجناهم حورا كما يقال زوجته امرأة تنبيها أن ذلك لا يكون على حسب المتعارف فيما بيننا من المناكحة.
زاد: الزيادة أن ينضم إلى ما عليه الشئ في نفسه شئ آخر، يقال زدته فازداد وقوله (ونزداد كيل بعير) نحو ازددت فضلا أي ازداد فضلى وهومن باب (سفه نفسه) وذلك قد يكون زيادة مذمومة كالزيادة على الكفاية مثل زيادة الاصابع والزوائد في قوائم الدابة وزيادة الكبد وهى قطعة معلقة بها يتصور أن لا حاجة إليها لكونها غير مأكولة، وقد تكون زيادة محمودة نحو قوله: (للذين أحسنوا الحسنى وزيادة) وروى من طرق مختلفة أن هذه الزيادة النظر إلى وجه الله إشارة إلى إنعام وأحوال لا يمكن تصورها
في الدنيا (وزاده بسطة في العلم والجسم) أي أعطاه من العلم والجسم قدرا يزيد على ما أعطى أهل زمانه، وقوله (ويزيد الله الذين اهتدوا
هدى) ومن الزيادة المكروهة قوله: (وما زادوهم إلا نفورا) وقوله (زدناهم عذابا فوق العذاب - فما تزيدونني غير تخسير) وقوله (فزادهم الله مرضا) فإن هذه الزيادة هو ما بنى عليه جبلة الانسان أن من تعاطى فعلا إن خيرا وإن شرا تقوى فيما يتعاطاه فيزداد حالا فحالا.
وقوله: (هل من مزيد) يجوز أن يكون ذلك استدعاء للزيادة ويجوز أن يكون تنبيها أنها قد امتلات وحصل فيها ما ذكر تعالى في قوله (لاملان جهنم من الجنة والناس) يقال زدته وزاد هو وازداد، قال (وازدادوا تسعا) وقال (ثم ازدادوا كفرا - وما تغيض الارحام وما تزداد) وشر زائد وزيد.
قال الشاعر: وأنتمو معشر زيد على مائة * فأجمعوا أمركم كيدا فكيدوني والزاد: المدخر الزائد على ما يحتاج إليه في الوقت، والتزود أخذ الزاد، قال: (وتزودوا فإن خير الزاد التقوى) والمزود ما يجعل فيه الزاد من الطعام والمزادة ما يجعل فيه الزاد من الماء.
زور: الزور أعلى الصدر وزرت فلانا تلقيته بزورى أو قصدت زوره نحو وجهته،
ورجل زائر وقوم زور نحو سافر وسفر، وقد يقال رجل زور فيكون مصدرا موصوفا به نحو ضيف، والزور ميل في الزور والازور المائل الزور وقوله (تزاور عن كهفهم) أي تميل، قرئ بتخفيف الزاى وتشديده وقرئ تزور.
قال أبو الحسن لا معنى لتزور ههنا لان الازورار الانقباض، يقال تزاور عنه وازور عنه ورجل أزور وقوم زور وبئر زوراء مائلة الحفر وقيل للكذب زور لكونه مائلا عن جهته، قال: (ظلما وزورا) وقول الزور من القول وزورا لا يشهدون الزور، ويسمى الصنم زورا في قول الشاعر: * جاءوا بزور بينهم وجئنا بالامم * لكون ذلك كذبا وميلا عن الحق.
زيغ: الزيغ الميل عن الاستقامة والتزايغ التمايل ورجل زائغ وقوم زاغة وزائغون وزاغت الشمس وزاغ البصر (وإذ زاغت الابصار) يصح أن يكون إشارة إلى ما يداخلهم من الخوف حتى اظلمت أبصارهم ويصح أن يكون إشارة إلى ما قال (يرونهم مثليهم رأى العين) وقال (ما زاغ البصر وما طغى - من بعد ما كاد يزيغ - فلما زاغوا أزاغ الله قلوبهم)
لما فارقوا الاستقامة عاملهم بذلك.
زال: زال الشئ يزول زوالا: فارق طريقته جانحا عنه وقيل أزلته وزولته، قال: (أن تزولا - ولئن زالتا - لتزول منه الجبال) والزوال يقال في شئ قد كان ثابتا قبل فإن قيل
قد قالوا زوال الشمس ومعلوم أن لا ثبات للشمس بوجه، قيل إن ذلك قالوه لاعتقادهم في الظهيرة أن لها ثباتا في كبد السماء ولهذا قالوا قام قائم الظهيرة وسار النهار، وقيل زاله يزيله زيلا قال الشاعر: * زال زوالها * أي أذهب الله حركتها، والزوال التصرف وقيل هو نحو قولهم أسكت الله نامته، وقال الشاعر: * إذا ما رأتنا زال منها زويلها * ومن قال زال لا يتعدى قال زوالها نصب على المصدر، وتزيلوا تفرقوا، قال (فزيلنا بينهم) وذلك على التكثير فيمن قال زلت متعد نحو مزته وميزته، وقولهم ما زال ولا يزال خصا بالعبارة وأجرى مجرى كان في رفع الاسم ونصب الخبر وأصله من الياء لقولهم زيلت ومعناه معنى ما برحت وعلى ذلك (ولا يزالون
مختلفين) وقوله (لا يزال بنيانهم - ولا يزال الذين كفروا - وما زلتم في شك) ولا يصح أن يقال ما زال زيد إلا منطلقا كما يقال ما كان زيد إلا منطلقا وذلك أن زال يقتضى معنى النفي إذ هو ضد الثبات وما ولا: يقتضيان النفى، والنفيان إذا اجتمعا اقتضيا الاثبات فصار قولهم ما زال يجرى مجرى كان في كونه إثباتا فكما لا يقال كان زيد إلا منطلقا، لا يقال ما زال زيد إلا منطلقا.
زين: الزينة الحقيقية ما لا يشين الانسان في شئ من أحواله لا في الدنيا ولا في الآخرة، فأما ما يزينه في حالة دون حالة فهو من وجه شين، والزينة بالقول المجمل ثلاث: زينة نفسية كالعلم والاعتقادات الحسنة، وزينة بدنية كالقوة وطول القامة، وزينة خارجية كالمال والجاه.
فقوله (حبب إليكم الايمان وزينه في قلوبكم) فهو من الزينة النفسية.
وقوله: (من حرم زينة الله) فقد حمل على الزينة الخارجية وذلك أنه قد روى أن قوما كانوا يطوفون بالبيت عراة فنهوا عن ذلك بهذه الآية، وقال بعضهم: بل الزينة المذكورة في هذه الآية هي الكرم المذكور في قوله:
(إن أكرمكم عند الله أتقاكم) وعلى هذا قال الشاعر: * وزينة المرء حسن الادب * وقوله: (فخرج على قومه في زينته) هي الزينة الدنيوية من المال والاثاث والجاه، يقال زانه كذا وزينه إذا أظهر حسنه إما بالفعل أو بالقول وقد نسب الله تعالى التزيين في مواضع إلى نفسه وفى مواضع إلى الشيطان وفى مواضع ذكره غير مسمى فاعله، فمما نسبه إلى نفسه قوله في الايمان (وزينه في قلوبكم) وفى الكفر قوله: (زينا لهم أعمالهم - زينا لكل أمة عملهم) ومما نسبه إلى الشيطان قوله: (وإذ زين لهم الشيطان أعمالهم) وقوله تعالى: (لازينن لهم في الارض) ولم يذكر المفعول لان المعنى
مفهوم.
ومما لم يسم فاعله قوله عزوجل: (زين للناس حب الشهوات - زين لهم سوء أعمالهم) وقال (زين للذين كفروا الحياة الدنيا) وقوله (زين لكثير من المشركين قتل أولادهم شركاؤهم) تقديره زينه شركاؤهم وقوله (زينا السماء الدنيا بمصابيح) وقوله: (إنا زينا السماء الدنيا بزينة
الكواكب - وزيناها للناظرين) فإشارة إلى الزينة التى تدرك بالبصر التى يعرفها الخاصة والعامة وإلى الزينة المعقولة التى يختص بمعرفتها الخاصة وذلك أحكامها وسيرها.
وتزيين الله للاشياء قد يكون بإبداعها مزينة وإيجادها كذلك، وتزيين الناس للشئ بتزويقهم أو بقولهم وهو أن يمدحوه ويذكروه بما يرفع منه.
كتاب السينسبب: السبب الحبل الذى يصعد به النخل وجمعه أسباب قال (فليرتقوا في الاسباب) والاشارة بالمعنى إلى نحو قوله: (أم لهم سلم يستمعون فيه) وسمى كل ما يتوصل به إلى شئ سببا، قال تعالى (وآتيناه من كل شئ سببا فأتبع سببا) ومعناه أن الله تعالى أتاه من كل شئ معرفة وذريعة يتوصل بها فأتبع واحدا من تلك الاسباب وعلى ذلك قوله تعالى: (لعلى أبلغ الاسباب أسباب السموات) أي لعلى أعرف الذرائع والاسباب الحادثة في السماء فأتوصل بها إلى معرفة ما يدعيه موسى، وسمى العمامة والخمار والثوب الطويل سببا تشبيها بالحبل في الطول.
وكذا منهج الطريق وصف بالسبب كتشبيهه بالخيط مرة وبالثوب المحدود مرة.
والسب الشتم الوجيع قال (ولا تسبوا الذين يدعون من دون الله فيسبوا الله عدوا بغير علم) وسبهم لله ليس على أنهم يسبونه صريحا ولكن يخوضون في ذكره فيذكرونه بما لا يليق به ويتمادون في ذلك بالمجادلة فيزدادون في ذكره بما تنزه تعالى عنه وقول الشاعر: فما كان ذنب بنى مالك * بأن سب منهم غلاما فسب بأبيض ذى شطب قاطع * يقد العظام ويبرى القصب فإنه نبه على ما قال الآخر: * ونشتم بالافعال لا بالتكلم * والسب المسابب، قال الشاعر: لا تسبننى فلست بسبي * إن سبى من الرجال الكريم والسبة ما يسب وكنى بها عن الدبر، وتسميته بذلك كتسميته بالسوأة.
والسبابة سميت للاشارة بها عند السب، وتسميتها بذلك كتسميتها بالمسبحة لتحريكها بالتسبيح.
سبت: أصل السبت القطع ومنه سبت السير قطعه وسبت شعره حلقه وأنفه اصطلمه، وقيل سمى يوم السبت لان الله تعالى ابتدأ بخلق السموات والارض يوم الاحد فخلقها في ستة أيام كما ذكره فقطع عمله يوم السبت
فسمى بذلك، وسبت فلان صار في السبت وقوله: (يوم سبتهم شرعا) قيل يوم قطعهم للعمل (ويوم لا يسبتون) قيل معناه لا يقطعون العمل وقيل يوم لا يكونون في السبت وكلاهما إشارة إلى حالة واحدة، وقوله (إنما جعل السبت) أي ترك العمل فيه (وجعلنا نومكم سباتا) أي قطعا للعمل وذلك إشارة إلى ما قال في صفة الليل (لتسكنوا فيه).
سبح: السبح المر السريع في الماء وفى الهواء، يقال سبح سبحا وسباحة واستعير لمر النجوم في الفلك نحو (وكل في فلك يسبحون) ولجرى الفرس نحو (فالسابحات سبحا) ولسرعة الذهاب في العمل نحو (إن لك في النهار سبحا طويلا) والتسبيح تنزيه الله تعالى وأصله المر السريع في عبادة الله تعالى وجعل ذلك في فعل الخير كما جعل الابعاد في الشر فقيل
أبعده الله، وجعل التسبيح عاما في العبادات قولا كان أو فعلا أو نية، قال (فلولا أنه كان من المسبحين) قيل من المصلين والاولى أن يحمل على ثلاثتها، قال: (ونحن نسبح بحمدك - وسبح بالعشى - فسبحه وأدبار السجود - لولا تسبحون) أي هلا تعبدونه وتشكرونه وحمل ذلك على الاستثناء وهو أن يقول إن شاء الله ويدل على ذلك قوله: (إذ أقسموا ليصرمنها مصبحين ولا يستثنون) وقال: (تسبح له السموات السبع والارض ومن فيهن وإن من شئ إلا يسبح بحمده ولكن لا تفقهون تسبيحهم) فذلك نحو قوله: (ولله يسجد من في السموات والارض طوعا وكرها - ولله يسجد ما في السموات وما في الارض) فذلك يقتضى أن يكون تسبيحا على الحقيقة وسجودا له على وجه لا نفقهه بدلالة قوله: (ولكن لا تفقهون تسبيحهم) ودلالة قوله (ومن فيهن) بعد ذكر السموات والارض ولا يصح أن يكون تقديره: يسبح له من في السموات، ويسجد له من في الارض، لان هذا مما نفقهه ولانه محال أن يكون ذلك تقديره ثم يعطف عليه بقوله (ومن فيهن) والاشياء كلها
تسبح له وتسجد بعضها بالتسخير، وبعضها بالاختيار ولا خلاف أن السموات والارض والدواب مسبحات بالتسخير من حيث إن أحوالها تدل على حكمة الله تعالى، وإنما الخلاف في السموات والارض هل تسبح باختيار ؟ والآية تقتضي ذلك بما ذكرت من الدلالة، وسبحان أصله مصدر نحو غفران قال (فسبحان الله حين تمسون - وسبحانك لا علم لنا) وقول الشاعر: * سبحان من علقمة الفاجر * قيل تقديره سبحان علقمة على طريق التهكم فزاد فيه من ردا إلى أصله، وقيل أراد سبحان الله من أجل علقمة فحذف المضاف إليه.
والسبوح القدوس من أسماء الله تعالى وليس في
كلامهم فعول سواهما وقد يفتحان نحو كلوب وسمور، والسبحة التسبيح وقد يقال للخرزات التى بها يسبح سبحة.
سبخ: قرئ (إن لك في النهار سبخا) أي سعة في التصرف، وقد سبخ الله عن الحمى فتسبخ أي تغشى والتسبيخ ريش الطائر والقطن المندوف ونحو ذلك مما ليس فيه اكتناز
وثقل.
سبط: أصل السبط انبساط في سهولة يقال شعر سبط وسبط وقد سبط سبوطا وسباطة وسباطا وامرأة سبطة الخلقة ورجل سبط الكفين ممتدهما ويعبر به عن الجود، والسبط ولد الولد كأنه امتداد الفروع، قال (ويعقوب والاسباط) أي قبائل كل قبيلة من نسل رجل أسباطا أمما.
والساباط المنبسط بين دارين.
وأخذت فلانا سباط أي حمى تمطه، والسباطة خير من قمامة، وسبطت الناقة ولدها: أي ألقته.
سبع: أصل السبع العدد قال: (سبع سموات - سبعا شدادا) يعنى السموات السبع و (سبع سنبلات - سبع ليال - سبعة وثامنهم كلبهم - سبعون ذراعا - سبعين مرة - سبعا من المثانى) قيل سورة الحمد لكونها سبع آيات، السبع الطوال من البقرة إلى الاعراف وسمى سور القرآن المثانى لانه يثنى فيها القصص ومنه السبع والسبيع والسبع في الورود.
والاسبوع جمعه أسابيع ويقال طفت بالبيت أسبوعا وأسابيع وسبعت القوم كنت سابعهم، وأخذت سبع أموالهم، والسبع معروف وقيل سمى
بذلك لتمام قوته وذلك أن السبع من الاعداد التامة وقول الهذلى: * كأنه عبد لآل أبى ربيعة مسبع * أي قد وقع السبع في غنمه وقيل معناه المهمل مع السباع، ويروى مسبع بفتح الباء وكنى بالمسبع عن الدعى الذى لا يعرف أبوه، وسبع فلان فلانا اغتابه وأكل لحمه أكل السباع، والمسبع موضع السبع.
سبغ: درع سابغ تام واسع.
قال الله تعالى: (أن اعمل سابغات) وعنه استعير إسباغ الوضوء وإسباغ النعم قال: (وأسبغ عليكم نعمه).
سبق: أصل السبق التقدم في السير نحو: (والسابقات سبقا) والاستباق التسابق قال (إنا ذهبنا نستبق - واستبقا الباب) ثم يتجوز به في غيره من التقدم، قال: (ما سبقونا إليه - سبقت من ربك) أي نفدت وتقدمت، ويستعار السبق لاحراز الفضل والتبريز وعلى ذلك (والسابقون السابقون) أي المتقدمون إلى ثواب الله وجنته بالاعمال الصالحة نحو قوله (ويسارعون في الخيرات)
وكذا قوله (وهم لها سابقون) وقوله (وما نحن
========
ج3.
كتاب : مفردات غريب القرآن
المؤلف : أبو القاسم الحسين بن محمد المعروف بالراغب الاصفهانى
بمسبوقين) أي لا يفوتوننا وقال: (ولا تحسبن الذين كفروا سبقوا) وقال (وما كانوا سابقين) تنبيه أنهم لا يفوتونه.
سبل: السبيل الطريق الذى فيه سهولة وجمعه سبل قال (وأنهارا وسبلا - وجعل لكم فيها سبلا - ليصدونهم عن السبيل) يعنى به طريق الحق لان اسم الجنس إذا أطلق يختص بما هو الحق وعلى ذلك (ثم السبيل يسره) وقيل لسالكه سابل وجمعه سابلة وسبيل سابل نحو شعر شاعر، وابن السبيل المسافر البعيد عن منزله، نسب إلى السبيل لممارسته إياه، ويستعمل السبيل لكل ما يتوصل به إلى شئ خيرا كان أو شرا، قال (ادع إلى سبيل ربك - قل هذه سبيلى) وكلاهما واحد لكن أضاف الاول إلى المبلغ، والثانى إلى السالك بهم، قال (قتلوا في سبيل الله - إلا سبيل الرشاد - ولتستبين سبيل المجرمين - فاسلكي سبل ربك) ويعبر به عن المحجة، قال (قل هذه سبيلى - سبل السلام) أي طريق الجنة (ما على المحسنين من سبيل - فأولئك
ما عليهم من سبيل - إنما السبيل على الذين - إلى ذى العرش سبيلا) وقيل أسبل الستر والذيل وفرس مسبل الذنب وسبل المطر وأسبل وقيل للمطر سبل ما دام سابلا أي سائلا في الهواء وخص السبلة بشعر الشفة العليا لما فيها من التحدر، والسنبلة جمعها سنابل وهى ما على الزرع، قال (سبع سنابل في كل سنبلة) وقال (سبع سنبلات خضر) وأسبل الزرع صار ذا سنبلة نحو أحصد وأجنى، والمسبل اسم القدح الخامس.
سبأ: (وجئتك من سبأ بنبأ يقين) سبأ اسم بلد تفرق أهله ولهذا يقال ذهبوا أيادى سبأ أي تفرقوا تفرق أهل هذا المكان من كل جانب، وسبأت الخمر اشتريتها، والسابياء جلد فيه الولد.
ست: قال (في ستة أيام) وقال (ستين مسكينا) فأصل ذلك سدس ويذكر في بابه إن شاء لله.
ستر: الستر تغطية الشئ، والستر والسترة ما يستتر به قال: (لم نجعل لهم من دونها سترا - حجابا مستورا) والاستتار الاختفاء، قال (وما كنتم تستترون).
سجد: السجود أصله التطامن والتذلل وجعل ذلك عبارة عن التذلل لله وعبادته وهو عام في الانسان والحيوانات والجمادات وذلك ضربان سجود باختيار وليس ذلك إلا للانسان وبه يستحق الثواب نحو قوله (فاسجدوا لله واعبدوا) أي تذللوا له وسجود تسخير وهو للانسان والحيوانات والنبات وعلى ذلك قوله (ولله يسجد من في السموات والارض طوعا وكرها - وظلالهم بالغدو والآصال) وقوله (يتفيأ ظلاله عن اليمين والشمائل سجدا لله)
فهذا سجود تسخير وهو الدلالة الصامتة الناطقة المنبهة على كونها مخلوقة وأنها خلق فاعل حكيم، وقوله (ولله يسجد ما في السموات وما في الارض من دابة والملائكة وهم لا يستكبرون) ينطوى على النوعين من السجود والتسخير والاختيار، وقوله (والنجم والشجر يسجدان) فذلك على سبيل التسخير وقوله (اسجدوا لآدم) قيل أمروا بأن يتخذوه قبلة، وقيل أمروا بالتذلل له والقيام بمصالحه، ومصالح أولاده فائتمروا إلا إبليس، وقوله: (ادخلوا
الباب سجدا) أي متذللين منقادين، وخص السجود في الشريعة بالركن المعروف من الصلاة وما يجرى مجرى ذلك من سجود القرآن وسجود الشكر، وقد يعبر به عن الصلاة بقوله: (وأدبار السجود) أي أدبار الصلاة ويسمون صلاة الضحى سبحة الضحى وسجود الضحى (وسبح بحمد ربك) قيل أريد به الصلاة والمسجد موضع الصلاة اعتبارا بالسجود وقوله (وأن المساجد لله) قيل عنى به الارض إذ قد جعلت الارض كلها مسجدا وطهورا كما روى في الخبر، وقيل المساجد مواضع السجود الجبهة والانف واليدان والركبتان والرجلان وقوله (ألا يسجدوا لله) أي يا قوم اسجدوا وقوله (وخروا له سجدا) أي متذللين وقيل كان السجود على سبيل الخدمة في ذلك الوقت سائغا وقول الشاعر: * وافى بها كدراهم الاسجاد * عنى بها دراهم عليها صورة ملك سجدوا له سجر: السجر تهييج النار، يقال: سجرت التنور، ومنه (والبحر المسجور) قال الشاعر: إذا ساء طالع مسجورة *
ترى حولها النبع والسمسما وقوله (وإذا البحار سجرت) أي أضرمت نارا عن الحسن، وقيل غيضت مياهها وإنما يكون كذلك لتسجير النار فيه، (ثم في النار يسجرون) نحو (وقودها الناس والحجارة) وسجرت الناقة استعارة لالتهابها في العدو نحو اشتعلت الناقة، والسجير الخليل الذى يسجر في مودة خليله كقولهم فلان محرق في مودة فلان، قال الشاعر: * سجراء نفسي غير جمع إشابة * سجل: السجل الدلو العظيمة، وسجلت الماء فانسجل أي صببته فانصب، وأسجلته أعطيته سجلا، واستعير للعطية الكثيرة والمساجلة المساقاة بالسجل وجعلت عبارة عن المباراة والمناضلة، قال: * من يساجلنى يساجل ماجدا * والسجيل حجر وطين مختلط وأصله فيما قيل فارسي معرب، والسجل قيل حجر
كان يكتب فيه ثم سمى كل ما يكتب فيه سجلا، قال تعالى: (كطى السجل للكتاب): أي كطيه لما كتب فيه
حفظا له.
سجن: السجن الحبس في السجن، وقرئ (رب السجن أحب إلى) بفتح السين وكسرها.
قال (ليسجننه حتى حين - ودخل معه السجن فتيان) والسجين اسم لجهنم بإزاء عليين وزيد لفظه تنبيها على زيادة معناه وقيل هو اسم للارض السابعة، قال (لفى سجين - وما أدراك ما سجين) وقد قيل إن كل شئ ذكره الله تعالى بقوله (وما أدراك) فسره وكل ما ذكر بقوله (وما يدريك) تركه مبهما، وفى هذا الموضع ذكر (وما أدراك) وكذا في قوله (وما أدراك ما عليون) ثم فسر الكتاب لا السجين والعليين وفى هذه لطيفة موضعها الكتب التى تتبع هذا الكتاب إن شاء الله تعالى، لا هذا.
سجى: قال تعالى: (والليل إذا سجى) أي سكن وهذا إشارة إلى ما قيل هدأت الارجل، وعين ساجية فاترة الطرف وسجى البحر سجوا سكنت أمواجه ومنه استعير تسجية الميت أي تغطيته بالثوب.
سحب: أصل السحب الجر كسحب الذيل والانسان على الوجه ومنه السحاب إما لجر
الريح له أو لجره الماء أو لانجراره في مره، قال تعالى: (يوم يسحبون في النار على وجوههم) قال تعالى (يسحبون في الحميم) وقيل فلان يتسحب على فلان كقولك ينجر وذلك إذا تجرأ عليه والسحاب الغيم فيها ماء أو لم يكن ولهذا يقال سحاب جهام، قال تعالى: (ألم تر أن الله يزجى سحابا - حتى إذا أقلت سحابا) وقال (وينشئ السحاب الثقال) وقد يذكر لفظه ويراد به الظل والظلمة على طريق التشبيه، قال تعالى: (أو كظلمات في بحر لجى يغشاه موج من فوقه موج من فوقه سحاب ظلمات بعضها فوق بعض).
سحت: السحت القشر الذى يستأصل، قال تعالى: (فيسحتكم بعذاب) وقرئ (فيسحتكم) يقال سحته وأسحته ومنه السحت للمحظور الذى يلزم صاحبه العار كأنه يسحت دينه ومروءته، قال تعالى: (أكالون للسحت) أي لما يسحت دينهم.
وقال عليه السلام " كل لحم نبت من سحت فالنار أولى به " وسمى الرشوة سحتا وروى " كسب الحجام سحت " فهذا لكونه ساحتا للمروءة للدين، ألا ترى أنه أذن عليه السلام
في إعلافه الناضح وإطعامه المماليك.
سحر: السحر طرف الحلقوم، والرئة وقيل انتفخ سحره وبعير سحر عظيم السحر والسحارة ما ينزع من السحر عند الذبح فيرمى به وجعل بناؤه بناء النفاية والسقاطه
وقيل منه اشتق السحر وهو إصابة السحر والسحر يقال على معان: الاول الخداع وتخييلات لا حقيقة لها نحو ما يفعله المشعبذ بصرف الابصار عما يفعله لخفة يد، وما يفعله النمام بقول مزخرف عائق للاسماع وعلى ذلك قوله تعالى: (سحروا أعين الناس واسترهبوهم)، وقال: (يخيل إليه من سحرهم)، وبهذا النظر سموا موسى عليه السلام ساحرا فقالوا (يا أيها الساحر) ادع لنا ربك)، والثانى استجلاب معاونة الشيطان بضرب من التقرب إليه كقوله تعالى (هل أنبئكم على من تنزل الشياطين تنزل على كل أفاك أثيم) وعلى ذلك قوله تعالى: (ولكن الشياطين كفروا يعلمون الناس السحر) والثالث ما يذهب إليه الاغتام وهو اسم لفعل يزعمون أنه من قوته يغير
الصور والطبائع فيجعل الانسان حمارا ولا حقيقة لذلك عند المحصلين.
وقد تصور من السحر تارة حسنه فقيل: إن من البيان لسحرا وتارة دقة فعله حتى قالت الاطباء الطبيعية ساحرة وسموا الغذاء سحرا من حيث إنه يدق ويلطف تأثيره، قال تعالى: (بل نحن قوم مسحورون) أي مصروفون عن معرفتنا بالسحر.
وعلى ذلك قوله تعالى: (إنما أنت من المسحرين) قيل ممن جعل له سحر تنبيها أنه محتاج إلى الغذاء كقوله تعالى (ما لهذا الرسول يأكل الطعام) ونبه أنه بشر كما قال: (ما أنت إلا بشر مثلنا) وقيل معناه ممن جعل له سحر يتوصل بلطفه ودقته إلى ما يأتي به ويدعيه، وعلى الوجهين حمل قوله تعالى (إن تتبعون إلا رجلا مسحورا) وقال تعالى: (قال له فرعون إنى لاظنك يا موسى مسحورا) وعلى المعنى الثاني دل قوله تعالى: (إن هذا إلا سحر مبين) قال تعالى (وجاءوا بسحر عظيم) وقال (أسحر هذا ولا يفلح الساحرون) وقال (فجمع السحرة لميقات يوم معلوم - فألقى السحرة) والسحر والسحرة اختلاط ظلام آخر الليل بضياء النهار وجعل اسما لذلك
الوقت ويقال لقيته بأعلى السحرين والمسحر الخارج سحرا، والسحور اسم للطعام المأكول سحرا والتسحر أكله.
سحق: السحق تفتيت الشئ ويستعمل في الدواء إذا فتت يقال سحقته فانسحق، وفى الثوب إذا أخلق يقال أسحق والسحق الثوب البالى ومنه قيل أسحق الضرع أي صار سحقا لذهاب لبنه ويصح أن يجعل إسحق منه فيكون حينئذ منصرفا، وقيل: أبعده الله وأسحقه أي جعله سحيقا وقيل سحقه أي جعله باليا، قال تعالى (فسحقا لاصحاب السعير) وقال تعالى: (أو تهوى به الريح في مكان سحيق) ودم منسحق وسحوق مستعار كقولهم مزرور.
سحل: قال (فليلقه اليم بالساحل) أي شاطئ البحر أصله من سحل الحديد أي برده وقشره وقيل أصله أن يكون مسحولا لكن جاء على لفظ الفاعل كقولهم هم ناصب وقيل بل تصور منه أنه يسحل الماء أي يفرقه ويضيقه والسحالة البرادة، والسحيل والسحال نهيق الحمار كأنه شبه صوته بصوت سحل
الحديد، والمسحل اللسان الجهير الصوت كأنه تصور منه سحيل الحمار من حيث رفع صوته لا من حيث نكرة صوته كما قال تعالى: (إن أنكر الاصوات لصوت الحمير) والمسحلتان: حلقتان على طرفي شكيم اللجام.
سخر: التسخير سياقة إلى الغرض المختص قهرا، قال تعالى: (وسخر لكم ما في السموات وما في الارض - وسخر لكم الشمس والقمر دائبين - وسخر لكم الليل والنهار - وسخر لكم الفلك) كقوله (سخرناها لكم لعلكم تشكرون - سبحان الذى سخر لنا هذا) فالمسخر هو المقيض للفعل والسخرى هو الذى يقهر فيتسخر بإرادته، قال (ليتخذ بعضهم بعضا سخريا)، وسخرت منه واستسخرته للهزء منه، قال تعالى (إن تسخروا منا فإنا نسخر منكم كما تسخرون فسوف تعلمون - بل عجبت ويسخرون) وقيل رجل سخرة لمن سخر وسخرة لمن يسخر منه.
والسخرية والسخرية لفعل الساخر.
وقوله تعالى (فاتخذتموهم سخريا) وسخريا، فقد حمل على الوجهين على التسخير وعلى السخرية قوله تعالى
(وقالوا مالنا لا نرى رجالا كنا نعدهم من الاشرار أتخدناهم سخريا).
ويدل على الوجه الثاني قوله: بعد (وكنتم منهم تضحكون).
سخط: السخط والسخط الغضب الشديد المقتضى للعقوبة، قال (إذا هم يسخطون) وهو من الله تعالى إنزال العقوبة، قال تعالى: (ذلك بأنهم اتبعوا ما أسخط الله - أن سخط الله عليهم - كمن باء بسخط من الله).
سد: السد والسد قيل هما واحد وقيل السد ما كان خلقة والسد ما كان صنعة، وأصل السد مصدر سددته، قال تعالى: (بيننا وبينهم سدا) وشبه به الموانع نحو (وجعلنا من بين أيديهم سدا ومن خلفهم سدا) وقرئ سدا.
السدة كالظلة على الباب تقيه من المطر وقد يعبر بها عن الباب كما قيل الفقير الذى لا يفتح له سدد السلطان، والسداد والسدد الاستقامة، والسداد ما يسد به الثلمة والثغر، واستعير لما يسد به الفقر.
سدر: السدر شجر قليل الغناء عند الاكل ولذلك قال تعالى: (وأثل وشئ
من سدر قليل) وقد يخضد ويستظل به فجعل
ذلك مثلا لظل الجنة ونعيمها في قوله تعالى: (في سدر مخضود) لكثرة غنائه في الاستظلال وقوله تعالى (إذ يغشى السدرة ما يغشى) فإشارة إلى مكان اختص النبي صلى الله عليه وسلم فيه بالافاضة الالهية والآلاء الجسيمة، وقد قيل إنها الشجرة التى بويع النبي صلى الله عليه وسلم تحتها فأنزل الله تعالى السكينة فيها على المؤمنين: والسدر تحير البصر، والسادر المتحير، وسدر شعره، قيل: هو مقلوب عن دسر.
سدس: السدس جزء من ستة، قال تعالى: (فلأمه السدس) والسدس في الاظماء وست أصله سدس وسدست القوم صرت سادسهم وأخذت سدس أموالهم وجاء سادسا وساتا وساديا بمعنى، قال تعالى (ولا خمسة إلا هو سادسهم) وقال تعالى: (ويقولون خمسة سادسهم) ويقال لا أفعل كذا سديس عجيس أي أبدا والسدوس الطيلسان، والسندس الرقيق من الديباج، والاستبرق الغليظ منه.
سرر: الاسرار خلاف الاعلان، قال تعالى (سرا وعلانية) وقال تعالى (ويعلم ما يسرون وما يعلنون) وقال تعالى (وأسروا قولكم أو اجهروا به) ويستعمل في الاعيان والمعاني، والسر هو الحديث المكتم في النفس.
قال تعالى: (يعلم السر وأخفى) وقال تعالى: (أن الله يعلم سرهم ونجواهم) وساره إذا أوصاه بأن يسره وتسار القوم وقوله (وأسروا الندامة) أي كتموها وقيل معناه أظهروها بدلالة قوله تعالى (يا ليتنا نرد ولا نكذب بآيات ربنا) وليس كذلك لان الندامة التى كتموها ليست بإشارة إلى ما أظهروه من قوله (يا ليتنا نرد ولا نكذب بآيات ربنا) وأسررت إلى فلان حديثا أفضيت إليه في خفية، قال تعالى: (وإذ أسر النبي) وقوله (تسرون إليهم بالمودة) أي يطلعونهم على ما يسرون من مودتهم وقد فسر بأن معناه يظهرون وهذا صحيح فإن الاسرار إلى الغير يقتضى إظهار ذلك لمن يفضى إليه بالسر وإن كان يقتضى إخفاءه عن غيره، فإذا قولهم أسررت إلى فلان يقتضى من وجه الاظهار ومن وجه الاخفاء وعلى هذا قوله (وأسررت لهم إسرارا)
وكنى عن النكاح بالسر من حيث إنه يخفى واستعير للخالص فقيل هو من سر قومه ومنه سر الوادي وسرارته، وسرة البطن ما يبقى بعد القطع وذلك لاستتارها بعكن البطن، والسر والسرر يقال لما يقطع منها.
وأسرة الراحة وأسارير الجبهة لغضونها، والسرار اليوم الذى يستتر فيه القمر آخر الشهر.
والسرور ما ينكتم من الفرح، قال تعالى: (ولقاهم نضرة وسرورا) وقال: (تسر الناظرين) وقوله تعالى في أهل الجنة (وينقلب
إلى أهله مسرورا) وقوله في أهل النار: (إنه كان في أهله مسرورا) تنبيه على أن سرور الآخرة يضاد سرور الدنيا، والسرير الذى يجلس عليه من السرور إذ كان ذلك لاولى النعمة وجمعه أسرة وسرر، قال تعالى (متكئين على سرر مصفوفة - فيها سرر مرفوعة) ولبيوتهم أبوابا وسررا عليها يتكئون) وسرير الميت تشبيها به في الصورة وللتفاؤل بالسرور الذى يلحق الميت برجوعه إلى جوار الله تعالى وخلاصه من سجنه المشار إليه بقوله صلى الله عليه وسلم " الدنيا سجن المؤمن ".
سرب: السرب الذهاب في حدور والسرب المكان المنحدر، قال تعالى: (فاتخذ سبيله في البحر سربا) يقال سرب سربا وسروبا نحو مر مرا ومرورا وانسرب انسرابا كذلك لكن سرب يقال على تصور الفعل من فاعله وانسرب على تصور الانفعال منه.
وسرب الدمع سال وانسربت الحية إلى جحرها وسرب الماء من السقاء وماء سرب وسرب متقطر من سقائه، والسارب الذاهب في سربه أي طريق كان، قال تعالى: (ومن هو مستخف بالليل وسارب بالنهار) والسرب جمع سارب نحو ركب وراكب وتعورف في الابل حتى قيل زعرت سربه أي إبله.
وهو آمن في سربه أي في نفسه وقيل في أهله ونسائه فجعل السرب كناية وقيل اذهبي فلا أنده سربك، في الكناية عن الطلاق ومعناه لا أرد إبلك الذاهبة في سربها والسربة قطعة من الخيل نحو العشرة إلى العشرين والمسربة الشعر المتدلى من الصدر، والسراب اللامع في المفازة كالماء وذلك لانسرابه في مرأى العين وكان السراب فيما لا حقيقة له كالشراب فيما له حقيقة، قال تعالى (كسراب بقيعة يحسبه الظمآن ماء) وقال تعالى:
(وسيرت الجبال فكانت سرابا).
سربل: السربال القميص من أي جنس كان، قال: (سرابيلهم من قطران - سرابيل تقيكم الحر وسرابيل تقيكم بأسكم) أي تقى بعضكم من بأس بعض.
سرج: السراج الزاهر بفتيلة ودهن ويعبر به عن كل مضئ، قال: (وجعل الشمس سراجا - سراجا وهاجا) يعنى الشمس يقال أسرجت السراج وسرجت كذا جعلته في الحسن كالسراج، قال الشاعر: * وفاحما ومرسنا مسرجا * والسرج رحالة الدابة والسراج صانعه.
سرح: السرح شجر له ثمر، الواحدة سرحة وسرحت الابل أصله أن ترعيه السرح ثم جعل لكل إرسال في الرعى، قال تعالى: (ولكم فيها جمال حين تريحون وحين تسرحون) والسارح الراعى والسرح جمع كالشرب، والتسريح في الطلاق نحو قوله تعالى (أو تسريح بإحسان)
وقوله (وسرحوهن سراحا جميلا) مستعار من تسريح الابل كالطلاق في كونه مستعارا
من إطلاق الابل، واعتبر من السرح المضى فقيل ناقة سرح تسرح في سيرها ومضى سرحا سهلا.
والمنسرح ضرب من الشعر استعير لفظه من ذلك.
سرد: السرد خرز ما يخشن ويغلظ كنسج الدرع وخرز الجلد و استعير لنظم الحديد قال (وقدر في السرد) ويقال سرد وزرد والسراد والزراد نجو سراط وصراط وزراط والمسرد المثقب.
سردق: السرادق فارسي معرب وليس في كلامهم اسم مفرد ثالثه ألف وبعده حرفان، قال تعالى: (أحاط بهم سرادقها) وقيل: بيت مسردق، مجعول على هيئة سرادق.
سرط: السراط الطريق المستسهل، أصله من سرطت الطعام وزدته ابتلعته فقيل سراط، تصورا أنه يبتلعه سالكه، أو يبتلع سالكه، ألا ترى أنه قيل: قتل أرضا عالمها، وقتلت أرض جاهلها، وعلى النظرين قال أبو تمام: دعته الفيافي بعد ما كان حقبة * دعاها إذا ما المزن ينهل ساكبه
وكذا سمى الطريق اللقم والملتقم اعتبارا بأن سالكه يلتقمه.
سرع: السرعة ضد البطء ويستعمل في الاجسام والافعال يقال سرع فهو سريع وأسرع فهو مسرع وأسرعوا صارت إبلهم سراعا نحو: أبلدوا وسارعوا وتسارعوا.
قال تعالى: (وسارعوا إلى مغفرة من ربكم ويسارعون في الخيرات يوم تشفق الارض عنهم سراعا) وقال (يوم يخرجون من الاجداث سراعا)، وسرعان القوم أوائلهم السراع وقيل سرعان ذا إهالة، ذلك مبنى من سرع كوشكان من وشك وعجلان من عجل، وقوله تعالى (إن الله سريع الحساب - وسريع العقاب) فتنبيه على ما قال (إنما أمره إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون).
سرف: السرف تجاوز الحد في كل فعل يفعله الانسان وإن كان ذلك في ا لانفاق أشهر.
قال تعالى: (والذين إذا أنفقوا لم يسرفوا ولم يقتروا ولا تأكلوها إسرافا وبدارا) ويقال تارة اعتبارا بالقدر وتارة بالكيفية ولهذا قال سفيان ما أنفقت في غير طاعة الله فهو سرف، وإن كان قليلا،
قال الله تعالى: (ولا تسرفوا إنه لا يجب المسرفين - وأن المسرفين هم اصحاب النار) أي المتجاوزين الحد في أمورهم وقال (إن الله لا يهدى من هو مسرف كذاب) وسمى قوم لوط مسرفين من حيث إنهم تعدوا في وضع البذر في الحرث المخصوص له المعنى
بقوله: (نساؤكم حرث لكم) وقوله: (يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم) فتناول الاسراف في المال وفى غيره.
وقوله في القصاص (فلا يسرف في القتل) فسرفه أن يقتل غير قاتله إما بالعدول عنه إلى من هو أشرف منه أو بتجاوز قتل القاتل إلى غيره حسبما كانت الجاهلية تفعله، وقولهم مررت بكم فسرفتكم أي جهلتكم من هذا وذاك أنه تجاوز ما لم يكن حقه أن يتجاوز فجهل فلذلك فسربه، والسرفة دويبة تأكل الورق وسمى بذلك لتصور معنى الاسراف منه، يقال سرفت الشجرة فهى مسروفة.
سرق: السرقة أخذ ما ليس له أخذه في خفاء وصار ذلك في الشرع لتناول الشئ من موضع مخصوص وقدر مخصوص، قال تعالى: (والسارق
والسارقة) وقال تعالى: (قالوا إن يسرق فقد سرق أخ له من قبل) وقال: (أيتها العير إنكم لسارقون - إن ابنك سرق) واسترق السمع إذا تسمع مستخفيا قال تعالى: (إلا من استرق السمع) والسرق والسرقة واحد وهو الحرير.
سرمد: السرمد الدائم، قال تعالى: (قل أرأيتم إن جعل الله عليكم الليل سرمدا) وبعده النهار سرمدا.
سرى: السرى سير الليل، يقال سرى وأسرى.
قال تعالى: (فأسر بأهلك).
وقال تعالى: (سبحان الذى أسرى بعبده ليلا) وقيل إن أسرى ليست من لفظة سرى يسرى وإنما هي من السراة وهى أرض واسعة وأصله من الواو ومنه قول الشاعر: * بسرو حمير أبوال البغال به * فأسرى نحو أجبل وأنهم وقوله تعالى (سبحان الذى أسرى بعبده) أي ذهب به في سراة من الارض وسراة كل شئ أعلاه ومنه سراة النهار أي ارتفاعه وقوله تعالى (قد جعل ربك تحتك سريا) أي نهرا يسرى وقيل بل ذلك من السرو أي الرفعة يقال رجل سرو قال
وأشار بذلك إلى عيسى عليه السلام وما خصه به من سروه، يقال سروت الثوب عنى أي نزعته وسروت الجل عن الفرس وقيل ومنه رجل سرى كأنه سرى ثوبه بخلاف المتدثر والمتزمل والزميل وقوله (وأسروه بضاعة) أي خمنوا في أنفسهم أن يحصلوا من بيعه بضاعة والسارية يقال للقوم الذين يسرون بالليل وللسحابة التى تسرى وللاسطوانة.
سطح: السطح أعلى البيت يقال سطحت البيت جعلت له سطحا وسطحت المكان جعلته في التسوية كسطح قال: (وإلى الارض كيف سطحت) وانسطح الرجل امتد على قفاه، قيل وسمى سطيح الكاهن لكونه منسطحا لزمانة والمسطح عمود الخيمة الذى يجعل به لها سطحا وسطحت الثريدة في القصعة بسطتها.
سطر: السطر والسطر الصف من الكتابة ومن الشجر المفروس ومن القوم الوقوف، وسطر فلان كذا كتب سطراسطرا، قال تعالى: (ن والقلم وما يسطرون) وقال تعالى: (والطور وكتاب مسطور) وقال: (كان ذلك في الكتاب مسطورا) أي مثبتا محفوظا وجمع
السطر أسطر وسطور وأسطار، قال الشاعر: * إنى وأسطار سطرن لنا سطرا * وأما قوله (أساطير الاولين) فقد قال المبرد هي جمع أسطورة نحو أرجوحة وأراجيح وأثقية وأثافى وأحدوثة وأحاديث.
وقوله تعالى: (وإذا قيل لهم ماذا أنزل ربكم قالوا أساطير الاولين) أي شئ كتبوه كذبا ومينا فيما زعموا نحو قوله تعالى: (أساطير الاولين اكتتبها فهى تملى عليه بكرة وأصيلا) وقوله تعالى: (فذكر إنما أنت مذكر لست عليهم بمسيطر) وقوله: (أم هم المسيطرون) فإنه يقال تسيطر فلان على كذا، وسيطر عليه إذا أقام عليه قيام سطر، يقول لست عليهم بقائم واستعمال المسيطر ههنا كاستعمال ا لقائم في قوله (أفمن هو قائم على كل نفس بما كسبت) وحفيظ في قوله (وما أنت عليهم بحفيظ) وقيل معناه (لست عليهم بحفيظ) فيكون المسيطر كالكاتب في قوله (ورسلنا لديهم يكتبون) وهذه الكتابة هي المذكورة في قوله (ألم تعلم أن الله يعلم ما في السموات والارض إن ذلك في كتاب إن ذلك على الله
يسير).
سطا: السطوة البطش يرفع اليد يقال سطا به.
قال تعالى (يكادون يسطون بالذين يتلون عليهم آياتنا) وأصله من سطا الفرس على الرمكة يسطوا إذا أقام على رجليه رافعا يديه إما مرحا وإما نزوا على الانثى، وسطا الراعى أخرج الولد ميتا من بطن أمه وتستعار السطوة للماء كالطغو، يقال سطا الماء وطغى.
سعد: السعد والسعادة معاونة ا لامور الالهية للانسان على نيل الخير ويضاده الشقاوة، يقال سعد وأسعده الله ورجل سعيد وقوم سعداء وأعظم السعادات الجنة فلذلك قال تعالى (وأما الذين سعدوا ففى الجنة) وقال: (فمنهم شقى وسعيد) والمساعدة المعاونة فيما يظن به سعادة.
وقوله لبيك وسعديك معنا ه أسعدك الله إسعادا بعد إسعاد أو ساعدكم مساعدة بعد مساعدة، والاول أولى.
والاسعاد في البكاء خاصة وقد استسعدته فأسعدني.
والساعد العضو تصورا لمساعدتها وسمى جناحا الطائر ساعدين كما سميا يدين والسعدان نبت يغزر اللبن ولذلك قيل: مرعى ولا كالسعدان، والسعدانة الحمامة
وعقدة الشسع وكركرة البعير وسعود الكواكب معروفة.
سعر: السعر التهاب النار وقد سعرتها وسعرتها وأسعرتها، والمسعر الخشب الذى يسعر به، واستعر الحرب واللصوص نحو اشتعل وناقة مسعورة نحو موقدة ومهيجة والسعار حر النار، وسعر الرجل أصابه حر، قال تعالى (وسيصلون سعيرا) وقال تعالى: (وإذا الجحيم سعرت) وقرئ بالتخفيف وقوله (عذاب السعير) أي حميم فهو فعيل في معنى مفعول وقال تعالى: (إن المجرمين في ضلال وسعر) والسعر في السوق تشبيها باستعار النار.
سعى: السعي المشى السريع وهو دون العدو ويستعمل للجد في الامر خيرا كان أو شرا، قال تعالى: (وسعى في خرابها) وقال (نورهم يسعى بين أيديهم) وقال (ويسعون في الارض فسادا - وإذا تولى سعى في الارض وأن ليس للانسان إلا ما سعى، وأن سعيه سوف يرى - إن سعيكم لشتى) وقال تعالى: (وسعلها سعيها - كان سعيهم مشكورا) وقال تعالى: (فلا كفران لسعيه) وأكثر
ما يستعمل السعي في الافعال المحمودة، قال الشاعر: إن أجز عقلمة بن سعد سعيه * لا أجزه ببلاء يوم واحد وقال تعالى: (فلما بلغ معه السعي) أي أدرك ما سعى في طلبه، وخص السعي فيما بين الصفا والمروة من المشى.
والسعاية بالنميمة وبأخذ الصدقة وبكسب المكاتب لعتق رقبته.
والمساعاة بالفجور، والمسعاة بطلب المكرمة، قال تعالى: (والذين سعوا في آياتنا معاجزين) أي اجتهدوا في أن يظهروا لنا عجزا فيما أنزلناه من الآيات.
سغب: قال تعالى: (أو إطعام في يوم ذى مسغبة) من السغب وهو الجوع مع التعب وقد قيل في العطش مع التعب، يقال سغب سغبا وسغوبا وهو ساغب وسغبان نحو عطشان.
سفر: السفر كشف الغطاء ويختص ذلك بالاعيان نحو سفر العمامة عن الرأس والخمار عن الوجه، وسفر البيت كنسه بالمسفر أي المكنس وذلك إزالة السفير عنه وهو التراب الذى يكنس منه والاسفار يختص باللون نحو (والصبح إذا
أسفر) أي أشرق لونه، قال تعالى: (وجوه يومئذ مسفرة) و " أسفروا بالصبح تؤجروا " من قولهم أسفرت أي دخلت فيه نحو أصبحت وسفر الرجل فهو سافر، والجعع السفر نحو ركب وسافر خص بالمفاعلة اعتبارا بأن الانسان قد سفر عن المكان، والمكان سفر عنه ومن لفظ السفر اشتق السفرة لطعام السفر ولما يوضع فيه قال تعالى: (وإن كنتم مرضى أو على سفر) والسفر الكتاب الذى يسفر عن الحقائق وجمعه أسفار، قال تعالى: (كمثل الحمار يحمل أسفارا) وخص لفظ الاسفار في هذا
المكان تنبيها أن التوراة وإن كانت تحقق ما فيها فالجاهل لا يكاد يستبينها كالحمار الحامل لها، وقوله تعالى: (بأيدى سفرة كرام بررة) فهم الملائكة الموصوفون بقوله (كراما كاتبين) والسفرة جمع سافر ككاتب وكتبة والسفير الرسول بين القوم يكشف ويزيل ما بينهم من الوحشة فهو فعيل في معنى فاعل، والسفارة الرسالة فالرسول والملائكة والكتب مشتركة في كونها سافرة عن القوم ما استبهم عليهم، والسفير
فيما ينكس في معنى المفعول، والسفار في قول الشاعر: * وما السفار قبح السفار * فقيل هو حديدة تجعل في أنف البعير، فإن لم يكن في ذلك حجة غير هذا البيت فالبيت تحتمل أن يكون مصدر سافرت.
سفع: السفع الاخذ بسفعة الفرس، أي سواد ناصيته، قال الله تعالى: (لنسفعا بالناصية) وباعتبار السواد قيل للاثافى سفع وبه سفعة غضب اعتبارا بما يعلو من اللون الدخانى وجه من اشتد به الغضب، وقيل للصقر أسفع لما به من لمع السواد وامرأة سفعاء اللون.
سفك: السفك في الدم صبه، قال تعالى: (ويسفك الدماء) وكذا في الجوهر المذاب وفى الدمع.
سفل: السفل ضد العلو وسفل فهو سافل قال تعالى: (فجعلنا عاليها سافلها) وأسفل ضد أعلى قال تعالى: (والركب أسفل منكم) وسفل صار في سفل، وقال تعالى: (ثم رددناه أسفل سافلين) وقال (وجعل كلمة الذين
كفروا السفلى) وقد قوبل بفوق في قوله (إذ جاءوكم من فوقكم ومن أسفل منكم) وسفالة الريح حيث تمر الريح والعلاوة ضده والسفلة من الناس النذل نحو الدون، وأمرهم في سفال.
سفن: السفن نحت ظاهر الشئ كسفن العود والجلد وسفن الريح التراب عن الارض، قال الشاعر: * فجاء خفيا يسفن الارض صدره * والسفن نحو النقض لما يسفن وخص السفن بجلدة قائم السيف وبالحديدة التى يسفن بها وباعتبار السفن سميت السفينة.
قال الله تعالى: (أما السفينة) ثم تجوز بالسفينة فشبه بها كل مركوب سهل.
سفه: السفه خفة في البدن ومنه قيل زمام سفيه كثير الاضطراب وثوب سفيه ردئ النسج واستعمل في خفة النفس لنقصان العقل وفى الامور الدنيوية والاخروية فقيل سفه نفسه وأصله سفه نفسه فصرف عنه الفعل نحو بطر معيشته.
قال في السفه الدنيوي (ولا تؤتوا السفهاء أموالكم) و، وقال في الاخروي
(وأنه كان يقول سفيهنا على ا لله شططا) فهذا من السفه في الدين وقال (أنومن كما آمن السفهاء ألا إنهم هم السفهاء) فنبه أنهم هم السفهاء في تسمية المؤمنين سفهاء وعلى ذلك قوله (سيقول السفهاء من الناس ما ولاهم عن قبلتهم التى كانوا عليها).
سقر: من سقرته الشمس وقيل صقرته أي لوحته وأذابته وجعل سقر اسم على لجهنم قال تعالى: (ما سلككم في سقر) وقال تعالى (ذوقوا مس سقر) ولما كان السقر يقتضى التلويح في الاصل نبه بقوله (وما أدراك ما سقر لا تبقى ولا تذر لواحة للبشر) أن ذلك مخالف لما نعرفه من أحوال السقر في الشاهد.
سقط: السقوط طرح الشئ إما من مكان عال إلى مكان منخفض كسقوط الانسان من السطح قال تعالى: (ألا في الفتنة سقطوا) وسقوط منتصب القامة وهو إذا شاخ وكبر، قال تعالى: (وإن يروا كسفا من السماء ساقطا) وقال (فأسقط علينا كسفا من السماء) والسقط والسقاط لما يقل الاعتداد به ومنه قيل رجل ساقط لئيم في حسبه وقد أسقطه كذا وأسقطت
المرأة اعتبر فيه الامران: السقوط من عال والرداءة، جميعا فإنه لا يقال أسقطت المرأة إلا في الولد الذى تلقيه قبل التمام، ومنه قيل لذلك الولد سقط وبه شبه سقط الزند بدلالة أنه قد يسمى الولد وقوله تعالى: (ولما سقط في أيديهم) فإنه يعنى الندم، وقرئ (تساقط عليك رطبا جنيا) أي تساقط النخلة وقرئ (تساقط) بالتخفيف أي تتساقط فحذف إحدى التاءين وإذا قرئ تساقط فإن تفاعل مطاوع فاعل وقد عداه كما عدى تفعل في نحو تجرعه، وقرئ (يساقط عليك) أي يساقط الجذع.
سقف: سقف البيت جمعه سقف وجعل السماء سقفا في قوله: (والسقف المرفوع) وقال تعالى: (وجعلنا السماء سقفا محفوظا) وقال: (لبيوتهم سقفا من فضة) والسقيفة كل مكان له سقف كالصفة والبيت، والسقف طول في انحناء تشبيها بالسقف.
سقم: السقم والسقم المرض المختص بالبدن والمرض قد يكون في البدن وفى النفس نحو: (في قلوبهم مرض) وقوله تعالى: (إنى سقيم) فمن التعريض أو الاشارة إلى ماض
وإما إلى مستقبل، وإما إلى قليل مما هو موجود في الحال إذا كان الانسان لا ينفك من خلل يعتريه وإن كان لا يحس به، ويقال مكان سقيم إذا كان فيه خوف.
سقى: السقى والسقيا أن يطعيه ما يشرب، والاسقاء أن يجعل له ذلك حتى يتناوله كيف شاء، فالاسقاء أبلغ من السقى لان الاسقاء هو أن تجعل له ما يسقى منه ويشرب، تقول أسقيته
نهرا، قال تعالى: (وسقاهم ربهم شرابا) طهورا) وقال: (وسقواما حميما - والذى هو يطعمنى ويسقين) وقال في الاسقاء (وأسقيناكم ماء فراتا) وقال: (فأسقيناكموه) أي جعلناه سقيا لكم وقال: (نسقيكم مما في بطونها) بالفتح والضم ويقال للنصيب من السقى سقى، وللارض التى تسقى سقى لكونهما مفعولين كالنقض، والاستسقاء طلب السفى أو الاسقاء، قال تعالى: (وإذ استسقى موسى) والسقاء ما يجعل فيه ما يسقى وأسقيتك جلدا أعطيتكه لتجعله سقاء، وقوله تعالى: (جعل السقاية في رحل أخيه) فهو المسمى صواع الملك فتسميته السقاية تنبيها أنه يسقى به وتسميته صواعا أنه
يكال به.
سكب: ماء مسكوب مصبوب وفرس سكب الجرى وسكبته فانسكب ودمع ساكب متصور بصورة الفاعل، وقد يقال منسكب وثوب سكب تشبيها بالمنصب لدقته ورقته كأنه ماء مسكوب.
سكت: السكوت مختص بترك الكلام ورجل سكيت وساكوت كثير السكوت والسكتة والسكات ما يعترى من مرض، والسكت يختص بسكون النفس في الغناء والسكت يختص بسكون النفس في الغناء والسكتات في الصلاة السكوت في حال الافتتاح وبعد الفراغ، والسكيت الذى يجئ آخر الحلبة، ولما كان السكوت ضربا من السكون استعير له في قوله: (ولما سكت عن موسى الغضب).
سكر: السكر حالة تعرض بين المرء وعقله، وأكثر ما يستعمل ذلك في الشراب، وقد يعترى من الغضب والعشق، ولذلك قال الشاعر: * سكران سكر هوى وسكر مدام * ومنه سكرات الموت، قال تعالى: (وجاءت
سكرة الموت) والسكر اسم لما يكون منه السكر، قال تعالى: (تتخذون منه سكرا ورزقا حسنا) والسكر حبس الماء، وذلك باعتبار ما يعرض من السد بين المرء وعقله، والسكر الموضع المسدود، وقوله تعالى: (إنما سكرت أبصارنا) قيل هو من السكر، وقيل هو من السكر، وليلة ساكرة أي ساكنة اعتبارا بالسكون العارض من السكر.
سكن: السكون ثبوت الشئ بعد تحرك، ويستعمل في الاستيطان نحو: سكن فلان مكان كذا أي استوطنه، واسم المكان مسكن والجمع مساكن، قال تعالى: (لا ترى إلا مساكنهم) وقال تعالى: (وله ما سكن في الليل والنهار - ولتسكنوا فيه) فمن الاول يقال سكنته، ومن الثاني يقال أسكنته نحو قوله تعالى: (ربنا إنى أسكنت من ذريتي) وقال تعالى: (أسكنوهن من حيث سكنتم من وجدكم) وقوله تعالى: (وأنزلنا من
السماء ماء بقدر فأسكناه في الارض) فتنبيه منه على إيجاده وقدرته على إفنائه، والسكن السكون وما يسكن إليه، قال تعالى: (والله
جعل لكم من بيوتكم سكنا) وقال تعالى: (إن صلاتك سكن لهم - وجاعل الليل سكنا) والسكن النار التى يسكن بها، والسكنى أن يجعل له السكون في دار بغير أجرة، والسكن سكان الدار ن حو سفر في جمع سافر، وقيل في جمع ساكن سكان، وسكان السفينة ما يسكن به، والسكين سمى لازالته حركة المذبوح، وقوله تعالى: (أنزل السكينة في قلوب المؤمنين) فقد قيل هو ملك يسكن قلب المؤمن ويؤمنه، كما روى أن أمير المؤمنين عليه السلام قال: إن السكينة لتنطق على لسان عمر، وقيل هو العقل.
وقيل له سكنية إذا سكن على الميل إلى الشهوات، وعلى ذلك دل قوله تعالى: (وتطمئن قلوبهم بذكر الله) وقيل السكينة والسكن واحد وهو زوال الرعب، وعلى هذا قوله تعالى: (أن يأتيكم التابوت فيه سكينة من ربكم) وما ذكر أنه شئ رأسه كرأس الهر فما أراه قولا يصح.
والمسكين قيل هو الذى لا شئ له وهو أبلغ من الفقير، وقوله تعالى: (أما السفينة فكانت لمساكين) فإنه جعلهم مساكين بعد ذهاب السفينة أو لان سفينتهم غير معتد بها في جنب ما كان
لهم من المسكنة، وقوله: (ضربت عليهم الذلة والمسكنة) فالميم في ذلك زائدة في أصح القولين.
سل: سل الشئ من الشئ نزعه كسل السيف من الغمد وسل الشئ من البيت على سبيل السرقة وسل الولد من الاب ومنه قيل للولد سليل قال تعالى: (يتسللون منكم لواذا) وقوله تعالى: (من سلالة من طين) أي من الصفو الذى يسل من الارض وقيل السلالة كناية عن النطفة تصور دونه صفو ما يحصل منه.
والسل مرض ينزع به اللحم والقوة وقد أسله الله وقوله عليه السلام: (لا إسلال ولا إغلال) وتسلسل الشئ اضطرب كأنه تصور منه تسلل متردد فردد لفظه تنبيها على تردد معناه ومنه السلسلة، قال تعالى: (في سلسلة ذرعها سبعون ذراعا) وقال تعالى: (سلاسل وأغلالا وسعيرا) وقال: (والسلاسل يسحبون) وروى " يا عجبا لقوم يقادون إلى الجنة بالسلاسل ".
وماء سلسل متردد في مقره حتى صفا، قال الشاعر: * أشهى إلى من الرحيق السلسل * وقوله: (سلسبيلا) أي سهلا لذيذا سلسا
حديد الجرية وقيل هو اسم عين في الجنة وذكر بعضهم أن ذلك مركب من قولهم سل سبيلا نحو الحوقلة والبسملة ونحوهما من الالفاظ المركبة وقيل بل هو اسم لكل
عين سريع الجرية، وأسلة اللسان الطرف الرقيق.
سلب: السلب نزع الشئ من الغير على القهر قال تعالى: (وإن يسلبهم الذباب شيئا لا يستنقذوه منه) والسليب الرجل المسلوب والناقة التى سلب ولدها والسلب المسلوب ويقال للحاء الشجر المنزوع منه سلب والسلب في قول الشاعر: * في السلب السود وفى الامساح * فقد قيل هي الثياب السود التى يلبسها المصاب وكأنها سميت سلبا لنزعه ما كان يلبسه قبل وقيل تسلبت المرأة مثل أحدت والاساليب الفنون المختلفة.
سلح: السلاح كل ما يقاتل به وجمعه أسلحة، قال تعالى: (وليأخذوا حذرهم وأسلحتهم) أي أمتعتهم، والاسليح نبت إذا أكلته الابل غزرت وسمنت وكأنما سمى
بذلك لانها إذا أكلته أخذت السلاح أي منعت أن تنحر إشارة إلى ما قال الشاعر: أزمان لم تأخذ على سلاحها إبلى بجلتها ولا أبكارها والسلاح ما يقذف به البعير من أكل الاسليح وجعل كناية عن كل عذرة حتى قيل في الحبارى سلاحه سلاحه.
سلخ: السلخ نزع جلد الحيوان، يقال سلخته فانسلخ وعنه استعير سلخت درعه نزعتها وسلخ الشهر وأنسلخ، قال تعالى: (فإذا انسلخ الاشهر الحرم) وقال تعالى: (نسلخ منه النهار) أ ى ننزع وأسود سالخ سلخ جلده أي نزعه ونخلة مسلاخ ينتثر بسره الاخضر.
سلط: السلاطة التمكن من القهر، يقال سلطته فتسلط، قال تعالى: (ولو شاء الله لسلطهم) وقال تعالى: (ولكن الله يسلط رسله على من يشاء) ومنه سمى السلطان والسلطان يقال في السلاطة نحو: (ومن قتل مظلوما فقد جعلنا لوليه سلطانا - إنه ليس له سلطان على الذين آمنوا وعلى ربهم يتوكلون - إنما سلطانه على الذين يتولونه - لا تنفذون إلا بسلطان)
وقد يقال لذى السلاطة وهو الاكثر وسمى الحجة سلطانا وذلك لما يلحق من الهجوم على القلوب لكن أكثر تسلطه على أهل العلم والحكمة من المؤمنين، قال تعالى: (الذين يجادلون في آيات الله بغير سلطان) وقال: (فأتونا بسلطان مبين) وقال تعالى: (ولقد أرسلنا موسى بآياتنا وسلطا ن مبين) وقال: (أتريدون أن تجعلوا لله عليكم سلطانا مبينا - هلك عنى سلطانيه) يحتمل السلطانين.
والسليط الزيت بلغة أهل اليمن وسلاطة اللسان القوة على المقال وذلك في الذم أكثر استعمالا يقال امرأة سليطة وسنابك سلطان لها تسلط بقوتها وطولها.
سلف: السلف المتقدم، قال تعالى: (فجعلناهم سلفا ومثلا للآخرين) أي معتبرا متقدما وقال تعالى: (فله ما سلف) أي يتجافى عما تقدم من ذنبه وكذا قوله (إلا ما قد سلف) أي ما تقدم من فعلكم فذلك متجافي عنه، فالاستثناء عن الاثم لا عن جواز الفعل، ولفلان سلف كريم أي آباء متقدمون جمعه أسلاف وسلوف.
والسالفة صفحة العنق، والسلف ما قدم
من الثمن على المبيع والسالفة والسلاف المتقدمون في حرب أو سفر وسلافة الخمر ما بقى من العصير والسلفة ما تقدم من الطعام على القرى، يقال سلفوا ضيفكم ولهنوه.
سلق: السلق بسط بقهر إما باليد أو باللسان، والتسلق على الحائاط منه قال (سلقوكم بألسنة حداد) يقال سلق امرأته إذا بسطها فجامعها، قال مسيلمة إن شئت سلقناك وإن شئت على أربع والسلق أن تدخل إحدى عروتي الجوالق في الاخرى، والسليقة خبز مرقق وجمعها سلائق، والسليقة أيضا الطبيعة المتباينة، والسلق المطمئن من الارض.
سلك: السلوك النفاذ في الطريق، يقال سلكت الطريق وسلكت كذا في طريقه، قال تعالى: (لتسلكوا منها سبلا فجاجا) وقال: (فاسلكي سبل ربك ذللا - يسلك من بين يديه - وسلك لكم فيها سبلا) ومن الثاني قوله: (ما سلككم في سقر) وقوله: (كذلك نسلكه في قلوب المجرمين - كذلك سلكناه - فاسلك فيها - نسلكه عذابا) قال بعضهم: سلكت فلانا طريقا فجعل عذابا
مفعولا ثانيا، وقيل عذابا هو مصدر لفعل محذوف كأنه قيل نعذبه به عذابا، والطعنة السلكة تلقاء وجهك، والسلكة الانثى من ولد الحجل والذكر السلك.
سلم: السلم: والسلامة التعري من الآفات الظاهرة والباطنة، قال: (بقلب سليم) أي متعر من الدغل فهذا في الباطن، وقال تعالى (مسلمة لا شية فيها) فهذا في الظاهر وقد سلم يسلم سلامة وسلاما وسلمه الله، قال تعالى: (ولكن الله سلم) وقال: (ادخلوها بسلام آمنين) أي سلامة، وكذا قوله: (اهبط بسلام منا) والسلامة الحقيقة ليست إلا في الجنة، إذ فيها بقاء بلا فناء وغنى بلا فقر، وعز بلا ذل، وصحة بلا سقم، كما قال تعالى: (لهم دار السلام عند ربهم) أي السلامة، قال: (والله يدعو إلى دار السلام) وقال تعالى: (يهدى به الله من اتبع رضوانه سبل السلام) يجوز أن يكون كل ذلك من السلامة.
وقيل السلام اسم من أسماء الله تعالى، وكذا قيل في قوله: (لهم دار السلام - والسلام المؤمن المهمين) قيل وصف بذلك من حيث لا يلحقه العيوب والآفات التى تلحق الخلق، وقوله:
(سلام قولا من رب رحيم - سلام عليكم بما صبرتم - سلام على آل ياسين) كل ذلك من الناس بالقول، ومن الله تعالى بالفعل وهو إعطاء ما تقدم ذكره مما يكون في الجنة من السلامة، وقوله: (وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاما) أي نطلب منكم السلامة فيكون قوله سلاما نصبا بإضمار فعل، وقيل معناه قالوا سلاما أي سدادا من القول فعلى هذا يكون صفة لمصدر محذوف.
وقوله تعالى: (إذ دخلوا عليه فقالوا سلاما، قال سلام) فإنما رفع الثاني لان الرفع في باب الدعاء أبلغ فكأنه تحرى في باب الادب المأمور به في قوله: (وإذا حييتم بتحية فحيوا بأحسن منها) ومن قرأ سلم فلان السلام لما كان يقتضى السلم، وكان ابراهيم عليه السلام قد أوجس منهم خيفة فلما رآهم مسلمين تصور من تسليمهم أنهم قد بذلوا له سلما فقال في جوابهم سلم تنبيها أن ذلك من جهتى لكم كما حصل من جهتكم لى.
وقوله تعالى: (لا يسمعون فيها لغوا ولا تأثيما إلا قيلا سلاما سلاما) فهذا لا يكون لهم بالقول فقط بل ذلك بالقول والفعل جميعا.
وعلى ذلك قوله تعالى:
(فسلام لك من أصحاب اليمين) وقوله: (وقل سلام) فهذا في الظاهر أن تسلم عليهم، وفى الحقيقة سؤال الله السلامة منهم، وقوله تعالى: (سلام على نوح في العالمين - سلام على موسى وهرون - سلام على إبراهيم) كل هذا تنبيه من الله تعالى أنه جعلهم بحيث يثنى عليهم ويدعى لهم.
وقال تعالى: (فإذا دخلتم بيوتا فسلموا على أنفسكم) أي ليسلم بعضكم على بعض.
والسلام والسلم والسلم الصلح قال: (ولا تقولوا لمن ألقى إليكم السلم لست مؤمنا) وقيل نزلت فيمن قتل بعد إقراره بالاسلام ومطالبته بالصلح.
وقوله تعالى: (يا أيها الذين آمنوا ادخلوا في السلم كافة وإن جنحوا للسلم) وقرئ للسلم بالفتح، وقرئ: (وألقوا إلى الله يومئذ السلم) وقال: (يدعون إلى السجود وهم سالمون) أي مستسلمون، وقوله: (ورجلا سالما لرجل) وقرئ سلما وسلما وهما مصدران وليسا بوصفين كحسن ونكد يقول سلم سلما وسلما وربح ربحا وربحا.
وقيل السلم اسم بإزاء حرب، والاسلام الدخول في السلم وهو أن يسلم كل واحد منهما أن يناله من ألم صاحبه، ومصدر أسلمت الشئ إلى فلان إذا
أخرجته إليه ومنه السلم في البيع.
والاسلام في الشرع على ضربين أحدهما دون الايمان وهو الاعتراف باللسان وبه يحقن الدم حصل معه الاعتقاد أولم يحصل وإياه قصد بقوله: (قالت الاعراب آمنا قل لم تؤمنوا ولكن قولوا أسلمنا) والثانى فوق الايمان وهو أن يكون مع الاعتراف اعتقاد بالقلب ووفاء بالفعل واستسلام لله في جميع ما قضى وقدر، كما ذكر عن
إبراهيم عليه السلام في قوله: (إذ قال له ربه أسلم قال أسلمت لرب العالمين) وقوله تعالى: (إن الدين عند الله الاسلام) وقوله: (توفنى مسلما) أي اجعلني ممن استسلم لرضاك ويجوز أن يكون معناه اجعلني سالما عن أسر الشيطان حيث قال: (لاغوينهم أجمعين إلا عبادك منهم المخلصين) وقوله: (إن تسمع إلا من يؤمن بآياتنا فهم مسلمون) أي منقادون للحق مذعنون له.
وقوله: (يحكم بها النبيون الذين أسلموا) أي الذين انقادوا من الانبياء الذين ليسوا من أولى العزم لاولى العزم الذين يهتدون بأمر الله ويأتون بالشرائع.
والسلم ما يتوصل به إلى الامكنة العالية
فيرجى به السلامة، ثم جعل اسما لكل ما يتوصل به إلى شئ رفيع كالسبب، قال تعالى: (أم لهم سلم يستمعون فيه) وقال (أو سلما في السماء) وقال الشاعر: * ولو نال أسباب السماء بسلم * والسلم والسلام شجر عظيم، كأنه سمى لاعتقادهم أنه سليم من الآفات، والسلام الحجارة الصلبة.
سلا: قال تعالى: (وأنزلنا عليكم المن والسلوى) أصلها ما يسلى الانسان ومنه السلوان والتسلى وقيل السلوى طائر كالسمانى.
قال ابن عباس: المن الذى يسقط من السماء والسلوى طائر، قال بعضهم: أشار ابن عباس بذلك إلى ما رزق الله تعالى عباده من اللحوم والنبات وأورد بذلك مثالا، وأصل السلوى من التسلى، يقال سليت عن كذا وسلوت عنه وتسليت إذا زال عنك محبته.
قيل والسلوان ما يسلى وكانوا يتداوون من العشق بخرزة يحكونها ويشربونها، ويسمونها السلوان.
سمم: السم والسم كل ثقب ضيق كخرق الابرة وثقب الانف والاذن وجمعه
سموم.
قال تعالى: (حتى يلج الجمل في سم الخياط) وقد سمه أي دخل فيه ومنه السامة للخاصة الذين يقال لهم الدخلل الذين يتداخلون في بواطن الامر، والسم القاتل وهو مصدر في معنى الفاعل فإنه بلطف تأثيره يدخل بواطن البدن، والسموم الريح الحارة التى تؤثر تأثير السم قال تعالى: (ووقانا عذاب السموم) وقال (في سموم وحميم - والجان خلقناه من قبل من نار السموم).
سمد: السامد اللاهى الرافع رأسه، من قولهم سمد البعير في سيره.
قال: (وأنتم سامدون) وقولهم سمد رأسه وسبد أي استأصل شعره.
سمر: السمرة أحد الالوان المركبة بين البياض والسواد والسمراء كنى بها عن الحنطة والسمار اللبن الرقيق المتغير اللون والسمرة شجرة تشبه أن تكون للونها سميت بذلك
والسمر سواد الليل ومنه قيل لا آتيك السمر والقمر، وقيل للحديث بالليل السمر وسمر فلان إذا تحدث ليلا ومنه قيل لا آتيك ما سمر ابنا سمير وقوله تعالى: (مستكبرين به سامرا
تهجرون) قيل معناه سمارا فوضع الواحد موضع الجمع وقيل بل السامر الليل المظلم يقال سامر وسمار وسمرة وسامرون وسمرت الشئ وإبل مسمرة مهملة والسامري منسوب إلى رجل.
سمع: السمع قوة في الاذن به يدرك الاصوات وفعله يقال له السمع أيضا، وقد سمع سمعا.
ويعبر تارة بالسمع عن الاذن نحو: (ختم الله على قلوبهم وعلى سمعهم) وتارة عن فعله كالسماع نحو (إنهم عن السمع لمعزولون) وقال تعالى: (أو ألقى السمع وهو شهيد) وتارة عن الفهم وتارة عن الطاعة تقول اسمع ما أقول لك ولم تسمع ما قلت وتعنى لم تفهم، قال تعالى: (وإذا تتلى عليهم آياتنا قالوا قد سمعنا لو نشاء لقلنا) وقوله (سمعنا وعصينا) أي فهمنا قولك ولم نأتمر لك وكذلك قوله (سمعنا وأطعنا) أي فهمنا وارتسمنا.
وقوله (ولا تكونوا كالذين قالوا سمعنا وهم لا يسمعون) يجوز أن يكون معناه فهمنا وهم لا يفهمون وأن يكون معناه فهمنا وهم لا يعملون بموجبه وإذا لم يعمل بموجبه فهو في حكم من لم يسمع.
ثم قال تعالى: (ولو علم
الله فيهم خيرا لاسمعهم ولو أسمعهم لتولوا) أي أفهمهم بأن جعل لهم قوة يفهمون بها وقوله (واسمع غير مسمع) يقال على وجهين أحدهما دعاء على الانسان بالصمم والثانى دعاء له، فالاول نحو أسمعك الله أي جعلك الله أصم والثانى أن يقال أسمعت فلانا إذا سببته وذلك متعارف في السب، وروى أن أهل الكتاب كانوا يقولون ذلك للنبى صلى الله عليه وسلم يوهمون أنهم يعظمونه ويدعون له وهم يدعون عليه بذلك وكل موضع أثبت الله السمع للمؤمنين أو نفى عن الكافرين أو حث على تحريه فالقصد به إلى تصور المعنى والتفكر فيه نحو (أم لهم آذان يسمعون بها) ونحو (صم بكم) ونحو (وفى آذانهم وقر) وإذا وصفت الله تعالى بالسمع فالمراد به علمه بالمسموعات وتحريه بالمجازاة بها نحو: (قد سمع الله قول التى تجادلك في زوجها - لقد سمع الله قول الذين قالوا) وقوله: (إنك لا تسمع الموتى ولا تسمع الصم الدعاء) أي لا تفهمهم لكونهم كالموتى في افتقادهم بسوء فعلهم القوة العاقلة التى هي الحياة المختصة بالانسانية، وقوله (أبصر به
وأسمع) أي يقول فيه تعالى ذلك من وقف على عجائب حكمته ولا يقال فيه ما أبصره وما أسمعه لما تقدم ذكره أن الله تعالى لا يوصف إلا بما ورد به السمع، وقوله في صفة الكفار
(أسمع بهم وأبصر يوم يأتوننا) معناه أنهم يسمعون ويبصرون في ذلك اليوم ما خفى عليهم وضلوا عنه اليوم لظلمهم أنفسهم وتركهم النظر، وقال (خذوا ما آتيناكم بقوة واسمعوا - سماعون للكذب) أي يسمعون منك لاجل أن يكذبوا (سماعون لقوم آخرين) أي يسمعون لمكانهم، والاستماع الاصغاء نحو (نحن أعلم بما يستمعون به، إذ يستمعون إليك - ومنهم من يستمع إليك - ومنهم من يستمعون إليك - واستمع يوم ينادى المنادى) وقوله (أمن يملك السمع والابصار) أي من الموجد لاسماعهم وأبصارهم والمتولي لحفظها.
والمسمع والمسمع خرق الاذن وبه شبه حلقة مسمع الغرب.
سمك: السمك سمك البيت وقد سمكه أي رفعه قال (رفع سمكها فسواها) وقال الشاعر:
* إن الذى سمك السماء مكانها * وفى بعض الادعية يا بارئ السموات المسموكات وسنام سامك عال.
والسماك ما سمكت به البيت، والسماك نجم، والسمك معروف.
سمن: السمن ضد الهزال، يقال سمين وسمان قال: (أفتنا في سبع بقرات سمان) وأسمنته وسمنته جعلته سمينا، قال (لا يسمن ولا يغنى من جوع) وأسمنته اشتريته سمينا أو أعطيته كذا واستسمنته وجدته سمينا.
والسمنة دواء يستجلب به السمن والسمن سمى به لكونه من جنس السمن وتولده عنه والسمانى طائر.
سما: سماء كل شئ أعلاه، قال الشاعر في وصف فرس: وأحمر كالديباج أما سماؤه * فريا وأما أرضه فمحول قال بعضهم كل سماء بالاضافة إلى ما دونها فسماء وبالاضافة إلى ما فوقها فأرض إلا السماء العليا فإنها سماء بلا أرض، وحمل على هذا قوله (الله الذى خلق سبع سموات ومن الارض مثلهن) وسمى المطر سماء لخروجه منها، قال بعضهم: إنما سمى سماء ما لم يقع بالارض اعتبارا
بما تقدم وسمى النبات سماء إما لكونه من المطر الذى هو سماء وإما لارتفاعه عن الارض.
والسماء المقابل للارض مؤنث وقد يذكر ويستعمل للواحد والجمع لقوله (ثم استوى إلى السماء فسواهن) وقد يقال في جمعها سموات.
قال (خلق السموات - قل من رب السموات) وقال (السماء منفطر به) فذكر وقال (إذا السماء انشقت - إذا السماء انفطرت) فأنث ووجه ذلك أنها كالنخل في الشجر وما يجرى مجراه من أسماء الجنس الذى يذكر ويؤنث ويخبر عنه بلفظ الواحد والجمع، والسماء الذى هو المطر يذكر ويجمع على أسمية.
والسماوة الشخص العالي، قال الشاعر:
* سماوة الهلال حتى احقوقفا * وسما لى: شخص، وسما الفحل على الشول سماوة لتخلله إياها، والاسم ما يعرف به ذات الشئ وأصله سمو بدلالة قولهم أسماء وسمى وأصله من السمو وهو الذى به رفع ذكر المسمى فيعرف به قال (باسم الله) وقال (اركبوا فيها بسم الله مجريها - بسم الله الرحمن الرحيم - وعلم آدم الاسماء) أي الالفاظ والمعاني
مفرداتها ومركباتها.
وبيان ذلك أن الاسم يستعمل على ضربين، أحدهما: بحسب الوضع الاصطلاحي وذلك هو في المخبر عنه نحو رجل وفرس، والثانى: بحسب الوضع الاولى ويقال ذلك للانواع الثلاثة المخبر عنه والخبر عنه، والرابط بينهما المسمى بالحرف وهذا هو المراد بالآية لان آدم عليه السلام كما علم الاسم علم الفعل والحرف ولا يعرف الانسان الاسم فيكون عارفا لمسماه إذا عرض عليه المسمى، إلا إذا عرف ذاته.
ألا ترى أنا لو علمنا أسامي أشياء بالهندية أو بالرومية ولم نعرف صورة ماله تلك الاسماء لم نعرف المسميات إذا شاهدناها بمعرفتنا الاسماء المجردة بل كنا عارفين بأصوات مجردة فثبت أن معرفة الاسماء لا تحصل إلا بمعرفة المسمى وحصول صورته في الضمير، فإذا المراد بقوله (وعلم آدم الاسماء كلها) الانواع الثلاثة من الكلام وصور المسميات في ذواتها وقوله (ما تعبدون من دونه إلا أسماء سميتموها) فمعناه أن الاسماء التى تذكرونها ليس لها مسميات وإنما هي أسماء على غير مسمى إذ كان حقيقة ما يعتقدون في الاصنام بحسب تلك الاسماء غير موجود فيها، وقوله
(وجعلوا لله شركاء قل سموهم) فليس المراد أن يذكروا أساميها نحو اللات والعزى وإنما المعنى إظهار تحقيق ما تدعونه إلها وأنه هل يوجد معاني تلك الاسماء فيها ولهذا قال بعده (أم تنبؤنه بما لا يعلم في الارض أم بظاهر من القول) وقوله (تبارك اسم ربك) أي البركة والنعمة الفائضة في صفاته إذا اعتبرت وذلك نحو الكريم والعليم والبارى والرحمن الرحيم وقال (سبح اسم ربك الاعلى - ولله الاسماء الحسنى) وقوله (اسمه يحيى لم نجعل له من قبل سميا - ليسمون الملائكة تسمية الانثى) أي يقولون للملائكة بنات الله وقوله (هل تعلم له سميا) أي نظيرا له يستحق اسمه، وموصوفا يستحق صفته على التحقيق وليس المعنى هل تجد من يتسمى باسمه إذ كان كثير من أسمائه قد يطلق على غيره لكن ليس معناه إذا استعمل فيه كما كان معناه إذا استعمل في غيره.
سنن: السن معروف وجمعه أسنان قال (والسن بالسن) وسان البعير الناقة عاضها حتى أبركها، والسنون دواء يعالج به الاسنان، وسن الحديد إسالته وتحديده، والمسن
ما يسن به أي يحدد به، والسنان يختص بما يركب في رأس الرمح وسننت البعير صقلته وضمرته تشبيها بسن الحديد وباعتبار الاسالة قيل سننت الماء أي أسلته.
وتنح عن سنن الطريق وسننه وسننه، فالسنن جمع سنة، وسنة الوجه طريقته، وسنة النبي طريقته التى كان يتحراها وسنة الله تعالى قد تقال لطريقة حكمته وطريقة طاعته نحو (سنة الله التى قد خلت من قبل ولن تجد لسنة الله تبديلا - ولن تجد لسنة الله تحويلا) فتنبيه أن فروع الشرائع وإن اختلفت صورها فالغرض المقصود منها لا يختلف ولا يتبدل وهو تطهير النفس وترشيحها للوصول إلى ثواب الله تعالى وجواره، وقوله (من حمأ مسنون) قيل متغير وقوله: (لم يتسنه) معناه لم يتغير والهاء للاستراحة.
سنم: قال: (ومزاجه من تسنيم) قيل هو عين في الجنة رفيعة القدر وفسر بقوله: (عينا يشرب بها المقربون).
سنا: السنا الضوء الساطع والسناء الرفعة والسانية التى يسقى بها سميت لرفعتها، قال:
(يكاد سنا برقه) وسنت الناقة تسنو أي سقت الارض وهى السانية.
سنة: السنة في أصلها طريقان أحدهما أن أصلها سنهة لقولهم سانهت فلانا أي عاملته سنة فسنة، وقولهم سنيهة قيل: ومنه (لم يتسنه) أي لم يتغير بمر السنين عليه ولم تذهب طراوته وقيل أصله من الواو لقولهم سنوات ومنه سانيت والهاء للوقف نحو كتابيه وحسابيه وقال: (أربعين سنة - سبع سنين دأبا - ثلثمائة سنين - ولقد أخدنا آل فرعون بالسنين) فعبارة عن الجدب وأكثر ما تستعمل السنة في الحول الذى فيه الجدب، يقال أسنت القوم أصابتهم السنة، قال الشاعر: * لها أرج ما حولها غير مسنت * وقال آخر: * فليست بسنهاء ولا رجبية * فمن الهاء كما ترى، وقول الآخر: * ما كان أزمان الهزال والسنى * فليس بمرخم وإنما جمع فعلة على فعول كمائة ومئين ومؤن وكسر الفاء كما كسر في عصى وخففه للقافية، وقوله: (لا تأخذه سنة ولانوم) فهو من الوسن لا من هذا الباب.
سهر: الساهرة قيل وجه الارض، وقيل هي أرض القيامة، وحقيقتها التى يكثر الوطء بها، فكأنها سهرت بذلك إشارة إلى قول الشاعر: * تحرك يقظان التراب ونائمه * والاسهران عرقان في الانف.
سهل: السهل ضد الحزن وجمعه سهول، قال: (من سهولها قصورا) وأسهل حصل في السهل ورجل سهلى منسوب إلى السهل، ونهر
سهل، ورجل سهل الخلق وحزن الخلق، وسهيل نجم.
سهم: السهم ما يرمى به وما يضرب به من القداح ونحوه قال: (فساهم فكان من المدحضين) واستهموا اقترعوا وبرد مسهم عليه صورة سهم، وسهم وجهه تغير والسهام داء يتغير منه الوجه.
سها: السهو خطأ عن غفلة وذلك ضربان أحدهما، أن لا يكون من الانسان جوالبه ومولداته كمجنون سب إنسانا، والثانى أن يكون منه مولداته كمن شرب خمرا ثم ظهر منه منكر لا عن قصد إلى فعله.
والاول معفو عنه والثانى مأخوذ به، وعلى نحو الثاني ذم الله تعالى
فقال: (في غمرة ساهون - عن صلاتهم ساهون).
سيب: السائبة التى تسيب في المرعى فلا ترد عن حوض ولا علف وذلك إذا ولدت خمسة أبطن، وانسابت الحية انسيابا، والسائبة العبد يعتق ويكون ولاؤه لمعتقه ويضع ماله حيث شاء وهو الذى ورد النهى عنه، والسيب العطاء، والسيب مجرى الماء وأصله من سيبته فساب.
ساح: الساحة المكان الواسع ومنه ساحة الدار، قال: (فإذا نزل بساحتهم) والسائح الماء الدائم الجرية في ساحة، وساح فلان في الارض مر مر السائح، قال: (فسيحوا في الارض أربعة أشهر) ورجل سائح في الارض وسياح، وقوله: (السائحون) أي الصائمون، وقال: (سائحات) أي صائمات، قال بعضهم: الصوم ضربان: حقيقي وهو ترك المطعم والمنكح، وصوم حكمي وهو حفظ الجوارح عن المعاصي كالسمع والبصر واللسان، فالسائح هو الذى يصوم هذا الصوم دون الصوم الاول، وقيل السائحون هم الذين يتحرون ما اقتضاه قوله: (أ فلم يسيروا في الارض فتكون لهم
قلوب يعقلون بها أو آذان يسمعون بها).
سود: السواد اللون المضاد للبياض، يقال اسود واسواد، قال: (يوم تبيض وجوه وتسود وجوه) فابيضاض الوجوه عبارة عن المسرة واسودادها عبارة عن المساءة، ونحوه: (وإذا بشر أحدهم بالانثى ظل وجهه مسودا وهو كظيم) وحمل بعضهم الابيضاض والاسوداد على المحسوس، والاول أولى لان ذلك حاصل لهم سودا كانوا في الدنيا أو بيضا، وعلى ذلك وقوله في البياض (وجوه يومئذ ناضرة)، قوله (ووجوه يومئذ باسرة - ووجوه يومئذ عليها غبرة ترهقها قترة) وقال (وترهقهم ذلة مالهم من الله من عاصم - كأنما أغشيت وجوههم قطعا من الليل مظلما) وعلى هذا النحو ما روى " أن المؤمنين يحشرون غرا محجلين من آثار الوضوء " ويعبر بالسواد عن الشخص المرئى من بعيد وعن سواد العين
قال بعضهم: لا يفارق سوادى سواده أي عينى شخصه، ويعبر به عن الجماعة الكثيرة نحو قولهم عليكم بالسواد الاعظم،، والسيد المتولي للسواد أي الجماعة الكثيرة وينسب
إلى ذلك فيقال سيد القوم ولا يقال سيد الثوب وسيد الفرس، ويقال ساد القوم يسودهم، ولما كان من شرط المتولي للجماعة أن يكون مهذب النفس قيل لكل من كان فاضلا في نفسه سيد.
وعلى ذلك قوله (وسيدا وحصورا) وقوله (وألفيا سيدها) فسمى الزوج سيدا لسياسة زوجته وقوله (ربنا إنا أطعنا سادتنا) أي ولاتنا وسائسينا.
سار: السير المضى في الارض ورجل سائر وسيار والسيارة الجماعة، قال تعالى: (وجاءت سيارة) يقال سرت وسرت بفلان وسرته أيضا وسيرته على التكثير، فمن الاول قوله (أفلم يسيروا - قل سيروا - سيروا فيها ليالى) ومن الثاني قوله (سار بأهله) ولم يجئ في القرآن القسم الثالث وهو سرته.
والرابع قوله (وسيرت الجبال - هو الذى يسيركم في البر والبحر) وأما قوله (سيروا في الارض) فقد قيل حث على السياحة في الارض بالجسم، وقيل حث على إجالة الفكر ومراعاة أحواله كما روى في الخبر أنه قيل في وصف الاولياء: أبدانهم في الارض سائرة وقلوبهم في الملكوت جائلة، ومنهم من حمل ذلك على الجد في العبادة
المتوصل بها إلى الثواب وعلى ذلك حمل قوله عليه السلام " سافروا تغنموا "، والتسيير ضربان، أحدهما بالامر والاختيار والارادة من السائر نحو: (وهو الذى يسيركم) والثانى بالقهر والتسخير كتسخير الجبال.
(وإذا الجبال سيرت) وقوله (وسيرت الجبال) والسيرة الحالة التى يكون عليها الانسان وغيره غريزيا كان أو مكتسبا، يقال فلان له سيرة حسنة وسيرة قبيحة، وقوله (سنعيدها سيرتها الاولى) أي الحالة التى كانت عليها من كونها عودا.
سور: السور وثوب مع علو، ويستعمل في الغضب وفى الشراب، يقال سورة الغضب وسورة الشراب، وسرت إليك وساورني فلان وفلان سوار وثاب.
والاسوار من أساورة الفرس أكثر ما يستعمل في الرماة ويقال هو فارسي معرب.
وسوار المرأة معرب وأصله دستوار وكيفما كان فقد استعملته العرب واشتق منه سورت الجارية وجارية مسورة ومخلخلة، قال (أسورة من ذهب - أساور من فضة) واستعمال الاسورة في الذهب وتخصيصها بقوله ألقى واستعمال أساور في الفضة وتخصيصه
بقوله (حلوا) فائدة ذلك تختص بغير هذا الكتاب.
والسورة المنزلة الرفيعة، قال الشاعر: ألم تر أن الله أعطاك سورة * ترى كل ملك دونها يتذبذب
وسور المدينة حائطها المشتمل عليها وسورة القرآن تشبيها بها لكونه محاطا بها إحاطة السور بالمدينة أو لكونها منزلة كمنازل القمر، ومن قال سؤرة فمن أسأرت أي أبقيت منها بقية كأنها قطعة مفردة من جملة القرآن وقوله: (سورة أنزلناها) أي جملة من الاحكام والحكم، وقيل أسأرت في القدح أي أبقيت فيه سؤرا، أي بقية، قال الشاعر: * لا بالحصور ولا فيها بسأر * ويروى بسوار، من السورة أي الغضب.
سوط: السوط الجلد المضفور الذى يضرب به وأصل السوط خلط الشئ بعضه ببعض، يقال سطته وسوطته، فالسوط يسمى به لكونه مخلوط الطاقات بعضها ببعض، وقوله (فصب عليهم ربك سوط عذاب) تشبيها بما يكون
في الدنيا من العذاب بالسوط، وقيل إشارة إلى ما خلط لهم من أنواع العذاب المشار إليه بقوله (حميما وغساقا).
ساعة: الساعة جزء من أجزاء الزمان، ويعبر به عن القيامة، قال (اقتربت الساعة - ويسألونك عن الساعة - وعنده علم الساعة) تشبيها بذلك لسرعة حسابه كما قال (وهو أسرع الحاسبين) أو لما نبه عليه بقوله (كأنهم يوم يرونها لم يلبثوا إلا عشية أو ضحاها - لم يلبثوا إلا ساعة من نهار - ويوم تقوم الساعة) فالاولى هي القيامة والثانية الوقت القليل من الزمان.
وقيل الساعات التى هي القيامة ثلاثة: الساعة الكبرى وهى بعث الناس للمحاسبة وهى التى أشار إليها بقوله عليه السلام " لا تقوم الساعة حتى يظهر الفحش والتفحش وحتى يعبد الدرهم والدينار " إلى غير ذلك.
وذكر أمورا لم تحدث في زمانه ولا بعده.
والساعة الوسطى وهى موت أهل القرن الواحد وذلك نحو ما روى أنه رأى عبد الله بن أنيس فقال " إن يطل عمر هذا الغلام لم يمت حتى تقوم الساعة " فقيل إنه آخر من مات من الصحابة.
والساعة الصغرى وهى موت الانسان،
فساعة كل إنسان موته وهى المشار إليها بقوله (قد خسر الذين كذبوا بلقاء الله حتى إذا جاءتهم الساعة بغتة)، ومعلوم أن هذه الحسرة تنال الانسان عند موته لقوله (وأنفقوا مما رزقناكم من قبل أن يأتي أحدكم الموت فيقول) الآية وعلى هذا قوله (قل أرأيتكم إن أتاكم عذاب الله أو أتتكم الساعة) وروى أنه كان إذا هبت ريح شديدة تغير لونه عليه السلام فقال: " تخوفت الساعة " وقال " ما أمد طرفي ولا أغضها إلا وأظن أن الساعة قد قامت " يعنى موته.
ويقال عاملته مساوعة نحو معاومة ومشاهرة، وجاءنا بعد سوع من الليل وسواع أي بعد هدء، وتصور من الساعة
الاهمال فقيل أسعت الابل أسيعها وهو ضائع سائع، وسواع اسم صنم.
قال: (ودا ولا سواعا).
ساغ: ساغ الشراب في الحلق سهل انحداره، وأساغه كذا.
قال: (سائغا للشاربين - ولا يكاد يسيغه) وسوغته مالا مستعار منه، وفلان سوغ أخيه إذا ولد
إثره عاجلا تشبيها بذلك.
سوف: سوف حرف يخصص أفعال المضارعة بالاستقبال ويجردها عن معنى الحال نحو (سوف أستغفر لكم ربى) وقوله (فسوف تعلمون) تنبيه أن ما يطلبونه وإن لم يكن في الوقت حاصلا فهو مما يكون بعد لا محالة ويقتضى معنى المماطلة والتأخير، واشتق منه التسويف اعتبارا بقول الواعد سوف أفعل كذا والسوف شم التراب والبول، ومنه قيل للمفازة التى يسوف الدليل ترابها مسافة، قال الشاعر: * إذا الدليل استاف أخلاق الطرق * والسواف مرض الابل يشارف بها الهلاك وذلك لانها تشم الموت أو يشمها الموت وإما لانه مما سوف تموت منه.
ساق: سوق الابل جلبها وطردها، يقال سقته فانساق، والسيقة ما يساق من الدواب وسقت المهر إلى المرأة وذلك أن مهورهم كانت الابل وقوله (إلى ربك يومئذ المساق) نحو قوله (وأن إلى ربك المنتهى) وقوله (سائق وشهيد) أي ملك يسوقه وآخر يشهد عليه وله، وقيل هو كقوله (كأنما يساقون إلى الموت) وقوله (والتفت الساق بالساق)
قيل عنى التفاف الساقين عند خروج الروح وقيل التفافهما عند ما يلفان في الكفن، وقيل هو أن يموت فلا تحملانه بعد أن كانتا تقلانه، وقيل أراد التفاف البلية بالبلية (يوم يكشف عن ساق) من قولهم كشفت الحرب عن ساقها، وقال بعضهم في قوله (يوم يكشف عن ساق) إنه إشارة إلى شدة وهو أن يموت الولد في بطن الناقة فيدخل المذمر يده في رحمها فيأخذ بساقه فيخرجه ميتا، قال فهذا هو الكشف عن الساق فجعل لكل أمر فظيع.
وقوله (فاستوى على سوقه) قيل هو جمع ساق نحو لابة ولوب وقارة وقور، وعلى هذا (فطفق مسحا بالسوق والاعناق) ورجل أسوق وامرأة سوقاء بينة السوق أي عظيمة الساق، والسوق الموضع الذى يجلب إليه المتاع للبيع، قال (وقالوا مال هذا الرسول يأكل الطعام ويمشى في الاسواق) والسويق سمى لانسواقه في الحلق من غير مضغ.
سول: السؤل الحاجة التى تحرص النفس عليها، قال (قد أوتيت سؤلك يا موسى) وذلك ما سأله بقوله (رب اشرح لى صدري) الآية والتسويل تزيين النفس لما تحرص عليه
وتصوير القبيح منه بصورة الحسن، قال (بل
سولت لكم أنفسكم أمرا - الشيطان سول لهم) وقال بعض الادباء: * سالت هذيل رسول الله فاحشة * أي طلبت منه سؤلا.
قال وليس من سأل كما قال كثير من الادباء.
والسؤل يقارب الامنية لكن الامنية تقال فيما قدره الانسان والسؤل فيما طلب فكأن السؤل يكون بعد الامنية.
سال: سال الشئ يسيل وأسلته أنا، قال (وأسلنا له عين القطر) أي أذبنا له والاسالة في الحقيقة حالة في القطر تحصل بعد الاذابة، والسيل أصله مصدر وجعل اسما للماء الذى يأتيك ولم يصبك مطره، قال (فاحتمل السيل زبدا رابيا - سيل العرم) والسيلان الممتد من الحديد، الداخل من النصاب في المقبض.
سأل: السؤال استدعاء معرفة أو ما يؤدى إلى المعرفة واستدعاء مال أو ما يؤدى إلى المال، فاستدعاء المعرفة جوابه على اللسان واليد خليفة له بالكتابة أو الاشارة، واستدعاء المال جوابه
على اليد واللسان خليفة لها إما بوعد أو برد.
إن قيل كيف يصح أن يقال السؤال يكون للمعرفة ومعلوم أن الله تعالى يسأل عباده نحو (وإذ قال الله يا عيسى ابن مريم) قيل إن ذلك سؤال لتعريف القوم وتبكيتهم لا لتعريف الله تعالى فإنه علام الغيوب، فليس يخرح عن كونه سؤالا عن المعرفة، والسؤال للمعرفة يكون تارة للاستعلام وتارة للتبكيت كقوله تعالى: (وإذا الموءودة سئلت) ولتعرف المسئول.
والسؤال إذا كان للتعريف تعدى إلى المفعول الثاني تارة بنفسه وتارة بالجار، تقول سألته كذا وسألته عن كذا وبكذا وبعن أكثر (ويسئلونك عن الروح - ويسئلونك عن ذى القرنين - يسألونك عن الانفال) وقال تعالى: (وإذا سألك عبادي عنى)، وقال (سأل سائل بعذاب واقع) وإذا كان السؤال لاستدعاء مال فإنه يتعدى بنفسه أو بمن نحو (وإذا سألتموهن متاعا فاسألوهن من وراء حجاب - واسألوا ما أنفقتم وليسألوا ما أنفقوا) وقال (واسألوا الله من فضله) ويعبر عن الفقير إذا كان مستدعيا لشئ بالسائل نحو (وأما السائل فلا تنهر) وقوله
(للسائل والمحروم).
سام: السوم أصله الذهاب في ابتغاء الشئ، فهو لفظ لمعنى مركب من الذهاب والابتغاء وأجرى مجرى الذهاب في قولهم سامت الابل فهى سائمة ومجرى الابتغاء في قولهم سمت كذا قال: (يسومونكم سوء العذاب) ومنه قيل سيم فلان الخسف فهو يسام الخسف ومنه السوم في البيع فقيل صاحب السلعة أحق بالسوم، ويقال سمت الابل في المرعى وأسمتها وسومتها
قال: (ومنه شجر فيه تسيمون) والسيماء والسيمياء العلامة، قال الشاعر: * له سيمياء لا تشق على البصر * وقال تعالى: (سيماهم في وجوههم) وقد سومته أي أعلمته ومسومين أي معلمين ومسومين معلمين لانفسهم أو لخيولهم أو مرسلين لها وروى عنه عليه السلام أنه قال: " تسوموا فإن الملائكة قد تسومت ".
سأم: السآمة الملالة مما يكثر لبثه فعلا كان أو انفعالا قال: (وهم لا يسأمون) وقال: (لا يسأم الانسان من دعاء الخير) وقال الشاعر:
سمئت تكاليف الحياة ومن يعش * ثمانين حولا لا أبالك يسأم سين: طور سيناء جبل معروف، قال: (تخرج من طور سيناء) قرئ بالفتح والكسر والالف في سيناء بالفتح ليس إلا للتأنيث لانه ليس في كلامهم فعلال إلا مضاعفا كالقلقال والزلزال، وفى سيناء يصح أن تكون الالف فيه كالالف في علباء وحرباء، وأن تكون الالف للالحاق بسرواح، وقيل أيضا طور سينين والسين من حروف المعجم.
سوا: المساواة المعادلة المعتبرة بالذرع والوزن والكيل، يقال هذا ثوب مساو لذاك الثوب، وهذا الدرهم مساو لذلك الدرهم، وقد يعتبر بالكيفية نحو هذا السواد مساو لذلك السواد وإن كان تحقيقه راجعا إلى اعتبار مكانه دون ذاته ولاعتبار المعادلة التى فيه استعمل العدل، قال الشاعر: * أبينا فلا نعطى السواء عدونا * واستوى يقال على وجهين، أحدهما: يسند إليه فاعلان فصاعدا نحو استوى زيد وعمرو في كذا أي تساويا، وقال: (لا يستوون عند الله) والثانى أن يقال لاعتدال الشئ في ذاته
نحو (ذو مرة فاستوى) وقال: (فإذا استويت أنت - لتستووا على ظهوره - فاستوى على سوقه) واستوى فلان على عمالته واستوى أمر فلان، ومتى عدى بعلى اقتضى معنى الاستيلاء كقوله (الرحمن على العرش استوى) وقيل معناه استوى له ما في السموات وما في الارض أي استقام الكل على مراده بتسوية الله تعالى إياه كقوله: (ثم استوى إلى السماء فسواهن) وقيل معناه استوى كل شئ في النسبة إليه فلا شئ أقرب إليه من شئ إذ كان تعالى ليس كالاجسام الحالة في مكان دون مكان، وإذا عدي بإلى اقتضى معنى الانتهاء إليه إما بالذات أو بالتدبير، وعلى الثاني قوله: (ثم استوى إلى السماء وهى دخان) وتسوية الشئ جعله سواء إما في الرفعة أو في الضعة، وقوله: (الذى خلقك فسواك) أي جعل خلقتك على ما اقتضت الحكمة وقوله: (ونفس وما سواها) فإشارة إلى القوى التى جعلها مقومة للنفس فنسب الفعل إليها وقد ذكر
في غير هذا الموضع أن الفعل كما يصح أن ينسب إلى الفاعل يصح أن ينسب إلى الآلة وسائر ما يفتقر الفعل إليه نحو سيف قاطع، وهذا
الوجه أولى من قول من قال أراد (ونفس وما سواها) يعنى الله تعالى، فإن ما لا يعبر به عن الله تعالى إذ هو موضوع للجنس ولم يرد به سمع يصح، وأما قوله: (سبح اسم ربك الاعلى الذى خلق فسوى) فالفعل منسوب إليه تعالى وكذا قوله: (فإذا سويته ونفخت فيه من روحي) وقوله: (رفع سمكها فسواها) فتسويتها يتضمن بناءها وتزيينها المذكور في قوله (إنا زينا السماء الدنيا بزينة الكواكب) والسوي يقال فيما يصان عن الافراط والتفريط من حيث القدر والكيفية، قال تعالى: (ثلاث ليال سويا) وقال تعالى: (من أصحاب الصراط السوى) ورجل سوى استوت أخلاقه وخلقته عن الافراط والتفريط، وقوله تعالى: (على أن نسوي بنانه) قيل نجعل كفه كخف الجمل لا أصابع له، وقيل بل نجعل أصابعه كلها على قدر واحد حتى لا ينتفع به وذاك أن الحكمة في كون الاصابع متفاوتة في القدر والهيئة ظاهرة، إذ كان تعاونها على القبض أن تكون كذلك، وقوله: (فدمدم عليهم ربهم بذنبهم فسواها) أي سوى بلادهم بالارض نحو (خاوية على عروشها) وقيل
سوى بلادهم بهم نحو: (لو تسوى بهم الارض) وذلك إشارة إلى ما قال عن الكفار (ويقول الكافر يا ليتنى كنت ترابا) ومكان سوى وسواء وسط ويقال سواء وسوى وسوى أي يستوى طرفاه ويستعمل ذلك وصفا وظرفا، وأصل ذلك مصدر، وقال: (في سواء الجحيم - وسواء السبيل - فانبذ إليهم على سواء) أي عدل من الحكم.
وكذا قوله: (إلى كلمة سواء بيننا وبينكم) وقوله: (سواء عليهم أأنذرتهم أم لم تنذرهم - سواء عليهم أستغفرت لهم - سواء علينا أجزعنا أم صبرنا) أي يستوى الامران في أنهما لا يغنيان (سواء العاكف فيه والباد) وقد يستعمل سوى وسواء بمعنى غير، قال الشاعر: * فلم يبق منها سوى هامد * وقال آخر: * وما قصدت من أهلها لسوائكا * وعندي رجل سواك أي مكانك وبدلك والسى المساوى مثل عدل ومعادل وقتل ومقاتل، تقول سيان زيد وعمرو، وأسواء جمع سى نحو نقض وأنقاض يقال قوم أسواء ومستوون، والمساواة متعارفة في المثمنات، يقال هذا الثوب
يساوى كذا وأصله من ساواه في القدر، قال: (حتى إذا ساوى بين الصدفين).
سوأ: السوء كل ما يغم الانسان من الامور الدنيوية والاخروية ومن الاحوال النفسية والبدنية والخارجة من فوات مال وجاه
وفقد حميم، وقوله (بيضاء من غير سوء) أي من غير آفة بها وفسر بالبرص، وذلك بعض الآفات التى تعرض لليد.
وقال: (إن الخزى اليوم والسوء على الكافرين) وعبر عن كل ما يقبح بالسوأى، ولذلك قوبل بالحسنى، قال: (ثم كان عاقبة الذين أساءوا السوأى) كما قال (للذين أحسنوا الحسنى) والسيئة الفعلة القبيحة وهى ضد الحسنة، قال: (بلى من كسب سيئة) قال (لم تستعجلون بالسيئة - يذهبن السيئات - ما أصابك من حسنة فمن الله وما أصابك من سيئة فمن نفسك - فأصابهم سيئات ما عملوا - ادفع بالتى هي أحسن السيئة) وقال عليه الصلاة والسلام: " يا أنس أتبع السيئة الحسنة تمحها " والحسنة والسيئة ضربان: أحدهما بحسب اعتبار العقل والشرع نحو المذكور في قوله: (من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها، ومن جاء
بالسيئة فلا يجزى إلا مثلها) وحسنة وسيئة بحسب اعتبار الطبع، وذلك ما يستخفه الطبع وما يستثقله نحو قوله: (فإذا جاءتهم الحسنة قالوا لنا هذه وإن تصبهم سيئة يطيروا بموسى ومن معه) وقوله: (ثم بدلنا مكان السيئة الحسنة) وقوله تعالى: (إن الخزى اليوم والسوء على الكافرين) ويقال ساءنى كذا وسؤتنى وأسأت إلى فلان، قال: (سيئت وجوه الذين كفروا) وقال (ليسوءوا وجوهكم - من يعمل سوءا يجز به) أي قبيحا، وكذا قوله: (زين لهم سوء أعمالهم - عليهم دائرة السوء) أي ما يسوءهم في العاقبة، وكذا قوله: (وساءت مصيرا - وساءت مستقرا) وأما قوله تعالى: (فإذا نزل بساحتهم فساء صباح المنذرين - وساء ما يعملون - ساء مثلا) فساء ههنا تجرى مجرى بئس، وقال: (ويبسطوا إليكم أيديهم وألسنتهم بالسوء) وقوله: (سيئت وجوه الذين كفروا) نسب ذلك إلى الوجه من حيث إنه يبدو في الوجه أثر السرور والغم، وقال: (سئ بهم وضاق بهم ذرعا - حل بهم ما يسوءهم) وقال: (سوء الحساب - ولهم سوء الدار) وكنى عن الفرج بالسوأة.
قال:
(كيف يوارى سوأة أخيه - فأوارى سوأة أخى - يوارى سوآتكم - بدت لهما سوآتهما - ليبدى لهما ما وورى عنهما من سوآتهما).
كتاب الشينشبه: الشبه والشبه والشبيه حقيقتها في المماثلة من جهة الكيفية كاللون والطعم وكالعدالة والظلم، والشبهة هو أن لا يتميز أحد الشيئين من الاخر لما بينهما من التشابه عينا كان أو معنى، قال: (وأتوا به متشابها) أي يشبه بعضه بعضا لونا لا طعما وحقيقة، وقيل متماثلا في الكمال والجودة، وقرئ قوله: (مشتبها وغير متشابه) وقرئ: (متشابها) جميعا ومعناهما متقاربان.
وقال: (إن البقر تشابه علينا) على لفظ الماضي فجعل لفظه مذكرا وتشابه أي تتشابه علينا على الادغام، وقوله: (تشابهت قلوبهم) أي في الغى والجهالة، قال: (وأخر متشابهات) والمتشابه من القرآن ما أشكل تفسيره لمشابهته بغيره إما من حيث اللفظ أو من حيث المعنى، فقال الفقهاء المتشابه ما لا ينبئ ظاهره عن مراده، وحقيقة ذلك أن الايات عند اعتبار بعضها ببعض
ثلاثة أضرب: محكم على الاطلاق، ومتشابه على الاطلاق، ومحكم من وجه متشابه من وجه.
فالمتشابه في الجملة ثلاثة أضرب: متشابه من جهة اللفظ فقط، ومتشابه من جهة المعنى فقط، ومتشابه من جهتهما.
والمتشابه من جهة اللفظ ضربان: أحدهما يرجع إلى الالفاظ المفردة، وذلك إما من جهة غرابته نحو الاب ويزفون، وإما من جهة مشاركة في اللفظ كاليد والعين.
والثانى يرجع إلى جملة الكلام المركب، وذلك ثلاثة أضرب، ضرب لاختصار الكلام نحو: (وإن خفتم ألا تقسطوا في اليتامى فانكحوا ما طاب لكم من النساء) وضرب لبسط الكلام نحو: (ليس كمثله شئ) لانه لو قيل ليس مثله شئ كان أظهر للسامع.
وضرب لنظم الكلام نحو: (أنزل على عبده الكتاب ولم يجعل له عوجا قيما) تقديره الكتاب قيما ولم يجعل له عوجا وقوله (ولو لا رجال مؤمنون) إلى قوله: (لو تزيلوا) والمتشابه من جهة المعنى أوصاف الله تعالى وأوصاف يوم القيامة فإن تلك الصفات لا تتصور لنا إذ كان لا يحصل في نفوسنا صورة ما لم نحسه
أو لم يكن من جنس ما نحسه.
والمتشابه من
جهة المعنى واللفظ جميعا خمسة أضرب، الاول: من جهة الكمية كالعموم والخصوص نحو: (اقتلوا المشركين) والثانى: من جهة الكيفية كالوجوب والندب نحو (فانكحوا ما طاب لكم) والثالث: من جهة الزمان كالناسخ والمنسوخ نحو (اتقوا الله حق تقاته) والرابع: من جهة المكان والامور التى نزلت فيها نحو: (وليس البر بأن تأتوا البيوت من ظهورها) وقوله (إنما النسئ زيادة في الكفر) فإن من لا يعرف عادتهم في الجاهلية يتعذر عليه معرفة تفسير هذه الاية.
والخامس: من جهة الشروط التى بها يصح الفعل أو يفسد كشروط الصلاة والنكاح.
وهذه الجملة إذا تصورت علم أن كل ما ذكره المفسرون في تفسير المتشابه لا يخرج عن هذه التقاسيم نحو قول من قال المتشابه (الم) وقول قتادة المحكم الناسخ والمتشابه المنسوخ، وقول الاصم المحكم ما أجمع على تأويله، والمتشابه ما اختلف فيه.
ثم جميع المتشابه على ثلاثة أضرب: ضرب لا سبيل للوقوف عليه كوقت
الساعة وخروج دابة الارض وكيفية الدابة ونحو ذلك.
وضرب للانسان سبيل إلى معرفته كالالفاظ الغريبة والاحكام الغلقة.
وضرب متردد بين الامرين يجوز أن يختص بمعرفة حقيقته بعض الراسخين في العلم ويخفى على من دونهم، وهو الضرب المشار إليه بقوله عليه السلام في على رضى الله عنه: " اللهم فقهه في الدين وعلمه التأويل ".
وقوله لابن عباس مثل ذلك.
وإذ عرفت هذه الجملة علم أن الوقف على قوله (وما يعلم تأويله إلا الله) ووصله بقوله: (والراسخون في العلم) جائز وأن لكل واحد منهما وجها حسبما دل عليه التفصيل المتقدم.
وقوله (الله نزل أحسن الحديث كتابا متشابها) فإنه يعنى ما يشبه بعضه بعضا في الاحكام والحكمة واستقامة النظم.
وقوله (ولكن شبه لهم) أي مثل لهم من حسبوه إياه، والشبه من الجواهر ما يشبه لونه لون الذهب.
شتت: الشت تفريق الشعب، يقال شت جمعهم شتا وشتاتا، وجاءوا أشتاتا أي متفرقي النظام، قال: (يومئذ يصدر الناس أشتاتا) وقال (من نبات شتى) أي مختلفة الانواع
(وقلوبهم شتى) أي هم بخلاف من وصفهم بقوله (ولكن الله ألف بينهم) وشتان اسم فعل نحو وشكان يقال شتان ما هما وشتان ما بينهما إذا أخبرت عن ارتفاع الالتئام بينهما.
شتا: (رحلة الشتاء والصيف) يقال شتى وأشتى وصاف وأصاف والمشتى والمشتاة للوقت والموضع والمصدر، قال الشاعر: * نحن في المشتاة ندعو الجفلى * شجر: الشجر من النبات ماله ساق، يقال
شجرة وشجر نحو ثمرة وثمر (إذ يبايعونك تحت الشجرة) وقال (أأنتم أنشأتم شجرتها - والنجم والشجر - من شجر من زقوم - إن شجرة الزقوم) وواد شجير كثير الشجر، وهذا الوادي أشجر من ذلك، والشجار والمشاجرة والتشاجر المنازعة.
قال: (فيما شجر بينهم) وشجرنى عنه صرفني عنه بالشجار وفى الحديث: " فان اشتجروا فالسلطان ولى من لا ولى له " والشجار خشب الهودج، والمشجر ما يلقى عليه الثوب وشجره بالرمح أي طعنه بالرمح وذلك أن يطعنه به فيتركه فيه.
شح: الشح بخل مع حرص وذلك فيما كان عادة قال (وأحضرت الانفس الشح) وقال: (ومن يوق شح نفسه) يقال رجل شحيح وقوم أشحة قال (أشحة على الخير - أشحة عليكم) وخطيب شحشح ماض في خطبته من قولهم: شحشح البعير في هديره.
شحم: (حرمنا عليهم شحومهما) وشحمة الاذن معلق القرط لتصوره بصورة الشحم وشحمة الارض لدودة بيضاء، ورجل مشحم كثر عنده الشحم، وشحم محب للشحم وشاحم يطعمه أصحابه وشحيم كثر على بدنه.
شحن: قال: (في الفلك المشحون) أي المملوء والشحناء عداوة امتلات منها النفس يقال عدو مشاحن وأشحن للبكاء امتلات نفسه لتهيئه له.
شخص: الشخص سواد الانسان القائم المرئى من بعيد، وقد شخص من بلده نفذ وشخص سهمه وبصره وأشخصه صاحبه قال: (تشخص فيه الابصار - شاخصة أبصارهم) أي أجفانهم لا تطرف.
شد: الشد العقد القوى يقال: شددت الشئ قويت عقده قال (وشددنا أسرهم - فشدوا الوثاق) والشدة تستعمل في العقد وفى البدن وفى قوى النفس وفى العذاب قال: (وكانوا أشد منهم قوة - علمه شديد القوى) يعنى جبريل عليه السلام (غلاظ شداد - بأسهم بينهم شديد - في العذاب الشديد) والشديد والمتشدد البخيل قال: (وإنه لحب الخير لشديد) فالشديد يجوز أن يكون بمعنى مفعول كأنه شد كما يقال غل عن الانفصال، وإلى نحو هذا: (وقالت اليهود يد الله مغلولة - غلت أيديهم) ويجوز أن يكون بمعنى فاعل، فالمتشدد كأنه شد صرته، وقوله: (حتى إذا بلغ أشده وبلغ أربعين سنة) ففيه تنبيه أن الانسان إذا بلغ هذا القدر يتقوى خلقه الذى هو عليه فلا يكاد يزايله بعد ذلك، وما أحسن ما نبه له الشاعر حيث يقول: إذا المرء وافى الاربعين ولم يكن * له دون ما يهوى حياء ولا ستر
فدعه ولا تنفس عليه الذى مضى * وإن جر أسباب الحياة له العمر
وشد فلان واشتد إذا أسرع، يجوز أن يكون من قولهم شد حزامه للعدو، كما يقال ألقى ثيابه إذا طرحه للعدو، وأن يكون من قولهم اشتدت الريح، قال: (اشتدت به الريح).
شر: الشر الذى يرغب عنه الكل، كما أن الخير هو الذى يرغب فيه الكل، قال (شر مكانا - وإن شر الدواب عند الله الصم) وقد تقدم تحقيق الشر مع ذكر الخير وذكر أنواعه، ورجل شرير وشرير متعاط للشر وقوم أشرار وقد أشررته نسبته إلى الشر، وقيل أشررت كذا أظهرته واحتج بقول الشاعر: إذا قيل أي الناس شر قبيلة * أشرت كليب بالاكف الاصابعا فإن لم يكن في هذا إلا هذا البيت فإنه يحتمل أنها نسبت الاصابع إلى الشر بالاشارة إليه، فيكون من أشررته إذا نسبته إلى الشر، والشر بالضم خص بالمكروه، وشرار النار ما تطاير منها وسميت بذلك لاعتقاد الشر فيه، قال: (ترمى بشرر كالقصر).
شرب: الشرب تناول كل مائع ماء كان أو غيره، قال تعالى في صفة أهل الجنة: (وسقاهم ربهم شرابا طهورا) وقال في صفة أهل النار:
(لهم شراب من حميم) وجمع الشراب أشربة يقال شربته شربا وشربا، قال (فمن شرب منه فليس منى - إلى قوله - فشربوا منه) وقال (فشاربون شرب الهيم) والشرب النصيب منه قال: (هذه ناقة لها شرب ولكم شرب يوم معلوم - كل شرب محتضر) والمشرب المصدر واسم زمان الشرب ومكانه (قد علم كل أناس مشربهم) والشريب المشارب والشراب وسمى الشعر على الشفة العليا والعرق الذى في باطن الحلق شاربا وجمعه شوارب لتصورهما بصورة الشاربين، قال الهذلى في صفة عير: * صخب الشوارب لا يزال كأنه * وقوله: (وأشربوا في قلوبهم العجل) قيل هو من قولهم أشربت البعير شددت حبلا في عنقه قال الشاعر: فأشربتها الاقران حتى وقصتها * بقرح وقد ألقين كل جنين فكأنما شد في قلوبهم العجل لشغفهم، وقال بعضهم معناه أشرب في قلوبهم حب العجل، وذلك أن من عادتهم إذا أرادوا العبارة عن مخامرة حب أو بغض استعاروا له اسم الشراب
إذ هو أبلغ إنجاع في البدن ولذلك قال الشاعر: تغلغل حيث لم يبلغ شراب * ولا حزن ولم يبلغ سرور ولو قيل حب العجل لم تكن هذه المبالغة فإن في ذكر العجل تنبيها أن لفرط شغفهم به صارت صورة العجل في قلوبهم لا تنمحي، وفى مثل
أشربتنى ما لم أشرب أي ادعيت على ما لم أفعل شرح: أصل الشرح بسط اللحم ونحوه، يقال شرحت اللحم وشرحته ومنه شرح الصدر أي بسطه بنور إلهى وسكينة من جهة الله وروح منه، قال: (رب اشرح لى صدري - ألم نشرح لك صدرك - أفمن شرح الله صدره) وشرح المشكل من الكلام بسطه وإظهار ما يخفى من معانيه.
شرد: شرد البعير ند وشردت فلانا في البلاد وشردت به أي فعلت به فعلة تشرد غيره أن يفعل فعله كقولك نكلت به أي جعلت ما فعلت به نكالا لغيره، قال (فشرد بهم من خلفهم) أي اجعلهم نكالا لمن يعرض لك بعدهم، وقيل فلان طريد شريد.
شرذم: الشرذمة جماعة منقطعة، قال:
(شرذمة قليلون) وهو من قولهم ثوب شراذم أي متقطع.
شرط: الشرط كل حكم معلوم يتعلق بأمر يقع بوقوعه، وذلك الامر كالعلامة له وشريط وشرائط وقد اشترطت كذا ومنه قيل للعلامة الشرط وأشراط الساعة علاماتها (فقد جاء أشراطها) والشرط قيل سموا بذلك لكونهم ذوى علامة يعرفون بها وقيل لكونهم أرذال الناس فأشراط الابل أرذالها.
وأشرط نفسه للهلكة إذا عمل عملا يكون علامة للهلاك أو يكون فيه شرط الهلاك شرع: الشرع نهج الطريق الواضح، يقال شرعت له طريقا والشرع مصدر ثم جعل اسما للطريق النهج فقيل له شرع وشرع شريعة واستعير ذلك للطريقة الالهية، قال (شرعة ومنهاجا) فذلك إشارة إلى أمرين: أحدهما: ما سخر الله تعالى عليه كل إنسان من طريق يتحراه مما يعود إلى مصالح العباد وعمارة البلاد، وذلك المشار إليه بقوله: (ورفعنا بعضهم فوق بعض درجات ليتخذ بعضهم بعضا سخريا).
الثاني: ما قيض له من الدين وأمره به
ليتحراه اختيارا مما تختلف فيه الشرائع ويعترضه النسخ ودل عليه قوله (ثم جعلناك على شريعة من الامر فاتبعها) قال ابن عباس: الشرعة ما ورد به القرآن، والمنهاج ما ورد به السنة، وقوله (شرع لكم من الدين) فإشارة إلى الاصول التى تتساوى فيها الملل فلا يصح عليها النسخ كمعرفة الله تعالى ونحو ذلك من نحو مادل عليه قوله: (ومن يكفر بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الاخر) قال بعضهم: سميت الشريعة شريعة تشبيها بشريعة الماء من حيث إن من شرع فيها على الحقيقة المصدوقة روى وتطهر، قال وأعنى بالرى ما قال بعض الحكماء: كنت أشرب فلا أروى فلما عرفت الله تعالى رويت بلا شرب.
وبالتطهر ما قال تعالى: (إنما يريد الله ليذهب
عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا) وقوله تعالى: (إذ تأتيهم حيتانهم يوم سبتهم شرعا) جمع شارع.
وشارعة الطريق جمعها شوارع، وأشرعت الرمح قبله وقيل شرعته فهو مشروع وشرعت السفينة جعلت لها شراعا ينقذها وهم في هذا الامر
شرع أي سواء أي يشرعون فيه شروعا واحدا.
وشرعك من رجل زيد كقولك حسبك أي هو الذى تشرع في أمره، أو تشرع به في أمرك، والشرع خص بما يشرع من الاوتار على العود.
شرق: شرقت الشمس شروقا طلعت وقيل لا أفعل ذلك ما ذر شارق وأشرقت أضاءت، قال (بالعشى والاشراق) أي وقت الاشراق والمشرق والمغرب إذا قيلا بالافراد فإشارة إلى ناحيتى الشرق والغرب وإذا قيلا بلفظ التثنية فإشارة إلى مطلعى ومغربى الشتاء والصيف، وإذا قيلا بلفظ الجمع فاعتبار بمطلع كل يوم ومغربه أو بمطلع كل فصل ومغربه، قال (رب المشرق والمغرب - رب المشرقين ورب المغربين - رب المشارق والمغارب - مكانا شرقيا) من ناحية الشرق والمشرقة المكان الذى يظهر للشرق وشرقت اللحم ألقيته في المشرقة والمشرق مصلى العيد لقيام الصلاة فيه عند شروق الشمس، وشرقت الشمس اصفرت للغروب ومنه أحمر شارق شديد الحمرة، وأشرق الثوب بالصبغ، ولحم شرق أحمر لا دسم فيه.
شرك: الشركة والمشاركة خلط الملكين، وقيل هو أن يوجد شئ لاثنين فصاعدا عينا كان ذلك الشئ أو معنى كمشاركة الانسان والفرس في الحيوانية، ومشاركة فرس وفرس في الكمتة والدهمة، يقال شركته وشاركته وتشاركوا واشتركوا وأشركته في كذا، قال (وأشركه في أمرى) وفى الحديث " اللهم أشركنا في دعاء الصالحين " وروى أن الله تعالى قال لنبيه عليه السلام " إنى شرفتك وفضلتك على جميع خلقي وأشركتك في أمرى " أي جعلتك بحيث تذكر معى، وأمرت بطاعتك مع طاعتي في نحو (أطيعوا الله وأطيعوا الرسول) وقال: (في العذاب مشتركون) وجمع الشريك شركاء (ولم يكن له شريك في الملك - شركاء متشاكسون - شركاء شرعوا لهم - أين شركائي)، وشرك الانسان في الدين ضربان.
أحدهما: الشرك العظيم وهو إثبات شريك لله تعالى، يقال أشرك فلان بالله وذلك أعظم كفر، قال (إن الله لا يغفر أن يشرك به) وقال (ومن يشرك بالله فقد ضل ضلالا بعيدا -
ومن يشرك بالله فقد حرم الله عليه الجنة - يبايعنك على أن لا يشركن بالله شيئا)
وقال (سيقول الذين أشركوا لو شاء الله ما أشركنا).
والثانى: الشرك الصغير وهو مراعاة غير الله معه في بعض الامور وهو الرياء والنفاق المشار إليه بقوله (شركاء فيما آتاهما فتعالى الله عما يشركون - وما يؤمن أكثرهم بالله إلا وهم مشركون) وقال بعضهم معنى قوله (إلا وهم مشركون) أي واقعون في شرك الدنيا أي حبالتها، قال: ومن هذا ما قال عليه السلام " الشرك في هذه الامة أخفى من دبيب النمل على الصفا " قال: ولفظ الشرك من الالفاظ المشتركة وقوله (ولا يشرك بعبادة ربه أحدا) محمول على الشركين وقوله (اقتلوا المشركين) فأكثر الفقهاء يحملونه على الكفار جميعا لقوله (وقالت اليهود عزير ابن الله) الاية، وقيل هم من عدا أهل الكتاب لقوله (إن الذين آمنوا والذين هادوا والصابئين والنصارى والمجوس والذين أشركوا) أفرد المشركين عن اليهود
والنصارى.
شرى: الشراء والبيع يتلازمان فالمشترى دافع الثمن وآخذ المثمن، والبائع دافع المثمن وآخذ الثمن، هذا إذا كانت المبايعة والمشاراة بناض وسلعة.
فأما إذا كانت بيع سلعة بسلعة صح أن يتصور كل واحد منهما مشتريا وبائعا ومن هذا الوجه صار لفظ البيع والشراء يستعمل كل واحد منهما في موضع الاخر.
وشريت بمعنى بعت أكثر وابتعت بمعنى اشتريت أكثر قال الله تعالى: (وشروه بثمن بخس) أي باعوه وكذلك قوله (يشترون الحياة الدنيا بالاخرة) ويجوز الشراء والاشتراء في كل ما يحصل به شئ نحو: (إن الذين يشترون بعهد الله - لا يشترون بآيات الله - اشتروا الحياة الدنيا - اشتروا الضلالة) وقوله: (إن الله اشترى من المؤمنين) فقد ذكر ما اشترى به وهو قوله: (يقاتلون في سبيل الله فيقتلون) ويسمى الخوارج بالشراة متأولين فيه قوله: (ومن الناس من يشرى نفسه ابتغاء مرضاة الله) فمعنى يشرى يبيع فصار ذلك كقوله: (إن الله اشترى) الاية شطط: الشطط الافراط في البعد، يقال
شطت الدار وأشط يقال في المكان وفى الحكم وفى السوم، قال: * شط المزار بجذوى وانتهى الامل * وعبر بالشطط عن الجور، قال: (لقد قلنا إذا شططا) أي قولا بعيدا عن الحق وشط النهر حيث يبعد عن الماء من حافته.
شطر: شطر الشئ نصفه ووسطه قال: (فول وجهك شطر المسجد الحرام) أي جهته ونحوه وقال: (فولوا وجوهكم شطره) ويقال شاطرته شطارا أي ناصفته، وقيل شطر بصره أي نصفه وذلك إذا أخذ ينظر إليك
وإلى آخر، وحلب فلان الدهر أشطره وأصله في الناقة أن يحلب خلفين ويترك خلفين وناقة شطور يبس خلفان من أخلافها، وشاة شطور أحد ضرعيها أكبر من الاخر وشطر إذا أخذ شطرا أي ناحية، وصار يعبر بالشاطر عن البعيد وجمعه شطر نحو: * أشاقك بين الخليط الشطر * والشاطر أيضا لمن يتباعد عن الحق وجمعه شطار.
شطن: الشيطان النون فيه أصلية وهو من
شطن أي تباعد ومنه بئر شطون وشطنت الدار وغربة شطون، وقيل بل النون فيه زائدة من شاط يشيط احترق غضبا فالشيطان مخلوق من النار كما دل عليه: (وخلق الجان من مارج من نار) ولكونه من ذلك اختص بفرط القوة الغضبية والحمية الذميمة وامتنع من السجود لادم.
قال أبو عبيدة: الشيطان اسم لكل عارم من الجن والانس والحيوانات، قال: (شياطين الانس والجن) وقال: (وإن الشياطين ليوحون - وإذا خلوا إلى شياطينهم) أي أصحابهم من الجن والانس وقوله: (كأنه رؤوس الشياطين) قيل هي حية خفيفة الجسم وقيل أراد به عارم الجن فتشبه به لقبح تصورها وقوله: (واتبعوا ما تتلوا الشياطين) فهم مردة الجن ويصح أن يكونوا هم مردة الانس أيضا، وقال الشاعر: * لو أن شيطان الذئاب العسل * جمع العاسل وهو الذى يضطرب في عدوه واختص به عسلان الذئب.
وقال آخر: * ما ليلة الفقير إلا شيطان * وسمى كل خلق ذميم للانسان شيطانا، فقال
عليه السلام: " الحسد شيطان والغضب شيطان ".
شطا: شاطئ الوادي جانبه، قال: (نودى من شاطئ الوادي) ويقال شاطأت فلانا ماشيته في شاطئ الوادي، وشطء الزرع فروخ الزرع وهو ما خرج منه وتفرغ في شاطئيه أي في جانبيه وجمعه أشطاء، قال: (كزرع أخرج شطأه) أي فراخه وقرئ شطأه وذلك نحو الشمع والشمع والنهر والنهر شعب: الشعب القبيلة المتشعبة من حى واحد وجمعه شعوب، قال: (شعوبا وقبائل) والشعب من الوادي ما اجتمع منه طرف وتفرق طرف فإذا نظرت إليه من الجانب الذى تفرق أخذت في وهمك واحدا يتفرق وإذا نظرت من جانب الاجتماع أخذت في وهمك اثنين اجتمعا فلذلك قيل شعبت إذا جمعت وشعبت إذا فرقت، وشعيب تصغير شعب الذى هو مصدر أو الذى هو اسم أو تصغير شعب، والشعيب المزادة الخلق التى قد أصلحت وجمعت.
وقوله:
(إلى ظل ذى ثلاث شعب) يختص بما بعد هذا الكتاب.
شعر: الشعر معروف وجمعه أشعار، قال: (ومن أصوافها وأوبارها وأشعارها) وشعرت أصبت الشعر ومنه استعير شعرت كذا أي علمت علما في الدقة كإصابة الشعر، وسمى الشاعر شاعرا لفطنته ودقة معرفته، فالشعر في الاصل اسم للعلم الدقيق في قولهم ليت شعرى وصار في التعارف اسما للموزون المقفى من الكلام، والشاعر للمختص بصناعته، وقوله تعالى حكاية عن الكفار: (بل افتراه بل هو شاعر) وقوله: (شاعر مجنون - شاعر نتربص به) وكثير من المفسرين حملوه على أنهم رموه بكونه آتيا بشعر منظوم مقفى حتى تأولوا ما جاء في القرآن من كل لفظ يشبه الموزون من نحو: (وجفان كالجواب وقدور راسيات) وقوله: (تبت يدا أبى لهب).
وقال بعض المحصلين: لم يقصدوا هذا المقصد فيما رموه به وذلك أنه ظاهر من الكلام أنه ليس على أساليب الشعر ولا يخفي ذلك على الاغتام من العجم فضلا عن بلغاء العرب، وإنما رموه بالكذب فإن الشعر يعبر به عن الكذب والشاعر الكاذب حتى سمى قوم الادلة الكاذبة الشعرية، ولهذا
قال تعالى في وصف عامة الشعراء: (والشعراء يتبعهم الغاوون) إلى آخر السورة، ولكون الشعر مقر الكذب قيل أحسن الشعر أكذبه.
وقال بعض الحكماء: لم ير متدين صادق اللهجة مغلقا في شعره.
والمشاعر الحواس وقوله (وأنتم لا تشعرون) ونحو ذلك معناه: لا تدركونه بالحواس ولو قال في كثير مما جاء فيه لا يشعرون لا يعقلون لم يكن يجوز إذ كان كثير مما لا يكون محسوسا قد يكون معقولا.
ومشاعر الحج معالمه الظاهرة للحواس والواحد مشعر ويقال شعائر الحج الواحد شعيرة (ذلك ومن يعظم شعائر الله) قال: (عند المشعر الحرام - لا تحلوا شعائر الله) أي ما يهدى إلى بيت الله، وسمى بذلك لانها تشعر أي تعلم بأن تدمى بشعيرة أي حديدة يشعر بها.
والشعار الثوب الذى يلى الجسد لمماسته الشعر، والشعار أيضا ما يشعر به الانسان نفسه في الحرب أي يعلم.
وأشعره الحب نحو ألبسه والاشعر الطويل الشعر وما استدار بالحافر من الشعر وداهية شعراء كقولهم داهية وبراء، والشعراء ذباب الكلب لملازمته شعره، والشعير الحب المعروف
والشعرى نجم وتخصيصه في قوله: (وأنه هو رب الشعرى) لكونها معبودة لقوم منهم.
شعف: قرئ (شعفها) وهى من شعفة القلب وهى رأسه معلق النياط وشعفة الجبل أعلاه، ومنه قيل فلان مشعوف بكذا كأنما أصيب شعفة قلبه.
شعل: الشعل التهاب النار، يقال شعلة من
النار وقد أشعلتها وأجاز أبو زيد شعلتها والشعيلة الفتيلة إذا كانت مشتعلة.
وقيل بياض يشتعل (واشتعل الرأس شيبا) تشبيها بالاشتعال من حيث اللون، واشتعل فلان غضبا تشبيها به من حيث الحركة، ومنه أشعلت الخيل في الغارة نحو أوقدتها وهيجتها وأضرمتها.
شغف: (شغفها حبا) أي أصاب شغاف قلبها أي باطنه عن الحسن وقيل وسطه عن أبى على وهما يتقاربان.
شغل: الشغل والشغل العارض الذى يذهل الانسان، قال: (في شغل فاكهون) وقرئ: (شغل) وقد شغل فهو مشغول ولا يقال أشغل وشغل شاغل.
شفع: الشفع ضم الشئ إلى مثله ويقال
للمشفوع شفع والشفع والوتر قيل الشفع المخلوقات من حيث إنها مركبات، كما قال: (ومن كل شئ خلقنا زوجين) والوتر هو الله من حيث إن له الوحدة من كل وجه.
وقيل الشفع يوم النحر من حيث إن له نظيرا يليه، والوتر يوم عرفة وقيل الشفع ولد آدم.
والوتر آدم لانه لا عن والد والشفاعة الانضمام إلى آخر ناصرا له وسائلا عنه وأكثر ما يستعمل في انضمام من هو أعلى حرمة ومرتبة إلى من هو أدنى.
ومنه الشفاعة في القيامة قال (لا يملكون الشفاعة إلا من اتخذ عند الرحمن عهدا - لا تنفع الشفاعة إلا من أذن له الرحمن - لا تغنى شفاعتهم شيئا - ولا يشفعون إلا لمن ارتضى - فما تنفعهم شفاعة الشافعين) أي لا يشفع لهم (ولا يملك الذين يدعون من دونه الشفاعة - من حميم ولا شفيع - من يشفع شفاعة حسنة - ومن يشفع شفاعة سيئة) أي من انضم إلى غيره وعاونه وصار شفعا له أو شفيعا في فعل الخير والشر فعاونه وقواه وشاركه في نفعه وضره.
وقيل الشفاعة ههنا أن يشرع الانسان للاخر طريق خير أو طريق شر فيقتدى به فصار
كأنه شفع له وذلك كما قال عليه السلام: " من سن سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها، ومن سن سنة سيئة فعليه وزرها ووزر من عمل بها " أي إثمها وإثم من عمل بها، وقوله: (ما من شفيع إلا من بعد إذنه) أي يدبر الامر وحده لا ثانى له في فصل الامر إلا أن يأذن للمدبرات والمقسمات من الملائكة فيفعلون ما يفعلونه بعد إذنه.
واستشفعت بفلان على فلان فتشفع لى وشفعه أجاب شفاعته، ومنه قوله عليه السلام: " القرآن شافع مشفع " والشفعة هو طلب مبيع في شركته بما بيع به ليضمه إلى ملكه وهو من الشفع، وقال عليه السلام " إذا وقعت الحدود فلا شفعة ".
شفق: الشفق اختلاط ضوء النهار بسواد الليل عند غروب الشمس، قال (فلا أقسم بالشفق) والاشفاق عناية مختلطة بخوف
لان المشفق يحب المشفق عليه ويخاف ما يلحقه، قال (وهم من الساعة مشفقون) فإذا عدى بمن فمعنى الخوف فيه أظهر، وإذا عدى بفى فمعنى العناية فيه أظهر قال (إنا كنا قبل في أهلنا مشفقين - مشفقون منها - مشفقين
مما كسبوا - أأشفقتم أن تقدموا).
شفا: شفا البئر وغيرها حرفه ويضرب به المثل في القرب من الهلاك قال (على شفا جرف - على شفا حفرة) وأشفى فلان على الهلاك أي حصل على شفاه ومنه استعير: ما بقى من كذا إلا شفي: أي قليل كشفا البئر.
وتثنية شفا شفوان وجمعه أشفاه، والشفاء من المرض موافاة شفاء السلامة وصار اسما للبرء، قال في صفة العسل: (فيه شفاء للناس - هدى وشفاء - وشفاء لما في الصدور - ويشف صدور قوم مؤمنين).
شق: الشق الخرم الواقع في الشئ، يقال شققته بنصفين، قال: (ثم شققنا الارض شقا - يوم تشقق الارض - وانشقت السماء - إذا السماء انشقت - وانشق القمر) وقيل انشقاقه في زمن النبي عليه الصلاة والسلام، وقيل هو انشقاق يعرض فيه حين تقرب القيامة، وقيل معناه وضح الامر، والشقة القطعة المنشقة كالنصف ومنه قيل طار فلان من الغضب شقاقا وطارت منهم شقة كقولك قطع غضبا، والشق المشقة والانكسار الذى يلحق النفس والبدن، وذلك كاستعارة الانكسار لها، قال:
(إلا بشق الانفس) والشقة الناحية التى تلحقك المشقة في الوصول إليها، وقال: (بعدت عليهم الشقة) والشقاق المخالفة وكونك في شق غير شق صاحبك أو من شق العصا بينك وبينه قال: (وإن خفتم شقاق بينهما - فإنما هم في شقاق) أي مخالفة: (لا يجرمنكم شقاقي - لفى شقاق بعيد - ومن يشاقق الله ورسوله) أي صار في شق غير شق أوليائه نحو (ومن يحادد الله) ونحوه: (ومن يشاقق الرسول) ويقال المال بينهما شق الشعرة وشق الابلمة، أي مقسوم كقسمتهما، وفلان شق نفسي وشقيق نفسي أي كأنه شق منى لمشابهة بعضنا بعضا، وشقائق النعمان نبت معروف.
وشقيقة الرمل ما يشقق، والشقشقة لهاة البعير لما فيه من الشق، وبيده شقوق وبحافر الدابة شقاق، وفرس أشق إذا مال إلى أحد شقيه، والشقة في الاصل نصف ثوب وإن كان قد يسمى الثوب كما هو شقة.
شقا: الشقاوة خلاف السعادة وقد شقى يشقى شقوة وشقاوة وشقاء وقرئ (شقوتنا - وشقاوتنا) فالشقوة كالردة والشقاوة كالسعادة من حيث الاضافة، فكما أن السعادة في الاصل ضربان
سعادة أخروية وسعادة دنيوية، ثم السعادة الدنيوية ثلاثة أضرب: سعادة نفسية وبدنية وخارجية، كذلك الشقاوة على هذه الاضرب
وفى الشقاوة الاخروية قال (فلا يضل ولا يشقى) وقال (غلبت علينا شقوتنا) وقرئ (شقاوتنا) وفى الدنيوية (فلا يخر جنكما من الجنة فتشقى) قال بعضهم: قد يوضع الشقاء موضع التعب نحو شقيت في كذا وكل شقاوة تعب وليس كل تعب شقاوة فالتعب أعم من الشقاوة.
شكك: الشك اعتدال النقيضين عند الانسان وتساويهما وذلك قد يكون لوجود أمارتين متساويتين عند النقيضين أو لعدم الامارة فيهما، والشك ربما كان في الشئ هل هو موجود أو غير موجود ؟ وربما كان في جنسه، من أي جنس هو ؟ وربما كان في بعض صفاته وربما كان في الغرض الذى لاجله أوجد.
والشك ضرب من الجهل وهو أخص منه لان الجهل قد يكون عدم العلم بالنقيضين رأسا فكل شك جهل وليس كل جهل شكا، قال (لفى شك مريب - بل هم في شك يلعبون - فإن كنت في شك).
واشتقاقه إما من
شككت الشئ أي خرقته قال: وشككت بالرمح الاصم ثيابه * ليس الكريم على القنا بمحرم فكأن الشك الخرق في الشئ وكونه بحيث لا يجد الرأى مستقرا يثبت فيه ويعتمد عليه.
ويصح أن يكون مستعارا من الشك وهو لصوق العضد بالجنب، وذلك أن يتلاصق النقيضان فلا مدخل للفهم والرأى لتخلل ما بينهما ويشهد لهذا قولهم التبس الامر واختلط وأشكل ونحو ذلك من الاستعارات.
والشكة السلاح الذى به يشك: أي يفصل.
شكر: الشكر تصور النعمة وإظهارها، قيل وهو مقلوب عن الكشر أي الكشف، ويضاده الكفر وهو نسيان النعمة وسترها، ودابة شكور مظهرة بسمنها إسداء صاحبها إليها، وقيل أصله من عين شكرى أي ممتلئة، فالشكر على هذا هو الامتلاء من ذكر المنعم عليه.
والشكر ثلاثة أضرب: شكر القلب، وهو تصور النعمة.
وشكر اللسان، وهو الثناء على المنعم.
وشكر سائر الجوارح، وهو مكافأة النعمة بقدر استحقاقه (اعملوا آل داود شكرا) فقد قيل شكرا انتصب على التمييز.
ومعناه
اعملوا ما تعملونه شكرا لله.
وقيل شكرا مفعول لقوله اعملوا وذكر اعملوا ولم يقل اشكروا لينبه على التزام الانواع الثلاثة من الشكر بالقلب واللسان وسائر الجوارح.
قال: (اشكر لى ولوالديك - وسنجزي الشاكرين - ومن شكر فإنما يشكر لنفسه) وقوله: (وقليل من عبادي الشكور)، ففيه تنبيه أن توفية شكر الله صعب ولذلك لم يثن بالشكر من أوليائه إلا على اثنين، قال في إبراهيم عليه السلام: (شاكرا لانعمه) وقال في نوح: (إنه كان عبدا شكورا) وإذا وصف الله بالشكر
في قوله: (إنه شكور حليم) فإنما يعنى به إنعامه على عباده وجزاؤه بما أقاموه من العبادة.
ويقال ناقة شكرة ممتلئة الضرع من اللبن، وقيل هو أشكر من بروق وهو نبت يخضر ويتربى بأدنى مطر، والشكر يكنى به عن فرج المرأة وعن النكاح.
قال بعضهم: إن سألتك ثمن شكرها * وشبرك أنشأت تظلها والشكير نبت في أصل الشجرة غض، وقد
شكرت الشجرة كثر غصنها.
شكس: الشكس السيئ الخلق، وقوله: (شركاء متشاكسون) أي متشاجرون لشكاسة خلقهم.
شكل: المشاكلة في الهيئة والصورة والند في الجنسية والشبه في الكيفية، قال: (وآخر من شكله أزواج) أي مثله في الهيئة وتعاطى الفعل، والشكل قيل هو الدل وهو في الحقيقة الانس الذى بين المتماثلين في الطريقة، ومن هذا قيل الناس أشكال وألاف وأصل المشاكلة من الشكل أي تقييد الدابة، يقال شكلت الدابة والشكال ما يقيد به، ومنه استعير شكلت الكتاب كقوله قيدته، ودابة بها شكال إذا كان تحجيلها بإحدى رجليها وإحدى يديها كهيئة الشكال، وقوله: (قل كل يعمل على شاكلته) أي على سجيته التى قيدته وذلك أن سلطان السجية على الانسان قاهر حسبما بينت في الذريعة إلى مكارم الشريعة، وهذا كما قال صلى الله عليه وسلم: " كل ميسر لما خلق له " والاشكلة الحاجة التى تقيد الانسان والاشكال في الامر استعارة كالاشتباه من الشبه.
شكا: الشكو والشكاية والشكاة والشكوى إظهار البث، يقال شكوت وأشكيت، قال: (إنما أشكو بثى وحزني إلى الله) وقال (وتشتكى إلى الله) وأشكاه أي يجعل له شكوى نحو أمرضه ويقال أشكاه أي أزال شكايته، وروى: " شكونا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم حر الرمضاء في جباهنا وأكفنا فلم يشكنا " وأصل الشكو فتح الشكوة وإظهار ما فيه وهى سقاء صغير يجعل فيه الماء وكأنه في الاصل استعارة كقولهم: بثثت له ما في وعائي ونفضت ما في جرابى إذا أظهرت ما في قلبك.
والمشكاة كوة غير نافذة قال: (كمشكاة فيها مصباح) وذلك مثل القلب والمصباح مثل نور الله فيه.
شمت: الشماتة الفرح ببلية من تعاديه ويعاديك يقال شمت به فهو شامت وأشمت الله به العدو، قال: (فلا تشمت بى الاعداء) والتشميت الدعاء للعاطس كأنه إزالة الشماتة عنه بالدعاء له فهو كالتمريض في إزالة المرض، وقول الشاعر: * فبات له طوع الشوامت *
أي على حسب ما تهواه اللاتى تشمت به، وقيل أراد بالشوامت القوائم وفى ذلك نظر إذ لا حجة له في هذا البيت.
شمخ: (رواسي شامخات) أي عاليات، ومنه شمخ بأنفه عبارة عن الكبر.
شمأز: قال (اشمأزت قلوب الذين) أي نفرت.
شمس: الشمس يقال للقرصة وللضوء المنتشر عنها وتجمع على شموس، قال (والشمس تجرى لمستقر لها) وقال (الشمس والقمر بحسبان) وشمس يومنا وأشمس صار ذا شمس وشمس فلان شماسا إذا ند ولم يستقر تشبيها بالشمس في عدم استقرارها شمل: الشمال المقابل لليمين، قال: (عن اليمين وعن الشمال قعيد) ويقال للثوب الذى يغطى به الشمال وذلك كتسمية كثير من الثياب باسم العضو الذى يستره نحو تسمية كم القميص يدا وصدره وظهره صدرا وظهرا ورجل السراويل رجلا ونحو ذلك، والاشتمال بالثوب أن يلتف به الانسان فيطرحه على الشمال وفى الحديث " نهى عن اشتمال الصماء " والشملة والمشمل كساء يشتمل به مستعار منه، ومنه شملهم
الامر ثم تجوز بالشمال فقيل شملت الشاة علقت عليها شمالا وقيل للخليقة شمال لكونه مشتملا على الانسان اشتمال الشمال على البدن، والشمول الخمر لانها تشتمل على العقل فتغطيه وتسميتها بذلك كتسميتها بالخمر لكونها خامرة له.
والشمال الريح الهابة من شمال الكعبة وقيل في لغة شمأل وشامل، وأشمل الرجل من الشمال كقولهم أجنب من الجنوب وكنى بالمشمل عن السيف كما كنى عنه بالرداء، وجاء مشتملا بسيفه نحو مرتديا به ومتدرعا له، وناقة شملة وشملال سريعة كالشمال وقول الشاعر: ولتعرفن خلائقا مشمولة * ولتندمن ولات ساعة مندم قيل أراد خلائق طيبة كأنها هبت عليها شمال فبردت وطابت.
شنا: شنئته تقذرته بغضا له.
ومنه اشتق أزد شنوءة وقوله: (شنآن قوم) أي بغضهم وقرئ شنان فمن خفف أراد بغيض قوم ومن ثقل جعله مصدرا ومنه (إن شانئك هو الابتر).
شهب: الشهاب الشعلة الساطعة من النار
الموقدة، ومن العارض في الجو نحو (فأتبعه شهاب ثاقب - شهاب مبين - شهابا رصدا) والشهبة البياض المختلط بالسواد تشبيها بالشهاب المختلط بالدخان، ومنه قيل كتيبة شهباء، اعتبارا بسواد القوم وبياض الحديد.
شهد: الشهود والشهادة الحضور مع المشاهدة إما بالبصر أو بالبصيرة وقد يقال
للحضور مفردا قال (عالم الغيب والشهادة) لكن الشهود بالحضور المجرد أولى والشهادة مع المشاهدة أولى، ويقال للمحضر مشهد وللمرأة التى يحضرها زوجها مشهد.
وجمع مشهد مشاهد ومنه مشاهد الحج وهى مواطنه الشريفة التى يحضرها الملائكة والابرار من الناس.
وقيل مشاهد الحج مواضع المناسك.
قال (ليشهدوا منافع لهم - وليشهد عذابهما - ما شهدنا مهلك أهله) أي ما حضرنا (والذين لا يشهدون الزور) أي لا يحضرونه بنفوسهم ولا بهمهم وإرادتهم.
والشهادة قول صادر عن علم حصل بمشاهدة بصيرة أو بصر.
وقوله (أشهدوا خلقهم) يعنى مشاهدة البصر
ثم قال (ستكتب شهادتهم) تنبيها أن الشهادة تكون عن شهود وقوله (وأنتم تشهدون) أي تعلمون وقوله (ما أشهدتهم خلق السموات) أي ما جعلتهم ممن اطلعوا ببصيرتهم على خلقها وقوله (عالم الغيب والشهادة) أي ما يغيب عن حواس الناس وبصائرهم وما يشهدونه بهما.
وشهدت يقال على ضربين: أحدهما جار مجرى العلم وبلفظه تقام الشهادة ويقال أشهد بكذا ولا يرضى من الشاهد أن يقول أعلم بل يحتاج أن يقول أشهد.
والثانى يجرى مجرى القسم فيقول أشهد بالله أن زيدا منطلق فيكون قسما، ومنهم من يقول إن قال أشهد ولم يقل بالله يكون قسما ويجرى علمت مجراه في القسم فيجاب بجواب القسم نحو قول الشاعر: * ولقد علمت لتأتين منيتى * ويقال شاهد وشهيد وشهداء قال (ولا يأب الشهداء) قال (واستشهدوا شهيدين) ويقال شهدت كذا: أي حضرته وشهدت على كذا، قال (شهد عليهم سمعهم) وقد يعبر بالشهادة عن الحكم نحو (وشهد شاهد من أهلها) وعن الاقرار نحو (ولم يكن لهم شهداء إلا أنفسهم فشهادة أحدهم أربع شهادات بالله)
أن كان ذلك شهادة لنفسه.
وقوله (وما شهدنا إلا بما علمنا) أي ما أخبرنا وقال تعالى: (شاهدين على أنفسهم بالكفر) أي مقرين (لم شهدتم علينا) وقوله (شهد الله أنه لا إله إلا هو والملائكة وأولوا العلم) فشهادة الله تعالى بوحدانيته هي إيجاد ما يدل على وحدانيته في العالم، وفى نفوسنا كما قال الشاعر: ففى كل شئ له آية * تدل على أنه واحد قال بعض الحكماء إن الله تعالى لما شهد لنفسه كان شهادته أن أنطق كل شئ كما نطق بالشهادة له، وشهادة الملائكة بذلك هو إظهارهم أفعالا يؤمرون بها وهى المدلول عليها بقوله (فالمدبرات أمرا) وشهادة أولى العلم اطلاعهم على تلك الحكم وإقرارهم بذلك وهذه الشهادة تختص بأهل العلم فأما الجهال فمبعدون منها ولذلك قال في الكفار (ما أشهدتهم خلق
السموات والارض ولا خلق أنفسهم) وعلى هذا نبه بقوله (إنما يخشى الله من عباده العلماء) وهؤلاء هم المعنيون بقوله (والصديقين والشهداء والصالحين) وأما الشهيد فقد يقال للشاهد
والمشاهد للشئ وقوله (سائق وشهيد) أي من شهد له وعليه وكذا قوله (فكيف إذا جئنا من كل أمة بشهيد وجئنا بك على هؤلاء شهيدا) وقوله (أو ألقى السمع وهو شهيد) أي يشهدون ما يسمعونه بقلوبهم على ضد من قيل فيهم (أولئك ينادون من مكان بعيد) وقوله (أقم الصلاة) إلى قوله (مشهودا) أي يشهد صاحبه الشفاء والرحمة والتوفيق والسكينات والارواح المذكورة في قوله (وننزل من القرآن ما هو شفاء ورحمة للمؤمنين) وقوله (وادعوا شهداءكم) فقد فسر بكل ما يقتضيه معنى الشهادة، قال ابن عباس: معناه أعوانكم، وقال مجاهد: الذين يشهدون لكم، وقال بعضهم الذين يعتد بحضورهم ولم يكونوا كمن قيل فيهم شعر: مخلفون ويقضى الله أمرهمو * وهم بغيب وفى عمياء ما شعروا وقد حمل على هذه الوجوه قوله (ونزعنا من كل أمة شهيدا) وقوله (وإنه على ذلك لشهيد - أنه على كل شئ شهيد - وكفى بالله شهيدا) فإشارة إلى قوله (لا يخفى على الله
منهم شئ) وقوله: (يعلم السر وأخفى) ونحو ذلك مما نبه على هذا النحو، والشهيد هو المحتضر فتسميته بذلك لحضور الملائكة إياه إشارة إلى ما قال: (تتنزل عليهم الملائكة ألا تخافوا) الاية قال: (والشهداء عند ربهم لهم أجرهم) أو لانهم يشهدون في تلك الحالة ما أعد لهم من النعيم، أو لانهم تشهد أرواحهم عند الله كما قال: (ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا) الاية، وعلى هذا دل قوله: (والشهداء عند ربهم) وقوله: (شاهد ومشهود) قيل المشهود يوم الجمعة وقيل يوم عرفة ويوم القيامة وشاهد كل من شهده وقوله يوم مشهود أي مشاهد تنبيها أن لا بد من وقوعه، والتشهد هو أن يقول أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا رسول الله، وصار في التعارف اسما للتحيات المقروءة في الصلاة وللذكر الذى يقرأ ذلك فيه.
شهر: الشهر مدة مشهورة بإهلال الهلال أو باعتبار جزء من اثنى عشر جزءا من دوران الشمس من نقطة إلى تلك النقطة، قال: (شهر رمضان - فمن شهد منكم الشهر - الحج أشهر
معلومات - إن عدة الشهور عند الله اثنا عشر شهرا - فسيحوا في الارض أربعة أشهر) والمشاهرة المعاملة بالشهور كالمسانهة والمياومة، وأشهرت بالمكان أقمت به شهرا، وشهر فلان
واشتهر يقال في الخير والشر.
شهق: الشهيق طول الزفير وهو رد النفس والزفير مده قال: (لهم فيها زفير وشهيق - سمعوا لها تغيظا وزفيرا) وقال تعالى: (سمعوا لها شهيقا) وأصله من جبل شاهق أي متناهى الطول.
شها: أصل الشهوة نزوع النفس إلى ما تريده وذلك في الدنيا ضربان صادقة وكاذبة فالصادقة ما يختل البدن من دونه كشهوة الطعام عند الجوع، والكاذبة ما لا يختل من دونه، وقد يسمى المشتهى شهوة وقد يقال للقوة التى تشتهى الشئ شهوة وقوله: (زين للناس حب الشهوات) يحتمل الشهوتين وقوله: (اتبعوا الشهوات) فهذا من الشهوات الكاذبة ومن المشتهيات المستغنى عنها وقوله في صفة الجنة: (ولكم فيها ما تشتهي أنفسكم) وقوله: (فيما اشتهت أنفسهم) وقيل رجل
شهوان وشهوانى وشئ شهى.
شوب: الشوب الخلط قال: (لشوبا من حميم) وسمى العسل شوبا إما لكونه مزاجا للاشربة وإما لما يختلط به من الشمع وقيل ما عنده شوب ولا روب أي عسل ولبن.
شيب الشيب والمشيب بياض الشعر قال: (واشتعل الرأس شيبا) وباتت المرأة بليلة شيباء إذا افتضت وبليلة حرة إذا لم تفتض.
شيخ: يقال لمن طعن في السن الشيخ وقد يعبر به فيما بيننا عمن يكثر علمه لما كان من شأن الشيخ أن يكثر تجاربه ومعارفه ويقال شيخ بين الشيخوخة والشيخ والتشييخ، قال (هذا بعلى شيخا - وأبونا شيخ كبير).
شيد: (وقصر مشيد) أي مبنى بالشيد وقيل مطول وهو يرجع إلى الاول ويقال شيد قواعده أحكمها كأنه بناها بالشيد، والاشادة عبارة عن رفع الصوت.
شور: الشوار ما يبدو من المتاع ويكنى به عن الفرج كما يكنى به عن المتاع، وشورت به فعلت به ما خجلته كأنك أظهرت شوره أي فرجه، وشرت العسل وأشرته أخرجته، قال الشاعر:
* وحديث مثل ماذى مشار * وشرت الدابة استخرجت عدوه تشبيها بذلك، وقيل للخطب مشوار كثير العثار، والتشاور والمشاورة والمشورة استخراج الرأى بمراجعة البعض إلى البعض من قولهم شرت العسل إذا اتخذته من موضعه واستخرجته منه، قال: (وشاورهم في الامر) والشورى الامر الذى يتشاور فيه، قال: (وأمرهم شورى بينهم).
شيط: الشيطان قد تقدم ذكره.
شوظ: الشواظ اللهب الذى لا دخان فيه قال: (شواظ من نار ونحاس).
شيع: الشياع الانتشار والتقوية، يقال شاع الخبر أي كثر وقوى وشاع القوم انتشروا
وكثروا، وشيعت النار بالحطب قويتها والشيعة من يتقوى بهم الانسان وينتشرون عنه ومنه قيل للشجاع مشيع، يقال شيعة وشيع وأشياع قال: (وإن من شيعته لابراهيم - هذا من شيعته وهذا من عدوه - وجعل أهلها شيعا - في شيع الاولين) وقال تعالى: (ولقد أهلكنا أشياعكم).
شوك: الشوك ما يدق ويصلب رأسه من
النبات ويعبر بالشوك والشكة عن السلاح والشدة، قال: (غير ذات الشوكة) وسميت إبرة العقرب شوكا تشبيها به، وشجرة شاكة وشائكة، وشاكنى الشوك أصابني وشوك الفرخ نبت عليه مثل الشوك وشوك ثدى المرأة إذا انتهد وشوك البعير طال أنيابه كالشوك.
شأن: الشأن الحال والامر الذى يتفق ويصلح ولا يقال إلا فيما يعظم من الاحوال والامور، قال: (كل يوم هو في شأن) وشأن الرأس جمعه شؤون وهو الوصلة بين متقابلاته التى بها قوام الانسان.
شوى: شويت اللحم واشتويته، قال: (يشوى الوجوه) وقال الشاعر: * فاشتوى ليلة ريح واجتمل * والشوى الاطراف كاليد والرجل يقال رماه فأشواه أي أصاب شواه، قال (نزاعة للشوى) ومنه قيل للامر الهين شوى من حيث إن الشوى ليس بمقتل.
والشاة قيل أصلها شايهة بدلالة قولهم شياه وشويهة.
شئ: الشئ قيل هو الذى يصح أن يعلم ويخبر عنه وعند كثير من المتكلمين هو اسم
مشترك المعنى إذ استعمل في الله وفى غيره ويقع على الموجود والمعدوم وعند بعضهم الشئ عبارة عن الموجود وأصله مصدر شاء وإذا وصف به تعالى فمعناه شاء وإذا وصف به غيره فمعناه المشئ وعلى الثاني قوله (قل الله خالق كل شئ) فهذا على العموم بلا مثنوية إذ كان الشئ ههنا مصدرا في معنى المفعول.
وقوله (قل أي شئ أكبر شهادة) فهو بمعنى الفاعل كقوله (تبارك الله أحسن الخالقين) والمشيئة عند أكثر المتكلمين كالارادة سواء وعند بعضهم المشيئة في الاصل إيجاد الشئ وإصابته وإن كان قد يستعمل في التعارف موضع الارادة فالمشيئة من الله تعالى هي الايجاد، ومن الناس هي الاصابة، قال والمشيئة من الله تقتضي وجود الشئ ولذلك قيل ما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن، والارادة منه لا تقتضي وجود المراد لا محالة، ألا ترى أنه قال (يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر - وما الله يريد ظلما للعباد) ومعلوم أنه قد يحصل العسر والتظالم فيما بين الناس، قالوا: ومن الفرق بينهما أن إرادة الانسان قد تحصل من غير أن تتقدمها إرادة الله فإن الانسان قد يريد
أن لا يموت ويأبى الله ذلك ومشيئته لا تكون إلا بعد مشيئته لقوله (وما تشاءون إلا أن يشاء الله) روى أنه لما نزل قوله (لمن شاء منكم أن يستقيم) قال الكفار الامر إلينا إن شئنا استقمنا وإن شئنا لم نستقم، فأنزل الله تعالى (وما تشاءون إلا أن يشاء الله) وقال بعضهم: لولا أن الامور كلها موقوفة على مشيئة الله تعالى وأن أفعالنا معلقة بها وموقوفه عليها لما أجمع الناس على تعليق الاستثناء به في جميع أفعالنا نحو (ستجدني إن شاء الله من الصابرين - ستجدني إن شاء الله صابرا - يأتيكم به الله إن شاء - ادخلوا مصر إن شاء الله - قل لا أملك لنفسي نفعا ولا ضرا إلا ما شاء الله - وما يكون لنا أن نعود فيها إلا أن يشاء الله ربنا - ولا تقولن لشئ إنى فاعل ذلك غدا إلا أن يشاء الله).
شيه: شية: أصلها وشية، وذلك من باب الواو.
كتاب الصادصبب: صب الماء إراقته من أعلى، يقال
صبه فانصب وصببته فتصبب.
قال تعالى: (إنا صببنا الماء صبا - فصب عليهم ربك سوط عذاب - يصب من فوق رؤوسهم الحميم) وصبا إلى كذا صبابة مالت نفسه نحوه محبة له، وخص اسم الفاعل منه بالصب فقيل فلان صب بكذا، والصبة كالصرمة، والصبيب المصبوب من المطر ومن عصارة الشئ ومن الدم، والصبابة والصبة البقية التى من شأنها أن تصب، وتصاببت الاناء شربت صبابته، وتصبصب ذهبت صبابته.
صبح: الصبح والصباح أول النهار وهو وقت ما احمر الافق بحاجب الشمس، قال (أليس الصبح بقريب - فساء صباح المنذرين) والتصبح النوم بالغداة، والصبوح شرب الصباح يقال صبحته سقيته صبوحا والصبحان المصطبح والمصباح ما يسقى منه ومن الابل ما يبرك فلا ينهض حتى يصبح وما يجعل فيه المصباح، قال (مثل نوره كمشكاة فيها مصباح المصباح في زجاجة) ويقال للسراج مصباح والصباح نفس السراج والمصابيح أعلام الكواكب، قال (ولقد زينا السماء الدنيا بمصابيح) وصبحتهم ماء كذا أتيتهم
به صباحا، والصبح شدة حمرة في الشعر تشبيها بالصبح والصباح، وقيل صبح فلان أي وضؤ.
صبر: الصبر الامساك في ضيق، يقال صبرت الدابة حبستها بلا علف وصبرت فلانا خلفته خلفة لا خروج له منها والصبر حبس النفس على ما يقتضيه العقل والشرع أو عما يقتضيان حبسها عنه، فالصبر لفظ عام وربما خولف بين أسمائه بحسب اختلاف مواقعه فإن كان حبس النفس لمصيبة سمى صبرا لا غير ويضاده الجزع، وإن كان في محاربة سمى شجاعة ويضاده الجبن، وإن كان في نائبة مضجرة سمى رحب الصدر ويضاده الضجر، وإن كان في إمساك الكلام سمى كتمانا ويضاده المذل، وقد سمى الله تعالى كل ذلك صبرا ونبه عليه بقوله (والصابرين في البأساء والضراء - والصابرين على ما أصابهم
والصابرين والصابرات) وسمى الصوم صبرا لكونه كالنوع له وقال عليه السلام " صيام شهر الصبر وثلاثة أيام في كل شهر يذهب وحر الصدر " وقوله (فما أصبرهم على النار)
قال أبو عبيدة: إن ذلك لغة بمعنى الجرأة واحتج بقول أعرابي قال لخصمه ما أصبرك على الله، وهذا تصور مجاز بصورة حقيقة لان ذلك معناه ما أصبرك على عذاب الله في تقديرك إذا اجترأت على ارتكاب ذلك، وإلى هذا يعود قول من قال: ما أبقاهم على النار، وقول من قال ما أعملهم بعمل أهل النار، وذلك أنه قد يوصف بالصبر من لا صبر له في الحقيقة اعتبارا بحال الناظر إليه، واستعمال التعجب في مثله اعتبار بالخلق لا بالخالق، وقوله تعالى: (اصبروا وصابروا) أي احبسوا أنفسكم على العبادة وجاهدوا أهواءكم وقوله: (واصطبر لعبادته) أي تحمل الصبر بجهدك، وقوله (أولئك يجزون الغرفة بما صبروا) أي بما تحملوا من الصبر في الوصول إلى مرضاة الله، وقوله (فصبر جميل) معناه الامر والحث على ذلك، والصبور القادر على الصبر والصبار يقال إذا كان فيه ضرب من التكلف والمجاهدة، قال (إن في ذلك لايات لكل صبار شكور) ويعبر عن الانتظار بالصبر لما كان حق الانتظار أن لا ينفك عن الصبر بل هو نوع من الصبر، قال (فاصبر لحكم ربك) أي انتظر
حكمه لك على الكافرين.
صبغ: الصبغ مصدر صبغت والصبغ المصبوغ وقوله (صبغة الله) إشارة إلى ما أوجده الله تعالى في الناس من العقل المتميز به عن البهائم كالفطرة وكانت النصارى إذا ولد لهم ولد غمسوه بعد السابع في ماء عمودية يزعمون أن ذلك صبغة فقال تعالى له ذلك وقال (ومن أحسن من الله صبغة) وقال (وصبغ للاكلين) أي أدم لهم، وذلك من قولهم: أصبغت بالخل صبا: الصبى من لم يبلغ الحلم، ورجل مصب ذو صبيان، قال تعالى (قالوا كيف نكلم من كان في المهد صبيا) وصبا فلان يصبو صبوا وصبوة إذا نزع واشتاق وفعل فعل الصبيان، قال (أصب إليهن وأكن من الجاهلين) وأصباني فصبوت، والصبا الريح المستقبل للقبلة.
وصابيت السيف أغمدته مقلوبا، وصابيت الرمح أملته وهيأته للطعن.
والصابئون قوم كانوا على دين نوح وقيل لكل خارج من الدين إلى دين آخر صابئ من قولهم صبأ ناب البعير إذا طلع، ومن قرأ صابين فقد قيل على تخفيف الهمز كقوله (لا يأكله إلا الخاطون) وقد
قيل بل هو من قولهم صبا يصبو، قال (والصابين والنصارى).
وقال أيضا: (والنصارى والصابين).
صحب: الصاحب الملازم إنسانا كان أو حيوانا أو مكانا أو زمانا ولا فرق بين أن تكون مصاحبته بالبدن وهو الاصل والاكثر أو بالعناية والهمة وعلى هذا قال: لئن غبت عن عينى * لما غبت عن قلبى ولا يقال في العرف إلا لمن كثرت ملازمته، ويقال للمالك للشئ هو صاحبه وكذلك لمن يملك التصرف فيه، قال (إذ يقول لصاحبه لا تحزن - قال له صاحبه وهو يحاوره - أم حسبت أن أصحاب الكهف والرقيم - وأصحاب مدين - أصحاب الجنة هم فيها خالدون - أصحاب النار هم فيها خالدون - من أصحاب السعير) وأما قوله (وما جعلنا أصحاب النار إلا ملائكة) أي الموكلين بها لا المعذبين بها كما تقدم..وقد يضاف الصاحب إلى مسوسه نحو صاحب الجيش وإلى سائسه نحو صاحب الامير.
والمصاحبة والاصطحاب أبلغ
من الاجتماع لاجل أن المصاحبة تقتضي طول لبثه فكل اصطحاب اجتماع وليس كل اجتماع اصطحابا، وقوله (ولا تكن كصاحب الحوت) وقوله (ما بصاحبكم من جنة) وقد سمى النبي عليه السلام صاحبهم تنبيها أنكم صحبتموه وجربتموه وعرفتموه ظاهره وباطنه ولم تجدوا به خبلا وجنة، وكذلك قوله: (وما صاحبكم بمجنون) والاصحاب للشئ الانقياد له وأصله أن يصير له صاحبا، ويقال أصحب فلان إذا كبر ابنه فصار صاحبه، وأصحب فلان فلانا جعل صاحبا له، قال (ولا هم منا يصحبون) أي لا يكون لهم من جهتنا ما يصحبهم من سكينة وروح وترفيق ونحو ذلك مما يصحبه أولياءه، وأديم مصحب أصحب الشعر الذى عليه ولم يجز عنه.
صحف: الصحيفة المبسوط من الشئ كصحيفة الوجه والصحيفة التى يكتب فيها وجمعها صحائف وصحف، قال (صحف إبراهيم وموسى - يتلو صحفا مطهرة فيها كتب قيمة) قيل أريد بها القرآن وجعله صحفا فيها كتب من أجل تضمنه لزيادة ما في كتب الله المتقدمة.
والمصحف ما جعل جامعا للصحف المكتوبة
وجمعه مصاحف، والتصحيف قراءة المصحف وروايته على غير ما هو لاشتباه حروفه، والصحفة مثل قصعة عريضة.
صخ: الصاخة شدة صوت ذى المنطق، يقال صخ يصخ صخا فهو صاخ، قال (فإذا جاءت الصاخة) وهى عبارة عن القيامة حسب المشار إليه بقوله (يوم ينفخ في الصور) وقد قلب عنه أصاخ يصيخ.
صخر: الصخر الحجر الصلب، قال: (فتكن في صخرة) وقال (وثمود الذين جابوا الصخر بالواد).
صدد: الصدود والصد قد يكون انصرفا عن الشئ وامتناعا نحو: (يصدون عنك
صدودا) وقد يكون صرفا ومنعا نحو: (وزين لهم الشيطان أعمالهم فصدهم عن السبيل - الذين كفروا وصدوا عن سبيل الله - ويصدون عن سبيل الله - قل قتال فيه كبير وصد عن سبيل الله - ولا يصدنك عن آيات الله بعد إذ أنزلت إليك) إلى غير ذلك من الايات.
وقيل صد يصد صدودا وصد يصد صدا، والصد من الجبل ما يحول، والصديد
ما حال بين اللحم والجلد من القيح وضرب مثلا لمطعم أهل النار، قال: (ويسقى من ماء صديد).
صدر: الصدر الجارجة، قال: (رب اشرح لى صدري) وجمعه صدور، قال (وحصل ما في الصدور - ولكن تعمى القلوب التى في الصدور) ثم استعير لمقدم الشئ كصدر القناة وصدر المجلس والكتاب والكلام، وصدره أصاب صدره أو قصد قصده نحو ظهره وكتفه، ومنه قيل رجل مصدور يشكو صدره، وإذا عدى صدر بعن اقتضى الانصراف تقول صدرت الابل عن الماء صدرا، وقيل الصدر، قال (يومئذ يصدر الناس أشتاتا) والمصدر في الحقيقة صدر عن الماء ولموضع المصدر ولزمانه، وقد يقال في تعارف النحويين للفظ الذى روعى فيه صدور الفعل الماضي والمستقبل عنه.
والصدار ثوب يغطى به الصدر على بناء دثار ولباس ويقال له الصدرة، ويقال ذلك لسمة على صدر البعير.
وصدر الفرس جاء سابقا بصدره، قال بعض الحكماء: حيثما ذكر الله تعالى القلب، فإشارة إلى العقل والعلم نحو: (إن في ذلك لذكرى لمن كان له
قلب) وحيثما ذكر الصدر فإشارة إلى ذلك وإلى سائر القوى من الشهوة والهوى والغضب ونحوها وقوله: (رب اشرح لى صدري) فسؤال لاصلاح قواه، وكذلك قوله: (ويشف صدور قوم مؤمنين) إشارة إلى اشتفائهم، وقوله: (فإنها لاتعمى الابصار ولكن تعمى القلوب التى في الصدور) أي العقول التى هي مندرسة فيما بين سائر القوى وليست بمهتدية، والله أعلم بذلك.
صدع: الصدع الشق في الاجسام الصلبة كالزجاج والحديد ونحوهما، يقال صدعته فانصدع وصدعته فتصدع، قال: (يومئذ يصدعون) وعنه استعير صدع الامر أي فصله، قال (فاصدع بما تؤمر) وكذا استعير منه الصداع وهو شبه الاشتقاق في الرأس من الوجع، قال: (لا يصدعون عنها ولا ينزفون) ومنه الصديع للفجر وصدعت الفلاة قطعتها، وتصدع القوم أي تفرقوا.
صدف: صدف عنه أعرض إعراضا شديدا يجرى مجرى الصدف أي الميل في أرجل البعير أو في الصلابة كصدف الجبل أي جانبه، أو الصدف الذى يخرج من البحر، قال: (فمن
أظلم ممن كذب بآيات الله وصدف عنها - سنجزي الذين يصدفون - الاية إلى - بما كانوا يصدفون).
صدق: الصدق والكذب أصلهما في القول ماضيا كان أو مستقبلا وعدا كان أو غيره، ولا يكونان بالقصد الاول إلا في القول، ولا يكونان في القول إلا في الخبر دون غيره من أصناف الكلام، ولذلك قال: (ومن أصدق من الله قيلا - ومن أصدق من الله حديثا - إنه كان صادق الوعد) وقد يكونان بالعرض في غيره من أنواع الكلام كالاستفهام والامر والدعاء، وذلك نحو قول القائل أزيد في الدار ؟ فإن في ضمنه إخبارا بكونه جاهلا بحال زيد، وكذا إذا قال واسنى في ضمنه أنه محتاج إلى المواساة، وإذا قال لا تؤذ ففى ضمنه أنه يؤذيه والصدق مطابقة القول الضمير والمخبر عنه معا ومتى انحزم شرط من ذلك لم يكن صدقا تاما بل إما أن لا يوصف بالصدق وإما أن يوصف تارة بالصدق وتارة بالكذب على نظرين مختلفين كقول كافر إذا قال من غير اعتقاد: محمد رسول الله، فإن هذا يصح أن يقال
صدق لكون المخبر عنه كذلك، ويصح أن يقال كذب لمخالفة قوله ضميره، وبالوجه الثاني إكذاب الله تعالى المنافقين حيث قالوا: (نشهد إنك لرسول الله) الاية، والصديق من كثر منه الصدق، وقيل بل يقال لمن لا يكذب قط، وقيل بل لمن لا يتأتى منه الكذب لتعوده الصدق، وقيل بل لمن صدق بقوله واعتقاده وحقق صدقه بفعله، قال: (واذكر في الكتاب إبراهيم إنه كان صديقا نبيا) وقال (وأمه صديقة) وقال (من النبيين والصديقين والشهداء) فالصديقون هم قوم دوين الانبياء في الفضيلة على ما بينت في الذريعة إلى مكارم الشريعة.
وقد يستعمل الصدق والكذب في كل ما يحق ويحصل في الاعتقاد نحو صدق ظنى وكذب، ويستعملان في أفعال الجوارح، فيقال صدق في القتال إذا وفى حقه وفعل ما يجب وكما يجب، وكذب في القتال إذا كان بخلاف ذلك، قال: (رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه) أي حققوا العهد بما أظهروه من أفعالهم، وقوله: (ليسأل الصادقين عن صدقهم) أي يسئل من صدق بلسانه عن صدق فعله تنبيها أنه لا يكفى الاعتراف
بالحق دون تحريه بالفعل، وقوله تعالى (لقد صدق الله رسوله الرؤيا بالحق) فهذا صدق بالفعل وهو التحقق أي حقق رؤيته، وعلى ذلك قوله: (والذى جاء بالصدق وصدق به) أي حقق ما أورده قولا بما تحراه فعلا ويعبر عن كل فعل فاضل ظاهرا وباطنا بالصدق فيضاف إليه ذلك الفعل الذى يوصف به نحو قوله: (في مقعد صدق عند مليك مقتدر) وعلى هذا (أن لهم قدم صدق عند ربهم)
وقوله (أدخلني مدخل صدق وأخرجنى مخرج صدق - واجعل لى لسان صدق في الاخرين) فإن ذلك سؤال أن يجعله الله تعالى صالحا بحيث إذا أثنى عليه من بعده لم يكن ذلك الثناء كذبا بل يكون كما قال الشاعر: إذا نحن أثنينا عليك بصالح * فأنت الذى نثنى وفوق الذى نثنى وصدق قد يتعدى إلى مفعولين نحو (ولقد صدقكم الله وعده) وصدقت فلانا نسبته إلى الصدق وأصدقته وجدته صادقا، وقيل هما واحد ويقالان فيهما جميعا قال (ولما جاءهم رسول من عند الله مصدق لما معهم - وقفينا
على آثارهم بعيسى ابن مريم مصدقا لما بين يديه) ويستعمل التصديق في كل ما فيه تحقيق، يقال صدقنى فعله وكتابه، قال (ولما جاءهم كتاب من عند الله مصدق لما معهم - نزل عليك الكتاب بالحق مصدقا لما بين يديه - وهذا كتاب مصدق لسانا عربيا) أي مصدق ما تقدم وقوله: لسانا منتصب على الحال وفى المثل: صدقنى سن بكره.
والصداقة صدق الاعتقاد في المودة وذلك مختص بالانسان دون غيره قال (فما لنا من شافعين ولا صديق حميم) وذلك إشارة إلى نحو قوله (الاخلاء يومئذ بعضهم لبعض عدو إلا المتقين)، والصدقة ما يخرجه الانسان من ماله على وجه القربة كالزكاة لكن الصدقة في الاصل تقال للمتطوع به والزكاة للواجب، وقد يسمى الواجب صدقة إذا تحرى صاحبها الصدق في فعله قال (خذ من أموالهم صدقة) وقال (إنما الصدقات للفقراء) يقال صدق وتصدق قال (فلا صدق ولا صلى - إن الله يجزى المتصدقين - إن المصدقين والمصدقات) في آى كثيرة.
ويقال لما تجافى عنه الانسان من حقه تصدق به نحو قوله (والجروح قصاص
فمن تصدق به فهو كفارة له) أي من تجافى عنه، وقوله (وإن كان ذو عسرة فنظرة إلى ميسرة - وأن تصدقوا خير لكم) فإنه أجرى ما يسامح به المعسر مجرى الصدقة.
وعلى هذا ما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم " ما تأكله العافية فهو صدقة " وعلى هذا قوله (فدية مسلمة إلى أهله إلا أن يصدقوا) فسمى إعفاءه صدقة، وقوله (فقدموا بين يدى نجواكم صدقة - أأشفقتم أن تقدموا بين يدى نجواكم صدقات) فإنهم كانوا قد أمروا بأن يتصدق من يناجى الرسول بصدقة ما غير مقدرة.
وقوله (رب لولا أخرتني إلى أجل قريب فأصدق وأكن من الصالحين) فمن الصدق أو من الصدقة.
وصداق المرأة وصداقها وصدقتها ماتعطى من مهرها، وقد أصدقتها، قال (وآتوا النساء صدقاتهن نحلة) صدى: الصدى صوت يرجع إليك من كل مكان صقيل، والتصدية كل صوت
يجرى مجرى الصدى في أن لا غناء فيه، وقوله (وما كان صلاتهم عند البيت إلا مكاء وتصدية) أي غناء ما يوردونه غناء الصدى،
ومكاء الطير.
والتصدي أن يقابل الشئ مقابلة الصدى أي الصوت الراجع من الجبل، قال (أما من استغنى فأنت له تصدى) والصدى يقال لذكر البوم والدماغ لكون الدماغ متصورا بصورة الصدى ولهذا يسمى هامة وقولهم أصم الله صداه فدعاء عليه بالخرس، والمعنى لا جعل الله له صوتا حتى لا يكون له صدى يرجع إليه بصوته، وقد يقال للعطش صدى يقال رجل صديان وامرأة صدياء وصادية.
صر: الاصرار التعقد في الذنب والتشدد فيه والامتناع من الاقلاع عنه وأصله من الصر أي الشد، والصرة ما تعقد فيه الدراهم، والصرار خرقة تشد على أطباء الناقة لئلا ترضع، قال: (ولم يصروا على ما فعلوا - ثم يصر مستكبرا - وأصروا واستكبروا استكبارا - وكانوا يصرون على الحنث العظيم) والاصرار كل عزم شددت عليه، يقال هذا منى صرى وأصرى وصرى وأصرى وصرى وصرى أي جد وعزيمة، والصرورة من الرجال والنساء الذى لم يحج، والذى لا يريد التزوج، وقوله: (ريحا صرصرا) لفظه من الصر، وذلك يرجع إلى الشد لما في البرودة
من التعقد، والصرة الجماعة المنضم بعضهم إلى بعض كأنهم صروا أي جمعوا في وعاء، قال: (فأقبلت امرأته في صرة) وقيل: الصرة الصيحة.
صرح: الصرح بيت عال مزوق سمى بذلك اعتبارا بكونه صرحا عن الشوب أي خالصا، قال (صرح ممرد من قوارير - قيل لها ادخلي الصرح) ولبن صريح بين الصراحة والصروحة وصريح الحق خلص عن محضه، وصرح فلان بما في نفسه، وقيل عاد تعريضك تصريحا وجاء صراحا جهارا.
صرف: الصرف رد الشئ من حالة إلى حالة أو إبداله بغيره، يقال صرفته فانصرف قال: (ثم صرفكم عنهم - ألا يوم يأتيهم ليس مصروفا عنهم) وقوله: (ثم انصرفوا صرف الله قلوبهم) فيجوز أن يكون دعاء عليهم، وأن يكون ذلك إشارة إلى ما فعله بهم وقوله: (فما تستطيعون صرفا ولا نصرا) أي لا يقدرون أن يصرفوا عن أنفسهم العذاب، أو أن يصرفوا أنفسهم عن النار.
وقيل أن يصرفوا الامر من حالة إلى حالة في التغيير، ومنه قول العرب: لا يقبل منه صرف ولا عدل،
وقوله: (وإذ صرفنا إليك نفرا من الجن) أي أقبلنا بهم إليك وإلى الاستماع منك، والتصريف كالصرف إلا في التكثير وأكثر ما يقال في صرف الشئ من حالة إلى حالة.
ومن أمر إلى امر.
وتصريف الرياح هو صرفها
من حال إلى حال، قال: (وصرفنا الآيات - وصرفنا فيه من الوعيد) ومنه تصريف الكلام وتصريف الدراهم وتصريف الناب، يقال لنا به صريف، والصريف اللبن إذا سكنت رغوته كأنه صرف عن الرغوة أو صرفت عنه الرغوة، ورجل صيرف وصيرفى وصراف وعنز صارف كأنها تصرف الفحل إلى نفسها.
والصرف صبغ أحمر خالص، وقيل لكل خالص عن غيره صرف كأنه صرف عنه ما يشوبه.
والصرفان الرصاص كأنه صرف عن أن يبلغ منزلة الفضة.
صرم: الصرم القطيعة، والصريمة إحكام الامر وإبرامه، والصريم قطعة منصرمة عن الرمل، قال: (فأصبحت كالصريم) قيل أصبحت كالاشجار الصريمة أي المصروم حملها، وقيل كالليل لان الليل يقال له الصريم أي
صارت سوداء كالليل لاحتراقها، قال: (إذ أقسموا ليصرمنها مصبحين) أي يجتنونها ويتناولونها (فتنادوا مصبحين - أن اغدوا على حرثكم إن كنتم صارمين) والصارم الماضي وناقة مصرومة كأنها قطع ثديها فلا يخرج لبنها حتى يقوى.
وتصرمت السنة، وانصرم الشئ انقطع وأصرم ساءت حاله.
صرط: الصراط الطريق المستقيم، قال: (وأن هذا صراطي مستقيما) ويقال له سراط وقد تقدم.
صطر: صطر وسطر واحد، قال: (أم هم المسيطرون) وهو مفعيل من السطر، والتسطير أي الكتابة أي هم الذين تولوا كتابة ما قدر لهم قبل أن خلق إشارة إلى قوله: (إن ذلك في كتاب - إن ذلك على الله يسير) وقوله: (في إمام مبين) وقوله (لست عليهم بمسيطر) أي متول أن تكتب عليهم وتثبت ما يتولونه، وسيطرت وبيطرت لا ثالث لهما في الابنية، وقد تقدم ذلك في السين.
صرع: الصرع الطرح، يقال صرعته صرعا والصرعة حالة المصروع والصراعة حرفة المصارع، ورجل صريع أي مصروع
وقوم صرعى قال: (فترى القوم فيها صرعى) وهما صرعان كقولهم قرنان.
والمصراعان من الابواب وبه شبه المصراعان في الشعر.
صعد: الصعود الذهاب في المكان العالي، والصعود والحدور لمكان الصعود والانحدار وهما بالذات واحد وإنما يختلفان بحسب الاعتبار بمن يمر فيهما، فمتى كان المار صاعدا يقال لمكانه صعود، وإذا كان منحدرا يقال لمكانه حدور، والصعد والصعيد والصعود في الاصل واحد لكن الصعود والصعد يقال للعقبة ويستعار لكل شاق، قال: (ومن يعرض عن ذكر ربه يسلكه عذابا صعدا) أي شاقا وقال (سأرهقه صعودا) أي عقبة شاقة، والصعيد يقال لوجه الارض قال: (فتيمموا صعيدا طيبا) وقال
بعضهم الصعيد يقال للغبار الذى يصعد من الصعود، ولهذا لا بد للمتيمم أن يعلق بيده غبار، وقوله: (كأنما يصعد في السماء) أي يتصعد.
وأما الاصعاد فقد قيل هو الابعاد في الارض سواء كان ذلك في صعود أو حدور وأصله من الصعود وهو الذهاب إلى الامكنة المرتفعة كالخروج من البصرة إلى نجد وإلى
الحجاز، ثم استعمل في الابعاد وإن لم يكن فيه اعتبار الصعود كقولهم تعال فإنه في الاصل دعاء إلى العلو صار أمرا بالمجئ سواء كان إلى أعلى أو إلى أسفل، قال: (إذ تصعدون ولا تلوون على أحد) وقيل لم يقصد بقوله (إذ تصعدون) إلى الابعاد في الارض وإنما أشار به إلى علوهم فيما تحروه وأتوه كقولك أبعدت في كذا وارتقيت فيه كل مرتقى، وكأنه قال إذ بعدتم في استشعار الخوف والاستمرار على الهزيمة.
واستعير الصعود لما يصل من العبد إلى الله كما استعير لنزول لما يصل من الله إلى العبد فقال سبحانه: (إليه يصعد الكلم الطيب) وقوله: (يسلكه عذابا صعدا) أي شاقا، يقال تصعدني كذا أي شق على، قال عمر: ما تصعدني أمر ما تصعدني خطبة النكاح.
صعر: الصعر ميل في العنق والتصعير إمالته عن النظر كبرا، قال: (ولا تصعر خدك للناس) وكل صعب يقال له مصعر والظليم أصعر خلقة.
صعق: الصاعقة والصاقعة يتقاربان وهما الهدة الكبيرة، إلا أن الصقع يقال في الاجسام
الارضية، والصعق في الاجسام العلوية.
قال بعض أهل اللغة: الصاعقة على ثلاثة أوجه: الموت كقوله: (فصعق من في السموات ومن في الارض) وقوله: (فأخذتهم الصاعقة) والعذاب كقوله: (أنذرتكم صاعقة مثل صاعقة عاد وثمود) والنار كقوله: (ويرسل الصواعق فيصيب بها من يشاء) وما ذكره فهو أشياء حاصلة من الصاعقة فإن الصاعقة هي الصوت الشديد من الجو، ثم يكون منه نار فقط أو عذاب أو موت، وهى في ذاتها شئ واحد وهذه الاشياء تأثيرات منها.
صغر: الصغر والكبر من الاسماء المتضادة التى تقال عند اعتبار بعضها ببعض، فالشئ قد يكون صغيرا في جنب الشئ وكبيرا في جنب آخر.
وقد تقال تارة باعتبار الزمان فيقال فلان صغير وفلان كبير إذا كان ما له من السنين أقل مما للاخر، وتارة تقال باعتبار الجثة، وتارة باعتبار القدر والمنزلة، وقوله: (وكل صغير وكبير مستطر) وقوله: (لا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها) وقوله: (ولا أصغر من ذلك ولا أكبر) كل ذلك بالقدر والمنزلة من الخير والشر باعتبار بعضها ببعض، يقال
صغر صغرا في ضد الكبير، وصغر صغرا وصغارا في الذلة، والصاغر الراضي بالمنزلة الدنية: (حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون) صغا: الصغو الميل، يقال صغت النجوم والشمس صغوا مالت للغروب، وصغيت الاناء وأصغيته وأصغيت إلى فلان ملت بسمعي نحوه قال: (ولتصغى إليه أفئدة الذين لا يؤمنون بالاخرة) وحكى صغوت إليه أصغو وأصغى صغوا وصغيا، وقيل صغيت أصغى وأصغيت أصغى.
وصاغية الرجل الذين يميلون إليه وفلان مصغى إناؤه أي منقوص حظه وقد يكنى به عن الهلاك.
وعينه صغواء إلى كذا والصغى ميل في الحنك والعين.
صف: الصف أن تجعل الشئ على خط مستو كالناس والاشجار ونحو ذلك وقد يجعل فيما قاله أبو عبيدة بمعنى الصاف، قال تعالى: (إن الله يحب الذين يقاتلون في سبيله صفا - ثم ائتوا صفا) يحتمل أن يكون مصدرا وأن يكون بمعنى الصافين: (وإنا لنحن الصافون - والصافات صفا) يعنى به الملائكة (وجاء ربك والملك صفا صفا - والطير صافات -
فاذكروا اسم الله عليها صواف) أي مصطفة، وصففت كذا جعلته على صف، قال: (على سرر مصفوفة) وصففت اللحم قددته وألقيته صفا صفا، والصفيف اللحم المصفوف، والصفصف المستوى من الارض كأنه على صف واحد، قال: (فيذرها قاعا صفصفا لا ترى فيها عوجا ولا أمتا) والصفة من البنيان وصفة السرج تشبيها بها في الهيئة، والصفوف ناقة تصف بين محلبين فصاعدا لغزارتها والتى تصف رجليها، والصفصاف شجر الخلاف.
صفح: صفح الشئ عرضه وجانبه كصفحة الوجه وصفحة السيف وصفحة الحجر.
والصفح ترك التثريب وهو أبلغ من العفو ولذلك قال: (فاعفوا واصفحوا حتى يأتي الله بأمره) وقد يعفو الانسان ولا يصفح قال: (فاصفح عنهم وقل سلام - فاصفح الصفح الجميل - أفنضرب عنكم الذكر صفحا) وصفحت عنه أوليته منى صفحة جميلة معرضا عن ذنبه، أو لقيت صفحته متجافيا عنه أو تجاوزت الصفحة التى أثبت فيها ذنبه من الكتاب إلى غيرها من قولك تصفحت الكتاب، وقوله: (إن الساعة لآتية فاصفح الصفح الجميل) فأمر له عليه السلام أن يخفف كفر من كفر كما قال: (ولا تحزن عليهم ولا تك في ضيق مما
يمكرون) والمصافحة الافضاء بصفحة اليد.
صفد: الصفد والصفاد الغل وجمعه أصفاد والاصفاد الاغلال، قال تعالى: (مقرنين في الاصفاد) والصفد العطية اعتبارا بما قيل أنا مغلول أياديك وأسير نعمتك ونحو ذلك من الالفاظ الواردة عنهم في ذلك.
صفر: الصفرة لون من الالوان التى بين
السواد والبياض وهى إلى السواد أقرب ولذلك قد يعبر بها عن السواد، قال الحسن في قوله: (بقرة صفراء فاقع لونها) أي سوداء وقال بعضهم لا يقال في السواد فاقع وإنما يقال فيها حالكة، قال: (ثم يهيج فتراه مصفرا - كأنه جمالات صفر) قيل هي جمع أصفر وقيل بل أراد به الصفر المخرج من المعادن، ومنه قيل للنحاس صفر وليبيس البهمى صفار، وقد يقال الصفير للصوت حكاية لما يسمع ومن هذا صفر الاناء إذا خلا حتى يسمع منه صفير لخلوه ثم صار متعارفا في كل حال من الآنية وغيرها.
وسمى خلو الجوف والعروق من الغذاء صفرا، ولما كانت تلك العروق الممتدة من الكبد إلى المعدة إذا لم تجد غذاء امتصت أجزاء المعدة
اعتقدت جهلة العرب أن ذلك حية في البطن تعض بعض الشراسف حتى نفى النبي صلى الله عليه وسلم فقال " لاصفر " أي ليس في البطن ما يعتقدون أنه فيه من الحية وعلى هذا قول الشاعر: * ولا يعض على شرسوفه الصفر * والشهر يسمى صفرا لخلو بيوتهم فيه من الزاد، والصفرى من النتاج، ما يكون في ذلك الوقت.
صفن: الصفن الجمع بين الشيئين ضاما بعضهما إلى بعض، يقال صفن الفرس قوائمه قال (الصافنات الجياد) وقرئ (فاذكروا اسم الله عليها صوافن) والصافن عرق في باطن الصلب يجمع نياط القلب.
والصفن وعاء يجمع الخصية والصفن دلو مجموع بحلقة.
صفو: أصل الصفاء خلوص الشئ من الشوب ومنه الصفا للحجارة الصافية قال: (إن الصفا والمروة من شعائر الله) وذلك اسم لموضع مخصوص، والاصطفاء تناول صفو الشئ كما أن الاختيار تناول خيره والاجتباء تناول جبايته.
واصطفاء الله بعض عباده قد يكون بإيجاده تعالى إياه صافيا عن الشوب الموجود
في غيره وقد يكون باختياره وبحكمه وإن لم يتعر ذلك من الاول، قال تعالى: (الله يصطفى من الملائكة رسلا ومن الناس - إن الله اصطفى آدم ونوحا - اصطفاك وطهرك واصطفاك - اصطفيتك على الناس - وإنهم عندنا لمن المصطفين الاخيار) واصطفيت كذا على كذا أي اخترت (أصطفى البنات على البنين - وسلام على عباده الذين اصطفى ثم أورثنا الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا) والصفى والصفية ما يصطفيه الرئيس لنفسه، قال الشاعر: * لك المرباع منها والصفايا * وقد يقالان للناقة الكثيرة اللبن والنخلة الكثيرة الحمل، وأصفت الدجاجة إذا انقطع بيضها كأنها صفت منه، وأصفى الشاعر إذا انقطع شعره تشبيها بذلك من قولهم أصفى
الحافر إذا بلغ صفا أي صخرا منعه من الحفر كقولهم أكدى وأحجر، والصفوان كالصفا الواحدة صفوانة، قال (صفوان عليه تراب) ويقال يوم صفوان صافى الشمس، شديد البرد.
صلل: أصل الصلصال تردد الصوت من الشئ اليابس ومنه قيل صل المسمار، وسمى الطين الجاف صلصالا، قال (من صلصال كالفخار - من صلصال من حمإ مسنون) والصلصلة بقية ماء سميت بذلك لحكاية صوت تحركه في المزادة، وقيل الصلصال المنتن من الطين من قولهم صل اللحم، قال وكان أصله صلال فقلبت إحدى اللامين وقرئ (أئذا صللنا) أي أنتنا وتغيرنا من قولهم صل اللحم وأصل.
صلب: الصلب الشديد وباعتبار الصلابة والشدة سمى الظهر صلبا، قال (يخرج من بين الصلب والترائب) وقوله: (وحلائل أبنائكم الذين من أصلابكم) تنبيه أن الولد جزء من الاب، وعلى نحوه نبه قول الشاعر: وإنما أولادنا بيننا * أكبادنا تمشى على الارض وقال الشاعر: * في صلب مثل العنان المؤدم * والصلب والاصطلاب استخراج الودك من العظم، والصلب الذى هو تعليق الانسان
للقتل، قيل هو شد صلبه على خشب، وقيل إنما هو من صلب الودك، قال (وما قتلوه وما صلبوه - ولاصلبنكم أجمعين - ولاصلبنكم في جذوع النخل - أن يقتلوا أو يصلبوا) والصليب أصله الخشب الذى يصلب عليه، والصليب الذى يتقرب به النصارى هو لكونه على هيئة الخشب الذى زعموا أنه صلب عليه عيسى عليه السلام، وثوب مصلب أي عليه آثار الصليب، والصالب من الحمى ما يكسر الصلب أو ما يخرج الودك بالعرق، وصلبت السنان حددته، والصلبية حجارة المسن.
صلح: الصلاح ضد الفساد وهما مختصان في أكثر الاستعمال بالافعال وقوبل في القرآن تارة بالفساد وتارة بالسيئة، قال (خلطوا عملا صالحا وآخر سيئا - ولا تفسدوا في الارض بعد إصلاحها - والذين آمنوا وعملوا الصالحات) في مواضع كثيرة.
والصلح يختص بإزالة النفار بين الناس يقال منه اصطلحوا وتصالحوا، قال (أن يصلحا بينهما صلحا - والصلح خير - وإن تصلحوا وتتقوا - فأصلحوا بينهما - فأصلحوا بين أخويكم) وإصلاح الله تعالى الانسان يكون تارة بخلقه إياه صالحا وتارة
بإزالة ما فيه من فساد بعد وجوده، وتارة يكون بالحكم له بالصلاح، قال (وأصلح بالهم - يصلح لكم أعمالكم - وأصلح لى
في ذريتي - إن الله لا يصلح عمل المفسدين) أي المفسد يضاد الله في فعله فإنه يفسد والله تعالى يتحرى في جميع أفعاله الصلاح فهو إذا لا يصلح عمله، وصالح اسم للنبى عليه السلام قال: (يا صالح قد كنت فينا مرجوا).
صلد: قال تعالى: (فتركه صلدا) أي حجرا صلبا وهو لا ينبت ومنه قيل رأس صلد لا ينبت شعرا وناقة صلود ومصلاد قليلة اللبن وفرس صلود لا يعرق، وصلد الزند لا يخرج ناره.
صلا: أصل الصلى لإيقاد النار، ويقال صلى بالنار وبكذا أي بلى بها واصطلى بها وصليت الشاة، شويتها وهى مصلية، قال: (اصلوها اليوم) وقال: (يصلى النار الكبرى - يصلى نارا حامية - ويصلى سعيرا - وسيصلون سعيرا) قرئ سيصلون بضم الياء وفتحها (حسبهم جهنم يصلونها - سأصليه
سقر - وتصلية جحيم) وقوله (لا يصلاها إلا الاشقى الذى كذب وتولى) فقد قيل معناه لا يصطلى بها إلا الاشقى الذى، قال الخليل: صلى الكافر النار قاسى حرها (يصلونها فبئس المصير) وقيل صلى النار دخل فيها وأصلاها غيره قال (فسوف نصليه نارا - ثم لنحن أعلم بالذين هم أولى بها صليا) قيل جمع صال، والصلاء يقال للوقود وللشواء.
والصلاة، قال كثير من أهل اللغة: هي الدعاء والتبريك والتمجيد، يقال صليت عليه أي دعوت له وزكيت، وقال عليه السلام: " إذا دعى أحدكم إلى طعام فليجب، وإن كان صائما فليصل " أي ليدع لاهله (وصل عليهم إن صلاتك سكن لهم - يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه) وصلوات الرسول وصلاة الله للمسلمين هو في التحقيق تزكيته إياهم.
وقال (أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة) ومن الملائكة هي الدعاء والاستغفار كما هي من الناس، قال: (إن الله وملائكته يصلون على النبي) والصلاة التى هي العبادة المخصوصة أصلها الدعاء وسميت هذه العبادة بها كتسمية الشئ باسم بعض ما يتضمنه،
والصلاة من العبادات التى لم تنفك شريعة منها وإن اختلفت صورها بحسب شرع فشرع.
ولذلك قال: (إن الصلاة كانت على المؤمنين كتابا موقوتا) وقال بعضهم: أصل الصلاة من الصلاء، قال ومعنى صلى الرجل أي أنه أزال عن نفسه بهذه العبادة الصلاء الذى هو نار الله الموقدة.
وبناء صلى كبناء مرض لازالة المرض، ويسمى موضع العبادة الصلاة، ولذلك سميت الكنائس صلوات كقوله (لهدمت صوامع وبيع وصلوات ومساجد) وكل موضع مدح الله تعالى بفعل الصلاة أو حث عليه ذكر بلفظ الاقامة نحو (والمقيمين الصلاة - وأقيموا الصلاة -
وأقاموا الصلاة) ولم يقل المصلين إلا في المنافقين نحو قوله: (فويل للمصلين الذين هم عن صلاتهم ساهون - ولا يأتون الصلاة إلا وهم كسالى) وإنما خص لفظ الاقامة تنبيها أن المقصود من فعلها توفية حقوقها وشرائطها، لا الاتيان بهيئتها فقط، ولهذا روى أن المصلين كثير والمقيمين لها قليل وقوله (لم نك من المصلين) أي من أتباع النبيين، وقوله (فلا صدق ولا صلى) تنبيها أنه لم يكن ممن يصلى
أي يأتي بهيئتها فضلا عمن يقيمها.
وقوله: (وما كان صلاتهم عند البيت إلا مكاء وتصدية) فتسمية صلاتهم مكاء وتصدية تنبيه على إبطال صلاتهم وأن فعلهم ذلك لا اعتداد به بل هم في ذلك كطيور تمكو وتصدى: وفائدة تكرار الصلاة في قوله: (قد أفلح المؤمنون.
الذين هم في صلاتهم خاشعون) إلى آخر القصة حيث قال: (والذين هم على صلاتهم يحافظون) فإنا نذكره فيما بعد هذا الكتاب إن شاء الله.
صمم: الصمم فقدان حاسة السمع، وبه يوصف من لا يصغى إلى الحق ولا يقبله، قال: (صم بكم عمى) وقال (صما وعميانا - والاصم والبصير والسميع هل يستويان ؟) وقال: (وحسبوا ألا تكون فتنة فعموا وصموا ثم تاب الله عليهم ثم عموا وصموا) وشبه ما لا صوت له به، ولذلك قيل صمت حصاة بدم، أي كثر الدم حتى لو ألقى فيه حصاة لم تسمع لها حركة، وضربة صماء.
ومنه الصمة للشجاع الذى يصم بالضربة، وصممت القارورة شددت فاها تشبيها بالاصم الذى شد أذنه، وصمم في الامر مضى فيه غير مصغ إلى من يردعه كأنه أصم،
والصمان أرض غليظة، واشتمال الصماء ما لا يبدو منه شئ.
صمد: الصمد السيد الذى يصمد إليه في الامر، وصمد صمده قصد معتمدا عليه قصده، وقيل الصمد الذى ليس بأجوف، والذى ليس بأجوف شيئان: أحدهما لكونه أدون من الانسان كالجمادات، والثانى أعلى منه وهو الباري والملائكة، والقصد بقوله: (الله الصمد) تنبيها أنه بخلاف من أثبتوا له الالهية، وإلى نحو هذا أشار بقوله: (وأمه صديقة كانا يأكلان الطعام).
صمع: الصومعة كل بناء متصمع الرأس أي متلاصقه، جمعها صوامع.
قال: (لهدمت صوامع وبيع) والاصمع اللاصق أذنه برأسه، وقلب أصمع جرئ كأنه بخلاف من قال الله فيه: (وأفئدتهم هواء) والصمعاء البهمى قبل أن تتفقأ، وكلاب صمع الكعوب ليسوا بأجوفها.
صنع: الصنع إجادة الفعل، فكل صنع فعل وليس كل فعل صنعا، ولا ينسب إلى الحيوانات والجمادات كما ينسب إليها الفعل، قال:
(صنع الله الذى أتقن كل شئ - ويصنع الفلك - واصنع الفلك - أنهم يحسنون صنعا - صنعة لبوس لكم - تتخذون مصانع - ما كانوا يصنعون - حبط ما صنعوا فيها - تلقف ما صنعوا إنما صنعوا - والله يعلم ما تصنعون) وللاجادة يقال للحاذق المجيد صنع وللحاذقة المجيدة صناع، والصنيعة ما اصطنعته من خير، وفرس صنيع أحسن القيام عليه.
وعبر عن الامكنة الشريفة بالمصانع، قال: (وتتخذون مصانع) وكنى بالرشوة عن المصانعة والاصطناع المبالغة في إصلاح الشئ وقوله (واصطنعتك لنفسي - ولتصنع على عينى) إشارة إلى نحو ما قال بعض الحكماء: " إن الله تعالى إذا أحب عبدا تفقده كما يتفقد الصديق صديقه ".
صنم: الصنم جثة متخذة من فضة أو نحاس أو خشب كانوا يعبدونها متقربين به إلى الله تعالى، وجمعه أصنام.
قال الله تعالى: (أتتخذ أصناما آلهة - لأكيدن أصنامكم) قال بعض الحكماء: كل ما عبد من دون الله بل كل ما يشغل عن الله تعالى يقال له صنم، وعلى
هذا الوجه قال إبراهيم صلوات الله عليه: (اجنبني وبنى أن نعبد الاصنام) فمعلوم أن إبراهيم مع تحققه بمعرفة الله تعالى واطلاعه على حكمته لم يكن ممن يخاف أن يعود إلى عبادة تلك الجثث التى كانوا يعبدونها فكأنه قال اجنبني عن الاشتغال بما يصرفني عنك.
صنو: الصنو الغصن الخارج عن أصل الشجرة، يقال هما صنوا نخلة وفلان صنو أبيه، والتثنية صنوان وجمعه صنوان قال: (صنوان وغير صنوان).
صهر: الصهر الختن وأهل بيت المرأة يقال لهم الاصهار كذا قال الخليل.
قال ابن الاعرابي: الاصهار التحرم بجوار أو نسب أو تزوج، يقال رجل مصهر إذا كان له تحرم من ذلك، قال: (فجعله نسبا وصهرا) والصهر إذابة الشحم قال: (يصهر به ما في بطونهم) والصهارة ما ذاب منه وقال أعرابي: لأصهرنك بيمينى مرة، أي لأذيبنك.
صوب: الصواب يقال على وجهين، أحدهما: باعتبار الشئ في نفسه فيقال هذا صواب إذا كان في نفسه محمودا ومرضيا
بحسب مقتضى العقل والشرع نحو قولك: تحرى العدل صواب والكرم صواب.
والثانى: يقال باعتبار القاصد إذا أدرك المقصود بحسب ما يقصده فيقال أصاب كذا أي وجد ما طلب كقولك أصابه السهم وذلك على أضرب، الاول: أن يقصد ما يحسن قصده فيفعله وذلك هو الصواب التام المحمود به الانسان.
والثانى أن يقصد ما يحسن فعله فيتأتى منه غيره لتقديره
بعد اجتهاده أنه صواب وذلك هو المراد بقوله عليه السلام: " كل مجتهد مصيب " وروى " المجتهد مصيب وإن أخطأ فهذا له أجر " كما روى " من اجتهد فأصاب فله أجران، ومن اجتهد فأخطأ فله أجر " والثالث: أن يقصد صوابا فيتأتى منه خطأ لعارض من خارج نحو من يقصد رمى صيد فأصاب إنسانا فهذا معذور.
والرابع: أن يقصد ما يقبح فعله ولكن يقع منه خلاف ما يقصده فيقال أخطأ في قصده وأصاب الذى قصده أي وجده، والصوب الاصابة يقال صابه وأصابه، وجعل الصوب لنزول المطر إذا كان بقدر ما ينقع وإلى هذا القدر من المطر أشار بقوله: (أنزل من السماء
ماء بقدر) قال الشاعر: فسقى ديارك غير مفسدها * صوب الربيع وديمة تهمى والصيب السحاب المختص بالصوب وهو فيعل من صاب يصوب قال الشاعر: * فكأنما صابت عليه سحابة * وقوله: (أو كصيب) قيل هو السحاب وقيل هو المطر وتسميته به كتسميته بالسحاب، وأصاب السهم إذا وصل إلى المرمى بالصواب، والمصيبة أصلها في الرمية ثم اختصت بالنائبة نحو: (أو لما أصابتكم مصيبة قد أصبتم مثليها - فكيف إذا أصابتهم مصيبة - وما أصابكم يوم التقى الجمعان - وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم) وأصاب جاء في الخير والشر قال: (إن تصبك حسنة تسؤهم وإن تصبك مصيبة - ولئن أصابكم فضل من الله - يصيب به من يشاء ويصرفه عن من يشاء - فإذا أصاب به من يشاء من عباده) قال بعضهم: الاصابة في الخير اعتبارا بالصوب أي بالمطر، وفى الشر اعتبارا بإصابة السهم، وكلاهما يرجعان إلى أصل.
صوت: الصوت هو الهواء المنضغط عن قرع جسمين وذلك ضربان: صوت مجرد عن
تنفس بشئ كالصوت الممتد، وتنفس بصوت ما والمتنفس ضربان: غير اختياري كما يكون من الجمادات ومن الحيوانات، واختياري كما يكون من الانسان وذلك ضربان: ضرب باليد كصوت العود وما يجرى مجراه، وضرب بالفم.
والذى بالفم ضربان: نطق وغير نطق، وغير النطق كصوت الناى، والنطق منه إما مفرد من الكلام وإما مركب كأحد الانواع من الكلام، قال: (وخشعت الاصوات للرحمن فلا تسمع إلا همسا) وقال: (إن أنكر الاصوات لصوت الحمير - لا ترفعوا أصواتكم فوق صوت النبي) وتخصيص الصوت بالنهي لكونه أعم من النطق والكلام، ويجوز أنه خصه لان المكروه رفع الصوت فوقه لا رفع الكلام، ورجل صيت شديد الصوت وصائت صائح، والصيت خص بالذكر
الحسن وإن كان في الاصل انتشار الصوت والانصات هو الاستماع إليه مع ترك الكلام قال (وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا) وقال بعضهم: يقال للاجابة إنصات وليس ذلك بشئ فإن الاجابة تكون بعد الانصات
وإن استعمل فيه فذلك حث على الاستماع لتمكن الاجابة.
صاح: الصيحة رفع الصوت قال (إن كانت إلا صيحة واحدة - يوم يسمعون الصيحة بالحق) أي النفخ في الصور وأصله تشقيق الصوت من قولهم انصاح الخشب أو الثوب إذا انشق فسمع منه صوت وصيح الثوب كذلك، ويقال بأرض فلان شجر قد صاح إذا طال فتبين للناظر لطوله ودل على نفسه دلالة الصائح على نفسه بصوته، ولما كانت الصيحة قد تفزع عبر بها عن الفزع في قوله (فأخذتهم الصيحة مشرقين) والصائحة صيحة المناحة ويقال ما ينتظر إلا مثل صيحة الحبلى أي شرا يعاجلهم، والصيحانى ضرب من التمر.
صيد: الصيد مصدر صاد وهو تناول ما يظفر به مما كان ممتنعا، وفى الشرع تناول الحيوانات الممتنعة ما لم يكن مملوكا والمتناول منه ما كان حلالا وقد يسمى المصيد صيدا بقوله (أحل لكم صيد البحر) أي اصطياد ما في البحر، وأما قوله (لا تقتلوا الصيد وأنتم حرم) وقوله (وإذا حللتم فاصطادوا)
وقوله (غير محلى الصيد وأنتم حرم) فإن الصيد في هذه المواضع مختص بما يؤكل لحمه فيما قال الفقهاء بدلالة ماروى " خمسة يقتلهن المحرم في الحل والحرم: الحية والعقرب والفأرة والذئب والكلب العقور " والاصيد من في عنقه ميل، وجعل مثلا للمتكبر.
والصيدان برام الاحجار، قال: * وسود من الصيدان فيها مذانب * وقيل له صاد، قال: * رأيت قدور الصاد حول بيوتنا * وقيل في قوله تعالى: (ص والقرآن) هو الحروف وقيل تلقه بالقبول من صاديت كذا والله أعلم.
صور: الصورة ما ينتقش به الاعيان ويتميز بها غيرها وذلك ضربان، أحدهما محسوس يدركه الخاصة والعامة بل يدركه الانسان وكثير من الحيوان كصورة الانسان والفرس والحمار بالمعاينة، والثانى معقول يدركه الخاصة دون العامة كالصورة التى اختص الانسان بها من العقل والروية والمعاني التى خص بها شئ بشئ، وإلى الصورتين أشار بقوله تعالى: (ثم صورناكم - وصوركم فأحسن صوركم) وقال (في أي صورة ما شاء
ركبك - يصوركم في الارحام) وقال عليه السلام: " إن الله خلق آدم على صورته " فالصورة أراد بها ما خص الانسان بها من الهيئة
المدركة بالبصر والبصيرة وبها فضله على كثير من خلقه، وإضافته إلى الله سبحانه على سبيل الملك لا على سبيل البعضية والتشبيه، تعالى عن ذلك، وذلك على سبيل التشريف له كقوله: بيت الله وناقة الله ونحو ذلك (ونفخت فيه من روحي - ويوم ينفخ في الصور) فقد قيل هو مثل قرن ينفخ فيه فيجعل الله سبحانه ذلك سببا لعود الصور والارواح إلى أجسامها وروى في الخبر " أن الصور فيه صورة الناس كلهم " وقوله تعالى (فخذ أربعة من الطير فصرهن) أي أملهن من الصور أي الميل، وقيل قطعهن صورة صورة، وقرئ صرهن وقيل ذلك لغتان يقال صرته وصرته، وقال بعضهم صرهن أي صح بهن، وذكر الخليل أنه يقال عصفور صوار وهو المجيب إذا دعى وذكر أبو بكر النقاش أنه قرئ (فصرهن) بضم الصاد وتشديد الراء وفتحها من الصر أي الشد، وقرئ (فصرهن) من الصرير
أي الصوت ومعناه صح بهن.
والصوار القطيع من الغنم اعتبارا بالقطع نحو الصرمة والقطيع والفرقة وسائر الجماعة المعتبر فيها معنى القطع.
صير: الصير الشق وهو المصدر ومنه قرئ (فصرهن) وصار إلى كذا انتهى إليه ومنه صير الباب لمصيره الذى ينتهى إليه في تنقله وتحركه قال (وإليه المصير) وصار عبارة عن التنقل من حال إلى حال.
صاع: صواع الملك كان إناء يشرب به ويكال به ويقال له الصاع ويذكر ويؤنث قال تعالى: (نفقد صواع الملك) ثم قال (ثم استخرجها) ويعبر عن المكيل باسم ما يكال به في قوله " صاع من بر أو صاع من شعير " وقيل الصاع بطن الارض، قال: * ذكروا بكفى لاعب في صاع * وقيل بل الصاع هنا هو الصاع يلعب به مع كرة.
وتصوع النبت والشعر هاج وتفرق، والكمى يصوع أقرانه أي يفرقهم.
صوغ: قرئ (صوغ الملك) يذهب به إلى أنه كان مصوغا من الذهب.
صوف: قال تعالى: (ومن أصوافها
وأوبارها وأشعارها أثاثا ومتاعا إلى حين) وأخذ بصوفة قفاه، أي بشعره النابت، وكبش صاف وأصوف وصائف كثير الصوف.
والصوفة قوم كانوا يخدمون الكعبة، فقيل سموا بذلك لانهم تشبكوا بها كتشبك الصوف بما نبت عليه، والصوفان نبت أزغب.
والصوفى قيل منسوب إلى لبسه الصوف وقيل منسوب إلى الصوفة الذين كانوا يخدمون الكعبة لاشتغالهم بالعبادة، وقيل منسوب إلى الصوفان الذى هو نبت لاقتصادهم واقتصارهم
في الطعم على ما يجرى مجرى الصوفان في قلة الغناء في الغذاء.
صيف: الصيف الفصل المقابل للشتاء، قال (رحلة الشتاء والصيف) وسمى المطر الاتى في الصيف صيفا كما سمى المطر الاتى في الربيع ربيعا.
وصافوا حصلوا في الصيف، وأصافوا دخلوا فيه صوم: الصوم في الاصل الامساك عن الفعل مطعما كان أو كلاما أو مشيا، ولذلك قيل للفرس الممسك عن السير أو العلف صائم قال الشاعر:
* خيل صيام وأخرى غير صائمة * وقيل للريح الراكدة صوم ولاستواء النهار صوم تصورا لوقوف الشمس في كبد السماء، ولذلك قيل قام قائم الظهيرة.
ومصام الفرس ومصامته موقفه.
والصوم في الشرع إمساك المكلف بالنية من الخيط الابيض إلى الخيط الاسود عن تناول الاطيبين والاستمناء والاستقاء وقوله (إنى نذرت للرحمن صوما) فقد قيل عنى به الامساك عن الكلام بدلالة قوله تعالى (فلن أكلم اليوم إنسيا).
صيص: (من صياصيهم) أي حصونهم وكل ما يتحصن به يقال له صيصة وبهذا النظر قيل لقرن البقر صيصة وللشوكة التى يقاتل بها الديك صيصة، والله أعلم.
كتاب الضادضبح: (والعاديات ضبحا) قيل الضبح صوت أنفاس الفرس تشبيها بالضباح وهو صوت الثعلب، وقيل هو حفيف العدو وقد يقال ذلك للعدو، وقيل الضبح كالضبع وهو مد الضبع في العدو، وقيل أصله إحراق العود وشبه عدوه به كتشبيهه بالنار في كثرة حركتها.
ضحك: الضحك انبساط الوجه وتكشر الاسنان من سرور النفس ولظهور الاسنان عنده سميت مقدمات الاسنان الضواحك.
واستعير الضحك للسخرية وقيل ضحكت منه ورجل ضحكة يضحك من الناس وضحكة لمن يضحك منه، قال: (وكنتم منهم تضحكون - إذا هم منا يضحكون - تعجبون وتضحكون) ويستعمل في السرور المجرد نحو (مسفرة ضاحكة - فليضحكوا قليلا - فتبسم ضاحكا) قال الشاعر: يضحك الضبع لقتلى هذيل * وترى الذئب لها تستهل واستعمل للتعجب المجرد تارة ومن هذا المعنى قصد من قال الضحك يختص بالانسان وليس يوجد في غيره من الحيوان، قال: ولهذا المعنى قال (وأنه هو أضحك وأبكى - وامرأته قائمة فضحكت) وضحكها كان للتعجب بدلالة قوله (أتعجبين من أمر الله) ويدل على ذلك أيضا قوله (أألد وأنا عجوز) إلى قوله: (عجيب) وقول من قال حاضت فليس ذلك تفسيرا لقوله (فضحكت) كما تصوره بعض المفسرين فقال ضحكت بمعنى حاضت وإنما ذكر ذلك
تنصيصا لحالها وأن الله تعالى جعل ذلك أمارة لما بشرت به فحاضت في الوقت ليعلم أن حملها ليس بمنكر إذ كانت المرأة مادامت تحيض فإنها تحبل، وقول الشاعر في صفة روضة: * يضاحك الشمس منها كوكب شرق * فإنه شبه تلالؤها بالضحك ولذلك سمى البرق العارض ضاحكا، والحجر يبرق ضاحكا وسمى البلح حين يتفتق ضاحكا، وطريق ضحوك واضح، وضحك الغدير تلالا من امتلائه وقد أضحكته.
ضحى: الضحى انبساط الشمس وامتداد
النهار وسمى الوقت به قال (والشمس وضحاها - إلا عشية أوضحاها - والضحى والليل - وأخرج ضحاها - وأن يحشر الناس ضحى) وضحى يضحى تعرض للشمس.
قال (وإنك لا تظمأ فيها ولا تضحى) أي لك أن تتصون من حر الشمس وتضحى أكل ضحى كقولك تغدى والضحاء والغداء لطعامهما، وضاحية كل شئ ناحيته البارزة، وقيل للسماء الضواحى وليلة إضحيانة وضحياء مضيئة إضاءة الضحى.
والاضحية جمعها أضاحى وقيل ضحية وضحايا وأضحاة وأضحى وتسميتها بذلك في الشرع لقوله عليه السلام: " من ذبح قبل صلاتنا هذه فليعد ".
ضد: قال قوم الضدان الشيئان اللذان تحت جنس واحد، وينافى كل واحد منهما الاخر في أوصافه الخاصة، وبينهما أبعد البعد كالسواد والبياض والشر والخير، وما لم يكونا تحت جنس واحد لا يقال لهما ضدان كالحلاوة والحركة.
قالوا والضد هو أحد المتقابلات فإن المتقابلين هما الشيئان المختلفان للذات وكل واحد قبالة الاخر ولا يجتمعان في شئ واحد في وقت واحد وذلك أربعة أشياء: الضدان كالبياض والسواد، والمتناقضان: كالضعف والنصف، والوجود والعدم كالبصر والعمى والموجبة والسالبة في الاخبار نحو كل إنسان ههنا، وليس كل إنسان ههنا.
وكثير من المتكلمين وأهل اللغة يجعلون كل ذلك من المتضادات ويقول الضدان ما لا يصح اجتماعهما في محل واحد.
وقيل: الله تعالى لا ند له ولا ضد، لان الند هو الاشتراك في الجوهر والضد هو أن يعتقب الشيئان المتنافيان على جنس واحد والله تعالى منزه عن أن يكون جوهرا
فإذا لاضد له ولا ند، وقوله: (ويكونون عليهم ضدا) أي منافين لهم.
ضر: الضر سوء الحال إما في نفسه لقلة العلم والفضل والعفة، وإما في بدنه لعدم جارحة ونقص، وإما في حالة ظاهرة من قلة مال وجاه، وقوله (فكشفنا ما به من ضر) فهو محتمل لثلاثتها، وقوله (وإذا مس الانسان الضر) وقوله (فلما كشفنا عنه ضره مر كأن لم يدعنا إلى ضر مسه) يقال ضره ضرا جلب إليه ضرا وقوله: (لن يضروكم إلا أذى) ينبههم على قلة ما ينالهم من جهتهم ويؤمنهم من ضرر يلحقهم نحو (لا يضركم كيدهم شيئا - وليس بضارهم شيئا - وما هم بضارين به من أحد إلا بإذن الله) وقال تعالى: (ويتعلمون ما يضرهم ولا ينفعهم) وقال: (يدعو من دون الله ما لا يضره وما لا ينفعه) وقوله (يدعو لمن ضره أقرب من نفعه).
فالاول يعنى به الضر والنفع اللذان بالقصد والارادة تنبيها أنه لا يقصد في ذلك ضرا ولا نفعا لكونه جمادا.
وفى الثاني يريد ما يتولد
من الاستعانة به ومن عبادته، لا ما يكون منه
بقصده، والضراء يقابل بالسراء والنعماء، والضر بالنفع، قال (ولئن أذقناه نعماء بعد ضراء - ولا يملكون لانفسهم ضرا ولا نفعا) ورجل ضرير كناية عن فقد بصره وضرير الوادي شاطئه الذى ضره الماء، والضرر المضار وقد ضاررته، قال (ولا تضاروهن) وقال (ولا يضار كاتب ولا شهيد) يجوز أن يكون مسندا إلى الفاعل كأنه قال لا يضارر، وأن يكون مفعولا أي لا يضارر، بأن يشغل عن صنعته ومعاشه باستدعاء شهادته (لا تضار والدة بولدها) فإذا قرئ بالرفع فلفظه خبر ومعناه أمر، وإذا فتح فأمر، قال (ضرارا لتعتدوا) والضرة أصلها الفعلة التى تضر وسمى المرأتان تحت رجل واحد كل واحدة منهما ضرة لاعتقادهم أنها تضر بالمرأة الاخرى ولاجل هذا النظر منهم قال النبي صلى الله عليه وسلم: " لا تسأل المرأة طلاق أختها لتكفي ما في صحفتها " والضراء التزويج بضرة، ورجل مضر ذو زوجين فصاعدا، وامرأة مضر لها ضرة.
والاضرار حمل الانسان على ما يضره وهو في التعارف حمله على أمر يكرهه وذلك على ضربين:
أحدهما: إضرار بسبب خارج كمن يضرب أو يهدد، حتى يفعل منقادا، ويؤخذ قهرا فيحمل على ذلك كما قال (ثم أضطره إلى عذاب النار - ثم نضطرهم إلى عذاب غليظ).
والثانى: بسبب داخل وذلك إما بقهر قوة له لا يناله بدفعها هلاك كمن غلب عليه شهوة خمر أو قمار، وإما بقهر قوة يناله بدفعها الهلاك كمن اشتد به الجوع فاضطر إلى أكل ميتة وعلى هذا قوله (فمن اضطر غير باغ ولا عاد - فمن اضطر في مخمصة) وقال (أمن يجيب المضطر إذا دعاه) فهو عام في كل ذلك والضروري يقال على ثلاثة أضرب: أحدها: إما يكون على طريق القهر والقسر لا على الاختيار كالشجر إذا حركته الريح الشديدة.
والثانى: ما لا يحصل وجوده إلا به نحو الغذاء الضرورى للانسان في حفظ البدن.
والثالث: يقال فيما لا يمكن أن يكون على خلافه نحو أن يقال الجسم الواحد لا يصح حصوله في مكانين في حالة واحدة بالضرورة.
وقيل الضرة أصل الانملة وأصل الضرع والشحمة المتدلية من الالية.
ضرب: الضرب إيقاع شئ على شئ، ولتصور اختلاف الضرب خولف بين تفاسيرها كضرب الشئ باليد والعصا والسيف ونحوها قال (فاضربوا فوق الاعناق واضربوا منهم كل بنان - فضرب الرقاب - فقلنا
اضربوه ببعضها - أن اضرب بعصاك الحجر - فراغ عليهم ضربا باليمين - يضربون وجوههم) وضرب الارض بالمطر وضرب الدراهم اعتبارا بضرب المطرقة وقيل له الطبع اعتبارا بتأثير السكة فيه، وبذلك شبه السجية وقيل لها الضريبة والطبيعة.
والضرب في الارض الذهاب فيها هو ضربها بالارجل، قال (وإذا ضربتم في الارض - وقالوا لاخوانهم إذا ضربوا في الارض) وقال (لا يستطيعون ضربا في الارض) ومنه (فاضرب لهم طريقا في البحر) وضرب الفحل الناقة تشبيها بالضرب بالمطرقة كقولك طرقها تشبيها بالطرق بالمطرقة، وضرب الخيمة بضرب أوتادها بالمطرقة وتشبيها بالخيمة، قال: (ضربت عليهم الذلة) أي
التحفتهم الذلة التحاف الخيمة بمن ضربت عليه وعلى هذا: (وضربت عليهم المسكنة) ومنه استعير (فضربنا على آذانهم في الكهف سنين عددا) وقوله: (فضرب بينهم بسور) وضرب العود والناى والبوق يكون بالانفاس وضرب اللبن بعضه على بعض بالخلط، وضرب المثل هو من ضرب الدراهم وهو ذكر شئ أثره يظهر في غيره، قال: (ضرب الله مثلا - واضرب لهم مثلا - ضرب لكم مثلا من أنفسكم - ولقد ضربنا للناس - ولما ضرب ابن مريم مثلا - ما ضربوه لك إلا جدلا - واضرب لهم مثل الحياة الدنيا - أفنضرب عنكم الذكر صفحا) والمضاربة ضرب من الشركة.
والمضربة ما أكثر ضربه بالخياطة.
والتضريب التحريض كأنه حث على الضرب الذى هو بعد في الارض، والاضطراب كثرة الذهاب في الجهات من الضرب في الارض، واستضراب الناقة: استدعاء ضرب الفحل إياها.
ضرع: الضرع ضرع الناقة والشاة وغيرهما، وأضرعت الشاة نزل اللبن في ضرعها لقرب نتاجها وذلك نحو أتمر وألبن إذا كثر تمره ولبنه
وشاة ضريع عظيمة الضرع، وأما قوله: (ليس لهم طعام إلا من ضريع) فقيل هو يبيس الشبرق، وقيل نبات أحمر منتن الريح يرمى به البحر وكيفما كان فإشارة إلى شئ منكر.
وضرع إليهم تناول ضرع أمه وقيل منه ضرع الرجل ضراعة ضعف وذل فهو ضارع وضرع وتضرع أظهر الضراعة.
قال (تضرعا وخفية - لعلهم يتضرعون - لعلهم يضرعون) أي يتضرعون فأدغم (فلولا إذ جاءهم بأسنا تضرعوا) والمضارعة أصلها التشارك في الضراعة ثم جرد للمشاركة ومنه استعار النحويون لفظ الفعل المضارع.
ضعف: الضعف خلاف القوة وقد ضعف فهو ضعيف، قال (ضعف الطالب والمطلوب) والضعف قد يكون في النفس وفى البدن وفى
الحال وقيل الضعف والضعف لغتان.
قال: (وعلم أن فيكم ضعفا) قال (ونريد أن نمن على الذين استضعفوا) قال الخليل رحمه الله: الضعف بالضم في البدن، والضعف في العقل والرأى، ومنه قوله تعالى (فإن كان الذى عليه
الحق سفيها أو ضعيفا) وجمع الضعيف ضعاف وضعفاء.
قال تعالى: (ليس على الضعفاء) واستضعفته وجدته ضعيفا، قال (والمستضعفين من الرجال والنساء والولدان - قالوا فيم كنتم قالوا كنا مستضعفين في الارض - إن القوم استضعفوني) وقوبل بالاستكبار في قوله (قال الذين استضعفوا للذين استكبروا) وقوله (هو الذى خلقكم من ضعف ثم جعل من بعد ضعف قوة ثم جعل من بعد قوة ضعفا) والثانى غير الاول وكذا الثالث فإن قوله (خلقكم من ضعف) أي من نطفة أو من تراب والثانى هو الضعف الموجود في الجنين والطفل.
الثالث الذى بعد الشيخوخة وهو المشار إليه بأرذل العمر.
والقوتان الاولى هي التى تجعل للطفل من التحرك وهدايته واستدعاء اللبن ودفع الاذى عن نفسه بالبكاء، والقوة الثانية هي التى بعد البلوغ ويدل على أن كل واحد من قوله ضعف إشارة إلى حالة غير الحالة الاولى ذكره منكرا والمنكر متى أعيد ذكره وأريد به ما تقدم عرف كقولك: رأيت رجلا فقال لى الرجل كذا.
ومتى ذكر ثانيا منكرا أريد به غير الاول، ولذلك قال ابن عباس
في قوله: (فإن مع العسر يسرا.
إن مع العسر يسرا) " لن يغلب عسر يسرين " وقوله: (وخلق الانسان ضعيفا) فضعفه كثرة حاجاته التى يستغنى عنها الملا الاعلى، وقوله: (إن كيد الشيطان كان ضعيفا) فضعف كيده إنما هو مع من صار من عباد الله المذكورين في قوله: (إن عبادي ليس لك عليهم سلطان) والضعف هو من الالفاظ المتضايفة التى يقتضى وجود أحدهما وجود الاخر كالنصف والزوج، وهو تركب قدرين متساويين ويختص بالعدد، فإذا قيل أضعفت الشئ وضعفته وضاعفته ضممت إليه مثله فصاعدا.
قال بعضهم: ضاعفت أبلغ من ضعفت، ولهذا قرأ أكثرهم (يضاعف لها العذاب ضعفين - وإن تك حسنة يضاعفها) وقال: (من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها) والمضاعفة على قضية هذا القول تقتضي أن يكون عشر أمثالها، وقيل ضعفته بالتخفيف ضعفا فهو مضعوف، فالضعف مصدر والضعف اسم كالشئ والشئ، فضعف الشئ هو الذى يثنيه، ومتى أضيف إلى عدد اقتضى ذلك العدد ومثله نحو أن يقال ضعف العشرة وضعف المائة فذلك عشرون ومائتان بلا خلاف، وعلى هذا
قول الشاعر: جزيتك ضعف الود لما اشتكيته * وما إن جزاك الضعف من أحد قبلى
وإذا قيل أعطه ضعفى واحد فإن ذلك اقتضى الواحد ومثليه وذلك ثلاثة لان معناه الواحد واللذان يزاوجانه وذلك ثلاثة، هذا إذا كان الضعف مضافا، فأما إذا لم يكن مضافا فقلت الضعفين فإن ذلك يجرى مجرى الزوجين في أن كل واحد منهما يزاوج الاخر فيقتضى ذلك اثنين لان كل واحد منهما يضاعف الاخر فلا يخرجان عن الاثنين بخلاف ما إذا أضيف الضعفان إلى واحد فيثلثهما نحو ضعفى الواحد، وقوله (أولئك لهم جزاء الضعف) وقوله (لا تأكلوا الربا أضعافا مضاعفة) فقد قيل أتى باللفظين على التأكيد وقيل بل المضاعفة من الضعف لامن الضعف، والمعنى ما يعدونه ضعفا فهو ضعف أي نقص كقوله (وما آتيتم من ربا ليربو في أموال الناس فلا يربو عند الله) وكقوله (يمحق الله الربا ويربى الصدقات)، وهذا المعنى أخذه الشاعر فقال: * زيادة شيب وهى نقص زيادتي *
وقوله (فآتهم عذابا ضعفا من النار) فإنهم سألوه أن يعذبهم عذابا بضلالهم، وعذابا بإضلالهم كما أشار إليه بقوله (ليحملوا أوزارهم كاملة يوم القيامة ومن أوزار الذين يضلونهم) وقوله (لكل ضعف ولكن لا تعلمون) أي لكل منهم ضعف (ما لكم من العذاب) وقيل أي لكل منهم ومنكم ضعف ما يرى الاخر فإن من العذاب ظاهرا وباطنا وكل يدرك من الاخر الظاهر دون الباطن فيقدر أن ليس له العذاب الباطن.
ضغث: الضغث قبضة ريحان أو حشيش أو قضبان وجمعه أضغاث.
قال (وخذ بيدك ضغثا) وبه شبه الاحلام المختلطة التى لا يتبين حقائقها، (قالوا أضغاث أحلام) حزم أخلاط من الاحلام.
ضغن: الضغن والضغن الحقد الشديد، وجمعه أضغان، قال (أن لن يخرج الله أضغانهم) وبه شبه الناقة فقالوا ذات ضغن، وقناة ضغنة عوجاء والاضغان الاشتمال بالثوب وبالسلاح ونحوهما.
ضل: الضلال العدول عن الطريق المستقيم ويضاده الهداية، قال تعالى: (فمن اهتدى
فإنما يهتدي لنفسه ومن ضل فإنما يضل عليها) ويقال الضلال لكل عدول عن المنهج عمدا كان أو سهوا، يسيرا كان أو كثيرا، فإن الطريق المستقيم الذى هو المرتضى صعب جدا، قال النبي صلى الله عليه وسلم " استقيموا ولن تحصوا " وقال بعض الحكماء: كوننا مصيبين من وجه وكوننا ضالين من وجوه كثيرة، فإن الاستقامة والصواب يجرى مجرى المقرطس من المرمى وما عداه من الجوانب كلها ضلال.
ولما قلنا روى عن بعض الصالحين أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم في منامه فقال: يا رسول الله
يروى لنا أنك قلت " شيبتني سورة هود وأخواتها فما الذى شيبك منها ؟ فقال: قوله (فاستقم كما أمرت) " وإذا كان الضلال ترك الطريق المستقيم عمدا كان أو سهوا، قليلا كان أو كثيرا، صح أن يستعمل لفظ الضلال ممن يكون منه خطأ ما ولذلك نسب الضلال إلى الانبياء وإلى الكفار، وإن كان بين الضلالين بون بعيد، ألا ترى أنه قال في النبي صلى الله عليه وسلم (ووجدك ضالا فهدى) أي غير مهتد لما سيق إليك من النبوة.
وقال في يعقوب
(إنك لفى ضلالك القديم) وقال أولاده: (إن أبانا لفى ضلال مبين) إشارة إلى شغفه بيوسف وشوقه إليه وكذلك (قد شغفها حبا إنا لنراها في ضلال مبين) وقال عن موسى عليه السلام (وأنا من الضالين) تنبيه أن ذلك منه سهو، وقوله (أن تضل إحداهما) أي تنسى وذلك من النسيان الموضوع عن الانسان.
والضلال من وجه آخر ضربان: ضلال في العلوم النظرية كالضلال في معرفة الله ووحدانيته ومعرفة النبوة ونحوهما المشار إليهما بقوله (من يكفر بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الاخر فقد ضل ضلالا بعيدا) وضلال في العلوم العملية كمعرفة الاحكام الشرعية التى هي العبادات، والضلال البعيد إشارة إلى ما هو كفر كقوله على ما تقدم من قوله (ومن يكفر بالله) وقوله (إن الذين كفروا وصدوا عن سبيل الله قد ضلوا ضلالا بعيدا) وكقوله (أولئك في العذاب والضلال البعيد) أي في عقوبة الضلال البعيد، وعلى ذلك قوله (إن أنتم إلا في ضلال كبير - قد ضلوا من قبل وأضلوا كثيرا وضلوا عن سواء السبيل) وقوله (أئذا ضللنا في الارض)
كناية عن الموت واستحالة البدن.
وقوله (ولا الضالين) فقد قيل عنى بالضالين النصارى وقوله (في كتاب لا يضل ربى ولا ينسى) أي لا يضل عن ربى ولا يضل ربى عنه أي لا يغفله، وقوله (كيدهم في تضليل) أي في باطل وإضلال لانفسهم.
والاضلال ضربان، أحدهما: أن يكون سببه الضلال وذلك على وجهين: إما بأن يضل عنك الشئ كقولك أضللت البعير أي ضل عنى، وإما أن تحكم بضلاله، والضلال في هذين سبب الاضلال.
والضرب الثاني: أن يكون الاضلال سببا للضلال وهو أن يزين للانسان الباطل ليضل كقوله: (لهمت طائفة منهم أن يضلوك - وما يضلون إلا أنفسهم) أي يتحرون أفعالا يقصدون بها أن تضل فلا يحصل من فعلهم ذلك إلا ما فيه ضلال أنفسهم وقال عن الشيطان (ولأضلنهم ولأمنينهم) وقال في الشيطان: (ولقد أضل منكم جبلا كثيرا - ويريد الشيطان أن يضلهم ضلالا بعيدا - ولا تتبع الهوى
فيضلك عن سبيل الله) وإضلال الله تعالى للانسان على أحد وجهين: أحدهما أن يكون
سببه الضلال وهو أن يضل الانسان فيحكم الله عليه بذلك في الدنيا ويعدل به عن طريق الجنة إلى النار في الاخرة وذلك إضلال هو حق وعدل، فالحكم على الضال بضلاله والعدول به عن طريق الجنة إلى النار عدل وحق.
والثانى من إضلال الله هو أن الله تعالى وضع جبلة الانسان على هيئة إذا راعى طريقا محمودا كان أو مذموما ألفه واستطابه ولزمه وتعذر صرفه وانصرافه عنه ويصير ذلك كالطبع الذى يأبى على الناقل، ولذلك قيل العادة طبع ثان.
وهذه القوة في الانسان فعل إلهى، وإذا كان كذلك وقد ذكر في غير هذا الموضع أن كل شئ يكون سببا في وقوع فعل صح نسبة ذلك الفعل إليه فصح أن ينسب ضلال العبد إلى الله من هذا الوجه فيقال أضله الله لا على الوجه الذى يتصوره الجهلة ولما قلناه جعل الاضلال المنسوب إلى نفسه للكافر والفاسق دون المؤمن بل نفى عن نفسه أضلال المؤمن فقال: (وما كان الله ليضل قوما بعد إذ هداهم - فلن يضل أعمالهم، سيهديهم) وقال في الكافر والفاسق (فتعسا لهم وأضل أعمالهم - وما يضل به إلا الفاسقين - كذلك يضل الله
الكافرين - ويضل الله الظالمين) وعلى هذا النحو تقليب الافئدة في قوله (ونقلب أفئدتهم) والختم على القلب في قوله (ختم الله على قلوبهم) وزيادة المرض في قوله: (في قلوبهم مرض فزادهم الله مرضا).
ضم: الضم الجمع بين الشيئين فصاعدا.
قال (واضمم يدك إلى جناحك - واضمم إليك جناحك) والاضمامة جماعة من الناس أو من الكتب أو الريحان أو نحو ذلك، وأسد ضمضم وضماضم يضم الشئ إلى نفسه.
وقيل بل هو المجتمع الخلق، وفرس سباق الاضاميم إذا سبق جماعة من الافراس دفعة واحدة.
ضمر: الضامر من الفرس الخفيف اللحم من الاعمال لا من الهزال، قال (وعلى كل ضامر) يقال ضمر ضمورا واضطمر فهو مضطمر، وضمرته أنا، والمضمار الموضع الذى يضمر فيه.
والضمير ما ينطوى عليه القلب ويدق على الوقوف عليه، وقد تسمى القوة الحافظة لذلك ضميرا.
ضن: قال (وما هو على الغيب بضنين) أي ما هو ببخيل، والضنة هو البخل بالشئ النفيس ولهذا قيل: علق مضنة ومضنة، وفلان ضنى بين أصحابي أي هو النفيس الذى أضن به،
يقال: ضننت بالشئ ضنا وضنانة، وقيل: ضننت.
ضنك: (معيشة ضنكا) أي ضيقا وقد ضنك عيشه، وامرأة ضناك، مكتنزة والضناك الزكام والمضنوك المزكوم.
ضاهى: (يضاهون قول الذين كفروا) أي يشاكلون، وقيل أصله الهمز، وقد قرئ به، والضهياء المرأة التى لا تحيض وجمعه ضهى.
ضير: الضير المضرة يقال ضاره وضره، قال (لا ضير إنا إلى ربنا منقلبون)، وقوله: (لا يضركم كيدهم شيئا).
ضيز: (تلك إذا قسمة ضيزى) أي ناقصة أصله فعلى فكسرت الضاد للياء، وقيل ليس في كلامهم فعلى.
ضيع: ضاع الشئ يضيع ضياعا، وأضعته وضيعته، قال (لا أضيع عمل عامل منكم - إنا لا نضيع أجر من أحسن عملا - وما كان الله ليضيع إيمانكم - لا يضيع أجر المحسنين) وضيعة الرجل عقاره الذى يضيع ما لم يفتقد وجمعه ضياع، وتضيع الريح إذا هبت هبوبا يضيع ماهبت عليه.
ضيف: أصل الضيف الميل، يقال ضفت إلى كذا وأضفت كذا إلى كذا، وضافت الشمس للغروب وتضيفت وضاف السهم عن الهدف وتضيف، والضيف من مال إليك نازلا بك، وصارت الضيافة متعارفة في القرى وأصل الضيف مصدر، ولذلك استوى فيه الواحد، والجمع في عامة كلامهم وقد يجمع فيقال أضياف وضيوف وضيفان، قال: (ضيف إبراهيم - ولا تخزون في ضيفي - إن هؤلاء ضيفي) ويقال استضفت فلانا فأضافني وقد ضفته ضيفا فأنا ضائف وضيف.
وتستعمل الاضافة في كلام النحويين في اسم مجرور يضم إليه اسم قبله، وفى كلام بعضهم في كل شئ يثبت بثبوته آخر كالاب والابن والاخ والصديق، فإن كل ذلك يقتضى وجوده وجود آخر، فيقال لهذه الاسماء المتضايفة.
ضيق: الضيق ضد السعة، ويقال الضيق أيضا: والضيقة يستعمل في الفقر والبخل والغم ونحو ذلك، قال: (وضاق بهم ذرعا) أي عجز عنهم وقال (وضائق به صدرك - ويضيق صدري - ضيقا حرجا - وضاقت عليهم الارض بما رحبت - وضاقت عليهم أنفسهم - ولا تك
في ضيق مما يمكرون) كل ذلك عبارة عن الحزن وقوله: (ولا تضاروهن لتضيقوا عليهن) ينطوى على تضييق النفقة وتضييق الصدر، ويقال في الفقر ضاق وأضاق فهو مضيق واستعمال ذلك فيه كاستعمال الوسع في ضده.
ضأن: الضأن معروف، قال: (من الضأن اثنين) وأضأن الرجل إذا كثر ضأنه، وقيل الضائنة واحد الضأن ضوأ: الضوء ما انتشر من الاجسام النيرة ويقال ضاءت النار وأضاءت وأضاءها غيرها قال: (فلما أضاءت ما حوله - كلما أضاء لهم مشوا فيه - يكاد زيتها يضئ - ياتيكم بضياء) وسمى كتبه المهتدى بها ضياء في نحو قوله: (ولقد آتينا موسى وهرون الفرقان وضياء وذكرا)
كتاب الطاءطبع: الطبع أن تصور الشئ بصورة ما كطبع السكة وطبع الدراهم وهو أعم من الختم وأخص من النقش، والطابع والخاتم ما يطبع به ويختم.
والطابع فاعل ذلك وقيل للطابع طابع وذلك كتسمية الفعل إلى الالة
نحو سيف قاطع، قال: (فطبع على قلوبهم - كذلك يطبع الله على قلوب الذين لا يعلمون - كذلك نطبع على قلوب المعتدين) وقد تقدم الكلام في قوله: (ختم الله على قلوبهم) وبه اعتبر الطبع والطبيعة التى هي السجية فإن ذلك هو نقش النفس بصورة ما إما من حيث الخلقة وإما من حيث العادة وهو فيما ينقش به من حيث الخلقة أغلب، ولهذا قيل: * وتأبى الطباع على الناقل * وطبيعة النار وطبيعة الدواء ما سخر الله له من مزاجه.
وطبع السيف صدؤه ودنسه وقيل رجل طبع وقد حمل بعضهم (طبع الله على قلوبهم) و (كذلك نطبع على قلوب المعتدين) على ذلك ومعناه دنسه كقوله: (بل ران على قلوبهم) وقوله: (أولئك الذين لم يرد الله أن يطهر قلوبهم) وقيل طبعت المكيال إذا ملاته وذلك لكون الملء كالعلامة المانعة من تناول بعض ما فيه، والطبع المطبوع أي المملوء قال الشاعر: * كزوايا الطبع همت بالوجل * طبق: المطابقة من الاسماء المتضايفة وهو أن تجعل الشئ فوق آخر بقدره، ومنه طابقت
النعل، قال الشاعر: إذا لاوذ الظل القصير بخفه * وكان طباق الخف أو قل زائدا ثم يستعمل الطباق في الشئ الذى يكون فوق الاخر تارة وفيما يوافق غيره تارة كسائر الاشياء الموضوعة لمعنيين، ثم يستعمل في أحدهما دون الاخر كالكأس والراوية ونحو هما قال: (الذى خلق سبع سموات طباقا) أي بعضها فوق بعض وقوله: (لتركبن طبقا عن طبق) أي يترقى منزلا عن منزل وذلك إشارة إلى أحوال الانسان من ترقيه في أحوال شتى في الدنيا نحو ما أشار إليه بقوله: (خلقكم من تراب ثم من نطفة) وأحوال شتى في الاخرة
من النشور والبعث والحساب وجواز الصراط إلى حين المستقر في إحدى الدارين.
وقيل لكل جماعة متطابقة هم في أم طبق، وقيل الناس طبقات، وطابقته على كذا وتطابقوا وأطبقوا عليه ومنه جواب يطابق السؤال.
والمطابقة في المشى كمشى المقيد، ويقال لما يوضع عليه الفواكه ولما يوضع على رأس الشئ طبق ولكل فقرة من فقار الظهر طبق لتطابقها،
وطبقته بالسيف اعتبارا بمطابقة النعل، وطبق الليل والنهار ساعاته المطابقة، وأطبقت عليه الباب، ورجل عياياء طباقاء لمن انغلق عليه الكلام من قولهم أطبقت الباب، وفحل طباقاء انطبق عليه الضراب فعجز عنه وعبر عن الداهية ببنت الطبق، وقولهم: وافق شن طبقة وهما قبيلتان: طحا: الطحو كالدحو وهو بسط الشئ والذهاب به، قال: (والارض وما طحاها) قال الشاعر: * طحا بك قلب في الحسان طروب * أي ذهب.
طرح: الطرح إلقاء الشئ وإبعاده والطروح المكان البعيد، ورأيته من طرح أي بعد، والطرح المطروح لقلة الاعتداد به، قال: (اقتلوا يوسف أو اطرحوه أرضا).
طرد: الطرد هو الازعاج والابعاد على سبيل الاستخفاف، يقال طردته، قال تعالى: (ويا قوم من ينصرني من الله إن طردتهم - ولا تطرد الذين - وما أنا بطارد المؤمنين - فتطردهم فتكون من الظالمين) ويقال أطرده السلطان وطرده إذا أخرجه عن بلده
وأمر أن يطرد من مكان حله وسمى ما يثار من الصيد طردا وطريدة.
ومطاردة الاقران مدافعة بعضهم بعضا، والمطرد ما يطرد به، واطراد الشئ متابعة بعضه بعضا.
طرف: طرف الشئ جانبه ويستعمل في الاجسام والاوقات وغيرهما، قال: (فسبح وأطراف النهار - أقم الصلاة طرفي النهار) ومنه استعير: هو كريم الطرفين أي الاب والام وقيل الذكر واللسان إشارة إلى العفة، وطرف العين جفنه، والطرف تحريك الجفن وعبر به عن النظر إذ كان تحريك الجفن لازمه النظر، وقوله: (قبل أن يرتد إليك طرفك - فيهن قاصرات الطرف) عبارة عن إغضائهن لعفتهن، وطرف فلان أصيب طرفه، وقوله: (ليقطع طرفا) فتخصيص قطع الطرف من حيث إن تنقيص طرف الشئ يتوصل به إلى توهينه وإزالته، ولذلك قال: (ننقصها من أطرافها) والطراف بيت أدم يؤخذ طرفه ومطرف الخز ومطرف ما يجعل له طرف، وقد أطرفت مالا، وناقة طرفة ومستطرفة ترعى أطراف المرعى كالبعير، والطريف ما يتناوله، ومنه قيل مال طريف ورجل طريف لا يثبت على امرأة،
والطرف الفرس الكريم وهو الذى يطرف من حسنه، فالطرف في الاصل هو المطروف أي المنظور إليه كالنقض في معنى المنقوض، وبهذا النظر قيل هو قيد النواظر فيما يحسن حتى يثبت عليه النظر.
طرق: الطريق السبيل الذى يطرق بالارجل أي يضرب، قال (طريقا في البحر) وعنه استعير كل مسلك يسلكه الانسان في فعل محمودا كان أو مذموما، قال: (ويذهبا بطريقتكم المثلى) وقيل طريقة من النخل تشبيها بالطريق في الامتداد والطرق في الاصل كالضرب إلا أنه أخص لانه ضرب توقع كطرق الحديد بالمطرقة، ويتوسع فيه توسعهم في الضرب، وعنه استعير طرق الحصى للتكهن، وطرق الدواب الماء بالارجل حتى تكدره حتى سمى الماء الدنق طرقا، وطارقت النعل وطرقتها وتشبيها بطرق النعل في الهيئة، قيل طارق بين الدرعين، وطرق الخوافى أن يركب بعضها بعضا، والطارق السالك للطريق، لكن خص في التعارف بالاتى ليلا فقيل: طرق أهله طروقا، وعبر عن النجم بالطارق لاختصاص
ظهوره بالليل، قال: (والسماء والطارق) قال الشاعر: * نحن بنات طارق * وعن الحوادث التى تأتى ليلا بالطوارق، وطرق فلان قصد ليلا، قال الشاعر: كأنى أنا المطروق دونك بالذى * طرقت به دوني وعينى تهمل وباعتبار الضرب قيل طرق الفحل الناقة وأطرقتها واستطرقت فلانا فحلا، كقولك ضربها الفحل وأضربتها واستضربته فحلا، ويقال للناقة طروقة، وكنى بالطروقة عن المرأة.
وأطرق فلان أغضى كأنه صار عينه طارقا للارض أي ضاربا له كالضرب بالمطرقة وباعتبار الطريق، قيل جاءت الابل مطاريق أي جاءت على طريق واحد، وتطرق إلى كذا نحو توسل وطرقت له جعلت له طريقا، وجمع الطريق طرق، وجمع طريقة طرائق، قال: (كنا طرائق قددا) إشارة إلى اختلافهم في درجاتهم كقوله: (هم درجات عند الله) وأطباق السماء يقال لها طرائق، قال الله تعالى: (ولقد خلقنا فوقكم سبع طرائق) ورجل مطروق فيه لين، واسترخاء من قولهم هو
مطروق أي أصابته حادثة لينته أو لانه مضروب كقولك مقروع أو مدوخ أو لقولهم ناقة مطروقة تشبيها بها في الذلة.
طرى: قال: (لحما طريا) أي غضا جديدا من الطراء والطراوة، يقال طريت كذا فطرى، ومنه المطراة من الثياب، والاطراء مدح يجدد ذكره وطرأ بالهمز طلع.
طس: هما حرفان وليس من قولهم طس وطسوس في شئ.
طعم: الطعم تناول الغذاء ويسمى ما يتناول منه طعم وطعام، قال: (وطعامه متاعا لكم) قال وقد اختص بالبر فيما روى أبو سعيد " أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بصدقة الفطر صاعا من طعام أو صاعا من شعير " قال: (ولا طعام إلا من غسلين - طعاما ذا غصة - طعام الاثيم - ولا يحض على طعام المسكين) أي إطعامه الطعام (فإذا طعمتم فانتشروا) وقال تعالى: (ليس على الذين آمنوا وعملوا الصالحات جناح فيما طعموا) قيل وقد يستعمل طعمت في الشراب كقوله: (من شرب منه فليس منى ومن لم يطعمه فإنه منى) وقال بعضهم: إنما
قال (ومن لم يطعمه) تنبيها أنه محظور أن يتناول إلا غرفة مع طعام كما أنه محظور عليه أن يشربه إلا غرفة فإن الماء قد يطعم إذا كان مع شئ يمضغ، ولو قال ومن لم يشربه لكان يقتضى أن يجوز تناوله إذا كان في طعام، فلما قال: (ومن لم يطعمه) بين أنه لا يجوز تناوله على كل حال إلا قدر المستثنى وهو الغرفة باليد، وقول النبي صلى الله عليه وسلم في زمزم " إنه طعام طعم وشفاء سقم " فتنبيه منه أنه يغذى بخلاف سائر المياه، واستطعمه فأطعمه، قال: (استطعما أهلها - وأطعموا القانع والمعتر - ويطعمون الطعام - أنطعم من لو يشاء الله أطعمه - الذى أطعمهم من جوع - وهو يطعم ولا يطعم - وما أريد أن يطعمون) وقال عليه الصلاة والسلام: " إذا استطعمكم الامام فأطعموه " أي إذا استخلفكم عند الارتياح فلقنوه، ورجل طاعم حسن الحال، ومطعم مرزوق، ومطعام كثير الاطعام، ومطعم كثير الطعم، والطعمة ما يطعم.
طعن: الطعن الضرب بالرمح وبالقرن وما يجرى مجراهما، وتطاعنوا واطعنوا واستعير للوقيعة، قال: (وطعنا في الدين - وطعنوا
في دينكم).
طغى: طغوت وطغيت طغوانا وطغيانا وأطغاه كذا حمله على الطغيان، وذلك تجاوز الحد في العصيان، قال (إنه طغى - إن الانسان ليطغى) وقال (قالا ربنا إننا نخاف أن يفرط علينا أو أن يطغى - ولا تطغوا فيه فيحل عليكم غضبى) وقال تعالى: (فخشينا أن يرهقهما طغيانا وكفرا - في طغيانهم يعمهون - إلا طغيانا كبيرا - وأن للطاغين لشر مآب - قال قرينه ربنا ما أطغيته) والطغوى الاسم منه، قال (كذبت ثمود بطغواها) تنبيها أنهم لم يصدقوا إذا خوفوا بعقوبة طغيانهم.
وقوله (هم أظلم وأطغى) تنبيها أن الطغيان لا يخلص الانسان فقد كان قوم نوح أطغى منهم فأهلكوا.
وقوله (إنا لما طغى الماء) فاستعير الطغيان فيه لتجاوز الماء الحد وقوله (فأهلكوا) بالطاغية) فإشارة إلى الطوفان المعبر عنه بقوله (إنا لما طغى الماء) والطاغوت عبارة
عن كل متعد وكل معبود من دون الله ويستعمل في الواحد والجمع، قال (فمن يكفر بالطاغوت - والذين اجتنبوا الطاغوت -
أولياؤهم الطاغوت - يريدون أن يتحاكموا إلى الطاغوت) فعبارة عن كل متعد، ولما تقدم سمى الساحر والكاهن والمارد من الجن والصارف عن طريق الخير طاغوتا ووزنه فيما قيل فعلوت نحو جبروت وملكوت، وقيل أصله طغووت ولكن قلب لام الفعل نحو صاعقة وصاقعة ثم قلب الواو ألفا لتحركه وانفتاح ما قبله.
طف: الطفيف الشئ النزر ومنه الطفافة لما لا يعتد به، وطفف الكيل قلل نصيب المكيل له في إيفائه واستيفائه.
قال: (ويل للمطففين).
طفق: يقال طفق يفعل كذا كقولك أخذ يفعل كذا ويستعمل في الايجاب دون النفى، لا يقال ما طفق.
قال: (فطفق مسحا بالسوق والاعناق - وطفقا يخصفان) طفل: الطفل الولد مادام ناعما، وقد يقع على الجمع، قال (ثم يخرجكم طفلا - أو الطفل الذين لم يظهروا) وقد يجمع على أطفال.
قال: (وإذا بلغ الاطفال) وباعتبار النعومة قيل امرأة طفلة وقد طفلت طفولة وطفالة، والمطفل من الظبية التى معها طفلها، وطفلت
الشمس إذا همت بالدور ولما يستمكن الضح من الارض قال: * وعلى الارض غيابات الطفل * وأما طفل إذا أتى طعاما لم يدع إليه فقيل إنما هو من طفل النهار وهو إتيانه في ذلك الوقت، وقيل هو أن يفعل فعل طفيل العرائس وكان رجلا معروفا بحضور الدعوات يسمى طفيلا.
طلل: الطل أضعف المطر وهو ما له أثر قليل.
قال: (فإن لم يصبها وابل فطل) وطل الارض فهى مطلولة ومنه طل دم فلان إذا قل الاعتداد به، ويصير أثره كأنه طل، ولما بينهما من المناسبة قيل لاثر الدار طلل ولشخص الرجل المترائى طلل، وأطل فلان أشرف طلله.
طفئ: طفئت النار وأطفأتها، قال (يريدون أن يطفئوا نور الله - يريدون ليطفئوا نور الله) والفرق بين الموضعين أن في قوله (يريدون أن يطفئوا) يقصدون إطفاء نور الله وفى قوله (ليطفئوا) يقصدون أمرا يتوصلون به إلى إطفاء نور الله.
طلب: الطلب الفحص عن وجود الشئ
عينا كان أو معنى.
قال (فلن تستطيع له طلبا) وقال: (ضعف الطالب والمطلوب) وأطلبت فلانا إذا أسعفته لما طلب وإذا
أحوجته إلى الطلب، وأطلب الكلأ إذا تباعد حتى احتاج أن يطلب.
طلت: طالوت اسم أعجمى.
طلح: الطلح شجر، الواحدة طلحة.
قال (وطلح منضود) وإبل طلاحى منسوب إليه وطلحة مشتكية من أكله.
والطلح والطليح المهزول المجهود ومنه ناقة طليح أسفار، والطلاح منه، وقد يقابل به الصلاح.
طلع: طلع الشمس طلوعا ومطلعا، قال: (فسبح بحمد ربك قبل طلوع الشمس) (حتى مطلع الفجر) والمطلع موضع الطلوع (حتى إذا بلغ مطلع الشمس وجدها تطلع على قوم) وعنه استعير طلع علينا فلان واطلع، قال (فهل أنتم مطلعون - فاطلع) قال: (فأطلع إلى إله موسى) وقال: (أطلع الغيب - لعلى أطلع إلى إله موسى)، واستطلعت رأيه وأطلعتك على كذا، وطلعت
عنه غبت والطلاع ما طلعت عليه الشمس والانسان، وطليعة الجيش أول من يطلع، وامرأة طلعة قبعة تظهر رأسها مرة وتستر أخرى، وتشبيها بالطلوع قيل طلع النخل (لها طلع نضيد - طلعها كأنه رءوس الشياطين) أي ما طلع منها (ونخل طلعها هضيم) وقد أطلعت النخل وقوس طلاع الكف: ملء الكف.
طلق: أصل الطلاق التخلية من الوثاق، يقال أطلقت البعير من عقاله وطلقته وهو طالق وطلق بلا قيد، ومنه استعير طلقت المرأة نحو خليتها فهى طالق أي مخلاة عن حبالة النكاح، قال: (فطلقوهن لعدتهن - الطلاق مرتان - والمطلقات يتربصن بأنفسهن) فهذا عام في الرجعية وغير الرجعية، وقوله: (وبعولتهن أحق بردهن) خاص في الرجعية وقوله: (فإن طلقها فلا تحل له من بعد) أي بعد البين (فإن طلقها فلا جناح عليهما أن يتراجعا) يعنى الزوج الثاني.
وانطلق فلان إذا مر متخلفا، وقال تعالى: (فانطلقوا وهم يتخافتون - انطلقوا إلى ما كنتم به تكذبون) وقيل للحلال طلق أي مطلق
لا حظر عليه، وعدا الفرس طلقا أو طلقين اعتبارا بتخلية سبيله.
والمطلق في الاحكام ما لا يقع منه استثناء، وطلق يده وأطلقها عبارة عن الجود، وطلق الوجه وطليق الوجه إذا لم يكن كالحا، وطلق السليم خلاه الوجع، قال الشاعر: * تطلقه طورا وطورا تراجع * وليلة طلقة لتخلية الابل للماء وقد أطلقها.
طم: الطم البحر المطموم يقال له الطم والرم وطم على كذا وسميت القيامة طامة لذلك، قال: (فإذا جاءت الطامة الكبرى).
طمث: الطمث دم الحيض والافتضاض
والطامث الحائض وطمث المرأة إذا افتضها، قال: (لم يطمثهن إنس قبلهم ولا جان) ومنه استعير ما طمث هذه الروضة أحد قبلنا أي ما افتضها، وما طمث الناقة جمل.
طمس: الطمس إزالة الاثر بالمحو، قال: (وإذا النجوم طمست - ربنا اطمس على أموالهم) أي أزل صورتها (ولو نشاء لطمسنا على أعينهم) أي أزلنا ضوأها وصورتها كما يطمس الاثر، وقوله: (من قبل أن نطمس
وجوها) منهم من قال عنى ذلك في الدنيا وهو أن يصير على وجوههم الشعر فتصير صورهم كصورة القردة والكلاب، ومنهم من قال ذلك هو في الاخرة إشارة إلى ما قال: (وأما من أوتى كتابه وراء ظهره) وهو أن تصير عيونهم في قفاهم، وقيل معناه يردهم عن الهداية إلى الضلالة كقوله: (وأضله الله على علم وختم على سمعه وقلبه) وقيل عنى بالوجوه الاعيان والرؤساء ومعناه نجعل رؤساءهم أذنابا وذلك أعظم سبب البوار.
طمع: الطمع نزوع النفس إلى الشئ شهوة له، طمعت أطمع طمعا وطماعية فهو طمع وطامع، قال: (إنا نطمع أن يغفر لنا ربنا - أفتطمعون أن يؤمنوا لكم - خوفا وطمعا) ولما كان أكثر الطمع من أجل الهوى قيل الطمع طبع والطمع يدنس الاهاب.
طمن: الطمأنينة والاطمئنان السكون بعد الانزعاج، قال: (ولتطمئن به قلوبكم - ولكن ليطمئن قلبى - يا أيتها النفس المطمئنة) وهى أن لا تصير أمارة بالسوء، وقال تعالى: (ألا بذكر الله تطمئن القلوب) تنبيها أن
بمعرفته تعالى والا كثار من عبادته يكتسب اطمئنان النفس المسئول بقوله: (ولكن ليطمئن قلبى) وقوله: (وقلبه مطمئن بالايمان) وقال: (فإذا اطمأننتم - ورضوا بالحياة الدنيا واطمأنوا بها) واطمأن وتطامن يتقاربان لفظا ومعنى.
طهر: يقال طهرت المرأة طهرا وطهارة وطهرت والفتح أقيس لانها خلاف طمثت، ولانه يقال طاهرة وطاهر مثل قائمة وقائم وقاعدة وقاعد.
والطهارة ضربان طهارة جسم وطهارة نفس وحمل عليهما عامة الايات، يقال طهرته فطهر وتطهر واطهر فهو طاهر ومتطهر، قال: (وإن كنتم جنبا فاطهروا) أي استعملوا الماء أو ما يقوم مقامه، قال: (فلا تقربوهن حتى يطهرن - فإذا تطهرن) فدل باللفظين على أنه لا يجوز وطؤهن إلا بعد الطهارة والتطهير ويؤكد ذلك قراءة من قرأ (حتى يطهرن) أي يفعلن الطهارة التى هي الغسل، قال (ويحب المتطهرين) أي التاركين للذنب والعاملين للصلاح، وقال فيه (رجال يحبون أن يتطهروا - أخرجوهم من قريتكم إنهم أناس يتطهرون -
والله يحب المطهرين) فإنه يعنى تطهير النفس: (ومطهرك من الذين كفروا) أي مخرجك من جملتهم ومنزهك أن تفعل فعلهم وعلى هذا: (ويطهركم تطهيرا - وطهرك واصطفاك - ذلكم أزكى لكم وأطهر - أطهر لقلوبكم - لا يمسه إلا المطهرون) أي إنه لا يبلغ حقائق معرفته إلا من طهر نفسه وتنقى من درن الفساد.
وقوله: (إنهم أناس يتطهرون) فإنهم قالوا ذلك على سبيل التهكم حيث قال لهم: (هن أطهر لكم) وقوله تعالى: (لهم فيها أزواج مطهرة) أي مطهرات من درن الدنيا وأنجاسها، وقيل من الاخلاق السيئة بدلالة قوله: (عربا أترابا) وقوله في صفة القرآن: (مرفوعة مطهرة) وقوله: (وثيابك فطهر) قيل معناه نفسك فنقها من المعايب وقوله: (وطهر بيتى)، وقوله: (وعهدنا إلى إبراهيم وإسماعيل أن طهرا بيتى) فحث على تطهير الكعبة من نجاسة الاوثان.
وقال بعضهم في ذلك حث على تطهير القلب لدخول السكينة فيه المذكورة في قوله: (هو الذى أنزل السكينة في قلوب المؤمنين) والطهور قد يكون مصدرا فيما حكى سيبويه في قولهم:
تطهرت طهورا وتوضأت وضوءا فهذا مصدر على فعول ومثله وقدت وقودا، ويكون اسما غير مصدر كالفطور في كونه اسما لما يفطر به ونحو ذلك الوجور والسعوط والذرور، ويكون صفة كالرسول ونحو ذلك من الصفات وعلى هذا (وسقاهم ربهم شرابا طهورا) تنبيها أنه بخلاف ما ذكره في قوله: (ويسقى من ماء صديد - وأنزلنا من السماء ماء طهورا) قال أصحاب الشافعي رضى الله عنه: الطهور بمعنى المطهر، وذلك لا يصح من حيث اللفظ لان فعولا لا يبنى من أفعل وفعل وإنما يبنى ذلك من فعل.
وقيل إن ذلك اقتضى التطهير من حيث المعنى، وذلك أن الطاهر ضربان: ضرب لا يتعداه الطهارة كطهارة الثوب فإنه طاهر غير مطهر به، وضرب يتعداه فيجعل غيره طاهرا به، فوصف الله تعالى الماء بأنه طهور تنبيها على هذا المعنى.
طيب: يقال طاب الشئ يطيب طيبا فهو طيب، قال (فانكحوا ما طاب لكم - فإن طبن لكم) وأصل الطيب ما تستلذه الحواس وما تستلذه النفس، والطعام الطيب في الشرع ما كان متناولا من حيث ما يجوز، وبقدر
ما يجوز، ومن المكان الذى يجوز فإنه متى كان كذلك كان طيبا عاجلا وآجلا لا يستوخم، وإلا فإنه وإن كان طيبا عاجلا لم يطب آجلا وعلى ذلك قوله (كلوا من طيبات ما رزقناكم - فكلوا مما رزقكم الله حلالا طيبا - لا تحرموا طيبات ما أحل الله لكم - كلوا من الطيبات واعملوا صالحا) وهذا هو المراد بقوله (والطيبات من الرزق) وقوله: (اليوم
أحل لكم الطيبات) قيل عنى بها الذبائح، وقوله (ورزقكم من الطيبات) إشارة إلى الغنيمة.
والطيب من الانسان من تعرى من نجاسة الجهل والفسق وقبائح الاعمال وتحلى بالعلم والايمان ومحاسن الاعمال وإياهم قصد بقوله: (الذين تتوفاهم الملائكة طيبين) وقال: (طبتم فادخلوها خالدين) وقال تعالى: (هب لى من لدنك ذرية طيبة) وقال تعالى (ليميز الله الخبيث من الطيب) وقوله: (والطيبات للطيبين) تنبيه أن الاعمال الطيبة تكون من الطيبين كما روى: " المؤمن أطيب من عمله، والكافر أخبث من عمله ".
(ولا تتبدلوا الخبيث بالطيب) أي الاعمال السيئة بالاعمال
الصالحة وعلى هذا قوله تعالى: (مثلا كلمة طيبة كشجرة طيبة) وقوله: (إليه يصعد الكلم الطيب - ومساكن طيبة) أي طاهرة ذكية مستلذة، وقوله: (بلدة طيبة ورب غفور) وقيل أشار إلى الجنة وإلى جوار رب العزة، وأما قوله (والبلد الطيب) إشارة إلى الارض الزكية، وقوله (صعيدا طيبا) أي ترابا لا نجاسة به، وسمى الاستنجاء استطابة لما فيه من التطيب والتطهر.
وقيل الاطيبان الاكل والنكاح، وطعام مطيبة للنفس إذا طابت به النفس، ويقال للطيب طاب وبالمدينة تمر يقال له طاب وسميت المدينة طيبة، وقوله: (طوبى لهم) قيل هو اسم شجرة في الجنة، وقيل بل إشارة إلى كل مستطاب في الجنة من بقاء بلا فناء وعز بلا زوال وغنى بلا فقر.
طود: (كالطود العظيم) الطود هو الجبل العظيم ووصفه بالعظم لكونه فيما بين الاطواد عظيما لا لكونه عظيما فيما بين سائر الجبال.
طور: طوار الدار وطواره ما امتد منها من البناء، يقال عدا فلان طوره أي تجاوز حده، ولا أطور به أي لا أقرب فناءه، يقال
فعل كذا طورا بعد طور أي تارة بعد تارة، وقوله (وقد خلقكم أطوارا) قيل هو إشارة إلى نحو قوله تعالى (خلقكم من تراب ثم من نطفة ثم من علقة ثم من مضغة) وقيل إشارة إلى نحو قوله (واختلاف ألسنتكم وألوانكم) أي مختلفين في الخلق والخلق.
والطور اسم جبل مخصوص، وقيل اسم لكل جبل، وقيل هو جبل محيط بالارض، قال: (والطور وكتاب مسطور - وما كنت بجانب الطور - وطور سينين - وناديناه من جانب الطور الايمن - ورفعنا فوقهم الطور).
طير: الطائر كل ذى جناح يسبح في الهواء، يقال طار يطير طيرانا وجمع الطائر طير كراكب وركب، قال (ولا طائر يطير بجناحيه - والطير محشورة - والطير صافات - وحشر لسليمان جنوده من الجن والانس والطير - وتفقد الطير) وتطير فلان، واطير أصله
التفاؤل بالطير ثم يستعمل في كل ما يتفاءل به ويتشاءم، قالوا (إنا تطيرنا بكم) ولذلك قيل لا طير إلا طيرك وقال (إن تصبهم سيئة يطيروا) أي يتشاءموا به (ألا إنما طائرهم عند الله) أي شؤمهم
ما قد أعد الله لهم بسوء أعمالهم.
وعلى ذلك قوله (قالوا اطيرنا بك وبمن معك قال طائركم عند الله - قالو طائركم معكم - وكل إنسان ألزمناه طائره في عنقه) أي عمله الذى طار عنه من خير وشر، ويقال تطايروا إذا أسرعوا ويقال إذا تفرقوا، قال الشاعر: * طاروا إليه زرافات ووحدانا * وفجر مستطير أي فاش، قال (ويخافون يوما كان شره مستطيرا) وغبار مستطار خولف بين بنائهما فتصور الفجر بصورة الفاعل فقيل مستطير، والغبار بصورة المفعول فقيل مستطار وفرس مطار للسريع ولحديد الفؤاد وخذ ما طار من شعر رأسك أي ما انتشر حتى كأنه طار.
طوع: الطوع الانقياد ويضاده الكره قال (ائتيا طوعا أو كرها - وله أسلم من في السموات والارض طوعا وكرها) والطاعة مثله لكن أكثر ما تقال في الائتمار لما أمر والارتسام فيما رسم، قال (ويقولون طاعة - طاعة وقول معروف) أي أطيعوا وقد طاع له يطوع وأطاعه يطيعه، قال (وأطيعوا وقد طاع له يطوع وأطاعه يطيعه، قال (وأطيعوا الرسول -
من يطع الرسول فقد أطاع الله - ولا تطع الكافرين) وقوله في صفة جبريل عليه السلام: (مطاع ثم أمين) والتطوع في الاصل تكلف الطاعة وهو في التعارف التبرع بما لا يلزم كالتنفل، قال (فمن تطوع خيرا فهو خير له) وقرئ (ومن يطوع خيرا) والاستطاعة استفالة من الطوع وذلك وجود ما يصير به الفعل متأتيا وهى عند المحققين اسم للمعانى التى بها يتمكن الانسان مما يريده من إحداث الفعل وهى أربعة أشياء: بنية مخصوصة للفاعل.
وتصور للفعل، ومادة قابلة لتأثيره، وآلة إن كان الفعل آليا كالكتابة فإن الكاتب يحتاج إلى هذه الاربعة في إيجاده للكتابة، وكذلك يقال فلان غير مستطيع للكتابة إذا فقد واحدا من هذه الاربعة فصاعدا، ويضاده العجز وهو أن لا يجد أحد هذه الاربعة فصاعدا، ومتى وجد هذه الاربعة كلها فمستطيع مطلقا ومتى فقدها فعاجز مطلقا، ومتى وجد بعضها دون بعض فمستطيع من وجه عاجز من وجه، ولان يوصف بالعجز أولى.
والاستطاعة أخص من القدرة، قال (لا يستطيعون نصر أنفسهم -
فما استطاعوا من قيام - من استطاع إليه سبيلا) فإنه يحتاج إلى هذه الاربعة، وقوله عليه السلام " الاستطاعة الزاد والراحلة " فإنه بيان ما يحتاج إليه من الالة وخصه بالذكر دون الاخر إذ كان معلوما من حيث العقل ومقتضى
الشرع أن التكليف من دون تلك الاخر لا يصح، وقوله (لو استطعنا لخرجنا معكم) فإشارة بالاستطاعة ههنا إلى عدم الالة من المال والظهر والنحو وكذلك قوله: (ومن لم يستطع منكم طولا) وقوله (لا يستطيعون حيلة) وقد يقال فلان لا يستطيع كذا لما يصعب عليه فعله لعدم الرياضة وذلك يرجع إلى افتقاد الالة أو عدم التصور، وقد يصح معه التكليف ولا يصير الانسان به معذورا، وعلى هذا الوجه قال: (لن تستطيع معى صبرا - ما كانوا يستطيعون السمع وما كانوا يبصرون) وقال (وكانوا لا يستطيعون سمعا) وقد حمل على ذلك قوله (ولن تستطيعوا أن تعدلوا) وقوله تعالى (هل يستطيع ربك أن ينزل علينا) فقيل إنهم قالوا ذلك قبل أن قويت معرفتهم بالله وقيل إنهم لم يقصدوا قصد القدرة وإنما
قصدوا أنه هل تقتضي الحكمة أن يفعل ذلك ؟ وقيل يستطيع ويطيع بمعنى واحد ومعناه هل يجيب ؟ كقوله (ما للظالمين من حميم ولا شفيع يطاع) أي يجاب، وقرئ (هل تستطيع ربك) أي سؤال ربك كقولك هل تستطيع الامير أن يفعل كذا، وقوله: (فطوعت له نفسه) نحو أسمحت له قرينته وانقادت له وسولت وطوعت أبلغ من أطاعت، وطوعت له نفسه بإزاء قولهم تأبت عن كذا نفسه، وتطوع كذا تحمله طوعا، قال (ومن تطوع خيرا فإن الله شاكر عليم - الذين يلمزون المطوعين من المؤمنين) وقيل طاعت وتطوعت بمعنى ويقال استطاع واسطاع بمعنى قال: (فما اسطاعوا أن يظهروه، وما استطاعوا له نقبا).
طوف: الطوف المشى حول الشئ ومنه الطائف لمن يدور حول البيوت حافظا، يقال طاف به يطوف، قال (يطوف عليهم ولدان) قال (فلا جناح عليه أن يطوف بهما) ومنه استعير الطائف من الجن والخيال والحادثة وغيرها قال (إذا مسهم طائف من الشيطان) وهو الذى يدور على الانسان من الشيطان يريد اقتناصه،
وقد قرئ طيف وهو خيال الشئ وصورته المترائى له في المنام أو اليقظة، ومنه قيل للخيال طيف، قال (فطاف عليها طائف) تعريضا بما نالهم من النائبة، وقوله (أن طهرا بيتى للطائفين) أي لقصاده الذين يطوفون به، والطوافون في قوله (طوافون عليكم بعضكم على بعض) عبارة عن الخدم، وعلى هذا الوجه قال عليه السلام في الهرة " إنها من الطوافين عليكم والطوافات " والطائفة من الناس جماعة منهم، ومن الشئ القطعة منه وقوله تعالى (فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة ليتفقهوا في الدين) قال بعضهم قد يقع ذلك على واحد فصاعدا، وعلى ذلك قوله (وإن طائفتان من المؤمنين - إذ همت طائفتان
منكم) والطائفة إذا أريد بها الجمع فجمع طائف، وإذا أريد بها الواحد فيصح أن يكون جمعا ويكنى به عن الواحد ويصح أن يجعل كراوية وعلامة ونحو ذلك والطوفان كل حادثة تحيط بالانسان وعلى ذلك قوله (فأرسلنا عليهم الطوفان) وصار متعارفا في الماء المتناهى في الكثرة لاجل أن الحادثة التى نالت قوم
نوح كانت ماء.
قال تعالى: (فأخذهم الطوفان) وطائف القوس ما يلى أبهرها، والطوف كنى به عن العذرة.
طوق: أصل الطوق ما يجعل في العنق خلقة كطوق الحمام أو صنعة كطوق الذهب والفضة ويتوسع فيه فيقال طوقته كذا كقولك قلدته.
قال (سيطوقون ما بخلوا به) وذلك على التشبيه كما روى في الخبر " يأتي أحدكم يوم القيامة شجاع أقرع له زبيبتان فيتطوق به فيقول أنا الزكاة التى منعتني "، والطاقة اسم لمقدار ما يمكن للانسان أن يفعله بمشقة وذلك تشبيه بالطوق المحيط بالشئ فقوله (ولا تحملنا مالا طاقة لنابه) أي ما يصعب علينا مزاولته وليس معناه لا تحملنا ما لا قدرة لنا به، وذلك لانه تعالى قد يحمل الانسان ما يصعب عليه كما قال (ويضع عنهم إصرهم - ووضعنا عنك وزرك) أي خففنا عنك العبادات الصعبة التى في تركها الوزر، وعلى هذا الوجه (قالوا لا طاقة لنا اليوم بجالوت وجنوده)، وقد يعبر بنفى الطاقة عن نفى القدرة.
وقوله (وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مسكين) ظاهره يقتضى أن المطيق له يلزمه فدية
أفطر أو لم يفظر لكن أجمعوا أنه لا يلزمه إلا مع شرط آخر.
وروى (وعلى الذين يطوقونه) أي يحملون أن يتطوقوا.
طول: الطول والقصر من الاسماء المتضايفة كما تقدم، ويستعمل في الاعيان والاعراض كالزمان وغيره قال (فطال عليهم الامد - سبحا طويلا) ويقال طويل وطوال وعريض وعراض وللجمع طوال وقيل طيال وباعتبار الطول قيل للحبل المرخى على الدابة طول، وطول فرسك أي أرخ طوله، وقيل طوال الدهر لمدته الطويلة، وتطاول فلان إذا أظهر الطول أو الطول، قال (فتطاول عليهم العمر) والطول خص به الفضل والمن، قال (شديد العقاب ذى الطول) وقوله تعالى: (استأذنك أولوا الطول منهم - ومن لم يستطع منكم طولا) كناية عما يصرف إلى المهر والنفقة، وطالوت اسم علم وهو أعجمى.
طين: الطين التراب والماء المختلط وقد يسمى بذلك وإن زال عنه قوة الماء، قال: (من طين لازب) يقال طنت كذا وطينته قال: (وخلقته من طين)، وقوله تعالى: (فأوقد لى يا هامان على الطين).
طوى: طويت الشئ طيا وذلك كطى
الدرج وعلى ذلك قوله (يوم نطوى السماء كطى السجل) ومنه طويت الفلاة، ويعبر بالطى عن مضى العمر، يقال طوى الله عمره، قال الشاعر: * طوتك خطوب دهرك بعد نشر * وقيل (والسموات مطويات بيمينه) يصح أن يكون من الاول وأن يكون من الثاني والمعنى مهلكات.
وقوله (إنك بالواد المقدس طوى) قيل هو اسم الوادي الذى حصل فيه، وقيل إن ذلك جعل إشارة إلى حالة حصلت له على طريق الاجتباء فكأنه طوى عليه مسافة لو احتاج أن ينالها في الاجتهاد لبعد عليه، وقوله (إنك بالواد المقدس طوى) قيل هو اسم أرض فمنهم من يصرفه ومنهم من لا يصرفه، وقيل هو مصدر طويت فيصرف ويفتح أوله ويكسر نحو ثنى وثنى ومعناه ناديته مرتين.
كتاب الظاءظعن: يقال ظعن يظعن ظعنا إذا شخص
قال (يوم ظعنكم) والظعينة الهودج إذا كان فيه المرأة وقد يكنى به عن المرأة وإن لم تكن في الهودج.
ظفر: الظفر يقال في الانسان وفى غيره قال (كل ذى ظفر) أي ذى مخالب ويعبر عن السلاح به تشبيها بظفر الطائر إذ هو له بمنزلة السلاح، ويقال فلان كليل الظفر وظفره فلان نشب ظفره فيه، وهو أظفر طويل الظفر، والظفرة جليدة يغشى البصر بها تشبيها بالظفر في الصلابة، يقال ظفرت عينه والظفر الفوز وأصله من ظفره عليه.
أي نشب ظفره فيه.
قال: (من بعد أن أظفركم عليهم).
ظلل: الظل ضد الضح وهو أعم من الفئ فإنه يقال ظل الليل وظل الجنة، ويقال لكل موضع لم تصل إليه الشمس ظل ولا يقال الفئ إلا لما زال عنه الشمس، ويعبر بالظل عن العزة والمنعة وعن الرفاهة، قال (إن المتقين في ظلال) أي في عزة ومناع، قال (أكلها دائم وظلها - هم وأزواجهم في ظلال) يقال ظللنى الشجر وأظلني، قال (وظللنا عليكم الغمام) وأظلني فلان حرسني وجعلني في ظله
وعزه ومناعته.
وقوله (يتفيؤ ظلاله) أي إنشاؤه يدل على وحدانية الله وينبئ عن حكمته.
وقوله (ولله يسجد) إلى قوله (وظلالهم) قال الحسن: أما ظلك فيسجد لله، وأما أنت فتكفر به، وظل ظليل فائض، وقوله: (وندخلهم ظلا ظليلا) كناية عن غضارة العيش، والظلة سحابة تظل وأكثر ما يقال فيما يستوخم ويكره، قال: (كأنه ظلة - عذاب يوم الظلة - أن يأتيهم الله في ظلل من الغمام) أي عذابه يأتيهم، والظلل جمع ظلة كغرفة وغرف وقربة وقرب، وقرئ في ظلال وذلك إما جمع ظلة نحو غلبة وغلاب وحفرة وحفار، وإما جمع ظل نحو: (يتفيؤ ظلاله) وقال بعض أهل اللغة: يقال للشاخص ظل، قال ويدل على ذلك قول الشاعر: * لما نزلنا رفعنا ظل أخبية * وقال: ليس ينصبون الظل الذى هو الفئ إنما
ينصبون الاخبية، وقال آخر: * يتبع أفياء الظلال عشية * أي أفياء الشخوص وليس في هذا دلالة فإن قوله: رفعنا ظل أخبية، معناه رفعنا الاخبية
فرفعنا به ظلها فكأنه رفع الظل.
وقوله أفياء الظلال فالظلال عام والفئ خاص، وقوله أفياء الظلال، هو من إضافة الشئ إلى جنسه.
والظلة أيضا شئ كهيئة الصفة وعليه حمل قوله تعالى: (وإذا غشيهم موج كالظلل) أي كقطع السحاب.
وقوله تعالى: (لهم من فوقهم ظلل من النار ومن تحتهم ظلل) وقد يقال ظل لكل ساتر محمودا كان أو مذموما، فمن المحمود قوله: (ولا الظل ولا الحرور) وقوله (ودانية عليهم ظلالها) ومن المذموم قوله: (وظل من يحموم) وقوله: (إلى ظل ذى ثلاث شعب) الظل ههنا كالظلة لقوله: (ظلل من النار)، وقوله: (لا ظليل) لا يفيد فائدة الظل في كونه واقيا عن الحر، وروى أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا مشى لم يكن له ظل ولهذا تأويل يختص بغير هذا الموضع.
وظلت وظللت بحذف إحدى اللامين يعبر به عما يفعل بالنهار ويجرى مجرى صرت: (فظلتم تفكهون - لظلوا من بعده يكفرون - ظلت عليه عاكفا).
ظلم: الظلمة عدم النور وجمعها ظلمات، قال (أو كظلمات في بحر لجى - ظلمات بعضها فوق
بعض) وقال تعالى: (أم من يهديكم في ظلمات البر والبحر - وجعل الظلمات والنور) ويعبر بها عن الجهل والشرك والفسق كما يعبر بالنور عن أضدادها، قال الله تعالى: (يخرجهم من الظلمات إلى النور - أن أخرج قومك من الظلمات إلى النور - فنادى في الظمات - كمن مثله في الظلمات) هو كقوله: (كمن هو أعمى) وقوله في سورة الانعام: (والذين كذبوا بآياتنا صم وبكم في الظلمات) فقوله: (في الظلمات) ههنا موضوع موضع العمى في قوله (صم بكم عمى) وقوله في: (ظلمات ثلاث) أي البطن والرحم والمشيمة، وأظلم فلان حصل في ظلمة، قال: (فإذاهم مظلمون) والظلم عند أهل اللغة وكثير من العلماء وضع الشئ في غير موضعه المختص به إما بنقصان أو بزيادة، وإما بعدول عن وقته أو مكانه، ومن هذا يقال ظلمت السقاء إذا تناولته في غير وقته، ويسمى ذلك اللبن الظليم.
وظلمت الارض حفرتها ولم تكن موضعا للحفر وتلك الارض يقال لها المظلومة والتراب الذى يخرج منها ظليم.
والظلم يقال في مجاوزة الحق الذى يجرى مجرى نقطة الدائرة، ويقال فيما يكثر وفيما يقل من التجاوز
ولهذا يستعمل في الذنب الكبير وفى الذنب الصغير ولذلك قيل لادم في تعديه ظالم وفى إبليس ظالم وإن كان بين الظلمين بون بعيد.
قال بعض الحكماء: الظلم ثلاثة:
الاول: ظلم بين الانسان وبين الله تعالى وأعظمه الكفر والشرك والنفاق، ولذلك قال: (إن الشرك لظلم عظيم) وإياه قصد بقوله: (ألا لعنة الله على الظالمين - والظالمين أعد لهم عذابا أليما) في آى كثيرة وقال: (فمن أظلم ممن كذب على الله - ومن أظلم ممن افترى على الله كذبا).
والثانى: ظلم بينه وبين الناس وإياه قصد بقوله: (وجزاء سيئة سيئة) إلى قوله: (إنه لا يحب الظالمين) وبقوله: (إنما السبيل على الذين يظلمون الناس) وبقوله: (ومن قتل مظلوما).
والثالث: ظلم بينه وبين نفسه وإياه قصد بقوله: (فمنهم ظالم لنفسه) وقوله: (ظلمت نفسي - إذ ظلموا أنفسهم - فتكونا من الظالمين) أي من الظالمين أنفسهم: (ومن يفعل ذلك فقد ظلم نفسه) وكل
هذه الثلاثة في الحقيقة ظلم للنفس فإن الانسان في أول ما يهم بالظلم فقد ظلم نفسه، فإذا الظالم أبدا مبتدئ في الظلم ولهذا قال تعالى في غير موضع: (وما ظلمهم الله ولكن كانوا أنفسهم يظلمون - وما ظلمونا ولكن كانوا أنفسهم يظلمون) وقوله: (ولم يلبسوا إيمانهم بظلم) فقد قيل هو الشرك بدلالة أنه لما نزلت هذه الاية شق ذلك على أصحاب النبي عليه السلام وقال لهم ألم تروا إلى قوله: (إن الشرك لظلم عظيم) وقوله: (ولم تظلم منه شيئا) أي لم تنقص وقوله: (ولو أن للذين ظلموا ما في الارض جميعا) فإنه يتناول الانواع الثلاثة من الظلم، فما أحد كان منه ظلم ما في الدنيا إلا ولو حصل له ما في الارض ومثله معه لكان يفتدى به، وقوله: (هم أظلم وأطغى) تنبيها أن الظلم لا يغنى ولا يجدى ولا يخلص بل يردى بدلالة قوم نوح.
وقوله (وما الله يريد ظلما للعباد) وفى موضع.
(وما أنا بظلام للعبيد) وتخصيص أحدهما بالارادة مع لفظ العباد والاخر بلفظ الظلام للعبيد يختص بما بعد هذا الكتاب.
والظليم ذكر النعام، وقيل إنما سمى بذلك
لاعتقادهم أنه مظلوم للمعنى الذى أشار إليه الشاعر: فصرت كالهيق عدا يبتغى * قرنا فلم يرجع بأذنين والظلم ماء الاسنان، قال الخليل: لقيته أدنى ظلم أو ذى ظلمة، أي أول شئ سد بصرك، قال: ولا يشتق منه فعل، ولقيته أدنى ظلم كذلك.
ظمأ: الظمء ما بين الشربتين، والظمأ العطش الذي يعرض من ذلك، يقال ظمئ يظمأ فهو ظمآن، قال (لا تظمأ فيها ولا تضحى) وقال: (يحسبه الظمآن ماء حتى إذا جاءه لم يجده شيئا).
ظن: الظن اسم لما يحصل عن أمارة ومتى قويت أدت إلى العلم، ومتى ضعفت جدا لم يتجاوز حد التوهم، ومتى قوى أو تصور تصور القوي استعمل معه أن المشددة وأن المخففة منها.
ومتى ضعف استعمل أن وأن المختصة بالمعدومين من القول والفعل، فقوله (الذين يظنون أنهم ملاقوا ربهم - وكذا يظنون أنهم ملاقوا الله) فمن اليقين (وظن
أنه الفراق) وقوله: (ألا يظن أولئك) وهو نهاية في ذمهم.
ومعناه ألا يكون منهم ظن لذلك تنبيها أن أمارات البعث ظاهرة.
وقوله (وظن أهلها أنهم قادرون عليها) تنبيها أنهم صاروا في حكم العالمين لفراط طمعهم وأملهم وقوله (وظن داود أنما فتناه) أي علم والفتنة ههنا، كقوله: (وفتناك فتونا)، وقوله: (وذا النون إذ ذهب مغاضبا فظن أن لن نقدر عليه) فقد قيل الاولى أن يكون من الظن الذى هو التوهم، أي ظن أن لن نضيق عليه وقوله: (واستكبر هو وجنوده في الارض بغير الحق وظنوا أنهم إلينا لا يرجعون) فإنه استعمل فيه أن المستعمل مع الظن الذى هو للعلم تنبيها أنهم اعتقدوا ذلك اعتقادهم للشئ المتيقن وإن لم يكن ذلك متيقنا، وقوله: (يظنون بالله غير الحق ظن الجاهلية) أي يظنون أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يصدقهم فيما أخبرهم به كما ظن الجاهلية تنبيها أن هؤلاء المنافقين هم في حيز الكفار، وقوله (وظنوا أنهم مانعتهم حصونهم) أي اعتقدوا اعتقادا كانوا منه في حكم المتيقنين، وعلى هذا قوله (ولكن ظننتم أن الله لا يعلم كثيرا
مما تعملون - وذلكم ظنكم الذى ظننتم) وقوله (الظانين بالله ظن السوء) هو مفسر بما بعده وهو قوله: (بل ظننتم أن لن ينقلب الرسول - إن نظن إلا ظنا) والظن في كثير من الامور مذموم ولذلك (وما يتبع أكثرهم إلا ظنا - إن الظن - وأنهم طنوا كما ظننتم) وقرئ (وما هو على الغيب بظنين) أي بمتهم.
ظهر: الظهر الجارحة وجمعه ظهور، قال: (وأما من أوتى كتابه وراء ظهره - من ظهورهم ذريتهم - أنقض ظهرك) والظهر ههنا استعارة تشبيها للذنوب بالحمل الذى ينوء بحامله واستعير لظاهر الارض فقيل ظهر الارض وبطنها، قال تعالى (ما ترك على ظهرها من دابة) ورجل مظهر شديد الظهر، وظهر يشتكى ظهره.
ويعبر عن المركوب بالظهر، ويستعار لمن يتقوى به، وبعير ظهير قوى بين الظهارة وظهري معد للركوب، والظهري أيضا ما تجعله بظهرك فتنساه، قال (وراءكم ظهريا) وظهر عليه غلبه وقال (إنهم إن يظهروا عليكم) وظاهرته عاونته، قال (وظاهروا على إخراجكم - وإن تظاهرا عليه) أي تعاونا (تظاهرون
عليهم بالاثم والعدوان) وقرئ تظاهرا (الذين ظاهروهم - وما له منهم من ظهير) أي معين (ولا تكونن ظهيرا للكافرين - والملائكة بعد ذلك ظهير - وكان الكافر على ربه ظهيرا) أي معينا للشيطان على الرحمن.
وقال أبو عبيدة: الظهير هو المظهور به، أي هينا على ربه كالشئ الذى خلفته من قولك: ظهرت بكذا أي خلفته ولم ألتفت إليه.
والظهار أن يقول الرجل لامرأته: أنت على كظهر أمي، يقال ظاهر من امرأته، قال تعالى (والذين يظاهرون من نسائهم) وقرئ يظاهرون أي يتظاهرون، فأدغم ويظهرون، وظهر الشئ أصله أن يحصل شئ على ظهر الارض فلا يخفى وبطن إذا حصل في بطنان الارض فيخفى ثم صار مستعملا في كل بارز مبصر بالبصر والبصيرة، قال (أو أن يظهر في الارض الفساد - ما ظهر منها وما بطن - إلا مراء ظاهرا - يعلمون ظاهرا من الحياة الدنيا) أي يعلمون الامور الدنيوية دون الاخروية، والعلم الظاهر والباطن تارة يشار بهما إلى المعارف الجلية والمعارف الخفية وتارة إلى العلوم
الدنيوية، والعلوم الاخروية، وقوله: (باطنه فيه الرحمة وظاهره من قبله العذاب) وقوله: (ظهر الفساد في البر والبحر) أي كثر وشاع، وقوله: (نعمه ظاهرة وباطنة) يعنى بالظاهرة ما نقف عليها وبالباطنة ما لا نعرفها، وإليه أشار بقوله (وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها) وقوله (قري ظاهرة) فقد حمل ذلك على ظاهره، وقيل هو مثل لاحوال تختص بما بعد هذا الكتاب إن شاء الله، وقوله (فلا يظهر على غيبه أحدا) أي لا يطلع عليه وقوله (ليظهره على الدين كله) يصح أن يكون من البروز وأن يكون من المعاونة والغلبة أي ليغلبه على الدين كله.
وعلى هذا قوله (إن يظهروا عليكم يرجموكم) وقوله تعالى: (يا قوم لكم الملك اليوم ظاهرين في الارض - فما استطاعوا أن يظهروه) وصلاة الظهر معروفة والظهيرة وقت الظهر، وأظهر فلان حصل في ذلك الوقت على بناء أصبح وأمسى.
قال تعالى: (وله الحمد في السموات والارض وعشيا وحين تظهرون).
كتاب العينعبد: العبودية إظهار التذلل، والعبادة أبلغ منها لانها غاية التذلل ولا يستحقها إلا من له غاية الافضال وهو الله تعالى ولهذا قال (ألا تعبدوا إلا إياه) والعبادة ضربان: عبادة بالتسخير وهو كما ذكرناه في السجود، وعبادة بالاختيار وهى لذوى النطق وهى المأمور بها في نحو قوله (اعبدوا ربكم - واعبدوا الله) والعبد يقال على أربعة أضرب: الاول: عبد بحكم الشرع وهو الانسان الذى يصح بيعه وابتياعه نحو (العبد بالعبد - وعبدا مملوكا لا يقدر على شئ).
الثاني: عبد بالايجاد وذلك ليس إلا لله وإياه قصد بقوله (إن كل من في السموات والارض إلا آتى الرحمن عبدا).
والثالث: عبد بالعبادة والخدمة والناس في هذا ضربان: عبد لله مخلصا وهو المقصود بقوله: (واذكر عبدنا أيوب إنه كان عبدا شكورا - نزل الفرقان على عبده - على عبده الكتاب - إن عبادي ليس لك عليهم سلطان - كونوا عبادا لى - إلا عبادك منهم المخلصين -
وعد الرحمن عباده بالغيب - وعباد الرحمن الذين يمشون على الارض هونا - أن أسر بعبادي ليلا - فوجدا عبدا من عبادنا).
وعبد للدنيا وأعراضها وهو المعتكف على خدمتها ومراعاتها وإياه قصد النبي عليه الصلاة والسلام بقوله " تعس عبد الدرهم، تعس عبد الدينار " وعلى هذا النحو يصح أن يقال ليس كل إنسان عبدا لله فإن العبد على هذ بمعنى العابد، لكن العبد أبلغ من العابد والناس كلهم عباد الله بل الاشياء كلها كذلك لكن بعضها بالتسخير وبعضها بالاختيار وجمع العبد الذى هو مسترق عبيد وقيل عبدا، وجمع العبد الذى هو العابد عباد، فالعبيد إذا أضيف إلى الله أعم من العباد.
ولهذا قال (وما أنا بظلام للعبيد) فنبه أنه لا يظلم من يختص بعبادته ومن انتسب إلى غيره من الذين تسموا بعبد الشمس وعبد اللات ونحو ذلك.
ويقال طريق معبد أي مذلل بالوطء، وبعير معبد مذلل بالقطران
وعبدت فلانا إذا ذللته وإذا اتخذته عبدا، قال تعالى: (أن عبدت بنى إسرائيل).
عبث: العبث أن يخلط بعمله لعبا من قولهم عبثت الاقط، والعبث طعام مخلوط بشئ ومنه قيل العوبنانى لتمر وسمن وسويق مختلط، قال (أتبنون بكل ربع آية تعبثون) ويقال لما ليس له غرض صحيح عبث، قال: (أفحسبتم أنما خلقناكم عبثا).
عبر: أصل العبر تجاوز من حال إلى حال، فأما العبور فيختص بتجاوز الماء إما بسباحة أو في سفينة أو على بعير أو قنطرة، ومنه عبر النهر لجانبه حيث يعبر إليه أو منه، واشتق منه عبر العين للدمع والعبرة كالدمعة وقيل عابر سبيل، قال تعالى: (إلا عابرى سبيل) وناقة عبر أسفار، وعبر القوم إذا ماتوا كأنهم عبروا قنطرة الدنيا، وأما العبارة فهى مختصة بالكلام العابر الهواء من لسان المتكلم إلى سمع السامع، والاعتبار والعبرة بالحالة التى يتوصل بها من معرفة المشاهد إلى ما ليس بمشاهد، قال: (إن في ذلك لعبرة - فاعتبروا يا أولى الابصار) والتعبير مختص بتعبير الرؤيا وهو العابر من ظاهرها إلى باطنها نحو: (إن كنتم للرؤيا تعبرون) وهو أخص من التأويل فإن التأويل يقال فيه وفى غيره.
والشعرى
العبور سميت بذلك لكونها عابرة والعبرى ما ينبت على عبر النهر، وشط معبر ترك عليه العبرى.
عبس: العبوس قطوب الوجه من ضيق الصدر قال: (عبس وتولى - ثم عبس وبسر) ومنه قيل يوم عبوس، قال: (يوما عبوسا قمطريرا) وباعتبار ذلك قيل العبس لما يبس على هلب الذنب من البعر والبول وعبس الوسخ على وجهه.
عبقر: عبقر قيل هو موضع للجن ينسب إليه كل نادر من إنسان وحيوان وثوب، ولهذا قيل في عمر: لم أر عبقريا مثله، قال: (وعبقرى حسان) وهو ضرب من الفرش فيما قيل جعله الله تعالى مثلا لفرش الجنة عبأ: ما عبأت به أي لم أبال به، وأصله من العبء أي الثقل كأنه قال ما أرى له وزنا وقدرا قال: (قل ما يعبؤ بكم ربى) وقيل أصله من عبأت الطيب كأنه قيل ما يبقيكم لولا دعاؤكم، وقيل عبأت الجيش وعبأته هيئته، وعبأة الجاهلية ما هي مدخرة في أنفسهم من حميتهم المذكورة في قوله: (في قلوبهم الحمية حمية الجاهلية).
عتب: العتب كل مكان ناب بنازله، ومنه قيل للمرقاة ولأسكفة الباب عتبة، وكنى بها عن المرأة فيما روى أن إبراهيم عليه السلام قال لامرأة إسماعيل قولى لزوجك غير عتبة بابك.
واستعير العتب والمعتبة
لغلظة يجدها الانسان في نفسه على غيره وأصله من العتب وبحسبه قيل خشنت بصدر فلان ووجدت في صدره غلظة، ومنه قيل حمل فلان على عتبة صعبة أي حالة شاقة كقول الشاعر: وحملناهم على صعبة زو * زاء يعلونها بغير وطاء وقولهم أعتبت فلانا أي أبرزت له الغلظة التى وجدت له في الصدر، وأعتبت فلانا حملته على العتب.
ويقال أعتبته أي أزلت عتبه عنه نحو أشكيته، قال (فما هم من المعتبين) والاستعتاب أن بطلب من الانسان أن يذكر عتبه ليعتب، يقال استعتب فلان، قال (ولا هم يستعتبون) يقال لك العتبى وهو إزالة ما لاجله يعتب وبينهم أعتوبة أي ما يتعاتبون به ويقال عتب عتبا إذا مشى على رجل مشى المرتقى
في درجة.
عتد: العتاد ادخار الشئ قبل الحاجة إليه كالاعداد والعتيد المعد والمعد، قال (هذا مالدى عتيد - رقيب عتيد) أي معتد أعمال العباد وقوله (أعتدنا لهم عذابا أليما) قيل هو أفعلنا من العتاد وقيل أصله أعددنا فأبدل من إحدى الدالين تاء.
وفرس عتيد وعتد حاضر العدو، والعتود من أولاد المعز جمعه أعتدة وعدان على الادغام.
عتق: العتيق المتقدم في الزمان أو المكان أو الرتبة ولذلك قيل للقديم عتيق وللكريم عتيق ولمن خلا عن الرق عتيق، قال تعالى: (وليطوفوا بالبيت العتيق) قيل وصفه بذلك لانه لم يزل معتقا أن تسومه الجبابرة صغارا.
والعاتقان ما بين المنكبين وذلك لكونه مرتفعا عن سائر الجسد، والعاتق الجارية التى عتقت عن الزوج لان المتزوجة مملوكة.
وعتق الفرس تقدم بسبقه، وعتق منى يمين: تقدمت، قال الشاعر: على ألية عتقت قديما * وليس لها وإن طلبت مرام عتل: العتل الاخذ بمجامع الشئ وجره
بقهر كعتل البعير، قال (فاعتلوه إلى سواء الجحيم) والعتل الاكول المنوع الذى يعتل الشئ عتلا، قال: (عتل بعد ذلك زنيم) عتا: العتو النبو عن الطاعة، يقال عتا يعتو عتوا وعتيا، قال (وعتوا عتوا كبيرا - فعتوا عن أمر ربهم - عتت عن أمر ربها - بل لجوا في عتو ونفور - من الكبر عتيا) أي حالة لا سبيل إلى إصلاحها ومداواتها، وقيل إلى رياضة وهى الحالة المشار إليها بقول الشاعر: * ومن العناء رياضة الهرم * وقوله تعالى: (أيهم أشد على الرحمن عتيا)
قيل العتى ههنا مصدر، وقيل هو جمع عات، وقيل العاتى الجاسى.
عثر: عثر الرجل يعثر عثارا وعثورا إذا سقط، ويتجوز به فيمن يطلع على أمر من غير طلبه، قال تعالى: (فإن عثر على أنهما استحقا إثما) يقال عثرت على كذا، قال: (وكذلك أعثرنا عليهم) أي وقفناهم عليهم من غير أن طلبوا.
عثى: العيث والعثى يتقاربان نحو جذب وجبذ إلا أن العيث أكثر ما يقال في الفساد الذى يدرك حسا، والعثى فيما يدرك حكما.
يقال عثى يعثى عثيا وعلى هذا (ولا تعثوا في الارض مفسدين) وعثا يعثو عثوا، والاعثى لون إلى السواد وقيل للاحمق الثقيل أعثى.
عجب: العجب والتعجب حالة تعرض للانسان عند الجهل بسبب الشئ ولهذا قال بعض الحكماء: العجب ما لا يعرف سببه ولهذا قيل لا يصح على الله التعجب إذ هو علام الغيوب لا تخفى عليه خافية.
يقال عجبت عجبا ويقال للشئ الذى يتعجب منه عجب، ولما لم يعهد مثله عجيب، قال (أكان للناس عجبا أن أوحينا) تنبيها أنهم قد عهدوا مثل ذلك قبله، وقوله (بل عجبوا أن جاءهم - وإن تعجب فعجب قولهم - كانوا من آياتنا عجبا) أي ليس ذلك في نهاية العجب بل في أمورنا ما هو أعظم وأعجب منه (قرآنا عجبا) أي لم يعهد مثله ولم يعرف سببه ويستعار مرة للمونق فيقال أعجبني كذا أي راقني، قال (ومن الناس من يعجبك قوله - ولا تعجبك أموالهم - ويوم حنين إذ
أعجبتكم كثرتكم - أعجب الكفار نباته) وقال (بل عجبت ويسخرون) أي عجبت من إنكارهم للبعث لشدة تحققك معرفته ويسخرون لجهلهم، وقيل عجبت من إنكارهم الوحى وقرأ بعضهم (بل عجبت) بضم التاء وليس ذلك إضافة المتعجب إلى نفسه في الحقيقة بل معناه أنه مما يقال عنده عجبت، أو يكون عجبت مستعارا بمعنى أنكرت نحو (أتعجبين من أمر الله - إن هذا لشئ عجاب)، ويقال لمن يروقه نفسه فلان معجب بنفسه، والعجب من كل دابة: ما ضمر وركه.
عجز: عجز الانسان مؤخره وبه شبه مؤخر غيره، قال: (كأنهم أعجاز نخل منقعر) والعجز أصله التأخر عن الشئ وحصوله عند عجز الامر أي مؤخره كما ذكر في الدبر، وصار في التعارف اسما للقصور عن فعل الشئ وهو ضد القدرة، قال (أعجزت أن أكون) وأعجزت فلانا وعجزته وعاجزته جعلته عاجزا، قال (واعلموا أنكم غير معجزى الله - وما أنتم بمعجزين في الارض - والذين سعوا في آياتنا معاجزين) وقرئ معجزين، فمعاجزين قيل معناه ظانين
ومقدرين أنهم يعجزوننا لانهم حسبوا أن لا بعث ولا نشور فيكون ثواب وعقاب، وهذا في المعنى كقوله: (أم حسب الذين يعملون السيئات أن يسبقونا) ومعجزين ينسبون إلى العجز من تبع النبي صلى الله عليه وسلم وذلك نحو جهلته وفسقته أي نسبته إلى ذلك.
وقيل معناه مثبطين أي يثبطون الناس عن النبي صلى الله عليه وسلم كقوله (الذين يصدون عن سبيل الله) والعجوز سميت لعجزها في كثير من الامور، قال (إلا عجوزا في الغابرين) وقال (أألد وأنا عجوز).
عجف: قال (سبع عجاف) جمع أعجف وعجفاء أي الدقيق من الهزال من قولهم نصل أعجف دقيق، وأعجف الرجل صارت مواشيه عجافا، وعجفت نفسي عن الطعام وعن فلان أي نبت عنهما.
عجل: العجلة طلب الشئ وتحريه قبل أوانه وهو من مقتضى الشهوة فلذلك صارت مذمومة في عامة القرآن حتى قيل العجلة من الشيطان، قال (سأريكم آياتى فلا تستعجلون - ولا تعجل بالقرآن - وما أعجلك عن قومك -
وعجلت إليك) فذكر أن عجلته وإن كانت مذمومة فالذي دعا إليها أمر محمود وهو طلب رضا الله تعالى، قال: (أتى أمر الله فلا تستعجلوه - ويستعجلونك بالسيئة - لم تستعجلون بالسيئة قبل الحسنة - ويستعجلونك بالعذاب - ولو يعجل الله للناس الشر استعجالهم بالخير - خلق الانسان من عجل) قال بعضهم من حمإ وليس بشئ بل تنبيه على أنه لا يتعرى من ذلك وأن ذلك أحد الاخلاق التى ركب عليها وعلى ذلك قال (وكان الانسان عجولا)، وقوله: (من كان يريد العاجلة عجلنا له فيها ما نشاء لمن نريد) أي الاعراض الدنيوية، وهبنا ما نشاء لمن نريد أن نعطيه ذلك (عجل لنا قطنا - فعجل لكم هذه) والعجالة ما يعجل أكله كاللهنة، وقد عجلتهم ولهنتهم، والعجلة الاداوة الصغيرة التى يعجل بها عند الحاجة، والعجلة خشبة معترضة على نعامة البئر وما يحمل على الثيران وذلك لسرعة مرها.
والعجل ولد البقرة لتصور عجلتها التى تعدم منه إذا صار ثورا، قال (عجلا جسدا) وبقرة معجل لها عجل.
عجم: العجمة خلاف الابانة، والاعجام
الابهام، واستعجمت الدار إذا بان أهلها ولم يبق فيها عريب أي من يبين جوابا، ولذلك قال بعض العرب: خرجت عن بلاد تنطق، كناية عن عمارتها وكون السكان فيها.
والعجم خلاف العرب، والعجمي منسوب إليهم، والاعجم من في لسانه عجمة عربيا كان أو غير عربي اعتبارا بقلة فهمهم عن العجم.
ومنه قيل للبهيمة عجماء والاعجمي منسوب إليه، قال: (ولو نزلناه على بعض الاعجمين) على حذف
الياآت، قال: (ولو جعلناه قرآنا أعجميا لقالوا لولا فصلت آياته - أأعجمى وعربى - يلحدون إليه أعجمى) وسميت البهيمة عجماء من حيث إنها لا تبين عن نفسها بالعبارة إبانة الناطق.
وقيل صلاة النهار عجماء أي لا يجهر فيها بالقراءة، وجرح العجماء جبار، وأعجمت الكلام ضد أعربت، وأعجمت الكتابة أزلت عجمتها نحو أشكيته إذا أزلت شكايته.
وحروف المعجم، روى عن الخليل أنها هي الحروف المقطعة لانها أعجمية، قال بعضهم: معنى قوله: أعجمية أن الحروف المتجردة لا تدل على ما تدل عليه الحروف الموصولة.
وباب معجم مبهم، والعجم النوى الواحدة عجمة إما لاستتارها في ثنى ما فيه، وإما بما أخفى من أجزائه بضغط المضغ، أو لانه أدخل في الفم في حال ما عض عليه فأخفى، والعجم العض عليه، وفلان صلب المعجم أي شديد عند المختبر.
عد: العدد آحاد مركبة وقيل تركيب الاحاد وهما واحد قال (عدد السنين والحساب) وقوله تعالى: (فضربنا على آذانهم في الكهف سنين عددا) فذكره للعدد تنبيه على كثرتها والعد ضم الاعداد بعضها إلى بعض، قال تعالى: (لقد أحصاهم وعدهم عدا - فاسأل العادين) أي أصحاب العدد والحساب.
وقال تعالى: (كم لبثتم في الارض عدد سنين - وإن يوما عند ربك كألف سنة مما تعدون) ويتجوز بالعد على أوجه، يقال شئ معدود ومحصور للقليل مقابلة لما لا يحصى كثرة نحو المشار إليه بقوله بغير حساب، وعلى ذلك (إلا أياما معدودة) أي قليلة لانهم قالوا نعذب الايام التى فيها عبدنا العجل، ويقال على الضد من ذلك نحو: جيش عديد: كثير، وإنهم لذو عدد، أي هم بحيث يجب أن يعدوا كثرة، فيقال في القليل
هو شئ غير معدود، وقوله: (في الكهف سنين عددا) يحتمل الامرين، ومنه قولهم: هذا غير معتد به، وله عدة أي شئ كثير يعد من مال وسلاح وغيرهما، قال (لاعدوا له عدة) وماء عد، والعدة هي الشئ المعدود، قال (وما جعلنا عدتهم) أي عددهم وقوله: (فعدة من أيام أخر) أي عليه أيام بعدد ما فاته من زمان آخر غير زمان شهر رمضان (إن عدة الشهور) والعدة عدة المرأة وهى الايام التى بانقضائها يحل لها التزوج، قال: (فما لكم عليهن من عدة تعتدونها - فطلقوهن لعدتهن - وأحصوا العدة) والاعداد من العد كالاسقاء من السقى فإذا قيل أعددت هذا لك أي جعلته بحيث تعده وتتناوله بحسب حاجتك إليه، قال: (وأعدوا لهم ما استطعتم) وقوله (أعدت للكافرين - وأعد لهم جنات - أولئك أعتدنا لهم عذابا أليما - وأعتدنا لمن كذب) وقوله (وأعتدت لهن متكأ) قيل هو منه، وقوله (فعدة من
أيام أخر) أي عدد ما قد فاته، وقوله: (ولتكملوا العدة) أي عدة الشهر وقوله (أياما معدودات) فإشارة إلى شهر رمضان.
وقوله:
(واذكروا الله في أيام معدودات) فهى ثلاثة أيام بعد النحر، والمعلومات عشر ذى الحجة.
وعند بعض الفقهاء: المعدودات يوم النحر ويومان بعده، فعلى هذا يوم النحر يكون من المعدودات والمعلومات والعداد الوقت الذى يعد لمعاودة الوجع، وقال عليه الصلاة والسلام: " ما زالت أكلة خيبر تعاودني " وعدان الشئ زمانه.
عدس: العدس الحب المعروف.
قال: (وعدسها وبصلها) والعدسة بثرة على هيئته، وعدس زجر للبغل ونحوه، ومنه عدس في الارض وهى عدوس.
عدل: العدالة والمعادلة لفظ يقتضى معنى المساواة ويستعمل باعتبار المضايفة والعدل والعدل يتقاربان، لكن العدل يستعمل فيما يدرك بالبصيرة كالاحكام، وعلى ذلك قوله (أو عدل ذلك صياما) والعدل والعديل فيما يدرك بالحاسة كالموزونات والمعدودات والمكيلات، فالعدل هو التقسيط على سواء، وعلى هذا روى بالعدل قامت السموات والارض تنبيها أنه لو كان ركن من الاركان الاربعة في العالم زائدا على الاخر أو ناقصا عنه على مقتضى الحكمة لم يكن
العالم منتظما.
والعدل ضربان: مطلق يقتضى العقل حسنه ولا يكون في شئ من الازمنة منسوخا ولا يوصف بالاعتداء بوجه نحو الاحسان إلى من أحسن إليك وكف الاذية عمن كف أذاه عنك.
وعدل يعرف كونه عدلا بالشرع، ويمكن أن يكون منسوخا في بعض الازمنة كالقصاص وأروش الجنايات، وأصل مال المرتد.
ولذلك قال: (فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه) وقال (وجزاء سيئة سيئة مثلها) فسمى اعتداء وسيئة، وهذا النحو هو المعنى بقوله: (إن الله يأمر بالعدل والاحسان) فإن العدل هو المساواة في المكافأة إن خيرا فخير وإن شرا فشر، والاحسان أن يقابل الخير بأكثر منه والشر بأقل منه، ورجل عدل عادل ورجال عدل، يقال في الواحد والجمع، قال الشاعر: * فهم رضا وهم عدل * وأصله مصدر كقوله: (وأشهدوا ذوى عدل منكم) أي عدالة، قال: (وأمرت لاعدل بينكم) وقوله: (ولن تستطيعوا أن تعدلوا بين النساء) فإشارة إلى ما عليه جبلة الناس من الميل، فالانسان لا يقدر على أن يسوى بينهن
في المحبة، وقوله: (فإن خفتم ألا تعدلوا فواحدة) فإشارة إلى العدل الذى هو القسم والنفقة، وقال (لا يجرمنكم شنآن قوم على أن لا تعدلوا اعدلوا) وقوله (أو عدل ذلك صياما) أي ما يعادل من الصيام الطعام، فيقال
للغذاء عدل إذا اعتبر فيه معنى المساواة.
وقولهم (لا يقبل منه صرف ولا عدل) فالعدل قيل هو كناية عن الفريضة وحقيقته ما تقدم، والصرف النافلة وهو الزيادة على ذلك فهما كالعدل والاحسان.
ومعنى أنه لا يقبل منه أنه لا يكون له خير يقبل منه، وقوله (بربهم يعدلون) أي يجعلون له عديلا فصار كقوله: (هم به مشركون) وقيل يعدلون بأفعاله عنه وينسبونها إلى غيره، وقيل يعدلون بعبادتهم عنه تعالى، وقوله (بل هم قوم يعدلون) يصح أن يكون على هذا كأنه قال يعدلون به، ويصح أن يكون من قولهم عدل عن الحق إذا جار عدولا، وأيام معتدلات طيبات لاعتدالها، وعادل بين الامرين إذا نظر أيهما أرجح، وعادل الامر ارتبك فيه فلا يميل برأيه إلى أحد طرفيه، وقولهم.
وضع على
يدى عدل فمثل مشهور.
عدن: (جنات عدن) أي استقرار وثبات، وعدن بمكان كذا استقر ومنه المعدن لمستقر الجواهر، وقال عليه الصلاة والسلام " المعدن جبار ".
عدا: العدو التجاوز ومنافاة الالتئام فتارة يعتبر بالقلب فيقال له العداوة والمعاداة، وتارة بالمشى فيقال له العدو، وتارة في الاخلال بالعدالة في المعاملة فيقال له العدوان والعدو، قال: (فيسبوا الله عدوا بغير علم) وتارة بأجزاء المقر فيقال له العدواء، يقال مكان ذو عدواء أي غير متلائم الاجزاء.
فمن المعاداة يقال رجل عدو وقوم عدو، قال: (بعضكم لبعض عدو) وقد يجمع على عدى وأعداء، قال: (ويوم يحشر أعداء الله) والعدو ضربان، أحدهما: بقصد من المعادي نحو: (وإن كان من قوم عدو لكم - جعلنا لكل نبى عدوا من المجرمين) وفى أخرى (عدوا شياطين الانس والجن).
والثانى: لا بقصده بل تعرض له حالة يتأذى بها كما يتأذى مما يكون من العدى نحو قوله: (فإنهم عدو لى إلا رب العالمين) وقوله في
الاولاد: (عدوا لكم فاحذروهم) ومن العدو يقال: * فعادى عداء بين ثور ونعجة * أي أعدى أحدهما إثر الاخر، وتعادت المواشى بعضها في إثر بعض، ورأيت عداء القوم الذين يعدون من الرجالة.
والاعتداء مجاوزة الحق، قال: (ولا تمسكوهن ضرارا لتعتدوا) وقال: (ومن يعص الله ورسوله ويتعد حدوده) (اعتدوا منكم في السبت) فذلك بأخذهم الحيتان على جهة الاستحلال، قال: (تلك حدود الله فلا تعتدوها) وقال: (فأولئك هم العادون - فمن اعتدى بعد ذلك - بل أنتم قوم عادون) أي معتدون أو معادون أو متجاوزون الطور من قولهم عدا طوره: (ولا تعتدوا إن الله
لا يحب العتدين) فهذا هو الاعتداء على سبيل الابتداء لا على سبيل المجازاة لانه قال: (فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم) أي قابلوه بحسب اعتدائه وتجاوزوا إليه بحسب تجاوزه.
ومن العدوان المحظور ابتداء قوله: (وتعاونوا على البر والتقوي ولا تعاونوا على الاثم والعدوان) ومن العدوان الذى
هو على سبيل المجازاة ويصح أن يتعاطى مع من ابتدأ قوله: (فلا عدوان إلا على الظالمين - ومن يفعل ذلك عدوانا وظلما فسوف نصليه نارا) وقوله تعالى: (فمن اضطر غير باغ ولا عاد) أي غير باغ لتناول لذة ولا عاد أي متجاوز سد الجوعة، وقيل غير باغ على الامام ولا عاد في المعصية طريق المخبتين.
وقد عدا طوره تجاوزه وتعدى إلى غيره ومنه التعدي في الفعل.
وتعدية الفعل في النحو هو تجاوز معنى الفعل من الفاعل إلى المفعول.
وما عدا كذا يستعمل في الاستثناء، وقوله: (إذ أنتم بالعدوة الدنيا وهم بالعدوة القصوى) أي الجانب المتجاوز للقرب.
عذب: ماء عذب طيب بارد، قال: (هذا عذب فرات) وأعذب القوم صار لهم ماء عذب والعذاب هو الايجاع الشديد وقد عذبه تعذيبا أكثر حبسه في العذاب، قال: (لا عذبنه عذابا شديدا - وما كان الله ليعذبهم وأنت فيهم وما كان الله معذبهم وهم يستغفرون) أي ما كان يعذبهم عذاب الاستئصال، وقوله: (وما لهم ألا يعذبهم الله) لا يعذبهم بالسيف وقال: (وما كنا معذبين - وما نحن
بمعذبين - ولهم عذاب واصب - ولهم عذاب أليم - وأن عذابي هو العذاب الاليم) واختلف في أصله فقال بعضهم هو من قولهم عذب الرجل إذا ترك المأكل والنوم فهو عاذب وعذوب، فالتعذيب في الاصل هو حمل الانسان أن يعذب أي يجوع ويسهر، وقيل أصله من العذب فعذبته أي أزلت عذب حياته على بناء مرضته وقذيته، وقيل أصل التعذيب إكثار الضرب بعذبة السوط أي طرفها، وقد قال بعض أهل اللغة: التعذيب هو الضرب، وقيل هو من قولهم ماء عذب إذا كان فيه قذى وكدر فيكون عذبته كقولك كدرت عيشه وزلقت حياته، وعذبة السوط واللسان والشجر أطرافها عذر: العذر تحرى الانسان ما يمحو به ذنوبه.
ويقال عذر وعذر وذلك على ثلاثة أضرب: إما أن يقول لم أفعل أو يقول فعلت لاجل كذا فيذكر ما يخرجه عن كونه مذنبا، أو يقول فعلت ولا أعود ونحو ذلك من المقال.
وهذا الثالث هو التوبة فكل توبة عذر وليس كل عذر توبة، واعتذرت إليه أتيت بعذر، وعذرته قبلت عذره، قال (يعتذرون إليكم
قل لا تعتذروا) والمعذر من يرى أن له عذرا
ولا عذر له، قال: (وجاء المعذرون) وقرئ المعذرون أي الذين يأتون بالعذر.
قال ابن عباس: لعن الله المعذرين ورحم المعذرين، وقوله (قالوا معذرة إلى ربكم) فهو مصدر عذرت كأنه قيل أطلب منه أن يعذرني، وأعذر: أتى بما صار به معذورا، وقيل أعذر من أنذر: أتى بما صار به معذورا، قال بعضهم: أصل العذر من العذرة وهو الشئ النجس ومنه سمى القلفة العذرة فقيل عذرت الصبى إذا طهرته وأزلت عذرته، وكذا عذرت فلانا أزلت نجاسة ذنبه بالعفو عنه كقولك غفرت له أي سترت ذنبه، وسمى جلدة البكارة عذرة تشبيها بعذرتها التى هي القلفة، فقيل عذرتها أي افتضضتها، وقيل للعارض في حلق الصبى عذرة فقيل عذر الصبى إذا أصابه ذلك، قال الشاعر: * غمز الطبيب نغانغ المعذور * ويقال اعتذرت المياه انقطعت، واعتذرت المنازل درست على طريق التشبيه بالمعتذر
الذى يندرس ذنبه لوضوح عذره، والعاذرة قيل المستحاضة، والعذور السيئ الخلق اعتبارا بالعذرة أي النجاسة، وأصل العذرة فناء الدار وسمى ما يلقى فيه باسمها.
عر: قال (أطعموا القانع والمعتر) وهو المعترض للسؤال، يقال عره يعره واعتررت بك حاجتى، والعر والعر الجرب الذى يعر البدن أي يعترضه، ومنه قيل للمضرة معرة تشبيها بالعر الذى هو الجرب، قال (فتصيبكم منهم معرة بغير علم) والعرار حكاية حفيف الريح ومنه العرار لصوت الظليم حكاية لصوتها وقد عار الظليم، والعرعر شجر سمى به لحكاية صوت حفيفها وعرعار لعبة لهم حكاية لصوتها.
عرب: العرب ولد إسماعيل والاعراب جمعه في الاصل وصار ذلك اسما لسكان البادية (قالت الاعراب آمنا - الاعراب أشد كفرا ونفاقا - ومن الاعراب من يؤمن بالله واليوم الاخر) وقيل في جمع الاعراب أعاريب، قال الشاعر: أعاريب ذوو فخر بإفك * وألسنة لطاف في المقال
والاعرابي في التعارف صار اسما للمنسوبين إلى سكان البادية، والعربي المفصح، والاعراب البيان يقال: أعرب عن نفسه.
وفى الحديث: " الثيب تعرب عن نفسها " أي تبين وإعراب الكلام إيضاح فصاحته، وخص الاعراب في تعارف النحويين بالحركات والسكنات المتعاقبة على أواخر الكلم، والعربي الفصيح البين من الكلام، قال (قرآنا عربيا) وقوله (بلسان عربي مبين - فصلت آياته - قرآنا عربيا) حكما عربيا.
وما بالدار عريب أي أحد يعرب عن نفسه، وامرأة عروبة معربة بحالها عن عفتها ومحبة زوجها، وجمعها
عرب، قال: (عربا أترابا) وعربت عليه إذا رددت من حيث الاعراب.
وفى الحديث: " عربوا على الامام " والمعرب صاحب الفرس العربي، كقولك المجرب لصاحب الجرب.
وقوله (حكما عربيا) قيل معناه مفصحا يحق الحق ويبطل الباطل، وقيل معناه شريفا كريما من قولهم عرب أتراب أو وصفه بذلك كوصفه بكريم في قوله (كتاب كريم) وقيل معناه معربا من قولهم: عربوا على الامام،
ومعناه ناسخا لما فيه من الاحكام، وقيل منسوب إلى النبي العربي، والعربي إذا نسب إليه قيل عربي فيكون لفظه كلفظ المنسوب إليه، ويعرب قيل هو أول من نقل السريانية إلى العربية فسمى باسم فعله.
عرج: العروج ذهاب في صعود، قال (تعرج الملائكة والروح - فظلوا فيه يعرجون) والمعارج المصاعد قال: (ذى المعارج) وليلة المعراج سميت لصعود الدعاء فيها إشارة إلى قوله: (إليه يصعد الكلم الطيب) وعرج عروجا وعرجانا مشى مشى العارج أي الذاهب في صعود كما يقال درج إذا مشى مشى الصاعد في درجه، وعرج صار ذلك خلقة له، وقيل للضبع عرجاء لكونها في خلقتها ذات عرج وتعارج نحو تضالع ومنه استعير.
* عرج قليلا عن مدى غلوائكا * أي احبسه عن التصعد.
والعرج قطيع ضخم من الابل، كأنه قد عرج كثرة، أي صعد.
عرجن: (حتى عاد كالعرجون القديم) أي ألفافه من أغصانه.
عرش: العرش في الاصل شئ مسقف،
وجمعه عروش، قال (وهى خاوية على عروشها) ومنه قيل عرشت الكرم وعرشته إذا جعلت له كهيئة سقف وقد يقال لذلك المعرش، قال: (معروشات وغير معروشات - ومن الشجر ومما يعرشون - وما كانوا يعرشون) قال أبو عبيدة: يبنون، واعترش العنب ركب عرشه، والعرش شبه هودج للمرأة شبيها في الهيئة بعرش الكرم، وعرشت البئر جعلت له عريشا وسمى مجلس السطان عرشا اعتبارا بعلوه.
قال (ورفع أبويه على العرش - أيكم يأتيني بعرشها - نكروا لها عرشها - أهكذا عرشك) وكنى به عن العز والسلطان والمملكة، قيل فلان ثل عرشه.
وروى أن عمر رضى الله عنه رؤى في المنام فقيل ما فعل بك ربك ؟ فقال لولا أن تداركني برحمته لثل عرشى.
وعرش الله ما لا يعلمه البشر على الحقيقة إلا بالاسم، وليس كما تذهب إليه أوهام العامة فإنه لو كان كذلك لكان حاملا له تعالى عن ذلك لا محمولا، والله تعالى يقول: (إن الله يمسك السموات والارض أن تزولا ولئن زالتا إن أمسكهما من أحد من بعده) وقال قوم هو الفلك الاعلى
والكرسي فلك الكواكب، واستدل بما روى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: " ما السموات السبع والارضون السبع في جنب الكرسي إلا كحلقة ملقاة في أرض فلاة " والكرسي عند العرش كذلك وقوله.
(وكان عرشه على الماء) تنبيه أن العرش لم يزل منذ أوجد مستعليا على الماء.
وقوله (ذو العرش المجيد - رفيع الدرجات ذو العرش) وما يجرى مجراه قيل هو إشارة إلى مملكته وسلطانه لا إلى مقر له يتعالى عن ذلك.
عرض: العرض خلاف الطول وأصله أن يقال في الاجسام ثم يستعمل في غيرها كما قال (فذو دعاء عريض) والعرض خص بالجانب وعرض الشئ بدا عرضه وعرضت العود على الاناء واعترض الشئ في حلقه وقف فيه بالعرض واعترض الفرس في مشيه وفيه عرضية أي اعتراض في مشيه من الصعوبة، وعرضت الشئ على البيع وعلى فلان ولفلان نحو (ثم عرضهم على الملائكة - وعرضوا على ربك صفا - إنا عرضنا الامانة - وعرضنا جهنم يومئذ للكافرين عرضا - ويوم يعرض الذين كفروا على النار) وعرضت الجند، والعارض كفروا
على النار) وعرضت الجند، والعارض البادى عرضه فتارة يخص بالسحاب نحو (هذا عارض ممطرنا) وبما يعرض من السقم فيقال به عارض من سقم، وتارة بالخد نحو أخذ من عارضيه وتارة بالسن ومنه قيل العوارض للثنايا التى تظهر عند الضحك، وقيل فلان شديد العارضة كناية عن جودة البيان، وبعير عروض يأكل الشوك بعارضيه، والعرضة ما يجعل معرضا للشئ، قال (ولا تجعلوا الله عرضة لايمانكم) وبعير عرضة للسفر أي يجعل معرضا له، وأعرض أظهر عرضه أي ناحيته.
فإذا قيل أعرض لى كذا أي بدا عرضه فأمكن تناوله، وإذا قيل أعرض عنى فمعناه ولى مبديا عرضه قال (ثم أعرض عنها - فأعرض عنهم وعظهم - وأعرض عن الجاهلين - ومن أعرض عن ذكرى - وهم عن آياتها معرضون) وربما حذف عنه استغناء عنه نحو (إذا فريق منهم معرضون - ثم يتولى فريق منهم وهم معرضون - فأعرضوا فأرسلنا عليهم) وقوله (وجنة عرضها السموات والارض) فقد قيل هو العرض الذى خلاف الطول، وتصور ذلك على أحد وجوه: إما أن يريد به أن يكون عرضها
في النشأة الاخرة كعرض السموات والارض في النشأة الاولى وذلك أنه قد قال (يوم تبدل الارض غير الارض والسموات) ولا يمتنع أن تكون السموات والارض في النشأة الاخرة أكبر مما هي الان.
وروى أن يهوديا سأل عمر رضى الله عنه عن هذه الاية فقال: فأين النار ؟ فقال عمر إذا جاء الليل فأين النهار ؟ وقيل يعنى بعرضها سعتها لا من حيث المساحة ولكن من حيث المسرة كما يقال في ضده: الدنيا على فلان
حلقة خاتم وكفة حابل، وسعة هذه الدار كسعة الارض، وقيل العرض ههنا من عرض البيع من قولهم: بيع كذا بعرض إذا بيع بسلعة فمعنى عرضها أي بدلها وعوضها كقولك عرض هذا الثوب كذا وكذا.
والعرض ما لا يكون له ثبات ومنه استعار المتكلمون العرض لما لا ثبات له إلا بالجوهر كاللون والطعم، وقيل الدنيا عرض حاضر تنبيها أن لا ثبات لها، قال تعالى: (تريدون عرض الدنيا والله يريد الاخرة) وقال: (يأخذون عرض هذا الادنى - وإن يأتهم عرض مثله) وقوله (لو كان عرضا قريبا)
أي مطلبا سهلا.
والتعريض كلام له وجهان من صدق وكذب أو ظاهر وباطن.
قال: (ولا جناح عليكم فيما عرضتم به من خطبة النساء) قيل هو أن يقول لها أنت جميلة ومرغوب فيك ونحو ذلك.
عرف: المعرفة والعرفان إدراك الشئ بتفكر وتدبر لاثره وهو أخص من العلم ويضاده الانكار، ويقال فلان يعرف الله ولا يقال يعلم الله متعديا إلى مفعول واحد لما كان معرفة البشر لله هي بتدبر آثاره دون إدراك ذاته، ويقال الله يعلم كذا ولا يقال يعرف كذا، لما كانت المعرفة تستعمل في العلم القاصر المتوصل به بتفكر، وأصله من عرفت أي أصبت عرفه أي رائحته، أو من أصبت عرفه أي خده، يقال عرفت كذا، قال تعالى: (فلما جاءهم ما عرفوا - فعرفهم وهم له منكرون - فلعرفتهم بسيماهم - يعرفونه كما يعرفون أبناءهم) ويضاد المعرفة الانكار والعلم والجهل قال (يعرفون نعمة الله ثم ينكرونها) والعارف في تعارف قوم هو المختص بمعرفة الله ومعرفة ملكوته وحسن معاملته تعالى، يقال عرفه كذا، قال (عرف بعضه وأعرض عن بعض) وتعارفوا عرف بعضهم بعضا قال (لتعارفوا) وقال (يتعارفون بينهم) وعرفه جعل له عرفا أي ريحا طيبا، قال في الجنة: (عرفها لهم) أي طيبها وزينها لهم، وقيل عرفها لهم بأن وصفها لهم وشوقهم إليها وهداهم.
وقوله (فإذا أفضتم من عرفات) فاسم لبقعة مخصوصة، وقيل سميت بذلك لوقوع المعرفة فيها بين آدم وحواء، وقيل بل لتعرف العباد إلى الله تعالى بالعبادات والادعية.
والمعروف اسم لكل فعل يعرف بالعقل أو الشرع حسنه، والمنكر ما ينكر بهما، قال (يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر) وقال تعالى: (وأمر بالمعروف وانه عن المنكر - وقلن قولا معروفا) ولهذا قيل للاقتصاد في الجود معروف لما كان ذلك مستحسنا في العقول وبالشرع نحو: (ومن كان فقيرا فليأكل بالمعروف - إلا من أمر بصدقة أو معروف - وللمطلقات متاع بالمعروف)
أي بالاقتصاد والاحسان، وقوله: (فأمسكوهن بمعروف أو فارقوهن بمعروف) وقوله: (قول معروف ومغفرة خير من صدقة) أي رد بالجميل ودعاء خير من صدقة كذلك، والعرف المعروف من الاحسان وقال: (وأمر بالعرف) وعرف الفرس والديك معروف، وجاء القطا عرفا أي متتابعة، قال: (والمرسلات عرفا) والعراف كالكاهن إلا أن العراف يختص بمن يخبر بالاحوال المستقبلة، والكاهن بمن يخبر عن الاحوال الماضية، والعريف بمن يعرف الناس ويعرفهم، قال الشاعر: * بعثوا إلى عريفهم يتوسم * وقد عرف فلان عرافة إذا صار مختصا، بذلك، فالعريف السيد المعروف، قال الشاعر: بل كل قوم وإن عزوا وإن كثروا * عريفهم بأثا في الشر مرجوم ويوم عرفة يوم الوقوف بها، وقوله: (وعلى الاعراف رجال) فإنه سور بين الجنة والنار، والاعتراف الاقرار وأصله إظهار معرفة الذنب وذلك ضد الجحود، قال: (فاعترفوا بذنبهم - فاعترفنا بذنوبنا).
عرم: العرامة شراسة وصعوبة في الخلق وتظهر بالفعل، يقال عرم فلان فهو عارم وعرم تخلق بذلك ومنه عرام الجيش، وقوله: (سيل العرم) قيل أراد سيل الامر العرم، وقيل العرم المسناة وقيل العرم الجرذ الذكر ونسب إليه السيل من حيث إنه نقب المسناة.
عرى: يقال عرى من ثوبه يعرى فهو عار وعريان، قال: (إن لك ألا تجوع فيها ولا تعرى) وهو عرو من الذنب أي عار وأخذه عرواء أي رعدة تعرض من العرى ومعارى الانسان الاعضاء التى من شأنها أن تعرى كالوجه واليد والرجل، وفلان حسن المعرى كقولك حسن المحسر والمجرد، والعراء مكان لا سترة به، قال: (فنبذناه بالعراء وهو سقيم) والعرا مقصور: الناحية وعراه واعتراه قصد عراه، قال: (إلا اعتراك بعض آلهتنا بسوء) والعروة ما يتعلق به من عراه أي ناحيته، قال تعالى: (فقد استمسك بالعروة الوثقى) وذلك على سبيل التمثيل.
والعروة أيضا شجرة يتعلق بها الابل ويقال لها عروة وعلقة.
والعرى والعرية ما يعرو من الريح الباردة، والنخلة العرية ما يعرى عن البيع ويعزل، وقيل هي التى يعريها صاحبها محتاجا فجعل ثمرتها له ورخص أن يبتاع بتمر لموضع الحاجة، وقيل هي النخلة للرجل
وسط نخيل كثيرة لغيره فيتأذى به صاحب الكثير فرخص له أن يبتاع ثمرته بتمر، والجميع العرايا.
ورخص رسول الله صلى الله عليه وسلم في بيع العرايا.
عز: العزة حالة ما نعة للانسان من أن ===

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ابو عمر

اضغط الرابط لفتح الدرايف  https://drive.google.com/file/d/1FELb-sPJTZ4bTiwf5X6N4k-jdBMZ8vSY/view?usp=sharing